فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

ندوة البحرين العالمية ومنجز الوطن في الانتصار

العدد 19 - المفتتح
ندوة البحرين العالمية ومنجز الوطن في الانتصار

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والندوات‭ ‬والملتقيات‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭, ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬باستمرار‭ ‬نحضرها‭ ‬ونشارك‭ ‬فيها‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭. ‬نقرأ‭ ‬و‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تطرح‭ ‬إشكاليات‭ ‬عدة‭ ‬وتحاول‭ ‬جاهدة‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬استفسارات‭ ‬الراهن‭ ‬سعيا‭ ‬إلى‭ ‬الإضافة‭ ‬وحرصا‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬من‭ ‬مستجدات‭ ‬علمية‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬نقائص‭ ‬شتى‭ ‬مهما‭ ‬حرص‭ ‬المنظمون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينحوا‭, ‬ما‭ ‬استطاعوا‭, ‬نحو‭ ‬الموضوعية‭ ‬والشفافية‭. ‬ولذلك‭ ‬تتبادر‭ ‬إلى‭ ‬أذهاننا‭ ‬اليوم‭ ‬ونحن‭ ‬نستعد‭ ‬لإقامة‭ ‬ندوتنا‭ ‬الدوليةاالثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتحديات‭ ‬العولمة ب‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬والاستفسارات‭ ‬والخواطر‭:‬

فهل‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬تنظيم‭ ‬ندوة‭ ‬أو‭ ‬مؤتمر‭ ‬تخصصي‭ ‬عالمي‭ ‬المستوى‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المجاملات‭ ‬الشخصية‭ ‬والاعتبارات‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهواء‭ ‬الذاتية‭ ‬لترضية‭ ‬فلان‭ ‬وإيثار‭ ‬علان‭ ‬وتقريب‭ ‬هذا‭ ‬وإبعاد‭ ‬ذاك،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الموضوعية‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجز‭ ‬من‭ ‬أهداف؟

هل‭ ‬يمكننا‭ ‬تجنب‭ ‬إغضاب‭ ‬الأحباب‭ ‬ولوم‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الخلص‭ ‬ممن‭ ‬ليست‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بمجال‭ ‬الاختصاص‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬بصدده‭ ‬وتحمل‭ ‬عتاب‭ ‬هذا‭ ‬وتقريع‭ ‬ذاك؟

هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتفهم‭ ‬ويقبل‭ ‬الجميع‭ ‬قرار‭ ‬هيئة‭ ‬علمية‭ ‬متخصصة‭ ‬دون‭ ‬غضب‭ ‬أو‭ ‬لوم‭  ‬أو‭ ‬عتاب؟

هي‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬ساورتنا‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬ونحن‭ ‬نفكر‭ ‬ونعد‭ ‬لندوة‭ ‬علمية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭  ‬الإسهام‭ ‬بنشاط‭  ‬تخصصي‭ ‬مميز‭  ‬يواكب‭  ‬ويتزامن‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاء‭  ‬بالمنامة‭ ‬عاصمة‭  ‬للثقافة‭  ‬العربية‭, ‬إسهاما‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬العظيم‭  ‬بتنظيم‭ ‬ندوة‭ ‬عالمية‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬تكون‭ ‬مادتها‭ ‬التخصصية‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭  ‬الفولكلورية‭ ‬الحديثة‭.‬

وكان‭ ‬الاتفاق‭ ‬الغالب‭ ‬هو‭ ‬إمكانية‭ ‬تنظيم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬بذات‭ ‬المعايير‭ ‬العلمية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الالتزام‭ ‬بشروط‭ ‬بحث‭ ‬ومواصفات‭ ‬خبرة‭ ‬باحثين‭ ‬بتحكيم‭ ‬وإشراف‭ ‬هيئة‭ ‬علمية‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬والخبرة،‭ ‬ودون‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬أحد‭ .. ‬أي‭ ‬كان‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬مغامرة‭ ‬مكلفة،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬خطوة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬قياسا‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬إيجابية‭ ‬تفوق‭ ‬أية‭ ‬حسابات‭ ‬أو‭ ‬احتمالات‭ ‬سلبية‭.‬

كان‭ ‬قلقنا‭ ‬الثاني‭ ‬ينصب‭ ‬حول‭ ‬توقيت‭ ‬تنظيم‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭ ‬يرزح‭ ‬تحت‭ ‬مشاكل‭ ‬عدة‭  ‬ويشهد‭ ‬بألم‭ ‬وحسرة‭ ‬اضطرابات‭ ‬تقسيمه‭ ‬ومؤامرات‭ ‬تفتيته‭ ‬وضرب‭ ‬مكتسبات‭ ‬تآلف‭ ‬مكوناته‭ ‬في‭ ‬الصميم‭. ‬

