مشروع المرصد العربي للثقافة الشعبية
العدد 21 - التصدير
دعا عهد المنامة للثقافة الشعبية 2012 الذي أصدرته ندوة (الثقافة الشعبية وتحديات العولمة) إلى بعث مشروع المرصد العربي للثقافة الشعبية، وضرورة إنشاء قاعدة بيانات علمية موحدة لتسجيل عناصر الثقافة العربية وتجلياتها الفنية والمعرفية على الصعيدين المحلي والعربي، وذلك ببدء إنشاء قواعد البيانات الوطنية في كل بلد عربي، وإصدار القوانين الوطنية والعربية المشتركة لحماية عناصر هذه الثقافة وتجلياتها.
ولا شك أن هذا المشروع يمثل أهمية كبرى في إطار مواصلة الجهود للحفاظ على المأثورات الشعبية والاستمرار في العمل على توثيقها وتسجيلها لوضع قاعدة بيانات عربية لجمع وتوثيق ورقمنة ونشر التراث اللامادي.
ورغم جدية المشروع، وجدية القائمين على إصدار عهد المنامة إلا أن المرء يتمنى، بكل أمانة، أن لا يظل مثل هذا القرار حبيس الأدراج، رهنا بالبيروقراطيات الإدارية، التي عطلت من قبل الكثير من المشاريع الحيوية المهمة في حفظ وتوثيق التراث اللامادي.
فالحكومات العربية لم تتردد في الموافقة على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي اللامادي العالمي لعام 2003، ووافق وزارء الثقافة العرب في اجتماعهم الذي عقد بالعاصمة القطرية عام 2010 على اختيار جمهورية مصر العربية لتأسيس الأرشيف القومي لتوثيق المأثورات الشعبية، ومنذ العام 2007 عقد (مشروع ذاكرة الوطن العربي) الذي يهتم بتوثيق التراث الحضاري والطبيعي، بما في ذلك التراث الشعبي، أكثر من اجتماع لبحث آليات توثيق التراث الشعبي في الدول العربية، هذا عدا عن ورش العمل العديدة التي أقامتها الاليكسو والايسيسكو والتي تناولت توثيق التراث الشعبي وبناء قاعدة معلومات متكاملة.
وإذا أعدنا عقارب الساعة إلى الوراء سنتوقف عند تجربة مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية الذي أغلق أبوابه لأسباب إدارية ومالية خلافية وضاعت مع المركز مئات الوثائق المهمة التي ظلت تجمع بكل اجتهاد لعقدين من الزمان في كل منطقة من دول الخليج العربية.
لذا نتشبث هنا بالأمل أن تستطيع مملكة البحرين أن تقوم بدور مفصلي في تفعيل هذا القرار، عبر جهود أرشيف الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر، بالتعاون مع المنظمات العربية والإقليمية، والالتزام بتنفيذ عهد المنامة، لأن ما خسرناه من وقت كان عظيماً ولا يعوّض، ولن تغفر لنا الأجيال القادمة هذا التقاعس والتباطؤ اللامسؤول في تنفيذ واحدة من أهم المشاريع التي ستحفظ لنا هويتنا وثقافتنا العربية.