تدوين التراث الشعبي اللاَّمادي
العدد 67 - أدب شعبي
التصدير:
يقول شيخ الشعر الشعبي التونسي أحمد بن حمد بن سالم البرغوثي
خْيَارْ الْغنِاء مَصْيُوغْ فِي تِرْتِيبَه
خْيَارْ الْغنِاء عَالْحَرَفْ مَا يِعْتَابْ
أهْلِ الفِطَانَه يِكْتبُوهْ كْتِيبَه
يْدِسُّوهْ كِيفْ المِسِكْ فِي اﻷَجْيَابْ
ورد في اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي ما يلي «تعرض التراث الثقافي غير المادي لأخطار التدهور والزوال والتدمير لاسيَّما بسبب الافتقار إلى الموارد اللازمة لصون هذا التراث ويقصد بعبارة الصون التدابير اللازمة الى ضمان استدامة التراث الثقافي غير المادي بما في ذلك تحديد هذا التراث وتوثيقه وإجراء البحوث بشأنه والمحافظة عليه وحمايته وتعزيزه وإبرازه ونقله لاسيَّما عن طريق التعليم النظامي وغير النظامي وإحياء مختلف جوانب هذا التراث»1.
قيمة جمع التراث والتدوين:
يندرج الشعر الشعبي ضمن الآداب الشفوية التي هي قسم من الثقافة الشعبية وهي بدورها تنضوي داخل المأثورات الشعبية وبالتدقيق داخل التراث الشعبي غير المادي فهو من هذه الناحية يشترك مع الفنون والآداب والتقاليد والإبداعات التي تشكَّل الذاكرة الحيَّة للشعوب التي تستمدُّ منها خبراتها وتجاربها وأنماط سلوكها وسُلَّمها القيمي وأساس إبداعها الفنّي وعنصر تميُّزها القومي فهو على حدّ تعبير الباحث أحمد مرسي « يمثِّل قوَّة ثقافيَّة مؤثِّرة ودافعا معنويا ضروريَّا ونبعا روحيَّا لا ينضب ولا يتوقَّف عطاؤه على مرِّ التَّاريخ الإنساني وعلى ذلك فإنَّ جمعه وتوثيقه واستثماره في التنمية هو خير وسيلة للحفاظ عليه وصونِه بمعنى صون هذا الجانب الثري من ثقافة الفرد والمجتمع ذلك أنَّه إذا ضاع وغاب الإنسان الحافظُ له والمحافظُ عليه غاب معه إرث الماضي وضاعت هُويَّته»2.
وهكذا فإنَّ لصون التراث وتوثيقه وجمعه وإبرازه وظيفة ثقافيَّة واجتماعيَّة وانثربولوجيَّة تصبُّ حتما في حماية ثقافات الشعوب وترسيخ أصالتها وثمة وظائف أخرى أهمُّها الوظيفة التنمويَّة الاقتصاديَّة وقد أطلقت اليونسكو ضمن برنامج الأمم المتحدة من أجل تنمية مستدامة 2030 دعوة إلى تنمية مستدامة في المجال الثقافي وخاصة في التراث المادي وجاء في موقع اليونسكو بالعربيَّة « تُعتبر الصناعات الثقافية والإبداعية من أسرع الصناعات نمواً في العالم وقد ثبُت أنَّها خيار إنمائي مستدام يعتمد على مورد فريد ومتجدد هو الإبداع البشري. ويُقصد بمصطلح الإبداع قدرة الإنسان على وضع حلول وأفكار جديدة ومبتكرة نابعة من الخيال أو من مهارة الابتكار»3.
مسرد تاريخي لمراحل تدوين الأدب الشعبي بتونس:
هيمن الأدب الفصيح نثرا وشعرا على الساحة الثقافية باعتباره صورة لأدب النخبة العالمة منطوقا باللغة العربية القياسيَّة الرسميَّة ومكتوبا بها فوقع إقصاء كلّ ما هو ملحون أومَروِيِّ بلهجات العوامّ سواء كان كلاما مرسلا أو أدبا ويمكن اعتبار إرهاصات التدوين والتوثيق الأولى مندرجة في أعمال لم يكن الهدف منها دراسة الأدب الشعبي بل التاريخ وعلى ذلك فإنَّ أوَّل من تطرَّق إلى الأدب الشعبي في البلاد التونسية هو المؤرِّخ العلاَّمة عبد الرحمان بن خلدون في المقدمة وفي كتاب العبر يقول الباحث الفرنسي غاستون بوتول:
«إنَّه – أي ابن خلدون - يورد في آخر مقدمته عددا من القصائد والأغاني باللغة العاميَّة ما قد يكون انتحالا عليه وقد ظُن في بعض المرَّات أنَّ هذي الأغاني مفتعلة وهي مع ذلك توجد حتى في نسخة المقدمة الخطيّة التي كتبت زمن المؤلف فنجدها في مكتبة القرويين بفاس»4.
ولا نعدم إشارات قليلة ولمحات نادرة حول الموروثات الشعبية الشفاهيَّة في كتب أغلبها تاريخيَّة وخاصة في كتاب إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان للكاتب المؤرخ أحمد بن أبي الضّياف الذي تعود أصوله إلى قبيلة بدويَّة في الشمال الغربي التونسي وتنسب إليه مقطوعات جيدة من الشِّعر الشعبي.
