فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

توثيق التراث الشعبي العربي .. قضية سياسية

العدد 1 - آفاق
توثيق التراث الشعبي العربي .. قضية سياسية
عضو هيأة مستشاري التحرير - الثقافة الشعبية

يعيش المجتمع الثقافى فى العالم الآن مرحلة التوثيق .. فلن نجد فى عصر المعلومات الذي نعيشه الآن سوى العمل الدؤوب من جانب المؤسسات العالمية على توثيق مقتنياتها، وموادها العلمية .. وترصد العديد من تلك المؤسسات ميزانيات ضخمة لهذا الأمر من أجل استثمار سنوات العمل الميدانى التى تمت خلال القرنين الماضيين ؛ وإبرازها وإتاحتها في قواعد المعلومات المتخصصة.ولعل قرار منظمة اليونسكو هذا العام 2007 بإعلان يوم 27 أكتوبر يوما عالميا للمحفوظات السمعية والبصرية،‏ ما يؤكد على الاهتمام العالمى بتوثيق التراث بوسائطه المتعددة. الأمر الذى يجعلنا نتساءل : أين نحن مما يحدث فى العالم الآن؟ .. فعلى حين نجد حركة غير عادية لأغراض التوثيق والحماية ؛ نجدنا على العكس نغلق مراكزنا العربية المتخصصة؛ أو نجمد نشاطاتها .. ولا نستطيع أن نتحدث عن تجربة علمية متكاملة لتوثيق تراثنا الشعبى العربي.‏

لقد طرحنا تساؤلا كهذا فى مطلع هذا القرن، هذا نصه: "أين يوجد أرشيف الفولكلور على الخريطة العربية ؟.. وهل يمكننا القول أننا توصلنا إلى أرشيف علمى قادر على إمدادنا بالمادة الشعبية التى عكفنا على جمعها ؟.. هل نملك قاعدة معلومات فولكلورية يمكنها أن تمدنا على سبيل المثال – بالعادات المرتبطة باحتفالية السبوع على امتداد الوطن العربى ؟.. وقد نكون مغالين فى هذا التساؤل عندما نتحدث عن المنطقة العربية على اختلاف أقطارها من المحيط إلى الخليج ،غير أننا قد لا نجد إجابة عن الأسئلة نفسها إذا ما كان الأمر يتعلق بالأرشيف المحلى .. كأن نقول أرشيف الفولكلور المصرى أو السعودى أو الخليجى أو المغربى ..الخ؛ هل يملك كل بلد أو أى بلد عربى أرشيف علمى منظم يمكن من خلاله استدعاء العناصر الفولكلورية المرتبطة بالظواهر الشعبية، وما يرتبط بهذا العنصر من عادة أو معتقد أو أدب أو ثقافة مادية أو فنون؟.. وهل يملك هذا البلد العربى الوسائط المختلفة – المنظمة - التى تكشف عن هذه العناصر فى أرشيفه كالصورة الثابتة أو المتحركة أو المادة الصوتية أو المكتوبة؟.. واقع الأمر أن شيئا من هذا لم يتم - محليا - فى كل بلد عربى على حدة، بالصورة العلمية التى نأملها. ومع غياب القنوات العربية المهتمة بالأمر، فإن فكرة وجود أرشيف عربى موحد للفولكلور تشير إلى طموح علمى يستحيل تحقيقه فى الوقت الراهن(1)"وعلى الرغم من سوداوية التساؤل والإجابة .. فإن الأمر ساعتها كان أكثر إشراقا من الآن .. فقد كان مركز التراث الشعبى لدول الخليج العربية يعمل بشكل دؤوب.. وكانت دورية المأثورات الشعبية تصدر وتصل لجميع المهتمين بالمجال .. وكانت مجلة الفنون الشعبية المصرية تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب بانتظام ..أما الآن فقد أغلق المركز وتوقفت مجلة المأثورات الشعبية عن الصدور، ولولا تدخل الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية بالدعم لتوقفت مجلة الفنون الشعبية أيضا،هناك واقع مؤلم تمر به حركة التراث الشعبى العربى الآن رغم ظهور العديد من المؤسسات والمؤتمرات والمحافل العلمية، هذا الواقع يتلخص فى عدم الانتباه لقضية التوثيق، ولا زلت أكرر أننا قد قطعنا شوطا ـ لا بأس به - على المستوى العربى فى عمليات الجمع الميدانى، ونحتاج فقط للاهتمام المؤسسى بقضية توثيق ما جمعناه، وإلا سيصبح جهد العقود السابقة من حركة الفولكلور العربى فى مهب الريح.

حركة التوثيق العالمية

تهتم معظم الدول الأوربية والأمريكية بعمل أرشيفات للفولكلور الوطنى بكل بلد، ولم يقتصر الأمر على عمل أرشيف واحد بل إن هناك بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية تعكف على عمل عدة أرشيفات، عامة ومتخصصة .. حكومية وغير حكومية.

