فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

المأثورات القولية للشيخ علي بن عون

العدد 19 - أدب شعبي
المأثورات القولية للشيخ علي بن عون
كاتب من تونس

يرى كثيرون في عصرنا اليوم أن جزءا هاما من تراثنا غير المادّي يبقى مهدّدا بالتلاشي والضّياع طالما لم يكن مدعما بذاكرة قادرة على المحافظة عليه ونقله عبر ذاكرة الأجيال، ولا نقصد بذلك المقاربة المتحفية لهذه الذاكرة– والتي لها دورها في المحافظة على ما يمثله التراث المادي من أهمية بالغة في دراسة مجموعة بشرية معينة أو فترة زمنية محددة  – فحسب وإنّما نحن إزاء الذّاكرة البشرية التي تعتمد اللّغة أساسا لاستمرارها ووسيلة لتمظهرها والكشف عن خفاياها، فتتحوّل إلى لسان يروي ذلك الماضي الحاضر أو تلك الزاوية من الزّمن التي صورت مشاهد من حياة  الأجداد، وتلك التفاعلات التي ميزت طرق عيشهم وبقيت ماثلة في حاضر أيّامنا ومستقبلنا.

فالمروي بوصفه عنصرا أساسيا من ضمن العناصر المكوّنة للتراث غير المادي يقوم بمثابة السّجل التذكّري، ذلك أن الرواية الشّفاهية لا تنقل المخيال المبدع من جيل إلى آخر فقط بل إنها كذلك تحثّ على استمرارية المنتوج المبدع وتوثيق أبرز مراحله، وفي هذا الإطار يتنزّل مجال بحثنا في جمع وتوثيق مجموعة من المفردات التراثيّة المكوّنة لجانب من المأثور الشعبي لا تزال امتداداته تفعل في الحاضر انطلاقا من محافظة الذّاكرة الشعبية على معالم وقراءات معيّنة وهو ما سنحاول استجلاء مضامينه انطلاقا من البحث في المأثورات القولية في سيرة الشيخ علي بن عون1.

عيّنة البحث:

أقدّم في هذا البحث الموجز جملة من العناصر الروائيّة الحيّة التي حافظت على بقائها في الذّاكرة الشعبية تخصّ حياة وسيرة الشيخ علي بن عون كما يرويها أحفاده نظرا لغياب نصوص مكتوبة في هذا المجال، فكان التجاؤنا إلى الذّاكرة الشعبيّة للأحفاد وما يتواتر هنا وهناك لدى من يحفظون سيرته وما هو متداول بين النّاس من أشعار وروايات.

فكان اختيارنا على خمسة شيوخ من أحفاد الشيخ سيدي علي بن عون ممّن يتردّدون باستمرار على الزاوية2 ولهم إلمام واسع بتاريخ وتراث هذا الشيخ.

أداة البحث:

اعتمدنا في جمع عناصر ومكوّنات هذا الموضوع على تقنيّة المقابلة غير الموجّهة أو المفتوحة في شكل جلسات متتالية مع هؤلاء الشّيوخ، بلغ عددها الثلاثة وانصبّ مجال اهتمامها على مواضيع حرّة تتعلّق بحياة الشيخ علي بن عون ومأثوراته القولية المتمثلة أساسا في مواد حكائية وشعرية يسردها هؤلاء الرّواة بشكل تلقائي حرّ وبتوجيه بسيط يتمثّل في بعض الأسئلة المباشرة وغير المباشرة، هدفنا الأساسي من ورائها تأطير هذه الجلسات وتسجيل أكثر ما يمكن من المعلومات والوقائع والشّخوص التي تذكر بصفة مسترسلة حسب متطلبات الموضوع أو الحدث، وهي غالبا ما تكون ذات طابع قصصي مشوّق حاولنا جمعها وتصنيفها بالشّكل الذي سيرد لاحقا.

زاوية الشيخ علي بن عون:(الموقع الجغرافي):

يقع مقام الشيخ علي بن عون على سفح جبل السّاهلة3 على بعد خمسة كيلومترات غرب مدينة Òسيدي علي بن عونÓ التي توجد عل الطريق الرئيسية رقم 03 الرّابطة بين قفصة وتونس، تفصلها 285 كلم عن العاصمة من جهة الشمال و60 كلم من جهة الجنوب عن مدينة قفصة4.

يسمّى المكان الذي استقر به الشيخ علي بن عون Òفراش بن راضيةÓ وهي كامل المنطقة التي يسكنها أحفاده حاليّا، والتي تمتدّ على مساحة شاسعة كانت في ما مضى محاطة بالقبائل التالية: من الغرب قبائل الفراشيش ومن الجنوب الحرشان وأولاد منصّر ومن الشرق قبائل أولاد تليل وأولاد حاج وأولاد يوسف ومن الشمال أولاد عكريم وأولاد خليفة5.

سيرة الشيخ علي بن عون:

- نسبه: ينحدر نسبه من العائلات العربية المهاجرة إلى إفريقيّة وبلاد المغرب بعد الفتح الإسلامي، وهو علي بن عون بن عبد الله بن غنام بن بوعلي بن مسعود بن عبد الجوّاد بن جبار بن ادريس بن جاب الله بن محمد بن خيار بن محمد بن يوسف بن منصور بن لحيوش بن ادريس بن ابراهيم بن عيسى بن اسماعيل بن ابراهيم بن بشير بن رضوان بن هلال بن محمد بن عبد النبي بن همّام بن مرداس بن الحسن ابن علي ابن أبي طالب، سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم6.

- مولده: ولد الشيخ علي بن عون سنة 905 هـ الموافق لـ /1485م بمدينة توزر7 من أبيه عون بن عبد الله القوماري نسبة إلى بلدة ÒقومارÓ إحدى مدن سوف بالجزائر وهو أصيل إقليم السّاقية الحمراء الواقعة بين المغرب الأقصى والصّحراء الغربية كما ورد في الرّوايات المنقولة، وهجر عون القماري زوجته ياقوتة وهي حامل بالشّيخ علي بن عون الذي تكفّل أخواله برعايته وتربيته فيما بعد.

