فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
21

اللباس الشعبي في حماه (السورية) وريفها

العدد 22 - ثقافة مادية
اللباس الشعبي في حماه  (السورية) وريفها
كاتب من سوريا

اللباس التقليدي الفلكلوري لمحافظة حماة وريفها يمثل أحد أهم الرموز التراثية العربية الأصيلة لهذه المحافظة وسمة هامة من سمات هويتها الثقافية والفلكلورية, وقد تميز الحمويون بلباس تراثي جميل لكل الفصول سواء للرجال أوالنساء, وتبدأ مرحلة الاهتمام بلباس المرأة من مرحلة تجهيز لباس العروس قبل العرس لأن جهاز العروس منذ ألاف السنين كان يلقى الاهتمام من العروس وأهلها, وهذا تثبته المخطوطات و الرُّقم..

كما أشارت الكتابات والرقم المسمارية التي قدمت الأوصاف الدقيقة لجهاز العرائس كما جاء في أرشيف القصر الملكي في أوغاريت–رأس شمرا(اللاذقية- سورية),( فالملكة (أحات ميلكو)أميرة مملكة أمورو عندما تزوجت (عميشتاوو) ملك أوغاريت قامت بتوثيق لائحة جهاز عرسها في نص كتابي وجد في القصر الملكي الأوغاريتي, ويعود تاريخه إلى العصر البرونزي الحديث وقد ختم بختم ملك آمورو, ويذكر اللوح الفخاري الكتابي الحلي الذهبية المزينة وغير المزينة بأحجار ثمينة وآنية ذهبية للمائدة وملابس ومنسوجات راقية, وقطعاً من القماش, وسريراً ملبساً بالعاج, وأثاثاً من الخشب, أو الأبنوس, المرصَّع أحياناً بالازورد وأوعية وأشياء مصنوعة من معدن البرونز وقدوراً وشمعدانات وملاقط صغيرة ومناقل وأوعية لحفظ الزيت والعطور, وأشياء صغيرة مصنوعة من العاج, وعلب مساحيق للتجميل وممالح وقطع خزفية(1)).
وفي هذه الدراسة سنقف عند لباس المرأة في عدة مناطق في محافظة حماه ومن كل الجهات حيث لباس المرأة في المدينة ولباسها في الريف الشمالي (مدينة صوران) والريف الغربي الشمالي (مدينتي محردة والسقيلبية) والريف الشرقي (مدينة سلمية) والريف الجنوبي (بلدة كفربُهُم).

لباس المرأة‏ في مدينة حماه:
إنّ معظم الحمويات في المدينة ولاسيما المسنات يرتدين الملاية السوداء التي تغطي كامل الجسم, ويسدلن المنديل السميك على الوجه, وأما الشابات فكن يرتدين الخراطة السوداء ويضعن فوقها/الحورانية / وهي قطعة قماشية سوداء بشكل دائري مفتوح من الوسط لتلف على الرقبة وتفرد على النحر والصدر فوق القميص أو البلوزة البيضاء غالبا ومنديلاً رقيقاً أسود اللون على الوجه ومع مرور الأيام تطور لباس الشابات فأصبحن يلبسن (الطقم ) ،وهو تنورة فوقها جاكيت ثم جاء /المانطو/ ومع احتفاظ عدد من الحمويات بعادة ارتداء هذه الملابس إلا أن غالبيتهن يرتدين حالياً الملابس الشائعة في باقي المحافظات(2).
ويؤكد هذا المهندس مرهف أرحيم هيث يقول:(وأما النساء فجميعهن محجبات ولا يظهرن كثيراً في الطرقات، وترتدي المسنات منهن “الملاية” الزَّم السوداء التي تغطي كامل الجسم ويسدلن المنديل السميك على الوجه، وأما الشابات فيرتدين الخراطة السوداء “التنورة”، ويضعن فوقها “البرلين” الأسود ومنديل الوجه الرقيق، ومع مرور الأيام تطور لباس الشابات فأصبح “مانطو” من القماش الرقيق، ومنديل أسود يلف الرأس والعنق وتتدلى منه قطعة شفافة أمام الوجه يمكن التحكم فيها، وكان هذا في الزمن الماضي ورغم احتفاظ البعض بعادة ارتداء هذه الملابس، إلا أن أغلبية الحمويين يرتدون اليوم الملابس الشائعة في باقي المحافظات السورية).