والملاحظ هنا أن أكثر الأرشيفات الفولكلورية الأمريكية تولي اهتماما خاصا بالموسيقى والأغانى الشعبية وفنون الرقص، على نحو ما نجده فى أرشيف الثقافة الفولكلورية  Archive of Folk Culture الذى أنشأته مكتبة الكونجرس عام 1928 كمرجع للموسيقى الفولكلورية، ويحوي مايزيد عن مليون صورة ومخطوط وتسجيل صوتي وأفلام مرتبطة بالأوجه المختلفة للحياة الشعبية. وكذا أرشيف لويزيانا الرقمي للفولكلور FoIkIore DigitaI Louisiana Archive الذى اهتم القائمون عليه بإعادة تسجيل شرائط الموسيقي والتاريخ الشفهي علي اسطوانات مدمجة. كما اهتم أرشيف الفولكلور والميثولوجيا MythoIogy & FoIkIore Archives بجامعة كاليفورنيا بعمل أرشيف متخصص تحت اسم أرشيف "الأغاني الشعبية والموسيقى" Archive Music& FoIksong'

فضلا عن أرشيف الرقص وفنون الأداء Dance & Archive Performance.أما أرشيف الموسيقى التقليدية بجامعة أندياناlndiana at Music TraditionaI of Archives University  فيعد من أهم الأرشيفات الأمريكية المهتمة بالموسيقى الشعبية إذ يحتوي علي حوالى ربع مليون ساعة تسجيلات مما يجعله أكبر مجموعة جامعية في الولايات المتحدة. كما تحظى العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية باهتمام بالغ فى أرشيفات الفولكلور الأمريكية.

وعلى سبيل المثال فإن أرشيف ريو جراند للفولكلور Archive Folklore RGrande يحتوي على ما يقرب من مائة ألف مادة تبطة بعادات وتقاليد المكسيكيين الأمريكان. أما جامعة كاليفورنيا فقد أولت اهتماما بعمل أرشيف الطب الشعبى والذى تأسس منذ أكثر من نصف قرن على أيدى مجموعة متميزة من الباحثين الفولكلوريين، ويقوم الأرشيف على توثيق المعتقدات والممارسات المرتبطة بالطب الشعبي والطب البديل وإتاحة المادة للباحثين والأطباء الممارسين للاطلاع علي المعلومات التي تم جمعها. تحت إدارة دكتور مايكل أوين جونز وقد تم إنشاء الأرشيف وإتاحته عام 1996 أستاذ المأثورات الشعبية و التاريخية بجامعة كاليفورنيا.

وتشير الأرشيفات السابقة إلى أن حركة الارشيفات العالمية قد تجاوزت مرحلة الأرشيفات العامة إلى الرشيفات المتخصصة فى موضوع بعينه فى الفولكلور، على حين لازالت الأرشيفات العامة تخدم المشاريع الكبرى فى البحث العلمى كأرشيف جامعة نيوفاوند لاند للفولكلور، وأرشيف أيداهو للفولكلور IDAHO OF ARCHIVE ldaho of University -FOLKLORE الذى يحتوي على أبحاث ميدانية منذ عام1936. وفى فرنسا نشأت تجربة أرشفة المادة الفولكلورية من خلال أرشيف المتحف الوطنى للفنون والعادات الشعبية بباريس.et Arts des NationaI musée Populaires Traditions ويعد هذا الأرشيف من أهم المؤسسات العلمية التى تهتم بجمع وتصنيف و تحليل المواد الفولكلورية، كما ارتبط بمؤسسات علمية أخرى فى أنحاء فرنسا فى مجالى الفولكلور والإتنولوجيا.

ويقوم الباحثون بالمتحف الآن على نقله إلى مارسيليا ليصبح متحف حضارات أوروبا والبحر البيض المتوسط. ومن ثم فسيدخل فى مقتنياته العديد من المواد العربية. أما فنلدندا فهى من أكثر الدول الأوربية اهتماما بأرشيف الفولكلور. ولعل أكثر ما يشد انتباهنا فى تجربة أرشيف الفولكلور الفنلندى هو ارتباطه بالمؤسسات الأهلية، إذ أن أبرز وأعرق نموذج لذلك هو جمعية التراث الفنلندى التى أنشئت عام 1831 بهلسنكى، وقد حددت الجمعية هدفها- من خلال نواة الأرشيف الذى أسسته - بمحورين رئيسيين، الأول: العناية بالتراث الشعبى جمعا وتنظيما ودراسة. الثانى: العناية باللغة الفنلندية وما يكتب بها.

وقد اشتهر الأرشيف الفنلندى بتوثيق الجامعين والإخباريين وأماكن الجمع وتاريخها وإتاحة ذلك كله بكافة الطرق العلمية.

ومع دخول التكنولوجيا الحديثة وثورة المعلومات لم يجد القائمون عليه صعوبة فى إدخال المعلومات الأرشيفية حيث أن المنهج الذى كان متبعا فى التوثيق كان يتسم بدقة وفرت الكثير من الجهد.

وهناك مئات الرشيفات الأخرى المنتشرة حول العالم بألمانيا وانجلترا وروسيا وإيطاليا وكندا منها ماهو عريق ومستمر فى آداء وظيفته، ومنها ما هو جديد يعتمد على التطورات الحديثة فى تكنولوجيا المعلومات بكافة معطياتها.