- حياته: من خلال الروايات المتواترة، نجد أن الشيخ علي بن عون قد عاش ما يقارب المائة والعشرين عاما أمضى معظمها في طلب العلم والتدريس والعبادة والإصلاح الاجتماعي في منطقته حيث نجد أنّه ارتحل وهو ابن عشر سنوات إلى مدينة نفطة8 واستقرّ بزاوية سيدي بوعلي السنّي أو سلطان الجريد التونسي الذي عرف بدوره في نشر المذهب السني انطلاقا من مدينة نفطة في عهد الدولة الموحديّة بالمغرب الأقصى إبان القرن الثاني عشر ميلادي9.  وبعد أن تعلّم الشيخ أصول القرآن والحديث في هذه الزاوية، تحوّل إلى مدينة فاس بالمغرب الأقصى أين درس الفقه والتفسير بزاوية مولاي إدريس الأكبر، ومنها رجع إلى مدينة القيروان لمواصلة التعلّم والدراسة على يد جملة من العلماء والفقهاء لم يذكر الرّواة أسماءهم. وأخيرا توجّه إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج وأقام بالمدينة المنوّرة مدّة من الزمن ثم رجع إلى قفصة وعمره أربعون سنة أين تتلمذ علي يد المربّي الفاضل سيدي عمر بن عبد الجوّاد العكرمي10، وبقي بقصر قفصة مؤدبا للصبيان مدّة سبع سنوات، وبعد أن وضح صلاحه وظهرت كراماته أمره شيخه بالرحيل إلى المكان المعروف بـ Òفراش بن راضيةÓ قائلا له: Òإمشي للفراش أوتاده حديد ما ترشاشÓ11، حيث أمره بالإقامة فيه وبناء زاوية بمكان مقامه اليوم في سفح جبل الساهلة، هذا المكان الذي ينتظم فيه مهرجان سيدي علي بن عون أوما يعرف بـ ÒالزردةÓ12 خلال شهر أوت من كل سنة.

- وفاته: توفّي الشيخ علي بن عون سنة 1025 هـ الموافق لسنة 1605 م بعد أن بلغ من العمر 120 سنة ، ومن أقواله عند وفاته:

 أجراح الناس بيدي نطبّها

                        وعند جرحي مـا لقيت طبيب

إذا كان الشيئ من مولايا

                       ما عندي في الجرح ما نصيب

 

- أسرته: لمّا استقرّ الشيخ علي بن عون بمنطقة السّاهلة سعى إلى تكوين أسرة، فتزوّج بخمس زوجات كلهنّ من قبائل  الحرشان وذلك لتمتين صلته بأخواله.

- الزوجة الأولى: لافية من عرش13 أولاد بوعزيز الحرشان، أنجبت له إبنين وهما كبير أبنائه عون وصغيرهم محمد الصّغير.

- الزوجة الثانية: فطّوم بنت علي بن عيسى من عرش أولاد يوسف الحرشان وأنجبت له ابنته شبلة صاحبة الكرمات التي عاشت عزباء.

- الزوجة الثالثة: مباركة بنت هويدي من عرش أولاد يوسف الحرشان أنجبت له الكيلاني ومحمد بوجملين.

- الزوجة الرّابعة: عيشة من أولاد يوسف الحرشان أنجبت له عبد المطّلب وعبد الله وعبد الجوّاد وجوهرة وحفصة.

- الزوجة الخامسة: فضّة من عرش الحسينات أنجبت له بلحسن وفاطمة الصّغيرة.

وقد توفّي من أبنائه الكيلاني وهو أعزب، وهو مدفون حاليّا بزاوية سيدي عمر بقصر قفصة.

-  بيان في ألقاب أولاد الشيخ علي بن عون:

يشترك أولاد الشيخ علي بن عون في لقب شامل وجامع هو عوني وألقاب فردية اشتقاقا من أسماء أولاده، ونادرا من أسماء أمّهاتهم أو بعض الأحفاد.

- كراماته14: جاء في روايات الأحفاد أن الشيخ علي بن عون عرفت عنه العديد من الكرامات شأنه في ذلك شأن الكثير من الأولياء الصّالحين15 بصورة عامّة، بل إنّه في روايات البعض وحكاياتهم المأثورة عنه قد تفوّق على هؤلاء باعتبار جهده الكبير في الطّاعة والعبادة والورع والإصلاح، ومن أهمّ الكرامات نذكر: أنّه لمّا كان يدرس مع غيره من طلبة العلم بزاوية سيدي عمر العكرمي بقصر قفصة كان يتقاسم مع زملائه عمليّة إعداد الطّعام، حيث كان يضع القدر على رجليه وهو جالس فيغلي الماء دون إشعال النار، ثمّ إنّه ذات مساء لمّا كانت السّماء مغيّمة سأله شيخه عمر بن عبد الجوّاد عن مسار واتجاه هذه السّحب والأماكن والديار التي ستشهد نزول الأمطار فحدّد له الشيخ هذه الأماكن ونقاط مرور السّحب ووصف له كثافة السيول والمنازل التي تمرّ بها.

وإلى جانب ما قيل في هذا المجال، نلاحظ حضورا متواصلا لموضوع الكرامات في المأثور القصصي والشعري للشيخ  علي بن عون مثلما يرويها أحفاده بشكل يصبح معه الأسلوب الرّوائي وما يتضمّنه من أشعار وقصص ومواقف بطولة هو نفسه الوعاء والإطار العام الذي تتحرّك ضمنه شبكة من مواقف الكرامات والإشادات بخصال ومناقب الشيخ.

