فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

النسيج العمراني التقليدي للقرى الواحية القديمة في منطقة نفزاوة من الجنوب الغربي التونسي

العدد 67 - ثقافة مادية
النسيج العمراني التقليدي  للقرى الواحية القديمة في منطقة نفزاوة من الجنوب الغربي التونسي
كاتب من تونس

مقدمة:

تتخذ مختلف المدن والقرى العربية نسيجا عمرانيا يخضع للعديد من العوامل التاريخية والاجتماعية وخاصة الطبيعية حيث تؤثر هذه الأخيرة كثيرا بعناصرها المختلف من مناخ وتضاريس... في ظروف ونمط عيش السكان الذين سيحاولون التأقلم مع الوضع السائد بطرق مختلفة. سيعمل هذا العمل على فهم طبيعة النسيج العمراني التقليدي لقرى واحات نفزاوة بالجنوب الغربي التونسي(انظر الخريطة)، والتي يوجد بها العديد من القرى القديمة ذات العراقة التاريخية لكنها ظلت صغيرة وكثيفة المباني ومتعددة الأزقة والساحات لكن بدا الاختلاف بينها واضحا في مستوى علاقة كل قرية بواحاتها وعلى مستويات أخرى عديدة خاصة فيما يتعلق بالموقع والموضع وانتشار المعالم المبنية لاسيما الدينية منها وتأثير العوامل الطبيعية.

رغم تمركز أغلب هذه القرى على المرتفعات فقد احتلت بعضها أعالي التلال الصخرية المنعزلة والمكشوفة في نهاية سلسلة جبال طباڤـة، وتقع أخرى على رُبَى صلبة التربة توجد جنوب هذه السلسلة، أما تلك التي تمركزت في المنبسطات فهي قريبة جدا من شط الجريد. وسنحاول دراسة خصائص تمركز القرى في علاقته بالتضاريس وخاصة بالواحة لما تلعبه من دور مهم في تغيير المناخ المسيطر في المنطقة وتأثيرها بشكل كبير في بنية المعمار، ثم نقدم أهم مكونات النسيج العمراني القروي التقليدي في الوسط الواحي مع محاولة تحليل درجة تأقلمه مع المتغيرات المناخية والتقاليد الثقافية للمجتمع المحلي.

الخصائص العمرانية:

1. التمركز على المرتفعات:

تقع أغلب قرى الواحات القديمة فوق مرتفعات1، وبالنظر إلى طبيعة التضاريس صنفناها إلى قسمين: قسم منها يحتل الرُّبَى الصخرية التي تُعتبر امتدادا لسلسلة جبال طباڤـة، بينما تحتل أخرى ربى رملية قليلة الارتفاع. تتمثل القرى التي تنتمي للقسم الأول في جزيرة الوحيشي والمنشية والـﭭلِيعَةْ وبوعبدالله وزاوية الحرث وزاوية العانس وأم الصمعة(الصورة عدد 1).

لقد انتصبت جميع هذه القرى على القمم الصخرية التي أمكن البناء فوقها وعلى سفوحها، بينما تنتمي على سبيل الذكر قُرى البليدات(الصورة عدد 2) وتلمين وتنبيب وابنس والـﭭطعاية والمساعيد وجمنة وكلوامن والطويبة والجرسين والـﭭلعة إلى القسم الثاني. يبلغ أقصى ارتفاع 155 مترا عن سطح البحر لكل من أم الصمعة وبوعبدالله، في حين أنه لا يتجاوز 50 مترا بالنسبة إلى المنشية مثلا2. كما يحتوي قاموس اللغة المحلية في عدة مفردات لها علاقة بموقع القرية على المرتفع3.

وفّرت هذه المرتفعات أساسات صلبة لإقامة المساكن فوقها والتي تتبعت في نفس الوقت تدرج الجبل نحو المنحدر مما سمح بنشأة كتل متفرقة تحتل كل منها موقعا من الجبل دون أن تبتعد عن بعضها البعض، ومثلت حجارتها مخزونا مهما من مواد البناء استثمرت خاما ومصنعة في تشييد الجدران وطلائها.

2. التمركز في المنبسطات:

تقع كل من قُرى المنصورة والجديدة وڤبلي القديمة وبشري والدبابشة وفطناسة في المنبسطات، مما سمح لها بتحاشي التأثيرات السلبية للرياح، لكنها كانت عرضة لتجمع مياه الأمطار متى نزلت وخاصة خطر صعود مياه الرشح، وهو ما حصل عدة مرات في قرية تنبيب.

لقد أكدت الشهادات الشفوية على أهمية الموقع المرتفع بالنسبة للقرية، إذ تتحاشى بذلك ارتفاع الطبقة المائية السطحية وتأثيراتها السلبية على البناءات4، لكن نفس هذا الموقع جعلها في مناسبات أخرى في مواجهة زحف الرمال5.