ولكن التدوين الحقيقي للشعر الشعبي التونسي قام به مستشرقون غربيون وهم أساسا فرنسيون وألمان بعضهم كان يوسِّع دائرة اهتماماته العلميَّة وتخصصه الاتنولوجي واللساني اللغوي وبعضهم كان مهتمَّا بالفلكلور والعادات وبعضهم موسيقولوجيون وفيهم من كان منهمكا في الدراسات الاجتماعيَّة والسياسيَّة والتاريخيَّة ولا نعدم بعض المهتمين بالأرشيف والتدوين وكذلك كبارالمترجمين العسكريين
ويورد رائد الأدب الشعبي التونسي محمد المرزوقي في كتابه المرجعي «الأدب الشعبي » ما قام به المشارقة من تدوين لمأثوراتهم الشعبيَّة ثم يقول « وفي تونس فلا نعرف لحدِّ اليوم (زمن تأليف الكتاب 1967) بحثا قديما مستقلا في التراث سوى ما يهتدي إليه الإنسان خلال مطالعاته لمختلف الكتب القديمة الأدبية والشرعيَّة والتاريخيَّة من استطراد لذكر العادات والأمثال والتعابير حتى أواخر القرن التاسع عشر المسيحي فرأينا بعض المستشرقين الأوروبيين يتوجَّهون للبحث الخاص في الموضوع..أمَّا التونسيون فلم يتصدَّ لهذا الموضوع فيما نعلم إلاَّ الصادق الرزقي الذي ألَّف كتابا سماه الأغاني التونسيَّة جمع فيه كلَّ ماهو معروف في العاصمة وفي كبريات المدن من عادات وتقاليد في الأفراح والأتراح والمواسم والأعياد وفي الزوايا والمزارات..وبقي تراث الجهات الأخرى وعلى الأخصّ تراث سكَّان البادية والقرى ولم يتعرَّض إليه غير المستشرقين»5.
ويمكن اعتبار بواكير التدوين للأدب الشعبي التونسي ما دوَّنه المستشرق الألماني هانز شتومه في كتابه الموسوم ب «قصائد وخرافات تونسيَّة» وقد صدر سنة 1893 عن جامعة لايبزيغ الألمانية وكان قد أصدر قبل ذلك مجموعا للأشعار الطرابلسية ويحوي كتاب قصائد وخرافات تونسية على نحو 14 حكاية شعبيَّة خرافيَّة 87 نصَّا شعريَّا قصيرا «عُرُوبِيَّاتْ» و21 لغزا «طُلِّيعَاتْ» و20 أغنية شعبيَّة.
ويمكن الوقوف على الجهد الذي قام بها ثلاثة من المستشرقين الفرنسيين الروَّاد في جمع شتات الشّعر الشعبي خاصة وهم بول مارتي وسوناك وبريكاز ولئن اعتمد سوناك وبريكاز على بعض المدونين المحليين الذين جمعوا لهما ما انتقوه لاحقا في منتخباتهم المطبوعة فان بول مارتي قام بالجمع الميداني بنفسه أثناء قيامه بمهمته العسكريَّة في أقصى الجنوب التونسي بمنطقة نفزاوة حيث جمع أشعار قبائل المرازيق والعذارة وأولاد يعقوب وغريب وأغلبها قصائد قديمة قيلت في القرن التاسع عشر وسمى مجمُوعه «قصائد غنائيَّة من الجنوب التونسي» ويعود الجمع إلى سنة 1902 عندما عُيّن مترجما في الفرق العسكريَّة الفرنسيَّة بالجنوب التونسي ( مدنين / الذهيبات/ مطماطة / قبلي / دوز) ولكن نشر هذا الجمع تأخَّر أكثر من ثلاثين سنة حيث نشرته «المجلة الفرنسية» بين سنتي 1937/1938(Revue tunisienne).
وسيلحق بهذه الكوكبة من المستشرقين آخرون انطلاقا من ثلاثينات القرن العشرين وسيستمر جهدهم إلى أواخر السبعينات وستنشر أعمالهم في مجلة اختصَّت في نشر الدراسات والأبحاث والتوثيقات المتَّصلة بالثقافة الشعبيَّة عموما وبالأدب الشَّعبي خصوصا وهي مجلة الآباء البيض «ايبلا».
ومثَّل انتشار الصحف الهزليَّة والشعبيَّة منذ الثلث الأوَّل من القرن العشرين طفرة نوعية في تدوين الشعر الشعبي التونسي ونشره على قطاع واسع وهو ما دفع بجيل جديد من الشعراء الشعبيين والزجَّالين ومؤلفي الأغاني الشعبية إلى البروز والشهرة (منهم قاسم شقرون والجيلاني الوحيشي ومحمد بن فضيلة وعلي الدُّوعاجي وآخرون) ومن أهم الصحف التي تصدَّرت هذا المجال مجلة جحا وجحجوح حيث نشر الشاعر الشهير عبد الرحمان الكافي قصائده النقدية والساخرة ثم ظهرت صحيفة «الزهو» التي خصَّصت الحيِّز الأكبر من منشوراتها للشعر الشعبي و«الشَّباب» التي أصدرها الشاعر الزجَّال محمد بيرم التونسي وجريد «السِّتار» للشَّاعر الهزلي حمَّادي الجزيري وجريدة «السَّردُوكْ» و«بالمكشوف» وتواصل اهتمام الصُّحف التونسيَّة بنشر وتوثيق الشعر الشعبي التونسي مع صحف السبعينات والثّمانينات وخاصة جريدة «القَنْفُودْ» و«بلادي».