التجارب العربية خلال عام 2007

وقد تم خلال عام 2007 بعض المحاولات العلمية سواء التى قمنا بالإشراف عليها بالتدريب العلمى أو ما قدمناه من أوراق علمية فى المنطقة العربية بغرض توثيق التراث الشعبى لكل بلد عربى.

وقد سبق هذه المحاولات المؤتمر الذى أقامه مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بمشاركة اليونسكو والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة للدعوة إلى اجتماع الخبراء العرب حول دور التسجيل وقواعد البيانات فى الحفاظ على المعارف التقليدية والفولكلور (29،2005/12/1 – 11/30 )، والذى تم فيه التوصية بتطبيق مشروع المكنز على المستوى العربى (2)، وجار فى المرحلة الحالية إعداد قاعدة معلومات الفولكلور العربى، التى سنعطى بعض النماذج منها فى هذه الدراسة.

تجربة سوريا فى توثيق التراث الشعبى

وقد كانت سوريا فى مقدمة الدول التى بادرت بتطبيق عمليات التوثيق باستخدام مكنز الفولكلور، وقد أشار الأستاذ كامل اسماعيل مدير التراث الشعبى فى وزارة الثقافة السورية إلى أنه عقب صدور اتفاقية حماية التراث الثقافى غير المادي عن منظمة اليونسكو فى 13 تشرين الأول (اكتوبر) 2003 وتوقيع الجمهورية العربية السورية على هذه الاتفاقية بعد أقل من عام على صدورها، بدأت فى سورية الاستعدادات لاتخاذ خطوات جادة لجمع وتسجيل مظاهر التراث الشعبى غير المادى بالتعاون بين وزارة الثقافة، ممثلة بمديرية التراث الشعبى، المحافظات السورية ومديريات الثقافة بجميع والباحثين والكتاب المهتمين فى هذا المجال.

وكان من ضمن هذا النشاط عقد ندوة وطنية فى مدينة حلب بتاريخ 2-1 تشرين الأول (اكتوبر) 2005 لإلقاء الأضواء على الاتفاقية وكيفية الخروج بتصور مشترك حول إطلاق ورشات عمل تقوم بجمع التراث المادى وحفظه و من ثم أرشفته.

وقد ارتبطت تجربة الجمع والتوثيق بمكنز الفولكلور حيث شملت خمس عشرة محافظة لتوثيق التراث الشعبى السورى. وقد شرع الباحثون فى سوريا بتصوير ما يقرب من عشرين نسخة من المكنز، وتكوين ورش عمل واجتماعات فى كل محافظة من المحافظات السورية حضرها فى كل مرة رجال الثقافة والإعلام والباحثون والمهتمون فى مجال التراث الشعبى.

وكان موضوع هذه الاجتماعات ضرورة القيام بالجمع الميداني باستخدام المكنز، ومن ثم فقد شرع المهتمون بتوثيق التراث الشعبى بإشراف السيد اسماعيل كامل بوضع نسخة من المكنز تحت تصرف كل مديرية من مديريات الثقافة فى المحافظات، بعد أن شرح كيفية بنيته وطريقة استخدامه والغاية منه وكيف يمكن تنسيق عملية جمع التراث اللامادى بناء عليه مع اضافة مالم يتضمنه المكنز. وقد لاقى قبولا حسنا من الباحثين والمهتمين فى التراث اللامادي.

وستقوم مديريات الثقافة المعنية بتصوير المكنز أو فصول منه لوضعها تحت تصرف الباحثين كورقة عمل ودليل للجمع المنسق قدر الإمكان. إذن يمكن أن نقول - والحديث لكامل اسماعيل- أن "مكنز الفولكلور" قد أصبح دليل عمل للمشتغلين فى جمع التراث الشعبى غير المادى فى سورية.

وتجلى ذلك فى المخطوطات التى تقدم بها بعض جامعي التراث الشعبى، التى تعرض على لجنة خاصة تقوم بتقييمها والموافقة على إصدارها ضمن سلسلة تحمل اسم "مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي" التى بدأت إصداراتها فى نهاية عام 2005 . فكثير من الباحثين قاموا بتعديل طريقتهم فى الجمع بعد الاطلاع على المكنز وأصبحوا أكثر دقة وتصنيفا فى موضوعات التراث.

تجربة توثيق التراث الشعبى المغربي

وقد كانت تجربة المغرب حافلة بالعديد من الإنجازات على المستوى العلمى أو الروابط بين الباحثين العرب. فقد شرع مركز تحقيق توثيق ودراسة التراث المغربي المخطوط والشفهي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثانى المحمدية فى عمل قافلة ثقافية ضمت مجموعة من الخبراء العرب للمشاركة فى مجموعة ندوات علمية وورش عمل حول توثيق التراث الشعبى، وذلك فى الفترة من 21 مايو حتى 4 يونيو 2007. وقد أثمرت التجربة عن تدريب مجموعة متميزة من الباحثين المغاربة بإشراف الدكتورة سعيدة عزيزى رئيسة المركز.