ويتابع المهندس أرحيم حديثه عن الريف يقول: (وأما في الريف فلا يختلف لباس الرجال في شيء عن لباس أهل المدينة، والخلاف الأساسي هو في لباس النساء حيث ترتدي المرأة الريفية ثوباً طويلاً من قماش غامق اللون، ويطرز بخيوط “الكنفا” بشكل كامل تقريبا، وأما لباس رأس المرأة فيختلف من منطقة لأخرى والقاسم المشترك فيه هو العصابة السوداء المطرزة بخيوط الذهب أو الفضة أو الحرير، وتلبس المرأة تحته صفا من النقود الذهبية يتماشى مع الحالة المادية للأسرة، وغالبا ما تضع المرأة شالا من خيوط الحرير الطبيعي)(3).
وفي لباس المرأة في ريف حماه نبدأ بالحديث عن الأزياء الشعبية التراثية في مدينة محردة التي تبتعد عن مدينة حماه 25كم شمال غرب حيث وجدت الكاتبة سوزان حميش وهي ابنة مدينة  محردة أن أبناء المدينة قد حافظوا على أزيائهم الشعبية التراثية التقليدية حتى عام 1945 ميلادي، فالمرأة غير المتزوجة كانت ترتدي ثوب القز المبرقع أو الدراعة التي كانت تطرزها بواسطة النول بألوان زاهية كالأحمر والأصفر والأخضر.‏ أو تحيك عليها أشكالاً بالإبرة متباهية بها، وتضع على رأسها لفحة (حطاطة) لتميزها عن المتزوجات.‏
أما بعد الزواج فيتحول لباس المرأة إلى ثوب أسود طويل يسمى ( القبعة) وعصابة على الرأس للمتزوجات أما الفتيات الأصغر سناً فيرتدين اللباس بدون عصابة.‏ تضع المتزوجة على رأسها ( العصابة) المصنوعة من القصب والحرير وتربطها بشكل معين يشير إلى أنها متزوجة وعلى رقبتها لفحة سوداء اللون ولا يظهر من المرأة سوى وجهها ورؤوس أصابعها حتى أن الكاحل لا يظهر.‏
وكانت المرأة ترتدي ثوبها الطويل ليوفر لها الدفء في فصل الشتاء, كما أنها تربط على خصرها وتحت الثوب الخارجي ( التكة) وهي عبارة عن حزام صوفي ملون تلفه المرأة على خصرها عدة مراتٍ وكانت تضع في هذه التكة جيب تضع فيه مفتاح بيتها والنقود التي تحملها وبعض الحاجات الثمينة الأخرى.‏ وكانت المرأة الغنية تضع العصابة أو المنديل الأسود الطويل وتتزين بالذهب والفضة والأحجار الكريمة.‏
ومن أنواع الزينة ( الشنون ـ الشياح ـ الكردن- المخمس ـ العقد ـ الجنزير وليرات الذهب.. الخ) وجميعها مصنوعة من الذهب عيار 24 قيراط.‏
ولم يكن لدى الناس سوى هذا اللباس المدلل فعندما كان يتسخ كانوا يقومون بغسله في نهر العاصي وينتظرونه حتى ينشف تماماً كي يعود لارتدائه مرة ثانية.‏
وكانت بعض النساء يحاولن جعل العصابة عريضة ومرتفعة من الأمام حيث كانت تبطنها من الداخل بقطعة قماش ليبدو شكل الرأس أكثر كبراً وفخامة وهذا يزيد المرأة جمالاً ومهابة .‏ أما غير المتزوجة فكانت تضع قطعة من القماش على رأسها تسمى (القرموطة) تميزها عن المتزوجة.‏
ومع تطور الزمن بات هذا اللباس الشعبي الجميل  نادر الوجود في مدينة محردة التي طرأت عليها تغيرات واضحة من ناحية اللباس سواء للرجل أو للمرأة ولم يعد بالإمكان التعرف على هذا اللباس إلا من خلال الدبكات الشعبية أو بعض كبار السن الذين لم يتخلوا عن لباسهم التقليدي وما زالوا يفتخرون به حتى يومنا هذا(4).
