فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

أغاني السامر السيناوي في عصر العولمة

العدد 2 - أدب شعبي
أغاني السامر السيناوي في عصر العولمة

 

يعالج هذا البحث وضع الأغاني الشعبية المصاحبة للرقص في السامر السيناوي وعلاقتها بما أدخلته العولمة من تغيرات في أحد المجتمعات البدوية المصرية التي تتميز بظروف حياتية خاصة، فالمجتمعات البدوية عرف عنها أنها مجتمعات مغلقة أو شبه مغلقة، وظلت إلى عهد قريب بعيدة عن التأثر بما يفد إليها من الخارج، ولكن هذه المجتمعات لم تعد بمنأى عن آثار العولمة نظراً لانتشار وسائل الاتصال الحديثة وغزوها المتنامي لكل أرجاء المعمورة.

ومنطقة الشمال الشرقي من سيناء برغم أنها مجتمع بدوى إلا أنها تعرضت – وتتعرض – بحكم موقعها الجغرافي وظروفها التاريخية وتكويناتها البشرية لموجات متعددة من الجذب والشد، فهي تقع على الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة، وهناك العديد من القبائل السيناوية التي لها امتداد في فلسطين، وتشكل المصاهرة بين العائلات في سيناء وفلسطين ظاهرة واضحة.

وقد تعرضت سيناء في الثلاثين سنة الأخيرة لعدة أحداث وتغيرات عميقة أعملت فيها مظاهر الاحتكاك الثقافي عملها، فقد احتلتها إسرائيل عام 1967، وأثناء الاحتلال هاجر بعض أبنائها إلى محافظات الدلتا والوادي واكتسبوا عادات وتقاليد جديدة، كما أن بعض الذين بقوا في سيناء أثناء الاحتلال اكتسبوا عادات جديدة من خلال العمل في فلسطين آنذاك. وعادت سيناء إلى أحضان الوطن الأم عام 1982، وشهدت تنفيذ الكثير من مشروعات التطوير والتحديث منذ ذلك التاريخ. وقد وفد إليها الآلاف من أبناء الدلتا والوادي سواء للعمل أو الإقامة بصورة دائمة، وبخاصة في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء التي تعد حالياً نموذجاً للمدن البوتقة التي تنصهر فيها العناصر الثقافية المحلية والوافدة، بما يدعونا لمحاولة الإجابة عن التساؤل التالي:

 -  إلى أي حد تأثرت الأغاني المصاحبة للسامر السيناوي الذي يعد أحد مظاهر الثقافة التقليدية الخاصة بالمنطقة بهذا التفاعل الثقافي ثم بالعولمة وتداعياتها المختلفة؟

ويقوم هذا البحث على المادة الميدانية التي جمعت عن السامر السيناوي أثناء زيارتي للمنطقة مرات عديدة وعن طريق المقابلات المتعمقة مع الرواة، وذلك خلال الثلاث سنوات الماضية (2003-2006). وقد جُمعت المادة من ضواحي الشيخ زويد التي سميت بهذا الاسم نسبة لأحد مجاهدي الفتح الإسلامي وتعد نموذجاً للمجتمع البدوي التقليدي، وكذلك من مدينة العريش. وتركز الجمع على نصوص الأغانى الشعبية كالمربوعة والموال وغيرها والتي تؤدى مصاحبة للرقص (الرزعة – الدحية – المشرقية – الخوجار...) بوصفها نماذج نصية تميز هذه الأشكال الأدبية الشعبية وتظهر إلى أي حد تأثرت بالعولمة.

لقد برز فى السنوات الأخيرة اتجاه جديد في الدراسات الإنسانية والأدبية وهو ما يسمى بالنقد الثقافي الذي واكب التطور المنهجي والتوجهات المابعد حداثية. ولعلنا نستطيع من خلال إتباع هذا المنهج في دراسة المأثورات الشعبية عموماً والأغاني الشعبية خصوصاً أن نضع أيدينا على عوامل التأثر بالعولمة1، وشواهدها وعلاقتها بالمتغيرات المجتمعية العامة في هذه المنطقة التي تتميز بطبيعة اجتماعية وثقافية خاصة.

والنقد الثقافي منهج يقوم على دمج المعطيات النظرية والمنهجية دون إهمال منهج التحليل النقدي الأدبي لكي يتميز بثلاث ميزات:

1 - التمرد على الفهم الرسمي للنصوص.

2 - التوظيف الواعي لمزيد من المناهج التي تُعنى بتأويل النصوص.

3 - العناية بفحص أنظمة الخطاب والكيفية التي تفصح بها عن نفسها2.

فهل نسميه التحليل الثقافي؟ الذي يقوم على تحليل أغاني السامر بوصفها نصوصاً ثقافية والسامر نفسه بوصفه نصاً في ثقافة تقليدية متحولة، من أجل الكشف عن أنساق اجتماعية وفنية ورمزية. ودليلي في التحليل آفاق النظرية السيميوطيقية التي تعنى بالتأكيد على الطبيعة الدينامية بين العلامات الداخلة في الأنشطة التعبيرية والنظر إليها في شموليتها، العلامة وصاحبها ومفسرها، وفى العلامات من خلال توالدها3. ولعل ذلك يساعدنا في محاولة اختبار ثلاث مقولات حول العولمة وهى: أنها تحاول تفكيك النسق الجماعي، وإعلاء الأيديولوجيا، وتكريس المالتي ثقافة أي المزج الثقافي. وبهذا تلتقي العولمة مع الفكر ما بعد البنيوي وما بعد الحداثي في التأكيد على الاختلاف لا على الوحدة.

 

أولاً: الأنماط الشعرية التي تؤدى في السامر

أ- في تعريف السامر:

قيل السامر والسمار: الجماعة الذين يتحدثون بالليل، والسمر: حديث الليل خاصة، والسمر: مجلس السُمَار. والسامر هو الموضع الذي يجتمعون للسمر فيه، ومما أنشد فيه: وسامر طال فيه اللهو والسمرُ4.

ولكننا يجب أن نفرق بين السامر السيناوي والسامر الذي ساد إلى عهد قريب في مناطق مصر الأخرى كالدلتا والوادي والذي يأخذ تسميات عديدة في المحافظات المختلفة، بما كان يحتوى عليه من تمثيليات وأنشطة غنائية من قبل بعض الفرق الشعبية المحترفة كالخلابيص والمحبظين... إلخ.

فالسامر السيناوي في رأينا "حفل يقام في المناسبات الاجتماعية سواء أكانت عرساً أو عيداً أو أية مناسبة سعيدة أخرى كالعودة من الحج أو عودة الغائب... إلخ، وكان من المعتاد أن يقام في الليالي المقمرة فإذا احتاجوا في الليالي الأولى والأخيرة من الشهر إلى الإضاءة أضرموا ناراً وتحلقوا حولها، وأهم ما يميز السامر السيناوي أنه حفل سمر من نوع خاص يحتوى على غناء الشعر والرقص معاً، وتتنوع فيه الأشكال الشعرية كالبدع، والمربوعة، والهجيني... إلخ. ويبرز في السامر الحماس والمباراة والمساجلة بين البداعين في غناء الشعر، وبين الحاشيات في أداء الرقص أمام الرجال". فما دور الشعر فى السامر؟

يقول نعوم شقير "كل شعر في سيناء يغنى. والشعر والغناء عندهم أربعة أنواع: القصيد والمواليا وحداء الإبل وغناء الرقص وهو ثلاثة أنواع: الدحية والسامر والمشرقية. والشعر في هذه الأنواع الثلاثة يرتجل كالقرادة والمعنى في لبنان، والزجل في مصر. ولغة الشعر عندهم على أنواعه اللغة العامية"5.

وقد عرف شقير كل نوع منها وأورد نماذج له في مؤلفه المشهور. كما أقر هذا التقسيم حاتم عبد الهادي في كتابه "ملامح الشعر في بادية سيناء"، وأضاف إلى التقسيم أن السامر نوعان:

(أ) الخوجار: وتبدع فيه النساء،

(ب) الرزعة:ويبدع فيه الرجال، إلى جانب بعض الأغاني الخاصة بموسم الحصاد ورؤية الهلال، علاوة على وجود البداع الذي يرتجل الشعر وغيره من الألوان الأدبية الأخرى6.

ويمكننا بناء على ذلك أن نقر بأن رواة الشعر الشعبي في سيناء ينقسمون إلى ثلاثة هم:

- الشاعر:ويختص بإبداع وإنشاد القصائد وأغلبها شعر نبطي.

- البداع:ويختص بالغناء في السامر مصاحباً للرقص.

- الحادى: وينشد عند سقى الإبل أو تحفيزها على السير.

وتتداخل أنواع الشعر الشعبي لدى البداع والحادي، فالحادي قد ينشد الموال ويقال له هجيني أي ينشد الهجيني ومن نماذجه:

يا راكباً على الجعود (القعود)1 علم على الدرب عجبي2

وصار الجديـد مـا يظـل في الجلــب ماضي وعندما يطلب من مغن أن ينشد الهجيني، يقال له شوبش أو ما تشوبش يا ولد أي غن أو قل موالاً. وكان الشائع في الموال أن يتبادل غناءه بداعان أو حاديان ولكن هذه المساجلات قلت إلى حد بعيد الآن.

 

ب- وصف سامر تقليدي:

إننا نستطيع أن نطلق على التجمع الاحتفالي في المناسبات الاجتماعية الفرحة في سيناء من بدايته حتى نهايته اسم السامر الذي ينقسم بدوره إلى عدة أقسام هي:

1 - الرزعة: وهى بداية السامر التي تكون بطيئة، حيث يقوم الرجال والنساء بدق الكف وهم جالسون، وتبدأ النساء في إطلاق الزغاريد والغناء. ويسمى هذا القسم الرزيع أو الرزعة، وهو عبارة عن نداء لأفراد القبيلة لحضور السامر ويغنى الرجال قائلين:

 

جوموا للرزعة يا شباب يا حلويــن

فى بلاد الزينة موجع للعشاج يطيـب

جلبي في هواهن جرح منهن ما يطيب

 

إلى أن يكتمل الجمع المشارك فى السامر ويتحمسون للتعبير عن فرحتهم. وهنا يهب أحدهم واقفاً وينادى بصوت مرتفع: ها ها ها ها فيقف الجميع ويصطفون صفاً واحداً ليبدأ القسم الثاني من السامر وهو رقصة الدحية، وينطلق فيها الغناء مصحوباً بالرقص(7).

2 - الدحية: الدحية أو الدحة يقصد بها دحية الحاشية (الحاشي). والغناء فيها له طريقة خاصة في الأداء. يصطف الرجال فيها جنباً إلى جنب متلامسي الأكتاف، بينما تصطف النساء على بُعد. ويقف في منتصف الصف أكفأ الرجال، وعادة ما يكونون من الكهول، لأنهم يتميزون بقدرتهم على الرقص (اللعب) وعلى الغناء، وهم الذين يحفظون الأشعار.

وتدخل الحاشي فتبدأ مجموعة الرجال فى تحيتها بدق الكف مع الحركة والغناء:

 

دحيوه     دحيوه      دحيه(30 مرة)

ع رويحه نجول الريداه

رويحه نجول الريداه

 

3 -  البدع: فإذا ما حمى إيقاع رقص الدحية انبرى البداعون للغناء.

البديع: واعطونا الخمسة من إيديكموالخمسة زواج الدحيه(3)

المرددون: حان نجول الريـــده

ويطلق على الغناء في هذا القسم البدع، ويسمى شاعره في الشيخ زويد البديع؛ لأن الشاعر الذي يقود المجموعة يبدع في القول ويرتجل الغناء8. وهنا ينقسم الرجال إلى صفين ويختار لقيادة الغناء بداعين ويبدأ كل منهما بالبيت الأساسي. ويتجه كل بداع نحو الصف ويأخذ في الغناء فيستجيب له صف الرجال بالرقص وترديد المطلع9.