وقد كان من أهم ما خلصنا به من القافلة المغربية هو التفهم السريع والجاد من الباحثين وطلبة الجامعات لمشروع التوثيق، وتقديم نماذج تطبيقية لمكنز الفولكلور المغربى بعد تدريبهم على منهجية استخلاص المصطلح، وجار الآن استكمال مشروع التوثيق من العديد من الروافد الميدانية والمنشورة بالمغرب، تمهيدا لتقديمها فى ملتقى الخبراء العرب لتسجيل الفولكلور والذى سيعقده اليونسكو فى يناير 2008 بمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعى بالقاهرة.

أما التجربة التى تميزت بها قافلة المغرب فهى الوقوف على العديد من الظواهر والممارسات الشعبية بعدة مناطق مغربية فى مقدمتها مراكش، و ورزازات بالجنوب المغربى، ومن ثم كانت عمليات التوثيق وورش العمل ذات صلة مباشرة بالميدان .

تجربة توثيق التراث الشعبى البحرينى

أما دولة البحرين فقد شهدت تجربة نزعم أنها كانت على درجة كبيرة من التنظيم العلمى من ناحية والتطبيق العملى من ناحية أخرى، حيث عقد قطاع الثقافة والتراث الوطنى بوزارة الإعلام بمملكة البحرين الدورة التدريبية الأولى حول "مكنز الفولكلور البحرينى" فى الفترة من 6-2 سبتمبر 2007. وقد قمنا بتدريب مجموعة من المتخصصين فى مجال التراث (حوالى أربعين متدرب). وقد شارك فى الدورة مجموعة من الباحثين بالتراث من إدارة الثقافة والتراث الوطنى وطلبة من جامعة البحرين. وبعض المتخصصين من المملكة العربية السعودية. وارتبط الهدف من تنظيم الدورة بإنشاء قاعدة بيانات متخصصة فى التراث الشعبى البحرينى وموقع متخصص على شبكة الإنترنيت. وإعداد مجموعة متخصصة من الباحثين فى مجال الأرشفة، بغرض إعداد أرشيف فولكلورى وطنى من ناحية، والاندماج مع أرشيف الفولكلور العربى من ناحية أخرى. وقد أسفرت هذه الدورة عن عدة نتائج يأتى فى مقدمتها البدء فى توثيق مصطلحات التراث الشعبى البحرينى (وقد تم إعداد خطة زمنية مفصلة لإنجاز العمل)، وإعداد قاعدة معلومات التراث الشعبى البحرينى بالتنسيق مع ملتقى الخبراء العرب لتسجيل الفولكلور والذى سيعقده اليونسكو فى يناير 2008. أما المشروع الأخير الذى نأمل أن يتم إنجازه بالشكل المرجو فهو إعداد موسوعة التراث الشعبى البحرينى التى تضم كافة موضوعات وعناصر التراث الشعبى البحرينى، وقد تم إعداد خطة مفصلة لإعداد الموسوعة والانتهاء منها فى ديسمبر2008.

وخلال الدورة التدريبية عقدت عدة اجتماعات مع المتخصصين بالمتحف : الأستاذ يعقوب المحرقى مدير الثقافة والأستاذ يوسف بومطيع القائم بأعمال مدير الأثار والتراث والأستاذ ابراهيم سند مشرف الدراسات والبحوث، لإعداد مشروع وخطة زمنية لأرشيف الفولكلور البحرينى جار تنفيذه الآن.

ويشير المشروع إلى أن متحف البحرين الوطنى يشمل بعض المحاولات لتوثيق المادة الفولكلورية، يمكن أن تكون نواة لاستخلاص مصطلحات مكنز وموسوعة الفولكلور، ويقترح أن تتوحد الجهود في العمل للوصول لأفضل نتيجة علمية.

وذلك بتكليف الباحثين بالمتحف بمراجعة مجموعة المصطلحات الخاصة بالتراث الشعبى البحرينى الذى قمنا بإعدادها، وفى الوقت ذاته يقوم قسم المقتنيات برصد المصطلحات الخاصة بالمقتنيات والموجودة على بطاقات التسجيل على أن يتم استخلاص البيانات الخاصة بـ: اسم المقتنى - التعريف الخاص به، كما يكلف قسم الأزياء الشعبية المنبثق من قسم المقتنيات باستخلاص وتعريف مسميات الأزياء المختلفة ومناسباتها. أما قسم المخازن فيكلف بعض الباحثين باستخلاص مسميات المقتنيات الموجودة به والتعريف بها وبخاصة المقتنيات غير الموجودة في قاعة العرض.

ترصد الخطة أيضاً برنامج عمل للأبحاث الميدانية، وذلك بغرض استخلاص المصطلحات الموجودة بهذه الأبحاث والتي لم تنشر بعد مع التعريف بها. ويدخل فى هذا الإطار المواد الميدانية الخاصة بمركز التراث الشعبى لدول الخليج، حيث تم الاتفاق على تشكل لجنة لاستخراج المادة الموجودة بها وتوثيقها. وترتبط فعاليات العمل بإعداد ملفات تشمل كل منها: المصطلح والتعريف به ومكان انتشاره، مثال: ملف الأدوات - ملف عادات الزواج – ملف الحرف - ملف الآلات الموسيقية .. وهكذا.