3. الموقع من شط الجريد:

يمتد شط الجريد على مساحة كبيرة في المنطقة وعلى ضفافه الشرقية والجنوبية توجد جميع الواحات القديمة وقُرَاها. تحمل امتدادات شط الجريد في نفزاوة أسماء محلية مثل شطي فرعون والمنـﭭـع شمال المنشية وشط نـﭭـة وشط ڤبلي شرق ابنس وشط قوق غرب البليدات. ويلعب الشط في المناطق الصحراوية دور البحر ولو بنسبة ضئيلة، فيساهم في تعديل درجات الحرارة صيفا وشتاء، وتتمثل أهم مميزاته في تثبيت الرمال ومنعها من التقدم نحو القرى.

1/4- التمركز وعلاقته بالواحة: لا يُمكن تصور قرية في نفزاوة منعزلة عن واحتها، فغالبا ما تعانقها من جهة أو أكثر6، كما هو الحال بالنسبة لقرى بشري والمنشية وجزيرة الوحيشي وجمنة والـﭭلعة، وتطوق الواحة قرى المنصورة والجرسين وتنبيب وڤبلي القديمة(الصورة عدد 3).

يسعى السكان للاستقرار بالقرب من واحاتهم والالتحام بها لتحميهم من التأثيرات المناخية الصحراوية القاسية، إذ تلعب كثافتها الشجرية الكبيرة دورا مهما في توفير ظروف ملائمة لممارسة الأنشطة اليومية داخل القرية. تمثل الواحة حاجزا يصد عن القرية كليا أو جزئيا التيارات الهوائية الباردة شتاء والحارة صيفا7، فهي تساهم في تنقية الهواء وتقليل سرعة الرياح وإعادة توجيهها في بعض الأحيان وما يصل منها لا يلامس سوى أعلى المباني. كما تلطف تلك التي توجد جنوب القرية من حرارة رياح الشهيلي نظرا لوجود أحواض العيون الطبيعية وسواقي مياه الري وخنادق الصرف ورطوبة التربة المروية وكثافة الأشجار الخضراء. تلعب الواحة التقليدية دور المعدل الحراري، فهي تختص بمناخ محلي مغاير لما هو خارجها (انظر الجدول) مما يمنح السكان فرصا للاستمتاع والحماية معا.

تثبت الواحة كذلك حبات الرمال التي تأتي بها الرياح الشرقية على أطرافها وداخلها مما يحول دون زحف الكثبان على القرية، ولا تسمح في نفس الوقت للغبار المتطاير أثناء سير الدواب والعربات بدخولها فتحميها من التلوث وتمنحها الروائح الطيبة التي تأتي مع نسمات الليل. كما تمثل الواحة بكثافة نخيلها وامتدادها درعا واقيا9 يحد من تأثيرات رياح الشهيلي الجافة والحارة، وتحمي القرية من جهة الغرب من الرياح الغربية التي تُعرَفُ بعنفها وبرودتها وجفافها شتاء.

يُمكِّن وجود الواحة جنوب القرية أيضا من الاستفادة بظلال الأشجار المثمرة والنخيل خاصة في الصيف لفترة طويلة من النهار مقارنة بباقي جهات القرية.

يمثل المناخ المحلي للواحة رافدا أساسيا للقرية في مستوى ما يوفره الظلال، ويساهم في التقليل من انعكاسات أشعة الشمس عليها بفضل ارتفاع النخيل وكثافة الشجر وعمليات الري المتواصلة في الصيف. كما تُعتبر الواحة امتدادا سكنيا في كثير من الأوقات من السنة، إذ يهرب إليها السكان في الصيف للتمتع بطراوة هوائها وأثناء الرياح للهروب من الرمال وحبات الحصى المتطايرة. وقد مكن المرتفع أيضا من الاستفادة من النسمات الباردة في ليالي الصيف القائضة، لكنها أبقتها عرضة لرياح الشهيلي الحارة في أيام نفس الفصل وفي مواجهة الرياح الغربية الباردة شتاء.

مكونات النسيج العمراني التقليدي:

يساهم النسيج العمراني بدور فعّال في التأقلم مع المناخ، ويؤثر بصفة مباشرة وبدرجة كبيرة في مستويات الرفاهية داخل القرية والمسكن في كل ما يتعلق بالرياح والحرارة والإشعاع الشمسي والإضاءة والرطوبة. تتوسط الأنسجة العمرانية في قرى الواحات القديمة نواة مركزية تتكون من مسجد وساحة بجانبه تكبر أو تصغر بحسب حجم القرية، وتتوزع الممرات الضيقة والملتوية انطلاقا من هذا المركز في اتجاه الأحياء السكنية ذات المباني الكثيفة والمتقاربة والمنغلقة على ذاتها.

1. الكتل العمرانية:

تتركز وسط النسيج العمراني بهذه القرى المعالم الدينية والساحات العامة التي تمارس فيها أيضا الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وتنتشر المساكن حول هذا المركز تبعا لمعطيات مضبوطة لعل أهمها اشتراك سكان كل حي في النَّسَبِ العائلي.

