سلطة السحر بين التمثل والممارسة
العدد 5 - عادات وتقاليد
1 - تقديم:
تسعى هذه المقاربة إلى الإنصات ما أمكن إلى تجربة المرأة الأمازيغية في علاقتها بمحيطها علاقة إنصات تشمل حقلا اجتماعيا مسكونا بالرمز والدلالة والمعنى، متجاوبا مع التأويل للممارسات اليومية في بعدها الإنساني والوجودي.
قد لا نجانب الصواب منذ البداية إذا قلنا أنّ الخوض في موضوع السحر لا يقل تعقيدا عن ممارسته، فأول ما يواجهنا به هذا العالم هو الصمت، صمت مكشوف تعبر عنه لغته المستعملة أو أشياؤه الرمزية، لكنه صمت لا يقابله عدم الاعتراف بالممارسة واقعيا، وهو لا يعني أنّ الإنسان لا يزاوله، وأنّ الحركية في هذا المجال منعدمة، بل يمكن القول أنه رغم هذا الصمت الناطق، ورغم الثبات الذي يظهر على السطح، هناك اعتراف حقيقي بوجود السحر، واعتقاد بأثره وفعاليته.
2 - ماهية السحر:
يعتبر ديتكن ميشيل: أنّ السحر والشعوذة من المعتقدات والممارسات المعقدة التي تهتم بها المجتمعات القبلية التي تتميز بالبساطة والحياة المبدائيه (...) ويضيف على لسان «بريتشارد» لو أردنا فهم طبيعة المعتقدات والممارسات المتعلقة بالسحر، يجب علينا دراسة الحادثة المؤسفة التي يتعرض لها الفرد والجماعة (...) وأهم هذه الحوادث: المرض، الموت، الفشل الزراعي، الزلازل، البراكين، الفيضانات والجفاف1.
إن تأملا أوليا في هذا القول, يجعلنا نتساءل هل بالفعل أن السحر ظاهرة لا تعرفها إلا المجتمعات «البسيطة» والبدائية؟ وما موقع المجتمعات المصنعة والحديثة من الظاهرة؟
إنه استثناء من الصعب القبول به، إذ من الممكن القول أنّ الظاهرة تمس حتى أكثر المجتمعات تصنيعا، وتحديثا فتعقيدا.
والسحر, كما في التعريف السالف الذكر يلتجئ إليه الفاعل تحت تأثير أزمة ما، إنه : «طريقة وأسلوب تبذل فيه الجهود المتواصلة للسيطرة على البيئة والعلاقات الاجتماعية2.
ولكي لا يبقى كلامنا نظريا محضا، سنحاول أن نعرض لبعض من النماذج من مجال دراستنا, وتصورها للسحر من خلال معطيات ميدانية جمعناها من خلال إنصاتنا لعينة من النساء بقبيلة آيت وراين وهي مناطق جبلية تتميز بارتباطها بالطبيعة: الأرض والسماء كمصدرين للرزق والحياة3.
والسحر, كما يرى مارسيل موس, يرتبط بأفعال وممارسات وتمثلات الأفراد, ومن بين ما يشترط فيها التكرار, كما أن تسمية الساحر تطلق على كل من يؤمن بذلك ويقبل على ممارسته وإن لم يكن محترفا4.
نسجل منذ البداية أن المعطيات التي يحويها هذا المقال، قد تبدو للقارئ بسيطة، لكن الحصول عليها ليس بالأمر الهين.
3 - الكشف عما لا ينكشف:
نقرأ هذه الشهادات بعد ترجمتها من الأمازيغية إلى العربية.
3-1: الحالـة الأولى
أ- السحر للحب وللبغض:
تقول هذه المسنة، مبتسمة:
«إن السحر موجود، عكس من يقول أنه غير موجود، فقد يتسبب الساحر في إلحاق الضرر بالمسحور، مستعملا وجه «القنفذ» لكي يكره زوجته، كما يوضع السحر في أمور لا أقدر على ذكرها، هناك من تسحر زوجها مستعملة الشمعة، فعندما يتغيب عن البيت، تشعل هذه الشمعة وتوضع مكان نومه، لكي تنار الزوجة، كما الشمعة تضيء وتضاء».
يرتبط السحر في هذه الحالة, بالبغض وبالحب, ففي الحالة الأولى يستعمل وجه القنفذ , لتسويد وتقبيح صورة الزوجة في عين زوجها مما يفضي إلى هجرانها وكرهها, فالقبح هنا لا يتحقق إلا بالقبح, والشر لا يتحقق إلا بالشر.
أما الخير فلا يحققه إلا الخير أو الجمال, ففي حالة تغيب الزوج أو الحبيب, تمارس أفعال وطقوس بأشياء إستعارية جميلة أو خيرة, كما في مثال الشمعة التي تتوخى منها الفاعلة أن ينار المكان المهجور والحبيبة المهجورة.
