فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الموسيقى العـربية رؤية تراثية فلسفية

العدد 8 - موسيقى وأداء حركي
الموسيقى العـربية رؤية تراثية  فلسفية
كاتب من مصر

كان  شوبنهور هو أول من قال بأن كل الفنون تطمح إلي أن تكون مثل الموسيقى  وقد تكررت هذه الملاحظة علي الدوام وكانت سببا في قدر كبير من سوء الفهم ، بيد أنها مع ذلك كانت تعبر عن حقيقة مهمة0 فقد كان شوبنهور يفكر «ربما لأنها هي الأقدم تاريخا» في المميزات المجردة للموسيقى ، ففي الموسيقى وفيها وحدها تقريبا، يمكن للفنان أن يخاطب جمهوره مباشرة ، بدون تدخل وسيلة للاتصال تستخدم بشكل عام في أغراض أخرى.

ومن قبيل ذلك أن المهندس المعماري لابد أن يعبر عن نفسه في المباني ذات الأغراض النفعية الأخرى،وكذلك لابد للشاعر أن يستخدم الكلمات التي تدور وتتداول في الأحاديث اليومية المتبادلة بين الناس. ويعبر الرسام عن نفسه عادة بإعادة تمثيل العالم المرئي. وليس هناك إلا مؤلف الموسيقى الذي يكون حرا تماما في خلق عمل من أعمال الفن نابع من وعيه الخاص،وبدون هدف آخر غير الإمتاع . 

ولكن جميع الفنانين يحملون نفس هذه النية،أي الرغبة في الإمتاع،ومن ثم يعرف الفن تعريفا أكثر بساطة وأكثر عادية بأنه محاولة لخلق أشكال ممتعة. ومثل هذه الأشكال تشبع إحساسنا بالجمال،وإحساسنا بالفن والجمال إنما يشبع حينما نكون قادرين على أن نتذوق الوحدة أو التناغم بين مجموعة من العلاقات الشكلية من بين الأشياء التي تدركها حواسنا(1).

ورغم كل هذا،فالظاهرة الموسيقية ظاهرة بالغة التعقيد،من حيث تاريخها أو نشأتها، ومن حيث آثارها الاجتماعية والتربوية ودلائلها الحضارية والقومية،ومن حيث تنوعها وارتباطها بغيرها من الفنون. فالموسيقى لم تنشأ كفن مستقل بذاته كالشعر مثلا؛ ومع ذلك أصبحت اكثر الفنون استقلالا : فقد كانت الموسيقى فنا تابعا نشأ مصاحبا  للغناء أو الرقص الذي كان القدماء يمارسونه في احتفالاتهم الدنيوية وطقوسهم الدينية.

وحتى في العصر الوسيط كانت الموسيقى عنصرا مصاحبا للأناشيد الدينية التي تمارس داخل الكنيسة،حيث جرى ما جرى عليها من تطور إلى أن خرجت إلى مجال الحياة الدنيوية لتلقى أطوارا أخرى. ومع تطور الموسيقى ـ وخاصة مع موسيقى الآلات  Instrumentalـ أصبحت الموسيقى فنا خالصا قائما بذاته له وسائله التعبيرية الخاصة التى يستغني بها عن سائر الفنون ولا يستغني أكثرها عنه،على ما يذكر باحث معاصر(2)،فحتى الفنون الخاصة التى لا تستفيد من الموسيقى أو تستعين بها على نحو صريح مباشر،لم تتحرر من التأثر بأسلوب التعبير الموسيقي الذي أضحى مثالا وغاية  لسائر الفنون باعتباره تعبيرا مكتفيا بذاته لا يعتمد على شيء من الواقع أو الطبيعة.

الموسيقى ووعي الإنسان : وإذا تأملنا الموسيقى كإبداع فني متميز على الإدراك الحسي،في محاولة لاستخلاص القيمة الجمالية في الإبداع الفني الموسيقى،باعتبار أن الموسيقى في أساسها تعبير عن المشاعر في شكل فني قوام أسلوبه الإيقاع والنغم،وباعتبار أنها تنبعث من المشاعر،وتأثيرها إنما ينصب على المشاعر،كما يقول «جوليوس بورتنوي» فإن الموسيقى ناشئة من العاطفة لكي تحرك العاطفة.

وجذور الموسيقى متغلغلة في تربة الواقع الفعلي. فهي نتاج البشرية،حين تعلو على التجربة،إذ تتبلور المشاعر في أنغام حسية وإيقاعات متحركة تنقلنا إلى قمم شفافة من النشوة  الوقتية.

وللموسيقى القدرة علي تخليصنا من القلق والهموم، وهي وسيلة للاتصال تفوق فعاليتها وقدرتها على الإثارة الانفعالية كل صور  التعبير الأخرى،التي استخدمها الإنسان،لكي ينقل بها مشاعره وأفكاره إلي الآخرين(3).

بل ونستطيع أن ندرك من خلال موسيقى شعب من الشعوب ـ إذا كانت صادرة عن أصالة وصدق ـ صورة دقيقة ترسم ملامحه ودرجة رقيه. كذلك تقوم الموسيقى بدور هام في التقريب بين الشعوب لأنها تنفذ إلى طبائع الجماعات البشرية المختلفة،وتستخرج منها  مكنونها،وتكشف  للآخرين عن جوهرها(4). «والموسيقى تبدأ من حيث تنتهي قدرة الألفاظ على حمل المعاني والأفكار»((5) ولم يقم شئ في عصرنا الحديث في التعريف بمزاج الإنسان الإفريقي وطبعه مثلما نجحت الموسيقى،حينما تسربت إلى الموسيقى الغربية المعاصرة وألفها العالم كله.

 وهكذا عجزت أرفع الوسائل الاجتماعية والأساليب الفكرية عن التعريف بما نجحت فى تحقيقه مجموعة من الأنغام والألحان الإفريقية،وذلك شاهد جديد على أن الموسيقى تبدأ من حيث تنتهي قدرة الألفاظ على حمل المعاني والأفكار،فهي الوسيط الذي يأسرنا بدعوتنا إلى بحره الزاخر بالخلق والإبداع،بحر اللانهاية الذي يتلاقى فيه البشر بلا شتات(6).

  ويمكن القول بأن  مجتمعات عديدة فى الماضي والحاضر،قد أدركت العلاقة بين اللغة المنطوقة من جهة، والغناء والإنشاد من جهة أخرى،على أن هذه العلاقة توازي العلاقة بين ما هو مستمر وما هو منقطع. وهذا يعادل القول فى نطاق الثقافة،إن الغناء أو الإنشاد يختلف عن اللغة المنطوقة مثلما تختلف الثقافة عن الطبيعة(7). 

