فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

البرقع التقليدي لدى المرأة في الخليج العربي

العدد 16 - لوحة الغلاف
البرقع التقليدي لدى المرأة في الخليج العربي

تقع منطقة الخليج العربي على نقطة متوسطة بين الشرق والغرب كمعبر بحري وجوي لوصل العديد من دول العالم. وتجاور أطراف هذه المنطقة الهند وأفريقيا وفارس، مما وثق عبر التاريخ العديد من الصلات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين حضارات هذه الشعوب وفتح الباب واسعا للتفاعل في العادات والتقاليد والفنون والصناعات وكافة المناشط الإنسانية الأخرى.

هذا التفاعل الإنساني خضع لخيارات العادات والتقاليد وتعاليم الدين الإسلامي وأعراف المجتمعات المحافظة. فكان في الأساس يُبعد كل ما يفد إليه ويتعارض وعقيدته الدينية أو يتناقض مع عاداته وتقاليده.

ولا توجد في هذه المنطقة ثقافة الأقنعة (Mask Culture) بالمعنى الفني أو السحري المتعارف عليه في الهند أو في دول شرق آسيا وأفريقيا على سبيل المثال، لكن توجد في هذه المنطقة قطعة ملابس نسائية وحيدة تستخدم كقناع على وجه المرأة، هي البرقع.

وحسب تقاليد المجتمع الخليجي النابعة من تعاليم الدين الإسلامي فإنه لا يجوز للمرأة أن تظهر وجهها للأغراب، ولضرورات تحرك المرأة في المجتمع والتقائها بالرجال وتعاملها معهم، وبالذات المرأة العاملة أو ربة البيت التي تضطر للذهاب إلى الأسواق والاختلاط بالرجال، فقد كان لا بد من إيجاد وسيلة سهلة وعملية لإخفاء الوجه وفي الوقت ذاته يمكن من خلال هذه الوسيلة أن ترى العينان ما حولها دون عائق.      

وقد استوحي البرقع بشكله الذي انتشر وما تزال تلبسه المرأة في بعض الأوساط الخليجية، من الأصل البدوي الذي انتشر في الجزيرة العربية مع موجة التشدد الديني قديما، حيث كانت المرأة البدوية تستخدم جزءا من خمارها أو قطعة من قماش خشن غامق اللون لإخفاء معالم وجهها عن الرجال من غير أهلها المقربين، إلا أن طريقة أخرى ربما ابتدعت محليا أو وردت من أفريقيا أو من فارس، ولا توجد أية مصادر تتناول أصل هذا النوع من أقنعة النساء.

البرقع حجاب أو قناع تلبسه المرأة في المجتمعات الخليجية المفتوحة لإخفاء الوجه للاحتشام ولأسباب دينية في الأساس.، وهو عبارة عن قطعة من قماش قطني مصبوغ بمادة معدنية نيلية خاصة، بعضه يميل إلى اللون الذهبي والآخر إلى الأحمر ومنه ما يميل إلى اللون البني، يستورد من فارس وأجود أنواعه من الهند غالبا، ويفـصّـل على مقاس الوجه بحيث يخفي الجبين والخدين والفم وكامل الوجه وبحيث تبدو من خلاله العينان من فتحتين على الجانبين، وتستخدم قطعة رقيقة من جريد النخل المجفف او من خشب البوص بعرض اثنين وبطول ثمانية سنتميترات تغطى بذات القماش لتقسم البرقع نصفين ويأتي مكانها على الأنف وتسمى (السيف) ويثبت البرقع بخيطين يسميان (الشبوج) من الجانبين يُـشدان حول استدارة الرأس من أعلى ويربطان عند مؤخرة الرأس. ويسمى هذا البرقع في البحرين (بـَـطـُّـوله) ولا يوجد تحت اليد أي مصدر كتابي دقيق يرجع هذه التسمية إلى أصلها. وكاجتهاد، ففي اللغة ضمن معاني بـَ ط لَ: سقط حكمه، فلربما يكون المعنى البعيد هو أنه بلبس هذا البرقع يكون قد تم سقوط حكم الشرع في ظهور ما يجب أن تستره المرأة عن الغريب. وتفيد الراوية نعيمة بنت يوسف الصايغ بشأن تسمية البرقع في البحرين (بطوله) : "يرجع إلى شكل البرقع إذ كانت النساء في القديم يستخدمن البوشية (الغشوة) وهي غطاء من قماش رقيق لستر الوجه وكون (البطولة) بها فتحتان كبيرتان لذلك سميت (بطولة) نسبة للشئ المفتوح، فأهل البحرين يطلقون على الشئ المفتوح (مبطـّـل)". 

تلبس الإناث البرقع من بعد البلوغ ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، تلبسه المرأة الفقيرة برقعا من أقمشة البراقع رخيصة الثمن وهو النوع الشائع والمنتشر بين أغلب النساء، أما نساء الطبقة الغنية فقد تفنن في لبس البرقع وتمت تحليتة بقطع من الذهب الخالص أو الفضة على هيئة نجوم في صف أو صفين أو حتى ثلاثة صفوف من الوحدات الزخرفية التي تصاغ على هيئة نجوم وتثبت بالخيط على الطرف العلوي من البرقع الذي يوضع على الجبهة، وتمادت بعض النساء باستخدام اللؤلؤ الطبيعي والكرستال وبعض الأحجار الكريمة بدلا من الذهب والفضة لتزيين البرقع واستخدام خيوط الحرير أو سلاسل الذهب أو الفضة لتثبيته بدلا من الخيط العادي. فأصبح البرقع للحشمة وللدلالة على الوضع الاجتماعي وأداة لزينة المرأة وفتنتها وتباهيها.

أعداد المجلة