1. النواة المركزية: لئن لم تبلغ قرى الواحات القديمة بنفزاوة أهمية مركزية المدن العربية الإسلامية التي كانت تضم المسجد الجامع وقصر الإمارة، فإنها لعبت دورا رئيسيا في استقطاب الاهتمامات الدينية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية منها10. يحتوي مركز القرية على مسجد ويُسمَّى المسجد الكبير في ڤبلي الـﭭديمة أو الجامع القديم في بازمة أو العتيق في بوعبدالله، وقد يضم الجامع إحدى الزوايا أو ضريح أحد الأولياء مثلما هو الشأن بالنسبة لقريتي البليدات والمنشية.

يقع السوق بجانب الجامع، وهو في حقيقة الأمر مجرد ساحة أو رحبة تُستغل كفضاء للانتصاب الوقتي من أجل المقايضة11. لم تصل هذه الساحة مرحلة متطورة، أصبحت بموجبها ذات دكاكين متخصصة ومرتبة، إنما أقصى ما بلغته في فترات متأخرة فتح بعض المحلات التي تبيع مختلف المواد الاستهلاكية12. كانت النواة المركزية نقطة انطلاق الأزقة التي تؤدي نحو الأحياء السكنية وتخترقها في نفس الوقت نحو المجال الواحي، وقد تخترقه بدوره في اتجاه قرى مجاورة.

يوجد هذا الأمر في كل القرى ويبدو جليا في بعض القرى ومنها بشري وجزيرة الوحيشي والرابطة والمنصورة وتلمين وڤبلي الـﭭديمة وجمنة والبليدات، ومما استقيناه من معطيات يبدو أيضا أن هذا الفضاء، رغم كونه الجامع لكل مكونات المجتمع المحلي وتباح فيه حرية الحركة للجميع، إلا أنه في نفس الوقت الحد الفاصل بين الأحياء السكنية أين يلتزم أفراد المجتمع القروي بتقاليد مميزة في عدم اختراق المجال السكني الخاص ببعض العائلات13.

2. الأحياء السكنية: تتميز الأحياء السكنية بكثافة المباني وتلاصقها، ويمكن تفسير ذلك بصغر المساحات التي نشأت عليها القرى وبسعي السكان للتخفيض من المساحات المفتوحة للتقليل من تأثيرات المناخ القاسي. كما أن ارتفاعات المباني متقاربة إذ لا تتجاوز طابقا علويا وحيدا، يتراوح علو المسكن بين 4 و5 مترا، ولا يزيد الطابق الأول عن 3 متر كحد أقصى، وهو ما يجعل البناء كاملا لا يتجاوز 8 مترا إلا نادرا.

يعتبر وجود طابق علوي خاصية لبعض القرى دون غيرها إذ وجدناها بكثافة في المنصورة وتلمين وڤبلي الـﭭديمة ونادرة بأم الصمعة والمنشية وبوعبدالله وتنعدم بقرى البليدات وبني امحمد والـﭭلعة. أما فيما يتعلق بالتوسع العمراني التقليدي للأحياء السكنية فقد لاحظنا أن أغلب القرى قد توسعت في اتجاه الغرب بدرجة أساسية ثم جنوبا وجوفا وآخر الاتجاهات شرقا، والهدف في التوسع غربا هو الحماية من العامل الطبيعي الأشد قسوة في المنطقة وهو الرياح الرملية إذ ستساهم الأبنية القديمة في حماية الأبنية التي ستبنى بعدها. يتم التوسع بشكل منطقي حيث تمتد الأزقة في نفس الاتجاه. قد تحتوي الأحياء السكنية على منشآت اقتصادية عامة مثل البئر والمخبزة، ومنشآت دينية كالمساجد والزوايا والأضرحة وتربط بينها شبكة كثيفة من الطرقات.

تتمتع الأحياء السكنية ببعض الخصوصيات المحلية التي تنبع من معرفة خاصة بالمجال عمرانيا وبشريا، إذ تستأثر بالنصيب الأوفر من النسيج العمراني ويقطن كل منها جماعة ذات نسب عائلي واحد14، لذلك يحمل كل حي سكني تقليدي في عدة قرى تسمية ذات دلالات بشرية فيقال جِهة أو جْوِيهَة (تصغير جهة) أولاد فلان مثلا في المنصورة وبشري وأم الصمعة وتلمين والمنصورة والبليدات أو أسماء مستنبطة من السجل الطوبوغرافي كأن يقال الجهة الفَاڤا لتلك التي توجد في المرتفع والجهة اللاَّطَا للتي تقع في المنخفض مثل ڤبلي الـﭭديمة ويعبر عنها عموما بـ« شلقا» للأولى و« شلطا» للثانية(الرسمان عدد 1 و2).

2. فضاءات التواصل والحركة

تشمل فضاءات التواصل والحركة: الطرقات والساحات الخاصة والعامة15، وقد تمت تهيئتها بطريقة تحمي مستعمليها من ضغوطات المناخ وتؤدي عدة وظائف اجتماعية واقتصادية.

