فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

إحياء لتراث الآباء والأجداد

العدد 21 - أصداء
إحياء لتراث الآباء والأجداد
كاتب من العراق

بمشاركة خليجية واسعة

 نظمت هيئة أبوظبي للثقافة والسياحة للفترة من 17 - 29 ديسمبر 2012م، فعاليات مهرجان الظفرة بدورته السادسة بمدينة زايد بالمنطقة الغربية في إمارة أبوظبي، الذي أقيم تحت رعاية الفريق أول سموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

  جاءت انطلاقة فعاليات مهرجان الظفرة بدورته السادسة لعام 2012م كونه أصبح مناسبة سنويّة من أجل إحياء التراث في حياة الناس وبهدف وضع منطقة الظفرة في المنطقة الغربية للعاصمة أبوظبي على الخريطة السياحية والتعريف بالثقافة البدوية، ما جعل من هذا المهرجان لأن يُعدّ تظاهرة تراثية ليس على مستوى دولة الإمارات بل على مستوى دول الخليج العربيّ ككل إضافة إلى صداه وسمعته العالمية.

مشاركة خليجية وجوائز

  عقد مهرجان الظفرة للعام 2012م وسط حضور ومشاركة من أبناء دول الخليج العربي، خاصة ملاّك الإبل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، واليمن والأردن، وقد عكس المهرجان إلى جانب الملاّك حضورا كبيراً من الشباب الخليجيّ الذي تفاعل مع تراثه وعادات وتقاليد الآباء.

 وبلغت قيمة الجوائز المخصصة للفائزين في مهرجان الظفرة 2012م، قد ارتفعت من قرابة 35 مليون درهم للعام الماضي إلى ما يزيد على 40 مليون درهم لهذا العام، وكذلك ارتفع عدد السيارات المخصصة للفائزين من 102 سيارة العام الماضي إلى 155 سيارة للدورة السادسة  من المهرجان.

فعاليات المهرجان

  تضمنت فعاليات مهرجان الظفرة 2012م على عدّة فعاليات تراثية منها: مزاينة الإبل، ومسابقة تغليف التمور، ومزاد الإبل ومسابقة المحالب «الحلاّب»، كما تمّ إطلاق فعاليات تراثية غنيّة وشيّقة منها سباق الإبل التراثي وسباق السلوقي «كلب الصيدالعربيّ»، ومسابقة للصيد بالصقور المكاثرة في الأسر، والتي تمّ إطلاقها للمرة الأولى في فعاليات الدورة الخامسة لعام 2011م، فضلاً عن مسابقة الحرف اليدوية ومسابقة التصوير الفوتوغرافي والسوق التراثي وتخصيص قرية للأطفال.

 معايير التحكيم

  لعلّ أبرز ما نجح المهرجان في تحقيقه  هو تحري النزاهة المطلقة والشفافية والدقة المتناهية بالنسبة لنتائج الفائزين بمختلف أشواط المزاينة، سواء من حيث زيادة أعداد لجنة التحكيم إلى عشرة واختيار خمسة أعضاء منهم بالقرعة كلّ يوم ليقوم النصف الأول من أعضاء اللجنة بفرز الإبل المشاركة لتحديد الإبل العشرة الأولى المرشحة للفوز والتي يقوم أعضاء اللجنة الآخرين بتحكيم الفائزين وفق ما يستحقونه من ترتيب، وقد شملت معايير التحكيم التي تمّ اعتمادها كافة أجزاء الجسم بمجموع يبلغ 100 درجة، منها 25 درجة لتفاصيل الرأس و25 درجة للجزء العلوي و15 للجزء الأمامي و10 للجزء الخلفي و25 للشكل العام .

 مزاينة الإبل

  اشتملت أشواط مزاينة الإبل في مهرجان الظفرة 12 شوطاً منها «4 « أشواط أصايل شارك فيها 230 فئة أصيلة و» 8»  أشواط مجاهيم شارك فيها « 180» من فئة المجاهيم. وشملت أشواط مزاينة الإبل الـ14 التي تم إضافتها في الدورة السادسة: 12 شوطاً فرديا، وشوطي جمل «شوط محليات أصايل عام، وشوط عام مجاهيم»، بينما ضمت الأشواط الفردية الإضافية 6 أشواط محليات أصايل، و6 أشواط مجاهيم، وذلك من سنّ المفرودة إلى الحايل، وبشكل مفتوح للشيوخ ومن يرغب من أبناء القبائل.

مسابقة الحلاّب

   أقيمت مسابقة الحلاب خلال أيام25-28 ديسمبر الماضي من مهرجان الظفرة، شملت فئتي الأصايل والمجاهيم، التي تهدف إلى اختيار النوق الأكثر إدراراً للحليب، وتشجيع ملاّك الإبل على اقتناء النوق غزيرة الحليب، وقد فاق مجموع جوائز هذه المسابقة المليون درهم.