ومن زمن بعيد اعتبرت الموسيقى علما وفنا فى نفس الوقت. لقد كانت ضمن العلوم الرياضية التي كانت بدورها من مباحث الفلسفة؛ حسب تصنيف العلوم عند المسلمين نقلا عن الإغريق(8). وقد اهتم «إخوان الصفا» بالموسيقى فصنفوا رسائل أفادوا فيها من فيثاغور مؤسس الموسيقى النظرية. كما ألف فلاسفة الإسلام..من أمثال الرازى والكندي والفارابي وابن سينا مصنفات هامة،وقدموا شروحا ضافية لمؤلفات الإغريق(9).وعلى المستوى الفني أطلق المسلمون على الموسيقى اسم (الغناء) ومزجوا بين الألحان الفارسية  وبين المؤثرات النظرية الإغريقية ووظفوا ذلك لخدمة أغراض حياتية. ففضلا عن الوظيفة الترفيهية وظفها الرازي فى علاج الأسقام النفسية،واعتبرها  ابن سينا وسيلة من وسائل حفظ النوع(10). ونظر إليها باعتبارها «تطهير للنفس والتجاوز عن الذنوب، حسب قول صاحب «العقد الفريد»(11). ولا غرو ؛ إذ وظفت بالفعل فى مجالس اللهو والمجون ،كما وظفت بالمثل في أذكار الصوفية(12).

اهتمام العرب والمسلمين بالموسيقى:

 يعتبر اهتمام العرب بالموسيقى اهتماما قديما،لارتباط الشعر العربي بالبحور والإيقاعات الموسيقية المرتبطة بهذا الشعر،والذي يعتبر من ناحية مجال العبقرية العربية قبل الإسلام،ولارتباط الموسيقى باللغة العربية التي هي في الأساس لغة موسيقية تعتمد على الأذن والسماع من ناحية ثانية لارتباطها بالقرآن الكريم الذي يحدث ترتيله إيقاعا موسيقيا تتردد أصداؤه بين القارئ والسامع،وهو وجه من وجوه القرآن الكريم المعجز.         

 ومن هنا لم يكن غريبا أن يحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بترتيل القرآن الكريم وتلاوته بصوت جميل،فإن لذلك  وقعا كبيرا وتأثيرا شديداً في النفس،فقد كان أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعرى رجلا حسن الصوت بالقرآن،حتى لقد قال رسول الله صلى  الله عليه وسلم :«يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود»،يعني انه أوتي صوتا حسنا بالقراءة كصوت داود، ومن كان له مثل صوته من أهله وذويه.  

وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم، ربما استمع لأبي موسى من حيث لا يشعر بمكانه منه،فقد قال ـ صلوات الله عليه ـ ذات يوم: «لو رأيتني يا أبا موسى وأنا استمع قراءتك البارحة،لرأيت أمرا يسعدك أن تراه» فقال أبو موسى:«أما أني لو علمت بمكانك يا رسول الله لحبرته لك تحبيرا» يعني لحسنته لك تحسينا وزينته لك تزيينا.

وهذه الكلمة من أبي موسى تدل على أنه ـ رضي الله عنه ـ كان يستطيع ان يتلو القرآن بما هو أحسن من المزامير لو أنه أراد المبالغة في التزيين والتحسين،لأنه كان قد تلا مثل هذه التلاوة المشجية،ولم يكن قد بلغ حد استطاعته(13).

ومن هنا لم يجد المسلمون غضاضة في الاهتمام بالموسيقى والغناء،خاصة عندما تكون طريقا إلى تهذيب النفس، أو مصاحبة لمناسبات اجتماعية ودينية عزيزة وقد بلغ اهتمامهم بها أن أجادها الخلفاء والأمراء، كما يحدثنا التاريخ،فقد كان الخليفة الواثق بن المعتصم ملحنا ومطربا مشهودا له بالإجادة حتى من إسحاق الموصلي الذي لم يكن يشهد بالإجادة لأحد في الغناء والتلحين.

   ولما اكتمل فن الغناء العربي في أوائل الدولة العباسية صار اكتماله من أعظم الأدلة على ثبات الدولة وازدهارها،..ثم انحدرت الدولة وتزعزع كيانها  فانحدر معها فن الغناء وتدهور. وقد لاحظ ابن خلدون الظاهرة التاريخية،فقال في مقدمته المشهورة:«أول ما ينقطع في الدولة عند انقطاع العمران صناعة الغناء». والعمران الذي يقصده ابن خلدون هو حضارة الدولة وتطورها العلمي والأدبي والثقافي والسياسي والاجتماعي. فإذا بقي كل هذا قائما،بقيت صناعة الغناء مزدهرة،وإذا تضعضع كانت صناعة الغناء أول ما يختل ثم ينقطع من ضروب النشاط الإنساني في الدولة..وقد أثبتت التطورات التاريخية صحة رأى ابن خلدون في جميع الأحوال.

مستويات الموسيقى :  

  وتأتي التلاوة المجودة للقرآن الكريم على قمة التسلسل الهرمي للتعبيرات الموسيقية أو أنماط هندسة الصوت،حائزة على أعلى درجات الأهمية والقبول. وعلى مر القرون لاقى هذا التغني المنفرد المرتجل بالصوت القبول التام والتأييد المنقطع النظيرـ فعلى مدى أربعة عشر قرنا ظلت قراءة القرآن الكريم تؤدى مع بعض التنوع في الأسلوب تبعا للفرد والإقليم  ـ دون ان تتخطى هذه النماذج حدود الطريقة التي خضعت للرقابة الصارمة من قبل المسلمين ذوي الشأن بعد أن ظهر الإسلام.

كما ألفوا العديد من الكتب تنكر وتستنكر أي تحوير في السمات الأصلية للترتيل القرآني وتحول دون تمثيل أي سمات تدخل عليه من المحتوى الموسيقي الوطني للأجناس المتنوعة التي تتشكل منها الأمة الإسلامية. كما أن وجود إحساس داخلي بالقيمة الجمالية الدينية متسما بالرهافة والتصميم،وقف حائلا دون إقحام أي من التغيرات في طريقة أداء هذا الترتيل ومحتواه. تلك التغيرات التي قد تقلل من اتساقه مع المتطلبات الدينية الجمالية التي تحدد تطوره. ولم يحدث أن اعتبر المسلمون هذا الترتيل ضربا من ضروب الموسيقى رغم تطابقه مع كل مواصفات التعريف التي أشرنا إليها سابقا. ودون أن ينكر أيا منهم أن ترتيل القرآن يعتبر أسمى مثل في «هندسة الصوت» وهو المصطلح الذي استخدمناه الآن للدلالة على فئات الفن الصوتي المنغم.(14)

وهناك أيضا أنماط أخرى من الصوت لم يرتب المسلمون فيها كأنماط شرعية من أنماط «هندسة الصوت» التي ظهرت في الثقافة الإسلامية،ومع ذلك لم ينظروا إليها باعتبارها «موسيقى». فعلى سبيل المثال يقترب الأذان من الترتيل القرآني ـ وإن كان دونه،على ذلك التسلسل الهرمي ـ ذلك الأذان الذي يتغنى به خمس مرات يوميا ويشترك مع التلاوة القرآنية في كثير من السمات في الأداء. وكذلك  تهليل الحجيج وما يتغنون به من مديح لله تعالى أو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.  وتندرج ثلاث مستويات  أخرى بين أشكال التعبير الموسيقي تعتبر حلالا، أي تلك التي لم تتغير تجاه شرعيتها،أولها تشمل ضروب الموسيقى العائلية وموسيقى الحفلات مثل أهازيج النوم للأطفال وأغاني النساء، وموسيقى الأعراس والاحتفالات الدينية والعائلية. وكلما التزمت هذه الموسيقى بالمثل الأخلاقية والجمالية للمجتمع زادت درجة تقبلها كنموذج  لهذه الفئة من التعبير الموسيقي، ويطلق على المستوى الثاني منها في هذا التسلسل الهرمي «الموسيقى المهنية» وتشمل أغاني القوافل (مثل الحداء والرجز والركبان) وترانيم الرعاة وأناشيد العمل. وتجمع آخر هذه المستويات موسيقى الحرب الجماعية التي تستخدم لتحميس الجنود في المعركة،كما تستخدم في الاحتفالات الشعبية(15). 