وتؤكد هذا الكاتبة هناء مقدسي في حديثها  عن الزي الشعبي في محردة حيث تقول: والزي الشعبي في محردة قديماً, كبقية الأزياء الشعبية الأخرى يدوي الصنع, صنع من موادٍ خام أولية كالقطن والحرير الطبيعي.‏ تبدأ رحلة هذا الثوب حسب ما روت لنا السيدة أم فهد الصواف ـ وهي في عامها الـ 81 من  تيلة القطن التي كانت الفتاة والشاب يجمعانها من الحقل, إلى أن تنتهي بأنواع التطريز الحريري الملون.‏ يجمع القطن ويحلج بمحالج ٍ يدوية, ويندف على القوس والميجنة ويفتل الخيط على أعواد القنب, ويجمع هذا الخيط فيصبح ما يسمى الحاوور, ومن دولاب الغزل إلى نول الحياكة تصبح قطعة القماش جاهزة.‏ لقد كان الرجل يختص بنسج ثوبه وخياطته كما كانت المرأة تختص بنسج ثوبها أيضاً وخياطته.‏
لقد كان اللباس حسب المرحلة العمرية وحسب الوضع العائلي, فالفتاة قبل الزواج يختلف لباسها عنه بعد الزواج.‏ لباس المرأة المتزوجة يتكون من ثوب القز, وهو الثوب المصنوع من الحرير, ويأتي فوقه ما يسمى الدراعة, وهي مصنوعة ٌمن النسيج القطني تجرى عليها عمليات التطريز بالخيط الحريري.‏ يزين الوسط زنارٌ حريري أحمر يسمى (التكة) وفوقه يوضع ( الكمر).‏ ويأتي لباس السيدة بالترتيب, بداية ثوب القز الأحمر والأسود وفوقه الدراعة المطرزة ثم القبعة السوداء التي تزنر بمحرمة.‏
أما الرأس, فتوضع عليه الحطاطة المطرزة بالخيوط الفضية وتلفح بلفحةٍ سوداء.‏
أما بالنسبة للباس الفتاة قبل الزواج فقد كان يأخذ طابعاً آخر أقل رسمية كأن يدخل على القبعة السوداء بعض الألوان كالأحمر والأصفر على الأكمام وتخاط على شكل سفايف وغطاء الرأس (الحطاطة ) يصبح له ربد من قصب وحرير.‏ وفي الدراعة المطرزة تبرز روعة العمل اليدوي الذي كانت تتباهى به النسوة لإخراج أفضل الأثواب إتقاناً.‏
والدراعة كانت بلون كحلي غامق منسوجةٌ من القطن تخاط على شكل قطعة تلتف فوق الأخرى, وتزين الوسط التكة الحمراء ثم الكمر الحريري.‏ أما بالنسبة لأنواع التطريزات فكان أجملها وأصعبها يسمى ( البغازية ) وكانت تأخذ وقتاً أكثر.‏
تطريزة أخرى يقال لها ( أم الخمسة ) لأنها تمتاز بخمسة صفوف إلى جانب بعضها.‏
الشجرة: تطريزة لها شكل الشجرة‏, والخمرية: يدخل عليها اللون الخمري بالتطريز إضافة إلى الأحمر.‏ والحمراء: تطرز باللون الأحمر ولها نقشة خاصة بها(5).‏
أما لباس المرأة في السقيلبية  المدينة التي تبتعد عن مدينة حماه 45 كم شمال غرب نجد أن لباس المرأة  قبل سن الزواج يختلف عن لباس المرأة بعد الزواج, فقبل الزواج
تغطي الصبية رأســها بمنديل من الحرير الملــون الرقيق ويُسمى القمطة - ( منديل أسود مزركش بزهر بنفسجي أو خمري وتتداخل فيه الألوان بانسجام وتآلف مكوناً لوحة فنية بحد ذاته، يوضع على الرأس بشكل يسمح بإظهار السوالف- خصلات الشعر الأنيقة المنسدلة بشكل لطيف من الصدغين نحو الخدين المورَدين بلون حمرة الصبا وفورة الشباب وتثبت الفتاة على أحد جوانب صدغيها الشكة والتي تتألف من بضع زهرات من الورد الجوري أو التشريني المتعانقة مع قطفات ندية طرية من الحبق واللمام العطرين ومنها ينبعث عبق الربيع ودفء الحياة حتى لينتابك شعور عندما تمر صبية على مقربة منك بأن الربيع يتجول معها.