ويجدر بنا أن نقف على الجهد الجبَّار الذي بذله المرزوقي في تدوين التراث الشعبي والشعر منه خاصَّة لاسيَّما عند تولَّيه إدارة الأدب الشعبي بوزارة الثقافة وهو ما ينقله أحد مريديه وتلامذته وهو السيد محيي الدين خريَّف حيث يقول:
وقد كان لأستاذنا المرحوم محمد المرزوقي الفضل الكبير في جمع هذا الشعر وتصنيفه وتدوينه فهو الذي أهدى جزءا غاليا من حياته في سبيل جمعه وطاف متنقلا بين القرى والمضارب والمنازل القصيَّة ليسجَّل ما تلاشى..يدفعه الحس القومي والذوق السليم والغيرة الكبيرة لإبراز ما في الشعر الشعبي من خصوصية وإبداع..وقد تراكم هذا التراث بخزينة «قسم الأدب الشعبي بوزارة الثقافة حتى لم نعد نستطيع الوصول إلى ما نحتاج إليه إلا بصعوبة بالغة ولذلك رأت الوزارة أن تصنِّف هذا الرصيد الضَّخم من الأدب الشعبي في مجال الشعر أو المقولات الشعبية او الأساطير..ووجدت نفسي أمام ما يقارب المائة والأربعين مجلَّدا قد يصل المجلَّد الواحد فيها إلى اربعة أجزاء»6.
ونشر المرزوقي بعضا من هذا الجهد التدويني فصدر له كتاب أحمد ملاَّك وديوان الفيتوري تليش وملحمة حسونة الليلي ومختارات من محل شاهد وعبد الصمد قال كلمات وقد قدم المرزوقي غير قليل من جهده أيضا في برامج إذاعيَّة متعددة فعرف بالشعراء وأشعارهم على مدى عشرين عاما من 1962 إلى 1981 ومن أشهر برامجه الجماهيريَّة الأدب الشعبي وجولة في الشعر الشعبي وشعراء من الماضي وشعراء أبطال وهي برامج كان يتابعها الناس خاصَّة في البوادي والأرياف وأعماق البلاد وقد بقيت أغلب المجموعات بكرا أو مخطوطات وقع تجميعها وضبطها7.
وقد قام الدكتور رياض المرزوقي بعملية ضبط رصيد المكتبة الوطنية من دواوين الشعر الشعبي التي جمعها الفريق الذي ترأسه والده محمد المرزوقي طيلة إشرافه على مصلحة الأدب الشعبي ونورد هذا الرصيد في الجدول التالي
1. رصيد الشعر الشعبي في دار الكتب الوطنية بتونس- القسم الأول:
الدفتر 1. ديوان قبيلة غريب
2. ديوان منصور بلحسن
3. ديوان أحمد الزنطور
4. ديوان عبد العزيز العمراني
5. ديوان الحاج عثمان الغربي
6. ديوان شعراء طرابلس
7. ديوان حبيب بن عبد اللطيف المرزوقي
8. ديوان عمر بن عبد الملك المرزوقي
9. ديوان محمد المولدي العويني
10. ديوان منصور العلاقي
11. ديوان الطالب بن بلقاسم
12. ديوان عثمان العثماني
13. ديوان شعراء ولاية تونس
14. ديوان عثمان العثماني وعلي العثماني
15. ديوان التهامي الكبير
16. ديوان الهادي بن سليمان
17. ديوان شعراء مختلفين
18. ديوان عمر بن سالم وبلقاسم الزلطني
19. ديوان محمد الصغير السالمي
20. ديوان عمر بن سالم
21. ديوان محمد الصغير ساسي وعمر الكافي
22. ديوان صالح بو راس وبو راس المحمودي
23. ديوان شعراء ولاية مدنين
24. ديوان الحاج عمر الخذيري
25. ديوان حمادي الزريبي
26. ديوان أحمد الزاوية
27. ديوان أحمد بن موسى
28. ديوان الهاشمي المدني
29. ديوان صالح بن جامع
30. ديوان محمد الفرحان
2. رصيد الشعر الشعبي - القسم الثاني:
الدفتر 31. ديوان الطاهر الإمام
32. ديوان شعراء باجة وبنزرت ونابل وجندوبة
33. ديوان محمد الشاوش الشحيمي
34. ديوان شعراء ولاية الكاف
35. ديوان سالم بو خف
36. ديوان إبراهيم الربيعي
37. ديوان أحمد بن عبد الله الربيعي
38. ديوان عبد الله بن زكري
39. ديوان عمر بن دبيرة
40. ديوان الغزالي بن أحمد
41. ديوان محمد الغزال الكثيري
42. ديوان أحمد معتوق
43. ديوان سالم الأحمر
44. ديوان أحمد السماوي
45. ديوان محمد انبيخة
46. ديوان صالح الملايكي
47. ديوان العربي النصراوي
48. ديوان عمر البجاوي
49. ديوان علي بن محمد بن جليلة
50. ديوان الزلطني العداوي
51. ديوان إبراهيم بن احمد
52. ديوان منصوري ولد الحاج
53. ديوان قاسم شقرون
54. ديوان الهادي بو كوبة - محمد المرودي - منصور الهوش - العروسي سنوسي - محمد بو رخيص
55. ديوان مسلم ميلاد
56. ديوان محمد ولد الجمل
57. ديوان أولاد بن ضو مبروك ونصر
58. ديوان عبد الرحمان الكافي
59. ديوان عمر السعيدي
60. ديوان الصادق الزرلّي
3. ملاحظات على أخطاء التدوين في مدوَّنة الشعر الشعبي التونسي (2015)
أصدرت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية في فيفري 2015 مدونة للشعر الشعبي من عشرة أجزاء وكانت الوزارة وفق ما نصَّت عليه الصفحات الأولى للمدونة صاحبة المشروع والمشرفة عليه قانونيَّا وأدبيا والمدوَّنة عمل جماعي مثلما أشارت صفحة التصدير وهو «جمع وتحقيق» تكفلت به لجنة علميَّة مكونة من بعض أساتذة الحضارة والتراث الشعبي والأدب العربي منهم الحفناوي عمايريَّة ومحمد رؤوف بلحسن والحبيب الحمدوني والهادي جلاَّب وأحمد الخصخوصي وأحمد خواجة وقام الحبيب الحمدوني ومنصف الحنَّاشي «بالإصلاح المطبعي واللغوي» وقامت الدار العربيَّة للكتاب بطبع المدوَّنة.