وداخل كل ملف جدول من ثلاث أقسام يشمل البيانات على نحو ما يوضحه المثال التالى :

مكان الانتشار

التعريف بالمصطلح

اسم المصطلح

البحرين

البحرين - قطر

من أدوات تقليب القهوة.

الشخص الذي يغوص لجمع المحار...

المحماس

الغيص

 

ومن المهم هنا وضع أكبر معلومات ممكنة في خانة التعريف بالمصطلح .. ولا يهم أن يحتل سطرا أو عدة فقرات، وإذا تكرر التعريف بالمصطلح من عدة مصادر فإن ذلك يساعد على توثيق المعلومة. كما أنه ومن المهم أيضا ضبط المصطلح بالشكل مع الاستعانة بمتخصص لغوى لهذا الغرض كلما أمكن.

التوصيات العربية لتوحيد منهج التوثيق

وخلال عام 2007 تمت عدة لقاءات دولية فى أكثر من بقعة عربية، كانت مشاركتنا فيها مرتبطة بهدف رئيسى يتمحور فى توحيد المنهج العربى فى التوثيق. وقد بدأت بلقاءات تونس الدولية الأولى حول التراث الثقافى اللامادى فى الفترة من l8 إلى 25 فبراير 2007، والتى عقدت بمدينة المهدية بمشاركة عدة منظمات دولية بإشراف الدكتور عبد الرحمن أيوب رئيس المعهد الوطنى للتراث بتونس، وقد أوصى هذا المؤتمر فى أكثر من فقرة بتطبيق وإنشاء مكنز الفولكلور العربى. وهو ما أوصت به دولة الإمارات العربية المتحدة فى لقاء أبوظبى فى أبريل من نفس العام .أما اللقاء الثانى فقد كان ضمن فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية لعام 2007، حيث عقد الديوان الوطنى للثقافة والإعلام بوزارة الثقافة الجزائرية مؤتمرا علميا تحت عنوان : الخيمة العربية فضاء للقيم السامية والعيش المشترك بإشراف الدكتور عبد الحميد بو رايو أستاذ الأدب الشعبى ومدير مخبر أطلس الثقافة العربية الجزائرية، وقد كان فى مقدمة توصيات المؤتمر الشروع فى إعداد موسوعة التراث الشعبى البدوى اعتمادا على قواعد مكنز الفولكلور.

قاعدة لتوثيق التراث الشعبى العربى

تعد عملية توثيق التراث الشعبى من أعقد وأصعب العمليات فى دورة حياة المادة الفولكلورية، التى تبدأ - فى تصورنا - بمرحلة الجمع الميدانى ثم مرحلة التوثيق وتنتهى بمرحلة التحليل أو الاستلهام. وصعوبة التوثيق ترتبط هنا بتعدد الاجتهادات سواء المؤسسية أو الفردية دون أن يكون هناك قنوات تربط بين هذه الاجتهادات أو الأفكار. ولا نغالى فى القول إذا قلنا أننا حتى هذه اللحظة قد لا نكون على دراية بما يتم من أبحاث أو دراسات منشورة فى كل بلد عربى، بل قد يفاجأ البعض بظهور كتاب لمؤلف عربى قد لا نستطيع مجرد التعرف على تاريخه. الأكثر فداحة أننا قد لا نكون على دراية بالمؤسسات المهتمة بالتراث الشعبى فى المنطقة العربية، وقد لا نكون على دراية بجميع المؤسسات المهتمة فى نفس البلد الذى نعيش فيه. ولذلك فتوثيق التراث الشعبى لا يرتبط فقط بالمادة الميدانية أو المنشورة، بل يدخل فى المنهج ذاته توثيق أعلام التراث الشعبى، والمؤسسات المهتمة بهذا التراث، والببليوجرافيات والموسوعات والأبحاث والنظريات. وفى إطار توثيق المادة الميدانية لا يرتبط منهج التوثيق بالإطار الموضوعى فقط بل يرتبط أيضا بتوثيق الإطار الجغرافى لهذه المادة والجامعين الميدانيين، كما يرتبط بالإطار الزمنى الذى قد يمتد إلى قرون فى تاريخ ثقافتنا العربية حتى مراحل الجمع الميدانى الحديثة.

ومن هنا جاء اقتراح خبراء الفولكلور العرب فى المؤتمر الذى عقد حول دور التسجيل وقواعد البيانات فى الحفاظ على المعارف

التقليدية والفولكلور (القاهرة 29 / 11-1/12/2005) بضرورة الإسراع بإعداد مكنز الفولكلور العربى معتمدا على المكنز المصرى، وذلك تمهيدا لعمل قاعدة معلومات كبرى لتوثيق التراث الشعبى العربى. وبناء على هذا الاقتراح فقد قمنا من خلال فريق عمل بمركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بإعداد دليل مفصل لكيفية توثيق المصطلح العربى، والذى نقدمه لكل المعنيين بالتراث الشعبى فى المنطقة العربية، حتى يقوم كل بلد عربى باقتراح موضوعات فولكلورية عربية مرتبطة بتراثه (3). ويقوم هذا الدليل على قسمين رئيسيين :

القسم الأول : جمع وتسجيل المصطلحات يدويا

القسم الثانى : تسجيل المصطلحات فى قاعدة المعلومات

ويمكننا تلخيص ما جاء بالدليل من خلال مجموعة من الأسس والقواعد لتوحيد عمليات توثيق المصطلح العربى على النحو التالى :

> الاطلاع العام على بناء المكنز بالقسم المصنف من بدايته حتى نهايته.