ترتبط الممارسة السحرية في الحالتين بالقوة الإيمانية والاعتقادية في الفعل الممارس والهدف المتوخى من الممارسة, إذ بدون الإيمان والاعتقاد لمثل هذه الممارسات لاتحقق النتائج المطلوبة .
وتتابع, حديثها قائلة:
ب: السحر للعلاج والنمو:
« إذا ازداد الطفل ناقصاً في صحته، وإذا لاحظت الأم أن صحة ابنها تتضاءل يوما بعد آخر، معنى ذلك أن الطفل في هذه الحالة (تسويت تحفورت), شربته حفرة نار الكانون ، وتقصد بذلك المكان المخصص للنار داخل البيت وهو مكان عبارة عن حفرة محاطة بثلاثة أنصاب توضع فوقها أواني ومستلزمات إعداد الطعام.»
ثم تضيف:
«وهذه مسألة وقعت لي شخصيا بأمر من امرأة كبيرة، تأتي المرأة النفساء, وعيناها مغلقتان، تساعدها في ذلك القابلة, وتطوف حول سبعة منازل من جيرانها، وكلما طرقت بابا من أبوابها تقول: أعطوني دواء، وأي شيء يقدم لها تأخذه، سواء أكان خبزا، أم سكرا، أم حليبا، أو حناء. بعد المرور بالمنازل السبعة,تعود إلى بيتها, فتضيف إلى ماجمعته مادة تسمى «الخزامة», يدق الكل، ويخلط جيدا. وتذهب المرأة النفساء إلى المكان الذي وضعت به, وهناك تلطخ كل جسم رضيعها, بهذا الخليط، وكأنه سيولد من جديد، إن هذه المسألة عندي مجربة، فقد سئمت من دواء الطبيب، وبعت كل ما أملكه من أجل الرضيع، لكن بدون جدوى، وما نفعني هو ما ذكرته لك من خلال هذه الواقعة.»
ترتبط الممارسة السحرية في هذه الحالة بإرادة تجاوز سوء نمو الحالة الصحية للرضيع, وقبل إرادة التجاوز, تقدم الحالة تشخيصا للمشكل من خلال تقديم تفسير لوضع الطفل, فالطفل لا ينمو لأن «تحفورت تسويت» بمعنى ظل وضعه على حاله, إنه لا يزيد ولا ينقص كما هي حفرة نار الكانون التي تبقى على حالها.
غير أن ما هو مهم في هذه المحاولة, هو الحل الذي قدم للأم التي تبحث عن حل لوضعية صغيرها, تقول إن ما ساعدها, ليس الأطباء ولا أدويتهم وتشخيصاتهم بل ما قدم لها من خلال من يكبرنها سنا. يتعلق الأمر هنا بسلطة الثقافة الموروثة, ففعالية الطب العصري وسلطته لن تتحقق ما لم تتوفر شروط ذلك, فزيارة الطبيب المختص يتطلب موعدا , سفرا, إيمانا وتكلفة مادية مهمة قد تتوفر وقد لا تتوفر للمعنيين بالأمر, لذلك تبدو الوصفة المقدمة للحالة المعروضة هنا, أسهل وأقرب وأهم, ما دامت الأشكال العلاجية العصرية لا تزال تشكل حلما بالنسبة للقرويين وكذا الفئات الفقيرة.
فالقرويون لا يرفضون التطبيب العصري ولكن يتألمون ويعانون كثيرا إذا طلب منهم أن يتوجهوا إلى إحدى المستشفيات بالمدينة, إنهم يدركون أن هذا النوع من السفر أشبه بالجحيم, للغربة التي يستشعرونها داخل هذا النوع من المِؤسسات.
3-2: الحالة الثانية
ج- السحر سيف ذو حدين:
وأنت تتجول وتخطو هذه المسالك الجبلية، ستجد أشجارا كبيرة تتوسطها فتحات كبيرة، وهي أشجار لا تقطع ولا تمس بسوء، فهي محاطة بنوع من التقديس، تصلح للوقاية من حر الصيف، بل أيضا للسحر وللعلاج, لعلاج الأطفال الذين لا يزيدون نموا ولا وزنا. يؤتى بهم إلى هذه الأشجار المنخورة من الداخل، ثم يمرر الطفل المعلول عبرها، ومغزى ذلك إما أن يعيش الطفل أو يموت.
يعتقد أن هذه الشجرة بمثابة حد نهاية مرحلة وبداية أخرى، وهي طقوس مرفوقة بهالة مسكونة بالخوف وترديدات تلمسها من خلال الأفواه ولكنها لا تسمع وتصعب معرفتها.
كما يذهب بهذا النوع من الأطفال إلى القبور القديمة، وهناك يتم حفر قبر صغير يدفن فيه المعلول قليلا ثم يعاد به إلى الحياة، إنه بمثابة تهديد مجازي للعاهة لكي تفارق الصبي، يستأنف حياته بشكل طبيعي.