 وتعتبر هذه المستويات الثلاثة الأخيرة ذات طابع دنيوي في أساسها وتجتمع داخل دائرة  الحلال في تقسيمنا الهرمي مع أخرى تأتي دونها كنموذج من الموسيقى مقابل الفئات الأخرى التي تأتي على قمة هذا التسلسل باعتبارها ليست من الموسيقى ؛ ومع ذلك فلم تتعرض لاستنكار الدين أو الناس.ورغم أن المسلمين لم يعتبروا هذه الأنماط المتدرجة على المستوى المتدني من المجموعة الحلال على نفس المستوى من التقدير مثل التجويد القرآني إلا أنهم يتفقون على أنها تعبيرات فنية صوتية تدخل ضمن دائرة الحلال. وتجد الدليل على ذلك في تراث الحديث في كتابات أئمة المدارس الفقهية الأربعة وعلماء المسلمين المعروفين.  

 وعلى قمة هذه المجموعة التي تشكل القسم الثاني تأتي الأنماط الارتجالية التي تعتمد على العزف الحر على الألات أو الأصوات المنغمة. مثل الليالي والتقاسيم والاستخبار. وتلي هذه الأنماط الارتجالية الأغاني الموزونة والجادة مثل الموشحات والأدوار وبعض أشكال التصانيف.

 ثم تأتي الموسيقى المرتبطة بأصول جاهلية غير إسلامية على مستوى دون ذلك،وتشمل أنماط الموسيقى التي لم يقرها جمهور العلماء لارتباطها بتراث الجاهلية أو الوثنية وما يحييه من أفكار وممارسات. وفي الدرك الأسفل من هذا التسلسل الهرمي تأتي الموسيقى المثيرة للشهوات التي يرتبط أداؤها بالممارسات المنكرة والتي يعتقد باستثارتها للأفعال المحرمة مثل شرب المسكرات والفسق والفجور وغيرها. وقد أجمع المسلمون على رفضها. 

 ويمكننا أن نجد معيارا في الترتيب السابق حيث نجد مدى التوافق أو الاختلاف بين كل نمط منها وبين النموذج الأصلي للتجويد القرآني،فكلما زاد مقدار ما يستقيه من هذا التجويد القرآني،أي نمط من أنماط التعبير الموسيقي لبناء أساسه الديني أو الشعري أو الموسيقي،زادت درجة قبوله وشرعيته،وكلما زاد مقدار بعده عن هذا النموذج زادت درجة تعرضه للتقويم من جانب الإحساس الداخلي الجمالي في المجتمع الواعي أو تضمينه في مستوى أدنى من القبول والتقدير ،حيث يشكل القرآن الكريم في صيغته المكتوبة والمقروءة أعلى نموذج وأسمى معيار للإنتاج الجمالي في الثقافة الإسلامية (16).

   التأليف الموسيقي العربي :

  وأول كتاب عربي عن الأصوات والغناء ظهر فى العصر الأموي عنوانه «كتاب النغم» مؤلفه يونس الكاتب سبق «أبا الفرج الأصبهاني» فى التأليف عن الغناء والموسيقى بمائتي عام على الأقل. وبعد «كتاب النغم» ألف يوسف كتاب «القيان»..أي كتاب «المغنيات».. ثم تدفقت الكتب العربية عن الغناء والمغنين حتى امتلأ به العصر العباسي من بدايته إلى نهايته، ومن أشهرها كتب الخليل بن أحمد والكندي والفارابي وصفي الدين عبد المؤمن الأرموي.

ويتعذر إحصاء ما كتبه غير هؤلاء من الموسيقيين والعلماء والأدباء،فقد ضاع كثير منها ،أو بددته عوادي الزمان. ولا ننسى كثرة من المؤلفات النقدية التي كتبت حول الغناء سواء بالقبول له والتحليل لممارسته وتعلمه،أو بالرفض له والإصرار على تحريمه،ومن أشهر هذه المؤلفات الأخيرة «رسالة السماع والرقص والصراخ» لابن تيمية،وكتاب «كف الرعاع..عن محرمات اللهو والسماع»لأبن حجر الهيثمي.

 وقد اهتم المستشرق البريطاني هـ.ج. فارمر فى كتابه القيم «تاريخ الموسيقى العربية» بالإشارة إلى عشرات من مؤلفات العلماء والفقهاء عن الغناء والموسيقى. والتي مازالت مخطوطة حتى اليوم أو التي فقدت ولم يبق منها إلا عنوانها واسم مؤلفها فى فهارس الكتب المفقودة(17).

ويبدأ المستشرق مؤلفه بالإشارة إلى الفارق الكبير بين الموسيقى الشرقية التي تفهم أفقيا والموسيقى الغربية التى تفهم رأسيا،كما تتميز الأولى بالنغم والإيقاع والزخرفة الصوتية، وهي الأمور الغريبة على الأذن الغربية. وقبل القرن العاشر لم يكن الفارق كبيراـ إذ كان للجميع السلم الموسيقي الفيثاغوري السامي الأصل ـ والمبني على موسيقى الأجرام السماوية وتناغم الأعداد ـ  حيث لا يعرف التلحين،وقد بدأ الاختلاف عندما أصبح للعرب طريقة للقياس الموسيقي،وفكرة عن التلحين(18).

 وهكذا كان لبلاد الحجاز في مطلع الإسلام  موسيقى  ذات  قياس ُيعرف بالإيقاع. ومع أن العرب تبنوا فى ذلك الوقت المبكر،نظرية جديدة في الموسيقى على يد «مسجاح»(714م) تحوي عناصر فارسية وبيزنطية على أسس عربية خاصة،فإنها ظلت فيثاغورية الطابع وبقيت كذلك إلى سقوط بغداد(1258م) رغم ما قام به «إسحاق الموصلي»(850م) من تغيير في شكلها الفيثاغوري. ولقد كتب البقاء للنظرية القديمة بفضل تراجم أرسطو،وأرسطو كزينوس،واقليدس وبطليموس.

