فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الأمثال الشعبية المرتبطة ببعض الحرف التقليدية

العدد 18 - أدب شعبي
الأمثال الشعبية المرتبطة ببعض الحرف التقليدية

الأمثال الشعبية من أبرز أنواع الأدب الشعبي التي تعبر عن طبائع الناس وعاداتهم ومعتقداتهم وذلك لتغلغلها في معظم جوانب حياتهم، كما تتجاوز ذلك أحيانًا لتقدم نموذجًا يقتدى به في مواقف الحياة العديدة، ومن ثم تسهم في تشكيل اتجاهات وقيم أعضاء المجتمع الشعبي. لما كانت الحرف التقليدية أحد جوانب الحياة المهمة، حيث يشكل الحرفيون من أصحاب المهن المختلفة قطاعًا من قطاعات الشعب، فقد اتخذت الأمثال الشعبية من هذه الفئات مجالاً لعدد غير قليل منها.

ويتمثل هدف هذه الورقة الموجزة في دراسة عدد من الأمثال الشعبية الخاصة ببعض الحرف والمهن التقليدية، التي اخترت منها ما يلي: الحلاق- الخباز- النجار- الطباخ- الخياط، وذلك لأنها أكثر الحرف والمهن التي ضربت حولها الأمثال، فالملاحظ بعد مراجعة معاجم الأمثال قديمها وحديثها أن الحرف التقليدية المعروفة لنا، كالطرق على النحاس أو الخيامية أو الصاغة... إلخ، والتي ارتبطت كمهن فنية بالمدن وبخاصة القاهرة.

هذه الحرف لم تحظ بحظ وافر من الأمثال في تلك المعاجم. وهي إن وجدت فإنها تكاد تمس سمة خاصة بالحرفة أو الحرفي مما دعاني إلى محاولة رصدها ميدانيًا وجمع عدد من الأمثال من منطقة الحسين في مدة وجيزة قبل كتابة هذه الورقة. ومع الأسف كان عدد هذه الأمثال قليلاً بشكل لافت، وربما يكون السبب الأساسي وراء ذلك هو أن ثقافة الشعب المصري ثقافة زراعية في المقام الأول، فهي ثقافة مجتمع مستقر منذ آلاف السنين على ضفاف نهر النيل ودلتاه، وربما لأنه وإن برع في الحرف الشعبية التقليدية فقد ظلت الجوانب القولية المرتبطة بها أقل حضورًا.

وقد ارتبطت بالأمثال عن بعض المهن أمثال أخرى تحث على إتقان العمل أو التبكير في أدائه أو المثابرة  فيه لكسب العيش، فآثرت ألا أورد جميع هذه الأمثال التي لا تقع تحت حصر لكثرتها واكتفيت بذكر القليل منها هنا.

 أولاً: في تعريف المثل:

يقول إبراهيم النظام في وصف المثل:

“يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام، إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكتابة وهو نهاية البلاغة”.

والمثل لغة: الشبه، والنظير1، والمثل هو: القول الذي لكثرة جريانه على ألسنة الناس اكتسب قيمة تعبيرية خاصة جعلتهم – عند تشابه الحال - لا يجدون أبلغ منه وأوجز لوصف ما بأنفسهم والتعبير عن مرادهم.

ويقول الفارابي: المثل هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فيما بينهم وقنعوا به، وهو أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص، والمثل فن قديم موغل في القدم، وقيل: كان نتيجة تجارب وخبرات عميقة لأجيال ماضية، فتناقلها الناس، فعملت على توحيد الوجدان والطباع والعادات والمثل العليا.

ويقول الدكتور إبراهيم شعلان عن نصوص الأمثال الشعبية في الجزء الرابع من موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة.

“وهي عبارة عن شواهد ثقافية على القيم السائدة كالعادات والتقاليد والأعراف وتقوم بدور الموجه العام للسلوك، وهي دستور للعلاقات بين الأنساق الثلاثة للمجتمع وهي الفرد والجماعات كوحدات والمجتمع ككل، وهذه النصوص تعبر عن نوعية الثقافة الشعبية المازجة بين كل الطوائف، وهي تعبر عن فلسفة المجتمع بشكل صريح وتلقائي وتحمل خبرات ثقافية اختزنها اللاشعور عن طريق المعاشرة والسمع وتطفو على السطح عند الحاجة، وباختصار هي المدخل الحقيقي لدراسة الشخصية المصرية2”.

لقد كثرت تعاريف المثل وتنوعت، لكنها جميعًا لا تخرج عن أنه “قول مأثور تظهر بلاغته في إيجاز لفظه وإصابة معناه، قيل في مناسبة معينة، وأخذ ليقال في مثل تلك المناسبة”، وهو جملة محكمة البناء بليغة العبارة، شائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات، وإذ يلخص المثل قصة عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامة، فصدقوه لأنه يهتدي في حل مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من مشكلة قديمة انتهت إلى عبر لا تنسى، فقد تغني عن رواية قصة ما جرى، فنسيت القصة وبقي المثل3.

 

ثانيًا- كيف يتكون المثل؟

ينبغي أن يوضع في الاعتبار أن المثل لا يستوي على حال إلا بعد أن مر بعدة مراحل استوى فيها الأسلوب المثلي والفكرة وأصبح صالحًا للانتشار بين الناس وهذه المراحل التي أجمع عليها الكثير من العلماء حيث أجمعوا على ضرورة وجودها والتي تنادي بأن المثل قد بدأ صياغة فردية ولابد أن كل مثل قد نطق به فرد في زمان معين ومكان معين. فإذا مس المثل حس المستمعين له فهو حينئذ بينهم وكأنه عبارة ذات أجنحة، وعندئذ يتعرض المثل للتحوير والتهذيب حتى يوضع في قالبه القانوني بوصفه مثلاً شعبيا، ولا يجب اعتباره إنتاجًا جماعيًا لقد صيغ كل مثل ذات مرة وفى مكان واحد وزمن محدد وصاغه عقل فرد مجهول ثم صادف رواجًا عند سائر الجماعة البشرية.

تأخذ الصياغة دورًا آخر حيث تخضع لتأثير الجماهير والعامة، فإذا كانت العقول الفرادى هي التي صاغت الأمثال، فإن جمهرة الشعب هم الذين أذاعوها وروجوها، ولهذا السبب ظهر التحوير والتصرف في أساليب الأمثال، في حين لم تكن هذه التحويرات متعمدة فيما يختص بالحكايات الشعبية، بل كان للنسيان أو قصور الذاكرة دوره، فإن الأمثال تعرضت للتحويرات المقصودة والتصرف المتعمد.

من ذلك نستطيع أن نصل إلى الحقائق التالية:

هناك تسليم بالجهد الفردي في عملية خلق المثل بصورة أو بأخرى مبدئيًا.

في المرحلة التالية تدخل الجماعة لتساهم في خلق المثل.