ولا يقف الاعتقاد والممارسة عند هذا الحد بل يتم دفن نفس الطفل، إذا اقتضى الأمر ذلك بمزبلة فوقه «مدونة» طبق من الحلفاء يليها التراب، وهو فعل يرمز له أيضا إما للحياة أو الموت.
وصفت في العنوان أعلاه, هذا النوع من الممارسات السحرية بالخطورة, لخطورتها الفعلية على سلامة وحياة الطفل المعتل, ويمكن أن نبين أن الخطورة تتجلى في دفن الطفل في مزبلة, وهو حي, أي الإنسان عندما يكون أمام مشكل أو أزمة, فإن الأداة لاتهمه ولا يعيرها أي اهتمام, مهما كانت خطيرة, لأنه لا يفكر إلا في الحل والخروج من المأزق.
كما أن مثل هذه الأفعال, بخطورتها تستهدف شيئين اثنين: إما الحياة وإما الموت. ولها من جانب آخر بعد إيكولوجي, يتجلى في تقديس الأشجار التي تشكل واسطة في العلاج, إنها بفعل هذه المعتقدات تنجو من القطع, لذلك نجدها في أكثر من دوار شامخة عالية ومقدسة, وهذه إحدى الجوانب الإيجابية في هذا النوع من الممارسات والمعتقدات.
3-3: الحالة الثالثة
د- لا تخلو طقوس الزواج من ممارسات سحرية:
3-3-1: العريس إذا أرادت «العدوات» القضاء عليه, تسحب منه رجولته وفحولته, يشترين مرآة جديدة، وينادى عليه ليلة زفافه، فإذا أجاب بنعم، فأغلقن المرآة «ضربة بلا معاودة للثقاف».
يستعمل الساحر الأدوات المعتاد استعمالها لأغراض سحرية, فالمرآة التي تعرف وضيفتها تتحول في حالتنا إلى «ضربة بلا معاودة» إذا أستهدف بها العريس, تغلق بعد النداء على العريس, وسيبقى هذا الأخير فاقدا «لرجولته» كلما بقيت تلك المرآة مغلقة.
إن الأمر لا يتعلق بإغلاق المرآة فقط , بل إن جل الأفعال السحرية ترتبط بأقوال لا يكشف عنها, وربما من هذا الصمت تستمد الممارسة سلطتها, فكل اللواتي قابلتهن يسترسلن في تقديم وصفات يعرفنها أو سمعن بها, لكن لا يسترسلن في البوح, بدعوى عدم الإلمام, وفي عدم الكشف هذا, تتجلى سلطة السحر, وهي سلطة مستمدة إما من التستر والغموض الذي يحيط بها أو من النتائج المترتبة عنها.وفي الوقت الذي يقدم السحر كمعرفة وممارسة, تقدم للناس طرق عملية حمائية تقيه من الوقوع في السحر.
3-3-2: بالنسبة للعروس، إذا أخذوا منها ملابسها، أو عقدوا عقدا في ثيابها، سوف لن تلد، إذا لم تفسخ تلك «العقدات»، وإذا سحروا لها في الحناء وأمروها بوضع أصابعها في الإناء الذي يحتوي هذه الحناء، فلن تلد لمدة خمس سنوات (لأن أصابعها خمسة...).
3-3-3: العروسان إذا أخذ من ملابسهما، ودفنت في القبور، فإن ذلك سيكون سببا في البغض والكراهية التي ستنشأ بينهما والتي ستؤدي إلى الطلاق.
3-3-4: هناك من تشتري «القفل» تفتحه وتنادي على فلان، وعندما يجيبها تغلقه توا، وتقول قولا، إنه «ثقاف», ونفس الشيء بالنسبة للسكين، هذا العمل تقوم به النساء, بسبب الكراهية خصوصا إذا لاحظن أن هناك علاقة حب ووئام بين شخصين، يحولنها إلى كراهية وبغض.
3-3-5: وللتخلص من «الثقاف» أو السحر على الإنسان المصاب أن يمر تحت أقدام أمه سبع مرات متتالية، ثم يأخذون شعر «الصبيان» الذين لم تحلق رؤوسهم بعد، و»يبخرون بها» ثم يأتون «بالدمليج» ويوضع فوق سرة المرأة، ويشرب منه العروسان وهذا علاج «للثقاف». والثقاف لا يقتصر على الفعل بل يقام أيضا «بالقول».
3-3-6: هناك أيضا «تبطيل السحر» حيث يتجه الإنسان عند الفقيه يكتب له «حجابا» يعلق بذراعه أو يوضع في حزامه... وحتى إذا شرب المرء «ماء البحر» قبل بلوغه فلن يأخذ منه السحر شيئا، أما «التوكال» فهو يعالج بواسطة «التعواد».