وفي المناسبات الاجتماعية والدينية تحل - الحطاطة – بدلاً من القمطة والحطاطة نسيج حريري أسود ثمين منسوج مع خيوط الفضة البيضاء أو القصب الأصفر الذهبي توضع فوق الرأس بشكل يسمح بظهور القسم الأمامي من شعر الرأس، يلتف طرفاها حول العنق وينسدل الطرف الخلفي فوق الظهر ويتعانق مع الضفائر المجدولة عناق المحبين وتغطي (رَبـَــد) أهداب الحطاطة كامل الصدر حتى وسط الجسم بشكل أنيق وجميل ويتدلى من العنق ســلســال ثخين من الفضة البيضاء ليتماوج مع نهايات الحطاطة المفضضة بصورة ولاأبدع.
تبدو الصبية في لباسها الموصوف أشبه بفرس أصيل أحبها فارُسها واعتنى بها فتسامى عنقها بعفة واشرأب بعزة وشموخ .
وترتدي الصبية السقيلباوية السَلْطة  - بتسكين اللام المتوسطة - وهي مصنوعة في العادة من الجوخ الإنكليزي الأسود الثمين وتحمل السلطة زخارف بديعة الأشكال على الكتفين وحول الأردان وفوق منطقة الجيوب وتُعرف هذه الزخارف باسم ( الخَرج ) وقد أتقن الصناع الحمويون هذه الحرفة وبرعوا في إتقانها بمهارة
ولباس الجســد فســـتان طويل من المخمل الأزرق أو الأخضر أو البني وقد يكون من قماش الجورجيت أو الجورسين يغطي الجسم حتى كاحل القدم، تزينه الأساور والزيق والداير وهي عبارة عن شريط بعرض ثلاث سنتمترات من المخمل لكن لونه مغاير للون الفستان بما ينسجم ويتلاءم مع لون الفستان، الأساور هي ذلك الشريط الذي يوضع قبل نهايات الأكمام بقليل والزيق هو ما يحيط بفتحة الصدر أما الداير فهو الشريط المخملي الذي يحيط بالفستان قبل نهايته من الأسفل. وتشد الصبية وسطها بحزام عريض من القماش الحريري الملون.
الفتاة الســقيلباوية بلباسها المتناسق في مقاييسه وأبعاده والمتناغم بزخرفته وألوانه تجعلك تقف أمام لوحة تفيض جمالاً وبهاء.

لباس المرأة المتزوجة :
لباس الرأس ويتألف من ( العصابة ) نسيج من الحرير الأسود الثمين تتخلله خيوط الفضة البيضاء أو القصب المذهب، تُلَف حول الرأس- كما يتضح في الصورة – وفوق الجبين وحول الصدغين تُثَبتُ الصفية التي تتألف من قطع ذهبية ( ليرات ذهبية في الوسط فوق الجبين يليها مباشرة أنصاف الليرات ثم الأرباع ) وعلى الصدغين تُثبتُ قطعتين كبيرتين من رقائق الذهب المزخرف وتُعرف باسم ( اليلّــك) ويُغطي العصابة منديل من الحرير الطبيعي
بلون أصفر فاتح ينسدل على الصــدر بشكل نصف دائري ويتدلى طرفه الآخر فوق الظهر وقد تُثبت نهايته تحت الحزام تحت الذراع اليميني بعد أن تكون قد عُقدت على بعض القطع النقدية – كحافظة نقود.
