فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

النقوش الصخرية في جنوب سورية

العدد 15 - ثقافة مادية
النقوش الصخرية في جنوب سورية
كاتب من سوريا

لم تحظ فترة عصور ما قبل التاريخ في جنوب سورية بدراسةٍ وافية، تكشف عن أسرارها ولا نعرف المرد في ذلك، لكنه بالطبع قدرها. فبقيت الأدوات الصوانية والكهوف والمغارات مجهولةً غير مفهومة على الرغم من تواجدها بكثرة وبشكلٍ يثير التساؤل بمرجعية تلك الحضارات وتفاصيل خصوصياتها وأصولها. والأمر ينطبق بالطبع على باقي تفاصيل تلك الحياة الغابرة، من معتقدات وفنون وأماكن سكن وتقنيات تصنيع وغيرها. ما شرع الباب على مصراعيه لنهتم ونقوم بمحاولات متواضعة فطرية، لم يكن هدفنا منها سوى تسليط الضوء وفتح طريق صغير أمام الباحثين والعلماء ليقوموا بدراساتهم ويسخروا خبراتهم للكشف عن عوالم هذه الحضارة الهامة. 

فكانت تلك المحاولات التي رافقنا بها بعض المهتمين والأصدقاء ممن لا نعرف سبيلاً لشكرهم لما قدموه من إخلاص وتفان وإرشاد لمواقع تلك الدلائل القديمة، في سبيل توثيقها والإشارة لها للمرة الأولى. وإن كانت بعض الأدوات الصوانية وأماكن السكن الأولى قد أشير لها بشكلٍ عام، فإن النقوش والفنون المبكرة لحضارات ما قبل التاريخ في سورية عامةً وحوران خاصةً لا تزال بكراً، فيها الكثير من الغموض والأسرار التي ستعطي الكثير الكثير من المعارف والدلائل على قدم السكن البشري على هذه الأرض وقيمها التاريخية والإنسانية.

فخلال دراستنا للآثار في جامعة دمشق وخلال الفترة الممتدة بيم 1994-1998، قمنا بالكثير من الجولات التي كان قصدنا منها التعرف على حضارة بلدنا، وكانت وقتها تواجهنا بعض النقوش والإشارات القديمة، التي عاملناها كقديمة، دون أن يكون لنا أي معرفة بمرجعيتها لتلك الفترات الحجرية. لكن ومع تنامي اهتمامنا بتفاصيل تلك النقوش فقد بدأنا والحمد لله وبفضل استشارة بعض المختصين والباحثين في هذا المجال، بتنا نميز النقش الحجري من غيره من نقوش الفترات اللاحقة، وكانت هذه نقلة نوعية في خبرتنا والحمد لله. فرحنا نكثف جولاتنا في مختلف المناطق والتي أعطتنا بعض النتائج الأولية من أبرزها:

1 - أن أغلب تلك النقوش كانت في سفوح الأودية، وهي قريبة من المصادر المائية الدائمة.

2 - نفذت النقوش على صخور ثابتة لتبرز حالات وهواجس ذلك الإنسان المبدع.

3 - تواجد المغارات بجانب أو مقابل النقوش.

4 - غلبت مواضيع الطبيعة بتفاصيلها ومحتوياتها على تعابير ذلك الإنسان، فكان يصور ما يراه.

5 - من خلال التقنيات المستخدمة: (الدق- التفريغ الكامل- العودية أو الأحادية- الخطوط الخارجية- الصباغ الأحمر)، يفهم أن ذلك الإنسان كان متطوراً ماهراً يعرف ماذا يريد وكيف يصور محيطه وحالاته، بعكس ما يشاع عنه ببدائيته وقلة اطلاعه.

6 - ثمة فترة طويلة قوامها آلاف السنين امتدت بين بداية ظهور تلك الرسوم، وحتى الكتابات الأبجدية والنقوش الفنية والدلالية، ما يعطي أهميةً كبيرة لمسيرة إنسان عاش في هذه الأرض منذ بدايات الخلق.

إن من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تلك النقوش وجدت في رقعةٍ واسعةٍ تشمل أغلب أجزاء حوران، ما يدل أن فناً راقياً وثقافة مهيبةً تنعمت بها المنطقة من غربها لشرقها، ومن شمالها لجنوبها. ربما استفادت من حضارات أخرى، بحكم التنقل والترحال، وربما كانت محليةً خالصة، لا نعرف تماماً هذه التفاصيل إنما ستكشف عنها قادمات الأيام.

 

قصة الاكتشاف وبدايات البحث

أثناء دراستنا للآثار بجامعة دمشق بين 1994-1998 كنا نقوم بجولات مكثفة للعديد من المواقع هدفها التعرف على حضارة بلدنا، وكشف الأسرار علنا نقدم شيئاً جديداً غير المعروف سابقاً. وكنا نلاحظ وعلى ضحالة معلوماتنا بعض الظواهر التي توقعنا بأن تكون قديمة للغاية لكننا لم نجزم لقلة خبرتنا وانعدام المراجع من حولنا، وبقي البحث عن النقوش وفترة ما قبل التاريخ هاجساً يثير اهتمامنا باستمرار كون هذه الفترة موغلة في القدم، غير واردة بتاريخ حوران.