ورغم الاقتباس فالمعروف عن الكندي (874م) والأصفهاني(967م) وإخوان الصفا (القرن1.م) أن الطرق العربية والفارسية والبيزنطية في الموسيقى كانت مختلفة. وإذا كانت الأفكار الفارسية والخراسانية هي التي سادت في القرن الحادي عشر،فإن الفضل يرجع إلى موسيقي نظري هو «صفي الدين عبد المؤمن(1294م)الذي أدخل ورتب نظرية جديدة مقننة،وقبل نهاية العصور الوسطى نال سلم الموسيقى آخر رضاء الجماهير، وهو يمثل ـ حاليا ـ في:ربع النغم،أو المقام عند عرب الشرق.أما عن مزاولة الموسيقى فهي أمر أساسي بالنسبة للعربي،فالموسيقي تصاحبه  من المهد إلي اللحد،من : الغناء لتنويم الطفـل حـتى النـدب والـرثاء. فلكـل حـال موسيـقاها،مـــن الـفـرح،والحـــزن،والـعـمـل،واللــهـو، والحـرب والعبادة (الذكر). وفى هذا المقام يقارن «فارمر»بين احتفاظ العربي بفتاة الغناء (القينة) واحتفاظ الرجل الأوربي فى البيت بـ(البيانو) وذلك أن الغناء الصوتي محبب لدى العرب أكثر من الموسيقى الآلية، ربما بسبب حبهم للشعر، وما شاع من كراهية بعض فقهاء الإسلام للملاهي (آلات الموسيقى).  

واللحن عند العرب أشبه بالإيقاع،وزخرفته كثيرا ما تتضمن ضربات إيقاعية،هي المقدمة التي تعرف باسم «التركيب» والآلات المصاحبة كانت لا تتغير أبدا، وهي: العود والطنبور والقانون أو الناي. أما أهم أشكال الموسيقى فهي «النوبة» المركبة من أصوات حلقية  وآلية،متتالية في حركات متنوعة. و أن الموسيقى العربية هي موسيقى الأعداد الصغيرة،موسيقى القاعة الصغيرة، وليست «أوركسترالية».

أما موسيقى الهواء الطلق فهي: الحربية،والموكبية. وفيها تستعمل الآلات المناسبة من : الزمن أو السرناي،والبوق، والنفير، والطبل، والنقارة ،أو القصعة. وهكذا كان للموسيقي أهمية عسكرية ،إذ صارت جزءا من التكتيك الحربي، كما كان لكل أمير جوقته التي تعمل،خاصة أثناء النوبة. ورغم ما قيل في كراهية الموسيقى، فلقد اعترف بفوائدها،فالصوفية مثلا نظروا إليها

كوسيلة من وسائل الكشف التي يوصل إليه عن طريق الإنجذاب،وعن طريقها نظم الدراويش إيقاعات الذكر(19)).

والحقيقة أن العرب جعلوا من صناعة الآلات الموسيقية فنا رفيعا. فهناك رسائل في صناعتها،كما اشتهرت مدن بذلك،مثل:أشبيلية. وهناك دلائل كثيرة على أن العرب كانوا محسنين ومبتكرين للآلآت الموسيقية. فالفارابي (95.م) يقال إنه مبتكر الرباب والقانون، والزنام(القرن9) رسم آلة هوائية تسمى ناي زنامي أو زولامي، وزلزل(791م) الذي كانت له طريقة موسيقية أدخل العود(الشبوطي). ولقد أحسن الحكم الثاني(976م) البوق،وأضاف زرياب (القرن9م)  إلى العود وترا خامسا. واشتهر العباس وأبو المجد (القرن11م)بصناعة الأرغن. أما صفي الدين عبد المؤمن(12.4م) فقد ابتكر القانون المربع المسمى بـ«النزهة» وآلة أخرى تسمى «المغني». 

ورغم وجود بعض مدونات موسيقية من القرن التاسع المبكر، فإن التأليف الموسيقي كان سماعا بالأذن. وبعض المؤلفين كانوا يدعون ـ مثل الشعراء ـ أن الإلهام اللحني يأتيهم عن طريق الجن. وفي الأدب الموسيقي الغني كانت هناك قصص ومجموعات في :الأغاني،وكتب الآلات الموسيقية،وقانونية الموسيقى وجمالياتها،وتراجم لحياة المغنين والموسيقيين وسيرهم.وأكبر من كتب في الموسيقى :المسعودي(957م) في مروج الذهب، والأصفهاني(967م) فى الأغاني.وفى الغرب نجد كتاب «العقد الفريد» ، لابن عبد ربه(94.م)،كما ألف يحيى الخدج المرسي (القرن12) كتابا في الأغاني تقليدا لكتاب الأصفهاني.  

 أما أصحاب النظريات الموسيقية،فأولهم يونس الكاتب(765م) ويأتي بعده «الخليل بن أحمد» صاحب العروض (791م) ثم إسحاق الموصلي(85.م) الذي كان مجددا صاحب مذهب ومخترع إيقاعات وألحان. وبفضل حركة الترجمة عرف العرب مؤلفات اليونان القديمة في الموسيقى وعـلم الصــــوت ومن ذلك مبادئ النغـم، وكـتاب الإيقـاع لارسنوكزينوس،وكــتاب مقدمات النغم وتقسيم القانون لإقليدس،وكتاب الموسيقى لنيقوماكوس،وكذلك رسالة بطليموس في النغم.

وممن كتب في الموسيقى النظرية المتأثرة باليونان فيلسوف العرب الكندي(874م) وكان له سبع رسائل في نظرية الموسيقى. وتحدث فيها عن الأصوات وأبعادها وأجناس المقامات وأنواع الألحان،وأثبت أن الغناء العربي فن قائم بذاته ليس هو بفارسي ولا رومي،بالرغم من أن العرب اقتبسوا بعض طرائق هؤلاء القوم فى النغم،كما أخذوا عنهم استعمال «العود».لكن العود في أيدي المغنين العرب استعرب تماما وصار مختلفا عن عيدان الفرس والروم..ويقول الفيلسوف الكندي: «لكل أمة فى آلة العود طريقة ليست لغيرها من الأمم». ولقد ضاع كثير من مؤلفات الكندي،ولم يبق منها إلا ثلاثة كتب،وبعض مخطوطات ما زالت فى متاحف أوروبا(20)

ويأتي بعد الكندي ثابت بن قرة(901م) والرازي(923م) ثم قسطا بن لوقا(932م) وأكبر النظريين العرب هو الفيلسوف الفارابي (330هـ) صاحب كتاب الموسيقى الكبير، الذي ينص على أن سبب  تأليفه للكتاب هو ما وجده من النقص والغموض في أعمال اليونان الموسيقية،كما وجدها في الترجمات العربية، ولذلك أتى كتابه هذا شاملا لجميع أنحاء الصناعة النظرية والعملية،وهو مخطوط ضخم له شهرة عالمية في الأوساط التي تعنى بدراسة الموسيقى العربية نظرا لغزارة مادته وقوة أسلوبه والمذهب المنفرد الذي سلكه المؤلف في تصنيفه(21).

وقد حكى الناس عن الفارابي أساطير اقترنت بأنه أول من اخترع العود، وأنه اخترع آلة كان إذا حرك أوتارها  بطرائق معلومة عنده أحدثت نغما لا يتمالك الإنسان عند سماعه من الضحك. ولعل الذين أشاعوا عنه هذه الطرائف،ربما نظروا فى كتابه هذا،عن آلة قديمة وصفها الفارابي بأنها مستطيلة الشكل توضع عليها مسطرة مقسمة لقياس الأبعاد الصوتية في أجناسها المختلفة،

ونحن لم نجد ما يدعونا إلى تصديق هذه الروايات عنه. غير أن الذي لا شك فيه أن الفارابي كان يزاول هذه الصناعة بالفعل، فأمكن له تعريف مبادئ هذا العلم والإحاطة بجميع نواحيه،فكان ينتقل بين موضوعاته انتقال خبير عالم بالصناعة العملية،فجاء كتابه في علم الموسيقى شاملا كاملا(22).