لا ينتشر المثل ويصبح تعبيرًا شعبيًا إلا بعد أن يتعرض لعدة تحويرات مقصودة تؤدي إلى اكتسابه موافقة شعبية4.

 

ثالثًا- مصادر الأمثال الشعبية المرتبطة بالمهن والحرف ووظيفتها:

من الأمثال الشعبية ما تفرزه حكاية أو نكتة شعبية، وقد يستعمل المثل بين الناس ولا يعرف قائله، ومنها ما اقتبس عن الفصحى بنصه أو شيء من التغيير الطفيف على لغتها واستمد من كتب التراث الأدبي، من الأغاني الشعبية، وكذلك منها ما هو عصارة تجارب ممارسات عديدة كانت تلجأ إليها بعض فئات الشعب، وهذا ما يدخل ضمن إطار ما يسمى بالطب الشعبي أو التقليدي، وهناك أمثلة تحمل بصمات معتقدات قديمة جدًا، مما يشير إلى قدم هذا التراث الذي وصلنا، وهناك أمثال تحمل ملاحظات دقيقة لأعماق النفس البشرية، أو التجربة الإنسانية العامة، ولاشك بأن هناك أمثالاً مستمدة من خلال التعامل مع شعوب وثقافات أخرى.

وهناك أجناس أدبية معينة في بعض الثقافات تعد مخزونًا ومصدرًا للأمثال مثل: قصص الحكم العربية القديمة، كما أن بعض الثقافات تمتلك أشباه أجناس لا تعد أمثالاً في حد ذاتها، لأنها لا تتكون من جملة كاملة أو تعبر عن فكرة كاملة5.

ومن الملاحظ أن كثيرًا من الأمثال التي ضربت بأسماء بعض الحرف قد اتخذت من أسلوب العمل الحرفي أو مراحل ذلك العمل مجالاً لها، أو أنها اتخذت من ملاحظات الناس حول سلوك صاحب تلك الحرفة وما شاع عنه مصدرًا للمثل، وفى حالة ثالثة تكون قيمة الحرفة في المجتمع ونظرة الناس إليها هي مصدر ضرب الأمثال.

إن الدور الذي يقوم به المثل أكبر من أن تحده شروح أو تفصيلات ذلك لأن وظيفة المثل تتعلق بالإنسان في أبسط حالاته وأعقدها، حيث يلتصق بحياة الناس وطرائق سلوكهم في محيط المجتمع يتحدث عن مشاكل وتناقضات الحياة التي تنعكس على أفعاله خيرها وشرها. ويقوم بعملية رصد وتسجيل ونقد وتعرية لمهام الإنسان اليومية.

إن أسلوب المثل وطريقته تلعب دورًا كبيرًا في رسم الدور الذي تتسم بخفة الروح ولطف الحس وتكاد تلعب الأمثال من هذا النوع دورًا اجتماعيًا حيث يكاد يكون من أبرز الأدوار التي يلعبها المثل في حياة الناس، لأنه يدخل الحياة اليومية للناس من أوسع أبوابها بل إنه يعيش مع الشخص مرات عديدة في يومه ويتسرب إلى حقائق حياتهم ويتخلل جزئياتها ويقوم المثل بوظيفة أدبية أو بلاغية تقصد إلى عرض صور فنية تتمتع بالحس وترضي النفس بما تشتمل عليه من تشبيه دقيق أو مفارقة مضحكة أو فهم من القول الطريف، ومن هنا تقوم هذه الأمثال بما تقوم به بعض الفنون من التقاط صور طريفة من الحياة لا هدف من ورائها غير الإمتاع الفني.

ومهما كثر من الحديث حول الوظائف الاجتماعية التي تؤديها الأمثال فإنه يكفي القول إنها تقوم بدور مصدر لتشريع العادات الشعبية وتشكيلها حسب الاحتياجات الأخلاقية والاجتماعية أي أنه يقوم بدور المشرع الاجتماعي، فهو ينظم العلاقة بين الناس بعضهم ببعض من ناحية وبين الناس وولي أمرهم من ناحية ثانية، وبين العبد والرب من ناحية أخرى.

وفي بعض الأحيان يحتوي المثل على جميع مبادىء الأخلاق كالعفة والفضيلة والصدق والكرم وحسن الجوار وغيرها، مما يمكن أن تحمل في طياتها مثلاً عليا سامية يسعى إليها الإنسان ويرى فيها عناصر تحقيق إنسانية في مواجهة الظروف.

 

رابعًا- مضامين الأمثال المرتبطة بالحرف والمهن:

نستطيع أن نحدد فيما يلي بعض ما تحويه الأمثال المرتبطة بالمهن والحرف التقليدية من مضامين أخلاقية واجتماعية.

 

أ- الحث على العمل وذم الكسل والبطالة:

يرتبط بالحرف والمهن قسم من الأمثال الشعبية، تلك التي تحث على العمل والجد والمثابرة فيه أو إتقان العمل، فهذا القسم يعد مادة عظيمة للأمثال حيث تشير إلى قيمة الإنسان بمقدار ما يقدمه لنفسه ولمجتمعه من أعمال، كما تشير إلى أن الوضع المادى والاجتماعي  في أي مجتمع يعتمد على ما يقوم به الشخص من أعمال ونشاطات.

والشعب المصري بفئاته الكادحة التي تمتهن مهنا شعبية أو حرفة متواضعة ظل مطحونًا طوال عصور التاريخ مشغولاً في الدرجة الأولى بمشكلات لقمة العيش، ومتحملاً في سبيلها أقصى أنواع العذاب والقسوة، والعمل ينظر إليه ليس على سبيل قضاء الوقت، بل على أنه المورد الأساسي للحياة والأمثال في هذا المضمار كثيرة ومنها:

“اشتغل الجمعه والعيد ولا تتحوجش لأخوك السعيد”

و“اعمل حركة من غير أصل ولا تنامش بعد العصر”.

كما أن هناك بعض الأمثال التي تعتمد على أسلوب تقديم النصيحة وقد تميل إلى التحذير وقد يضع الحقيقة المجردة أمام الناس:

“اشتغل بقلبك ولو كان سخرة”

وكذلك “العب بالمقصوصة لما يجى لك الديوانى”

و“اعمل بخمسة وحاسب البطال”.

والأموال التي تكتسب بالكاد والعرق، فإن الإنسان يكون عليها أكثر حرصًا.

و“المال اللي ما تتعب فيه اليد ما يحزنش عليه القلب”

فالعمل يحتاج إلى الجهد ويحتاج إلى تحمل المصاعب

“اللي ياكل حلوتها يتحمل مرتها”

والعمل وسيلة في المجتمع الشعبي للكرامة والإحساس بالذات.

و“اعمل حاجتي بإبيدى ولا أقول للكلب يا سيدي”.

وفضلاً عن القيمة الدنيوية للعمل فله قيمة أخروية

و“الإيد البطالة نجسة”

 و“العمل عبادة”.