فلاحظنا بعض النقوش على بعض صخور الزيدي خاصةً عامي 1997-1998، وكانت إمكانياتنا متواضعةً للغاية، إذ لا نملك سوى كاميرا فوتوغرافية بسيطة، ونقوم بالمسوحات سيراً على الأقدام لمسافات كانت تصل حتى عشرة كيلومترات. وعلى الرغم من مرور سنوات علينا قضينا بعضها في أعمال متنوعة خشية الجلوس في البيت، وأخرى في خدمة العلم. سرعان ما عاودنا العمل نهايات 2001، ومع مطلع 2003 وهي سنة بداية العمل الوظيفي، زارنا في مبنى محافظة درعا (المجمع الحكومي) حيث دائرتنا المتواضعة السيد سعيد العاقل أبازيد، صديق رئيس الدائرة آنذاك المهندس محمد الرفاعي، الذي طلب مني مرافقة الأبازيد الذي يعمل نحالاً بجولة علمية نحو وادي الزيدي لتتبع قناة فرعون. وفعلاً ذهبنا للموقع ومشينا مسافات كبيرة لاحظنا وقتها الكثير من العلامات الحضارية التي لم تذكرها الكتب والمراجع. وأثناء مسيرنا طرح السيد سعيد أن ثمة نقوشات بسيطة توجد بالقرب من نفق قناة فرعون، فطلبت منه التوجه فوراً للمكان للتأكد من هذه المعطيات، وعند مثولنا لموقع الميسري أسرنا جمال تلك النقوش الصخرية، التي حركت مخيلتنا بتاريخٍ قديمٍ للغاية. فقمنا بتصوير كامل النقوش على حسابنا الشخصي بكاميرا روسية الصنع من نوع زينيت. وطلبنا من الزميل العزيز فايز عياش رسم بعض نماذجها. فقدمنا مذكرة للسيد رئيس الدائرة بأهمية الرسوم والصور الصخرية وضرورة العمل على توثيقها وحتى التنقيب بها. وكعلامة احترام تسجل للمهندس محمد الرفاعي الذي بث في نفوسنا الأمل والتفاؤل بفعل ذلك من خلال إدراج الموقع في خطة العام التالي والموافقة على التنقيب لموسم 2004م.  وقمنا سنتها بنشر جزء من تلك الدراسة في جريدة الثورة الرسمية إيذاناً باكتشاف موقع هام من العصر الحجري الحديث.

وتم إجراء موسم أولي أعطى نتائج جيدة، أوجزت بتقرير علمي رفع نهاية العام 2004 للمديرية العامة للآثار والمتاحف. لكن بعض الظروف التي حدثت خلال السنوات الماضية، وكثرة الاكتشافات الطارئة التي حصلت لاحقاً، والمشاركة في افتتاح متحف درعا، كل ذلك منعنا من معاودة العمل به. لكن بعد ذلك حصلت زيارات لبعض المختصين والباحثين للموقع بشكل تلقائي وسري دون علمنا، ما جعل البعض يدعي بفضل له على الموقع وإظهاره للعلن على الرغم  مما قمنا به قبل ذلك بسنوات. وقد شهد الموقع خلال السنتين الماضيتين تزاحماً وادعاءات من قبل البعض بأحقيتهم للعمل به، ومحاولتهم إنكار جهودنا المبذولة لأجل إكمال التنقيب به وتوثيق محتوياته. وقد غاب عن أذهانهم أننا وبحمد الله قمنا بمسوحات واسعة للمناطق الغربية من درعا، ولكامل فروع وادي اليرموك واكتشفنا عشرات الرسوم والنقوش، التي آثرنا عدم نشرها أو الإعلان عنها خشية تسربها لأشخاص لا يقدرون جهود غيرهم. وفي هذا الإيراد المتواضع لحضارة ما قبل التاريخ بدرعا، ما هي إلا لفتة سريعة لبعض المكتشفات التي أكرمنا الله بها، وقد حاولنا الإلمام بكل ما هو موجود بدرعا من معالم الحضارة الحجرية، وقد كنا ننوي التريث بطباعة العمل ليكون شاملاً متكاملاً، لكن ردة فعل البعض الغير جيدة تجاه هذا البحث جعلنا نسرع الخطى تجاه إظهاره بشكل كتاب لنضمن ولو مؤقتاً حقاً كاد البعض يأكله. وهناك وعداً لجميع الباحثين وطلاب العلم، أن نكمل المشروع خلال السنوات القادمة عندما تتكامل جولاتنا وتتلاقى معطياتنا الموثقة لننجز شيئاً مفيداً وخاصاً لبلدنا الحبيب. 

 

الميسري مدرسة الفن

 وسط وادي الزيدي العميق الرافد الأساسي لوادي اليرموك, جنوب شرق مدينة درعا بحوالي 4كم. أهدت الطبيعة المكان نبعاً مائياً رقراقاً اسمه الميسري,كان وحتى فترة قصيرة يروي عشرات القرى والتجمعات عبر مراحل التاريخ كافة. كذلك مئات القطعان الماشية من أبعد المناطق1.

فكان الميسري مركزاً لاستقطاب السكن البشري منذ فجر الحياة. ونلاحظ دلائله ماثلة حتى الساعة في الكهوف والمغارات المنتشرة في محيط المنطقة العائدة للعصر الحجري القديم (الباليوليت) وأخرى من فترات البرونز وثالثة من الفترة البيزنطية المبكرة حيث أعشاش الدفن2.

إضافة للنماذج الصوانية العديدة المصنعة بتقنيات متنوعة. ولا بدّ من ذكر الخربة الأثرية القائمة قبل انحناء الوادي للشرق، على كتف سد درعا الشرقي والتي يظهر أنها من فترة البرونز الألف الثالث قبل الميلاد. من الأساسات المعمارية الضخمة والنماذج الفخارية الخاصة بها.

وبعد جرف صخري عند انحناء جسم الوادي من الشمال للجنوب، وباتجاه الغرب يقوم الجرف الأكثر أهمية. المشرف على الشرق بكتل صخرية من البازلت الأسود كبيرة الحجم. وهي قليلة باتجاه الشرق تزداد رويداً رويداً باتجاه الغرب والشمال الغربي، وقد وصلتها المقذوفات البركانية بشكل أكبر من هذه المنطقة التي انتهى عندها القذف البركاني فبقيت تربتها صفراء وحجارتها كلسية بيضاء.

يقوم على هذا الجرف الذي يقارب طوله 500م جهة شمال جنوب، بعض الصخور التي تعرضت لعمليات نحت وصقل. وحجارة شذّبت زواياها وأجران دائرية محفورة، كذلك العديد من القطع الصوانية المصنعة حيث النصال والفؤوس ورؤوس النبال والمقاشط والنواة الأم3. التي أخذت كل القطع من صلبها. وحوالي سبع عشرة جاروشة بحالة جيدة، واثنتان مكسرتان ومدقات ومقابض اسطوانية من حجر البازلت4. مع عدم ملاحظة أي تواجد للنماذج الفخارية من أي من العصور.