حاني نجول الريده        أي يريحيني القول الطيب

 

البديــع(1):

أعطوني الخمسة من ايديكم

إياه يا ضاربين الدحيـه

المجموعة:

حاني نجول الريـــداااه

والخمسة زواج الدحيـه

البديــع(2):

أعطوني الخمسة أعطوني

آه مثل حفيف الكينية4

المجموعة:

حاني نجول الريـــداااه

 

البديــع(1):

أنا مجيرك يا الغالي

مد إيدك سلم عليـــه

المجموعة:

حاني نجول الريـــداه

 

البديــع(2):

أنا مجيرك يالغالـــي

تلعب أركان الدحيــه

المجموعة:

حاني نجول الريـــداه

 

البديــع(1):

إن دج جليبك يالغالــى

جلبي بيسمع داويــه5

المجموعة:

حاني نجول الريـــداه

 

البديــع(2):

ربعك ربيعك يالغالــي

والكل بسيف وشبريـه6

المجموعة:

حاني نجول الريـــداه

 

البديــع(1):

ثلاثة طيور على الدنجور7

صقرا وحمامه وحدّيــه

المجموعة:

حاني نجول الريـــداه

 

البديــع(2):

يا حلوه خفى جدمكـي8

ونعزم إن كنت رفاعيـه

المجموعة:

حاني نجول الريــداه

 

البديــع(1):

والله لا عمر سامركـو

لو لحقت ضرب الشبريه

المجموعة:

حاني نجول الريــداه

 

البديــع((2):

في كلام فروح في إيدي

والرايه تزعزع فوجيه9

المجموعة:

حاني نجول الريــداه

 

البديــع(1):

عندي جاعود10 أحمر شرود

بيسابق بيه الطيــاره

المجموعة:

حاني نجول الريــــداه

 

البديــع(2):

يا مزغرتات الزغاريـــد

عجن ثلاثة سويــه11

المجموعة:

حاني نجول الريــــداه

 

البديــع(1):

في كلام فروح في إيــدي

والراية تزعزع فوجيه

 

......... إلخ

 

 

 

ويستمر الغناء والرقص في الدحية حتى نهايتها التي تختم بالصلاة على النبي.

4 - المربوعة: ويستمر فيها الغناء والرقص وفى الوسط الحاشية أو الحاشيتان ولا تستطيع إحداهن ترك الساحة إلا إذا استأذنت صاحبتها بأن تتقدم للرقص مكانها. وطوال السامر يحاول كل بداع أن يتفوق على الآخر فى استمالة الحاشية نحوه.

ويستعد البديع للانتقال إلى المربوعة فيقول:

ها ها         .. ها ها .. ها ها، ورتم الغناء فى هذا القسم من السامر أسرع، ويقف فيه المشاركون في صفين متقابلين أي مجموعتين:

البديع 1:

 

 هولو               هولو

بك يا هولو  

لا يا حليفي يا لولد10

 

ويقصد بهذه العبارة الترحيب (أهلاً وسهلاً بك أيها الصديق فأنت حليفي).

 

مـج1:

هولو هولو بك يا هولو

لا يا حليفي يا لولـــد

بديع1:

وأول ما نبدى بالبـادي

نبينا محمد الهادي

مـج1:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

بديع2:

مربوعه لو سويناهــا

ع الحول تفطم ضناهـا12

مـج2:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

بديع1:

يا بنيه لولا جهلنـــا

ما جينا من عند أهلنــا

مـج1:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولـــــــــد

بديع2:

لا يا إم الجُنعه13 جديده

سلينى بلادى بعيـــده

مـج2:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولـــــــــد

بديع1:

لا يا إم الجنعه طراحه

سليني بلادي في الراحة14

مـج1:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولـــــــــد

بديع1:

ياهلا ياهالييـــــن

سلام باليد وبالعينيـــن

مـج1:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

 

لا يا حليفي

يالولــــــــــد

بديع2:

يا مرحب يوم انك جيتي

فجيتي العتمه15 وضويتي

مـج2:

هولـــو هولـــو

بك يا هولـــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولـــــــــد

بديع1:

يا زينه جاكى الصيـاد

يتمشى مع لجـــواد16

مـج1:

هولـــو هولـــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع2:

يا زينة وزينتك رماني

يا نعنع في المرطماني17

مـج2:

هولـــو هولـــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع1:

يا زهره في نص الوديان

وابوكي شيخ العربـان

تبادل من جديد بين المجموعتين

مـج1:

واضربني بالسيف الطيه

واغسلني بابريق الميـه

مـج1:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع2:

وبنيه إن جتني واحدها18

لأحلف عليها واجحدها

مـج2:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع1:

لاركبكي فى جيب صغير

في عز السندي بيغيـر

مـج1:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفـــــــى

يا لولــــــــد

بديع2:

لاركبكي تاكس هزازي

ياللى شباكه جـزازي19

مـج2:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع1:

ورينا نكست مريــرك20

خليني انكس مريرى زيه

مـج1:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع1:

وأعطونا الحاشي ع هونه21

وصغير لا تتعبونــه

مـج2:

هولـــو هولــــو

بك يا هولــــــو

 

لا يا حليفي

يا لولــــــــد

بديع1:

هاتى شنطتكي وتعالــى

يا ميته يا فنطزيــه

مـج1:

هولـــو هولــــو

بك يا هولـــــو

 

لا يا حليفي

يا لولـــد ... إلخ

 

 

ولكننا يجب أن ننبه إلى أن هذه الرقصات أصبحت نادرة، كما أن الأغاني التي تصحبها قاربت على الاندثار لقلة البداعين وحفاظ الشعر الذي هو في معظمه مرتجل.

4 - الدبكة: فى منطقة الشيخ زويد والعريش لا يقتصر السامر عند بعض القبائل وبخاصة ذات الأصول الفلسطينية على الرزعة والدحية وغناء المربوعة، فمن الرقصات التي نجد التأثير الشامى واضحاً فيها رقصة الدبكة، وهى أنواع مختلفة مثل: الدبكة العادية وتسمى بالثلاثية، ودبكة ظريف الطول ودبكة عليادي ودبكة الطياري.

ففي الدبكة الثلاثية يقف على الأقل سبعة أفراد ممسكين الأيدي في دائرة وهم يقفون بعكس عقرب الساعة وفى الوسط يقف عازف الشبابة (الناي) ويتحرك الراقصون خطوات ثلاثية، وفى الخطوة الرابعة حجلة وتكرر هذه الحركة أربع مرات ثم الوثبة الثلاثية وتكون الحجلة على قدم واحدة وتتم الوثبة على قدم وينزل على نفس القدم، وبعد ذلك يضرب الراقصون على رجلهم الثانية ثلاث مرات ويكرر أربع خطوات والحجلة والوثبة الثلاثية11.

ومن الأغاني المصاحبة لدبكة ظريف الطول:

 

يا ظريف الطول

ويا رايح تُـروح

غلبت جلبي

وفتحت الجـروح

أما الدبكة الثالثة عاليادى فتؤدى فيها أغنية عاليادي12.

وأما الدبكة الطياري فهي تعد بمثابة رقصة عسكرية فيها خطوات عسكرية مع مسك كتف المشتركين باليد اليمنى ووضع اليد اليسرى في الوسط13.

إن مغنى الدلعونا الذي يقود الغناء فى الدبكة يقف فى مركز الدائرة بينما يقف الدبيكة "الراقصون" فى دائرة. ويحاول المغنى وعازف الشبابة أو الأرغول تحقيق الانسجام الموسيقى بينهما، وتكون حركات الدبكة على ألحان الدلعونا14.

ومن نصوص الدبكة في الشيخ زويد:

 

أول ما نبدى بالهـــــادي

الله يمسيكم يا هالشبابــــي

غنى دلعونه موالكي بابـــي

بالله لسعدكم يا هالشبابــــي

يا شيخ زويد ما أبيض أحجارك

يا ريحة العطر مـــع زوارك

وأنزل ع الدبكه وأدبك برجلـي

وجلبي بيحب الدبكه من أجلــه

يسلم لى طوله ويسلم لى حجلـه

يسلم لى غمزه أسمر اللونـــا

ع دلعونه ع دلعونـــــه

هوا الشمال غير اللونـــا

يا بنت الشيخ هيه المزيونه15

 

ويجيب لنا عادل موسى البطيني عن أسباب انتشار الدبكة في منطقة الشيخ زويد بقوله:

إ- إيه السبب فى وجود الدبكة مع السامر؟

 ع- أنا هأقول لك: الناس هنا نصفها من فلسطين، ودول جابوا الدبكة معاهم.

 إ- إزاي تأثير وجود الفلسطينيين والشوام على السامر؟ هل غير في السامر حاجة؟

 ع- هم ما يعرفوش يقولوا سامر زى العرب (البدو)... مهما يجلدوا (يقلدوا)...

ولا العرب يجدورا (يقدروا) يعملوا دبكة زيهم، أو اللي زى فيروز الحركة دي، دي دبكة السامر أردنية.

إ- إزاي؟

 ع- العرب عامه السامر تبعهم مالهمش في الدبكة.........

 ع- برده لدلوقتي الأيام دى بس ... زمان ماكانوش يدبكوا، الدبكة مقتبسه من الشام. العرب ماكانوش حد بيدبك فيها. كان سامر بس كل نشاطتهم سامر ويتسابقوا بالخيل"16.

ومن خلال المقارنة بين أساليب غناء النصوص في السامر السيناوي المصاحب للرقص في المنطقة التي أجريت فيها هذه الدراسة من حيث الجماعية والفردية يتضح لنا غلبة نمط الأداء الجماعي للأغاني المصاحبة للرقص في السامر التقليدي وفق الجدول التالي:

 

م

الشكل الشعري

أسلوب الأداء

مشترك

الرقصة المصاحبة

جماعي

فردى

جماعي/ فردى

1

الموال (الهجيني)

ـــ

ـــ

الرزعة

2

البديع

ـــ

الدحية

3

المربوعة

ـــ

الدحية والمشرقية

4

العليادي

ـــ

الدبكة

5

الشلي (غناء النسوة)

ـــ

ـــ

ـــ

 

ج- البناء الفني لأشعار السامر

ومن حيث البناء الفني لأشعار السامر، فإن الأشعار التي تغنى في السامر بأقسامه المختلفة تكاد تتمحور حول بناء فني واحد مهما اختلفت التسميات. فالمربوعة وهى شكل شعري يتكون من بيتين شعريين في مربع شعري يشبه الزجل في تكوينه، بحيث تتفق قافية الشطرة الأولى مع الثالثة والثانية مع الرابعة:

 

بديع1: إن دج جليبك يالغالـي

              جلبي بيسمع داويــه

بديع2: ربعك ربيعك يالغالـي

                والكل بسيف وشبريّه

 

ولكن الأمر الذي يميز المربوعة في الأداء أنها تقسم بين بداعين يحاول أولهما أن يطرح صدر المربوعة، ويحاول الثاني أن يغلق المربوعة بالعجز الذي يتطابق صوتياً مع الشطرة الثانية:

 

بديع1: يا زينه وزينتك رماني

             يا نعنع فى المرطمانــي

بديع2: يا زهرة في نص الودياني

          وأبوكى شيخ العربانــي

 

وأما الدلعونا التي تصاحب رقصة الدبكة فهي لون من الشعر المغنى الشائع في بلاد الشام إلى جانب العتابا والميجانا، وهى عبارة عن لفظة يبدأ بها هذا اللون من الغناء "على دلعونا". ويقول محمد بكر البوحي عن التسمية: "وربما كانت تدل في الأصل على شئ من الدلع مما يدل عليه تكرار مشتقات هذه الكلمة مثل: مدلعن، مدلعاني، دلع، دلعونة، الدلعينة... إلخ.

 

مثل:    على دلعونا يا مد لعنيّه

             رقبة دلعونا طول القنيه

 

والدلعونا بحر البسيط: مستفعل، فاعل. مستفعل، فاعل الذي حذف التنوين من أواخر تفعيلاته، فزاده الحذف بساطة. وتعد الدلعونا من أهم الأنغام في مصاحبة الدبكة17.

يتكون البناء الفني لبيت الدلعونا من بيتين من الشعر، يتكون كل منهما من شطرتين، صدر وعجز وتقع الدلعونا كلها ضمن بحر البسيط، لكن تفعيلاته تخضع لأحكام النطق الشعبي الغنائي الذي يتميز بظاهرتين: هما الميل للمد والميل للتسكين، وفى كلتا الحالتين تختفي المقاطع الصوتية للمتحرك الثاني، مما يميله مع المتحرك الأول إلى مقطع طويل، ومعروف أن العبرة باللفظ (الصوت) وليس بالصورة المكتوبة.

وتتميز لغة الدلعونا بالإشباع الصوتي، ولاسيما في كلمات القوافي، ولا يتغير نظام القوافي في الدلعونا على نهاية أعجاز الأبيات، بل يهتم بنهاية صدورها أيضاً، وكذلك وفق قاعدة تقول إن نظام القوافي في الدلعونا، تتمثل في أن تلتزم الشطرات الأول روياً واحداً، بينما تنتهي الشطرة الرابعة والأخيرة من البيت بروي، هو في الأغلب الأعم إما النون أو الميم، تتبعها ألف مد، تسمع بإشباع الصوت18.