 وللإمام الغزالي (505هـ/1111م) رأي مهم في الموسيقى فقد رأى أن القلب الإنساني ينطوي على أسرار وأحوال،وأن الألحان والأنغام هي التي تظهر تلك الأحوال،وذلك  من خلال التشابه الإيقاعي بين الأنغام الموسيقية والأحوال النفسية،وحدد كذلك أنواعا من  الموسيقى لها تأثير الترقي والتهذيب على النفس والحث على الشجاعة والقتال حيث قال: «إن في أعماق النفس الإنسانية شوقا نحو شيء عظيم مجهول؛ والموسيقى التي تحرك هذا الشوق وتؤججه(23). وقد تحددت نظرية للفن عند الغزالي في كتاب»آداب السماع والوجد» من «إحياء علوم الدين» حيث فند حجج المنع والتحريم للغناء والموسيقى،ووحد بين النفس السوية وتذوق الفنون الجميلة حين قال:«من لم يحركه الربيع وأزهاره،والعود وأوتاره،فهو فاسد المزاج ليس له علاج»(24).

ومن الجدير بالذكر أن الذي يحدد طبيعة الموقف تجاه الموسيقى قبولا أو رفضا،هو السياق أو المقام الذي يتم فيه الأداء الموسيقي، وهناك عوامل ثلاثة تحدد هذا السياق أوردها الغزالي في سجع لطيف «الزمان، والمكان، والإخوان» أي وقت الممارسة وزمانها وإخوان المنادمة فيها(25).

وحين أورد الغزالي «زمان» الأداء الموسيقي باعتباره  عنصرا هاما لتحديد شرعية الموسيقى والموسيقيين،إقرارا أو إنكارا،فإنه قد عرض لأمر ذي شقين،الشق الأول يعتبر أهمية الزمان على أساس أنه إذا ما اعترض الأداء أو الاستماع بالنمط الموسيقي زمانا مخصصا لتحقيق هدف ديني أسمى(مثل الصلاة أو رعاية الأسرة) فهو من الأمور المفسدة التي يجب اجتنابها.

والشق الثاني يكمن في استناد هذا التبرير على الإجماع بين المسلمين على أن الحياة ليست عبثا ولا يجب أن نخصص سوى وقت قصير للمتعة الزائفة، ولذا فإن الغزالي يرى أن الفرد ـ سواء كان مؤديا لنمط موسيقي أو مستمعا له ـ إذا ما أعطى جل وقته للاستماع انقلب الأمر من لهو بريء إلى زيغ جريء(26). وشدد الكتاب الآخرون تشديدا مماثلا على أهمية الممارسة المحددة.  

ويأتي اعتبار «المكان « للدلالة على اقتناع المسلمين الصريح بأن الحكم على الموسيقيين بالصلاح أو الطلاح يعتمد على سياق الممارسة أو المقام الذي تم فيه الأداء..حيث تتساوى درجة الأهمية المعطاة لمقبولية المكان الذي يحدث فيه الأداء الموسيقي مع الدرجة المعطاة للمناسبة التي ارتبطت به في تكوين حكمنا على من يقوم بهذا الأداء أو من يستمع إليه.

 ثم يأتي العامل الأخير وهو «الإخوان» أو الرفاق في الأداء أو الاستماع،فإذا ما تسبب هذا الأداء ـ أو الاستماع ـ في وضع الفرد في صحبة الأخيار والكرام فلا غبار عليه ولا ضرر منه،ولكنه إن تسبب في وضعه في صحبة تلهيه عن الواجبات الدينية أو المسؤوليات الاجتماعية أو ينتج عنه انتقاص من وضعه الأدبي فقد وقع هذا العمل في دائرة المحظور بغض النظر عن ماهية الأداء الموسيقي في ذلك المقام.(27).

ولذلك سوف يرى الإمام الشيخ عبد الغني النابلسي فقيه  المذهب الحنفي في القرن 17 م، وكذلك الشيخ شلتوت إمام الأزهر، أن أي تحريم للموسيقى ورد في تراث الحديث  قد ورد معه الخمر والقينات والفسوق والفجور. ومن هنا يرى كلاهما أن التحريم قد بني على مقام الأداء ومتعلقاته وليس موجها للموسيقى ذاتها. فالتحريم لم يبن على إنكار الموسيقى ذاتها،وإنما على استخدامها في ظروف آثمة أو مرتبطة بالمفاسد.

ولذلك تؤكد د.لويز لمياء على أننا  لا يمكننا تقويم أي عمل موسيقي إلا باعتباره  كلا مركبا من كافة خصائص الإنتاج الفني،وكل المظاهر المتعلقة بأدائه، ومن خلال هذا الاعتبار بكلية العمل الموسيقي يسهل علينا فهم الأسباب الكامنة وراء التنوع الكبير في آرائه صلى الله عليه وسلم تجاه حوادث محددة من أنماط هندسة الصوت.فإذا استعرضنا بعض المفكرين والفلاسفة المسلمين الذين اهتموا بالموسيقى فسنجد أن إخوان الصفا قد كتبوا رسالة من رسائلهم في الموسيقى،أما ابن سينا الفيلسوف المسلم(1037م) فلم تكن الموسيقى ـ على إجادته لها ـ إلا جزءا من مواهبه وأعماله ومؤلفاته. وقد كشف عن معارفه الموسيقية في مقدمته لفنون الموسيقى،وفي كتابيه الشهيرين»الشفاء» و»النجاة».

أما أشهر النظريين في علم الموسيقى في الأندلس،فهو ابن باجة Avempace الذي كتب رسالة في الموسيقى كان لها من الشهرة في الغرب الأوروبي مثلما كان لنظرية الفارابي في الشرق الإسلامي. أما ابن رشد(Averroes 1198م) فقد عالج نظريات الصوت في تعليقه على كتاب أرسطاطاليس في

الروح (Deanima).

 وفي تقييم هؤلاء النظريين من كتاب الموسيقى العرب،يقرر «فارمر»(28) في كتابه الهام عن الموسيقى أن معظمهم مهرة في الرباعيات،وأنهم كانوا حسابــيين وفيزيائيين. ومن الحقائق :أن التأمل النظري في الموسيقى وفي أصول طبيعة الصوت،قادتهم إلى القيام بأعمال تجريبية،كثيرا ما دلتهم على بعض الأخطاء في النظريات.

وهكذا فإن نقد «صفي الدين» لتعريفات الفارابي وابن سينا تظهر طبيعة هؤلاء الباحثين الذين لا يقبلون كلام السابقين مهما عظمت أسماؤهم،طالما لم تكن تقاريرهم صحيحة. فالمعروف أن النظريين أضافوا الكثير إلى أعمال اليونان، ومقدمة كتاب الموسيقى الكبير للفارابي تعادل في الحقيقة إن لم تفق،أي عمل وصلنا من اليونان.