1. الطرقات: تسمح الطرقات بتوزيع السير بين مختلف فضاءات القرية، كما تمتد خارج النسيج العمراني حيث تصل القرية بالواحة وبالتجمعات السكنية المجاورة، وقد ميزنا بين طرقات رئيسية تنطلق من مركز القرية تتفرع عنها أزقة بعضها غير نافذة، وتسمى زقاق حاد، وعادة ما يكون سكان هذا الزقاق من عائلة واحدة16.

تكون الطرقات في الغالب ضيقة وملتوية17، يتراوح اتساعها بين 1 و4 مترا، ويغلب عليها اتجاهان: شرق غرب وشمال جنوب، ويعود ذلك لعدة عوامل لعل أهمها تخفيف هذه الاتجاهات لقوة الرياح التي تتباطأ سرعتها نتيجة الانحناءات المتكررة. تتميز الأزقة بانحدارها في بعض القرى المرتفعة مما يجعلها متدرجة طبيعيا أو يقع تهيئتها لتسهيل عملية المرور للإنسان والدواب، كما تكونت بعض الممرات الحلزونية من الأعلى إلى الأسفل مما منح بعض القرى موقعا خاصا يشبه إلى حد بعيد القرى الجبلية بالجنوب الشرقي التونسي.

تتميز الجدران التي تطل على أغلب الأزقة بعلو واجهتها مقارنة بعرضها مما يجعلها مصدرا للظلال التي يُستفاد منها خاصة في فصل الصيف لاسيما وأنها خالية تقريبا من الفتحات، وتخفض كمية الإشعاع الشمسي التي تتلقاها الأرضية وواجهة الجدران الخارجية للمساكن، فيوفر ذلك شيئا من الرطوبة ليلا، وتساهم هذه الخاصية أيضا في التقليل من تأثيرات الرياح(الصورة عدد4).

توجد ببعض الممرات أجزاء مغطاة وهي السباطات18، وتسمى محليا بُرْطَالْ وهي خاصية نادرة تحتكرها بعض القرى دون غيرها، ومن أشهرها في المنطقة برطال زِوَاوَةْ19 في قرية المنصورة(الصورة عدد 5) وبُرْطال الدْرَاوِلَةْ في ڤبلي الـﭭديمة. يُستغَل البرطال إضافة لحماية المارة من أشعة الشمس في عدة أغراض مثل الاستراحة ولعب الأطفال وكمربط للدواب ما من شأنه عرقلة حركة السير نهارا وصعوبته ليلا. لكن ما يلاحظ أن أغلب الطرقات غير مهيأة وفي كثير من الأحيان وسخة إذ تتكدس بها فضلات الحيوانات والأسمدة العضوية المستخرجة من مراحيض وإسطبلات المساكن لنقلها إلى الواحة، وقد لاحظنا في بعض القرى تعطل حركة التنقل بمجرد نزول الأمطار وركود المياه في الطرقات نتيجة كثرة الأوحال.

تُمثل شبكة الطرقات شريان الحياة في هذه القرى إذ تربط بين جميع الفضاءات لاسيما بين المجالات الخاصة والمجالات العمومية ومن أهمها الساحات.

2. الساحات: تنتشر الساحات بكثرة في قرى الواحات القديمة، وقد ميزنا بحسب مقياس الحجم بين كبرى، وهي عادة ما تحتل مركز القرية، وصغرى، وتوجد في الغالب داخل الأحياء السكنية، وتسمى الأولى «بَطْحَة» أو« رحبة»، وتُسمى الثانية «بِطِيحَةْ» أو «رِحٍيبَةْ». تُمثل الساحات أيضا نقطة تغيير اتجاهات حركة السير، كما تُعتَبر متنفسا للسكان يستغلون وجودها لقضاء أكثر من شأن خاص أو عام.

- الساحات الكبرى أو الرئيسية: بقي مصطلح الرحبة شائعا في لغة العمارة العربية المعاصرة بما هي ظاهرة مدنية عادية تتمثل في ترك فضاء ما أمام البنايات العمومية، وهو ما وجدناه بنفزاوة إذ هي عادة ما تلاصق المسجد الجامع أو قريبة جدا منه20. تتخذ الرحبة عادة شكل المستطيل أو المربع، وتتعرض الشاسعة منها إلى العوامل المناخية القاسية كأشعة الشمس في فصل الصيف إضافة للتيارات الهوائية الحارة وأهمها الشهيلي. تتحول هذه التيارات إلى غربية باردة شتاء مما يتسبب في تعطل الأنشطة والحركة داخل هذه الفضاءات العمومية.

تتميز الرحبة الرئيسية بتعدد أدوارها، فهي فضاء اقتصادي يمثل سوقا لتبادل السلع من داخل القرية وخارجها، وتلعب بذلك دور الفضاء الاجتماعي، إذ تُعتبر مكانا للالتقاء وتبادل الحوارات الخاصة والعامة. كما تتنوع في هذا الفضاء الأنشطة الموسمية والطارئة في الخريف، إذ يصبح هذا المكان مجالا لأنشطة حرفية مختلفة كممارسة الحدادة والنجارة21.