ومن الأمثال الأخرى التي في هذا الباب:

“إن جار عليك الزمن جور على دراعك”

“إسعى يا عبد وأنا أسعى معك، وإن قعدت يا عبد ما حدش ينفعك”

“إسعى يا عبد وأنا أسعى معك، وإن نمت مين ينفعك”

“حجر داير ولا سبع نايم”

“طاحن دقيقه ولا حد يعيقه”

“إزرع كل يوم تاكل كل يوم”

“اضرب عصاتك واجري وراها”

“اعمل بخمسة وحاسب البطال”

“اللي ما يروح الكوم ويتعفر لما يروح الجرن يتحسر”

“اللي ياكل الفتة يطلع الصاري”

“صاحب صنعه أخْيَر من صاحب قلعه”

“اللي من إيده ربنا يزيده”

“أكل العيش يحب الخفيه”

“اللي يغزل كل يوم حبّه، يعمل في السنة زعبوط ودفيّه”

“اللي مالوش غرض يعْجن، يقعُد ست أيام ينخل”

 

ب- التلمذة المهنية:

رسم المثل طريقة التلمذة المهنية، فالمجتمع الشعبي يعرف أن:

“كل شئ في أوله صعب”

 “صنعه بلا أسنان يدركها الفساد”

 “شغل القرارى وياك ولو ياكل غداك”

“اللي له عين وراس يعمل زى ما يعمل الناس”

 “اللي ما يخدم في مصغره ما يشوف خير في مكبره” 6 .

وأشارت الأمثال إلى الوراثة المهنية وحثت عليها فيقول المثل:

“من يترك صنعة أبوه وجده يلقى وعده”.

 

جـ- إتقان العمل والدقة في التنفيذ:

أشارت بعض الأمثال إلى ضرورة إتقان العمل والإخلاص فيه:

“اتقي الله في صنعتك ولو كنت حرامي”.

ويرسم المثل الأسلوب الأخلاقي الأمثل في التنفيذ

و“ابطى في الوعد وأسرع في التتميم”

فلا تقطع وعدًا على نفسك إلا بعد تفكير،

“وطولة بال تهد جبال”

بما يعني بالصبر والتأني تستطيع إنجاز الأعمال الصعبة.

و“صاحب بالين كداب7

بألا يشتت الإنسان جهده في عملين في وقت واحد فلا يتقنهما.

كما يحث على تقسيم العمل على العمال إذا اجتمعوا في عمل واحد يقوم على العمل الجماعي أو يقوم على مراحل في تنفيذه كما في الورشة مثلاً.

“اقسم للأعرج يغلبك8 ”.

والمراد بالقسمة قسمة العمل بين العمال ليقوم كل واحد بإنهاء جزء مخصوص إذا أتمه انصرف وفى ذلك إنجاز للعمل، لأن عدم التقسيم كثيرًا ما يدفع للتواكل، والمثل يضر لبيان فائدة تقسيم العمل. والتقسيم يعني أيضًا توزيع العمل على الوقت بحيث لا يتكدس، فدوام العمل ولو كان تافهًا يجني الإنسان فيه الشيء الكثير9. وما لا ينجز في حينه لا ينجز أبدًا فإنجاز العمل في حينه وعدم التأجيل، أمر مستحب، وفى ذلك يقال إن من يصل إلى مكان متأخرًا يسكن سكنًا سيئًا.

ولا يجب على المهني أو العامل أن يبذل جهدًا وألا يعمل عملاً بلا جدوى، ويصور الذي يفعل ذلك أنه يضرب في حديد بارد، كما يجب عليه الانتباه والتركيز في عمله فإذا ما اجتهد في أمر استطاع إنجازه بسرعة

و“شغل ساعة ولا كل ساعة”10.

بل يجب المحافظة على الأدوات التي يستخدمها وينظمها في مكانها حتى يمكن له أن يجدها عندما يحتاج إليها.

“الصنايعي الفاشل يتخانق مع أدواته”

و“يوم السبت العظيم بيفرح الصنايعية ويزعل المعلمين”

و“قلعت سناني م النقش على الصواني”11.

وقد يشكو صاحب المهنة من موسميتها

و“عملوك مسحراتي قال فرغ رمضان”.

فالمسحراتي مهنة موسمية يحترفها بعض مقرئي القرآن أو المداحين، فإذا ما انتهى شهر رمضان عادوا لممارسة مهنتهم الأصلية، والمثل شكوى من تغير الحال بالنسبة للمسحراتي بعد انقضاء شهر رمضان الذي يقدم فيه الناس للمسحراتي أجرًا مجزيًا.

 

خامسا- تصنيف الأمثال حسب المهن:

وفيما يلي بعض الأمثال مصنفة حسب المهن:

- الخياط:

“الشاطره تغزل برجل حمار والخايبه تغلب النجار”

“أجرة الخياط تحت إيده”

“اللي ما يعرفش يقيس ما يعرفش يفصل”

“قالوا للدبه طرزى قالت خِفِّيِّة أيادى”

“اللي تعطيه الوش يطلب البطانة”

وأورد الأبشيهى هذا الشعر في خياط:

خياطنا الفاتن المفدى

                         بديع حسن فريد شكل
فصّل للجسم ثوب سقم

                           لما جفانى وكف وصلى

 

“وإذا اتبطر الخياط يشترى بدال العيش رمان»

فقد كانت الخياطة مهنة شائعة للرجال يخيطون أثواب النساء والرجال، ويبدو أنهم إلى عهد قريب كانوا يبالغون في أجورهم، وعلى هذا ضرب هذا المثل.

- الطبـــاخ:

“ما كل من نفخ طبخ ولا كل من طبخ نفخ”

“الطهاية تكفى الفرح بوزة”

“مش كل من نفخت طبخت”

“اللي تطبخه العمشه لجوزها يتعشى”

“اطبخي يا جارية كلف يا سيدي”

“ما فيش حلاوة من غير نار”

“علشان شوية ملح تفسد الطبخة”

“إذا كان رزقك ضيق حطه في ماعون واسع”

“طبق وجاريه على صحن بساريه”.

“طعامك ما جاني ودخانك عماني”

“جاريه وزبديه على بدنجانه مقليه”

“هانت الزلابيه حتى أكلها بنو وائل12

وهذا المثل الأخير يشير إلى أن المجتمع المصري في العصور الوسطى كان يحتفظ إلى حد ما بالقبلية، وخاصة هذه الطبقة من المجتمع الذي سماها المؤرخون طبقة الأعراب.

“خبزة بلا إدام ويعزم على الجيران”

“من عاشر الزبدانى فاحت عليه روايحه”

“بعد ما كان جوزها بقى طباخ في عرسها13

 

- الخبـــاز:

“إدى العيش لخبازينه ولو ياكلوا نصه”

“فاتت عجينها في الماجور وراحت تضرب في الطنبور”

“الخباز شريك المحتسب”

“خباز ومحتسب”

“العيش مخبوز والميه في الكوز”

إن خبازنا المليح المفدّى
                    في حشا الصب من جفاء كلوم
خلت دكانه البديع سماء
                   وهــو بــدر والخبز فيه نجوم

 

- الطحـــان:

“كأنه من طواحين الكشكار داير على رجل النار.