 أما عن وصف الآلات الموسيقية الذي قام به الكندي والفارابي والخوارزمي وإخوان الصفا فيؤكد أن العرب سبقوا أوربا فى هذا المجال بعدة قرون. وعن المدرسة المنهجية التى أقامها «صفي الدين» فإنها أخرجت ما يمكن ان يعتبر أتقن سلم موسيقي أمكن تقسيمه،كما يرى «هيوبرت باري Parry». وإذا كان تراث العرب في الموسيقى لم يصل منه إلى أوربا إلا القليل،فمن المعروف أن موسوعتي الفارابي في الموسيقى قد نقلتا إلى اللاتينية بمعرفة :يوحنا هسبا لنسيس، وجيرار الكريموني(1187م). كما كان للترجمات العبرية في موضوعات الموسيقى العربية أهمية خاصة في أوربا. ويظهر الأثر العربي في الموسيقى وعلم الصوتيات في أوروبا العصور الوسطى في مؤلفات : المترجم «جون يسلاف» (1150م)، وفنسان دي بوفيه(1264م) ،وايزيدورالأشبيلي وغيره

وكذلك الأمر بالنسبة «لروجر بيكون» (1280م) الذي يذكر الفارابي مع بطليموس وإقليدس في فصل الموسيقى ويشير إلى  ابن سينا فى مسألة الشفاء عن طريق الموسيقى. ورغم ما يقال من أن الأثر العربي في الموسيقى الأوروبية غير واضح على أساس أن الأخذ المباشر بالسماع أهم من الاتصال الأدبي إلا أن «فارمر»(29) يثبت أن الأثر العربي يظهر في الإيقاع الذي لم يكن تعرفه أوربا. وأول من أشار إلى ذلك هو «فرانكو الكولوني»(1190م). ويظهر أثر الاقتباس  بشكل واضح فى أسماء الآلات العربية المعروفة فى اللغات الأوربية مثل العود Late والربابRebe  ، والقيثارة Guitar  والنقارة (30) Naker وكذلك الزمر Zambra  والطرب Tropan، والصنوج Songas،والنفيل Anfil  وغيرها، وتؤكد د.سيجريد هونكة على أن النوتة الموسيقية المعاصرة أصلها عربي، والتي يقال إن الموسيقي الإيطالي «جيدفون أرينزو» قد أخذها عام 1026م عن نشيد يوحنا(31).  

 أما الدكتور أدموند(32) و«كرويالويس» فقد كشف عن حقيقة آمن بها ودافع عنها في عدد من مؤلفاته،وهي أن الموسيقى العربية هي أم الموسيقى الإسبانية وأن أسبانيا هي أم الموسيقى العالمية. وأعلن المستشرق «خوليان ويبارا» أن موسيقى القرون الوسطى ترجع إلي أصل عربي،وقال: «إذا نحن احتجنا إلى البحث في الموسيقى الكلاسيكية Classique لجأنا إلى الموسيقى العربية واتخذناها سندا.

وقد أقام الأدلة على ما ذهب إليه في كتابيه Lamusica  de Les comliges - Lamusica and luza وعنده أن الموسيقى قديمة العهد،وقد رافقت النشوء الإنساني لأنها مظهر من مظاهر الحالات النفسية،وقبل دخول العرب اسبانيا لم تكن هناك سوى الموسيقى المدعوة  Ficta  وهي مجموعة ألحان كنسية مأخوذة من اليونان. وكان القسس يحرصون عليها جد الحرص،فلما جاء العرب وازدهرت حضارتهم تموجت أنغام الزجل والحجاز في أفق اسبانيا، ولم تلبث أن اتصلت بها الموسيقى الشعبية واكتسبت منها روحا جديدة،فنشأت من ذلك الموسيقى الأسبانية، ونحن ندعوها الموسيقى العربية(33).

الصوفية والموسيقى :

من الجدير بالذكر أن الصوفية هم الذين أغنوا الغناء والموسيقى في العالم العربي بمختلف المقامات والأنغام،فالألحان التي نغنيها اليوم ليست محدودة بتلك المقامات التي صنعها الموصلي أو ابن جامع في بغداد أيام عهدها الزاهر،ولكنها أرحب من هذا وأفسح، وأكثر تلوينا وتطريبا،والفضل في هذا يرجع إليهم، لأن انتشار طرقهم ومجامعهم في مصر والشام والعراق وفارس وتركيا والهند قد ساعد على التداخل والتمازج بين ألوان الغناء والموسيقى في هذه الأقطار،وعلى خلق وحدة فنية من هذه الألوان ترتاح لها الآذان وتهش لها النفوس والأرواح بين جميع شعوب العالم الإسلامي،على الرغم من اختلاف اللغة والمزاج.

 كما أن للصوفية فضل آخر،وذلك أنهم بحكم اتصالهم الوثيق بالعامة،وتغلغلهم في مختلف الطبقات الشعبية قد أتاحوا الفرصة دائما لظهور أصحاب الأصوات والمواهب الفنية من أبناء هذه الطبقات في حلقات الذكر ومحافل الإنشاد، ومن ثم كانت هذه الحلقات والمحافل مدارس تخرج فيها أعلام الغناء وشيوخ الملحنين الذين ملكوا الصناعة في هذا الفن. وبالإضافة إلى ذلك فإن الصوفية قد طبعوا الغناء والموسيقى بطابع خاص،وأعني به طابع الحنان الذي تذوب فيه النفوس وتهيم به الأرواح،ذلك لأن الغناء عندهم يقوم أصلا على التضرع والابتهال والرجاء في الله مما يستوجب الرقة والحنان والصفاء الروحي،ثم إنهم يربطون الإنشاد بحركة الإيقاع في الذكر ربطا محكما، والحرص على الانسجام في الانتقال من طبقة إلى طبقة ومن مقام إلى مقام،مما يبعث في النفس الانسجام والبشاشة(34).

 والصوفية يسمون المغني الذي ينشد الأشعار في محافلهم بــ«القوال». وكان في أول الأمر شيخ الجماعة، فهو يقول وهم يسمعون ويتواجدون كل وفقا لحاله والمعنى الذي يتصل بقلبه من سماع القوال. ويشترط الإمام «الجنيد» أن يكون القوال بدون أجر. ويقول»أبو طالب المكي» «يجب أن يكون القوال بدون أجر،فهو الذي يمدهم،وينشد لهم من درر الشعر ما يناسب حالهم،وتقوى به قلوبهم على السير إلى المقامات العلية.»

 ولم يكن القوالون الذين ينشدون الشعر للصوفية في عهدهم الأول يعتمدون على آلات موسيقية،لأن الصوفية الأول كانوا يتحرجون من ذلك،إنما كانوا يعتمدون على رخامة الصوت، وقوة الأداء،وبراعة التقطيع والترجيع،وقد اشتهرت مجالسهم في العراق دار الخلافة،كما اشتهرت للصوفية مراكز كثيرة امتدت في خراسان ومرو وبلخ ونيسابور والري وأصبهان وشيراز، ثم انتقلت إلى الهند ثم جاءت الطريقة «المولوية» فأباحت العزف بجميع الآلات الموسيقية على اختلاف ألوانها في هذه المجالس.