الروايات القصصية والشعرية المأثورة عن الشيخ علي بن عون:

إنّ المتأمّل في المرويات والحكايات المسجّلة حول آثار الشيخ الشعرية والقصصية يلتمس دعوة ملحّة للأخلاق الفاضلة والإصلاح الاجتماعي بين قبائل وعروش الجهة منطلقا في ذلك من الزّاوية مقرّ إقامته آنذاك، في فترة عرفت فيها الإيالة التونسيّة عدم الإستقرار السياسي والاجتماعي والرّكود الثقافي وانعدام الأمن خصوصا في المناطق الداخلية للبلاد التي كان يحكمها النظام العشائري والقبلي، فانتشر الجهل وعمّت الصراعات الهامشيّة، ممّا حدا بالشيخ إلى العمل على نشر تعاليم الدين الإسلامي ومعالجة النزاعات التي تندلع بين الحين والآخر بين قبائل وعروش الهمامة16. وفي هذا الإطار تندرج هذه القصص والمواقف الشعرية التي لا تزال تؤثث جزءا هامّا من ذاكرة الكثيرين من أحفاده.

- قصّة سيدي مبروك:

وهو الشيخ سيدي مبروك بن عمر العكرمي الذي دعا أتباعه ومريديه إلى التفاني في خدمته وطاعته بشكل مفرط ممّا ترتّب عنه تهاون هؤلاء في أداء واجباتهم الدينيّة وتكريس جميع جهودهم في سبيل مرضاة شيخهم، فلمّا علم الشّيخ علي بن عون ما كان من أمره كتب إليه واعظا ومرشدا ودعاه في القصيدة التالية إلى التزام مقاصد الشريعة الإسلامية بعيدا عن الشعوذة ودعوات الدّراويش المضلّة والباطلة.

القصيدة:

اللّي شرك بالله إهلك روحه

                        والشّرك مع ربّي ظلــم كبيـر

سيدي المبروك عندو عيلة

                        يا حارق نفسو يا منجي الغير

الفقير إذا لجالك أزيلـــو17

                        واجهره جهـران كيـف البـير

يدّي الصّلاة والصّوم والكفّارة

                        واللّي في الذمّة هذاكه يصيـر

 

التوبة ما هيش لبس غرارة18

                ولا هيش لبس حرام19 وتجرجير20

ولاهيش سبحة ملقطة بالحارة

                        ولاهيش ضرب قصب وبنادير

ولا هيش حنّة ناصعة في أظفاره

                        ولاهيش شوشة ناقعة من زير

لا هيش للدرويش ضرب الشّارة

                        ظال ينقّح فـي الكلام يصيـر

لا هيش عودة21 باهية مختارة

                        السّرج يلهب والرّكـاب ينيـر

 

التوبة سنّة وسمح أمارة

                        ومـن قـرا القـرآن بالتّكـريـر

ومن قرا القرآن جاب أخباره

                        ونـال مــن مـولاه شي كثيـر

يا والله هالمبروك أدّى إساره

                        وخلّى الثنيّة الماشية للغيـر

خلّى الطّيور ليقتلو لحبارة

                        ويصطادلي بالسّاف والعميّر

ريت القلب إذا هواتو الحيلة

                        كيف الحمـل إذا هـواه الميـل

تبدا عديلة22 مايلة بعديلة

                        يبـدا جملـهـا مـا يقـدّ رحيل

إنت جرالك كيف أم السّارة

                        ناقلة على الظهر ولـد صغيـر

ساعة تجري منادية بالقارة23

                        وساعةـ تجري منادية بالبير

 

ننبيك على قراية الألواح

                        يــوم غــدوة أنظـاو24 تسير

البعض منها راكب جولاح25

                 والبعض منهم في جحاف26 حرير

يوم اللّي تتلاقى الأرواح

                   في جنّة فردوس يلبسو قنادير27

هذا الكلام إللّي قلتو يصحاح

                        في علم الله مسطّـر تسطيــر

 

- قصّة القادة المساجين عند الباي28:

تدور هذه القصّة حول نوع العلاقات التي كانت سائدة بين باي حاضرة تونس29 وبين القبائل في المناطق الداخلية للبلاد ذلك أن باي الأمحال يتنقل في إطار ما يعرف بالمحلّة30 التي تضمّ مجموعات من الخدم والأعوان والصبايحيّة من قبيلة إلى أخرى لجمع الجباية المتمثّلة في المنتوجات الفلاحيّة والمواشي، وعند مروره بعروش الهمامة أجبرهم على تسليمه عددا كثيرا من الإبل والمواشي ممّا أثار غضب قادة هذه العروش الذين انتظروا رحيل الباي عن مضاربهم ثمّ ألحقوا به فرسانهم بقيادة أولاد عزيز وأولاد مبارك31 ليسترجعوا المواشي والأموال المغتصبة منهم بقوّة السّلاح، وما أن بلغ الخبر الباي في العاصمة حتى بعث في طلب قادة أولاد عزيز وأولاد مبارك وأمر بسجنهم تمهيدا لإعدامهم باعتبارهم خارجين عن القانون .

ويقول الرواة بأنّ موعد إعدامهم كان صبيحة عيد الإضحى من تلك السّنة وأن زوجاتهم قد لجأن إلى الشيخ علي بن عون وشكين أمرهنّ إليه وسألنه فكّ أسرهم. وتؤكد الرواية عدم تأخر الشيخ في تلبية هذا المطلب حيث اتجه في الحين إلى قصر الباي ودخل مجلسه في صبيحة ذلك العيد فوجده بصدد تناول فطور الصّباح، فسلّم عليه ودعاه إلى إطلاق سراح المحتجزين مبيّنا له إجحاف الجباية وثقلها على الرعية،  فردّ عليه الباي بأن أمره فيهم قد نفذ وليس هناك مجال لتلبية طلبه فاستأذنه الشيخ عند ذلك في قول القصيدة التالية:

سيدي خليفة مايل الصوكاية32

                    وما تسرّح المربوط راهو ضاق

أنا ناديتك وتوكّلت على مولايا

                        ربّي الخالق العالــم الـرزّاق

سيد أسيادي ماك مالدقّاقة33

                      أهل الغرب الكل جو على ساق

فيهم سيدي عبيد بودربالة

                      ما تسرّح المربوط راهو ضاق

أهل السّواحل جاية من والة

                        أقـــوام كثيـرة غيمها رقراق

أنا طالبك بالجاه يا مولايا

                        سرّحهم ليعيشوا  فـي لرزاق

وينو مبارك وينهم طلبايا

                        ويني الفقارة لمعمّرة لسواق

هاتوا المدافع وهاتوا الدرقاية34

                    وهاتوا الجناوي35 هاندات رقاق

وهاتوا المكاحل36 معمّرة بشفايا

                                وهاتوا العود الماضي37 اللّهياق

واه أكباشي38 يذبحوهم نايا

                        يا أهـل الله يا عرب لجــواد

عندك باش يطلقوا صوكاية

                        عندك باش يزلزلـوا القعــاد

وإذا الشيء ماشو من مولايا

                        نتعرّض ونجي لحلق الــواد

حتّى البحر تعود فيه ثنايا

                        للريــاس الدايريــن حــداد

بن مشليّة آه يا مولايا

                        بــن مسعــودة ما يقطّع واد

يتربطوا كيف أكباش الضحيّة

                        وما يقطّعهم كان سـي الحداد

أنا رحّال وقصّاص كل ثنايا

                        راهو البـاي هـــزّام للقيــاد

هدّ الصيد وحاحت الحاحايا

                        قفّض أكباشه وما عليها عداد

 

أهل الصواكي جاية بالميلة

                            وأهل السواري اللّي تسير أعقاد

القومان اللّي ذكرت في كل قبيلة

                ويجمل عليه اللّي ما جاش للميعاد

من رابع تركان شفت دفينة

                       وتلمّ الديوان ونادى  عالفسّاد

هذا الكل الدقّ عند كحيلة39

                        إنت يـــا سلطـــان بيّ بلاد

كانك نويت تنصب لينا حيلة

                        حتى إحنـا ننصبــوا لقعاد40

 

موله الجمل اللّي عنده رسيلة

                        ما يكسب كـان صبــيّ وداب

يدبّبها عايــة وهزيـــلة

                        وتشعشع الأنوار في الأعتاب

أهل الله في راس كل طويلة

                     ما يصطادوا كان في العرقاب41

ما يصطادوا كان ولد قبيلة

                        ومـن يقرا السور فــي لكتاب

ثار اللّغم وهربت البنّاية

                    وما يبقى في الأسوار كان أعواد

طالب من ربّي ومن مولايا

                        تــوّه تثـور وتسيّب الميعاد

 

وعند نهاية قول الشيخ يروى أنّ سجن الباي42 قد انهار وهرب منه جميع من كان فيه من مساجين، وعاد الشيخ إلى الزاوية بصحبة قادة القبائل المحتجزين.

  - قصّة إعفاء عروش الحرشان من الجباية:

تقول الرواية أنّ الحسين بن علي لمّا كان بايا للأمحال يجمع الأداءات من القبائل التونسية، طلب منه الشيخ علي بن عون إعفاء عروش الحرشان من دفع الجباية إلى باي تونس والاقتصار على دفع الزّكاة إلى زاوية الشيخ، وبعد مدّة أصبح حسين بن علي بايا على الإيالة التونسيّة، فذهب إليه الشيخ وكرّر له طلبه بتحويل ما يدفعه الحرشان كجباية إلى زكاة يقدّمها هؤلاء إلى الزّاوية وفي ذلك قال ما يلي:

يا بيّنا خيّر واختار

                                    ربّيتني فـي الـدلالـة

إنت كيما شهر رمضان

                                    تشتاق ليك العمـالـة

وإنت كيما ثلب هدّار43

                                    بالنّاب خارش جماله

وإنت كيما صيد قحطار

                                    بالخف حاسك أشباله

باغي الزاوية تحرار

                                    وإنروّح بخطّ العدالة

في الوطن لانيش مشرار

                                ولانيش صاحب رسالة

في فج الخلاء وفي كل دوّار

                                    أنا فيه نعمـل زمالـة

نعمل إحسان على الجار

                             وناسنا وزيّارنا لابطالة44

 

وبعد استماع الباي إلى هذه الأبيات اشترط على الشيخ علي بن عون إقامة وليمة45 لجميع الحاضرين في القصر كشرط لتلبية مطلبه، فطلب هذا الأخير إمهاله حتّى قدوم اللّيل، وعند الموعد المذكور نزل الجميع إلى ساحة القصر أين تجمّع النّاس للعشاء، فأمر الشيخ بإطفاء الأنوار ثمّ أنشد يقول:

 الليلة السفرة ليّ

                                    وآمس السفــرة ليك

ديوانك يتفرّج فيّ

                                    وهوما شهـود علـيك

هذا شغل الباري

                                    ماهوش شغل إيديك

  

وبعد ذلك أمر بإشعال الأنوار من جديد، فإذا القصاع مدّت من كل أصناف الأطعمة، ممّا أذهل الحاضرين، ولكن الباي رفض ذلك متّهما إيّاه بالشعوذة والتحيّل ثم أمر بإلقائه ليكون طعاما للأسد عقابا له، وهنا يذكر الرواة أن الشيخ أنشد بعض الأشعار وهو في قفص الأسد لعل أهمها:

إنت مظلوم وأنا مظلوم

                              وعلى بركة الله ليّ تروم  

وبقي على هذه الحال دون أن يتعرض لأذى هذا الحيوان الضاري حتّى الصّباح عندما فتح حرّاسه الباب حينها  أخبرهم بأنّه لا يمكن للباي أن يسجنه لفترة أطول لأنّه في حفظ الله ورعايته.