وترتدي المرأة السقيلباوية فســتاناً طويلا وهو في العادة من قماش المخمل الإنكليزي أو الياباني ولهذا القماش ألوان متعددة أشهرها وأفضلها :
( الأزرق الغامق – الأخضر – البني والأســود) يُغَطي كامل الجسم حتى أســفل القدمين وتُزينُ نهايات الأكمام بأساور مخملية من لون مغاير للون الفستان وكذلك يوضع حول فتحة الصدر شريط مخملي يُعرف بالزيق وبأسفل الفستان يُثَبَتُ شريط مخملي بعرض يصل إلى /2 – 3 / سم يُعرف بالداير وهو بنفس لون الأساور والزيق .
يشد وسط المرأة حزام من الحرير بألوان زاهية وملمس ناعم هذا الحزام يتبدل عند النساء المسنات بحزام عريض من الصوف الأحمر يُعرف باسم ( الشالة ) وبالعادة تحتوي الشالة في طياتها وطبقاتها على جيوب تضع فيها العجوز بعض أو كل ما تملك من النقود وبعض الحاجيات الصغيرة الضرورية .
وفي مناسبات الأعياد ومهرجانات الأعراس والزواج تتزين المرأة السقيلباوية بحلي ذهبية تُعرف باسم ( المرش ) والمرش يتألف من قطع ذهبية متعانقة ( ليرات أنصاف ليرات أرباع وغوازي ذهبية ) والمرش يُثَبتُ على واجهة وجانبي العصابة بشناكل وشكالات دقيقة ناعمة وهذا النوع من الحلي يكاد يكون وقفاً على المرأة السقيلباوية لذا تخصص صاغة مدينة حماة في صنعه وإتقان حرفته وزخرفته.
ومن الأذنين تتدلى ( الحلق ) الأقراط قطع ذهبية متعانقة، تتصل مع بعضها بحلقات ذهبية تزينها الأحجار الكريمة بألوانها البديعة ويُزَين الصدر ســلســال ثخين من الذهب يحمل قطعة ذهبية دائرية الشكل تُعرف باسم ( المُخَمَـــس ) وقد يتدلى فوق الصدر سلسال يحمل الصليب وعليه مجسمٌ يســوع المصلوب .
وتزين المرأة السقيلباوية معصميها بأساور ذهبية تُعرف بأسم (المجدولات والمبارم ) تحمل نهاياتها رأس أفعى، فزينة المرأة وحليها من الذهب الخالص وكان يصل إلى أوزان كبيرة والذهب يصدق فيه القول:(خبي قرشك الأبيض ليومك الأســود)كانت العادة المتبعة قديماً أن تُزين المرأة ظهر كفها ومعصميها ورسغيها بوشم أزرق ينطوي على الكثير من الزخارف والرموز مثل: صليب – طيور - نباتات ) وهذه الزخارف تُرافق صاحبها مدى الحياة.
لباس المرأة الســـقيلباوية يُعرف باســم اللباس الملكي فهو ينطوي على الحشــمة والأناقة معاً فلباس الرأس تاجٌ من الحرير الثمين مُرَصَعٌ بالذهب والفضة ولباس الجسد إزار يصون عفتها.
فيزيد من جاذبيتها ويشد الأنظار إليها بكل الاحترام ويجعل منها لوحةً للحشمة والجمال والأناقة ، لكن هذه اللوحة - الآية في الجمال – تكاد تختفي من حياة مجتمعنا ليصبح وجودها أو مشاهدتها يقتصر على المناسبات التراثية (6).