في السفح السفلي القائم في أقصى الشرق، يوجد التشكيل الذي يهمنا أكثر وهو الرسومات الجدارية المنفذة بأسلوب فني مبسط. يعتمد على تحوير الشكل بخطوط خارجية غائرة بلطف، مع وجود نماذج قليلة تعتمد على تقنية التفريغ الكامل للشكل المراد تجسيده.

وهناك يمكن أن نتحدث عن أكثر من فترة زمنية شهدتها المنطقة في عصور ما قبل التاريخ، وأن فنانين على درجة كبيرة من المهارة قد نفذوا هذه الأشكال، سيما وأنها متقنة للغاية وتدل على المستوى الرفيع لغنى هذه المنطقة. وهنا يمكن لنا أن نتساءل ما هي الظروف و الأسباب التي دفعت الناس هنا إلى تمثيل هذه الرسومات؟ هل هي الأسباب الدينية أم فنية أم نفسية5؟!.

لا يمكن صراحة الجزم بأي منها، قد يكون من باب الاحتمال والتوقع أن الحيوانات المرسومة على الصخر كانت موجودة في الطبيعة بالفعل وما حصل ما هو إلا محاولة للاستئناس بها بشكل دائم في أماكن الجلوس والاستقرار، إذا علمنا أن الرسوم موجودة في تشكيلات أقرب ما تكون وحسب الروايات الشعبية من بعض المهتمين إلى مغارات مسقوفة لها ثلاث أجنحة وسقف6. وقد تكون هي (الدولمن) مدافن الألف الثامن إلى الخامس قبل الميلاد. التي لها شواهد في العديد من دول أوروبة، واكتشفت نماذج منها في المنطقة الغربية من درعا باتجاه الجولان عند عين ذكر وتسيل7.

وتروي بعض الآراء أن الإنسان في تلك الأزمنة كان يقضي أوقاتا طويلة تقدر بالأشهر في تلك المغارات. وأراد نتيجة لذلك أن يشغل وقته في فعل نشاطات مفيدة. فأخذ ربما قطعا صوانية أو بازلتية أو من مواد غير محددة وأخذ ينفذ تلك الأشكال.

للشرق من هذه الخربة الهامة ينحني الوادي باتجاه الشرق ثم الشمال ثم الشرق ثم الجنوب، فالشرق وصولاً حتى خربة غرز و السجن الكبير ومحطة الغاز التي تقوم جميعها على أطرافه الجنوبية، وتنتشر عدة خرب أثرية صغيرة قوامها صخور منحوتة وحجارة مصفوفة إلى جانب بعضها البعض8.

ومن أبرز ما يمكن الحديث عنه مغارتان تقوم إحداها إلى غرب سجن غرز مباشرةً وهي الأولى، في الشمال تبعد حوالي 3كم من منطقة الرسومات. مدخلها من الشرق طولها 12م. غرب شرق بعرض 3م شمال جنوب. مستطيلة الشكل,جدرانها مستوية. وإلى الجنوب منها بحوالي 200م تقوم مغارة كبيرة شكلها شبه مستطيل تتألف من جناحين الأول طوله 20×9م غرب شرق. أما الجناح الآخر (الشمالي) فأقصر قليلاً حوالي 15م×2.5م. ضيق في الشرق يتسع في الغرب جدرانها منحوتة بعناية سقفها صواني وجدرانها كلسية بيضاء، أرضيتها مليئة بالردميات التي جلبتها مياه الزيدي ولم يعد يظهر منها سوى ارتفاع 1م. أما الرسومات المكتشفة حتى الآن فهي في عمليتي المسح والتنقيب اعتباراً من الجنوب إلى الشمال كما يلي: صخرة كبيرة وجهها الرئيسي باتجاه الشرق والجنوب الشرقي، يوجد عند زاويتها من الخارج صورة صغيرة لحيوان غير واضح، لكن قد يكون فيلا صغيرا خلا من التفاصيل والدقة الكافية لتجسيده. جسمه بيضوي من كافة الجهات باستثناء الجانب الأمامي فهو على شكل مستقيم فوق تحت. ربما لتركيز التفاصيل على الرأس الذي هو أشبه ما يكون بورقة توت. ومقدمتها مثلثية باتجاه الأعلى وهي الخرطوم. و نقطة صغيرة للعين. أبعاده من مقدمة الخرطوم حتى نهاية الظهر 22سم. ارتفاعه من المقدمة حتى أعلى نقطة منه 19سم. ارتفاع كل إجر 8سم. طول الرأس لوحده 11سم. يتجه جنوب شرق شمال غرب باتجاه تجويف داخلي لكتلة الصخر يعتقد بأنها مغارة9.

بعد ذلك نجد تقاطع لصخرتين منفصلتين يلتقيان من الأعلى يبتعدان قرابة 80سم من الأسفل. على شكل رقم 8 بالعربي. لم يكن يظهر منها إلا بعض الخطوط من القسم العلوي. لكن وبعد التعمق بالحفر لمستوى وصل حتى 2.5م. وتنظيف القسم العلوي جيداً  كانت الرسومات كما يلي:

القسم الجنوبي الغربي منها يحمل ما يلي:  تشكيل بديع لغزلان سبعة. من اليمين حتى اليسار يظهر اثنان منها بشكل متقن بطريقة التفريغ الكامل مع وجود خطوط خارجية. لكنها تعرضت لتخريب عنيف وكسر منها هذا الجزء ووجدناه يبعد عن كتلته الأم مسافة 6م. وقد تشوهت معالمه. فحملناه ووضعناه أمام الصخرة، لكي يتم ترميمه في المستقبل وإعادته إلى مكانه الأصلي. أبعاد الجزء المكسور هذا 150×33سم بعمق 36سم. يظهر فيه جزء علوي من غزالة (رأس مع ظهر) عرض الظهر حتى الرقبة 29سم. ارتفاعه حتى القرون 17سم. له قرون تتجه للأعلى ثم تنحني نحو الخلف. يسبق هذا الغزال واحد آخر يظهر منه الظهر و المؤخرة طوله 32سم. له ذيل على شكل خطين متوازيين.

يوجد تحت القسم المفترض أن يتضمن ذلك الجزء المكسور الذي تكلمنا عنه تشكيل لقطيع من خراف نفذت بأسلوب مبسط قوامه خطوط خارجية. ومنها خروف يتجه نحو الشرق جزؤه الخلفي مكسور بعضه تعرض للتشويه والبعض الآخر غير مكتمل وكأن سبباً ما منع الفنان من إكماله حتى النهاية. طول الخروف الأول 17سم. وارتفاعه من الرأس حتى القدم 14سم.