وبقطع النظر عن مدى موضوعية هذه النصوص والأخبار الروائية المتواترة فيها، فإنها تكشف عن تعبير العامّة في هذه المجتمعات عن علاقتها بالسلطة المركزية الحاكمة التي تتسم في مجملها بالصراع والمقاومة، وهي مقاومة تتم في الغالب بواسطة شيوخ الزوايا والطرق الصوفية حيث عرف هؤلاء بإصلاحاتهم الاجتماعية وإغاثة المساكين والفقراء وذوي الفقر والعوز في مجتمعات غابت عنها سلطة الدولة لفترات طويلة.

ولابد من أن نشير في معرض تحليلنا لهذا المأثور القولي الممتد في الذاكرة الشعبية لمجتمع الزاوية استمرارية هذه الروايات والوقائع الخارقة التي تغلّب المخيال على العقل وتنتشر لدى شرائح اجتماعية واسعة، حتى أن بعض الفئات التي ترقّت في السلّم الاجتماعي والثقافي تستمر في الخضوع لنفس القوى الانفعالية والتصورات الدينية ولنفس أنظمة العقائد الإيمانية والأعراف والقيم الاجتماعية والأخلاقية مثلهم في ذلك مثل معدمي الثقافة العلمية.46

- قصّة الفراشيش:

كتب أحد شيوخ قبائل الفراشيش المتاخمة لفراش بن راضية47 أين يوجد مقرّ الزاوية إلى الشيخ علي بن عون يحذره من تكرار رعي عجوله في مناطق رعي هذه القبائل مهددا بذبح ماشيته في صورة عدم الامتثال لهذا الطلب،ومضمون قولهم:

Ò يا عجل أفلى وقصّر وأخطى بلاد المهاري48Ó

Ò لظال مذبوح مسطر ومهدور دمّك جاريÓ

 

فلم يهتمّ الشيخ إلى تحذيرهم، فقاموا بذبح بعض هذه العجول وأكلها، عند ذلك كتب هذه الأبيات يعبّر فيها عن غضبه إزاء فعلهم هذا:

سيدي عبيد يا بو وزرة49

                        نـــاي فــلاّح وإنــت شديد

ذبحولي الثّور ولد البقرة

                        شوشان50 مـــا يــولّي سيد

يجعلهم ديما رشّي51

                        بيــن الخيـــام والتسقديد52

كان حرثوا ما تجيهم صابة

                       وكان لعبوا ما يجيبوا سيق53

يسلب عليهم الشابّة أم عصابة

                    ومنهي صغيرة تلبس الضبّاح54

يجعلهم طين جاء في ساحة

                      فيسان مضّي والرّجال صحاح

حافوا على الطين بالردّاحة55

                        أدّاتـــــوا الأريــــاح وراح

 

- أقوال متفرّقة:

وإلى جانب هذه الرّوايات والقصص الشعريّة المختلفة وجدنا لدى روّاتنا أشعارا أخرى ومواقف قوليّة متفرّقة تنسب كلّها إلى الشيخ علي بن عون جمعناها وحاولنا تصنيفها حسب غرض كتابتها وذلك وفق التقسيم التالي:

    

- أشعار في الموعظة والفخر:

جاء في ما ذكره الرّواة أبياتا تترجم تصور مقتطفات من سيرة الشيخ ومواقف عن اعتزازه بنفسه وبذرّيته:

على ولـد شهلـــول          

                                    حاز الصلاة والعبادة

الناس تربي الأشبال

                                    أنــا نولـدهـــا ولادة

 

ويفتخر الشيخ بنفسه فيقول:

الصيد جاء للثنية وحرّج

                        وعلــى السّاهلــة طلّق جراه

من نزرتو تغدي حوز

                        واد ملاق56 حامـل علـى ملاه

 

ويعدّد خصال أولاده فيقول:

بوجملين صور مجهد

                                    تتحط عندو الذخيرة

بلحسن مثل مبرد

                                    قطّع الحبال الكثيرة

وعون في الصوت مطلق

                                    في الأموال الغزيـرة

بن عون في الرب يعبد

                                    فاض البحر لا قميرة

 

ويقول كذلك:

انحط أولادي عند حدود القارة

                         وين يعشّش كاسح المنقار57

ونلبس مع المسلمين قدوارة58

                         ولا حــلل مذهّبــة مع غدّار

 

ويقول في موضع آخر:

يا الساهلة ايعظم أجرك

                                    في ولد عون القماري

لا عادت تجيك أمحال

                                    بطبولها والتــواري

ولا عادت تجيكم زيّّار

                               تمسّي و تصبّح سواري

واللّي خطاتو بداريه59

                               ما عادت تعمّرلو  ذراري

 

في أقواله عن النســاء :

لمّا علم الشيخ علي بن عون أنّ قاضي قفصة هام بإحدى المتقاضيات وحجزها في بيته تمهيدا لتطليقها من زوجها الفقير والاستئثار بها  لنفسه، أرسل له تحذيرا مع صاحب الشّكوى قائلا:

وكل قمرة تظلام وتولّي دمسة

              وكــل جــديد يقـدام ويولّي هـرسة

باهيات الأقدام خافيات اللّمسة

              وإنت غرّك الشّيطان يا قاضي قفصة

ويذكر الرّواة أن هذه الموعظة الموجهة إلى القاضي المذكور قد أدت إلى إطلاق سراح المرأة وإعادتها إلى زوجها.

كما جاء في وصف الشيخ لضعف النّساء و محدودية  قدرتهنّ على الصّبر والجلد الذي تتطلّبه العبادة والزهد باعتباره أحد رموز الطرق الصوفية في المنطقة.

توبتكم يا نساء بطّالة

                     لو كان تسعفني العازبة ترتاح

التوبة صعبت على الرّجالة

                     صعبت علــى علــي و ريــاح

 

ويروى عنه في هذا الباب:

ضرسك  إذا هواها السّوس

                                    نحّيها بكلاّب60 حديد

وبنتك قبل الصّوم أعطيها

                            يصبح بلاها كل يوم يزيد

 

في نظرته إلى الحياة و الدين :

للشيخ أقوال وأراء مختلفة عن الزهد في الدنيا، هذا الزهد الذي يقوم على العمل والمجاهدة اقتداء بالسلف الصالح الذي كان زهدهم وورعهم منهجا عمليا متكاملا يمثل الإسلام بكافة صوره ويشرع لعلاقة المخلوق بخالقه.