ورغم محدوديَّة النشر نتيجة صعوبات قانونيَّة ظاهرة ونتيجة انتقاد واسع من المختصين والباحثين فإنَّ الوزارة تولت توزيع المجلَّدات على المكتبات العموميَّة وعلى المؤسَّسات الثقافيَّة وشاركت به في معارض وطنية وعربية8.
ولا يعتبر الانتقاد الواسع الذي لقيته المدونة تجريحا في كفاءة المشرفين على العمل بقدر ما هو وقوف على الأسباب العلميَّة والموضوعيَّة للأخطاء الفادحة التي شوَّهت القيمة الجمالية والمرجعيَّة للتراث الشعري الشعبي التونسي.
التجارب العربية والعالمية في تدوين الآداب والمأثورات الشعبيَّة:
بدأ الاهتمام بصون التراث الثقافي العالمي من قبل منظمة اليونسكو منذ العام 1972 ففي هذا العام ظهرت اتفاقيَّة حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ولم تصدر التوصية بصون الثقافة التقليدية والفلكلور إلا في عام 1989 وبعد عشر سنوات 1999 أرسلت التوصية إلى دول العالم لدراستها وتقييمها ثم وقع توقيع الاتفاقيَّة العالميَّة بشأن حماية التُّراث الثقافي غير المادي سنة 2003
1. التجربة المصريَّة في توثيق المأثورات الشعبيَّة
تعتبر التجربة المصريَّة تجربة رائدة في المنطقة العربيَّة رغم حجم العراقيل والصعوبات وطول المدى الزمني للإنجاز.
لقد قام مركز الأرشيف المصري للمأثورات الشعبيَّة منذ تأسيسه إلى موفَّي 2013 بجمع أهمّ التراث الشفوي المادي واللامادي وتوثيقه ونسخه في أقراص ووضع منصَّات رقميَّة لأهم أعمال التجميع والتوثيق ومنها الأغاني والمواسم والاحتفالات والعوائد والاعتقادات الشعبية والسير والملاحم والأشعار والأزجال وهو ما مكن من تسجيل أكثر من 82 عنصرا تراثيا شعبيا على قوائم الحصر في منظمة اليونسكو وفقا للاتفاقيَّات الخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي ووقع تثمين المجهود التوثيقي المصري ووافق وزراء الثقافة العرب في اجتماع الدوحة سنة 2011 على اعتماد التجربة الأرشيفيَّة المصريَّة والبدء في إنشاء أرشيف عربي تراثي مماثل يقول طارق المالكي :
«ويأتي ظهور مكنز الفولكلور من ثمرات هذا المشروع الذي سيعد مرجعا نستند إليه في حماية الفولكلور وأداة علمية نتمكن من خلالها من بناء قاعدة بيانات إلكترونية تقوم على توحيد المصطلحات والمفاهيم الخاصة بالتراث الشعبي ولن تقف قاعدة البيانات عند الحدود الجغرافية لمصر وإنما ستمتد لتغطية المأثورات الشعبية للمنطقة العربية في منهج موحد لجمع عناصر المأثور الشعبي العربي »9.
وكان من أهمّ الإنجازات هو صدور «مكنز الفلكلور المصري » وهو موسوعة ضمَّت أكثر من 6000 واصفة تراثيَّة شعبيَّة بإشراف الدكتور«مصطفى جاد» عن مركزتوثيق التراث الطبيعي والحضاري بمكتبة الإسكندرية وغطَّى مواضيع الفلكلور بمجالاتها المختلفة وحاز اعتراف أغلب المنظَّمات الدوليَّة
ويشير الباحث طارق المالكي إلى بعض النقائص في المشروع بقوله:
«لكن هذه الطموحات للأسف تصطدم بمشكل إدارة مكنز الفولكلور؛ حيث إنَّها اعتمدت على الجهود الفرديَّة لمصطفى جاد في الإعداد وإن قامت بنشره هيئة علمية كبيرة ما يجعله لايصل إلى درجة المعيارية باعتبار أن المعياريَّة والتقييس هو ثمرة عمل جماعي يساهم في إعداده فريق متكامل من المتخصصين والفنيين في الميدان»10.
وما أشار اليه الباحث طارق المالكي فيما يخص مكنز الفلكلور يصدق أيضا على العمل الضخم للدكتور محمد الجوهري الذي قام بمحاولة تدوينيَّة هامَّة للتراث الشّعبي العربي في ستة مجلَّدات صدرت سنة 2012 مستعينا بكثير من الباحثين ودعا في أخر عمله إلى مزيد إثراء العمل والإضافة عليه
2.تجربة تدوين الشعر الشعبي الجزائري
تعود عملية تدوين الشعر الشعبي الجزائري إلى منتصف القرن التاسع عشر علي يد باحثين ومترجمين ومستشرقين فرنسيين من أقدمهم المترجم الفرنسي «هانوتوا» بعنوان الشعر الشعبي في قبائل جرجرة سنة 1867 ثم تبعه «رين» و«ألوسياني» ونشر «الكسندر جولي» مجموعا من أشعار البدو الرحل في الجنوب الجزائري سنة 1900 11.