أظهرت التنقيبات الأثرية حيوانا كبيرا يظهر أنه خيل أبعاده 55سم من المقدمة حتى نهاية الذيل. بعد القدمين عن بعضهما 31.5سم. ارتفاعه من أعلى نقطة حتى أخفض نقطة 35سم رأسه مثلثي. جسمه متطاول له قدمان صغيرتان أبعاده 47سم من المقدمة وحتى النهاية.

أجريت في هذا المقطع تنقيبات أبعادها 250سم غرب شرق و 160سم شمال جنوب بارتفاع مقداره 185سم. مع تنفيذ مقطع صغير في القسم العلوي. في الجانب الشمالي لهذا التشكيل وفي القسم العلوي يوجد حيوان طوله 55سم. رأسه متجه للأسفل له ثلاث قرون وعين وقدمان كبيرتان الأمامية أكبر من الخلفية. وكأنه أريد له أن يكون متأهباً للانقضاض. وليس بحالة المشي أي أن نصفه الخلفي بحالة (جلوس).

وبالاتجاه شمالاً وعلى مسافة سبعة أمتار من الصخرة الأولى تقوم الصخرة الثانية التي تشابهها لحد ما وفيها عدة رسومات أغلبها متداخل:

خيل رشيق يتجه جنوب غرب أبعاده 67سم. من مقدمة الرأس وحتى نهاية الذيل. ارتفاعه من الرأس وحتى أسفل الأقدام الأمامية 40 سم بعد القدمين 33سم. تم إدخال تشكيل في قسمه الخلفي لتشكيل حيوان جديد ربما بمرحلة لاحقة.

يقوم تحته شكل لحيوان واضح بعض الشيء أقرب للثور أبعاده 27 عرض و18 سم ارتفاع.

الحيوان الثالث غير واضح لتداخل الخطوط مع بعضها وقد يكون جملا مع حيوان آخر؟ وقد يكون حيوانا أسطوريا. وتم التنقيب في هذا المقطع بعمق 120سم. وهناك صخرتان واقعتان من الأعلى.

يوجد تشكيل من ثلاثة صخور ضخمة تتقاطع بالرؤوس باتجاه الشرق. أي أنه عملية نحت شهدها المكان نظراً للنعومة الكبيرة في الجوانب. أما الأشكال فهي من الشق المتجه للغرب ما يلي: حيوان من الشرق يتجه للغرب معالمه غير واضحة لطريقة النحت الغير دقيقة ولوجود كسر في الصخرة بشكل مائل. للغرب منه مباشرةً حيوان آخر يتجه للغرب ونفذ هو الآخر بشكل خطوط طوله 38سم. في القسم الواقع للشمال عدة حيوانات متداخلة ويوجد طبقة بيضاء ناتجة عن تسرب كميات من المياه. لذا لم يتسن لنا تمييز تلك الرسومات باستثناء واحدة موجودة في القسم العلوي. له بطن كبير قد يكون (بقرة). طوله 57 سم بشكل مائل من أعلى الرأس وحتى المؤخرة. عرض البطن 21سم. تم التنقيب بهذا الجزء وتنفيذ سبر طويل 7م  بعرض 1م.

وذلك للتأكد من إذا كانت الصخرة الجنوبية من هذا التشكيل تحتوي رسومات أم لا. وفعلاً فقد تم تنفيذ مقطع في الجهة الجنوبية بعمق 3م. وطول 3م. كذلك حفر مدخل التقاطع بسبر يظهر فيه رسومات جدارية وإنما نماذج صوانية. وهناك تخريب كبير قد لحق بسقوف هذا التشكيل. الصخور الواقعة إلى الشمال يلاحظ فيها آثار نحت وتنفيذ تدرجات ترتفع حتى الأعلى10.

وباتجاه الشمال الشرقي بحوالي 7 م تقوم صخرة كبيرة غرب شرق حافتها الشمالية مستوية (منحوتة) خاصة في قسمها السفلي. تضم من الغرب تشكيلا لحيوان صغير غير واضح المعالم ثم حيوانا ضخما أقرب لأن يكون دبا يتجه للغرب أي صوب الجرف الصخري. أبعاده 74 سم طولاً كاملاً، ارتفاعه من أعلى الأذن وحتى أسفل القدم 50 سم. يقوم للشرق منه حيوان ثالث ضخم هو الآخر. تكسر الطبقة السطحية للصخرة وانتشار الطحالب أدى إلى ضياع معالم الجزء الأمامي منه. ولم يعد يظهر منه سوى الذيل والقدم الخلفية والظهر.

ثم إجراء تنقيب في هذا المكان ونفذ مقطع من الجهتين الشمالية والشرقية. ظهر فيها طبق حجري/غطاء/ دائري الشكل منحوت من الوجه الأمامي بشكل جيد أما الآخر فنفذ بشكل بسيط. وقد يكون على الوجه الشرقي للصخرة رسومات لكنها غير واضحة.

 

التشكيل الثالث- المغارة الرئيسة

تقع في منتصف الجرف قوامها مدخل المغارة، كانت مؤلفة من أجنحة ثلاثة مسقوفة . يوجد صخرة على يمين المدخل (شماله) حيوان فيه خطوط غير واضحة. بعد ذلك مدخل رئيسي شرق غرب وصخرة تتجه للأمام.

حيوان يتجه للشرق طوله 28× 12 سم رأسه من الشرق له أقدام صغيرة. يقوم للغرب منه حيوان قد يكون حصانا طوله 25 سم وعرضه 13 سم. للغرب من هذا التشكيل يوجد حيوان 27× 17 سم يتجه للغرب بطنه عريض رقبته طويلة قد يكون زرافة.

في صدر هذه المغارة يوجد تشكيل لحيوانين الأول من الشرق يظهر أنه أسد يلحق حماراً. طول الأسد 37× 12 سم. أما الحمار فأبعاده 39× 15 على يسار هذه الرسمة توجد خطوط غير واضحة.