 

ثانياً: السامر بوصفه نصاً ثقافياً

"يستخدم مصطلح النص بمعنى سيميوطيقي محدد، يجعله ينطبق لا على الرسائل بالمعنى اللغوي فقط، بل ينطبق أيضاً على أي حامل لمعنى (نص) متكامل، ينطبق على احتفال أو على عمل فني جميل أو على قطعة من الموسيقى"(19). فهل يمكن لنا أن ننظر إلى السامر بوصفه نصاً يكشف لنا عن الثقافة السيناوية في عمومها؟ لعلنا لاحظنا من خلال استعراضنا للسامر التقليدي ومن خلال النصوص الشعرية المصاحبة له أن السامر يكاد يلخص ثقافة أهل سيناء التقليدية، فالرقصات الجماعية تبدأ في السامر منذ إعلان الوهبة أي منذ أن تهب العروس نفسها للعريس الذي يقبل الهبة. وفى السامر التقليدي بمناسبة العرس يمتد الاحتفال أكثر من أسبوع. ويدرج السامر من الرزيع الهادئ فى البداية والذي يعد أرضية لطريقة التجمع للسامر، فإذا اصطف الرجال يبدأ البديع أو البداع بالجزء الأول ويقال له الروحاني أي أن مطلعه يكون دينياً:

 

دحيوه           دحيوه

ذكر محمد لا تنسوه

 

وترد كل مجموعة من صفى السامر على البداع الذي يوجه غناءه إليها. وفى هذه الأثناء تدخل الحاشي وهى تتدثر بغطاء ملاءة أو عباءة من رأسها حتى منطقة الوسط، حتى لا يكاد يعرفها أحد وهى تمسك بعصا بيدها اليمنى، وتتحول أنظار الجميع للحاشي فتصبح هي القائد لما يؤدى في السامر من رقص وشعر معاً20.

إن رقص الحاشي بهز كتفيها ورأسها على نغمات البديع ورد الرجال عليه ودق الكف هو دعوة للرجال للحماس والحمية في الأداء تمهيداً للوصول به إلى نقطة الذروة.

وحين يزداد التصاق أكتاف الرجال، وتزداد درجة تمايلهم للأمام يكون ذلك تعبيراً منهم عن رغبتهم في ملاعبة الحاشي محاولين خطف عباءتها التي تغطى بها رأسها، وهى تمنعهم بدورها بإبعادهم عنها باستخدام العصا، بحركة تطويحية تشبه حركة تطويح السيف قديماً، وتتكرر المحاورة بين صف الرجال والحاشي.

وعندما يصل حماس الرقص إلى الذروة، يزداد تصفيق الرجال وتكرار كلمة دحيوه دحيوه أي دقوا الكف محاولين إغلاق الدائرة، وتحاول الحاشي جاهدة منعهم وذلك باستخدام الحركة التطويحية أو رسم خط على الأرض حتى تحتفظ بالدائرة مفتوحة في شكل القوس الذي تقف هي في مركزه21.

إننا نستنتج من شكل السامر على هذا النحو عدة أمور:

1 - أن الحاشي تمثل مركز السامر.

2 - أن السامر مباراة في الرقص والشعر معاً. سواء بين البداعين اللذين يقودان صفى الرجال المشاركين أو بين صف الرجال والحاشي.

3 - أن حركات الحاشي  تكون غالباً عكس اتجاه حركات الرجال.

4 - أن الرجال يحاكون الحاشي في حركاتها فإذا جلست جلسوا وإذا تحمست تحمسوا وإذا حاولت خطف عمامة أحدهم حاولوا خطف شال الحاشي الذي تغطى به وجهها، وهكذا.

وفى تدرج العلاقة بين الحاشي وصفى الرجال في السامر تلخيص يكاد يكون رمزياً للعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع البدوي. وكأن الخط الذي ترسمه الحاشي بالعصا على الأرض أو تطويحها بها لإبعاد الرجال إلى الخلف يضع أمامنا صورة للربط بين وضع المرأة في المجتمع البدوي والنظرة التي ينظر بها أبناء المجتمع من الرجال إليها (الحجاب– الحريم – الفصل بين الجنسين – الشرف) وهى رباعية وضع المرأة البدوية. وكل هذه الأمور تحمل معنى مسئولية الرجال عن حماية المرأة. وإذا كان طقس السامر يكسر هذه القيود ويبيح للمرأة الرقص أمام الرجال وأن تثير حماستهم، فإن تنافسهم معها يتم لمحاولة التعرف على شخصيتها في دلالة ثقافية عن وضع المرأة (المحرم) في هذا المجتمع.

وإذا عدنا إلى تدرج النصوص الشعرية نجد أنها تبدأ بالرزيع وبما يسمى بالروحانية أي الدعاء بأن يتم السامر في جو روحاني، سرعان ما يتحول إلى جو غزلي واضح22، فيوجه كل بداع أشعاره إلى الحاشي خاطباً ودها:

 

البداع:

ساج الله تطع الجمره22

ونشوف البيضه من السمره

المجموعة:

إرويحا نجول الريـده

 

البداع:

سايج عليك النجومـي

ياللي جعتي تجومـــي23

المجموعة:

إرويحا نجول الريـده

 

 

............. وهكذا

 

 

وكما يبدأ السامر بالروحانية أو الدعاء والصلاة على النبي يختتم كذلك بالدعاء والصلاة على النبي، وإن كانت المنافسة الغزلية تسيطر على السامر، ولعل أشهر نصوص المنافسة الغزلية التي دارت بين بداع وحاشى ما أورده نعوم شقير: قالوا حضر بداع ظريف دحية فرقصت فيها حاشية رشيقة القد والحركة فعلق بها قلبه فأنشد:

 

أنا مجيــــــرك يالغالـــي

مـد إيدك سلــم علـــى

 

 

فمدت يدها وسلمت عليه فقال:

 

أنا مجيــــــرك يالغالـــي

تلعب باركان الدحيه

فتحمست ورقصت رقصاً بديعاً فقال:

وإن كنت مطيع من زمان

رد الـــــركبــه مثنيــه

 

فركعت على ركبة ونصف فقال:

هيدي بــروك المخاليف

 ودي بـروك الـمـطيـه

 

فركعت على الركبتين فقال:

  أنـا قصدتــك يالحاشــي

ودي أشـوف الـمعطيــه

 

فناولته السيف التي كانت ترقص به فقال:

الحاشيه أعطاني السيف

والسيف يجطع إيديه

أنا ودي شناف الفضـه

شرع جبال الكليــه

 

فنزعت شنافها من أنفها وناولته إياه فقال:

أنا ودي خاتم الفضه

واحطه في إيدي اليمينيه

 

فنزعت خاتمها الفضة وناولته إياه فارجعه إليها ومعه قطعة من الفضة وقال:

هذى عطيتك يالحاشيه

وهى حرام عليــه

واختم كلامــــي

يا مصلين على النبي

محمد نور الشــرق

والسيد نور الغربيه23

 

وفي مشهد تمثيلي لخطف النساء واستعادتهن، والذي يلخص وضع الرجل والمرأة في مجتمع البدو، يشير فاروق مصطفى إلى إحدى الرقصات البدوية المشهورة وهى رقصة الهلال. وتتم هذه الرقصة بأن يؤخذ ذهب القبيلة والمشغولات الذهبية ويوضع في داخل قطعة قماش ملفوفة تسمى الهلال ثم تقوم فتاة بوضعها على رأسها ويحضر شخص ما من الهجانة "راكبي الجمال" ويقوم بخطف لفة القماش والتي بداخلها ذهب القبيلة ومصوغاتها، وهنا يخرج رجال القبيلة بجمالهم وتتم مطاردته ومحاولة إرجاع الهلال ويحاول هو الهرب بجمله. وهذه الرقصة تتم في الأعياد والاحتفالات الخاصة وفى الأفراح وتكون من نتيجة هذه المطاردة إما إعادة الهلال إلى القبيلة بعد أن تلحق به جمال القبيلة، وهنا يخسر هذا الشخص ويتعرض للمهانة كما أن جمله إذا عرض للبيع يباع بسعر بخس، أما إذا لم تلحق به جمال القبيلة فيعد فائزاً وينال احترام القبيلة فضلاً عن الهدايا الأخرى المادية مثل "الخُرج" الذي يوضع على الجمل وهو مصنوع من القماش المزركش والمطرز بأشكال وألوان مختلفة، كما تعطى له هدية أخرى اسمها "الفرده" من قماش ملون ومزخرف وإذا حدث أن عُرض الجمل الفائز للبيع فإن ثمنه يكون مرتفعاً بالقياس للجمل الآخر الذي لم يكتب له الفوز24.

ويضيف في تحليله الثقافي لهذه الرقصة "الواقع أن رقصة الهلال رقصة حركية تتوافر فيها عناصر الدراما المختلفة من فعل، وفاعل ومشهد ووسائل وهدف أو غرض يراد تحقيقه، فالفعل يتمثل في أداء الرقصة نفسها وممارستها أما الفاعل هو الشخص الذي يقوم بخطف الهلال، والمشهد يتمثل في المطرادة المثيرة خلفه، والوسائل تتمثل في الجمال المستخدمة وفى قطعة القماش التي تسمى بالهلال والتي بداخلها مصوغات القبيلة الذهبية. ويكون الهدف المراد تحقيقه ليس الاستمتاع بالرقصة وقضاء فترة للتسلية، ولكن إظهار مدى قدرة أعضاء القبيلة على الدفاع والذود عنها"25.

ثالثاً: أغاني السامر من منظور سيميوطيقي

سوف نتخذ مثالاً من إحدى أغاني السامر الجماعية التي تؤديها مجموعة من الرجال ويظهر فيها صوت قائد المجموعة بين كل مقطع وآخر محمساً المجموعة بعبارة ها ها عاشوا... ها ها. والنص من أنواع سمسمية الرفيحي التي تأثرت بها منطقة الشيخ زويد بصورة كبيرة في العقود الأخيرة.

وفيما يلى نقوم بإيراد النص أولاً ثم نحاول تحليله تحليلاً سيميوطيقياً فيما بعد.

المجموعـة:

يالله يا مسيكم بالخير

عوافي يا جرايبنا (قرايبنا)

1

ترحيـــــب

قائد المؤدين:

ها ها هلا ها

(صوت لتحميس المؤدين)

المجموعـة:

يا هلا يا مسا الخيــر

يا كتر دموس اللدَّيـه24

 

أول ما ببدى كلامــى

ولكى باودى25 سلامى

 

يوم تكينا26 بتيــران

الأرنب وراه السلجان27

2

صيد الأرانب

 

والأرنب تكت طرديه

سلجان تكن وراهـن

 

يا شاكر ويش القضيـه

معنا تصريح وهويـه

قائد المؤدين:

ها ها ها

(صوت للتحميس)

 

 

يا عالم ويش القضيـه

يا عالم ويش القضيـه

 

 

ها ها ها

(صوت للتحميس)

 

المجموعـة:

وضرب الكف تنحـف

والكف عمار الدحيه28

3

تحميس الرقص واللعب

 

البنت هادى تحافــوا

لجيب ربوعى معايـا

 

وعافونا الحاشي عافونا

وصغير لا تظلمونـه29

 

والحاشي بينفض راسه

عارفنا ماحنا من ناسه30

 

4

غزل الحاشى

 

هبى هبيب الهجينـي31

لولاكي ما جينا الليله

 

ها ها .. هلا هلا

(صوت للتحميس)

 

هبي هبيب الريـــاح

ما نوجد غير الملاح

 

واحنا سكان الوديــان

ما نوجد غير الظبيان

 

واحنا فى روس الجبال

ما نوجد غير الغزلان

قائد المؤدين:

هيه ها هلا

(صوت للتحميس)

5

إظهار البراعة فى احتفال العرس بإطلاق النيران

المجموعـة:

يا معود32 هات البـاروده

والضرب الليله مجعوده

 

طخ الباروده عــودي33

طخ المليه جنيــــه

 

تسارع الأداء ......... هــا هــا هـــا

 

يا مرحب بيكي يوم جيتي

يوم ما متى حييتــي

6

غزل الحاشى

 

يا مرحب بيكي يا سمره

ما شفتي لعبي في الجمره

 

يا عمار شايب واختيار34

هو لعب في الفنظريـه35

 

يا ونتي ونت شايــب

ووليدي عن ربعه غايب

 

والشايب تشهد به عيونه

بيجرب خطا المزيونه36

7

وصف سباق الفروسية

 

والخيل بتلعب وتعـدي

مشواره درب الرمليـه

 

ع الخيل بتمشى تجاطي

عزام الكربان جلـــه

 

وريني نكسة مريــرك37

خلى انكس مريري زيك

 

وينور على أبوفــارس

ونطلق ع المركبيـــه

قائد المؤدين:

ها ها ها عاشوا

(تحميس)

 

المجموعـة:

يا حليل الطيب يا حليله38

يسرى ويروح في ليلـه

8

عودة غزل مرة أخرى

 

يا مرحب يبكى يا عيـده

لفى بالجُنعه39 الجديـده

 

لا يابو عبيه40 جديــده

خليت العالم41 طليجه42

 

ردايدك على الشبريـه43

صارت علينا الخبريه44

قائد المؤدين:

هلا ها .. ها .. ها

(تحميس)

 

 

 

 

كل الجروح تبرا وتـروح

ماعدا جرح الشبريـه

9

الشكوى من جرح الهوى

 

كل الجروح تبرى وتروح

وجروحي مازالت حيه45

             

 

 

للثقافات على النحو التالي: الهدف العام للنص/ مستوى الوحدات الدلالية الأساسية/ البناء التركيبي/ الدلالي للجملة/ مستوى الكلمة/ مستوى مجموعات المقاطع/ المستوى الصوتي/ تخطيط عام لتشفير نص لغوى على أساس المستويات26.