وتتالت الجهود الجزائريَّة الرسميَّة والأكاديميَّة في توثيق الشعر الشعبي الجزائري وكذا الحكايات والأمثال والعادات بعد أن أصبح للشعر الشعبي كرسيّ في الجامعات الجزائرية وأُعدت عشرات أطاريح الماجستير ورسائل الدكتوراه اشتغل كثير منها على عمليات التدوين والتوثيق والجمع والضبط البيبلوغرافي كما قام كثير من كبار أساتذة الأدب الشعبي في الجامعات الجزائريَّة بجمع دواوين شعراء جزائريين قدامى ومعاصرين ومن الأساتذة عبد الحميد بورايو والعربي بن دحو وأحمد زغب وغيرهم
ويمثل المعجم البيبليوغرافي الذي قام به الباحث «أحمد أمين دلاي» تتويجا لمسار بحث طويل ويتكوَّن معجم «شعراء الملحون المغاربي» معجم بيبليوغرافي من أربعة مجلدات، يتكوَّن المجلَّد الأوَّل الذي يقع في 143 صفحة من عدد كبير من الكتب والمقالات والسير الذاتية إضافة إلى عدد من المخطوطات..وفي المجلد الثاني الذي يقع في 614 صفحة تناول المؤلف شعراء الملحون الجزائري (980 شاعرا) واعتمد عددا كبيرا من المراجع والمخطوطات... والمجلد الثالث خُصص لشعراء الملحون من المغرب (122 شاعرا) ويقع المجلد في 397 صفحة وقد اعتمد فيه الكاتب على مراجع أهمها معلمة الملحون لمحمد الفاسي والقصيدة والزجل في المغرب لعبَّاس الجراري.. وفي المجلد الرابع جمع المؤلف شعراء الملحون في تونس وعددا قليلا من ليبيا (328شاعرا) ويقع في 160 صفحة...وعموما تميَّز عمل المؤلف بمقدرته على رصد نصوص وجمع مرويات من مصادر كثيرة كان سيكون مصيرها الضياع لأنَّها لم تحفظ في كتب ولم تصل إلى الدارسين «وتظهر أصالة العمل من خلال تأسيسه لحقل بحث لم يُطرق أكاديميا واعتمد فيه على منهج أكاديمي علمي في انتظار أن يتواصل الاشتغال على هذه المدونات بعد الجمع والإحصاء»12.
3.التجربة المغربية في صون وجمع التراث الشعبي:
وهي تجربة احتذت التجربة المصريَّة ووصلت إلى إصدار مكنز مغربي جامع للمأثورات الشعبيَّة وقد أشرف على العمل المركز المغربي للتراث الشعبي والمخطوطات فتكوَّنت لجنة من المختصين والخبراء على رأسهم الدكتورة سعيدة عزيزي وغطَّى المكنز أربعة مجالات تراثية هي المعتقدات والمعارف الشعبيَّة والعادات والتقاليد والثقافة الماديَّة والأدب الشعبي وكان عملا مهمَّا جدَّا سدَّ حاجة الباحثين والدارسين الذين يشتكون من ندرة المصادر والمراجع في أعمالهم الأكاديمية خاصَّة.
ولا يمكن إغفال عمل توثيقي مهم بإشراف الأكاديمية الملكيَّة المغربيَّة هو معلمة الملحون لمحمد الفاسي التي صدرت عن الأكاديميَّة المغربية ورصدت أهم معالم الملحون المغربي وأعلامه وضبطت موازينه القياسية ومعجمه النقدي وموضوعاته الكبرى13.
4. التجربة الأردنيَّة في جمع التراث الشعبي:
قرَّرت مديريَّة التراث بوزارة الثقافة الأردنيَّة إحياء التراث الأردني وحفظه من الضياع، من خلال تكوين قاعدة معلومات أردنية في مجال المأثورات الشعبية وذلك بعد جمع الألفاظ المتداولة وشرح معانيها وضبطها وتشكيلها، وتعتمد قاعدة المعلومات هذه على النص المكتوب والصور الفوتوغرافية وأفلام الفيديو والنص الصوتي14.
وقد نهضت بهذا المشروع خمس جامعات أردنية هي جامعة مؤتة وجامعة اليرموك والجامعة الهاشمية والجامعة الأردنيَّة وجامعة الزيتونة الخاصَّة وقد تكونت لجنة من الأكاديميين والخبراء برئاسة الدكتور هاني العمد لتولي هذا المكنز الأردني وضبطت خطَّة عمل أهمّ ما فيها اختيار الموضوعات التراثيَّة المُراد تجميعها وضبط الخطة التنفيذيَّة والتمويليَّة والإدارية للمشروع والمناقشة الدوريَّة للأبحاث المجمَّعة وتعديلها وضبطها ليقع أخيرا حوسبة جميع المعطيات التراثية لتعرض في منصة ألكترونية تابعة لوزارة الثقافة.
5. بعض التجارب الخليجيَّة في تدوين التراث الشعبي اللاَّمادي:
بادرت سبع دول خليجية هي الإمارات والسعوديَّة والبحرين والكويت والعراق وعمان وقطر في 22 نوفمبر1981 بتأسيس مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية وجاء في مادته الخامسة « أنَّ المركز يهدف اإلى جمع وتدوين وتحقيق كل ما له علاقة بالثقافة الشعبية بدول الخليج العربية والتي تمثل روح الشعب وإبداعاته المختلفة على مرَّ الأزمان» 15.