سقف المغارة منهار منذ فترة وسقطت أجزاؤه في صلب المغارة لذا منعنا من رؤية التفاصيل الموجودة. على يسار ذلك التشكيل يوجد حيوان 54× 18 سم يظهر أنه خيل يتجه للغرب. إلى أسفله وللشرق هناك رسوم مشوهة. ويشاهد محسب طوله 120 × 24 سم فيه ثقوب صغيرة منفذة على صخرة مستوية مائلة للشرق مع جرن صغير يبدو أنه لإجراء الحسابات.

في الصدر وإلى اليمين (الشمال) فيه ثقوب (أجران) كثيرة وأطر هندسية. تحتوي على فيل طوله شمال جنوب 54 سم بارتفاع 34 سم من الظهر وحتى أسفل القدم. على يساره يوجد حيوان قد يكون حصانا يتجه للشمال. طوله 39 وارتفاع 28 سم حتى أسفل القدم. أمامه حيوان آخر غير واضح. الجدير بالذكر أن هذه الصخرة ذات الرسومات والأجران يبلغ طولها حوالي 3.30 م.

وبالانتقال 50 م إلى الشمال يوجد تشكيلات في غاية الأهمية. صخرة كبيرة فيها عقرب تتجه للجنوب طولها 55سم بعرض 10 سم لها ملقط أمامي وذيل منحني للأسفل. يتصل بها من الخلف حيوان باتجاه الشمال طوله 25 سم وعرضه من الظهر وحتى أسفل القدم 11.5 سم.

على يسار هذه الصخرة بـ 1 م. يوجد صخرة أغلب امتدادها في الأرض. شهدت تنقيبات أثرية، فيها تشكيل هو من اليسار ( الجنوب ) حيوان ضخم له خرطوم مثلثي الرأس أبعاده 60 × 26 سم، بدون أقدام و 46 سم للعرض مع الأقدام له قرن للأعلى ارتفاعه 12 سم. يقوم عند أقدامه الأمامية حيوان يشبه السلحفاة ارتفاعه مع الأقدام 21 سم وطوله 16 سم يلتحم رأسه مع مقدمة ذلك الحيوان الضخم. وباتجاه الأسفل على نفس الصخرة يوجد حيوان مندفع للأمام الشمال أشبه ما يكون بالخنزير البري طوله 56 بعرض 30 سم. له جزء علوي طول رأسه 23 سم.

لدينا أيضاً في وسط الصخرة حصان عريض جداً مع كائن يركبه قد يكون رجلا يفتح يديه وقد يكون نسرا يفرد جناحيه سيما وأن معالمه غير واضحة وتتداخل بعض الخطوط في صلب تشكيله. الطول المائل للحصان من مقدمة الرأس وحتى المؤخرة 46 سم وعرضه في الرأس حتى أسفل القدم 44 سم عرض البطن 18 سم. أبعاد الشكل القائم فوق هذا الحصان من الأعلى وحتى ظهر الحصان 40 سم وعرضه 34 سم.

يقوم تحته حيوان طوله 34 سم ومن القرون وحتى أسفل القدم 24 سم مقدمته مشوهة له قرون. بين أسفل الحصان ومقدمة الخنزير يوجد حيوان غير واضح. أسفل التشكيل هناك حيوان يتجه للشمال طوله 22 سم وعرضه 13 سم مع القدم. في أعلى الصخرة يوجد حيوان طوله 21 سم بعرض 12 سم، نفذ بطريقة الدق لم نعرف إلى ماذا يشير له قرون طويلة مائلة للخلف. إن الصخرة التي تقوم فوق هذه الصخرة تحوي سمكة طويلة يتجه رأسها للجنوب أبعادها  60 × 10 سم. وعلى الجانب الآخر (الشمالي) لذات الصخرة يوجد قطة 35 × 14 سم مع القدم.

 

نقوشات أخرى

بعد تيقننا من أهمية رسومات الميسري والصدى الكبير الذي تركته، أصبح لدينا رغبة جامحة في توثيق كل ما له علاقة بفترة ما قبل التاريخ، فقصدنا مختلف الأودية لكشف ما فيها من نقوش ودلائل الإنسان القديم، وقد وفقنا الله في رؤية المزيد من تلك الفنون وبتقنيات متنوعة وناضجة.

قمنا أعوام 2005-2006-2007 – 2008- 2009-2010م، بإجراء مسوحات أثرية في بعض المناطق من حوران. وأظهرت تلك المسوحات والجولات الكثير من النقوش والرسومات التي يشار إليها لأول مرة والتي تخص ربما ذات الفترة.

 

وادي الزيدي

كان من دواعي سرورنا مسح وادي الزيدي مشياً على الأقدام وذلك صيف 2004م، شاهدنا الكثير من الظواهر الصخرية التي حمل بعضها نقوشات والأخرى كانت مثيرة للاهتمام بما تحتويه من معالم ومغارات سكنية بالغالب.  فبعد الانطلاق من الميسري والاتجاه غرباً ومتابعة انحناء الوادي للشرق تماماً من جسم السد، يوجد جرف صخري بازلتي فيه معالم لطير بحالة وقوف، بنفس تقنية الميسري (خط خارجي فقط). وذلك ليس غريباً فهو لا يبعد عنه إلا 1 كم. مع لحظ صورة أخرى غير واضحة، ورأس يبدو أنه لحمار، المعالم مشوهة بسبب عمليات حرق تعرضت لها الصخرة.

وهناك جنوب حديقة حميدة الطاهر في آخر حديقة المركز الإذاعي والتلفزيوني بدرعا على الطرف الغربي لوادي الزيدي، عثرت دائرة آثار درعا عام 2007 على بئر عثماني، وأثناء تمحصنا بالموقع عثرنا على حجرين بازلتيين صغيري الحجم، يشابهان حجر ثعيلة عليهما آثار نقوش لصور وكتابات قديمة لم نستطع  فك رموزها.

وبنفس المنطقة إنما للجنوب الغربي بعشرات الأمتار فقط، يوجد فرع سيلي ينتهي بالزيدي، قوامه صخر كلسي أبيض، فيه الكثير من النقوش والعلامات التي يبدو أن أغلبها قديم. فقد سجلنا فيها صخرة كبيرة تحتوي على شكل مثلثي من سبع طبقات خطية، مع وجود قاطع أوسط من الأسفل للأعلى. فهي كما الحقل المحروث وربما لها دلالة أخرى لكن هذا ما شاهدناه. وعلى ذات الصخرة يوجد شكل مشابه للذي تحدثنا عنه، لكنه ليس مثلثيا إنما شبه مستطيل، وعلى جوانب الصخرة يوجد كتابات ورموز غير مفهومة.