إن الهدف العام للنص الغنائي في السامر يكاد يتراوح بين التعبير عن الفرح أو الاحتفاء بالمناسبة السعيدة والترحيب بالضيوف ومغازلة الحاشي، فالفكرة الرئيسية هي مباراة الحاشي والفخر.

وعلى مستوى الوحدات الدلالية الأساسية في النص نجد أنها جاءت كالتالي:

1 - ترحيب بالضيوف.                                    

2 - صيد الأرانب (المهارة والخفة).

3 - تحميس اللعب والرقص (ترفيه)  .        

4 - مغازلة الحاشي (تيمة صيد مرة واحدة).

5 - إظهار الفرح (طخ البارودة والفروسية والشجاعة).         

6 - غزل الحاشي مرة أخرى.

7 - وصف سباق الخيل.                                            

8 - الغزل.

9 - معاناة الحب.

والجمل فى النص تعتمد على حسن التقسيم والتركيب المتتالي، فهي قصيرة نسبياً، تبدأ بالتعريف بهوية المجموعة التي تؤدى الغناء، وهم رجال صيد متمرسون يمتلكون الكلاب السلوقية وهى من أشهر أنواع كلاب الصيد المدربة التي تدل على أن من يملكها مغرم بصيد الغزلان والأرانب، وأنه يتميز بالخفة وسرعة الحركة. وهم أيضاً رجال غزل عاشقون متمرسون:

 

يوم تكينا بتيـــران

والأرنب لا جطع وراه السلجان

تيمة صيد الأرانب

والأرانب تكت طرديه

سلجان تكن وراهــــــن

وعافونا الحاشي عافونا

وصغير لا تظلمونــــــه

تيمة غزل الحاشي

والحاشي بينفض راسه

عارفنا ماحنا من ناســـــه

هبى هبيب الهجينــي

لولاكي ماجينا الليلــــــه

 

 

وعند مقاربتنا لنسيج النص الداخلى يمكن أن نختبره على ثلاثة أصعدة:

الأول: التشاكل Isotope كما يراه جريماس Greimas، ويعنى مجموعة متراكمة من المقولات المعنوية أو المقومات التى تجعل قراءته متشاكلة، كما تنتج عن قراءات جزئية للأقوال بعد حل إبهامها. هذا الحل نفسه موجه بالبحث عن القراءة المنسجمة.

والثانى: العماد Predicat وهو ما تستند إليه معاني النص.

والثالث: العلاقات التى تتشكل عبر ثنائية القاصد والمقصود على الرغم من تنوعها27.

وسنتخذ من المقطع الثانى فى النص السابق مجالاً لإجراء هذا التحليل والذي يتمركز حول وحدة الغزل وهى الوحدة المعنوية لهذا المقطع.

 

القاصد: البداع                                     المقصود: الحاشي

       الرجل                                        المرأة

العماد: غزل تَقَرُّب

التشاكل: الرغبة

 

صفات البداع

صفات الحاشى

- مرحب بضيوفه

- كريم مضياف

- صياد ماهر

- شاعر متمرس في الغزل

- يجيد طخ البارودة

- متعاجب فى ملبسه

- بارع في اللعب

- خيال وفارس

 

 

- صغيرة السن

- تتمايل برأسها

- بارعة في الرقص

- تشبه الغزال

- متدثرة بالطرحة

- تهب كالهجيني

 

 

1 - تشاكل الألفاظ:

ضرب

 

 

  مقولة الأذى

تنحف

 

 

 

عمار

 

 

  مقولة العمار والفرح

الدحية

 

 

 

2 - تشاكل الجمل:

عافونا الحاشي

 

 

دلالة الإثبات

عارفنــــا

 

بينفض رأسه

 

 

دلالــة النفــي

ماحنا من ناسه

 

 

3 - تقابل الألفاظ:

الـــرياح   ≠   المــــــلاح

عافونـــا   ≠   عارفنـــا

 الوديان    ≠   الجبــال

4 - تقابل الجمل:

إحنا سكان الوديــان

إحنا في روس الجبال

 

5 - تقابل على مستوى الشطرة: ضرب الكف تنحف

الكف عمار الدحيـة

 

رابعاً: تحول الإطار الاجتماعي والثقافي للسامر

أشرنا في المقدمة بصورة سريعة إلى بعض الأحداث التاريخية والوقائع التي تعرضت لها سيناء، والتي كانت ذات تأثير كبير في السامر وفى الفنون الشعرية التي تؤدى فيه. ولا يغيب عن بالنا أن المجتمع البدوي التقليدي في سيناء لم يكن معزولاً تماماً عما جاوره من مجتمعات. إذ توفرت بعض وسائل الاتصال وسبل الاحتكاك بالتقنيات الحديثة ومن ذلك الاستماع للإذاعة واقتناء أجهزة الراديو، فكثيراً ما اعتاد شباب البدو الاستماع إلى إذاعة لندن ومتابعة برنامج ما يطلبه المستمعون، وكثيراً ما كانوا يرسلون لفتياتهم أغنية من أغاني الحب البدوية المتداولة ولا يذكر الواحد منهم اسم محبوبته، ولكن يطلق تشبيهاً لها غزال الصحراء مثلاً وكانت البنات يذهبن للرعي حاملات جهاز الراديو الترانزستور ليستمعن إلى هذه الأغاني.

وكانت أفراح مدينة العريش قبل التحرير خليطاً من مناطق مختلفة من مكونات العرس الشامي الوافد مع الاحتفال التقليدي؛ ولكنها بعد التحرير زادت وتيرة التغير بالاحتكاك الشديد مع الآلاف الوافدة إلى سيناء والتي أقامت هناك.

أ- أثر الاحتكاك بالوافدين في الأغاني

نظراً لتأثر الفنون التي تؤدى في السامر بظواهر الحداثة وبعد تحويل سيناء إلى محافظة جاذبة، وبعد انتشار التليفزيون والراديو، فقد أصبحت الفنون التي تنسب إلى سيناء – سواء منها الغناء الحديث وغير الحديث – خليطاً من الفنون الشامية ومن فنون الغناء المصرية من الدلتا والوادي. وهناك بعض الدراسات التي أشارت إلى تأثير هذا الاحتكاك بالوافدين من الوادي والدلتا على الأغاني الشعبية فى المناسبات المختلفة، ومن بينها دراسة نهلة إمام عن عادات الزواج لدى قبيلة الدواغرة التي قسمت نصوص الأغاني الشعبية الخاصة بمناسبة الزواج – والتي جمعتها في حقبة التسعينيات – إلى ثلاثة أنماط. الأول النمط النسائي التقليدي، أما الثاني فهو نمط متغير نتيجة تأثر المجتمع السيناوي واحتكاكه ببعض الثقافات الوافدة، وأما الثالث فهو نمط الشعر العاطفي الذي يؤدى في السامر.

وقد رأت أن النمط التقليدي تؤديه النساء ويطلق عليه "الشلي" أو "غنا الفروح" وإن كان الشلي هو الاسم الأكثر شيوعاً بين أفراد المجتمع وتؤديه النساء وهن جالسات في مجموعات تتكون كل منها من ثلاث نساء، يرددن بصوت خفيض نسبياً حتى لا يسمعهن الرجال. وتغلب الأنغام الحزينة على أغاني النساء التقليدية بما يشبه إلى حد كبير النواح والبكائيات، فالجو العام الذي يسود أغاني النساء جو حزين. وترى الدراسة أن سبب هذه الظاهرة هو شعور المرأة بأن حقها مهضوم وأن مركزها ضعيف في مجتمع البادية. وكأن النساء ينتهزن فرصة أغاني الأعراس ليعبرن بها عن همومهن وضعفهن28.

والنمط الثاني في رأيها نسائي تقليدي أيضاً، ولكنه يظهر مدى التأثر بأغاني الأفراح لدى نساء الريف المصري، إذ يؤدى بصوت مرتفع، ومن حيث المضمون تظهر فيه بعض الأفكار والمعاني الجديدة والمفردات الوافدة ومن بينها عبارة "كتب الكتاب"، وجهاز العروس وغير ذلك من معاني29. ومن نماذجه التي أوردتها

 

خدناها بالسيف الماضي

وابوها ماكنش راضـى

خدناها بالقوة الحاميـه

وابوها كان طالع بـره30

 

وأما النمط الثالث، فقد أطلقت عليه الباحثة النمط الخاص بالشعر العاطفي ويسمى البديع أو الرزيع، ومع تحفظنا على تسمية هذا النمط بالشعر العاطفي، إلا أنه يمثل النمط الذي تدور حوله دراستنا الحالية. وما يلفت النظر هو رصدها للتغير الذي أصاب الأغاني النسائية وإيرادها لعدد كبير من النصوص التي تضمنت تأثراً ببعض المفردات والأفكار الوافدة، كما يلفت النظر محاولتها التنبؤ بمستقبل هذه الأغاني إذ تقول بأن إفرادها جزءاً خاصاً بالنمط الوافد من الأغاني جاء من منطلق حرصها على إبراز التغير الذي حدث في مجتمع بحثها. وقد يصاحب ذلك انتشار هذا النمط في الفترة المقبلة نتيجة الاحتكاك المتزايد بثقافة وادي النيل وبوسائل الاتصال الحديثة، حيث لوحظ غلبة تأثير الأغنية الوافدة بسهولة، نتيجة تأثير وسائل الإعلام، ولهذا فسيادة النمط الوافد من الأغاني متوقعة(31).

ولا نغفل العديد من الظواهر الغنائية التي رصدتها دراسة سابقة أيضاً لفاروق أحمد مصطفى حول الأغاني الشعبية من العريش والتي سجلت إحداها من قرية الصيادين بأبي صقل أو أبى سجل على حد تسمية أهل القرية لها، وفيها يلاحظ أن العلاقة بين الحبيبين يجب أن تتم على أساس الزواج وأن الله وحده هو الذي يحمى هذه العلاقة ويحافظ عليها.

ومن الأمثلة الأخرى أغنية تطريز الثوب:

 

سبع سنين بتطرز في قميصها

ست سنين عينى ما شافتهـــا

طلبت البوسه مدت لي شفتهـا

وقالت لي بوس يا أعز الأحباب

 

ويلاحظ فاروق مصطفى وجود التأثير الواضح للهجة المصرية الشائعة لدى أبناء الوادي من مفردة البوسة من العروس لعريسها قبل الزواج وقيامها بتطريز ثوب زفافها لمدة سبع سنوات كعادة الفتاة البدوية، ولكنها لا تمانع بعد انتهاء تطريز الثوب من أن تعطى عريسها القبلة التي يطلبها32.

وهناك أغان أخرى لأوقات الزفاف المختلفة كأغنية حمَّام العروس والتي يقتطف منها:

 

مشطك وقع فى الطشت يا غاليـا

بيك رضي ولا نزود يا أم الدلال

بيك رضي ولا نزود كمـــان

 

وهى أغنية تقال عند تمشيط العروس واستعدادها لحفل القران والزواج. وللزفة أغان كثيرة بعضها للعريس وبعضها للعروس. وفي زفة العريس نجد العريس ورفاقه يسيرون في الشوارع سيراً على الأقدام ويغنى له أصدقاؤه ويرقصون ويرددون.

 

الروزا46 تقيله في الميـــزان

على أول حشه يا برسيــــم

عريسنا ربنا يخليه هوى هـوى

ويكتر عليه الفرح والعز الدايـم

هــــوى هـــــوى33

 

إننا نلاحظ دخول بعض الظواهر المستحدثة خلال العقدين الأخيرين ومنها عمل زفة للعريس تشبه الزفة التي كانت تقام للعريس في منطقة الدلتا، ومن هذه الأغاني التي تغنى في زفة العريس في العريش والشيخ زويد:

 

المؤدي:

درج يا غزالي

مــج:

مال الناس ومالـــي

المؤدي:

درج يا هلاليــــه

مــج:

مال الناس وماليـــه

المؤدي:

جوزي ما طلجـــوه

 

وعلى الصدر لا علجه

مــج:

وعلى الصدر لا علجه

مــج:

يا ويل اللي نحاربــه

مــج:

بالسيف نجطع شاربه34

 

 

ب- مظاهر عولمية جديدة

وفي العقود الأخيرة نلاحظ عدداً من الظواهر التي تدل على التحول الذي أصاب الحياة في المجتمع السيناوي. ومن ذلك الانفتاح في أزياء الرجال والنساء بسرعة هائلة بسبب انتشار التعليم متأثرين في ذلك بأبناء الوادي والدلتا الوافدين، بل إن هناك من المظاهر الأخرى التي تتعلق بالعزاء والمأتم الذي أصبح يتم في سرادق، وأصبح العرس في مدينة العريش يتم في النادي بعد أن كان يتم في مقعد، بل إنهم الآن يستخدمون الأجهزة الحديثة مثل الـ DJ في احتفالات العرس.

