عهد المنامة للثقافة الشعبية 2012 - نتائج أعمال ندوة “الثقافة الشعبية وتحديات العولمة”
العدد 20 - التصدير
شهد النصف الثاني من القرن الماضي اهتماماً متزايداً، وعلى درجات متفاوتة، وتحت مسميات متعددة، في وطننا العربي، بالثقافة الشعبية وتجلياتها الفنية والمعرفية فيما عرف بالفنون الشعبية، والتراث الشعبي، والمأثورات الشعبية وما يعرف بالتراث الثقافي غير المادي في الأدبيات المتداولة عالمياً الآن.
ولقد كان لهذا الاهتمام مظاهر متعددة عبرت عنها أكثر من تجربة وطنية وإقليمية على الصعيد العربي كان من ثمارها أن تنعقد هذه الندوة عن زالثقافة الشعبية وتحديات العولمةس استجابة لحاجة البحث والتأمل في الثقافة الشعبية العربية وتجلياتها.
وكان من المنطقي أن تتبنى مثل هذه الندوة الدولية مجلة الثقافة الشعبية التي تمثل أحد المنجزات الهامة في مسار العناية بهذه الثقافة في وطننا العربي، بما نشرته وتنشره من دراسات وصفية، وتحليلية غطت وتغطي كافة مظاهر الثقافة الشعبية العربية وعناصرها، في كل أنحاء هذا الوطن، وبما أتاحته للعلماء المتخصصين، والدارسين والباحثين الشباب من نشر أعمالهم، وتبادل الخبرات فيما بينهم، محققة روح الثقافة الشعبية ومضمونها في نقل الخبرة والمعرفة من الجيل الأكبر إلى الأجيال الأصغر، ومن تأكيد التكامل والتواصل بينهم وبين ثقافتهم.
لقد أصبحت مجلة زالثقافة الشعبيةس الفتية ذ خلال سنوات قليلة ذ منارة بحرينية عربية، يسطع ضوؤها متجاوزاً حدودها المحلية إلى آفاق العالمية الرحبة.
والمشاركون في هذه الندوة التي انعقدت في المنامة عاصمة البحرين، بدعوة كريمة من القائمين على أمر هذه المجلة / المؤسسة وضمت باحثين من أنحاء مختلفة من العالم، يمثلون خبرات وتجارب ثرية يسجلون في هذه الوثيقة أو العهد أن هناك مجموعة من الأمورتقتضي أن يتعاهدوا عليها وأن يوجهوا الأنظار إليها، على الصعيدين الرسمي والشعبي، واضعين أيديهم في أيدي بعضهم البعض من أجل تحقيقها في ضوء ما يتجه إليه العالم الآن من اهتمام بصون التراث الثقافي للإنسانية، وتعزيز تنوعه، باعتبار ذلك إثراءً للثقافة الإنسانية عامة والوطنية خاصة، وهو ما أكدته الاتفاقيات الدولية التي تبنتها اليونسكو(إتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي 2003 وإتفاقية تعزيز التنوع الثقافي 2005) و صادقت عليها معظم دول العالم، وعلى ذلك فإنهم انطلاقا:
من الأهمية المتزايدة محلياً وعالمياً بالثقافات الشعبية وتجلياتها وأنها بما تمثل من هوية ثقافية على الصعيد الوطني والعالمي تشكل مدخلاً أساسياً للتقارب بين الشعوب والجماعات.
ومن تأمل واقع الثقافة الشعبية العربية وحاجتها إلى الصون والتوثيق والدرس والاستلهام، حفاظاً عليها من الاندثار أو الضياع والتشويه وسوء الاستخدام وضماناً لاستمرارها ملكاً لأصحابها ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة.
ومن ضرورة تعميق التوجه العلمي على الصعيد العربي عامةً والوطني خاصةً إلى العناية بهذه الثقافة وتجلياتها، ومسايرة التطورات العلمية والتقنية الحديثة والاستفادة من نظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصال، وطرق التسجيل والتخزين والنشر.
ومن ضرورة التنسيق بين الدول العربية والجمعيات المعنية بعضها البعض من ناحية، وبينها وبين الهيئات والمؤسسات الدولية بهدف التعاون وتبادل الخبرات وبناء القدرات ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال من ناحية أخرى.
ومن أن احترام وصون الثقافة الشعبية وتجلياتها يمثل ضرورة علمية وأخلاقية إنسانياً ووطنياً وعربياً وعالمياً، يؤكدون على ما يلي:
أولاً: إن هناك ضرورة ملحة إلى أن يكون لدينا قاعدة بيانات علمية موحدة لتسجيل عناصر ثقافتنا العربية وتجلياتها الفنية والمعرفية على الصعيدين المحلي والعربي، ويترتب على ذلك:
أ-ضرورة البدء في إنشاء قواعد البيانات الوطنية (الأرشيف) في كل بلد عربي، بالتعاون بين المؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية المعنية.
ب-ضرورة العمل على إصدار القوانين الوطنية والعربية المشتركة لحماية عناصر هذه الثقافة وتجلياتها، في إطار القوانين الدولية لحماية الملكية الفكرية.