“كل دار ولها مدار وكل طاحونة ولها عيار”

“العلامة انكبت والنخالة فيت”

“الحب ملا حق القدوس”

“سبع مناخل والقش داخل”

“زى خيل الطاحون لا عافيه ولا نضره”

“زى الطواحين إن بطلت تلحسهم الكلاب”

 

- النجـــار:

“باب النجار مخلع”

“خرطه الخراط وادقلج مات”.

“لولا النقر والنشاره كانت النسوان اتعلمت النجاره”

ويمكن الرجوع إلى ملحق هذه الورقة للوقوف على عدد آخر من الأمثال حول المهن المختلفة.

 

سادسا- خصائص الأمثال:

يمكن تلخيص الأمثال ومن بينها الأمثال المرتبطة بالحرف والمهن الشعبية على النحو التالى:

واقعيتها: تمتاز الأمثال بالواقعية التي أفضتها الصيرورة فيما بين قائليها، ذلك لتميز الحياة المجتمعية عمومًا بالواقعية.

بلاغتها: تمتاز الأمثال بإيجاز اللفظ وتركيزه، وبإصابة المعنى ودقته وبعد المغزى.

موسيقاها: لا تخلو الأمثال من الرشاقة اللفظية، ففيها جرس موسيقي وتناغم بين ألفاظها وتناسق بين الجمل، وتجانس بين الأحرف، والجمل والتراكيب، وتأتي موسيقى الأمثال إما على السجع والفاصل، ومن اختيارها للأحرف المتجانسة ضمن الكلمات، والكلمات المتوافقة ضمن الجمل، كما تتميز بالتوازن فينقسم المثل إلى شطرين متوازنين مما يجعل للجمل إيقاعًا مناسبًا فيزيد من جمالية ذلك السجع14.

ومن ناحية البنية المثلية والخصائص اللغوية للمثل، فإنها تتلخص في:

- يحتوي المثل على جمل متعارضة تصور متناقضات الحياة.

- قد يتكون تكوينًا منطقيًا يربط النتيجة بالمقدمة.

- حركته الإيقاعية تنجم عن استخدام الوزن والإيقاع.

- يستعين بأسلوب التكرار.

- يحاول تجسيد الفكرة من خلال الصورة.

- لفتته تكون تلقائية وليست انتقائية.

- مرن حيث يمكن استبدال كلمات بكلمات أخرى طبقًا لاختلاف لهجات المجتمع أو الجماعات الشعبية.

- يختلف المثل من حيث التشبيه والصياغة والنطق بين مختلف البيئات.

- يمكن التعبير لأكثر من مثل التعبير معنى واحد أو مضمون بعينه.

- يصدر عفويا لا يأتي أو يقال دون ضرورة داعية لذلك.

- يأتي في نهاية الحوار ليؤكد هذا الحوار أو حل المشكلة إما بالسلب أو بالإيجاب.

- استخدامه للألفاظ استخدامًا خاصًا يبتعد عن كل تحديد لغوي.

- لا يعرف التركيب الموحد الذي يعرض الفكرة عرضًا مسلسلاً 15 .

 

خاتمـــة:

حاولنا في هذه الورقة الموجزة أن نقف على بعض الأمثال الشعبية المصرية المتعلقة بالحرف والمهن التقليدية، ومن خلال استعراض هذه الأمثال في معاجم الأمثال كمعجم تيمور ومحمد قنديل البقلي وموسوعة إبراهيم شعلان وتلك الأمثال المجموعة ميدانيًا، تستطيع القول بأن الأمثال انصبت على بعض المهن والحرف المرتبطة بالمجتمع الزراعي. وليس هذا بمستغرب، فثقافة الشعب المصري ثقافة زراعية في المقام الأول، ويكاد ينصب الكم الأكبر من الأمثال على الحث على إتقان العمل والمثابرة وذم البطالة.

ولكن الملاحظ أن هذه الأمثال لا تنضب في الاستخدام وفى أداء وظائفها مهما حدث من تغير في المجتمع بما يحتاج منا إلى دراستها في السياقات الجديدة، ففي الثقافات الحديثة تعيش الأمثال ويعاد تأليف أجيال منها بعدة طرق: على سبيل المثال في الوسائل التقليدية للاتصال في الحياة اليومية، وفي الخطب وبخاصة في المواضع الوصفية وفى مواقف التعلم، وفي المواقف الدينية والأيديولوجية وحتى في السياقات السياسية، وقد أثبت البحث على مستوى آخر أن السياسيين يستخدمون الأمثال في التعليق على الموضوعات التي يدور حولها جدل أو تكون مثار توتر.

 

 

ملحق الأمثال الشعبية

المرتبطة ببعض الحرف التقليدية

 

الإبرة اللي فيها خيطين ما تخيطش.

لأن الإبرة دقيقة لا تدخل في الثوب إلا خيطًا واحدًا. المراد: الأمر المعلق على اثنين لا يتم؛ لأنهما قد يختلفان. وقريب منه قولهم: “المركب اللي ليها ريسين تغرق”.

إبريق انكسر وأدى بزبوزه.

يضرب للأمر الواضح الذي لا يحتاج – في الكشف عنه – إلى عناية. يريدون: لمَ تسألون عمَّ كسر، وهذا صنبوره أو فمه الباقي دالٌ على أنه إبريق؟!

الإبريق المليان ما يلقلقش.

أي: الإبريق المملوء بالماء لا يلقلق. والمراد: لا يُسمع صوت الماء فيه، وإنما يسمع صوته إذا كان قليلاً يتحرك بتحرك الإبريق. أي: لا يجعجع بالدعوى إلا قليل البضاعة.

أبقى سقا وترش علىّ الميه!

أبقى بمعنى أكون. أي: كيف أكون سقاء معتادًا على الماء، ثم يفزعني رشك إياه عليَّ؟ والمراد: لم تفعل شيئًا فيما حاولت من الإضرار بي.

ابن الحرام يطلع يا قواس يا مكاس.

يطلع أي ينشأ ويكون. والقواس أصله امل القوس، ولكنهم أطلقوه على فئة يكون الواحد منها حارسًا وحاجبًا للحاكم. أي ابن الانية يصير إما قوَّاسًا أو مكَّاسا. و”يا” بمعنى إما عندهم. والمعنى: أن أصله الرديء وما كمن في نفسه من الشر يحملانه على أن يشتغل بذلك، وكلتا المهنتين رديئة لا يخلو صاحبها من ظلم الناس.

ابن الريس تقل على المركب وفنا على الخُبْزَه.