ونظراً لاختلاط أبناء المجتمع السيناوي مع الوافدين، بدأت حالات من التصاهر والنسب بين أبناء سيناء وأبناء الوادي والدلتا، وأصبحت احتفالات الأفراح في مدينة العريش أو حتى في مدينة الشيخ زويد تتميز بالاستعانة بمطربين والاختلاط بين الرجال والنساء في الأعراس التي تتم فى النوادي والفنادق في مدينة العريش، في حين كان أهل القرى والنجوع المحيطة بمنطقة الشيخ زويد تقيم السامر البدوي الذي كان يتم في ساحة أو مكان متسع خارج مضارب القبيلة.

لقد انتشرت وسائل النقل والمواصلات اليوم فى سيناء وتم ربطها بالقاهرة والإسماعيلية وبورسعيد بعد أن استمرت تعانى من العزلة، وانتشرت وسائل النقل وازدهرت عن طريق تعبيد الطرق وانتشار السيارات وإنشاء كوبري السلام "المعلق" على قناة السويس، وتبع ذلك عمل العديد من أبناء سيناء بقطاع النقل35، وفضلاً عن هذا كله تشهد سيناء الآن تنوعاً هائلاً في المهن التي أدخلها أبناء الوادي والدلتا المقيمين فيها مثل المخابز ومحال العصائر والفطائر، والمطاعم التي تقدم وجبات جاهزة وانتشار المقاهي والسنترالات... إلخ. فكل المهن المستحدثة انتشرت في المجتمع السيناوي، فهناك في العريش الآن العديد من محال تجارة الأطباق الهوائية، ومحال بيع المحمول، بحيث لا تختلف عن أية مدينة مصرية تقريباً، بل إن الشيخ زويد بها الآن ما يزيد عن ثلاثة محال لتجارة الأطباق الهوائية وعدد من محال بيع المحمول.

إننا نعلم أن الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لسيناء لم تكن قبل عام 1948م حدوداً فاصلة بين سيناء والمشرق العربي؛ ولذلك تأثر بدو سيناء بالشام، ولما ظهرت الإذاعة، تأثر أهل سيناء بالمحطات الإذاعية في بلاد الشام: فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، وبالإذاعات الأجنبية الأخرى مثل BBC ومونتكارلو... إلخ، والملاحظ أن الإذاعة المصرية لم تنشط إلا عند احتلال سيناء عام 1967. وبعد ظهور التليفزيون والتعرض للقنوات الفضائية الخارجية وزيادة موجة اقتناء الأطباق الهوائية والانفتاح على الخارج كل ذلك أسهم إلى حد بعيد فى ذائقة أهل المنطقة وتبنيهم لأنماط جديدة من الاحتفال والغناء.

 

ج- السامر في الظل

كان لظواهر التحول السالفة الذكر أثرها على تراجع السامر التقليدي. لقد كان السامر يؤدى وظيفة مهمة في التعبير عن العواطف، ولم يكن الغناء والغزل في السامر نوعاً من الترفيه فحسب، وإنما هو نشاط جدي يساهم في كيان المجتمع البدوي، ففي الغزل تعويض عن خشونة الحياة. وليس أدل على تراجع السامر عن أداء هذه الوظيفة سوى ما رصدته من خلال مهرجان سباق الهجن العربية في العريش في المدة من الأحد 27/8 إلى الأربعاء 30/8/2006 فقد لاحظت أن المشاركة تتم على مستويين:

1 - الضيوف وكبار الزوار والوفود العربية المشاركة.

2 - جمهور المشاركين من قبائل أبناء سيناء.

وعلى مدى الأيام الأربعة وهى نشاط المهرجان، كانت فقرات الاحتفال المسائي تتم في أنشطة الغناء وإلقاء لقصائد الشعر النبطي يتناوب خلالها الشعراء من الدول المشاركة إلقاء قصائدهم، وهى في أغلبها في الحماسة والسياسة ومدح الحكام العرب وفى الفخر... إلخ.

بينما ينتهز شباب القبائل السيناوية الذين حضروا المهرجان هذه الفرصة في عمل السامر بعيداً عن الأضواء. وتميز السامر الذي أقامه الشباب بطابع ساخر أو فكاهي، فهو يتم في الظل من المهرجان، وهو تعبير شبابي ساخر من "شباب العولمة" الذي ينظر إلى التراث ما بين نظرة الفخر والاعتداد، ونظرة السخرية والفكاهة. وقد استمر السامر مدة قصيرة لا تتعدى الساعة انفض بعدها المشاركون في الحفل وكان أغلبهم من قبيلة الترابين التي ينظر إليها أبناء العريش على أنها قبيلة بدوية قح. إن إقامة السامر في الظل في هذه المناسبة لهو أصدق دليل على ما يعانيه السامر في عصر العولمة من تقلص وتراجع.

 

خامساً: العولمة ومؤد بدوى مشهور (من الجماعية إلى الفردية)

تمتلك المجتمعات العتيقة قدرة أوسع على امتصاص الإسهامات الفردية وعلى صهرها لتشكل منها أعرافاً ملزمة بقدر أو بآخر؛ أما توسيع نطاق الاتصالات، ونشر الكتابة ثم إقامة نظام يضمن لها اليد العليا، كل ذلك يسهم في إضعاف الذاكرات وتسريع إيقاعات التناقل، أصبح هذا التناقض يدمغ اللغة نفسها، وكذلك العلاقة بين اللغة والجسد. من هنا نشأت أدوار اجتماعية جديدة: المثقف، الشاعر "المؤلف"...36.

ويدعونا القول السابق إلى اختبار قضية التحول من الجماعية إلى الفردية سواء على مستوى السياق أي الحضور الجماعي والغناء الجماعي في السامر إلى مستوى الفردانية أي التحول إلى الأغاني الفردية في احتفالات النوادي والفنادق. ولعل تتبعنا لسيرة حياة مؤد بدوى تكشف لنا عن تجليات هذه القضية. فالملاحظ أن عدداً من البداعين الشعبيين في منطقة العريش
قد تحولوا من الغناء في السامر إلى الأغاني الفردية، ومن هؤلاء أحد البداعين من مدينة العريش، الذي رحل من الشمال إلى الجنوب، وكون فرقة بدوية تغنى الهجيني على أنغام الشبابة. وهذا المؤدى هو عبدالرحمن عايش الذي تزوج من إحدى الأجنبيات، واعتاد إقامة الحفلات للسائحين بل إن التحول قد طال أولئك الذين بقوا في مدينة العريش من البداعين الشعبيين.

 

أ- النشأة في مجتمع بدوى متحول

إننا نتخذ من مؤد بدوى آخر نموذجاً وهو المغنى البدوي حميد إبراهيم عايد. وقد ولد حميد عام 1960 بمدينة العريش، وعاش طفولته أيام الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، فلم يهاجر من موطنه أثناء الاحتلال. وكان حميد يصحب والده ووالدته لجني المحصول في بادية العريش، وتأثر بعادات وتقاليد البادية، وكانت أمه مهتمة بالتراث وبخاصة تراث المرأة البدوية التي تغنيه في السوامر. وكانت تغذى حميد بالنصوص البدوية37.

فى البداية ولع حميد بغناء الشعر البدوي الذي حفظه عن السوامر التي شارك فيها كشاعر أو بديع يغنى الأغاني القديمة التي حفظها عن السامر "انته لما يكون واقف أمامك بيقول موال وترد عليه بموال ده تعلمت منه، وأنا اتأثرت لما كنت باسمع السامر، ولما كنت بتأثر بالنغمة وهى ولدت في السمع الموسيقى. وكنت أقول الموال لوحدي"38.

وفى عام 1979 ومنذ اللحظات الأولى لعودة العريش إلى مصر بعد زوال الاحتلال التحق حميد بفرقة الثقافة الجماهيرية، ثم داوم على الغناء في أفراح العريش المحلية منذ عام 1982، مما أعطاه فرصة لأن يحتك بالمغنين الآخرين وأن يكتسب القدرة على الغناء على مسرح أمام جمهور. وبدأ حميد يشارك فرقة الرقص الشعبي، بل إنه اتصل ببعض المؤلفين والملحنين الذين كتبوا له أغان عن السلام وعودة سيناء، وعن المشروعات التي تقوم بها الدولة في سيناء.

والجدير بالذكر أن فترة الاحتلال قد شهدت تكثيفاً لتوجيه البرامج الإذاعية عبر إذاعة صوت العرب إلى أبناء سيناء. وكان القائمون عليها حريصون على توجيه بعض الأغاني البدوية. بل إن تلك الإذاعة كانت تستعين ببعض أبناء سيناء من المغنين الشعبيين للقيام بهذا الدور وكان حميد من بين هؤلاء.

كان حميد يغنى في البداية بمصاحبة عازف المقرونة أو الشبابة أو الربابة، وكان حريصاً على ارتداء زى الرجل السيناوي زى الرأس والجلباب البدوي؛ وذلك في المناسبات التي يحيها في مدينة العريش وفى السوامر التي يدعى إليها لدى القبائل السيناوية خارج مدينة العريش.

 

ب- حميد وجهاز الثقافة الجماهيرية واختلاف نوعية الجمهور

ومع اتصال حميد إبراهيم بالثقافة الجماهيرية كما سبقت الإشارة اعتاد أن يؤدى أغانيه على المسرح في فرقة العريش، فحدث تغير كبير في طريقة الأداء وضم إلى محفوظه الأدبي أغاني مقتبسة من (لبنان وسوريا وفلسطين والأردن) ومن أهم من استمع إليهم عبده موسى من الأردن وأبوغسان الزغبي. وبعد أن حقق حميد بعض الشهرة، بدأ فى إحياء الأعراس السيناوية بالغناء بمصاحبة فرقته الموسيقية، بل إنه قام بتكوين فرقة السامر السيناوي التي تعرض فنون شمال سيناء في احتفالات جهاز الثقافة الجماهيرية وعلى مسرح الثقافة بالعريش وفى المناسبات الدينية والوطنية في محافظات مصر المختلفة39.

ويقول حميد عن الجمهور إن الجمهور البدوي في النجوع يميل إلى سماع الأغاني الغزلية التي يغلب عليها أسلوب التورية المغلق، فالنساء لا يشاركن الرجال في مكان الاحتفال سواء في السامر التقليدي أو حتى بحضور مغن شعبي، بينما جمهور المدينة فى العريش، وجمهور المسرح فهو جمهور مختلط من الرجال والنساء، ولابد من إفهام هؤلاء معنى الأغنية بنطقها بلهجة معدلة. وعن مدة الغناء يقول إنها تكون أطول في البادية، بينما تقصر في المدينة سواء أكانت في ناد أو فندق فهي لا تزيد عن ساعتين تقريباً وقد لا يمتد الغناء أكثر من ساعة واحدة؛ إذ يحضر الحفل عدد من المغنين الشعبيين، ولا يعتمد على مغن واحد في إحياء الحفل. ويقول مسلم سلمى الحوص عن تغير أسلوب حميد إبراهيم أن حميد اعتمد في البداية على الموروث من أغاني السامر، ولكنه فيما بعد لجأ لتعديل بعض المفردات أو تصرف في نطق بعضها لكي يفهمها أبناء الشعب المصري من غير أبناء سيناء ولكن الجوهر واحد40.

 

ج- السفر للخارج

ولأن المنطقة التي نشأ فيها حميد منطقة حدودية وهناك ترابط قبلي بين الحدود، فقد تهيأت أمامه فرص الغناء في بعض الدول كالأردن وبعض الدول الخليجية. وقد سافر حميد إبراهيم مع فرقة الفنون الشعبية بالعريش إلى محافظات مصر مما أتاح له فرصة الاتصال بجمهور جديد عبر هذه الفرقة، ووصلت شهرته إلى محافظات الجمهورية، وعد ممثلاً للغناء البدوي، وسافر إلى بعض الدول الأجنبية مثل أسبانيا وإيطاليا وفرنسا. وفي هذه الفترة بدأ يزدهر الغناء الفردي أو غناء الفرق الموسيقية التي تغنى أغان بدوية، سواء من بدو الصحراء الغربية من أولاد على أو من بدو سيناء، وكان حميد من بين هؤلاء الذين ازدهرت فنونهم في حقبة الثمانينات والتسعينيات بصورة لافتة.