- الساحات الصغرى أو « الرِحيبَةْ»: توجد «الرحيبة» أو «الرحابة» داخل الأحياء السكنية، وتفتح على أكثر من زقاق، وتطل عليها عدة أبواب للاستفادة مما توفره من ظروف طبيعية مناسبة، إذ تُعتبر منافذ تهوية للمساكن المحيطة بها. تتخذ الرحابة عموما شكلا غير منتظم الأضلاع وتحيط به الجدران من الجهات الأربع مما يجعله في منأى عن التأثيرات المناخية القاسية، وتعتبر قبلي القديمة القرية التي تحتوي على عدد كبير من « الرحابات »، وأهمها رحابة الدراولة الذين يمثلون إحدى العروش الأربعة الكبرى فيها(الصورة عدد 6).

سواء كانت رئيسية أو ثانوية فقد لعبت الساحة دورا مهما في حياة الجماعة القروية في الواحات القديمة، ولبت أكثر من حاجة إذ يستغل الصغار هذا الفضاء لممارسة ألعابهم صباحا ويتجادل بها الكبار حول مشاغلهم اليومية ولعب « الخربـﭭـة» مساء ويتسامر فيه الشباب ليلا. كما تعتبر الساحة المكان المناسب لربوض الدواب من إبل وخيول خاصة تلك التي تعود للضيوف والتجار من خارج القرية الوافدين من الشمال والجنوب22، لذلك خيّر سكان هذه القرى ترك هذه الساحات عارية لاستغلالها في مختلف هذه الأنشطة الملائمة للأرضية الترابية.

وفرت الطرقات والساحات على صغر أحجامها مجالا بصريا منفتحا على الفضاءات خارج القرية، إذ يمتد البصر إلى الواحة والجبل والشط، ووجد السكان في هذه الساحات ملاذا لممارسة عدة أنشطة اقتصادية واجتماعية وترفيهية، مثلما لبت لهم المنشآت العامة حاجيات أخرى لعل أهمها الأنشطة الدينية والثقافية.

3. المنشآت العامة

أعادت بعض قرى الواحات القديمة استثمار المواقع المرتفعة والحصينة عندما انبعثت من جديد منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأهمل سكانها ما كان متعلقا بالمسألة الأمنية كالخنادق التي كانت تحيط بها، فقد وقع ردم الخندق الذي كان موجودا حول ڤبلي الـﭭديمة لاستخدامه كطريق دائري منذ سنة 1903 23. كما خلت القرى من الأسوار وأبوابها24، ولم يبق سوى صداها يتردد في الذاكرة الشعبية من خلال الروايات الشفوية اذ توجد بعض الأماكن في هذه القرى تسمى بابا، ومنها باب السور بكل من بوعبدالله وجزيرة لوحيشي، في حين نجد أسماء الأبواب بأغلب القرى دون وجودها أو وجود آثارها. مقابل ذلك حافظ الأهالي على المنشآت الدينية التي تضاعف عددها أثناء الفترة التي تهتم بها دراستنا، وحسنوا، على ما يبدو من خلال تنوع أشكالها، من تقنيات إنشائها.

1. الزوايا والأضرحة والمقامات: توجد في منطقة الدراسة مختلف الزوايا التي تتبع الطرق الصوفية المنتشرة في كامل أرجاء البلاد التونسية وأهمها القادرية والعيساوية والسلامية25. تحتوي هذه المعالم عادة على مسجد وقاعة أو اثنتين لتحفيظ القرآن، ويلحق بها مجموعة من الغرف الصغيرة التي تأوي المتعلمين من خارج القرية وعابري السبيل26. أما أضرحة الأولياء الصالحين فقد تمكنا من تمييز الانتشار الجغرافي لها اذ تتوزع أساسا في أطراف القرى، وقد توجد خارج النسيج العمراني في المقبرة مثلا أو الواحة أو الجبل.

يتمثل الضريح في قبر الولي الذي قد تعلوه قبة ملساء من الخارج، ويختلف شكلها من ولي لآخر، وقد أحصينا ثلاثة أشكال من القباب وهي نصف كروي وبصلي وحدوي ممتد27(الصورة عدد 7). كما تمثلت بعض الأضرحة في مجرد قبر أو « رُوضَةْ» وهي قبة صغيرة لا يتجاوز ارتفاعها مترا واحدا، بفتحة جانبية صغيرة يُدخل عبرها الزائر الشموع ونحوه أو «حُوطَة»28، وتتمثل في سور مبني حول قبر أو مجموعة قبور لا يتجاوز ارتفاعه 1،5 مترا ويتخذ شكلا دائريا مع فتحة بدون باب تعتبر المدخل الوحيد لها عادة ما تكون قبلية.