يريدون بالريس: ربان السفينة. أي أن ولده لا فائدة منه؛ لأنه مدلّ بمكانة أبيه، فلا يعين الملاحين بعمل، فهو زيادة على الأحمال وفناء للمؤونة لأنه يأكل منها.

ابن السايغ اشتهى على أبو خاتم.

السايغ: صانع الحلي. يضرب لمن يشتهي ما هو ميسر له.

ابن الوز عوام.

أي يكون كأبويه في السباحة.  يضرب لمن يبرع فيما برع فيه آباؤه.

اِتْعَلِّم الحجامة في روس اليتامى.

أي: تعلم هذه الصناعة في رؤوس الأيتام؛ لأنهم محتاجون لمن يحجمهم بلا أجر، فهو آمن فيهم ممن يعترضون عليه إذا أخطأ. يضرب لمن يجعل الضعيف وسيلة لنفعه ولو بالإضرار به.

أجرة الخياط تحت إيده.

أي: أجرة خياط الثياب في يده لا يخشى عليها لأن من أعطاه ثوبًا ليخيط له منه ملبوسًا كان كالمرهون عنده له ألا يسلمه إلا بعد نقد الأجرة.

احسب حساب المريسى وإن جاك طياب من الله.

المريسي: نسبة للمريس؛ بلدة في جنوب مصر، والعامة تريد به الريح الجنوبية لأنها تعطل سير السفن وهي مصعدة. والطياب عندهم بعكسه. والمعنى: كن حازمًا في تسيير أمورك واستعد للطوارىء، فإن يسر الله وسهل فلا يضرك تيقظك.

أخيط بِسِلاَّيَه ولا المعلمه تقول هاتى كراتى.

السلاية (بكسر الأول): الشوكة من النخل وغيره. والمعلمة (بكسر الاول): من تعلمت الخياطة والتطريز خاصة. أي خير لي أن أدبر أمري بيدي بقدر ما أستطيع من أن أنفق فيما لا داعي فيه للإنفاق.

اسأل مجرب ولا تسأل طبيب.

يراد به المبالغة في تفضيل المجرب على الطبيب.

اسمك إيه؟ قال اسمي عنبر، وصنعتك إيه؟ قال سَرَبَاتِي، قالوا خسَّرت الاسم بالصنعة.

السرباتي مقصور على السراباتي، نسبة للسرابات جمع سراب. وهو عندهم ما اجتمع من الأحشاش، يطلقون ذلك على الكنَّاف الذي ينقل ما في الكُنُف. أي: ليته يشتعل بذلك، وله هذا الاسم لأنه أتلفه بصنعته. يضرب لمن يجمع بين الحسن والقبيح في صفاته.

اطبخى يا جاريه كلِّف يا سيدي.

أي إن الخادمة لا تستطيع الطبخ إلا إذا أحضر لها السيد ما يتهيأ به الطعام. والمعنى: لا يكون شيء من لا شيء، أو بمقدار النفقة يكون الشيء.

اطعم الفم تستحي العين.

معناه أنك إذا حبوت إنسانًا حباء استحيا أن يعارضك فيما تريد، ونزل على حكمك، ولم يرفع نظره فيك لسابق فضلك عليه.

اطعم مطعوم ولا تطعم محروم.

المراد بالمطعوم من تعود رغد العيش ثم قعد به الزمان، والمحروم من تعوَّد الحرمان من يومه، أي أعن غنيًّا افتقر وعزيزًا ذل، خير من فقير نشأ على الفقر وتعوده.

اللي تِكْسَرْ بُه زَبَادِي هادى بُه الفَخَرَانِي.

الفخراني عندهم صانع أواني الفخار أو بائعها. المعنى: ما تنفقه ثمنًا لهذه الأواني التي اعتدت تكسيرها أهده إلى صانعها، لأن الفائدة عائدة إليه على الحالين. ولكنك في الثاني تريحه من كثرة العمل. وتريح نفسك من الاشتغال بالتكسير، وتربأ بها عن العبث.

اللي شايل قربة تنز عليه.

أي: من يحمل القربة فلا بد من أن يقطر ماؤها عليه.

اللي في الدست تطلعه المغرفه.

أي: الذي في القدر من الطبيخ تخرجه المغرفة ولا تخرج سواه. قريب من: “كل إناء ينضح ما فيه”

اللي ما لوش غرض يعجن يقعد ست أيام ينخل.

أي: من لم يكن قصده العمل، يتهاون ويتلكأ في أسبابه ومقدماته.

اللي ما يعرفش يقول عدس.

يضرب لمن يحكم  على الشيء وهو لا يعرف حقيقته، فيغتر بظواهره ويبني حكمه عليها.

اللي ياكل الرغيف ماهوش ضعيف.

يضرب فيمن يعتل بالمرض في العمل وهو صحيح يأكل ما يأكله الأصحاء.

اللي ياكل عيش الناس بارد يقمره لهم.

التقمير من التجمير.، أي: تسخين الخبز على الجمر. المعنى: من ناله من الناس شيء دون تعب منهم، يرده لهم بتعب ومشقة.

اللي يخرز يخرز على وركه.

أي: من أراد الخرز، فليكن على وركه (أي فخذه) لا على أوراك الناس. فهو أولى بتحمل غرز الإبر.

اللي يعمل إيده مغرفة يصبر على ضرب الحلل.

يعمل إيده، أي: يجعل يده. والحِلَل: جمع حَلَّة، وهي القدر من النحاس وغيره، أي من يتعرض لأمر فليصبر على ما يصيبه منه.

اللي يغزل كل يوم مية يعمل في السنة زعبوط ودفيه.

أي: من يغزل كل يوم مائة خيط يصنع منها في السنة هذين الثوبين. والمراد من داوم على العمل ولو كان تافهًا جنى منه مع الزمن الشيء الكثير.

إن شفت المِزَيِّن بيحلق لحيه جارك، صبِّن لحيتك.

شفت: رأيت. المزين: الحلاق. المعنى: إن رأيت الحلاق يحلق لحية جارك، تهيأ أنت لحلق لحيتك واغمرها بالصابون.

إن كان طباخك جعيص لا تئمن من القرف.

الجعيص: العظيم. والقرف: التقز. أي: مهما يكن طباخك عظيمًا كبير العناية بنظافة المأكول، فإنك لا تأمن من أن تجد في طعامك ما تقزز منه نفسك. يضرب في أن الخطأ أو السهو ليس ببعيدين عن أحد، وان اشتهر بإتقان عمله.

انخلي يا أم عامر.

إيش يعمل الترقيع في التوب الدايب.

أي: ماذا يفيد الترقيع في الثوب البالي. يضرب في محاولة إصلاح أمر قد فسد جملة.

بدال ما تعمل توب بقرحه هات توب وطرحه.

التوب: الثوب. الطرحة: الخمار. المعنى: بدل إسرافك في شراء ثوب ثمين يسرك، اجعل ثمنه في ثوب وخمار. المراد: ما يستر جسمك ورأسك. يضرب في الحث على حسن التدبير.