 ثم كان لظهور شعراء أفذاذ من أقطاب التصوف، أثره الواضح في الإنشاد،خاصة وأن أشعارهم امتازت بالرقة والعذوبة والانسجام،فساعدت على الهيام الروحي، الذي يفعم القلوب وجدا وصبابة مثل ابن الفارض وابن العربي واليافعي والنابلسي وغيرهم من الشعراء الذين ملأت أشعارهم ودواوينهم محافل الصوفية،وتمثل فضلهم في أنهم طوروا الشعر بما يرضي الذوق الموسيقي ويساعد على تلوين الفن الغنائي،فخرجوا من نطاق القصيدة التقليدي إلي نظم التواشيح والرقائق والمقطوعات والمواويل والأزجال،واختاروا لذلك الأوزان اللينة التي تنسجم مع التلحين وتستجيب لصوت المغني في التطريب(35).

وقد درج كثير من الصوفية على اتخاذ الموسيقى والغناء مظاهر مصاحبة للذكر، وجعلوا من هذا الثالوث الفني المتكامل أداة لإظهار مواجدهم،والتعبير عن انفعالاتهم،واستطاعوا أن ينسقوا حركات الذكر تنسيقا دقيقا،وأن يربطوا بينها ربطا محكما يقوم على أصول فنية بارعة في الحركة والتلحين والإيقاع،يتجلى هذا أفضل ما يتجلى في طريقة المولوية،الذين يبلغون مرحلة الفناء الصوفي أثناء تواجدهم في حلقات الذكر والإنشاد،وقد رأينا من قبل أبا حيان التوحيدي في «الإشارات الإلهية» يعدد فوائد السماع عند الصوفية في مجالس أذكارهم،حيث يرفع درجة الوجد،ويساعدهم  على التصاعد في مدارك الذهول والغيبة عن الحس.

التراث الموسيقي العربي الإسلامي والتجديد:

ويجب التنويه إلى أن أي حديث عن التراث العربي،وخاصة في مجال الفنون،مثل الموسيقى يجب أن يضع في الاعتبار البعد الإسلامي لهذا التراث،فالدين الإسلامي هو القوة الروحية الكبرى التي ألفت بين أجناس وحضارات مختلفة ـ عربية وغير عربيةـ ومن تفاعلها وتبادل التأثير بينها،قامت حضارة إسلامية لها فكرها الذي تجلى في فنونها،وعلى الرغم من الاختلافات العرقية واللغوية،فإن الحضارة الإسلامية قد أفرزت فكرا وفنونا ترجع للمناخ الخاص لهذه الحضارة.

وهذا التراث الموسيقي العربي الإسلامي،كما وصل إلينا وكما يمارس الآن،يحمل في طياته عروبته وإسلاميته التي أضفت عليه طابعه الجمالي المميز. وللتراث الموسيقي وجهان مختلفان،وإن تداخلا وتكاملا،وهما : تراث الموسيقى الشعبية Folk Music  وتراث الموسيقى التقليدية Traditional Music. وتنحـصـر كـل الفـنـون المـوسيـقـية (الدنيوية) فيهما وهي الفنون التي توارثتها الأجيال. وتراث الموسيقى الشعبية هو حصيلة الممارسة التلقائية للغناء والعزف والرقص التي يؤديها أبناء الشعب البسطاء أو «الفلاحون»(36) ويؤديها أبناء الطبقات الدنيا في المدن(37). وهناك علماء يعتبرون الموسيقى والرقص الشعبي إبداعا جمعيا يبدعه أبناء الشعب (نظرية الإنتاج) ويرى آخرون أن الشعب لا ينتج، بل «يستقبل» أغاني موجودة فيحورها ويعدلها ويتداولها،فتصبح تراثا مشتركا (نظرية الاستقبال)  وسواء قبلنا هذه أو تلك،فالقدر الثابت والمسلم به أن التراث الشعبي واسع الانتشار، حتى على ألسنة الناس يتداولونه بالتواتر الشفوي،حيث يتعرض في هذا التداول لقدر من التطويع والتشكيل يجعله أقرب تعبيرا عن مزاج الناس في إقليم معين(وفي عصر معين).

ومقامات الموسيقى الشعبية تشبه ـ في مجملهاـ مقامات الموسيقى التقليدية، وإن كانت أقل ثراء وعددا منها. أما الإيقاع فهو من مصادر الثراء والقوة والتلوين في هذا التراث الشعبي. أما تراث الموسيقى التقليدية الفنية فيضم: أنواعا من الغناء والعزف لهما (صيغ محددة ومبدعون معروفون). ويذكر اسم المقام الملحنة فيه قرين اسم القطعة الموسيقية، وأبرز صيغ الغناء التقليدي هي الموشحات والأدوار والقصائد. و«الطقاطيق» و«الموال». وليس الجانبان الشعبي والتقليدي وحدهما خلاصة التراث الموسيقي العربي الإسلامي،بل يبقى عنصراً آخر لا يندرج تحت أي منهما ولا يقاس بمقاييسهما،وهو التلاوة المنغمة للقرآن الكريم، فهي التي كانت القلعة الحصينة التي حمت المقامات وصانتها علي مر القرون.

وتظل التلاوة ـ كما تؤكد على ذلك الباحثة المتخصصة(38) ـ المنغمة للقرآن الكريم حتى اليوم منبعا صادقا للغة الفصحى  في أنقى صور نطقها وتجويدها،ولروح المقامات التي تسخر لخدمة المعاني. وبفضل هذا العنصر البالغ الأهمية كان هناك دائما مرجع ثابت للغة العربية ولمقامات موسيقاها.وإذا كان الجانب الإيقاعي (إن صح التعبير) للتلاوة تحكمه قواعد «علم التجويد» والقراءات،فإن الجانب النغمي يتناقله المقرئون عن شيوخهم بالتقليد، وليست له دراسات ولا قواعد تحكمه سوى الذوق والخبرة التي تهدي القارئ إلى اختيار  مقاماته(39) ومناطق صوته وانتقالاته من مقام لآخر، حسبما تمليه معاني الآيات،وحسب العرف الذي يحتم على المقرئ  الابتعاد عن أية أساليب دنيوية الطابع،ولا تتفق مع الخشوع الواجب.

ولقد عرفت بلادنا عددا من المقرئين الموهوبين الذين عرفوا كيف يوظفون النغمات لإبراز المعاني القرآنية، بتوجيه الظلال النفسية للمقامات العربية لخدمة معاني الآيات،وعرفوا كيف يختارون مواضع الوقوف اختيارا ُيجّسم المعاني ويلفت الانتباه إليها. ومهما تكن اختلافات الأساليب واللهجات فى تلاوة القرآن من قطر عربي وإسلامي لآخر،إلا أن الأسس العامة مشتركة وعمادها الصوت الرخيم المرن والفهم العميق الخاشع للمعاني القرآنية.  

وليس من قبيل المصادفة أن أغـلـب فـناني الموسيـقى التقليدية نشأ في رحاب التلاوة القرآنية والإنشاد الديني،وكانت تلك هي مدرستهم الرئيسة التي تلقوا فنهم عنها. ومن هنا تأتي أهمية التراث في الحفاظ على الشخصية العربية الإسلامية أمام التحديات الحاضرة، خاصة في عصر الأطباق الفضائية التي أصبحت لا تبث فيضا من العلوم والمعلومات الغزيرة فحسب،بل تبث فنونا وآدابا تحمل قيما وسلوكيات تغاير القيم والسلوكيات العربية الإسلامية،والتي تحمل عمق الهوية ولحمة سداها.