مزاينة التمور

    أطلقت خلال مهرجان الظفرة 2012م مسابقة «مزاينة التمور» للمرّة الأولى لأفضل أساليب تغليف التمور، حيث توزعت مزاينة التمور على أربعة أصناف هي: الخلاص، الدباس، الفرض، والشيشي، وذلك مساهمة في خطط صون التمور كأحد أهم رموز التراث المحلي، والترويج له كغذاء أساسي متكامل، والتشجيع على تغليفه وتسويقه بطرق مبتكرة، وبشكل عصري وصحي وسهل النقل، مع العمل على إقامة سوق لبيع التمور ضمن السوق الشعبي الذي ينظمه المهرجان سنوياً.

السوق الشعبيّ

  من أجل المحافظة على صور الحياة الماضية بكل ما فيها من صناعات وأنشطة ومُعدات وملابس، ومنع ذلك من الاندثار في عجلة المدنية  والعولمة الجارفة التي نشهدها، ولتعريف النشء الجديد بعاداته وتقاليده وصور الحياة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم ليتوارثوها، فقد انتصبت في ميدان مهرجان الظفرة قرابة «180» دكاناً تراثياً تمثل السوق الشعبيّ الكبير الذي  يعدّ من الفعاليات البارزة في المهرجان، حيث شارك فيه عدد من المؤسسات والجهات الحكومية، شارك فيه 160 مشاركاً ومشاركة الذين قدموا لزوار المهرجان المعروضات التراثية من مشغولات يدوية تمثل نموذجاً للموروث الثقافي لأهل البادية حيث سادت المشغولات المصنوعة من خوص النخيل والصوف والنسيج على أغلب محلات السوق والتي لقيت رواجاً وإقبالاً من السياح وأصحاب الإبل أنفسهم لاقتناء أنواع منها لاستخدامها كقطع لزينة الإبل وخاصة في مثل هذه المناسبات في الحل والترحال.

مستلزمات الرحلات الصيفيّة والشتويّة

   عكست دكاكين السوق الشعبي عرض وبيع كلّ مستلزمات الرحلات الصيفيّة والشتويّة والمنتجات التراثيّة ومحلات الحرفيات والمنتوجات اليدويّة المنزليّة من صناعة السدو وسعف وخوص النخيل، وصناعة خلط العطور التي تمرست بها عدد من الفتيات والسيدات، إضافة إلى الرسم على الأواني المنزلية، وبعض عبوات الأعشاب الطبية التي تدخل في مجال الطبّ الشعبيّ، والأكسسوارات، والملابس وصناعة التلي وتطوير الملابس التقليديّة من حياكة حديثة بأقمشة كانت تستخدم بالماضيّ، كما تمَ تخصيص قسم خاص لأبرز الأكلات والحلويّات الشعبيّة التي عرفها أبناء المنطقة، قديماً تقوم مجموعة من ربات البيوت المتخصصات بطهيها وبيعها للراغبين من الزائرين بالمهرجان بعد إعدادها أمامهم.

 مسابقة للصيد بالصقور...

   من فعاليات مهرجان الظفرة للعام 2012م إطلاق مسابقة للصيد بالصقور المكاثرة في الأسر، والتي تمّ إطلاقها للمرة الأولى في فعاليات الدورة الخامسة لعام 2011م، وكان تسجيل «الصقّارة» قد جاء حين أعلنت منظمة اليونسكو عن تسجيلها كتراث إنسانيّ حيّ في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير الماديّ للبشريّة في شهر نوفمبر 2010م ، بفضل جهود مشتركة لـ 11 دولة عربية وأجنبية تأكيداً على أن الصقّارة لا تعني ممارسة الصيد وحسب، بل تمثل مجموعة من التقاليد والقيم المجتمعية المتوارثة، ومخزون غني مشترك من التراث الثقافي الذي يعود لآلاف السنين.

 وشكّل تسجيل الصقّارة نموذجاً فريداً في التعايش الحضاري بين الشعوب، ولعلّ تسمية هذا الحدث العالميّ اليوم بـ «مهرجان الصداقة» جاء تأكيداً على هذه الرسالة النبيلة، إذ بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامها بالصقّارة كتراث إنساني منذ عام 1976م، وذلك عندما نظمت أبوظبي أول مؤتمر دولي للحفاظ على الصقّارة بمشاركة أكثر من 700 ضيف من الصقّارين والخبراء والعلماء وممثلي اليونسكو والمؤسسات الدولية المعنية من 75 دولة.

أعداد المجلة