فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

صورة الغلاف الأمامي - الجمل والإنسان العربي

العدد 23 - لوحة الغلاف
صورة الغلاف الأمامي - الجمل والإنسان العربي

هل نصدع بحقيقة غير معلومة إن قلنا إن الجمل هوأقرب أنعام الأرض إلى روح العربي وعاطفته ووجدانه. عليه قامت حياته أول أمره وبسبب من ذلك تحدد نمط عمرانه حتى قال ابن خلدون في مقدمته :« العرب أبعد نجعة وأشد بداوة لأنهم مختصون على الإبل فقط» . وقد أجمعت نصوص الثقافة الشعبية والعالمة على حد سواء في نظمها ونثرها على أن طبيعة العلاقة بين العربي وجمله أو ناقته قد تجاوزت كل حدود العلاقة بين إنسان وحيوان إلى ضرب من الانسجام المطلق والتناغم التام... إلى لون من التماهي يكاد الجمل أن يصبح معه امتدادا لصاحبه أوصورة أخرى له.

 

فإذا رأيتهما معا حسبت اللقاء بينهما أزليا كأن الواحد منهما لم يخلق إلا للآخر. وكأنهما يتكاملان. لذلك لم يكن بدعا أن نرى الجمل في أشعار العربي ينطق بهموم صاحبه يتألم لألمه ويتأوه لوجعه. كأنه إذ يحمله ومتاعه إلى وجهاته المختلفة في نجعته البعيدة إنما يحمل وساوسه وآماله. يشد من أزره ويدفعه إلى الثبات ويشاركه مواجهة الصعاب يعانيها بدلا عنه كما يعاني أغراضه وأشياءه وحالات وجوده المضطربة المختلفة.
ولا شك أن كثيرا  من العرب اليوم  لم يعايشوا جملا في حياتهم قط.
 تغيرت أسباب العيش وتبدلت أنماط العمران واستبدلت سفينة الصحراء بالسيارة الفارهة وغيرها من وسائل التنقل التي لا تكاد تشعر معها بالصحراء. لكنك لاتستطيع عند رؤيتك لصورة جمل إلا أن تتوقف عندها . ولا تدري كيف تعود بك  إلى ماض سحيق . تشعر أنها أليفة لديك . ليست غريبة عنك كأنك عشت اللحظة التي تجسدها  وترى نفسك فيها . ويهزك اشتياق غريب إليها شبيه بحنين الناقة إلى فصيلها الذي أبعد عنها.

أعداد المجلة