ولا ينكر أبناء المنطقة التي أجريت فيها الدراسة أن الغناء الشعبي الشائع حالياً هو خليط من الأغاني البدوية السيناوية والشامية (سوريا وفلسطين والأردن ولبنان) مثل موال دالعونة – الميجانا، ومن الأغاني الخليجية أحياناً.

ويعلق عادل موسى البطيني عازف الشبابة من الشيخ زويد على تغير أسلوب حميد إبراهيم في الغناء بعد سفره للخارج بقوله: "في السامر هي الكلمات أبيات شعرية محفوظة والبديع بيقول عليها... ولكن حميد بيطور يدخل أغاني المهباش وأغاني من الشام والأردن ودلعونه وميجانه وأغنية يا حموده، ودي مش ممكن تتغنى في السامر.. ده صار مطرب بدوى بفرقة موسيقى وبيسافر ويطلع في الراديو والتليفزيون... ده مختلف عن السامر"41. وهناك من المغنيين الشعبيين غير حميد إبراهيم موسى سالم، وأحد أخوة حميد إبراهيم.

 

د- حميد والميديا الصغيرة

كانت سيناء في وقت من الأوقات بوابة مصر لدخول أجهزة التسجيل الصوتي؛ لأن قطاع غزة كان تابعاً للإدارة المصرية قبل عام 1967، وكان مقصداً لشراء أجهزة التسجيل الصوتي. وقد دخلت هذه الأجهزة إلى مدينة العريش في وقت مبكر، ويقول مسلم سلمى الحوص أن عمدة العريش من قبيلة السواركة وكان اسمه أبوعيطة كان أول من استخدم التسجيل الصوتي عام 1960، وذلك بحكم إقامته في المدينة42.

ولاشك في أن انتشار أجهزة التسجيل الصوتي بين الشباب فيما بعد قد هيأت لهم أن يذهبوا بها إلى الوديان ومعهم شرائط الأغاني البدوية، حيث تكون هناك الفرصة لتشغيل الجهاز على الأغاني البدوية المعروفة أملاً في التقرب من الفتيات. وكثيراً ما تستخدم أغاني هؤلاء المغنين الشعبيين المعروفين مثل حميد إبراهيم وغيره.

وكان العديد من أبناء سيناء حريصاً على اقتناء أجهزة التسجيل وازداد اقتناؤهم لها بعد دخول الكهرباء إلى النجوع النائية وبدأ تشغيلهم لها سواء بالكهرباء العادية أو من خلال موتورات تعمل بالديزل لتوليد الكهرباء، فإذا تعذر عليهم تشغيلها بالكهرباء استخدموا البطاريات الجافة.

حرص حميد على تسجيل عدد من شرائط التسجيل تجارياً، ففي الفترة من عام 1985 وحتى عام 1990 سجل ما يزيد على أربعة شرائط تجارية. وفى هذه الشرائط نجد عدداً من الأغنيات التي تعد إعادة إنتاج للأغاني البدوية الموروثة؛ حيث إنه لجأ إلى بعض المؤلفين ليعيدوا تأليف هذه الأغاني لكي تتلاءم مع الغناء الفردي بمصاحبة الفرقة الموسيقية، كما حاول الاتصال ببعض ملحني الأغاني ليلحنوا له هذه الأغاني التراثية. ونكاد نضع أيدينا على هذه الأغاني من مراجعتنا للأشعار الواردة فيها. إذ يضم أحد شرائط حميد – على سبيل المثال – البرنامج التالي من الأغاني:

1 -  يا سينا.

2 - يا حلو يا لابس الحلو (موال ميجانا وعتابه تقليد للأغاني الشامية).

3 - غلطانه يا عين.

4 - يا أم الخلة البدوية (أردنية).

5 - يا صحاب الفرح مبروك.

6 - هاليوم رأيت معشوق (نص مؤلف ومعد موسيقياً من قبل ملحن).

7 - دحيوه دحيوه (إعادة إنتاج لأغنية من أغاني سامر الدحية).

8 - نسمه هوا تشفى القلب.

9 - يا أحبابنا أهلاً بكم في ديارنا.

10 - شوف الأفراح وما فيها.

11 - رايحين نقول الريدة (إعادة إنتاج لمربوعة من أغاني السامر).

يقول بول زمتور "إن ما نضعه موضع التساؤل هو العلاقة بين الواقع والوعي. هل أدى استخدام الوسائط غير المباشرة إلى تعديل هذه العلاقة؟ أم أن هذه العلاقة هي التي تعرضت للتعديل فهيأت بذلك إمكانية وجود الوسائط غير المباشرة؟ في إطار حدود يبدو أنها غير قابلة للزحزحة تقنياً، يمكن لمجريات التلقي أن تختلف اختلافاً شديداً، تبعاً لطبيعة البيئة الثقافية. المستمع الذي تصل إليه الوسائط غير المباشرة هو كائن منفرد وتاريخي؛ أياً كانت تقنيات نزع التفكير التي تطبق عليه، فهو لا يدرك الأمور إلا عبر تاريخه، ولا يتفاعل إلا بموجبها، الحق أن بينه وبين ما ينصت إليه، يتخذ المبرمج موضعاً. المبرمج شخصية جديدة على سيناريو الأداء، وهو منظم تجارى لا يعرف زبائنه إلا بواسطة الشرائح الاجتماعية ودراسات السوق. كثيراً ما أدينت تداعيات مثل هذا النظام الذي تدور عجلته لمصلحة النجوم دون غيرهم"43.

- حميد وإعادة إنتاج أغاني السامر

ومن النماذج النصية لإعادة إنتاج44 أغاني السامر النص التالي الذي غناه حميد إبراهيم في حفل عرس أقيم في فندق الضباط بمدينة العريش في أغسطس 2006:

 

المجموعة:

دحيــوه دحيــــوه

ذكر محمد لا تنســوه

المغنــي:

ضب الليل والكون بيدور

صبر أيوب ع المكتوب

المجموعة:

دحيــوه دحيــــوه

دحيــوه دحيـــوه

المغنــي:

بين الجبال ودروب الصخر طال الصبر يا عيــــن

وحبك يا مصر جايد في جلبي مثل الجمر يا عيــــن

وبطوى جناحي على جراحي وكاتم السر يا عيــــن

متى الليالى الهنا في جربك تعود يا مالكة الروح والعيـن

المجموعة:

هبوا النار عاد المحبوب

فرج الله يا جوم ما يغيب

المغنــي:

دحيــوه دحيــــوه

هلّ البدر وحبي معــاه

المجموعة:

دحيــوه دحيـــوه

 

المغنــي:

هاتوا غزال البر هاتوه

يلعب معنا دحيوه

المجموعة:

هــــا هــــا

يلعب معنا دحيوه

المغنــي:

زال الهم ويالله انسوه

 

المجموعة:

هيـــه هيـــه

 

 

جولو معايا دحيــوه

 

المجموعة:

هيـــه هيـــه

 

المغنــي:

دحيــوه دحيـــوه

ذكر محمد لا تنســــوه

 

انسى الغربه يا تراب سينا

جاي النيل بيزور أراضينا

 

يروى الزرع ويسقينا طول الأيام

 

حضنك دافي... جلبك صافى... نيلك وافى... يالمحبوب

المجموعة:

حضنك دافـــــــي

 

المغنــي:

هاتوا غـــــــزال

هاتـــوه...

المجموعة:

هيه دحيوه دحيوه دحيـوه

 

 

لقد كان المكان الذي تم فيه الحفل حول حمام السباحة الملحق بالفندق، وكان أصحاب العرس يلتفون حول المناضد التي أعدت لهم، وكان الاختلاط بين الأسر المشاركة وبين الرجال والنساء هو السمة الغالبة. وقد أمضى حميد حوالي الساعتين في الغناء لكي يترك لمؤد (مطرب) آخر وفرقته المشاركة في إحياء العرس.

ويطلعنا النص السابق على عدة اختلافات بينه وبين نصوص السامر التقليدي التي أوردنا عدداً منها في الصفحات السابقة ويمكن لنا أن نجملها فيما يلي:

1 - أنه يجمع من حيث الشكل بين عدة أشكال أدبية فقد بدأ بالموال الذي أداه المؤدى بطريقة أداء الموال الشامية، وانتقل إلى نظام المقاطع الغنائية (الطقطوقة).

2 - تغير الهدف الرئيسي للنص واحتل الغزل فيه شطرات قليلة، بينما أقحم فيه موضوع وطني يتغنى بحب مصر وتراب سيناء... إلخ وهى الموضوعات التي لا تكاد تظهر في السامر التقليدي إلا نادراً.

3 - ومن حيث لغة النص نجد أنها تبتعد كثيراً عن اللهجة المميزة للمنطقة، فقد زجت مفردات شامية فى النص ياباي يابوي... وظهرت فيها بعض سمات العامية غير المحلية مثل: بطوي جناحي على جراحي – ليالي الهنا... إلخ.

4 - أن النص ينبئ من حيث تقسيمه والموسيقى المصاحبة له أنه نص معد سلفاً تدربت عليه الفرقة المصاحبة للمؤدى حميد إبراهيم، وأنه يأتي ضمن مجموعة أخرى من الأغاني التي أعدها بمعاونة أحد مؤلفي الأغاني من شعراء العامية، وأحد الملحنين المعروفين. ويعترف حميد بذلك ويقول عن التحول الذي أصاب أغانيه "ممكن الغنا يختلف لما يكون في نادي أو فندق وجمهور المدينة، لأن الحضري لازم أوصل له رسالة والبدوي له رسالة أقول له تراثك أهو، أنا لما أروح الصحراء فيه نوعية تختلف أنا باعمل كلام ليهم، ممكن الكلام ده الحضري لا يفهمه. وأنا باعمل مجهود مضاعف في النادي وعلى المسرح علشان أوصل للجمهور وأخليهم يفهموا لهجتي البدوية. الأغنية البدوية تختلف في الحضر عن السامر.. فيه دي الوقت كتابة لزمات، وحدث تغير في الموضوع، والإعلام اهتم بها، الأغنيات البدوية تحب الوصف في الجمال والغزل، وفيه موضوعات جديدة عن السلام والتنمية وأطفال الحجارة"45.

وتكاد تطرح تجربة حميد إبراهيم تأكيداً لقول أصحاب اتجاه ما بعد الحداثة من أن هناك من السلوك الذي ينحرف عن النموذج المعرفي أو لا يتطابق معه نتيجة تدخل المصالح والدوافع والرغبات الشخصية بما يقلل من الخاصية التي تتميز بها الثقافة الشعبية عن بقية النماذج المعرفية، والتي تتمثل في أن أفكارها ومعانيها وما تثيره من العاطفة ودافعية السلوك، لا ترتبط بمصالح ورغبات ودوافع شخصية، بل إن هذه العاطفة تثير المتعة لدى أفراد الجماعة الشعبية بخاصة، وأن هذه العاطفة نابعة من الدور التاريخي لمكونات هذه الثقافة46.

سادساً: ارتحال النصوص في عصر العولمة

كانت الهجرة والتجارة والحروب فى الماضي هي الوسائل التي ترتحل النصوص عبرها من مكان إلى مكان ولم يكن التجاور الجغرافي وحده محققاً الانتشار للشعر الشفاهي، وإن كانت معظم وقائع انتشار الشعر المؤكدة تم رصدها على طول مسارات معروفة للغاية، هجرة أو تجارة أو حج.

وإن لم تقع هجرات جماعية، فقد يحدث تأثير متبادل بين قطاعات متجاورة من مناطق جغرافية وثقافية منسجمة بقدر كاف. هناك روايات من ملحمة الجي سار التبتية ينشدها المنشدون في منغوليا وفى بعض أقاليم الصين؛ "الأغنية الجديدة" في شيلي، في ستينيات القرن العشرين، كانت بسبيلها لاجتياح أمريكا اللاتينية جمعاء.

لا تستطيع الحدود اللغوية وحدها أن توقف هذه الحركة؛ بل إن القرابة المعجمية والتراكيبية، والإيقاعية بخاصة، بين اللغات المتماسة، تدعمها. هكذا ظلت سيرورة الشعر الشفاهي كثيفة، على مدار عدة قرون، بين مختلف النطاقات اللغوية السكندينافية، حيث وصلت أحياناً إلى اسكتلندة47.