تقدم لنا هذه الأمثلة المثال, وصفات سحرية ترتبط بالعروس، فهي التي تستهدف من خلال الحناء, أو من خلال ملابسها, توصي من قابلتهن بضرورة أخد الحيطة والحذر, لذلك فملابس العروسين, تحتفظ بها الأم في مكان لا يمكن الوصول إليه بسهولة.
كما أن حركاتهما تكون محسوبة ويضرب لها ألف حساب, فحتى الأكل لا يتم مع الجماعة, إذ غالبا ما يتناولان طعامهما منفردين تجنبا لأي مكروه يمكن أن يواجههما.
3-4: الحالة الرابعـة
هـ- وراء السحر الحسد والكراهية:
ضحكت العجوز وقالت: السحر يا ابني تقوم به النساء لأسباب كثيرة، كأن تحسد إمرأة أخرى لأنها على علاقة جيدة بزوجها، أو لأنها جميلة أو شعرها أطول وأجمل، «علاش حسدوك الحلوف، قال لهم: على صحتي».
3-5: الحالة الخامسة
و- ممارسات سحرية مرتبطة بالحليب ومشتقاته:
3-5-1: وهناك من تسحر للحليب من أجل جلب الزبدة ,السمن, ولمواجهة ذلك, تجتمع نساء الدوار، فيخلطن الحليب، يوضع في ضريح أحد الأولياء, وإذا رفضت إحدى النساء المشاركة في هذه العملية, نعرف أنها ساحرة، فهي ترفض خوفا من المصيبة التي ستلحقها.
3-5-2: تذهب المرأة خلف المواشي عبر المسلك الذي تنطلق منه الماشية كل صباح, تجمع روث مختلف الحيوانات، تضع ذلك تحت إناء للحليب «تيدورت»5، يخصص له مكان بالقرب من موقد النار، وتقول قولا معينا (ترفض قوله)6، وتستحوذ على الزبدة، بعد تحويلها عن طريق السحر، وعندما تلاحظ النساء ألأخريات أن كمية الزبدة المستخرجة من الحليب بدأت تقل أو تنعدم بالمرة، يعرفن أنها أخذت بالسحر، فيتوجهن للفقيه ليكتب لهن حجابا، وكانت المرأة عندما تشرع في تهيئة اللبن تقول: «أتموكاتن أوغي، ألن أدام أعمانت، إفادن أدام أوضان أتاسرت الولي»7، ومعنى ذلك: «يا من تسحر الحليب، فلتفقدي بصرك، وتتحطم ركبتاك، وتفقدي من هو أعز لديك».ثم تضيف: «الآلة الآلة, علاش وصاك النبي، ولا تبكي صبي، ولا ترد الساعي، ولا تأكل حق الجيران» .
3-5-3: إن هناك من النساء من تستعمل نوعا من النباتات في السحر وهو «الدرياس»: «الناس كيقولوا لك الدرياس, وأنا كنقول لك قايد الناس, تجيبلي السمن من ديال الناس,ندير به السبوع او لعراس».
ثم تضيف:
كنت أعرف امرأة معروفة بمهاراتها السحرية، ماتت ميتة سيئة (الله يسترنا), عثر عليها صباحا عارية بجانب شجرة الضرضار، معلقة «شكوتها»8، وكانت تقول: الضر ضار الضر ضار, جيب لي السمن من كل دار.
3-5-4: كما استعمل الغربال، ويستعمل في السحر لكي لا تستقر المسحورة في دارها، كما الغربال الذي لم يكن يعرف في منزل واحد، لقلته، فغربال واحد كان يدور على أغلب منازل الدوار، لذلك كان يستخدم في السحر كي لا تستقر المرأة في بيت واحد.
4 - السحر: من صعوبة الكشف عن السر إلى تفسيرات نظرية
يبدو أن الدافع الأساسي لممارسة السحر والشعوذة ليس دائما دافعا عدائيا، يتوخى الضرر للآخرين، بل حتى مواجهة الأزمات والمعضلات التي تصادف الإنسان في حياته وعلاقاته.فأمام عوز الإمكانيات يمكن للإنسان أن يلجأ إلى استخدام الأدوات والمواد والعلاقات التي يتوفر عليها ليعطي لها دلالات ومعاني وهدفية أخرى. فالشجرة لا تصلح فقط للاتقاء من حرارة الصيف والانتفاع بما تنتجه، بل هي أيضا بمثابة مزار تلعب ربما دور الطبيب عندما يتعلق الأمر بنقص في وزن المولود أو هزالة صحته. إن التأمل في هذا النوع من الاعتقاد الذي يضفي على الشجرة طابعا مقدسا، وهو ما يجعلها تحمي وتميز عن غيرها من الأشجار. إنه اعتقاد مسكون بوعي بيئي أو ايكولوجي لا مفكر فيه. تكشف المعطيات السالفة أن هواجس أخرى تحضر للتفكير في السحر كالكراهية, الغضب، الأنانية، الطمع، الخوف...