> البدء بقراءة كل قسم على حدة والفروع المرتبطة به، ثم تسجيل الموضوعات التى تخص كل دولة فى المكان المناسب، مع إضافة شرح مبسط للموضوع الجديد إذا كان ملتبسا أو يحتاج لتوضيح.

> وضع كل بيان جديد فى بطاقة تمهيدا لإدخالها فى قاعدة المعلومات العربية

> عدم الانشغال باقتراح أرقام تصنيفية للمصطلحات التى ستضاف، فالأساس فى إضافة مصطلحات جديدة، هو وضعها أمام أقرب رأس موضوع يتبعها داخل المكنز.

> قد يحتاج المصطلح المقترح لإدخاله فى أكثر من تصنيف، وهنا يمكن انتخاب أقرب الموضوعات صلة به وتسجيل أرقامها.

التأكد من تدوين المصطلح بطريقة صحيحة دون أية أخطاء إملائية .

> يفضل إعطاء نبذة توضيحية (تبصرة توضيحية) وهى التى يرمز لها بـ (ت و) لكل مصطلح مقترح فى حدود من 10 إلى 30 كلمة.

إضافة مصطلحات جديدة أو/و إضافة مصطلحات مشابهة بمسميات مختلفة.

ونقدم فى الجزء التالى بعض النماذج التطبيقية لإجراء هذه العمليات :

تونس

13.01-1 مراكز الفولكلور

(مركز الفنون والتقاليد الشعبية)

ت و : أسس عام 1965، وهو أحد الأقسام الأربعة التى يشتمل عليها المعهد القومى للآثار والفنون.

السودان

15.19-2 تأثير الأشياء

(شوكة الكتر)

ت و : يعتقد السودانيون أنها تسقط جلد الإنسان عنه.

المملكة العربية السعودية - نجد

02.01.31-3 نفقات الخطوبة

(الكسوة)

ت و : أحد بنود الزواج وهى أن يقوم الزوج بكساء أهل خطيبته وأقربائها إلى أن يصل إلى الدرجة الثالثة من القرابة.

02.51-5 رقصات تقليدية

(رقصة الليوة)

ت و : من الرقصات المنتشرة بين أهالى المنطقة الشرقية بالسعودية، وتؤدى فى شكل جماعى على إيقاعات الطبول، والمؤدون لها واقفون على شكل دائرة.

اليمن

25.51-3 المخدرات

(القات)

ت و : من المواد المخدرة التى يستخدمها اليمنيون، وله مكانة خاصة بين جميع فئات المجتمع فى التراث الشعبى اليمنى. وللقات طقوس وممارسات خاصة فى الاستخدام، ويشاع أنه نبات من الجنة ويتمتع بصفات سحرية، ويتم تعاطيه بالمضغ.

الكويت

09-4 الشعر الشعبى

(التحميدة)

ت و : يطلق عليها أيضا "الختمة"، وهى قصيدة دينية تعبر عن حمد الله وشكره، تبدأ بحمد الله والثناء عليه، ويردد الحاضرون كلمة "آمين" مع كل مقطع أو شطرة.

سوريا

09.03.31-5 هلى الرأس

(المرسلة)

ت و : ذهبية تحلى بها المرة على الرس وا بسلسلة لها حوالي المترين، توضع على لفتين .

وقد تواجهنا بعض رؤوس الموضوعات التى لها مثيلاتها فى بلدان عربية أخرى، غير أنها تتخذ مسميات مختلفة مثل :

> (ليلة النصف من شعبان) = الشعبانية

> (المشاهرة) = المدارس

> رقصة شعبية بالجنوب الجزائرى

> (الخلخال) = الحجل

> (حرز) = حروز

وقد تحتاج عملية التوثيق لإضافة مصطلحات رئيسية وفرعية كاملة فى بعض الأقسام، مثال :

02-6 المهن الشعبية

يحتاج هذا القسم لإضافة مهن جديدة منتشرة فى العالم العربى، مثل مهنة الغوص، ومن ثم يفضل عمل المصطلحات الرئيسية والفرعية لها بشكل هرمى، على النحو التالى :