الخباز شريك المحتسب.

لأنهم يرشونه فيتغافل عنهم.

خباز ومحتسب.

يضرب للبائع الغاش الذي يقدر الوزن والثمن بالتحكم ولا يجد من يردعه.

الدست قال للمغرفة يا سودة يا معجرفة قالت كلنا أولاد مطبخ.

الدست: المرجل. أي قال المرجل للمغرفة أنت سوداء ومعجرفة، أي غليظة جافية يعيبها بذلك ويفخر عليها. فقالت له: كلانا كما تقول، وحسبنا في التساوي النسبة إلى المطبخ، فعلام تعيب وتفخر؟! يضرب للوضيعين المتماثلين في العيوب، يعيب أحدهما الآخر بما يشتركان فيه.

دقه ع السندال ودقه على الوتد.

السندال: السندان. أي قاعدة الحداد الحديد التي يدق عليها. يضرب لمن يعالج الأمور بالحكمة.

دقة المعلم بألف ولو تروح بلاش.

أي: ولو تذهب سدى. لأن دقة الصانع الماهر متقنة. فهي تعادل ألف دقة من سواه، ولو أخطأ القصد

دقوا في أهوانهم وسمعوا جيرانهم.

الأهوان: جمع هون؛ أي الهاون وهو ما يدق فيه. والمراد عرفوا جيرانهم أنهم يهيئون طعامهم إظهارًا لحسن الحال، وهم على عكس ذلك.

الديل والقبة نص الحسبة.

الديل (بال إمالة): الذيل. والمراد به حاشية الثوب. القبة: ما يلي الصدر منه ويحيط بالعنق. النص: النصف أو المنتصف. المعنى: الحاشية والثبة في ثياب النساء يذهب فيها نصف ما ينفق على خياطتها، لأنهما موضع التطريز. يضرب في الجزء الذي يتطلب أكثر النفقة من كل شيء.

رجع الغزل صوف.

أي: انتكث الغزل فعاد صوفًا كما كان. يضرب للعهد ينتقض بعد إبرامه. وقد يراد به الشخص يعود إلى سابق ما كان عليه.

الرحى ما تدور إلا على قلب حديد.

أي: لا بد لدوران الرحى من محور صلب. يضرب في أن الأمور تحتاج في تدبيرها وإمضائها إلى القوي ذي الكفاءة.

الرغيف اللامع للصاحب النافع.

أي: أولى الناس بالانتفاع منك الذي ينفعك.

الرغيف المقمر للصاحب اللي يدور.

المقمر: المستوي على الجمر. يدور: يبحث ويفتش. المراد: يتفقد أصحابه. أي: مثل هذا الصاحب هو الذي يحابى ويخدم ويخص بالطيبات.

رغيف من تِفَالى يعدل حالى.

التفال: الثفال؛ وهو ما يجعل تحت الرحى لوقاية ما ينزل منها. والمراد: رغيف أجمع دقيقه من ثفالي بكدي وتعبي يكفيني ويستقيم به حالي ويغنيني عن السؤال. يضرب للشيء القليل يحصله الشخص بكده فيغنيه عما عند الناس.

الرقاص يشخشخ والحجر واقف.

الرقاص: خشبة في الطواحين تقعقع. الشخشخة: القعقعة. أي: نسمع قعقعة الرقاص ونرى حجر الطاحون لا يدور. يضرب للجعجعة بلا عمل.

زحمة العيد يا منخل.

لأنهم في العيد يصنعون الكعك والفطير والخبز المسمى بالشريك، فتشتد حاجتهم إلى المناخل. يضرب في اشتداد الحاجة إلى الشيء إذا لم الأمر.

زي الإبرة تكسى الناس وهي عريانة.

يضرب لمن يعمل لنفع غيره بلا فائدة تعود عليه.

زي أبريق الحِمَلِى دايمًا يرشح.

يرشح: ينز. الحِمَلِى: بائع الماء في الأسواق، وكون إبريقه لا ينفك ينضح؛ لأنه لا يخلو من الماء. يضرب للثرثار.

زي البصل محشور في كل طعام.

يضرب للمتطفل كثير الغشيان للمجالس والالتصاق بالناس.

زي حداد الكفار حياته وموته في النار.

لأن الحداد في الدنيا مجاور للنار، وإذا كان كافرًا بالله سيصلاها في الآخرة. يضرب لسيء الحال في الكونين.

زي خيل الطاحون لا عافيه ولا نضر.

النضر: النظر. يضرب لمن عجز عن العمل وضعف نظره وذهب الانتفاع به. فهو كخيل الطاحون لأنهم يستخدمون بها الضعاف من الدواب لرخص ثمنها حتى التي عميت، فإنها تصلح لإدارتها.

زى السباغ تَنَاه على ضهر إيده.

السباغ: يريدون به الصَبَّاغ. والتنا: الأصل أو العرض. والمراد هنا علامة المهنة التي تدل على الشخص، فالصباغ تظهر مهنته على ظهر يده لأنها تكون ملوثة بالأصباغ فيعرف بها. ويضرب لمن فيه ما يدل على أصله أو مهنته.

زي سلام المواردي على الفسخاني.

المواردي: بائع العطر نسبة إلى ماء الورد. الفسخاني: بائع الفسيخ، وهو السمك المملح ذو الرائحة الكريهة المعروف في مصر. يضرب لوصف سلام المعرض المقتصر على الضروري من الألفاظ.

زي الشيال لا يذكر الله إلا تحت الحمل.

الشيال: الحمال. المراد: الخلق من طغيانهم لا يذكرون الله إلا وقت الشدائد.

زي ضَرَّابين الطوب يعد بالألفات وينام على الأبراش.

الطوب: اللبن. ضرابه: صانعه. الأبراش جمع برش ويريدون به سفيفة تنسج من الخوص كالجوالق ثم تستعمل للجلوس عليها. أي يعدون الألوف من الطوب الذي تبنى به الدور ثم ينامون على الحصر.

زي الطواحين إن بطلت تلحسهم الكلاب.

لأن الطواحين إذا أبطلت تجتمع الكلاب على لحسها لما علق عليها من الدقيق. يضرب لمن يستهان به إذا عزل أو ترك العمل.

زي المحتسب الغشيم ناقص إرمي زايد إرمي.

الغشيم: الجاهل بعمله. يضرب للغشوم يولى أمرًا فيعم ظلمه المذنب والبريء.

زي المراكبية ما يفتكروش ربنا إلا وقت الغرق.

المراكبية: الملاحون. أي إنهم لا يذكرون الله إلا وقت الإشراف على الغرق.

زي المزين يضحك على الأقرع بطقطقة المقص.

المين: الحلاق. يضحك عليه: يكذب عليه. يضرب لمن يوهم الحمقى التصديق بما يسرهم كذبًا.