تحولت أضرحة بعض الأولياء إلى مقامات تحتوي إضافة إلى قبره بعض المرافق الأخرى مثل قاعة صغيرة للصلاة وكتّاب للتعليم وأخرى للضيوف وعابري السبيل وثالثة للخزن. ونظرا لدورها الكبير فقد ارتقى بعضها لمستوى الزاوية وكثر زائروها وأصبحت تقام لها احتفالات شعبية كبيرة تسمى زَرْدَةْ29.

2. المساجد ومآذنها: يُعتبر جامع سيدي عقبة في تلمين أقدم مساجد المنطقة من حيث التأسيس، إذ تقول بعض الروايات إن عقبة بن نافع قد بناه قبل حتى بناء المسجد الجامع في القيروان سنة 50 للهجرة30، وقد تمت إعادة بنائه في أواخر أربعينات القرن العشرين بعد أن هدمته السلطة الاستعمارية الفرنسية31. أثبتت الدراسة الميدانية أن أغلب المساجد قد أعيد بناؤها في الفترة الأخيرة، ولم تحافظ إلاّ قلة منها على معمارها التقليدي المحلي مثل الجامع العتيق ببازمة الذي يعتبر نموذجا مميزا خاصة المئذنة المربعة(الصورة عدد 8).

3. المقابر: يستعمل أهالي المنطقة كلمة الجبّانة للدلالة على المقبرة، وهو مصطلح من العربية الفصحى، ومعناه الصحراء، وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء عند أطراف القرى وربما تبتعد عنها بمسافة مهمة32. تضم مقابر القرى التي شملها العمل الميداني قبورا ذات أشكال مختلفة منها الذي يتكون من شاهدين فقط وهما عبارة عن جزئين من جذع نخلة مثبتين عند طرفيه وقليل من التراب المرتفع بمقدار 20 سنتمترا على امتداد طوله. تقتصر بعض القبور على شاهد قبر واحد يتمثل في كومة من الحجارة الصغيرة، وقد يكون حُوطَةْ أو قبة أو رُوضَةْ (الصورة عدد 9).

تحتل المقابر مكانا مرتفعا من الأرض مثل القرية، وتكون عادة قريبة جدا من المجال السكني، ولا تندمج معه إطلاقا. لاحظنا اشتراك بعض القرى الصغرى في مقبرة واحدة . تُعتبر المقبرة نموذجا مصغرا للقرية إذ تتكون من مجموعات قبور يسكنها أموات من نفس القبيل33، يفصل بينها ممرات للمترجلين، وتعود أغلب المقابر الموجودة بقرى منطقة موضوع الدراسة إلى الفترة التاريخية الحديثة والمعاصرة، حيث لم يُعثر على آثار تدل على وجود مقابر أو حتى قبور قديمة.

خاتمة:

لعبت الواحة إذن، في قرى الواحات القديمة بمنطقة نفزاوة، دورا مهما داخل النسيج العمراني وذلك بالحد من ضغوطات المناخ المحلي، فقامت نتيجة لكثافة أشجارها وامتدادها بتلطيف المناخ المحلي للقرية بحيث تمتص نسبة كبيرة من الإشعاعات وتقلل من التبخر وتخفِّض من تأثيرات الأتربة والغبار وتحد من زحف الرمال وتسرب الرياح الجافة الحارة أو الباردة.

كما يمثل تخطيط القرية ومعالجات مسارات الحركة، من حيث العرض والشكل والطول والتوجيه وتغيير الاتجاه، المرحلة الأساسية للتكيف مع البيئة السكنية، إذ يؤدي النسيج الكثيف إلى تلطيف مؤثرات المناخ القاسية والتخفيف من آثارها خاصة درجات الحرارة العالية والإشعاع الشمسي والرياح الحارة وبالتالي التخفيف من درجات الحرارة المرتفعة التي تؤثر على واجهات مختلف الأبنية لاسيما المساكن وتبرز هذه النماذج ما سبق توضيحه وتعطي فكرة عن مواقع الزوايا والأضرحة والمقابر وغيرها من المعالم.