وبمكان قريب للغاية منها تظهر فيه معالم الحضارات القديمة، من خزانات ماء وأنظمة ري وشرب غابرة، تظهر صورة محفورة بالصخر، على شكل خط ينحني لليسار تصاعداً، ثم يعيد الانحناء بنفس الطريقة قبل أن ينتهي بشكل مستقيم على هيئة رأس مشابه للأفعى.

وأثناء عملنا في موقع بيزنطي صيف 2007، قمنا بجولات محيطة على طرف وادي الزيدي لاحظنا وقتها انتشارا للعديد من الرسومات والنقوش الحجرية. منها صخرة كبيرة يبدو أن ثمة نحتاً متقناً قد لحق بها، بحيث تم تسويتها على شكل كرسي عريض يتسع لعدة أشخاص. وعلى الوجه الجنوبي لها توجد مجموعة رسومات في غاية الجمال، لكنها غير واضحة تماماً، إنما قد تشير لمجموعة طيور.

  وبالاتجاه غرباً عدة كيلومترات، حيث موقع خراب الشحم الذي قمنا بتنقيبه في العام 2004، فثمة بعض الخفايا والدلالات. وقد لاحظنا وجود بعض النقوش من أبرزها: نقش كبير الحجم موجود على كتلة صخرية كبيرة الحجم في أقصى الضفة الجنوبية للوادي، حيث يوجد خط عريض ينحني عدة انحناءات، وهو على ما يظهر يمثل مجرى الوادي، وقد يكون من فترات لاحقة أي ربما من العصر البرونزي أو الكلاسيكي.

وبعد المسير بضع مئات من الأمتار أي للشرق تماماً من تجمع خراب الشحم، يوجد كتل بازلتية فيها الكثير من الرموز. ويمكن أن نتحدث عن ذلك النقش الهام الموجود وسط مجموعة من المغارات والخزانات المحفورة في الصخر ويمثل مجموعة فروع منحنية، وقد يكون ذلك إشارة لبعض مسيرات الماء القادمة إلى تلك الخوانات عند هطول الأمطار كي تغذيها.

هذا فضلاً عن نقوشات أخرى كجرن كبير تقارب أبعادة متر بنصف متر، وشكل يبدو أنه لحصان واقف، وخطوط متقاطعة نرى الكثير منها في أغلب الأماكن التي تعود لفترتي النيوليت والكالكوليت وحتى البرونز الأول. إضافةً لحجر متوسط الحجم، عليه خطوط متقاطعة في جميع أوجهه يشكل الرئيسي منها وجه إنسان (رجل كبير العمر).

وادي الهرير

غني بنقوشاته الصخرية، فللشرق من مدينة الشيخ مسكين يوجد حيوان على صخرة صغيرة متحركة من مكانها، يبدو أنه حيوان مائي محفور بخطوط بسيطة. أما للغرب منها أي مدينة الشيخ بعدة كيلومترات شاهدنا حيوانا صغيرا منفذا على صخرة أقرب للقنفذ، وفق طريقة الحفر الخارجي فقط. وحوله تنتشر الكثير من الرسوم التي لم نتمكن من تحديد نوعيتها. لكننا شاهدنا بقايا مخالب لنسر كبير هو جزء من لوحة فنية نافرة بالغة الإتقان. لكن المهووسين كسروها، وهي من فترة كلاسيكية لاحقة.

وإلى الشمال من موقع خربة الدبارة السفلى، يلتف الوادي من الشمال للجنوب ويخترقه جسر روماني يتخلل طريق روماني قديم. يوجد حقل من الدولمن وعلامات في غاية الأهمية، استطعنا تمييز بعض تلك النقوش الهامة والغنية:

ثور (ربما خنزير) على قطعة حجرية متحركة من مكانها، الحجم متوسط، تبرز عضلات الحيوان بشكل واضح تنتهي أقدامه على شكل رؤوس مثلثات، أما رأسه فكبير بالنسبة لجسمه فيكاد يأخذ الثلث، له قرنان قويتان متجهتان للأمام، أما الذيل فيذهب للخلف قبل أن يعاود بعكس اتجاه ليصبح مع اتجاه الرأس. الصورة منفذة بشكل نحت غائر بسيط، وفيها بعض الاختلاف عن رسومات موقع الميسري. الحجر الموجودة عليه مكسور وهناك ملامح لصورة أخرى تبدأ اعتباراً من رأس الحيوان.

  وهناك صورة أخرى على صخرة، لم تتضح تفاصيلها، لكننا قد نرجح أن تكون صورة لرجل ورأس آخر مقابل له.

بذات المنطقة يوجد تشكيل في صخرة طبيعة، عبارة عن جرن ومحيط محفور من جهتين، ينتهي بشكل حرف C بالانكليزي مقلوب. وثمة جزء من النقش مردوم بالأتربة لا نميز دلالة النقش صراحةً لكنه جميل وهام.

وهناك حافة صخرية منخفضة، فيها معالم للوحة هامة تضم مجموعة صور، لكنها مطمورة بالأتربة وبحاجة إلى حفر مسافة متر أو أكثر قليلاً كي تظهر معالمها.

 

مستوطنة نيوليتة

ومن الأهمية بمكان إيراد وجود مستوطنة زراعية من العصر الحجري الحديث المتأخر تكاد تكون  قريبة جداً من الميسري، تتوضع المستوطنة شمال غرب الجسر الحجري الروماني بواقع 300 متر فقط، لكنها للأسف قد تعرضت بفترة سابقة لعملية تجريف كاملة، الهدف منها التخلص من العناصر الحجرية وإعدادها للزراعة.