ومن الأزياء الشعبية في ريف حماه هناك زي مدينة صوران وما حولها من مدينة طيبة الامام وكفرزيتا ومورك وحلفايا وغيرها كلها لها زي واحد يقول الكاتب ياسر العمر وهو ابن تلك البيئة:
لكل بلد عاداته وتقاليده التي يتمسك بها ويتوارثها من جد إلى حفيد, عندما أردنا أن نتعرف على زي من أزياء ريف مدينتنا الجميلة حماة, هو زي مدينة صوران.‏ توجهنا إلى العم عبد الرزاق العمر ليعرفنا على اللباس الصوراني  للمرأة فحدثنا بقوله:‏
لباس النساء في مدينة صوران قديم قدم الزمن ولا تزال نساء كثيرات متمسكات بهذا اللباس وهو مؤلف من :‏
1 - (العَقدةَ) أو ( العصابة) ومعروفة باسم ( المَحرمةَ) وهي من القماش المطرز بألوان وأشكال جميلة تشترى من السوق ومن النساء من تزيد على تطريزها من الأطراف بالحرير الملون ( أصفر – أخضر – أحمر ...)‏
2 -( عصابة الرأس البيضاء أو الصفراء)وتوضع تحت (المحرمة) ويرسم عليها (سمك) تعقد على الرأس مباشرة لتغطي كامل الشعر.‏
3 - (الصف) وهو عبارة عن ليرات من الذهب صفت بجانب بعضها لتزين الرأس تحت (العصابة) أو ( المحرمة) وأمام هذا الصف توضع ( العوينة) وهي عبارة عن شكل هرمي أو مخروطي بقاعدته وضعت أرباع من الذهب تنزل على جبهة المرأة لتجملها وتزينها.‏ وهذا الصف تلبسه النساء غالبا في المناسبات والأعياد.‏
 4 -(اللفحة) وهي مؤلفة من قطعتين من القماش الأسود معلقتين بـ( السفاف) وهو عبارة عن خيط عريض يعلق عليه قطعتان أمامية وخلفية: الأمامية تغطي الصدر وتوضع تحت الثوب المعروف بـ ( الكاب) والخلفية تغطي الرقبة والجزء الخلفي من الرأس.‏
5 - (الكاب) ويعرف بـ ( الخَلقْ) وهو عبارة عن قطعة من القماش الأسود (التركال) مطرز على جوانبه ومن الأمام والخلف بأشكال وأحجام مختلفة من الحرير الأحمر أو الأزرق وهو ينقسم إلى نوعين:‏
1 - نوع يسمى( ملقط) وهو مطرز بالحرير ولكن بشكل خفيف عن النوع الثاني.‏
2 - (مكتف) وهو أفخم من السابق, ومزيد عليه تطريز بالحرير أكثر ويغلب عليه الحرير الأحمر وتلبسه النساء غالباً في أيام الأفراح لما له من الحلة الجميلة التي تدل على الفرح والسرور(7).‏
ولو اتجهنا من مدينة حماه  شرقاً /30/كم لوجدنا الزي الشعبي في منطقة سلمية وريفها, حيث اللباس المتوارث بين الأبناءحيث يتميز اللباس الشعبي للمرأة السلمونية بما يلي:
لباس البنت: عبارة عن تنورة طويلة يظهر من تحتها ( كشكش ) فوق القدمين.
أما غطاء الرأس فهو من الحرير الأصفر مخرج ومزين أحياناً بالبرق وترتدي فوق التنورة ( قطشية) في الشتاء أو ( إبطيه ) من صوف الخراف.
أما المرأة المتزوجة: فترتدي الثوب الطويل وتختلف عن البنت بغطاء الرأس حيث ترتدي (عصابة ) مفضضة أو مذهبة تزين بصفية من الذهب وفوقها غطاء حرير قز ميال إلى اللون الأصفر وبدون خرج ويقسم الشعر على الجبهة تحت العصابة إلى قسمين مع تجديل الشعر الطويل وتترك سوالف بجانب الوجه(8).
ثوب العروس : ثوبها مخمل بني أو أسود أو فواتح ويزين رأسها بالورد الطبيعي وتزين بأقراط من الليرات الذهبية أو أنصاف الليرات أو أرباعها.
أما حلي الصدر: فيسمى ( بالمشخلع والشكل) وهو ذهب مزخرف بحواشي ذهبية تعلق به ليرات ذهبية ( مخمسة ) أما حذاء العروس فهو ( بابوج, مخمل أو جلد)(9).