الهوامش:
1. Chaabouni (M.), Gdoura (H),  Contribution à la revalorisation du sud, thèse 3ème cycle, I.T.A.A.U., Tunis, 1982, p. 40.
2. Coque (R.), Carte géomorphologique de la Tunisie présaherienne, Centre de recherches et documentation cartographique et géographique du C.N.R.S., Paris 1965.
3. تنقسم معظم القرى إلى جهتين اثنتين: الجهة الفَاقَا أي تقع في الأعلى والجهة اللاَطَا أي في الأسفل. كما يفيد مصطلح صَوَّبْ الذهاب إلى الواحة، ومن معانيه النزول، فالصّوب هو نزول المطر والتّصوب هو الانحدار والتصويب خلاف التصعيد، أنظر: ابن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث 18 جزء مؤسسة التاريخ العربي بيروت 1992، ج 8، ص 300-301. 
4. "نُطُلْعُو لِلْعِلْوَة لْفُوَقْ بَاشْ نِبِعْدُو عَ النَزْ وِالصْرَدْ اِلْلِي يُضْرِبْ لِحْيُوطْ وِيِخَرِبْهَا"، محادثة مع السيد علي حبيق، 75 سنة، 25 مارس 2008.
5. بِشْرِي اِتْحَوْلَتْ أَكْثَرْ مِنْ مَرَّةْ عَلَى خَاطِرْ الرِمْلَهْ كَلْ مَرَهْ تِرْدِمْهَا وِاِدِبَابِشَهْ اِتْرِدِمَتْ اِبْكُلْهَا وِمَا بِقِي فَاهَا حَتَى حُوشْ اِمْبَيِنْ ومَا نَجْمُوشْ يِوَلَولْهَا كَانْ بِالسِيفْ"، محادثة مع السيد الكيلاني بن بوبكر، 75 سنة، بتاريخ 30 ماي 2008.
6. في الواقع هي خاصية تشترك فيها جميع قرى ومدن الواحات بالجنوب التونسي، أنظر: Kassah (A.), " Tozeur et son oasis, Problèmes d’aménagement d’une ville oasienne ", Les Cahiers d’ URBAMA, N°8, Tours, 1993, p. 52.
7. Kassah, Tozeur et son oasis…, op. cit., pp. 45-56.
8. وزارة الفلاحة، 16 ماي 1972، عن: بن مزهود (البشير)، المسكن في قرى الواحات بنفزاوة، أطروحة في الهندسة المعمارية، المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير، تونس، فيفري 1996، ص 35. 
9. تحيط الواحة بلاد الحضر في بلاد الجريد، أنظر: Kassah (A.), "  Le Sahara Tunisien ou la sédentarisation en voie d’achèvement ", in : In Nomade, l’oasis et la ville ; URBAMA, pp 73-90.
10. الدولاتي (عبد العزيز)، مدينة تونس في العهد الحفصي، المعهد القومي للآثار والفنون، تونس، 1976، ص 27-36، البقلوطي، عمران قابس، نفس المرجع، ص 22.
11. Chaabouni et Gdoura, Contribution…, op. cit, p. 68. 
12. بن مزهود، قرية بشري، نفس المرجع، ص 45
13. Bedoucha (G.), L’eau, l’ami du puissant, une communauté oasienne du sud tunisien, édition des archives contemporaines, 1987, p. 227.
14. نفس الانتشار نجده بقرية المنزل بقابس، أنظر: M’halla (M.) et Garguori-Sethom (S.), " Présentation du Musée de Gabès ", Cahiers des Arts et traditions populaires, N° 9, 1987, pp . 121-139.
15. توجد هذه التفاصيل تقريبا في جميع المدن التونسية العتيقة لاسيما الكبرى منها، أنظر: M’halla (M.M.), " Monastir au 19eme siècle, A propos de la ville et de l’urbanisme arabo-musulman ", Africa, N°13, 1996, p. 245.
16. توجد هذه الميزة بمدن وقرى واحات قابس، أنظر: البقلوطي (الناصر)،"عمران قابس القديمة وعمارتها التقليدية"، مجلة افريقية، المعهد الوطني للتراث، 1988، عدد 10، ص 22 ؛ وكذلك ببلدان واحات بلاد الجريد، أنظر:  Mrabet (A.), L’art de Bâtir au Jérid: étude d’une architecture vernaculaire du Sud Tunisien , contraste éditions, faculté des lettres et des Sciences Humaines de Sousse, 2004, p. 81.
17. بن مزهود، المسكن في قرى الوحات بنفزاوة، نفس المرجع، ص 57.
18. تشترك بعض الأزقة بقرى نفزاوة في هذه الأجزاء المغطاة من الطريق مع قرى الواحات المجاورة، أنظر: البقلوطي، عمران قابس، نفس المرجع، ص 22؛ Mrabet, L’art de batir…, op. cit., pp . 81- 84
19. Bedoucha, L’eau l’ami du puissant…, op. cit., p. 229.
20. (20Zagdoud (A.), La ville de Gebilli, Memoire fin d’Etude d’Architecture, Ecole Supérieur d’Urbanisme et d’Architecture de Tunis, 2000, p. 22.
21. Bedoucha, L’eau…, op. cit., p. 230 ; Chaabouni et Gdoura, Contribution…, op. cit, p. 68.
22. محادثة مع السيد منصف التباسي، 75 سنة، بتاريخ 20 أكتوبر 2011 بقرية ﭭبلي الـﭭـديمة.