ومما بقي من لقاها لا تزال مرتميةً على الساتر الترابي الواقع للغرب مباشرةً من وادي الهرير: حوالي 12 جاروشة حجرية مختلفة القياسات، منها نموذج 23×10 سم، بازلتية من نوعية ناعمة وخشنة، عريضة ودقيقة، سطح بعضها عميق والآخر خفيف. إضافةً لعدد من المدالك مختلفة القياسات، وكمية كبيرة من المدقات الحجرية. لكن الأدوات الصوانية فكانت للأسف محدودة ومتضررة ربما لفقر المنطقة بها، لكن شاهدنا على البعض منها آثار طرق بتقنيات النيوليت.

وبعد امتدادنا بالمسير بعد أسبوع من عملية الاكتشاف هذه، وجدنا ساتراً ترابياً آخر يمتد شرق غرب، يبدو أنه يخترق المستوطنة ويقسمها نصفين. عثرنا على جنباته على الكثير من الجواريش المتقنة الصنع، وعدد من المدالك الكبيرة الحجم، وأنواع عديدة من المدقات الدائرية مختلفة الأحجام.

وأكثر ما لفت انتباهنا تناثر لنماذج مصنعة من الصوان، ميزنا منها واحدة نواة أم، تظهر خطوط الطرق على جانبها الأول، بينما الوجه الآخر لا يزال غشيماً ربما لم تتح الفرصة للصانع أخذ قطع إضافية منه. وبعض النصال الصغيرة وجدناها متناثرة في أنحاء أخرى من المستوطنة.

السكن: إن عملية التجريف الجائرة أتت بالفعل على معالم الموقع، ولم نتمكن من تحديد كيفية شكل البيوت والمساكن الموجودة. لكننا شاهدنا بلاطات حجرية مصقولة بعناية ما هي إلا دولمنات، وأجزاء ربما من بيوت دائرية ومربعة كما الحال في الموقع الموجود بالقرب منها شرقاً وشمالاً بمسافات لا تزيد عن 200 متر.  بقي أن نذكر أن أبعاد المستوطنة تبلغ 600متر لكل ضلع من أضلاعها الأربعة.

نقوش كتابية: لاحظنا وأثناء إجرائنا بعض المسوحات في المنطقة بالتوازي مع أعمال التنقيب الجارية، وجود نقوش ورموز على الكتل والعناصر الحجرية، لكننا لم نعلم تماماً مرجعيتها ومدلولاتها، ربما هي رسومات وربما وعلى الأغلب كتابات مبكرة جداً تحتاج بالطبع إلى فك لمعرفة خصوصيات الموقع وتاريخه.

وللغرب منه بعدة كيلومترات توجد سمكة بطريقة التفريغ الكامل. وإلى غرب تل السمن الأثري الهام هناك كتابة قديمة على لوح بازلتي ناعم، مع وجود شكل لأفعى غائرة أعلمني بعض الأصدقاء ممن يعرفونها قديماً، بأنها كانت نافرة لكن من ضرب باحثي الكنوز تم حفر معالمها ولها رأسان.

وللغرب منها بحوالي 1 كم  في الطرف الأخير لسد طفس يوجد بعض النقوش والكتابات المتداخلة، تحتاج لكثير من الدراسات لفهم ماهيتها.

وبالمتابعة نحو الغرب بحوالي 2 كم، أي إلى طياح الأشعري فثمة صورة في غاية الإتقان والجمال، على الرغم من كوننا لم نستطع بعد فك مدلولها، لكنها معبرة عن تقنية لم يصورها إلا فنان ماهر وربما عادت بالغالب لعصر النيوليت. حيث يشاهد جرف صخري كبير على حافته الشمالية الشرقية توجد الصورة التي يبدو أنها تحوي وجه امرأة حيث العيون والأنف تظهر بشكل واضح، أما باقي المعالم فهي متداخلة وما يزيدها غموضاً كثرة الطحالب المتشكلة نتيجة الرطوبة.

وبجانبها توجد لوحة ثانية، قيل لنا ممن شاهدها أنه عبارة عن خيل رشيق، لكن تخريب بعض الأشخاص لها وقيامهم برمي حجارة وسط الجوانب الصخرية المنفذة عليها حال دون تأكدنا من ذلك.

وبالمسير نحو الجنوب حيث يبدأ وادي الهرير بالتعمق لاحظنا الكثير من النقوش المنفذة على شكل خطوط، واشتبهنا بوجود رسوم آدمية على شكل أعواد. سجلنا حوالي عشرة نقوش، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الضفة الغربية من الوادي تحوي الكثير من المغارات السكنية العائدة للعصور الحجرية، وكذلك فإن هذه الزاوية الصغيرة تعد من أغنى بقاع سورية بمياهها الطبيعية. وبالمسير حوالي 700 متر فقط، وعلى جزء منحدر من السفح العلوي للوادي، وبمكان استبعدنا وجود أي نقوش فيه كونه قاسياً للغاية وفيه شلال ماء غزير، شاهدنا نقشاً جميلاً يحوي غزالا وثورا.

وبمتابعة المسير حوالي 100 متر، وعلى حافة تل الأشعري الأثري، وأثناء قيامنا خلال العام 2005م بإجراء مسوحات متزامنة مع تنقيبات الموسم السابع للتنقيب، لفت انتباهنا وجود نقش في أعلى جرف صخري قوامه شكل لطائر يظهر أنه دجاجة.

 

المشيدات

المشيدات والجدول الآتي من بحيرة الأشعري دائما الجريان, هي جداول سريعة عرضها 2ياردة وعمقها إنش تجري بماء صافي وهما ينبعان من بلدة موحلة وبجانب تل الأشعري يبلغ طوله ميل وأكثر قليلاً.

تشغل المشيدات طواحين الأرشديات والجدول الآخر والذي ليس له اسم وطواحين البيارات البدائية جداً وكلاهما يتوضعان على منحدرات الهرير وبعد اجتياز الطواحين كلا من الجدولين يعمل مسقط مائي صغير ثم ينحدر نحو الهرير11.

