صورة الغلاف الخلفي الصين بلد التعدد والإئتلاف
العدد 24 - لوحة الغلاف
عبر السنوات الثلاثين من عمر العضوية بالمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) أتيح العديد من الفرص النادرة لزيارة مقاطعات مختلفة ومدن عديدة من الصين بمختلف التضاريس والمناخات والأجواء التي تضم تنوعات بشرية بمختلف الدياتات والثقافات حتى لكأنك من خلالها تنتقل من بلد إلى بلدان متباعداة وإلى كيانات لا تمت لبعضها البعض. والعجيب في أمر هذه البلاد على ما بها من أعاجيب وغرائب هو هذا الانسجام والتناغم الهارموني بين كل ما يمكنك معايشته والإحساس عميقا به من أنشطة ثقافية واقتصادية وعلمية في كل منحى من مناحي الحياة، فلكل قوم من هذه الأقوام خصوصيات حياته وتمايز ثقافته على ما بها من تنوع واختلاف، وما عليك، إن أتيحت لك الفرصة، سوى الاستمتاع بتذوق ما أنت فيه من كل شيء.
هذا الإئتلاف البشري العجيب لا تملك سوى أن تعجب به وتتمناه للأمم التي لم تدرك بعد رغم تاريخها الطويل معنى الإئتلاف والتعددية والتعايش واختلاف الخيوط بنسيج الوحدة الرائع. ولا شك أن مثل هذا المنجز الإنساني الحضاري لم تأت به الصين من فراغ وإنما من خلال الانصهار في أتون معاناة عظيمة لتجارب تاريخية خلاقة، وقليل من نجاحات الأمم يأتي مصادفة وإنما من خلال فكر وتخطيط سليم وعمل دؤوب وهذا ما جعل منها بلدا قويا وعظيما مهابا، لكن دون ادعاء وبلا غرور أو عدوان أو تدخل مجحف في مقدرات الشعوب والأمم الأخرى. ويبدو أن البلاد العربية بدأت تدرك بأن الاتجاه شرقا أكرم وأكثر صدقا وأمنا.
لقد تابعنا باهتمام وقائع الزيارة الناجحة التي قام بها مؤخرا جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين إلى الصين وسرنا ما أسفرت عنه من تنسيق لتعاون مستقبلي وطيد وواعد بين الدولتين والشعبين الصديقين مما أكد سلامة الرؤية في التحرك على الساحة الدولية وحسن التوجه لقيادة بلد تؤكد الدلالات في كل يوم بأنه جدير في أن يكون بلد التعدد والائتلاف والوحدة رغم كل التحديات والأخطار.
طافت بالذهن كل تلك المعاني وأنا أتأمل صورة الابتسامة المشرقة والواعدة على وجه الصبية الصينية الظاهرة على الغلاف الأخير لهذا العدد بلباسها وزينتها الصينية الشعبية وقد ملأتني براءتها بمزيج من الفرح والأمل والثقة بأن ابتساما مشرقا مثلها سيعم العالم يوما دون حروب عرقية أو أطماع طائفية أو ابتزازات فئوية، وليس هذا على الله ببعيد.