وإذا كان هذا الوصف يصدق على ارتحال النصوص بين البلاد المتجاورة جغرافياً والتي تتعدد لغاتها، فمن باب أولى أن يكون الانتشار والارتحال أكثر كثافة بين الشعوب ذات اللغة الواحدة واللهجات المتقاربة؛ فالعلاقة بين الجزء الشمالي الشرقي من سيناء وبلاد الشام وبخاصة فلسطين والأردن كان شديداً في الماضي، وظل فاعلاً حتى وقت قريب، حينما وقعت هذه البلاد تحت الانتداب البريطاني ووضعت الحدود بين مصر وبلاد الشام وبخاصة فلسطين، حتى إذا جاء النصف الثاني من القرن العشرين اشتدت عوامل الفصل هذه عندما استطاعت إسرائيل احتلال فلسطين، وحدت من انتقال الفلسطينيين إلى البلدان المجاورة (مصر – الأردن). وكانت الحروب المتتالية في هذه الحالة عاملاً معوقاً. ولكن الملاحظ في العقدين الأخيرين انطلاق بداية حثيثة لانتقال الفلسطينيين إلى مصر وعودتهم إلى فلسطين بصور متعددة.

إننا نلاحظ التأثير الشامي في أغاني السامر في منطقة الشيخ زويد والعريش من خلال انتشار شرائط التسجيل الصوتي والـ CDs والتعرض للقنوات الفضائية، ويظهر ذلك في تسرب طريقة الغناء الشامية، وتسرب العديد من النصوص الشعرية الشامية (الأردن – فلسطين – لبنان) مثل:

المجموعة:

ردى شاليشك رديه يـا داده(47)

من الشمس لا تسودي

 

لا خدم مع بوك سنتين يا داده

جهوه والله مـاودي(48)

قائد المجموعة:

هــلا هـــا هــــا

(للتحميس)

المجموعة:

واطلع ع راس الجبل يا داده

وغنى لك موالــي

 

وإن جالوا هاذا جاهل يا داده

لاشكي لهم عن حالي

 

موسيقــــــــــي

 

 

 

وأغنية أخرى لمغن يدعى نايف أبوعياش:

المجموعة:

البارحة بالحلم حاضن الغالـــــي

 

 

وصحيت من النوم لقيت الحضن خالي

 

 

آه ... آه ... آه ... آه ...

 

 

بالله يا غالى لا تجسي جليبــك

بالله يا غالـي

 

طول الليالي يعجبني رسمـــك

طول الليالـي

 

 

ومن الأغاني الأردنية كذلك إحدى أغاني سميرة توفيق:

وح وح واني بردانه

يابوا العيون السهرانه (الدبلانه)

بردانه دخلك دفيني48

 

 

وتسربت طريقة الغناء الشامية إلى الشيخ زويد فنجدها واضحة في أغاني الدلعونة، وتبدأ بطريقة أداء للموال بالطريقة الشامية:

واللى سريته بليل وأهلي ما دروبـي49

جطعت جبال ياباي وياما دروبي50

لاعلم إن المنايا على دروبي

ما ودعت الاحبابي ولاسريت دروبي

 

على دا العونـــا

وعلى دا العونــا

هوا الشمالــــي

غير اللونــــا

أول ما نبــــدي

نصلى على الزينا

نبينا محمـــــد

يا نور العينـــا

على دا العونـــا

وليش دلعتينــي

عرفتى لمــزوج

ليه حبيتنــــي

لا كتب كتابــك

ع ورق تينـــي

واجعل طلاجـك

حب الزيتونـــا49

 

ولا يتوقف التأثر بالأغاني البدوية عند تلك الأغاني الوافدة من الأردن وفلسطين، بل من باب أولى أن يتم التأثر ببعض الأغاني البدوية لبدو مطروح50. ومن بينها أغنية مشهورة لمغن معروف من مطروح هو عوض المالكي تنتشر الآن بين أغاني منطقة العريش والشيخ زويد وهى تقوم على بناء شعري على طريقة المجرودة المعروفة وهى أقرب إلى الطريقة الزجلية رباعية الشطرات ونقتطف من أبياتها:

(1) لابس الرجيج51ادلـع

يالابس الرجيـــــج

يا أبوماشية لجليــــج52

أنا عندي في الرأس جليج53

وعنك ما نجحد شي

(2) وعنك ما فتحت الأخيار

كلامى لاعيب ولا عــار

     ونحكى جدام الحضـار

ولو عار نجول في الردى54

 

 

ثم ينتقل النص في أسلوب فكاهي إلى نقد إحدى العادات التي كانت شائعة وهى تزويج الشباب دون ترك الفرصة لهم للاختيار:

 

(3)

أنا راجل فنان وغاليين عليه العربان

 

عذاري وكرام وفرســـــــان

 

ولكن عادات زمان اليوم مع الشبـان

 

شكوا لي منهن يا حبــان

 

إن كانوا مية شاب شــوي

(4)

إن كانوا مية شاب حكاهـم

 

فيه اللي مظلوم بكاهـــم

 

وين حكا لي حتى أنـــا

 

وراح حزامي بكانــــي

(5)

راح حزامي وين حكا لــي

 

وفى الموضوع شغل لي بالي

 

جال لي ماتنسانــــــي

 

سار الهم وساير لــــي51

 

 

سابعاً: خاتمة

نستطيع بعد هذا العرض أن نصل إلى عدة نتائج أساسية لهذا البحث وهى:

1 - تغير وسائل ارتحال النصوص في عصر العولمة. فبعد أن كانت تتم عن طريق الهجرة والتجارة، أصبحت تنتقل عن طريق الوسائل الحديثة (شرائط التسجيل – الميديا الصغيرة – CDs الكمبيوتر – التليفزيون – الأطباق الهوائية – المحطات الفضائية).

2 - التحول التدريجي في الغناء الشعبي لدى بدو سيناء الشمالية من الجماعية إلى الفردية (نموذج حميد إبراهيم).

3 -  تشكل نصوص الأغاني على هيئة موزايكو، بمعنى أن النصوص الوافدة تزرع مع النصوص التقليدية وتطعم معها سواء على مستوى المفردات أو على مستوى نص الأغنية بالكامل، ويبدو ذلك بوضوح في العريش والشيخ زويد.

4 -  تحول طرق أداء الأغاني بتحول السياق الذي تؤدى فيه من السامر التقليدي، إلى العرس فى الفندق، إلى السامر في سباق الهجن السنوي.

5 -  إنه إذا كانت العولمة قد أسهمت في سرعة التحول في أغاني السامر السيناوي وفى تراجع السامر، وإذا كانت منطقة الشمال الشرقي من سيناء ومجتمعاتها المحلية تعد بوتقة تنصهر فيها النصوص المحلية والوافدة، فإن اختيار الأغاني يتم وفق آلية متعددة الدوائر تبدأ من الدائرة الأقرب ثقافياً، ثم مكانياً، ثم خارج حدود الوطن بما يمكن رسمه .

 

المراجع

1 - انظر: أرثر أيزا برجر، النقد الثقافى: تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية، ترجمة وفاء إبراهيم، ورمضان بسطاويسي، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2003. وانظر أيضاً إنجيلا ماكروبي: مابعد الحداثة والثقافة الشعبية، ترجمة منى سلام، مراجعة محمد الجوهري، مجلة الفن المعاصر، ع1، صيف 2000، ص ص 155-170. وانظر أيضاً مايك فيذرستون، ثقافة العولمة: القومية والعولمة والحداثة، ترجمة عبدالوهاب علوب، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2000.

2 - عبدالله إبراهيم، النقد الثقافي مطارحات في النظرية والمنهج والتطبيق، مجلة فصول، ع 634، شتاء ربيع 2006، ص 192.

3 - Umberto Eco, A Theory of Semiotics, Bloomington, Indiana University Press, 1976, P. 71.

4 - لسان العرب لابن منظور، مادة: سَمَر.

5 -نعوم بك شقير، تاريخ سيناء، ط2، القاهرة: دار الكتب والوثائق المصرية، 2005، ص ص 344-351.

6 - حاتم عبدالهادي، الشعر النبطي: ملامح الشعر في بادية سيناء، الهيئة العامة لقصور الثقافة، إقليم القناة وسيناء الثقافي، 2000، ص 23.

7 - يذهب سمير جابر فى دراسته للرقص الشعبي لدى بدو الشرقية إلى القول: "يشمل سامر عرب الشرق ثلاثة أجزاء، شأنه في هذا شأن السامر عند عرب الغرب أيضاً وهى: البوشان – الريدة – الدحية. وقد يستمر إلقاء البوشان نصف ساعة أو أكثر ويعد نموذجاً أفضل لكيفية التجمع للسامر حتى إذا تجمع الرجال وتم اصطفافهم، وانتظم ترتيبهم، يبدأ البديع بجزء الريدة وأحياناً يسمونه الريدية أي ما يريدونه أو يرغبون فيه، وفى هذا الجزء الثاني من السامر، يبدأ الرجال بدق الكف والرد على البديع (رايحين نجول الريدة)". انظر سمير جابر، أطلس الرقصات الشعبية المصرية، المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ج1، ط1، 2006، ص 111.

8 -تقول نهلة إمام إن بعض الإخباريين فى منطقة بئر العبد في شمال سيناء أخبروها "أن بعض الموسرين يمكن أن يؤجروا بداعاً لإحياء أعراس أبنائهم، وعموماً فإن كثيرين من أفراد القبيلة لديهم القدرة على قول البديع لأنهم يرددون ما يحفظونه من الشعر الشعبي مع حرية التصرف فيه بالتعبير من حذف وإضافة، حيث يسقط الراوى حالته النفسية أو قصته الغرامية على أشعاره". انظر نهلة إمام، عادات وتقاليد الزواج لدى قبيلة الدواغرة في محافظة شمال سيناء، رسالة ماجستير غير منشورة، المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون، القاهرة، 1993، ص 231.

9 - سجل النص في سامر أقيم بضواحى الشيخ زويد بتاريخ 29 أغسطس 2006، وكان يقود الغناء عادل موسى البطيني من قبيلة المعازة مقيم بالشيخ زويد.

10 - وقد تدلنا هذه العبارة على النظام الاجتماعي الذي كان سائداً بين القبائل في سيناء وهو نظام الأحلاف، بمعنى أن القبيلة الأقل عدداً وأقل قدرة على حماية ربوعها تدخل في حلف مع قبيلة أقوى لحمايتها والذود عنها. انظر أحمد أبوزيد، النظام السياسي التقليدي (في): الإنسان والمجتمع والثقافة فى شمال سيناء، إشراف أحمد أبوزيد، تحرير تغريد شرارة، القاهرة، ج1، المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، 1991، ص ص 190-191 ومواضع أخرى متفرقة.

11 - فاروق أحمد مصطفى، التعبير بالحركة والفنون الشعبية: دراسة مقارنة، مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة، 1996، ص 13.

12 - سيرد تفصيل الحديث عن بعض أشعار العليادي أو على دلعونا في موضع لاحق في هذه الدراسة.

13 - فاروق أحمد مصطفى، مرجع سابق، ص 13.

14 - يشير محمد بكر البوحي إلى أن الدلعونا في فلسطين يمكن أن تؤدى بطريقة منفردة أثناء العمل أو في طريق العودة منه، أو يتغنى بها الأفراد والجماعة، دون عزف، فترد عليه الجماعة بلازمة معينة، هي عبارة عن نصف بيت من الدلعونا. وتستطيع النساء أداء هذه الأغنية على أنغام الدلعونا وإيقاع الطبلة، دون مشاركة الرجال. لمزيد من التفاصيل انظر محمد بكر البوحى، جهود عبداللطيف البرغوثي في جمع وتحليل الأدب الشعبي في فلسطين، مؤتمر المأثورات الشعبية في 100 عام، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ج2، 2002، ص ص 298-300.

15 - سجل النص من سامر أقيم بالشيخ زويد في أغسطس عام 2006.

16 - هذا المقتطف من مقابلة أجريت معه فى مدينة الشيخ زويد بتاريخ 26/8/2006.

17 - محمد بكر البوحي، جهود عبداللطيف البرغوثي في جمع وتحليل الأدب الشعبي فى فلسطين، مرجع سابق، ص 298.

18 - محمد بكر البوحي، المرجع السابق، ص 301.

19 - ب.أ. أوسبنسكي، ن.ف. إيفانوف. نظريات حول الدراسة السيميوطيقية للثقافات مطبقة على النصوص السلافية، ترجمة نصر حامد أبوزيد، في: مدخل إلى السيميوطيقا، إشراف سيزا قاسم، ونصر حامد أبوزيد، دار إلياس العصرية، القاهرة، 1986، ص 323.

20 - يذكر بعض الرواة من الشيخ زويد أن الحاشي كانت تحمل سيفاً عند دخولها ساحة السامر، وكأنها كانت تدافع عن نفسها تجاه الرجال الذين يحاولون مشاكستها وخطف عباءتها أثناء الرقص، وتحول حمل السيف إلى العصا في العقود الأخيرة. وقد ذكر سمير جابر في كتابه أطلس الرقصات الشعبية المصرية (2006) أن الحاشي لدى عرب الشرق في محافظة الشرقية تحمل العصا وأن هذه الرقصة لازالت تؤدى بالسيف بالموصل بالعراق، وأن الحاشي خلال دفاعها ضد من يحاول خطف عباءتها ممكن أن تصيبه إصابة بالغة، وأنه شاهد هذه الرقصة بالعراق أثناء زيارته لها مع الفرقة القومية للرقص عام 1968. انظر سمير جابر، أطلس الرقصات الشعبية المصرية، مرجع سابق، ص ص 113-114.