أما لباس المرأة في بلدة كفربُهُم  البلدة السورية التي  تقع قرب مدينة حماه  وتتبع لها إدارياً وتبعد عن مدينة حماه (7كم) في الجنوب الغربي من المدينة, وتميل أراضي البلدة بشكل عام نحو وادي نهر العاصي, نجده يتشابه مع الريف بشكل عام  وخاصة ما يترافق مع أفراح الزواج ومتطلباته حيث تختلف عن جهاز العرس  اليوم , فقد كانت الصندوق الخشبية المصدَّفة  تضمُّ مجموعة من التنورات والفرش والزنانير والقطع الذهبية التي توضع على الرأس, وكانت الفتاة في الماضي تلبس على رأسها القطع الذهبية:الحلق والصف والشنون والشيال وغير ذلك وكانت تصطحب من بيت أهلها الهدايا الكثيرة وما تختاره من أدوات وأشياء تحبها من باب الذكرى, وقد كان لباس  المرأة في كفربهم أنيقاً محتشماً, وهو لباس الجدات والأمهات  قبل نصف قرن, وقد رافق هذا اللباس المرأة فترة طويلة غير محددة حتى وصل إلى هذه الأناقة والجمال, وقد تميَّزت به هذه البلدة و انفردت به منذ القديم. ومن عناصر اللباس القماش والذهب:

 أ - القطع القماشية القطنية والحريرية التي تلبسها  المرأة:
1 -الطاقية: وهي من قماش قطني تضعها المرأة على الرأس مباشرة, ووظيفتها جمع الشعر بداخلها.
2 -المحرمة: وهي من قماش قطني أيضاً تلفّ فوق الطاقية وتشكّل تسميكة من أجل (الحطاطة) أو (العصابة).
3 -الحطاطة: وهي من قماش حريري, وفيها خيوط قصب ذهبية وفضية تلفُّ على الرأس بسماكة الكف, تُلفّ مرتين فوق بعضهما.
 4 -القزية: وهي من قماش قطني أسود, تتألّف من قطعتين عرض القطعة حوالي 15سم وطولها يصل إلى مترين, وتشبك القطعتان بخيط فيه (نمنوم) ملوّن يعطيها جمالاً, والقزية بعد أن تلفّ على الرأس تنزل من الخلف وتُشكل بمحزم من حرير ملوّن.
 5 -المحزم: وهو نطاق عريض يصل عرضه إلى (20) سم, يلف وسط المرأة وتشكل القزية به, وله جمالية رائعة, وكان الشباب قديماً يرددون في الدبكة:
حاكيني يا أم محزام
             حسنك ما خلا ني نام

 6 - التنورة: وهي اللباس الخارجي للمرأة وتشبه الجلابية عند الرجال, وللتنورة ألوانها الزاهية المتعددة, وهي من حرير, وفيها كلفة وتطريز جميل وزركشة رائعة حول الأكمام وعلى الصدر.
7 - السَلْطة: وهي تشبه الجاكيت ومصنوعة من الجوخ الأصلي السميك الغالي وفيها تخريجات مرسومة ومزينة, وهي بدون أزرار, وتعتبر من جهاز العروس.

القطع الذهبية التي تضعها العروس على رأسها:
كانت العروس تُجهَّز بحوالي 100 إلى 200 غرام ذهب عيار (21أو 18) كان هذا عندما كان سعر الغرام ثلاث ليرات سورية في منتصف القرن الماضي وهذا ما قالت لي أمي وبعض النسوة القريبات, وأسماء القطع الذهبية هي:
الصف: وهو عبارة عن مجموعة من الغوازي, يصل إلى 25 غازية وتخاط الغوازي على قطعة قماش, وتُربط حول الرأس وتكون الغوازي مصفوفة بجوار بعضها بعضاً من الأمام فوق الجبين. وأتت التسمية من صف الغوازي متجاورة.