وفي ردّه على سؤال صحفي حول عملية التدوين يقول الدكتور علي عبد الله خليفة «للأسف منطقة الخليج والجزيرة العربية فشلت فشلا ذريعا في تدوين التراث الشعبي ويُحسب لها في التاريخ أنَّها أنشأت مركز التراث الشعبي قبل عشرين سنة والذي ظلَّ فترة ثم أقفل والجهود الرسميَّة والمحليَّة والإقليميَّة فشلت في أن تتَّفق على جمع المادة.....أقدِّر للمدونين القدماء من الشعراء الذين كتبوا دفاتر ودوّنوا الكثير من الأشعار ومن القصائد النبطية والأهازيح جهدهم ولكنَّ كمَّا هائلا من التراث الشفوي غير مدوَّن فالحكاية الشعبيَّة لم تدوَّن..إنَّ حكاياتنا الشعبية في البحرين تكاد تضيع وتضمحل»16.
وبعد دعوة الدكتور علي عبد الله خليفة بعشر سنوات وقع تجميع ونشر موسوعة «الحكايات الشعبية البحرينية ألف حكاية وحكاية » التي تعدُّ أكبر مجموع حكائي شعبي عربي وتتكون من خمس مجلدات ضخمة ومن 2500 صفحة وجمعت أكثر من 1000 حكاية شعبية ويمثِل هذا العمل التدويني أنموذجا مصغَّرا لعملية التوثيق العلمي فقد «نهضت به جامعة البحرين برعاية رئيس الجامعة الدكتور رياض يوسف حمزة ومشاركة رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي علي عبد الله خليفة وعدد كبير من الأساتذة والطلبة والمثقفين والمهتمين بالتراث والفلكلور الشعبي واستغرق إنجاز هذا العمل الضخم عشرة أعوام وعمل 100 طالب وطالبة على إجراء عملية مسح وتدوين وتحقيق الحكايات الشعبيَّة من 1200 راو وراوية يتوزعون بين قرى ومدن البحرين تتراوح أعمارهم بين 50 و82 سنة وتم المشروع بالتعاون بين مجلة «الثقافة الشعبيَّة للدراسات والبحوث والنشر »و«المنظمة الدوليَّة للفن الشعبي».. وخضع المشروع برمته إلى التحكيم العلمي وأشرفت على لجنة التحكيم الدكتورة نور الهدى باديس»17.
وتجسّد التجربة السعودية في توثيق التراث الشعبي التراكم التاريخي والصعوبات وآفاق التوثيق والتحقيق فقد وقع جمع تراث البادية السعودية في نجد خاصة منذ أواخر القرن التاسع عشر من خلال مستشرقين ورحالة وإتنولوجيين من أمثال الفنلندي «جورج أوغيست والين» (1811/1852) و«يوهان فريتشاين الألماني» و«روبرت مونتان» ويشير الباحث عمر عبد العزيز السيف أنَّ الكتابات بدأت بأقلام عربيَّة وسعوديَّة في منتصف القرن العشرين فقد ألَّف محمد سعيد الكيَّال «الأزهار النادية في أشعار البادية» في ثمانية عشر جزءا وجمع أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري أشعار الدواسر وجمع خالد الفرج «ديوان النبط مجموعة من الشعر العامي في نجد» كما جمعت الحكايات الشعبية كما في كتاب «أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب» وكذلك الأهازيج الشعبية كما في «الأغاني الشعبيَّة في المملكة العربية السعودية» لهند باغفار وكانت هناك جهود لجمع الأمثال الشعبيَّة «كموسوعة الأمثال الشعبية» للجهيمان... بيد أنَّ تجربة الأنثربولوجي سعد الصويَّان أستاذ علم الإنسان بكلية الآداب في جامعة الملك سعود تبقى الأبرز والأكثر علميَّة حيث أشرف بين عامي 1983 و1990 على مشروع« جمع الشعر النبطي من مصادره الشفهيَّة كما أشرف بين عامي 1991و 2001 على المشروع الوثائقي للثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية الذي صدر في اثني عشر مجلدا يقع كل منها في 500 صفحة وشارك في تأليف المجلَّدات عشرات المختصين والأكاديميين والمهتمّين بمختلف جوانب الثقافة الشعبيَّة»18.
6. التجربة العراقية في تدوين التراث الشعبي:
يمكن ان نعتبر أنَّ أهمَّ عمل توثيقي علمي للتراث الشعبي العراقي ما قام به الدكتور خير الله سعيد في « موسوعة التراث الشعبي العراقي» وقد استغرق في تدوينها نحو عشر سنوات ونيّف ونشرها في عشر مجلَّدات ضخمة شملت أغلب المأثورات الشعبيَّة العراقيَّة وقد خصَّ الّأدب الشعبي بأربعة مجلَّدات من موسوعته يقول الدكتور خير الله سعيد «وكان الحافز الأرأسُ للشروع بالكتابة هو صدور موسوعة التراث الشعبي العربي بأجزائها الستة تحت إشراف الدكتور محمد الجوهري وبمساعدة فريق علمي مكون من 21 باحثا متخصصا في التراث الشعبي عام 2012 حيث وجه الدكتور محمد الجوهري دعوة في الجزء السادس ص15 أهاب بها كافَّة الزملاء العرب المشتغلين بدراسة الفلكلور في شتى أنحاء العالم العربي إلى تدارك النقص في التغطية لموسوعة التراث الشعبي العربي فلبيَّنا هذا النّداء من جهة ومن جهة أخرى هو وجود نقص كبير جدا في المواد المنشورة عن التراث الشعبي العراقي ناهيك عن الأخطاء الفظيعة التي كتبها باحثون عرب ومصريون عن التراث الشعبي العراقي»19.