21 - انظر سمير جابر، المرجع السابق، ص ص 116-118.

22 - يتدرج الغزل بين البداعين فيصل إلى ذروته في المباراة الشعرية والرقص بين البداعين والحاشى، مما يظهر في وصف نعوم شقير: قال البداع فى رقص الدحية مغازلاً الحاشي:

 

يا عيونها اللي بدت لي

يا شبه غدير الصفيـه1

يا قرونها2 اللي بدت لي

يا حبال البيت العوديه3

يا خشيمها4 اللي بدا لي

يا ضيق الخاتم وشويـه

يا نهيدها5 اللي بدا لـي

بيض الحمام الرقديـه

يا صليبها6 اللي بدا لي

فتله حرير ومطويــه

يا ساقها اللي بدا لي

يلمع لميع الشبريـه7

 

1 - غدير الصفيه: أي غدير الماء الصافي.     2 - قرونها: ذوائب الشعر.

3 - العوديه: الطويلة كالأعواد.         4 - خشيمها: فمها.                 5 - نهيدها: تصغير نهد.

6 - صليبها: بطنها.            7 - الشبريه: الخنجر.

(23) نعوم بك شقير، تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها، دار الكتب والوثائق القومية، ط1، 2005، ص ص 348-349. وتذكرنا هذه المباراة بالوظيفة التي يلعبها السامر لدى البدو عموماً فقد ذكر أحد الإخباريين تأكيداً لما ورد بدراسة أنثروبولوجية لمجتمع شمال سيناء من أنه كانت هناك مواسم للقاءات بين الشباب فى الماضي. وهى الأيام الأخيرة من شهر رمضان حيث يعقد السامر ويتجمع الشباب للغناء والفتيات للرقص، وقد يتردد بعض الكبار للفرجة. ويستمر السامر حتى أول أيام العيد، حيث تتوجه الفتيات بعد صلاة العيد إلى إحدى المناطق المتفق عليها ويأخذن في الغناء ويتبعهم الشباب، ولكن كل فريق يجلس بعيداً عن الآخر ويظلون هكذا حتى الغروب، وتتم الاحتفالات في منطقة وسطى بين القرى في منطقة فسيحة خضراء بها بعض الأشجار، ويجلسن في مجموعات كل منها مكونة من خمس فتيات تظللهن عباءة سوداء تغنى كل واحدة منهن وتردد الباقيات خلفها، وهكذا يتعارف الشباب والفتيات. انظر: إلهام عفيفي، التعبير عن العواطف وأثره في التماسك الاجتماعي، (في): الإنسان والمجتمع والثقافة في شمال سيناء، إشراف أحمد أبوزيد، تحرير: تغريد شرارة، القاهرة، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ط1، 1991، ص ص 261-261.

24 - فاروق أحمد مصطفى، التعبير الحركي الشعبي وعلاقته بالفنون الشعبية الأخرى، مج الفنون الشعبية، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ع42 (يناير-مارس 1994)، ص 86.

25 - المرجع السابق، نفس الصفحة.

26 - ب.إ. أوسبنسكي وآخرون، نظريات حول الدراسة السيميوطيقية للثقافات مطبقة على النصوص السلافية، ترجمة: نصر حامد أبوزيد، في: أنظمة العلامات في اللغة والأدب والثقافة، دار إلياس العصرية، القاهرة، 1986، ص 323.

27 - Greimas, Sémiotique, Dictionnaire Raisonné de la Théorie du Langage en Collaboration avec J Courtes, Paris, 1979.

وانظر أيضاً:

       Todorove, Tzévétan and Oswald Ducrot, Encyclopedic Dictionary of the Sciences of Language, 1979.

28 - نهلة عبدالله إمام، عادات وتقاليد الزواج لدى قبيلة الدواغرة، 1993، ص 230 وما بعدها.

29 - المرجع السابق، ص ص 229-231.

30 - المرجع السابق، ص 231.

31 - المرجع نفسه، ص 248.

32 - فاروق أحمد مصطفى، التعبير بالحركة والفنون الشعبية، المرجع السابق، ص 10.

33 - المرجع السابق، ص 11.

34 - سجل النص في سامر أقيم بضواحي – الشيخ زويد بقيادة عادل موسى البطيني في 29 أغسطس 2006.

35 - مما تجدر الإشارة إليه أن سائقي سيارات الأجرة بين العريش والقاهرة أو الإسماعيلية قد اعتادوا اقتناء شرائط تسجيل لأغاني المغنين البدويين وأغان شائعة لمطربين من الأردن وفلسطين ولبنان.

36 - بول زومتور، ترجمة: وليد الخشاب، مدخل إلى الشعر الشفاهي، دار شرقيات للنشر والتوزيع، القاهرة، 1999، ص 251.

37 - يقول حميد إبراهيم في إحدى المقابلات "إحنا قبائل من أهل الصحراء، ويمكن تطور عندي نوع الفولكلور في الأول من السامر في السهرات، وكنت أسمع البدع والرزع والمربوعة وهى مسميات عندنا. البدع طريقة والرزع طريقة والمربوعة طريقة، عندك البدع بيقول اعطونا الخمسة من إيديكم والخمسة زواج الدحية رايحين نقول الريده. وللرزع له طريقة وده بداية التجمع بعدها الصفوف تتدارك، صف رجال وأمامه الحاشية (الفتاة التي ترقص)، وتتعمل مجاميع نساء قاعدة والشباب قاعد. والسامر في الليل، فتلاقى الأطفال تستمع للكبار ويعملوا لهم صف ويقلدوهم". راجع الفقرة الخاصة بالأنماط الشعرية فى السامر.

38 - من مقابلة مع حميد إبراهيم أجراها معه محمد رضا الشيني الباحث بأطلس الفولكلور المصري في يوليو 2003.

39 - وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى طبيعة فرق الغناء الشعبي التي ترعاها الثقافة الجماهيرية والتي تعد برنامجها لتشارك به في المسابقات. وكثيراً ما يحاول القائمون عليها تطوير الأغاني التي تؤديها الفرقة من مغنين تلقائيين. ويشار هنا إلى تجربة قام بها المخرج عاطف عبد الحميد المشرف على فرقة الرقص الشعبي في العريش، فقد قام بالإشراف على فرقتي رفح والشيخ زويد التلقائية، ولجأ إلى جمع الأغاني التراثية التي تحفظها النسوة في المنطقة، وحاول تعديل بعضها لتلائم العرض على المسرح؛ لأنه رأى أنها لو قدمت بلهجتها البدوية المحلية في المناسبات التي تشارك فيها الفرقة، فإن المتلقين من غير أبناء المنطقة سيكون من الصعب عليهم فهمها. ولمزيد من التفاصيل حول فرق الغناء الشعبي انظر: إبراهيم عبدالحافظ، الفنون الأدبية الشعبية: دراسة في ديناميات التغير، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القاهرة، ط1، 2004، وبخاصة الفصل الثالث.

40 - مسلم سلمى الحوص من مقابلة أجراها معه محمد رضا الشيني، يوليو 2003.

41 - من مقابلة مع عادل موسى البطيني في مدينة الشيخ زويد، أغسطس 2006.

42 - من مقابلة مع مسلم سلمى الحوص أجراها معه الباحث محمد رضا الشيني بمدينة العريش، يوليو 2003.

43 - بول زمتور، مدخل إلى الشعر الشفاهي، مرجع سابق، ص 240.

44 - للوقوف على آليات إعادة الإنتاج راجع مقالنا: إعادة إنتاج المأثورات الأدبية الشعبية المنشور في مجلة الفنون الشعبية، ع 68، 69 (يناير – فبراير – مارس 2006)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص ص 21-54.

45 - من مقابلة مع حميد إبراهيم بمدينة العريش أكتوبر 2006.

46 - السيد حامد، الكتابة الإثنوجرافية: دراسة في اللفظ والمعنى، مجلة الفنون الشعبية، ع (70)، الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية والهيئة العامة للكتاب (أبريل – مايو – يونيه 2006)، ص66.

47 - بول زومتور، المرجع السابق، ص 249. وانظر أيضاً:

- Ruth Finnegan, Oral Poetry: Its Nature, Significance and Social Context, Cambridge, 1977, P. 135.

48 - يتغنى بعض المؤدين الشعبيين فى المنطقة بأغنية مشهورة للمغنية الأردنية سميرة توفيق:

 

والله تصبوا ها الجهوه

وتزيدوها هيل

واسجوها للنشامي

ع ظهور الخيل

جهوتنا أول بادي

للأجوادي

ياللي ناره وجادي في ظلام الليل

                         ..................... إلخ

 

49 - سجل النص من عادل موسى البطيني، أغسطس 2006.

50 - سبقت الإشارة إلى ما أورده فاروق مصطفى من وجود التأثيرات من الأغاني المصرية غير البدوية في الأغاني العريشية الشعبية ومن نماذجها أغنية الغزال:

 

كان عندي غزال

كفه محني

وعيونه سوده

وعسليه

سهاني يا ناس

وهرب منى

خاين يا غزال

حسنك جتال

 

انظر: فاروق أحمد مصطفى، مرجع سابق، ص 10.

51 - سجل النص من عادل موسى البطيني بالشيخ زويد، أغسطس 2006.

الهوامش

1 - الجعود: القعود هو الجمل فى سن الشباب، وينطق أهل المنطقة حرف القاف جيماً قاهرية وقد أثبتها كما تنطق فى كل النصوص التالية.

2 - عجبى: هى عقبى أى خلفى أو فى إثرى.

3 - زواج: زينة أو تزويق.

4 - حفيف الكينيه: مثل صوت الهواء القوى.

5 - داويه: دويه.

6 - شبريه: خنجر.

7 - الدنجور: الشجرة الصغيرة.

8 - جدمكى: قدمك للحث على سرعة الرقص.

9 - فوجيه: من فوقى.

10 - جاعود: الجمل.

11 -عجن ثلاثه سويه: اطلقن ثلاث زغاريد معاً.

12 - تفطم ضناها: تفطم النعجة وليدها.

13 - الجُنعه: القُنعة أى الطرحة.

14 - الراحه: جبل الراحة فى سيناء دليل على بعد المسافة.

15 - فجيتى العتمه: شققت الظلام.

16 - لجواد: الأجواد.

17 - المرطمانى: البرطمان.

18 - واحدها: وحدها.

19 - جزازى: من الزجاج.

20 - مريرك: العقال الذى يوضع على الرأس ونكسة مريرك أى إرخاء عقالك على مقدمة الرأس تعاجباً.

21 - ع هونه: بالرفق.

22 - الجمره: القمر.

23 - تجومى: تقومين.

24 - دموس اللدية: أحجار توضع أسفل الخبيز. (دليل الكرم)

25 - باودى: أرسل أو أبعث.

26 - تكينا: نزلنا بتيران وادى أو كهف معروف فى سيناء.

27 - الأرنب: يبدو أنه رمز للمرأة، والسلجان: نوع من كلاب الصيد يسمى سلوقى وهى بارعة فى الصيد.

28 - التصفيق بالكف هو تزويق لرقص الدحية.

29 - لا تتعبونها: لا تظلمونها.

30 - من ناسه: من أهل قبيلته.

31 - هبيب الهجينى: بروك الجمل والهجينى الجمل.

32 - يا معود: نداء مع مدح.

33 - عودى: عادتى.

34 - اختيار: كهل كبير السن.

35 - الفنطزيه: بلا فائدة.

36 - المزيونه: الجميلة.

37 - نكسة مريرك: تقديم عقالك على الجبهة تعاجباً وخيلاء كعادة الشباب.

38 - يا حليله: ما أحلاه.

39 - الجُنعه: الطرحة.

40 - أبوعبيه: من يلبس العباءة.

41 - العالم: الناس.

42 - طليجه: حرة.

43 - الشبرية: خنجر أو سكين يعلقه البدوى فى ثيابه.

44 - الخبرية: أبلغ عنا أحد.

45 - جروحى مازالت حيه: لا تبرأ.

46 - الروزا: الورده.

47 - يا داده: يا حبيبتى.

48 - ماودى: لا أرغب.

49 - ما دروبى: لم يعلموا بى.

50 - ياما دروبى: طرق كثيرة.

51 - الرجيج: الثياب الرقيقة التى تظهر مفاتن الجسم.

52 - لجليج: مشية المتبختر.

53 - جليج: ارتباك وقلق من حبى لك.

54 - فى الردى: الأمر السيئ.

أعداد المجلة