مهرجان التراث بمملكة البحرين تأصيل معرفي وتواصل مع الجذور
العدد 6 - أصداء
تتواصل جهود قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الثقافة والإعلام بمملكة البحرين في التأكيد على استمرارية مهرجان التراث كحدث ثقافي سنوي وإبلائه أهمية خاصة في اختيار ثيمة العرض والتخطيط لتنفيذها والإعداد والتنظيم لكافة جوانبها، مما جعل من هذا الحدث السنوي مناسبة وطنية تنتظرها مختلف فئات المجتمع البحريني وتحرص على ارتيادها جموع الأشقاء الوافدين من دول الجوار. وعلى مدى سبعة عشر عاما من استمرار هذا الحدث والاشتغال على تطويره من سنة إلى أخرى حققت البحرين منجزا رفيع المستوى تتصل حصيلته الثقافية بالهوية والثقافة الوطنية وقد كان لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بادرة قدح الشرارة الأولى لهذا المشروع الثقافي واستمرار تعهده ورعايته والحرص على نجاحه في كل دورة.
يقام مهرجان التراث خلال شهر أبريل من كل عام، وفي كل دورة يتم تحديد ثيمة تراثية تتصل بثقافة البحرين الوطنية، ويجري العمل على تقصي كل جانب من جوانبها لتقديم مادة وثائقية مكتوبة ومسجلة بالصوت و الصورة إلى جانب فرجة شعبية احتفالية تمتد طيلة أيام المهرجان . وخلال الفترة من 22 إلـى 29 أبريل 2009 م بالنيابة عن حضرة صاحب الجلالة المللك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين تفضل سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة محافظ المحافظة الجنوبية بافتتاح مهرجان هذا العام المخصص للاحتفاء بالمشغولات الذهبية الشعبية، وكانت من ضمن وحدات عرض المشغوت الذهبية وحدة خاصة بالسيوف والخناجر الذهبية من ممتلكات العائلة الحاكمة وأعيان البلاد والهواة والجامعين ممن ظلت الأسلحة البيضاء لديهم رموزا ذات دلالات تاريخية متصلة بأمجاد الأمة العربية.
السيوف و الخناجر الذهبية:
السيف من أسلحة القتال القديمة الهجومية والدفاعية معا، ويضرب به باليد. يتألف من نصل مستقيم ذي حد أو حدين، له طرف حاد يسمى الذبابة. والنصل مركب في مقبض له واقية على شكل سلة معدنية أو على شكل صليب لحماية اليد. ومع تطور صناعة السيوف ألحق ببعض السيوف قطعة معدنية بطول نصله تسمى الغمد يودع بها في حال عدم الاستخدام حماية للنصل، وعند طرفيها حبال من خيوط الحرير أو الكتان تسمى الحمائل لتعليق السيف أو لشده إلى وسط حامله.
صنع السيف في البداية من البرونز، ثم صنعه الحيثيون والأشوريون و الرومان من الحديد. ظل السيف المستقيم النصل شائعا حتى القرن الثالث عشر واستخدمه الفرسان في العصور الوسطى. عرف العرب في العصور الجاهلية السيوف المستقيمة، وكانوا يستوردون حديدها من الهند وفارس، واشتهرت السيوف اليمانية، وكان أجودها يصنع في خراسان ودمشق وطليطلة. بظهور المغول في البلاد العربية تطور شكل السيف الإسلامي، إذ أخذ نصله في التقوس منذ القرن الثالث عشر وظهرت أشكال أخرى للسيف وتعددت أسماؤه في الأدب العربي. وأشهر من تسمى بالسيف عند العرب سيف بن ذي يزن البطل اليمني الذي كان سليل بيت من ملوك حمير وقد احتفت به المخيلة الشعبية في سيرة حافلة ظلت تتداول طويلا. وفي متاحف السلاح والفنون نماذج كثيرة من السيوف الأوروبية والشرقية توضح تطورها وأساليب تجميلها.
عني الملوك والقادة على مر التاريخ بالسيف كأداة حربية واتخذ عند العرب معنى للقوة والعزة والشموخ واستخدم رمزا من رموز الاعتداد وشعارا للمفاخرة. وإلى جانب كون السيف سلاحا أبيض شهيرا فقد تفنن الملوك والقادة وعلية القوم في اقتناء أجود أنواعه والسعي إلى جعله تحفة فنية تزين بحمائل الحرير والزركشات اللونية لاستخدامه في الانتصارات القبلية أو الاحتفالات الوطنية.
لذلك تفنن صانعو السيوف في إجادة هذه التحف وابتكار الزخارف الفنية لتزيينها إلى أن دخل معدنا الفضة والذهب في هذه الصناعة فاكتست الأغماد بحلة ذهبية أو فضية واستعيض عن المقابض المعدنية بمقابض من العاج أو من عظام الطرائد ونفيس المعادن حسب رغبة زبائن الصانع. واشتهر العديد من الصناع البحرينيين المهرة في هذا المجال.
للسيف والخنجر مكانة خاصة لدى حكام البحرين من عائلة آل خليفة الكرام على مر تاريخهم بهذه البلاد، واعتبر هذا السلاح واحدا من رموز الحكم التقليدية التي ما تزال إلى اليوم ماثلة في المناسبات الوطنية والاحتفالات الشعبية، وتقديرا لهذه المكانة التي يحتلها السيف والخنجر في التاريخ العربي وفي السيرة التاريخية لشيوخ آل خليفة الذين تناوبوا حكم البلاد عمد الحكام من آل خليفة ومن كبار أفراد العائلة إلى اقتناء السيوف والخناجر النادرة وطلبوا من أمهر الصناع إنتاج سيوف وخناجر فريدة من الذهب والفضة والبرنز وغيرها من المعادن الثمينة. وحظيت أغماد تلك السيوف والخناجر بزخارف فنية رائعة وتم ابتكار أشكال عديدة من الحمائل الحريرية بألوان زاهية تليق بأن تقرن بتلك التحف.
ولا شك بأن لدى العائلة الحاكمة في البحرين سيوف شهيرة لها تاريخ أو ارتبطت بأحداث أو مناسبات كبرى أو اقترنت بأسماء مالكيها من الحكام والشيوخ الذين اقتنوها بطلب خاص أو ربما توارثوها أبا عن جد وظلت محفوظة يتداولها أحفادهم . وكان حريا بها أن تعرض للجمهور ضمن النفائس الذهبية التاريخية بهذا المهرجان. ولقد أفردت وزارة الثقافة والإعلام منصات عرض زجاجية خاصة بتلك المقتنيات وعرفت بكل قطعة على حدة مع تحديد مالكها وتقريب سنة صنعها.