23. تذكر بعض المصادر وجود الخنادق في أواسط القرن التاسع عشر، أنظر على سبيل الحصر: أ. و. ت.، السلسلة التاريخية، ص 184، مل 1022، وث 15، وهي رسالة من أمير أمراء العساكر بالساحل إلى الباي بتاريخ 13 صفر 1274 هـ / 30 سبتمبر 1857 م، يصف فيها مقاومة قبلي للمحلة نظرا لوجود الخندق والسور. أنظر أيضا: Bedoucha, L’eau l’ami du puissant…, op. cit., p. 227.
24. في حقيقة الأمر هي ليست بالأسوار كتلك الموجودة بالمدن الكبرى فهي مجرد جدران مرتفعة قليلا تعتبر كحواجز أكثر منها كأسوار، ينظر: Guérin (V.), Voyage archéologique dans la  régence de Tunis, 2T, Paris, 1862, pp. 241-245.
25. علية الصغير (عميرة)، " ملامح من نفزاوة"، مجلة أمل، المغرب، 1999، العدد 9، السنة 10، ص 300.
26. محادثة مع السيد صالح بن علي البليداوي، 73 سنة، بتاريخ 2 ديسمبر 2011 في قرية البليدات.
27. لا يوجد ثراء وتنوع كبير فيما يتعلق بهذا العنصر المعماري بالمعالم الدينية بقرى الواحات القديمة بنفزاوة.
28. تنتشر هذه المعالم في عدة مناطق من البلاد التونسية، أنظر: بوسالمي (حياة)، الزوايا والأولياء بولاية الكاف حسب المصادر الشفاهية (دراسة اتنوغرافية)، ماجستير، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس، 2006. 
29. احتفالات شعبية تقام فيها الاحتفالات الموسيقية ويقدم فيها الطعام.
30. ضيف الله )محمد(، نوافذ على التاريخ نفزاوة، مطبعة بابيريس، دار شعبان الفهري، تونس، 1999، ص 44.
31. محادثة مع السيد عبد العزيز قصيب، 78 سنة، بتاريخ 11 ماي 2010.
32. ابن منظور، لسان العرب، نفس المصدر، ج 3، ص 72.
33. تشمل كل المقابر عامة بنفزاوة، أنظر أيضا: Bedoucha, L’eau…, op. cit., p. 227.
المصادر والمراجع
- أ. و. ت.، السلسلة التاريخية، ص 184، مل 1022، وث 15، وهي رسالة من أمير أمراء العساكر بالساحل إلى الباي بتاريخ 13 صفر 1274 هـ / 30 سبتمبر 1857 م
- ابن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث 18 جزء مؤسسة التاريخ العربي بيروت 1992، ج 8.
- البقلوطي (الناصر)،"عمران قابس القديمة وعمارتها التقليدية"، مجلة افريقية، المعهد الوطني للتراث، 1988، عدد 10.
- بن مزهود (البشير)، المسكن في قرى الواحات بنفزاوة، أطروحة في الهندسة المعمارية، المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير، تونس، فيفري 1996.
- بوسالمي (حياة)، الزوايا والأولياء بولاية الكاف حسب المصادر الشفاهية (دراسة اتنوغرافية)، ماجستير، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس، 2006. 
- دولاتي (عبد العزيز)، مدينة تونس في العهد الحفصي، المعهد القومي للآثار والفنون، تونس، 1976.
- ضيف الله )محمد(، نوافذ على التاريخ نفزاوة، مطبعة بابيريس، دار شعبان الفهري، تونس، 1999.
- علية الصغير (عميرة)، " ملامح من نفزاوة"، مجلة أمل، المغرب، 1999، العدد 9، السنة 10.
- Bedoucha (G.), L’eau, l’ami du puissant, une communauté oasienne du sud tunisien, édition des archives contemporaines, 1987.
- Chaabouni (M.), Gdoura (H),  Contribution à la revalorisation du sud, thèse 3ème cycle, I.T.A.A.U., Tunis, 1982.
- Coque (R.), Carte géomorphologique de la Tunisie présaherienne, Centre de recherches et documentation cartographique et géographique du C.N.R.S., Paris 1965.
- Guérin (V.), Voyage archéologique dans la  régence de Tunis, 2T, Paris, 1862.
- Kassah (A.), "  Le Sahara Tunisien ou la sédentarisation en voie d’achèvement ", in : In Nomade, l’oasis et la ville ; URBAMA.
- Kassah (A.), " Tozeur et son oasis, Problèmes d’aménagement d’une ville oasienne ", Les Cahiers d’ URBAMA, N°8, Tours, 1993.
- M’halla (M.M.), " Monastir au 19eme siècle, A propos de la ville et de l’urbanisme arabo-musulman ", Africa, N°13, 1996.
- M’halla (M.) et Garguori-Sethom (S.), " Présentation du Musée de Gabès ", Cahiers des Arts et traditions populaires, N° 9, 1987.
- Mrabet (A.), L’art de Bâtir au Jérid: étude d’une architecture vernaculaire du Sud Tunisien , contraste éditions, faculté des lettres et des Sciences Humaines de Sousse, 2004.
- Zagdoud (A.), La ville de Gebilli, Memoire fin d’Etude d’Architecture, Ecole Supérieur d’Urbanisme et d’Architecture de Tunis, 2000.
الصور :
- الصور من الكاتب.

 

أعداد المجلة