كسبنا فضّة وذهب

                                 بخلاف سعي المواشي

ولبسنا ظاهر ومدسوس

                                    وفزنا على من يعاشي

وكليناه مالح ومسّوس

                                    وبتنا ليالـي بلاشي

الدنيا كيما حالم النّوم

                                    حين لفطن ما لقاشي

 

ويصور الشيخ في الأبيات التالية حتمية فناء الدنيا و ضرورة عدم الاطمئنان إلى مغرياتها وابتلاءاتها الكثيرة.

الدنيا حلم مثل الرّيح

                              سيسان61 بالجير طاحو

كانت وزرة وسلاطين

                              ضحكــت عليهـم وراحو

 

كما يروى عنه كذلك:

نخدم حتى نعيا62

                                    وكيــف نعيا نرتاح

والكاتبة نوكلها

                                    لو كان طايرة بجناح

 

كما يدعو الشيخ  إلى التمسّك بالسّلوك القويم والتوكّل على الله في جميع الأمور:

نلبس برنوس من الثلج

                                    وانصفحــو للقوايل

ومادام الله منّي قريب

                                    مانيش على عبد سايل

وتؤكد مواطن شعرية أخرى على أهمية المحافظة على الصلوات والاستقامة في العبادات كلها، قال تعالىÇ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْÈ63، ذلك أنه من صفات الصالحين الاستقامة على الطريق الواضح والمنهج القويم، قال تعالى Ç إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ.È64 وفي هذا الإطار يروى عن الشيخ:

اللّي ما حرث ما عندو كيل

                                    ولا تتمـلالـو غـراره

يمرّ على عرمة65 الغير

                                    ما عندو فيها مهـارة

مانيش على عرمة الغير

                                    يا ناقصيـن الدّبـاره

راني على ركعة الليل

                                    أهلها يباتو ســهاره

يباتو مثل لمجاريح

                                    عطوا نومهم للفقـاره

ومن أقواله ما حدث بينه و بين ولي عهد الباي عند حلوله بفراش بالرّاضية لجمع الجباية، عندما قدّم له تمرا ولبنا مثلما تمليه عادة استقبال الضيف في هذه الربوع ولكنه رفض تناوله فقال الشيخ سيدي علي بن عون في ذلك:

لا نيّ ولا خاصّو ملح

                                    طرفات لأهل الشّهاوي

واللّي رفض عرضة الصبح

                                     ما تامنو مـن بلاوي

 

وتؤكّد الرواية أنّه بعد هذه الواقعة مباشرة وفي طريقه إلى مدينة قفصة بالتحديد في منطقة الفجّ66 تعرّض ولي عهد الباي إلى هجوم أولاد عبد الكريم67 الذين قطعوا عليه الطّريق وسلبوا ماله وقتلوا رجاله.

 

الـخاتمة :

إنّ البحث في سيرة الشيخ علي بن عون ومحاولة حصر مأثوراته القولية و تسليط الضوء على أهمّ مضامينها الروائية والقصصية لا يمكن أن يتمّ في إطار مدّة زمنية وجيزة باعتبار أنّ ملجأ الباحث وحقل تقصّيه لتفاصيل هذا المأثور لا ترتبط بمصادر ومراجع ثابتة يسهل النهل منها بقدر ارتباطها بذاكرة جماعية متحركة يتناثر فيها الرواة وتتواتر الأخبار بينهم وتتسابق مخيّلاتهم في رصد العجيب والطريف من الحكايات حول سيرة هذا الشيخ التي لا تخلو في الكثير من الأحيان من غريب المعنى ومبهم اللفظ خاصّة إذا تعلّق الأمر بالتركيبات الشعرية التي قيل جلّها إن لم نقل كلّها بلغة مشحونة بالانفعالات والمثالية الأخلاقية ولكنها تظلّ وثيقة الصلة بمحيطها الاجتماعي و الثقافي الذي نشأت فيه وإليه تعود.

وتجدر الإشارة أن ما سجّلناه خلال هذه الملامسة الميدانية المحدودة من مكوّنات ثقافية يمكن أن تحيلنا إلى مرحلة اجتماعية  عاشتها المنطقة، كما لا يمكن أن تكون شاملة ومتّصلة بجميع جوانب الموضوع وذلك لاعتبارات تتعلّق أساسا بمحدودية طرحنا للمسألة خاصّة من حيث مدّة البحث ومجموعة الرواة التي حدّدنا عددها وطرق التعاطي والتفاعل معها، فروت لنا وسجّلنا عنها ما سبق ذكره وما ذكر كان بالإمكان أن يذكر غيره كمّا وكيفا.

 

المراجع والهوامش

1 - المراجع:

- كمال عمران، الثقافة الإسلامية مظاهر من التجريب والتجريد، الدار التونسية للنشر، تونس، 1992.

- عمر رضا كحالة، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة،دار العرب للملايين، بيروت، 1968 .

- محمد الهادي الشريف، السلطة والمجتمع بتونس في عهد حسين بن علي من   1705 إلى 1740، منشورات الجامعة التونسية، تونس، 1984 .

- محمد بوذينة، مشاهير التونسيين، دار سيراس للنشر، الطبعة الثانية، تونس،1992 .

- محمد العبد الله، المزار ذلك الوسيط المسحور،النهار العربي والدولي، 1981 .

- محمد المرزوقي، مع البدو في حلّهم وترحالهم، الدار العربية للكتاب، تونس- ليبيا،1983.

- محمد أركون، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، دار السافي،ط 1،لندن،1990

- مصطفى التليلي، منطقة قفصة والهمامّة في عهد محمد الصادق باي 1859 Ð 1881 ،دراسة خاصة بقبيلة الهمامّة.