الغوص

• القائمون على الغوص

• السيوب

• النواخذة

• الغاصة

• سيوبا

• الرضيف

• التباب

• أدوات الغوص

• الزيبل

• الشماشيل

• طرق الغوص

• الحجارى

• الإيذه

• الرواس

وعلى هذا النحو نقوم الآن بعمل قاعدة معلومات الفولكلور العربى الذى نأمل أن تكون خطوة فى حركة العلم وتوثيقه. ونشير فى هذا الإطار إلى أن توحيد المصطلح العربى فى قاعدة المعلومات هو أمر يرتبط بمنهجية التوثيق، حيث أن هذا المنهج قادر على ربط جميع المصطلحات المتشابهة بعضها البعض، فى علاقاتها الموضوعية والمكانية والزمانية أيضا. كما تدخل التقنيات الخاصة بالإحالات من المصطلحات غير المستخدمة إلى المصطلحات المستخدمة لتمنحنا مساحة مشروعة لإدخال جميع المصطلحات على اختلاف نطقها أو وظيفتها أو انتشارها الجغرافى. فالهدف الأساسى أن نوفر للقائم بعملية التوثيق أداة يعتمد عليها فى توثيق ما لديه من مادة ميدانية أو منشورة بجميع وسائطها. وفى الوقت ذاته يستطيع أى باحث أو مبدع أن يعثر على مادة بعينها كاملة جاهزة للتحليل العلمى أو الاستلهام الفنى ..

غير أننا لايمكننا حسم هذه العمليات إلا من خلال دورات تدريبية مكثفة للمتخصصين فى مراكز الأبحاث والمتاحف والمعاهد والهيئات المعنية بتوثيق التراث الشعبى العربى، وهى الخطوة العملية التى نحاول إنجازها فى الوقت الراهن لتخريج جيل قادر على التوثيق العلمى من خلال أداة علمية موحدة.

6 - الحماية الفكرية للفولكلور

لازالت الرؤية الدولية لمفهوم توثيق الفولكلور مرتبطة خلال ربع القرن الماضى وحتى الآن بقضية حماية التراث الشعبى، وكان من أهم ما أنجز فى هذا الإطار الاتفاقية الدولية لصون الفولكلور - اليونسكو 1987 - والمؤتمر العام الذى عقده اليونسكو فى باريس من أكتوبر إلى نوفمبر 1989 والذى أوصى بالعديد من البنود المهمة فى هذا الشأن والتى من بينها :

أ - إجراء حصر على المستوى الوطنى للمؤسسات التى تهتم بالفولكلور بغية إدراجها فى سجلات إقليمية وعالمية للمؤسسات المعنية.

ب إنشاء نظم للتحديد والتسجيل (الجمع والفهرسة والتدوين) أو تطوير النظم القائمة عن طريق إصدار أدلة، وأدلة الجمع الميدانى، وفهارس نموذجية، الخ. وذلك نظرا للحاجة إلى التنسيق بين: التصنيف التى تستخدمها المؤسسات .

ج - تنشيط عملية إعداد نظام موحد لتصنيف الفولكلور من خلال إعداد مخطط عام لتصنيف الفولكلور بهدف تقديم التوجيه على المستوى العالمى، ومن خلال إعداد سجل تفصيلى للفولكلور، ومن خلال إعداد نظم إقليمية لتصنيف الفولكلور، ولا سيما عن طريق مشروعات رائدة إقليميا (4).

وقد تنامت الحاجة إلى توثيق وحماية الفولكلور فى مطلع القرن الواحد والعشرين، وظهرت الحاجة إلى تشريع القوانين الخاصة بالحماية الفكرية. وكان من أهم ملامح تلك الفترة - فى مصر - ظهور القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية (5). وقد ورد فى (المادة 138) من الكتاب الثالث (فقرة 4) تعريفا لموضوعات الفولكلور التى تخضع لقانون الحماية القكرية، تحت عنوان "الفولكلور الوطنى"، والذى عرفه المشرع بأنه "كل تعبير يتمثل فى عناصر متميزة تعكس التراث الشعبى التقليدى الذى نشأ أو استمر فى جمهورية مصر العربية، وبوجه خاص التعبيرات التالية :

(أ) التعبيرات الشفوية مثل : الحكايات والأحاجى والألغاز والأشعار الشعبية وغيرها من المأثورات .

(ب) التعبيرات الموسيقية مثل: الأغانى الشعبية المصحوبة بالموسيقى .

(ج) التعبيرات الحركية مثل: الرقصات الشعبية والمسرحيات والأشكال الفنية والطقوس.

(د) التعبيرات الملموسة مثل: منتجات الفن الشعبى التشكيلى وبوجه خاص الرسومات بالخطوط والألوان، والحفر والنحت، والخزف، والطين والمنتجات المصنوعة الخشب أو مايرد عليه من تطعيمات تشكيلية مختلفة، أو الموزايك أو المعدن أو الجواهر، والحقائب المنسوجة يدويا، وأشغال الإبرة، والمنسوجات، والسجاد، والملبوسات.

(ه) الآلات الموسيقية

(و) الأشكال المعمارية

كما أشارت (المادة 142) صراحة إلى أن الفولكلور الوطنى يعتبر ملكا عاما للشعب، وتباشر الوزارة المختصة عليه حقوق المؤلف الأدبية والمالية وتعمل على حمايته ودعمه. وبعد عام واحد من ظهور قانون حماية حقوق الملكية الفكرية فى مصر، ظهرت فى باريس اتفاقية دولية بشأن حماية التراث الثقافى غير المادى (6). وقد حددت هذه الاتفاقية الكثير من المحاور المهمة والمرتبطة بأهداف صون التراث غير المادى والمفاهيم الواردة بها، وأجهزة الاتفاقية، والدول الأطراف، وانتخاب الدول الأعضاء فى اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافى غير المادى، ومهام هذه اللجنة والمساعدات الدولية وصندوق التراث الثقافى غير المادى ..إلخ. وتشير (المادة1) إلى أهداف الاتفاقية والتى تسعى إلى :

(أ) صون التراث الثقافى غير المادى

(ب) احترام التراث الثقافى غير المادى للجماعات والمجموعات المعنية وللأفراد المعنيين .