ويتم التمييز في السحر, بين «السحر كمهنة واحتراف (السحر الرسمي) وبين الاعتقاد فيه من جانب الأفراد العاديين (السحر الشعبي) فيتم التمييز في الممارسة السحرية في المعتقد الشعبي بين الأغراض الخيرة والأغراض الشريرة للسحر كالإخبار بالمستقبل وشفاء الأمراض وتأمين الخائف والحماية من اللصوص وكشف الكنوز والحب والزواج»9.
يميز «ليفي برول»10 بين السحر والدين، والذي لا يعدو أن يكون في تقديره، غير انفعال غريزي يقوم على إنكار الأسباب الثواني, واستبدالها بأخرى وهمية ذات طبيعة غيبية وغير منظورة، إنه العلامة على تأصل «عادات فكرية سيئة» بمثابة دليل على طفولة ذلك الفكر وقلة نضجه لكونه يعجز عن معرفة الواقع كما هو, وإدراكه كما هو بالفعل لا كما ينبغي أن يكون.
أما (تايلور) فيرد السحر إلى الاعتقاد في قدرة الأرواح، وسيذهب إلى الملاحظة أن البدائي كان ضحية التشابه القائم بين الأشياء حيث إنه يستبدل العلاقات الفعلية التي تعكس التشابه الفعلي بين الموجودات بعلاقات خيالية، تعكس تشابها خيالياً بينها.
أما الوظيفيون فقد عالجوا السحر بوصفه مؤسسة اجتماعية تقوم بوظيفة الضبط الاجتماعي, فالسحر الأسود، يلاحظ مالينوفسكي، يتصرف بوصفه سلطة قانونية أصيلة، وذلك بإسهامه في انتصار قائمة المحظورات التي يصنفها الشرع القبلي، وبالحيلولة دون الهرع إلى العنف وكذلك بإحلال التوازن 11.
ضد مجموع هذه الرؤى يصرف ليفي ستروس نظرة بدائية، عن المضامين ليلفته إلى حضور تناظر بنيوي بين السحر والعلم, «فخلافا لما ظل البعض يزعمونه مدة طويلة، من أن الأساطير والطقوس هي من نواتج «الوظيفة التخريفية» التي تدير ظهرها للواقع، فإن القيمة الرئيسية لهذه الأساطير والطقوس تكمن في أنها تحفظ حتى أيامنا (...) أساليب من التفحص والنظر (كانت وما زالت على الأرجح متكيفة تمام التكيف مع اكتشافات من نمط معين:
وهي تلك الاكتشافات التي كانت تسمح بها الطبيعة انطلاقا من التنظيم والاستغلال النظريين للعالم المحسوس بصورة تعتمد على الحسي:
ولذا تراه يقترح تعديل العلاقة الواجب إقامتها بين السحر والعلم، فيقول: عوض أن نضع السحر في مقابل العلم يكون من الأفضل أن نضعهما متوازيين: الواحد إزاء الآخر، كصيغتين من صيغ المعرفة متفاوتتين من حيث نتائجهما النظرية والعملية، فلا جدال من هذه الناحية، حول أن العلم يحقق نجاحا أفضل من ذاك الذي يحققه السحر، رغم أن هذا يستبق شكل العلم، بمعنى أنه ينجح هو الآخر). ولكن لا من حيث نوع العمليات الذهنية التي يفترضها كل منهما والتي لا تختلف في طبيعتها بقدر ما تختلف تبعا لأنماط الظواهر التي تنطبق عليها12.
يصبح من الجائز قولنا إن السحر لا يختلف عن العلم من حيث أنه يمثل أعتى تجليات اللامعقول وأن «الفرق الأساسي بين السحر والعلم، هو أن أحدهما ينطلق من التسليم بحتمية كاملة وتامة، في حين أن الآخر ليشتغل على التمييز بين مستويات عدة، بعضها فقط يرتدي أشكالا حتمية غير قابلة للتطبيق على المستويات الأخرى... هكذا تبدو الطقوس والمعتقدات السحرية بمثابة , أنواع من التعبير عن فعل إيمان بعلم لم يولد بعد» 13.