فحركة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والإبداع‭ ‬الفكري‭ ‬والفني‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬كاف‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ليكون‭ ‬للعقل‭ ‬فسحة‭ ‬التأمل‭ ‬وأدوات‭ ‬التحليل‭ ‬والاستنتاج،‭ ‬وللمخيلة‭ ‬أفقها‭ ‬الرحب‭ ‬للتحليق‭ ‬والابتكار‭ ‬والخلق‭. ‬وحسبنا‭ ‬بأن‭ ‬الاستجابة‭ ‬لدعوة‭ ‬المشاركة‭ ‬بأبحاث‭ ‬علمية‭ ‬معمقة‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬عالمية‭ ‬متخصصة‭ ‬ستكون‭ ‬شحيحة‭ ‬ولن‭ ‬تبلغ‭ ‬المستوى‭ ‬الرفيع‭ ‬الذي‭ ‬نخطط‭ ‬لبلوغه،‭ ‬وكنا‭ ‬كمن‭ ‬يقبل‭ ‬بتحد‭ ‬ويصمم‭ ‬عليه‭.‬

فوجئنا‭ ‬حقيقة‭ ‬بالاستجابة‭ ‬الواسعة‭ ‬والسريعة‭ ‬لدعوتنا‭ ‬ولاتساع‭ ‬الرقعة‭ ‬الجغرافية‭ ‬التي‭ ‬يغطيها‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المحاور‭. ‬فوجئنا‭ ‬بأسماء‭ ‬علماء‭ ‬ومفكرين‭ ‬أجلاء‭ ‬كنا‭ ‬نحلم‭ ‬بمشاركتهم‭ ‬وفوجئنا‭ ‬بأسماء‭ ‬باحثين‭ ‬جدد‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬لم‭ ‬نحسب‭ ‬أن‭ ‬أمثالهم‭ ‬موجودون‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬التفكير‭ ‬والالتزام‭ ‬بأصول‭ ‬البحث‭ ‬وابتكار‭ ‬طرائق‭ ‬الطرح‭ ‬وانتهاج‭ ‬أساليب‭ ‬التناول‭ ‬والتحليل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أخلاقيات‭ ‬التعامل‭. ‬فكانت‭ ‬أمامنا‭ ‬مشكلة‭.‬

وقفنا‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬سيل‭ ‬الاستجابات‭ ‬العديدة‭ ‬والمتنوعة‭ ‬للدعوة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توجيهها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الندوة،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬استيعاب‭ ‬كامل‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إلينا،‭ ‬فلا‭ ‬الوقت‭ ‬ولا‭ ‬المال‭ ‬بكاف‭ ‬لذلك‭ ‬الآن‭. ‬وكان‭ ‬لزاما‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ندقق‭ ‬وأن‭ ‬نفرز‭ ‬وأن‭ ‬نرفع‭ ‬سقف‭ ‬التقييم‭ ‬العلمي‭ ‬للمواد‭ ‬التي‭ ‬وصلتنا‭ ‬لنحتفي‭ ‬بالممتاز‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نخسر‭ ‬العالي‭ ‬منها‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭. ‬

وبكل‭ ‬اعتداد‭ ‬نحيي‭ ‬الهيئة‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬أمضت‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬استغرق‭ ‬طيلة‭ ‬أشهر‭ ‬الصيف‭ ‬لقراءة‭ ‬الأبحاث‭ ‬وسير‭ ‬كتابها‭ ‬ومنجزاتهم‭ ‬البحثية‭ ‬وإجراء‭ ‬التقييم‭ ‬الدقيق‭ ‬لما‭ ‬بين‭ ‬يديها‭ ‬والمفاضلة‭ ‬فيما‭ ‬بينه،‭ ‬وتحديد‭ ‬مستوياته‭ ‬المتباينة،‭ ‬وكيفية‭ ‬الانتفاع‭ ‬به‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بجهود‭ ‬كتابه‭.‬

إن‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إليها‭ ‬الهيئة‭ ‬العلمية‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬أبحاث‭ ‬الندوة‭ ‬أعطت‭ ‬مؤشرا‭ ‬رفيعا‭ ‬للمستوى‭ ‬العلمي،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬نجاح‭ ‬كبير‭ ‬إذا‭ ‬اقترن‭ ‬بإدارة‭ ‬احترافية‭ ‬موفقة‭ ‬وبتنظيم‭ ‬شامل‭ ‬متقن‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعول‭ ‬عليه‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتتمناه‭ ‬كسبا‭ ‬لميدان‭ ‬المعرفة،‭ ‬وإضافة‭ ‬لمنجز‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الانتصار‭. ‬والله‭ ‬الموفق‭.‬

 

أعداد المجلة