7. التجربة الإسبانية في تجميع التراث الشعبي:
تمثل التجربة الإسبانية أكثر التجارب حداثة لتثمين المأثور الشعبي وصونه ونشره عبر الوسائط الرقميَّة فبعد أن قامت وزارة التربية والثقافة والرياضة الإسبانية بإعداد مكنز جامع لتراثها الثقافي الشعبي قامت في 19 اكتوبر 2019 بحوسبة المكنز التراثي عبر اعتماد لغات الويب الدلالية RDF (RDF/XML, Notation3,RDF..JSON, JSON-LD) وقد حدَّدت الوزارة هدفها من المكنز والتجميع ب « تعريف المواطنين بالثراء الثقافي الإسباني من خلال المفردات المستخدمة في تحديد وتصنيف ووصف وفهرسة التراث»20.
8. التجربة الأمريكيَّة في تجميع التراث الشعبي وتثمينه:
يكشف نجاح التجربة الأمريكيَّة في صون التراث اللامادي وتجميعه علميا ونشره بطرق ميسرة أهمية التعاون بين الجهات الحكوميَّة والجمعيَّات التراثيَّة والمموِّلين مثلما يؤكّد قيمة الضبط الحاسوبي واستغلال ما تتيحه علوم الإعلامية من طرائق ذكيَّة لحفظ المعلومات وتنظيمها ونشرها بأيسر السُّبل يقول الباحث المغربي طارق المالكي « وضعت جمعيَّة الفولكلور الأمريكية رهن إشارة كل باحث في الفولكلور على شبكة الأنترنيت مكنزا ضخما أحادي اللغة يضم 17٫210 واصفة، تغطي ثلاثة مجالات أساسية وهي الفولكلور، علم موسيقى الشعوب والإثنولوجيا، وقد طورت الجمعية المكنز بالتنسيق مع مركز الفنون الشعبية الأمريكية التابع لمكتبة الكونغرس مدعوما ماديا من قبل مؤسسة اندرو ميلون ويحتوي المكنز الإثنولوجي الأمريكي على خمسة وعشرين قسما رئيسيا ويندرج تحت كل قسم رئيسي عدة فروع، وهكذا يتشعب المكنز إلى أن ينتهي إلى الواصفة التي ليست لها فروع»21.
مقترح مشروع التدوين والأرشفة
1. المنطلقات الأساسية :
بينت التجارب العربية والعالمية الناجحة في تجميع التراث الشعبي غير المادي وخاصة ما يتصل منه بالأدب والشعر أنَّ من شروط تقدم المشروع واستمراريته وتنفيذه :
1. إشراف الدولة عليه عبر وزارة الثقافة وإدارتها تصوُّرا وتخطيطا ومراقبة وتنفيذا وتمويلا مع الشراكة مع منظمات عالميَّة وعربيَّة كاليونسكو والألكسو وجامعة الدول العربية
2. تكليف لجنة علميَّة أكاديميَّة على رأسها مختص في الأدب الشعبي تعمل على شكل فريق متكامل شبه متفرغ لإنجاز المشروع وفق سقف زمني معلوم
3. التنسيق مع الجمعيات والهيئات ّوالمنظَّمات والأفراد باعتبارها جهات مساعدة وداعمة ومموَّلة مع الاستئناس برأيها وتوجيهها
4. تقسيم اللجنة المشرفة إلى خمس لجان قد تشترك في بعض مراحل العمل وهي لجنة التجميع ولجنة التنسيق والفرز ولجنة التوثيق والرقن والنشر ولجنة التسجيلات الصوتية والمرئيَّة ولجنة المنصة الرقميَّة
5. الالتزام التام بالمعايير الدوليَّة والعلميَّة للتوثيق والصون والتقييس
6. إمكانيَّة الاستعانة بخبراء دوليين مختصين خاصة في مجال التوثيق الرقمي الدلالي
7. تخصيص مركز وطني للمأثورات الشعبيَّة والتراث غير المادي يكون أوَّلا مقرَّا للجنة توثيق وصون الثقافة الشعبية التونسية ثم متحفا ومركزَ بحث ومكتبة كبرى ووضع التراتيب القانونية والإداريّة واللوجيستيّة له
8. التركيز على توثيق الأدب الشعبي أولا ثم التعبيرات الثقافية الشعبيَّة غير الماديّة ثم الفنون الشعبيّة (سيقع تفصيل هذه المجالات لاحقا)
9. وضع التراتيب الإداريَّة والقانونيَّة لعمل لجنة التوثيق وحماية حقوق المؤلفين والشعراء ومنع استغلال الأعمال الموثَّقة أو المجمَّعة لغايات ربحيَّة وتجاريَّة ودعائيَّة
2.مجالات توثيق التراث الثقافي اللامادي التونسي:
يوضح الجدول التالي أهم المجالات التي يشملها التوثيق بمختلف الطرق غير أنَّ ثمة مجالات في الثقافة المادية الشعبية شديدة الارتباط بالموروث اللامادي غير مذكورة لضرورة إجرائيَّة تمييزيّة ويبقى هذا الجرد الموضوعي قابلا للإضافة والتحيين ولكنَّه يمثّل مكنزا تونسيا للتراث الثقافي غير المادي :
الأدب الشعبي |
الفنون الشعبية |
||
الشعر الشعبي |
التحقيب الزمني / الأغراض الكبرى/ طبقات الشعراء/ الأوزان /المعجم النقدي الخ..... |
الموسيقى الشعبيَّة |
الطبوع والإيقاعات الركروكي / السوفي/ الفزاني / البطايحي/ الحجالي/المزموم..الخ ( الاستعانة بخبراء في الموسيقي لضبط السلم والنماذج وتسجيلها صوتيا لتوثيقها) |
السير الشعبية |
التغريبة الهلالية / سيرة ماطوس/ سيرة غيلان/ سيرة ولد قليد النجع الخ.. |
||