والمشيدات عبارة عن تشكيل صخري بازلتي على شكل صخور محيطة بأرض زراعية، هذه الصخور ناعمة جميلة المظهر يبدو أنها استخدمت كمقاطع لعمارة بيوت ومنشآت تل الأشعري الذي لا يبعد سوى بضع مئات من الأمتار شمالاً، أو طفس حوالي 4 كم شرقاً، وربما مزيريب 3 كم جنوباً. الجميل في موقع المشيدات هو تلك النقوش الهامة على جوانب وأسطح تلك المقاطع الصخرية، وقد سجلنا أثناء جولتنا في صخورها عام 2005 بعض المشاهدات التالية:

طائر كبير الحجم، أقرب للدجاجة أو البجعة، له منقار طويل للأسفل، ورجلان رشيقتان وعين دائرية مزدوجة، وعرف فوق الرأس من أربع خطوط.

وغير ذلك الكثير من الخطوط الغير مفهومة، والرسوم الغير واضحة والأجران الصخرية المحفورة بغزارة، والتي تحتاج هذه التشكيلات لوقفات لاحقة كي تفك رموزها وتعرف دلالاتها.

 

وادي أبوشكاة (الوادي الصغير)

اعتباراً من الجسر الصغير الواقع للشمال الغربي من قرية جلين السياحية الهامة توجد مجموعة نقوش محفورة على الصخر، والتي تدل على وجود مستوطنة من فترات البرونز القديم المبكرة على أقل تقدير، حيث الكثير من الخطوط والرسوم الغير مفهومة، والمنطقة وللأسف قد خضعت لتجريفات كبيرة بغية الاستصلاح الزراعي. وفي قلب الوادي يشاهد بقايا طواحين مائية ربما من فترات عثمانية، مع أبراج دائرية اعتمدت على قوة انحدار الماء، لكن وعند الطياح الطبيعي الذي يزيد ارتفاعه عن خمسين متراً، يوجد نقش واضح في غاية الجمال والأهمية، منفذ بطريقة نافرة هو عبارة عن سمكة كبيرة من نوع كارب، ربما إشارةً لوجود مسقط مائي وشلالات غزيرة لا تزال إلى اليوم تشكل أجمل هدايا الطبيعة للمكان.

وادي حيط

بحكم ما تحتويه من أودية وسهول وجروف صخرية وظواهر طبيعية، فإن بلدة حيط هي واحدة من أهم أماكن الاستيطان البشرية. زرناها عدة مرات وبحثنا في خصوصياتها، لكن اهتماماتنا عام 2008 أخذت منحى مختلف هدفه تبع فترات ما قبل التاريخ، عل الرغم من وجود كنيسة بيزنطية في غاية الروعة، وجامع إسلامي جميل، والكثير من المقابر والكهوف والطواحين المائية.

وأبرز ما يمكن الحديث عنه من خلال الجولات والأبحاث الجزئية التي قمنا بها والتي لا تزال بحاجة لمزيد من التحريات ما يلي:

ففي الطرف الغربي من القرية يمتد واد طبيعي شمال جنوب، هو جزء أساسي من وادي اليرموك، حيث تزرع أشجار الزيتون بكثرة هنا، إضافةً لبعض المزروعات الموسمية. وجدنا جروفا صخرية عالية تمتد نحو الجنوب على السفح الشرقي للوادي، مشينا معها صحبة الزميل الآثاري محمد العيشات، ولاحظنا انتشاراكثيفا للوحات فنية على السطوح البازلتية الناعمة. لم نتمكن من قراءتها بشكلٍ كامل كونها منفذة بطرق بدائية وقد أثرت الرطوبة وانتشار الطحالب عليها بعض الشيء.

 

عين ذكر

ثمة مستوطنة قديمة تحتويها عين ذكر من مدافن الدولمن الشهيرة، إلى الكثير من النقوش والصور الصخرية التي تدل أن فناً هاماً كان يجسده الإنسان القديم هنا.  وأثناء جولاتنا التي طالت المنطقة وقد بدأت منذ العام 2005ن ولم تنته بعد لاحظنا وجود الكثير من النقوش والرسوم لعل من أبرزها:

صورة فنية على صخرة، اختلفت مع عدد كبير من الزملاء حول مرجعيتها أهي طبيعة أم أثرية، وعلى الرغم من وضوح طبيعتها الجيولوجية، لكن ثمة خطوط منقوشة بيد تظهر للعلن وملامح يعطيها المظهر العام تجعلها أقرب لوجه إنسان أسطوري.

وعند نبع الماء الذي لا يزال يضخ ماءً صافياً إنما بكميات قليلة للغاية، يوجد نقش واضح لم نستطع تحليله.

 

الهوامش

1: كثيرة هي الروايات التي تحدثت عن غزارة النبع، وهو واحد من عدة ينابيع كانت الأصل بتشكيل مدينة درعا عليها. وحالياً فإن الحي الجنوبي الشرقي من مدينة درعا اسمه الميسري.

2: تاريخ آثار وتراث حوران، بركات الراضي. دمشق 2002 .

3: تاريخ الفن والعمارة، عفيف بهنسي. دمشق 1994.

4: أغلب هذه القطع اكتشفتها البعثة الوطنية التابعة لدائرة آثار درعا وأدارها الآثاري ياسر أبو نقطة    و التي عملت فيها أواخر عام 2004م.

5: عصور ما قبل التاريخ- الدكتور سلطان محيسن.

6: تقرير موقع خراب الشحم الأولي، ياسر أبو نقطة. دمشق المديرية العامة للآثار والمتاحف  2004 .

7: ACROSS THE  JORDAN- GOTTLIB  SCHUMACHER.-    1886.

8: حوران عبر التاريخ، خليل مقداد. دمشق 1996 .

9:  من نتائج المسوحات الأثرية.

10: التقرير الأولي للتنقيبات الأثرية في موقع الميسري 2004م.

11: ACROSS  THE  JORDAN-  GOTTLIB  SCHUMACHER    1886  (ص 37).

 

المراجع والمصادر

1: تاريخ آثار وتراث حوران، بركات الراضي. دمشق 2002 .

2: تاريخ الفن والعمارة، عفيف بهنسي. دمشق 1994 .

3: تقرير موقع خراب الشحم الأولي، ياسر أبو نقطة. دمشق المديرية العامة للآثار والمتاحف  2004 .

4: حوران عبر التاريخ، خليل مقداد. دمشق 1996 .

5: عصور ما قبل التاريخ، سلطان محيسن دمشق 1986 .

المراجع الأجنبية

- ACROSS THE JORDAN-GOTTLIB  SCHUMACHER    1886 .

 

 

أعداد المجلة