في بداية مقالته «في الفكر الأسطوري البابلي» أورد يوسف الحوراني ملاحظة ختم بها الباحث البريطاني جيمس فريزر موسوعته «الغصن الذهبي» في دراسته الميثولوجيا يقول: «إن التشابه جوهري بين حاجات الإنسان في كل زمان وكل مكان... وإن الحركة الفكرية العليا بقدر ما نستطيع استقصاءها، كانت بمجملها تتجه من السحر إلى الدين إلى العلم، ففي السحر اعتمد الإنسان على قدرته الذاتية لمواجهة المصاعب والأخطار، وهكذا فإن العقول الذكية لا تزال تجهد للوصول إلى حل أعمق لخفايا الكون، وهي تتخلى عن النظرية الدينية للطبيعة لعدم كفايتها وتعود بوجه ما إلى نقطة ارتكاز السحر الأقدم، معتمدة الوضوح المباشر ما كان السحر يعتمده ضمنيا لاستكشاف انتظام صارم في وقائع الطبيعة التي إذا ما تمت مراقبتها بعناية تمكنها من معرفة مساراتها المستقبلية باطمئنان للعمل بموجبها (...) وعلينا ألا ننسى أن تعميمات العلم في الأساس، أو بمفهوم عام، قوانين الطبيعة هي افتراضات استخدمت لتفسير أوهام فكرية متقلبة نعظمها بأسماء رنانة للعالم والكون.
وفي النهاية التحليلية فإن السحر والدين والعلم ليست سوى نظريات فكرية وكما حل العلم مكان ما سبقه فقد يخلي هو ذاته مكانه لفرضية أكثر كمالا، يمكن أن تكون طريقة مختلفة في النظر للظواهر... وقد تكون أحلام السحر في يوم من الأيام حقائق يقظة في العلم 14.
وفي كتابه «السحر ومنطق العلم الإفريقي» كتب «ماكس كلاكمان » 15. وهو كتاب مقتطف من كتاب جماعي تحت عنوان: «السحر والعين» بنغوين 1982).
إن الإفريقي قد ولد في مجتمع يؤمن بصناعة السحر لذلك فإن تركيبة تفكيره منذ طفولته مجبولة بالأفكار السحرية والغامضة، والأهم من هذا، أن الإفريقي يعايش السحر أكثر من استخدامه العقل، فإن هذه المعتقدات تكيف أعماله اليومية.
فإذا ما واجه أي خطر عالجه باستخدام السحر والشعوذة، وإنّ وزن التقاليد وسلوك الأكبر منه سنا والدعم الذي يقدمه زعماء القبيلة للنظام الاجتماعي القائم، كل ذلك يؤثر فيه... وعندما يجد أن السحر يعمل ضده فإنه يغضب من الساحرة لأنها خدعته بخدعة قذرة.
إن استخدام القوى السحرية ضد أهداف اجتماعية هو من الممكن أن يكون السحر في جسده ولكنه لا يستخدمه، يمكن أن يكون سحره»باردا» والأفارقة لا يهتمون بالسحر ذاته كثيرا بقدر اهتمامهم بالذي قام بالسحر في لحظة معينة، وهم لا يؤمنون بفكرة أنهم سحروا، ولذا فإنهم سيعانون من محنة أو بلية مثل المرض أو الموت، وإذا لم يعانوا من محنة فإنهم يحاولون اكتشاف من هي الساحرة التي هي وراء ذلك فيحاولون اجتناب تأثيرها الشرير بواسطة السحر الذي يقول (بريتشارد) أنه يعرف كأن لا أحد من قبيلة (أزاند) قد مات خوفا من السحر، وهو ما أكده المراقبون الآخرون في هذا الميدان.
إن جواب الإنسان على مشكلة اعتقاده بالسحر هو: لماذا أعاني من المحنة؟ عندما يعاني الإنسان من محنة ما ولا يستطيع مواجهتها فإنه يستقبل ذلك كنوع من السحر ويقول: «إنني سيء الحظ» وفي حالات أخرى لا يستسلم لليأس بل يقضي على عمل الشر وذلك باستخدام القوى السحرية التي سوف توقف السحر وربما تقتل الساحر، باستدعاء عراف لاكتشاف من هو الساحر الذي بإمكانه إبطال مفعول السحر.
السحر هو نظرية معنوية إذ يرى السحرة أن الأشخاص السيئين يستحقون الكره والحقد والحسد والضغينة، فالساحر لا يهاجم زملاءه قطّ وإنما أولئك الذين توجد أسباب لكرههم، وهناك اختلاف واضح ما بين الإنسان الذي يملك قوة ضد زملائه، وبين الشخص الذي يريد إيذاء الغير ولكنه لا يملك قوة السحر، أو لا يستطيع الحصول على القوة الشريرة للشعوذة.
فالساحر هو الذي يملك قوة السحر واستخدامه، وبما أن الناس الذين يهتمون بذلك إذا كان زملاؤهم سحرة ومتى سيعانون من محنة فإنهم بين أعدائهم إذا كانت لديهم قوة السحرة، فإنهم يفكرون في أمر أي إنسان تنازعوا معه ويخشون من أن يقوم بأي عمل شرير ضدهم.