- سيرة مصطفى بن إسماعيل، تحقيق رشاد الإمام، تونس 1981

- ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار الفكر، بيروت.

- ياسين كرامتي، سيدي بوعلي سلطان الجريد، دراسة في الأنتروبولوجيا التاريخية حول انتقال الزعامة في الوسط الطرقي التونسي،مركز النشر الجامعي، تونس، 2005 .

 

2 - الهوامش:

1:  محمد الهادي الشريف، السلطة والمجتمع بتونس في عهد حسين بن علي من   1705 إلى 1740 ، منشورات الجامعة التونسية، تونس، 1984 .

2:  الزاوية: وجمعها زوايا،مقامات تأسست لأغراض الزهد والجهاد والرياضة على طلب الحلال ومثلت لتكاثرها في بلاد المغرب العربي عموما محطات لإيواء أبناء السبيل في رحلات الحجّ  والعلم نحو عواصم المشرق العربي سواء كانت على السواحل أو داخل البلاد، توفر المسكن والمأكل والملبس فكانت قبلة لإغاثة المحتاجين عند نفاذ الزاد أو سطوة النهابة، لذلك اعتبرها كمال عمرانÓ مناخا طبيعيا يجد فيه المسافر إطارا أخويا وروحيا لا يبعث على الضجر أو الكلل وكأن الزاوية حق مكتسب يجد فيه الزائر ضالته دونما شعور بالتكلف أو الحرج...Ó أنظر: كمال عمران، الثقافة الإسلامية مظاهر من التجريب والتجريد ، الدار التونسية للنشر، تونس، 1992 ،ص 98 Ð 99 .

3:  جبل الساهلة: الجبل الذي تقع في سفحه زاوية الشيخ سيدي علي بن عون والمدينة التي تحمل اسمه في الوقت الحاضر والتي تتبع إداريا محافظة سيدي بوزيد بالوسط التونسي.

4:  قفصة: هي كبرى مدن الجنوب الغربي التونسي .

5:  بعض العشائر التي تنتمي إلى قبائل الهمامّة التي استوطنت الوسط الغربي من البلاد التونسية.

6:  محمد بوذينة، مشاهير التونسيين، دار سيراس للنشر، الطبعة الثانية، تونس،1992 .

7:   توزر: أو توزروس (Tusurus  ) كما سماها الرومان مدينة الأحلام تقع في الجنوب الغربي للبلاد التونسية على الحدود الجزائرية، انظر ياقوت الحموي، معجم البلدان:133.

8:  نفطة: مدينة تابعة لمحافظة توزر تقع في أقصى الجنوب الغربي للجمهورية التونسية، معروفة منذ القديم بمشائخها الأجلاّء وعلمائها الأفاضل مثل الشيخ سيدي بوعلي السني والشيخ الخضر بن الحسين الذي تولى مشيخة الجامع الأزهر بالقاهرة. انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان:185 .

9:  ياسين كرامتي، سيدي بوعلي سلطان الجريد ، دراسة في الأنتروبولوجيا التاريخية حول انتقال الزعامة في الوسط الطرقي التونسي ،مركز النشر الجامعي، تونس، 2005 .

10:  سيدي عمر بن عبد الجواد العكرمي: من أبرز الزعامات الطرقية الصوفية في مدينة قفصة وأستاذ الشيخ سيدي علي بن عون .

11:  ماترشاش: عدم القابلية للكسر أو التحطيم.

12:  الزردة: هي جملة من الاحتفالات الطقوسية التي يحييها أحفاد الشيخ سيدي علي بن عون سنويا في الساحات المحيطة بمقام هذا الشيخ ، والطقس عموما هي كلمة لاتينيةÓRitus Ò نعني بها عادات وتقاليد واحتفالات جماعة بشرية معينة تتميز بالتكرار الدال على استدامة الحدث أو الظاهرة من خلال الميل إلى استحضار وتحيين ماضي الجماعة عبر ممارسة جملة من المعتقدات والتصورات والخيالات بأحاسيس مشتركة وحالة من السمو والرهبة لا تتكرر في الحياة اليومية للناس. انظر: محمد العبد الله، المزار ذلك الوسيط المسحور،النهار العربي والدولي، 1981 .

13:  العرش: هي لفظة مرادفة للعشيرة في العامية التونسية.

14:  الكرامات:جمع كرامة وهي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد بعض الصالحين من أتباع الرسل الملتزمين لأحكام الشريعة فضلا من الله وإكراما لهم من غير شذوذ ولا مخالفة.

15:  الوليّ: هو الرجل المؤمن التقيّ المواظب على الطاعات، المتقيد بأوامر الله ونواهيه. وفي هذا الإطار أصبح الاعتقاد في الأولياء في مجتمعاتنا العربية الإسلامية يعبر عن مستوى العلاقة بين الدين الشعبي والدين الرسمي، حيث يشير الكاتب التونسي محمد المرزوقي إلى سعة انتشار الاعتقاد بالأولياء في أوساط اجتماعية عديدة خصوصا بين قبائل الجنوب التونسي، Òحتى امتلأت هذه الأرض بقبابهم وأضرحتهم وزواياهم، إذ لكل قرية أو قبيلة جدّ صالح يزار ويمنح البركة للزوّار  وينتصب شيخ من أحفاد ذلك الوليّ يقبل النذور التي تهدى إلى ذلك الوليّ من كل مكان ...Ó للمزيد انظر: محمد المرزوقي، مع البدو في حلّهم وترحالهم، الدار العربية للكتاب، تونس- ليبيا،1983 .