 ولكن علينا أن ندير ذلك بوسائل متشعبة ومتكاملة أولها بلا شك تعميق جهود الجمع الميداني والتوثيق والنشر للتراث الشعبي، واستقطاب الطاقات الشابة من الممارسين لتكوينها علميا لهذه المهمة الأساسية والتي أصبحت الآن أيسر تحقيقا بفضل  التقدم الكبير في وسائل التكنولوجيا،وكذلك إمكانات الرصد والتصنيف وتبادل المعلومات،بين مراكز التراث في العالم العربي والإسلامي وبين الهيئات التعليمية.

والتراث الكلاسيكي العربي والإسلامي ليس أقل احتياجا للجهود العلمية في دراساته الأكاديمية، فهو محتاج لغرس الوعي بقيمته بين كل الدارسين لفنون الموسيقى الغربية والعربية على السواء، وخاصة في مجال دراسات التأليف الموسيقي وعلوم الموسيقى،كما أنه بحاجة للحماية من نزوات بعض فرق التراث و(موضاتها) الخطرة التي يمكن أن تسيء إليه(40).  

ولابد أن يكون من أولويات السياسة الثقافية في عالمنا العربي والإسلامي، مبدأ الحفاظ على التراث التقليدي، وعلى هذه الجذور الأصيلة في صور مدروسة علميا، لكي تظل محفوظة بصورها النقية (وبنفس آلاتها وجمالياتها) ولكي تظل المعين والمنبع الذي تستقي منه عناصر التطوير والإبداع  للأجيال القادمة، ولكي يظل التراث الموسيقي الأصيل من المكونات الرئيسة لوجدان المواطن العربي.على أن للحفاظ على التراث ُبعد أعمق ألا وهو الحفاظ على جوهره في إطار التجديد،وهو الذي لا سبيل إلى منعه أو إيقاف تياره، ولكن المهمة الأساسية هي ترشيد هذا التجديد واحتضان القّيم منه،والإصرار على أن يكون تعميق التراث الموسيقي من الأركان الرئيسة في الدراسات الموسيقية التخصصية في معاهد الموسيقى العربية،على أن يكون الاهتمام منصبا بشكل خاص على مقومات التراث وإمكانات استلهامه استلهاما يوائم بينها وبين التأثيرات الغربية الوافدة،ويصنع من تضافرهما نسيجا سداه من التراث ولحمته من مخيلة المبدع وخبرته بالغرب وبغيره،وناتجة عن إبداع فني عربي صادق يمكن أن يرقى حقا للعالمية. 

 

الهوامش والمصادر

1ـ هربرت ريد : معنى الفن ص 9،10 ترجمة د.سامي خشبة الهيئة المصرية 1998م                        

2ـ د.سعيد توفيق: جماليات الصوت والتعبير الموسيقى مجلة نزوى العمانية ص125 العدد15 يوليو عام 1998م0                                                                                                                  

3ـ راجع :جوليوس بورتنوي :الفيلسوف وفن الموسيقى ترجمة د.فؤاد زكريا الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 235 عام 1974م

4ـ د.ثروت عكاشة :الزمن ونسيج النغم ص 10 مصر عام 1980م  

5ـ السابق ص 11

6ـ السابق ص 11

7ـ صفوت كمال : المأثورات الشعبية والإبداع الفني الجمالي ص 236عالم الفكر ج24 العدد1 الكويت ديسمبر عام 1995م

8ـ أنور الرفاعي : تاريخ الفن عند العرب والمسلمين ص188

9ـ Ettinghausen R: THE Decorative art and painting their caracter and scope290

10ـ أنور الرفاعي : تاريخ الفن عند العرب ص 190                                                                   

11ـ Ettinghaysen :op. Cit. P.290

12ـ انظر دراسة بكتاب The legacy of Islam  نقلا عن محمود إسماعيل :الفنون الإسلامية بين اٌلإقطاع والبورجوازية مجلة القاهرة العدد181 ديسمبر  عام 1997م                                           

13ـ د.الشيخ أحمد حسن الباقوري : تحت راية القرآن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية العدد11 مصر عام 1996م

14ـ لمياء الفاروقي السابق

15ـ انظر Farmer ,Henry tabl Khana . Encyclopedie de islam           supplementary VOLUME , 232- 237  

16ــ Faruqi ,Lois Ibsen the Nature of Musical art islam

culture 1974 -17ـ كمال النجمي: تراث الغناء العربي ص 41ـ 43 الهيئة المصرية العامة 1998م

18ـ هـ.ج. فارمر: تاريخ الموسيقى العربية ص356 انظر تراث الإسلام.

19ـ السابق ص 359 ، 360

20ـ كمال النجمي : تراث الغناء العربي ص 12                                                                

21ـ وقد قام بتحـقيقه والتعـــليق عليه الأســـتاذ غــطاس عبد الملك خشبة العضو الفني بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة ، وراجعه  د.محمود أحمد الحفني بوزارة الثقافة والإرشاد القومي  انظر : الموسيقى الكبير للفارابي، عرض وتحليل د.محمود أحمد الحفني ، الهيئة العامة للكتاب ، مصر عام 1995م

22ـ السابق ص 16

23ـ الغزالي : إحياء علوم الدين ج2 ص 244ـ 247                                                             

24ـ السابق ج2 ص 342

25ـ السابق ج 2 ص 301   

26ـ السابق ج2 ص 283، 301  27ـ  د.لويز لمياء الفاروقي : الموسيقى والموسيقيون في ميزان الشريعة ص 123ـ 125

28ـ فارمر : تاريخ الموسيقى العربية ص 367  

29ـ السابق ص 369، 370

30ـ انظر سعد زغلول عبد الحميد: علوم العرب القديمة مجلة عالم الفكر ج8العدد1 1977م                   

31ـ زيغريد هونكه: شمس العرب تسطع على الغرب 494 بيروت  عام  1981

 32ـ المقتطف نوفمبر عام 1982م ترجمة عقل الجر

33ـ د.أنور الجندي : أضواء على الفكر العربي الإسلامي ص72 الهيئة المصرية العامة للكتاب مصر عام 1986م 

34ـ محمد فهمي عبد اللطيف الفن الإلهي ص 21، 22 الهيئة المصرية العامة للكتاب 1986م

35ـ السابق ص34، 43

36ـ كتب ب. بارتوك الموسيقي المجري الشهير عنها أنها (موسيقى الفلاحين ) بينما وصفها ج. يترسو الفرنسي بأنها»موسيقي الأميين «

37ـ ويفسر هذا بالنزوح المستمر من الريف للمدينة حيث يحمل الريفيون معهم عاداتهم وفنونهم

38ـ د.سمحة الخولي : التراث العربي وإشكاليات الأصالة والمعاصرة ص 121 ، 122

39ـ انظر رسالة الماجستير من قسم علوم الموسيقى للباحثة عزيزة عزت: المقامات العربية فى تلاوة  القرآن .الكونسر فتوار بالأكاديمية المصرية للفنون عام 1988م

40ـ د.سمحة الخولي : التراث الموسيقي العربي ص 122 ، 123

أعداد المجلة