وهكذا فإن نظرية السحر تبدو معقولة ومنطقية حتى ولو أنها صحيحة وبما أنها تفسر مصادفة حدثين مع بعضهما وذلك بسبب عداوة مع بعضهم بفضل قوة شريرة فإن تلك النظرية لا تزال صالحة في بعض مجالات علومنا الحديثة التي لا تزال بدون توضيح، والإفريقي لا يستطيع أن يرى أن نظام السحر غير صحيح، كما أن عليه أن يكون منطقيا معه كما نفعل نحن مع معتقداتنا العلمية، وعندما يرى ذلك فإن نظرية السحر تتعارض مع الواقع، وتصبح معتقداته غامضة كما أنه يتعامل مع الحقائق الغامضة وغير الممكن ملاحظتها.
فالساحر يعمل ليلا مع نفسه، ونفس المشعوذ السامة ( التي هي غير مجسدة ولكن لها شعور ووعي) تكشف السحر. فالنظرية وحدة متكاملة حيث أن كل جزء منها يدعم الجزء الآخر، المرض يشير إلى أن الساحر يفعل فعله، ويكشف ذلك العراف حيث يقنعه بإبطاله سحره ولو ادعى أنه ليس الساحر الحقيقي، فإنه يظهر أنه لا ينوي إيذاء الرجل المريض بسحره. 16 .
إن السحر يرتبط بشكل مباشر مع الحسد، ويعتبر ذلك شكلا آخر من أشكال التأويل الخرافي لأحداث الحياة ونوائبها. يعتمد تفجر العلاقات التي تتغذى من العدوانية الكاملة عند الإنسان عندما تتراكم تصرف إلى الخارج لإسقاطها على الغير، فالسحر يستخدم لرد الأذى أو إنزاله على الآخر وكذلك لأغراض المساعدة على نيل المراد، إنه قوة مساعدة تعود النقص في القوة الذاتية (كتابة السحر مثلا لفتاة أو فتى بغية ترويضهما وإيقاعهما تحت سيطرة الحبيب المهجور العاجز) إنه يقوم على مبدأ تجاوز الحدود البشرية وحتى تجاوز قوانين الطبيعة، إذ من خصائصه عدم التقيد بحدود الزمان والمكان وإمكانية التأثير عن بعد وقد أوضح «مالينوفسكي» وظيفة الجبروت في السحر بجلاء حين قال: إنه لا يوجد ، أينما كان ، العمل مأمونا ومضمونا ويمكن التحكم فيه والحصول على النتائج المرجوة منه بالخبرة والمعرفة والمهارة... بينما الالتجاء إلى السحر عن غرض ويفصح عن حاجة... إنه رد فعل لشعور إنسان بقصوره وقلة حيلته في عالم لا يستطيع التحكم في ظواهره، فالسحر يوجد في إحدى حالتين، في حالة الجهل بالنتائج وفي حالة الجهل بالأسباب.
للسحر إذن وظيفة نفسية هي استجلاب الحظ والنجاح، أو إبعاد الخطر والشر وله وظيفة معرفية، وهي سد الثغرات في المعرفة السببية لظواهر الطبيعة وما غمض منها، والعلاقات بين الناس وما تعتريها من أشكال السحر هو تحقيق للرغبات عزيزة المنال، ودرء للمخاوف مصدر التهديد لأمن الإنسان أو تسلح بالقوة المطلقة لسد الثغرات في قصور الحيلة.
يميز(فريزر) عالم الأجناس الكبير في كتابه المشهور»الغصن الذهبي» بين نوعين من السحر يرجعهما إلى تطبيق خاطئ لمبدأ ترابط الأفكار.
هناك السحر بالاقتران، والسحر بالتقليد.
أما السحر بالاقتران فيتمثل في الحصول على بعض من أغراض المسحور ك (قطعة من ملابسه أو خصلة من شعره... أو أظافره...الخ), والتصرف به أو إتلافه انطلاقا من مبدأ ترابط الجزء بالكل، ما يحيق بالجزء لا بد أن يحل بالكل، إحراق خصلة الشعر ستؤدي إلى موت صاحبها، وهكذا، وأما السحر بالتقليد فيعتمد مبدأ ترابط الأفكار بالتشابه: الحصول على نتيجة ما من خلال تمثيلها مثلا صنع دمية من شمع أو غيره ترمز إلى الشخص المسحور، ما يصيب الدمية (قطع الرأس أو فقء العين) سيحصل بالشخص الحقيقي الذي تمثله، وفي الحياة العادية يجمع النوعان معا ويضاف إليهما، الكتابة جبروت الأفكار)، والتعاويذ نزوة السيطرة، هي إذن المصدر النفسي لقوة السحر، ولذلك فإن عنصر القوة والبراعة هام جدا فيه.
فهناك قوة الساحر المضخمة بشكل مفرط، التي تبهر طالب السحر وتحوز إعجابه وتمكنهما من السيطرة على الشخص المسحور الضعيف الذي لا قبل له بمقاومة تأثير السحر والساحر، فالعلاقة بين الساحر والمسحور وطالب السحر هي دائما ذات طابع استعراضي تستند إلى الخوارق.