(ج) التوعية على الصعيد المحلى والوطنى والدولى بأهمية التراث الثقافى غير المادى وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث .

(د) التعاون الدولى والمساعدة الدولية.

وتعرف الاتفاقية مصطلح "التراث الثقافى غير المادى" بأنه "الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التى تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من ترائهم الثقافى. وهذا التراث الثقافى غير المادى المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمى لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافى غير المادى الذى يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين المجموعات والأفراد والتنمية المستدامة. وعلى ضوء هذا التعريف يتجلى "التراث الثقافى غير المادى" بصفة خاصة فى المجالات التالية :

(أ) التقاليد وأشكال التعبير الشفهى، بما فى ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافى غير المادى .

(ب) فنون وتقاليد أداء العروض .

(ج) الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات.

(د) المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون.

(ه) المهارات المرتبطة والفنون الحرفية التقليدية.

ويقصد بكلمة "الصون" التدابير الرامية إلى ضمان استدامة التراث الثقافى غير المادى، وبما فى ذلك تحديد هذا التراث وتوثيقه وإجراء البحوث بشأنه والمحافظة عليه وحمايته وتعزيزه ونقله، لا سيما عن طريق التعليم النظامى، وإحياء مختلف جوانب هذا التراث. وبشأن صون التراث الثقافى غير المادى على الصعيد الوطنى أكدت الاتفاقية فى (المادة 12) تحت عنوان "قوائم الحصر" على أن تقوم كل دولة طرف بوضع قائمة أو أكثر لحصر التراث الثقافى غير المادى الموجود فى أراضيها، ويجرى استيفاء هذه القوائم بانتظام.

ولسنا فى حاجة بعد هذا العرض إلى التأكيد على أن المؤسسات الدولية وعلى رأسها اتفاقية اليونسكو تؤكد جميعها على أهمية عمل قوائم حصر للتراث الثقافى غير المادى، واهتمام اليونسكو أيضا بإنشاء نظم للجمع والفهرسة والتدوين بغرض التنسيق بين نظم التصنيف التى تستخدمها المؤسسات.. وأتصور أننا فى حاجة إجبارية - ولا أقول ضرورية - أن نكثف الجهود فى هذه المرحلة من تاريخ حركة الفولكلور العالمى لتوثيق تراثنا الشعبى العربى. حتى يتسنى لنا الحديث عن الحماية الفكرية لهذا التراث. فنحن نمتلك الآن المنهج ونمتلك الأفكار ونمتلك السواعد العلمية القادرة على العطاء على مدى الرقعة العربية، ونمتلك الإمكانيات التكنولوجية المتقدمة. وأزعم أننا إن لم نتخذ هذه الخطوة الآن فسوف ننظر فى المستقبل إلى هويتنا الثقافية وقد سجلت فى أرشيفات أخرى تزعم ملكيتها لها دون أن يكون لدينا أداة علمية رقمية تقول للعالم: هذه هى ثقافتنا الشعبية. ومن ثم فقضية التوثيق هنا قد تجاوزت نطاق البحث العلمى والإبداع إلى كونها قضية سياسية تهتم بحماية هوية شعب يمتد تراثه إلى آلاف السنين.

المراجع

(1) مصطفى جاد. أرشيف الفولكلور العربى : دراسة تحليلية ورؤية مستقبلية. - - 255 : 306. - فى : المأثورات الشعبية فى مائة عام ـ ج1. - القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2002. - (سلسلة ابحاث المؤتمرات، 10). - (قدمت الدراسة فى مؤتمر المأثورات الشعبية فى مائة عام الفترة من 14 - 18 يناير 2OOl. القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة (لجنة الفنون الشعبية)،2001)

(2) اجتماع الخبراء العرب حول دور التسجيل وقواعد البيانات فى الحفاظ على المعارف التقليدية والفولكلور (القاهرة 29، 30 /11- 2005/12/1). - القاهرة : المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ومركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، 2005. —2 مج.

(3) أنظر دليل إعداد مكنز الفولكلور العربى: دراسة غير منشورة، وثائق مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى - مكتبة الإسكندرية، 2006

(4) محمد الجوهرى. حماية التراث الشعبى : دور مستقبلى لعلم الفولكلور.- الفنون الشعبية.- ع59/58(ينايرديسمبر 1998).- ص 20

(5) الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر فى 2002/6/2

(6) اليونسكو. اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافى غير المادى. - باريس:

اليونسكر، 2003. - (REV 14/CH/2003/MlSC.)

(7) قمنا بجمع الصور الخاصة بالجزائر والمغرب، أما صورة سوريا فقد استعنا بموقع ذاكرة الريف السورى.

أعداد المجلة