زي النوتي الغشيم تقله ع الخشب.

الغشيم: العامل الجديد الجاهل بعمله. يضرب فيمن لا يقتصر وجوده على عدم النفع بل يتجاوزه إلى الضرر.

الشاطره تغزل برجل حمار والنتنه تغلب النجار.

الشاطرة: الحاذقة. النتنه. الخرقاء. الحاذقة تستطيع الغزل ولو كان مغزلها ساق حمار. يضرب للماهر في عمله لا يحتاج في إتقانه إلى دقة الآلات

شَغِّل القِرَارِي وياك ولو ياكل غداك.

القراري:البناء الماهر المدرب. وياك: معك. يضرب في الحث على وكل الأمور لأربابها.

شغل المعلم لابنه.

المعلم: الأستاذ في الصنعة. يضرب للعمل المتقن كأنه من عمل أستاذ لولده.

صباح الفوال ولا صباح العطار.

الفوال: بائع الفول (الباقلاء). العطار: بائع الأعشاب والعقاقير الطبيعية والمراد هنا بائع العطر. يضرب في تفضيل شيء على شيء بحسب الحاجة إليه، فإن حاجة الناس في الصباح إلى الطعام أشد من حاجتهم إلى التعطر والتين.

الطاحونة الخربانة ولا الرحاية العمرانه.

الخربانة: يريدون بها المعطلة لفساد طرأ عليها. يضرب لبيان تطلع بعض النفوس إلى ما فيه العظمة وإن كانت كاذبة.

طباخ السم لا بد يدوقه.

طابخ السم لا بد له من أن يذوق منه لشهوة أو غيرها. يضرب لمن طالت أيديهم ما تولوا عمله. ولمن يسعى في الإضرار بالناس فلا بد أن يصيبه رشاش من عمله كطابخ يسهو ويذوق السم الذي يصنعه لغيره.

طحان ما يغبر على كلاس.

الكلاس: الجيَّار أو الجبَّاس. المعنى: أن غبار الدقيق لا يؤثر في الكلاس شيئًا لأن عليه من غبار الكلس ما هو أعظم.

طلع من معصره وقع في طاحونة.

طلع: خرج وفارق. يضرب فيمن يخلص من شقاء فيقع في آخر.

العطار الفت يضيع المستكه ويستحرص على الورق.

الفت: القار. العطار: الصيدلي. المستكة: العلك الرومي. يضرب لمن يفرط في الجوهر ويحافظ على العَرَض.

العقدة تغلب النجار.

أي: إذا صادف النجار عقدة الخشب غلبته وأوقفت عمله. يضرب فيمن تصادفه مشكلة يعجز عن حلها.

عملوك مسحر؟ قال: فرغ رمضان.

المسحر: الذي يطوف على الدور في رمضان ليوقظ الناس للسحور. يضرب لمن يشتغل بأمر فينتهي المقصود منه حين اشتغاله به، وهم يقصدون بذلك سيء الحظ وغيره.

الغزالة تغزل برجل حمار.

مثل الشاطرة تغزل برجل حمار.

قالوا للدبة طرزي. قالت: دي خفية أيادي.

أي: قالت ذلك تهكمًا لأن يديها غليظتان. يضرب لتكليف شخص بأمر لا يحسن عمله ولا يليق به.

القباني بآخره.

يضرب في الشيء يرجع في آخر أمره كالقباني لا يعرف أقل ما يزنه إلا بعد تحرير آخر الميزان. وذلك في الميزان ذي الكفة الواحدة؛ أي العبرة بخواتيم الأمور لا بمقدماتها.

القبانى شريك المحتسب.

لأنه يغضي عنه مقابل إشراكه في ربحه. يضرب في الرقيب يشارك من يراقبه في الاختلاس.

القمح يدور ويجي الطاحون.

أي: مصير كل شيء لما جعل له، فإن القمح إنما وجد ليطحن ويعجن فمهما يدر، أي يذهب إلى هنا  أو هناك، فمصيره إلى الطاحون. وقد يقصدون التهديد. أي: أنت متباعد الآن عني ولا تصل يدي إليك، ولكن مرجعك إليَّ آخر الأمر.

كُشْكَارٍ دايم ولا علامه مقطوعة.

الكشكار: الخشكار، وهو الدقيق الخشن. والعلامة الدقيق النقي. والمقصود الخب المتخذ منهما. يضرب في تفضيل الرديء الدائم على الجيد الذي لا يدوم.

كل دقن ولها مشط.

الدقن: اللحية. أي: لكل شيء ما يناسبه.

كل شارب له مقص.

كالمثل السابق.

كل شيء يبان على حرف اللقان.

اللقان: وعاء للعجن، أي العجين يظهر اختماره على طرف هذا الوعاء لأنه يعلو حتى يبلغه. يضرب في أن كل الأمور لا بد من ظهورها إذا حان حينها.

لا له في الطور ولا في الطحين.

أي: هو الجاهل بهذا الأمر، فلا تسألوه عنه، أو لا يعنيه الأمر فلا يتداخل فيه.

لسان زي مقص الإسكافي ما يفتح إلا على نجاسه.

يضرب للوقح السبَّاب.

لولا علبة مكي كان حالنا يبكي.

مكي: من أعلام العطارين. العلبة: الحقة. أي لولا حقة مكي العطار وما فيها من الدهان والمعطر لظهرت حقيقة وجوهنا وحالتها المبكية. يضرب لمن يخفي قبحه بالتجمييل والتزيين.

لولا الكاسوره ما كانت الفاخورة.

أي: لولا ما يكسر من الأواني ما وجد معمل الفخار لاكتفاء الناس بما عندهم.

ما بعد حرق الزرع جيرة.

أي: لا جوار بيننا بعد ذلك ولا سبيل إلى الصفاء بعد إحراقكم أقواتنا. يضرب للأمر يبلغ في الشدة مبلغًا لا سبيل معه إلى إعادة الصفاء.

ما تعيطوش على فخاركم دا له زي أعماركم.

أي: لا تبكوا على فخاركم الذي كسر؛ لأنه مثلكم في الفناء لا بد له من يوم يكسر فيه، كما لا بد لكم من يوم تموتون فيه.

ما كل من صف الأواني قال أنا حلواني.

الحلواني: بائع الحلوى. أي ليس كل من تشبه بغيره في أمر يكون أهلاً له.

ما كل من لف العامة يزينها.

كالسابق.

ما كل من نفخ طبخ ولا كل من طبخ نفخ.

يضرب في أن الغايات حظوظ قد تدرك بلا مشقة، وقد يحرم منها من جهد في وسائلها. ويكتفي بعضهم صدر المثل للدلالة على أنه ليس كل من حاول أمرًا يحسنه.

من جاور الحداد يتحرق بناره.

من اقترب من أمر ما لا يأمن أن يصيبه شيء منه

من عاشر الزبداني فاحت عليه روايحه.