وهذه القوة ضرورية لتعويض الضعف والمهانة وقلة الحيلة عند طالب السحر إذ من خلال طلب السحر يتماهى بالقوة الاستثنائية ويتخذها حليفة له، مما يعطيه الوهم بالسيطرة الخرافية على مصيره، ولكن هنا أيضا يهرب الإنسان المقهور من مسؤولية النهوض لمجابهة واقعه والعمل على تغييره، فبمقدار ما ينشد الحل في الممارسة الخرافية، يعزز استمرار النظام القائم الذي هو في أساس مأساته الحياتية.
5 - مبدأ المعقولية أو « فك ما لسحر العالم»:
بناء على مبدأ المعقولية، إن العالم 17 لا تتحكم فيه لا الصدفة ولا القوى المتغلبة الخفية، بل تتحكم فيه على عكس ذلك قوى محسوسة وقوانين موضوعية يمكن للإنسان أن يعرفها ويراقبها من أجل أن تلبي حاجياته بشكل أفضل، الأمر الذي نجم عن نفي لكل تفسير مزعوم عن طريق الصدفة أو بفعل قوى سحرية أو فوق تجريبية.
كما أن مبدأ المعقولية يجعلنا لا نقبل إلا بصلاحية ما يمكننا فحصه حسب إجراءات محددة، ويدفعنا إلى قبول»فك ما لسحر العالم» كما قال ماكس فيبر، وتجريده من مفاهيمه السحرية أو الشعرية أو الميتافيزيقية، حتى لا نعود نرى فيه سوى مجموعة من الأوليات الملموسة والموضوعية.
هكذا يصبح انعتاق النساء ضروري جدا مادمن يمثلن عوامل أساسية لنقل الضوابط والقيم الاجتماعية، وما دام من المحتمل أن يعقن كل تحسن في التطور...
المصادر والمراجع الشفهيه
1- ديتكن ميتشل: معجم علم الاجتماع: ترجمة ومراجعة إحسان محمد الحسن، دار الطليعة بيروت سنة الطبع !.... (ص: 134-135).
2 - نفس المرجع ونفس الصفحة.
3 - انظر: التنظيمات التقليدية في هذا البحت.
4 - Mauss Marcel : Sociologie et anthropologie, presses universitaires de France ,8 éditions 1999, (p : 10-11).
5 - «تيدورت», كلمة أمازيغية تطلق على إناء من التربة (الفخار) يستعمل للطبخ.
6 - ترفض المبحوثات الكشف عن كل ما يرافق العمليات التي يقمن بها، ويدخل هذا في إطار نوع من المعرفة السرية التي لا يتقنها إلا المتقدمات في السن، الأكثر تجربة وخبرة، وبهذا الرأسمال الرمزي تتمكن «العجوز» من ممارسة نوع من السلطة لأن هذا النوع من المعرفة تبدو للشابات القرويات أو غيرهن بمثابة «طلاسم» يصعب إدراكها أو فك رموزها.
7 - يا من تسحر الحليب، فلتفقدي بصرك، وتتحطم ركبتاك، وتفقدي من هو أعز لديك.
8 - ما تهيىء فيه المرأة اللبن، وهي عادة تصنع من جلد الحيوانات الأليفة خاصة المعز- الغنم.
9 - بن حمودة محمد: الأنثربولوجيا البنيوية أو حق الاختلاف: (ص94).
10 - LEVY BRUHL : LA MENTALITE PRIMITIVES 1922,(P :17-78).
أورده محمد بن احمودة في كتابه السابق الذكر, (ص: 95).
11 - MALINOWSKIM : TROIS ESSAIS SUR LA VIE SOCIALE DES PRIMITIFS (P : 63).
ضمن كتاب م حمودة السابق الذكر (ص:95).
12 - حسن قبيسي: مقالة في الإناسة: (ص: 17), أورده محمد بن حمودة ضمن المصدر السابق (ص: 96).
13 - الحوراني يوسف: «في الفكر الأسطوري البابلي» الفكر العربي، عدد 73، (ص :9).
14 - كلاكمان ماكس: السحر ومنطق العلم الإفريقي , ترجمة محمد عطوي الفكر العربي عدد: 14 (ص: 381-386).
15 - كلاكمان ماكس: السحر ومنطق العلم الإفريقي , ترجمة محمد عطوي الفكر العربي عدد: 14 (ص: 381-386).
16 - حجازي مصطفى: سيكولوجية الإنسان المقهور, معهد الإنماء العربي, الطبعة5, 1989, (ص: 158- 161).
17 - جسوس محمد: عن التقليد والتخلف التاريخي, مجلة بيت الحكمة العدد1, أبريل 1986, الطبعة3, (ص: 150-160).