16:  الهمامّة: من أكبر القبائل التونسية التي تنحدر من أصول عربية، قدمت إلى إفريقية ضمن الزحف الهلالي خلال القرن 11 ميلادي، والمتداول أن الهمامّة من القبائل السليميّة كما أشار إلى ذلك المرزوقي، ويرجح أن أفرادها ينحدرون من بني همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان الذين جاوروا بني هلال في الصعيد المصري ورافقوهم في زحفهم على إفريقية كما ذكر القلقشندي في كتابه Òنهاية الأرب في معرفة أنساب العربÓ، انظر: مصطفى التليلي، منطقة قفصة والهمامّة في عهد محمد الصادق باي 1859 Ð 1881 ،دراسة خاصة بقبيلة الهمامّة. وانظر كذلك، عمر رضا كحالة، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، دار العرب للملايين، بيروت، 1968 .

17:  أزيلو: اجتهد في إصلاح الفقير أو المريد الصوفي حدّ المضايقة حتّى يصبر على مجاهدة النفس في الطاعة والعبادة.

18:  غرارة: كيس من الصّوف والشّعر وفي ذلك إشارة إلى أنّ التوبة لا يمكن اختزالها في لبس الخشن من اللّباس.

19:  حرام: بكسر الحاء، لباس فاخر من الحرير يرتديه الرجال والنساء.

20:  تجرجير: معنى جرّ الثوب اختيالا وفخرا.

21:  عودة: تفيد الفرس العربية الأصيلة.

22:  عديلة: حمل البعير.

23:  القارة: مكان مرتفع من الأرض.

24:  أنظاو: جمع نظو: تطلق على الجمل عند سرعة السير.

25:  جولاح: سريع الخيل.

26:  جحاف: مفردها جحفة وهي الهودج أو ما يوضع فوق الجمل لحمل العروس.

27:  قنادير: جمع قندورة، الجبّة المطرّزة، مثال للباس الجنّة.

28:  الباي: لقب يعني ممثل الدولة العثمانية في تونس، مقره مدينة تونس ثم أصبح في عهد الحسينيين مستقلا بحكمه عن العثمانيين، وأولهم حسين بن علي باي مؤسس الدولة الحسينية سنة 1705 ميلادي.

29:  الحاضرة: هي مدينة تونس في عهد البايات الحسينيين.

30:  المحلّة: بفتح حرفي الميم والحاء وتشديد اللاّم، جمع محال ومحلاّت وأمحال، هي مؤسسة عسكرية مهمتها جمع الضرائب أو إخماد الانتفاضات الداخلية، وقد وجدت بكل من تونس والجزائر والمغرب واستمر وجودها حتى القرن التاسع عشر. انظر: سيرة مصطفى بن إسماعيل، تحقيق رشاد الإمام، تونس 1981،ص53.

31:  أولاد عزيز وأولاد مبارك بعض العشائر التي تنتمي إلى قبائل الهمامّة.

32:  الصوكاية: خوذة الرأس يضعها قادة الجيش.

33:  الدّقّاقة: يقصد بها جماعة من الأولياء الصالحين.

34:  الدّرقاية: من الأسلحة القديمة كالمنجنيق.

35:  جناوي: مفردها جنوي وهي سكين من أصل إيطالي ينسب إلى مدينة جنوة كما يدلّ على ذلك الإسم.

36:  المكاحل: أسلحة ناريّة قديمة من نوع البندقية.

37:  العود الماضي: يقصد به السّيف القاطع.

38:  أكباشي: تشبيه للأسرى لدى الباي بالأكباش أو الكباش.

39:  كحيلة: الإبل.

40:  لقعاد: الاستعدادات لدى الجيش تحسّبا لقدوم العدوّ.

41:  العرقاب: فاعل الشر أو قاطع الطريق.

42:  سجن الباي المقصود به السجن الملحق بقصر الباي الموجود بمنطقة باردو وهي ضاحية من ضواحي مدينة تونس.

43:  ثلب هدّار: الفحل من الجمل.

44:  لا بطالة: أي قدوم الزوّار والمريدين دون انقطاع.

45:  طلب إقامة الوليمة جاء امتحانا من الباي لكرامات هذا الشيخ.

46:  محمد أركون، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، دار الساقي،ط 1،لندن،1990،ص21 .

47:  فراش بالرّاضية: وهو السهل الممتد في سفح جبل الساهلة وفيه تقع اليوم مدينة بن عون من محافظة سيدي بوزيد.

48:  المهاري: مفردها مهري وهو ذكر الإبل.

49:  الوزرة:بتفخيم حرف الزاي معناها اللباس الصوفي الخشن.

50:  شوشان: يقصد بها العبد الأسود.

51:  رشّي: بكسر الراء تفيد الضعف والعجز.

52:  التّسقديد: التذلّل بهدف التسول.

53:  السّيق:هي لعبة شعبية منتشرة في هذه الوساط.

54:  الضبّاح: لباس فاخر من الحرير ونحوه، وكأن الشيخ هنا يدعو على هؤلاء القوم بأن لا تكون فيهم امرأة جميلة ترتدي مثل هذا اللباس.

55:  الردّاحة: عصا غليظة من الخشب تستخدم لتليين عجين الطين حتى يصبح قابلا لتشكيل الأواني الفخارية المختلفة.

56:  واد ملاّق: واد غير منتظم السيلان بمحافظ جندوبة بالشمال الغربي من البلاد التونسية.

57:  كاسح المنقار: يقصد به طائر النسر الذي يعشش على رؤوس الجبال العالية.

58:  قدوارة: لباس من الشعر أو الوبر.

59:  بداريه: مفردها بدري وهو الابن البكر.

60:  الكلاّب: نطقها الشعبي بضمّ الكاف وهي آلة قديمة لخلع الضرس.

61:  سيسان: جدران مفردها جدار.

62:  نعيا: يقصد بها الإعياء والتعب.

63:  سورة الشورى، الآية 15 .

64:  سورة فصلت، الآية 30 .

65:  العرمة بضمّ العين هي أكداس القمح أو الشعير على الأرض المكشوفة مباشرة بعد جني المحصول.

66:  الفجّ: منطقة بين جبلين في الطريق إلى مدينة قفصة.

67:  أولاد عبد الكريم: أحد بطون الهمامّة.

أعداد المجلة