الحلق: وتتألّف من مجموعتين الأولى: تتألف من ليرتين ذهبيتين والثانية كذلك, ولكل مجموعة بكّالة من فضة وشباح يربط بالطاقية القماشية حتى لا يؤثّر على الأذن, ويتصل السلسال الفضي بين المجموعتين وموقع كل مجموعة تحت الأذن
الشنون: وهي مجموعة من السناسل والغوازي تدعى(جهاديات) حيث توزّع الغوازي بالتساوي على جهتي الرأس, ويصل عدد الغوازي في كل جهة إلى عشرة (غوازي) وكل مجموعة معلَّقة بسلسال وقطعة ذهبية مستطيلة محجرة بالزرد الملوّن وهي من ذهب أيضاً.
الشيال: وهو عبارة عن قطعة مجهزة كبيرة ملونة بالأزرق تشكّل مربعاً مائلاً تتعلّق فيه ستة غوازي,وله شكل جميل , ويتدلَّى منه إلى الصدر على جانبي الرأس مجموعة من الغوازي التي تكون دائرية الشكل وتختلف أوزانها وأشكالها وصورها وعياراتها, وكل مجموعة لها أشكال خاصة بها.
وهكذا وجدنا أن لباس المرأة والحلي رافق الجدات سنوات طويلة ولكنَّ المؤسف أن لباس المرأة الأنيق والأصيل  في حماه وريفها بدأت شمسه تغرب مع الجيل الجديد,شأنه شأن باقي الأزياء في  أغلب المناطق في العالم .وقد عرف السوريون منذ آلاف السنين صناعة النسيج و ارتفعت من خلال هذه الصناعة الأزياء عندهم، و احتلت مكاناً رفيعاً بين الأزياء في البلدان الأخرى.
-واليوم  أخذت تدخل بعض التعديلات والتبدلات في اللباس عند الرجل والمرأة بسبب المؤثرات الكثيرة ومنها الهجرة ثم العودة إلى الوطن سواءً الهجرة الداخلية أو الخارجية.
كما لعبت الظروف الطبيعية والمناخية دوراً بارزاً في تحديد الأزياء للرجال والنساء حيث كانت الأزياء قديماً متقاربة ومتجانسة بين الرجل والمرأة تعكس طابع الحشمة,وعندما تنظر إلى التراث المادي سواء, أكان بناء أم زياً شعبياً تشاهد ما يحمله من معان تدرك حقيقة أنه مستمدٌ من مهارةٍ يدوية ودقةٍ وإتقان حتى أصبح بهذا الشكل المميز الذي أعطاه السحر والروعة.

 

الهوامش

1 - القيم, علي – جهاز عرس ملكة أوغاريت- مجلة المعرفة- دمشق- العدد -586- تموز 2012م – باطن الغلاف الأول.
2 - محناية، رياض - اللباس التقليدي.. عنوان الهوية التراثية لأهل حماة - جريدة الفداء عدد/9-5-2010م.
3 - الحسين,سامر- (للحمويين قصة... تبدأ من»الطربوش)- من الموقع الالكتروني (12 أيار2011م).
http://www.esyria.sy/ehama/index.php?p=stories&category=community&filename=201005121405106
4 - حميش, سوزان - الأزياء الشعبية التراثية في مدينة محردة - جريدة الفداء الحموية عدد20-5-2012م.
5 - مقدسي, هناء - الزي الشعبي في محردة - جريدة الفداء الحموية – عدد22-10-2009م.
6 - من كتاب (السقيلبية ) - تأليف الباحث  أديب قوندراق.
www.sqelbiya4dev.sy/index.php?
7 - العمر, ياسر - الزي الصوراني - جريدة الفداء الحموية عدد/03-12-2009.
8 - صحيفة تشرين – موقع سانا -دمشق.
http://www.sana.sy/ara/151/2012/07/14/431428.htm
9 - صور لباس المرأة في سلمية من هذا الموقع:
http://www.reefnet.gov.sy/reef/index.php?option=com_content&view=article&id=1208:2009-09-16-11-01-30&catid=130:2009-09-16-08-54-58&Itemid=114

 

أعداد المجلة