ثانياً: ضرورة إيجاد آلية مستمرة لرعاية المبدعين الشعبيين وحاملي الثقافة الشعبية، ولعل دراسة التجربة اليابانية التي دعت للحفاظ على الكنوز البشرية اليابانية الحية ما يساعدنا على تحقيق ذلك.
ثالثاً: تشجيع ودعم إنشاء الجمعيات الأهلية لصون هذه الثقافة وتجلياتها في كل بلد عربي لمساندة الجهود التي تقوم بها الدول في هذا المجال، تمهيداً لإنشاء جمعية عربية تنسق بين الجمعيات الأهلية في كل بلد عربي.
رابعاً: إنشاء المواقع الإلكترونية الخاصة بالثقافة الشعبية وتجلياتها في كل بلد عربي تسهيلاً للتواصل وتبادل الخبرات بين حاملي الثقافة الشعبية والعاملين في مجالها وتوطئة لإنشاء شبكة عربية مشتركة.
خامساً: استثمار إمكانات الثقافة الشعبية وتجلياتها الفنية والمعرفية في صيَـغها المحلية في وضع خطة استراتيجية تنموية مستدامة تضع في اعتبارها التنوع الثقافي والثراء الفني لمفرداتها وعناصرها.
سادساً: ضرورة توجيه عناية خاصة للاهتمام بالحرف والصناعات والمعارف التقليدية، وذلك بجمعها وتوثيقها ودراسة أساليب تنميتها - إلى جانب مفردات وعناصر وتجليات أخرى - مثل فنون الأداء والأطعمة والأسواق ... الخ، باعتبارها كلها تمثل هوية ثقافية ينبغي تأكيدها وباعتبارها يمكن أن تكون مصدراً اقتصادياً هاماً من مصادر الدخل القومي على صعيد الدولة والدخل الفردي لأصحابها أيضاً.
سابعاً: السعي لتضمين الثقافة الشعبية وتجلياتها الفنية والمعرفية في المناهج التعليمية في مراحل التعليم المختلفة لتعميق الوعي بأهميتها وتكوين الكوادر العالمة بضرورة صونها والمتخصصة في دراستها وتنميتها.
ثامناً: التنسيق بين الدول العربية والجمعيات والهيئات المحلية والدولية المعنية بالثقافة الشعبية وتجلياتها، وذلك بتبادل الخبرات في مجال التدريب وبناء القدرات وورش العمل والمؤتمرات وحلقات النقاش.
تاسعاً: دعوة المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) إلى العمل على إنشاء مكتب للمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) في الأراضي الفلسطينية بالتنسيق مع القائمين على الثقافة الشعبية فيها.
عاشراً: العمل على إبراز عناصر الثقافة الشعبية العربية وتجلياتها ووضعها في مكانها اللائق ضمن القوائم العالمية لتسجيلها وحمايتها وضمان حقوق مبدعيها وحامليها.
حادي عشر: النظر في إمكان اختيار عاصمة عربية سنوياً كعاصمة للثقافة الشعبية العربية تكريماً لدولتها واعترافاً بجهودها في صون عناصر هذه الثقافة وتجلياتها، وتكريماً أيضاً لحاملي الثقافة ومبدعي عناصرها الفنية.
ثاني عشر: دعوة المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) إلى توجيه الاهتمام والتركيز على الثقافة الشعبية في بعديها المادي وغير المادي، مع العناية بصفة خاصة بالعناصر المادية لأنها أكثر عرضة للضياع والاندثار والتشويه و الانتهاب بالإضافة إلى إيجاد أسلوب مشترك للحفظ والصون والتوثيق.
ثالث عشر: دعوة المكتب الإقليمي للمنظمة إلى المساعدة في وضع برامج عملية وتشكيل اللجان المتخصصة التي تجمع بين الأكاديميين والرواة والمبدعين وغيرهم بهدف توحيد الجهود في مجال الجمع والصون والتوثيق.
رابع عشر: دعوة المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) إلى دعم الكتاب السنوي الذي تصدره المنظمة.
خامس عشر: دعوة المركز الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للمنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) إلى بعث مشروع المرصد العربي للثقافة الشعبية معتمداً على أكاديميين مشهود لهم بالكفاءة في هذا المجال ونقترح أن تكون المجموعة التي حررت هذه الوثيقة وهم:
الأستاذ الدكتور /أحمد علي مرسي ( مصر)
البروفيسور / سيد حامد حريز (السودان)
الأستاذ الدكتور / علي بزي (لبنان)
الأستاذ الدكتور / عبد الحميد بورايو (الجزائر)
الأستاذة الدكتورة / نور الهدى باديس (تونس)
النواة الأولى المشكلة لأعضاء المرصد ونقترح الأستاذ الدكتور أحمد علي مرسي رئيساً والأستاذ علي عبدالله خليفة نائبا للرئيس والأستاذ الدكتور محمد عبدالله النويري أميناً عاماً.
سادس عشر: أن يكون مقر المرصد المنامة عاصمة مملكة البحرين.
***
تمت مناقشة وإقرار هذا العهد في الاجتماع الختامي لأعمال ندوة (الثقافة الشعبية وتحديات العولمة) وذلك ظهر يوم الجمعة التاسع من شهر نوفمبر 2012.