فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

المنّز

العدد 1 - في الميدان
المنّز

اعداد: نسرين رضي

المنز (*) هو سرير الطفل قديما ومهده، فقبل قدوم الوليد إلى الدنيا، يكون المنز قد أعد من جريد النخيل المجفف على هيئة قفص مستطيل مفتوح قاعدته في ثلثه العلوي لتكون موضع منام الطفل. وتعلو هذا المستطيل أربع قوائم من زواياه لتلتقي عند نقطة عليا مشكلة هرما مفتوحا للإمساك بالمنز وهزه عند بكاء الطفل، ولتسهيل نقله من مكان إلى آخر، ولنشر غطاء من القماش الخفيف أو السميك عليه لتغطية مهد الطفل وحفظه في جو ملائم. كان المنز قديما يعلق بحبال ويدلى من سقف البيت التقليدي الذي يبنى من الطين أو سعف النخيل بواسطة أربعة حبال تمسك بزواياه الأربع . ثم أصبح المنز بعد ذلك يثبت على الأرض.

تبدأ عملية صناعة المنز على يدي صانع يسمى (القففاص)، وذلك بتجفيف جريد النخيل الأخضر عن طريق تعريضه لأشعة الشمس لمدة يومين على الأقل، ثم يتم تقطيعه بواسطة (المنجل) وتشذيب حوافه وتسويتها .

ثم يبدأ القفاص بعمل ثقوب في الجريد الذي أعد على شكل عصي مختلفة الأحجام بين صغيرة وكبيرة، بواسطة (المخراز) والذي يتمكن خلال هذه الثقوب من شبك أطراف الجريد (العصي) كل واحدة بالأخرى بواسطة أداة تسمى (مشبجة) أو (مشبكة).

وهكذا يصنع المنز من شبك الجريد بإحكام ووصله ببعضه البعض دون أية مادة أخرى. كما يستطيع الصانع المحترف أن ينتج أكثر من مهد للطفل في اليوم الواحد.

قد يكون المنز صغيرا لطفل حديث الولادة، أو كبيرا بعض الشيء يكفي لطفل يبلغ من العمر أربع سنوات. وقد يصنع على شكل طابقين، الأول للرضيع وهو العلوي، أما السفلي فيكون لملابس الطفل وحاجياته. ويتسابق الصغار للهز بالطفل من أ جل إسكاته لحظة بكائه.

يوضع بالمكان المخصص لنوم الطفل فراش ومخدة صغيره مستطيلة ، ويكون خرارة دائرية مفتوحة في الوسط ،يوضع فيها رأس المولود حتى يحافظ على راسه دائريا كرويا. فيما كانت الأمهات يضعن الرمل تحت منز الطفل الرضيع لإمتصاص البلل. وتقوم الأم بربط إبهام رجلها بالمنز ( المهد) بواسطة خيط ، فإذا إستيقظ الطفل وبكى وهي نائمة ، حركت رجلها لتهز المنز حتى يعود الطفل إلى النوم .

مايزال هناك أثر لصانع المنز في البحرين إلى اليوم، لكن ليس بذات الأهمية الأولى، فما عادت كل الأمهات يستخدمن المنز مهودا لأطفالهن فقد استوردت الأسرة الحديثة ضمن الأثاث الخاص بغرفة الطفل والمصنعة مختلف المواد وعلى هيئة العديد من الأشكال والألوان والأحجام، إلا أن السيد علي سلمان القفاص الذي تجاوز السبعين عاما من سكنة (سنابس ) بالبحرين يزاول مهنته في صنع المنز بهمة ونشاط إلى يومنا هذا لينتج ما يجد رواجا إلى الآن إما مهودا حقيقية للأطفال تكسى بأقمشة حديثة مزركشة، وإما نماذج صغيرة من المنز تستخدم للذكرى وللزينة واللعب. وهذا المنتج الشعبي العريق، المصنع من مادة الجريد، الخامة المتوفرة بالبيئة، ارتبط في ذاكرة أجيال عديدة من أبناء هذه المنطقة وظل علامة على بدء دورة حياة الإنسان بنمطقة الخليج والجزيرة العربية.

(م) جاء في لسلن العرب، مادة (ن. ز. ز): "المنز : المهد ، مهد الصبي "

أعداد المجلة