مثل شامي الأصل. والزبداني جهة الشام يجلب منها التفاح الجيد طيب الرائحة، فالذي يعاشر بائعه يغنم طيب رائحته.

النخاله قامت والعلامة نامت.

النخالة: ما يطرح من القشور بعد نخل الدقيق. العلامة: الدقيق المنقى من النخالة. يضرب في ارتفاع السافل وانحطاط العالي.

نص المونة ع الطابونة.

النص: النصف. المونة: المؤونة. الطابونة المكان المحتوي على أفران للخبز. يضرب في أن إتقان العمل له دخل كبير في جودة الشيء.

هو كل من نفخ طبخ.

ليس كل من حاول أمرًا يعد من العارفين به.

يا عم يا مزين شعر راسى اسود ولا أبيض؟ قال: دي الوقت ينزل عليك وتشوفه.

ما تعجلك في سؤال الحلاق عن لون شعرك، بينما سيقع عليك بعد قصه لتراه؟

ياما أرخصك يا كور عند اللي اشتراك.

يضرب فيمن يملك شيئًا لا يعرف قيمته لجهله به.

يا ما في الجراب يا حاوي.

ما أكثر ما في جرابك أيها الحواء وإن كان خافيًا عنا. يضرب لمن يحوز الكثير ويخفيه فلا يظهر منه إلا ما يريده في وقته.

يا واخد مغزل جارك راح تغزل به فين؟

أي: أيها السارق مغزل جارك، أين تريد أن تغزل به وهو يراك لقربه منك؟

يبيع الميه في حار السقايين.

الميه: الماء. الحارة: الطريق. والمراد بها المحلة. يضرب في وضع الشيء في غير موضعه.

يموت الزمّار وصُباعه يلعب.

الصباع: الإصبع. المعنى: من شب على شيء شاب عليه.

يموت المعلم ولا يتعلم.

المعلم يريدون به الأستاذ في الصنعة. والمراد: مهما بلغ الأستاذ في صناعته، أو العالم في علمه، فإنه لا يزال محتاجًا لما يتعلمه.

صنعة بلا أستاذ يدركها الفساد.

 

 

الهوامش والمراجع

1: ابن منظور لسان العرب مادة «م ث ل».

2: إبراهيم أحمد شعلان، موسوعة الأمثال الشعبية المصرية، دار الآفاق العربية، ط1، الجزء الرابع، 1999.

3: انظر مجموعة من تعريفات المثل لدى القدماء والمحدثين والباحثين الأجانب عند كل من: نبيلة إبراهيم في كتابها «أشكال التعبير في الأدب الشعبي»، ورشدي صالح في كتابه «فنون الأدب الشعبي – الجزء الثاني»، وإبراهيم شعلان في «موسوعة الأمثال الشعبية المصرية».

4: راجع: نبيلة إبراهيم، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار غريب لطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط 3، 1981، ص177.

5: Galit Hasan Roken, Proverb (in) Bauman Riclard, Folklore, Cultural Performances, and Popular Entertainment. Oxford University Press., 1992. p. 130-131.

6: إبراهيم شعلان، الشعب المصري من أمثاله العامية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1972، ص 230.

7: جمعت هذه الأمثال ميدانيًا من سميرة يوسف محمد – السن 40 سنة- ربة منزل متزوجة تقيم بمنطقة الدراسة بالقاهرة.

8: نفسه.

9: أحمد تيمور باشا، الأمثال العامية، مركز الأهرام للترجمة والنشر، الطبعة الرابعة، 1986.

10: جمعت هذه الأمثال السابقة من رزق ترياق محمود، حرفى من منطقة الدراسة بالقاهرة- السن 42.

11: نفسه.

12: المرجع السابق، ص ص 41-44.

13: نفسه.

14: جمانة طه، موسوعة الأمثال الشعبية العربية، الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع، الخبر، السعودية، الطبعة الأولى، 1999.

15: انظر بالتفصيل: نبيلة إبراهيم، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، مرجع سابق، ص ص 182-189.

 

المراجع

1: إبراهيم شعلان “الشعب المصري في أمثال العامية”، دار المعارف، الطبعة الأولى، 1972.

2: إبراهيم شعلان “موسوعة الأمثال المصرية”، دار الآفاق العربية، الطبعة الأولى، 1999.

3: ابن منظور: لسان العرب، مادة “مثل”.

4: أو هلال العسكري: جمهرة الأمثال، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، وعبد المجيد قطامش، الجزء الأول والثاني، الطبعة الثانية، دار الجيل، بيروت، لبنان، “د.ت”.

5: الجوهري: الصحاح، مادة “مثل”.

6: أحمد أمين، قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، الطبعة الأولى، 1953.

7: أحمد تيمور باشا، الأمثال العامية، مركز الأهرام للترجمة والنشر، الطبعة الرابعة، 1986.

8: أحمد رشدي صالح، فنون الأدب الشعبي، دار الفكر، أبريل 1956.

9: الكسندر هجرتى كراب، علم الفولكلور، ترجمة رشدي صالح، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967.

10: تيسير الكيلانى، نعيم عاشور، معجم الأمثال المقارنة، مكتبة لبنان، 2005.

11: جمانه طه، موسوعة، الأمثال الشعبية العربية، الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع، الخبر، السعودية، الطبعة الأولى، 1999.

12: حلمي بدير، أثر الأدب الشعبي في الأدب الحديث، دار المعارف، الطبعة الأولى، 1986.

13: حنا الفاخوري، الحكم والأمثال فنون الأدب الشعبي، الفن التعليمي، دار المعارف، الطبعة الثانية، 1969.

14: سميرة سيفاني، قاموس الحكم والأمثال والأقوال المأثورة، مؤسسة عز الدين للطباعة (د. ت) تراث، دولة الإمارات، شبكة الإنترنت.

15: شهاب الدين الإبشيهي، المستطرف في كل فن مستظرف، دار المنار، 2004.

16: محمد رجب السامرائى: التراث الشعبي في أدب التوحيد الامتاع والمؤانسة أنموذجا”، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب، جامعة اليرموك، إربد، الأردن، 1997-1998م.

17: محمد سعيد زيدان، القيم الفلسفية في الأمثال الشعبية، جامعة الإسكندرية، كلية التربية، الطبعة الأولى، 2006.

18: محمد قنديل البقلى، الأمثال الشعبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية، 1978.

19: نبيلة إبراهيم، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1981.

20: Galit Hasan Roken, Proverb (in) Bauman Riclard, Folklore, Cultural Performances, and Popular Entertainment. Oxford University Press., 1992. p. 130-131.

21: Tan Harold Brunvand, Proverbs and Proverbial Phrases (in) the Study of American Folklore, University Of Utah, New York, 1968.

 

(Footnotes)

1: شهاب الدين الإبشيهى، المستطرف في كل فن مستظرف، دار المنار، 2004.

 

أعداد المجلة