الملاحم الشعبية الحربية والعاطفية والسياسية |
ملحمة حسونة الليلي / ملحمة غومة المحمودي / ملحمة زملة البرمة/ ملحمة جبل وسلات / الدغباجي /بن سديرة / الجربوع الخ.. |
||
الحكايات الخرافية والأساطير الشعبية |
علي وراس الغول/الرهبان/ سبع صبايا في قصبايا/ الخ |
الرقص الشعبي |
رقصات الطبل رقصات الحرب والفروسية رقصات الأفراح الرقص البدوي (الميازي) الربوخ (اعتماد الوصف توثيقا والصور والفيدوهات |
القصص الشعبي الديني |
الجمجمة / قصة الجمل والنبي/ قصدة سيدنا عيسى/الخ |
||
الأغاني الشعبية |
الاطراق / الاصوات/ الانواع/ المناسبات (الزرع الحصاد الولادة الأعراس الرحى الخ) |
||
الأمثال الشعبية |
اعتماد الموضوعات والحرص على الإحصاء الشامل مع إضافة الأبيات الشعرية في أواخر محلات الشاهد |
||
الألغاز والأحاجي (التشنشينة) |
الألغاز الشعرية /الألغاز المنثورة/ المعميَّات/ الرباط |
الألعاب الشعبية |
ألعاب الصبيان والشباب والكهول والذكور والإناث (توثيق الطرائق والتنوع الجهوي بالنصوص والصور والملفات الصوتية والمرئية) |
الفكاهة والنوادر (الهَلَسْ) |
(اعتماد الموضوعات) نوادر جحا باللهجات التونسية/ النوادر الجريدية والصفاقسية/ الحيل والملاعب |
||
التعبيرات الشعبية الدارجة |
تعبيرات دينية واجتماعية وتاريخية ومناطقية (مدحا وذما) |
||
نداءات الباعة |
يمكن توثيقها صوتيا وكتابيا واعتماد التنوع وانواع السلع والبضائع |
التصوير الشعبي |
صور السيرة الهلالية / صور الأنبياء والصالحين/ صور العوالم العجائبية/ صورالطبيعة والأسفار/ صور الجمال الأنثوي/ صور التراث الشعبي من منظور داخلي وخارجي |
المعضلات اللسانية |
التراكيب صعبة التكرار والإعادة (مع الشكل التام وذكر أدنى محاولات التكرار) |
||
الأدعية |
أدعية السفر والحج والزواج والمعايدات والتعازي والاستمطار والتظلم والرجاء الخ |
||
الرقى والتعويذات والعزائم |
رقى العين والتحصين والاستشفاء والاذى وتسخير العوالم الغيبية (الملائكة والجن) وعزائم الجلب والتسخير والتدمير وتعويذات الصبيان الخ.. وهي الرقى المنطوقة حصرا باللهجات العامية التونسية |
الدراما الشعبية |
الكاراكوز/التمثيليات الشعبية (أمك رحمونة/ الاستعانة بكتاب الأغاني التونسية للصادق الرزقي |
مراحل توثيق التراث الشعبي اللامادي:
1. مرحلة التجميع :
تقوم لجنة التوثيق والتجميع على عملية ترحيل المصادر التراثية المجموعة سابقا إلى المركز الوطني للمأثورات الشعبيَّة وإلى المكان المخصَّص لعمليات التجميع والفرز والتوثيق وتتم عملية الترحيل عبر:
1. قرار بجلب المجلَّدات والآثار والوثائق الموجودة بالمكتبة الوطنية التونسية بعد جردها وترقيمها
2. تحميل أغلب الصُّحف التونسيَّة المختصَّة في نشر الأدب الشعبي المرقمنة وطباعة الصحف غير المرقمنة
3. مراسلة المندوبيَّات الجهويَّة للثقافة بالتعاون مع لجنة التوثيق ومدّها بكل المعطيات والمحامل والوثائق المتَّصلة بالأدب الشعبي والمأثورات الشفويَّة والمرويَّات التي بحوزتها
4. مراسلة مركز النجمة الزهراء للموسيقى العربية بتمكين اللجنة من تسجيل مرويَّات الشعر والآداب الشعبية والفنون لضمها الى الرصيد التوثيقي
5. مراسلة الجهات الأجنبيَّة التي تتوافر فيها أرصدة التراث الشفوي التونسي لاستجلابها
6. التعاون مع جمعيَّات الأدب الشعبي والمنظَّمات والهيئات لتجميع أرصدة الآداب والفنون
7. التعاقد مع الرواة والشعراء والحفظة والمردَدين والحكَّائين وتكليفهم بجمع المرويَّات المطلوبة مع حفظ حقوقهم المادية والمعنوية
8. تجميع أهم الدواوين والمختارات والكنَّاشات والكرَّاسات والمخطوطات والأبحاث والدراسات والأطاريح المتَّصلة بالآداب والفنون الشعبية لدعم الموارد ولإثراء مكتبة المأثورات
2. مرحلة الفرز والحصر:
- يقع اختيار النماذج الهامة والمكتملة رواية وتدقيقا وشرحا وترتيبها حسب الأولويَّة وخضوعها لشروط التوثيق العلمي والمقاييس العالمية لتكون البواكير الأولى التي تتفق عليها اللجنة المحكَّمة.
- تقع الاستعانة بخبراء الأرشيف والمكتبية وخبراء تحقيق المخطوطات.
- يقع تصنيف المواد حسب الجودة الأصليَّة ثم الوضعيَّة المقبولة فالمتوسطة فالضعيفة فالرديئة فالتالفة كما يقع تصنيف المرويَّات والتسجيلات والملفَّات والصور بنفس التقييس.
- تخضع عملية التوثيق الورقي والأرشفة في مجال الآداب الشعبية إلى نماذجها الأصليَّة ونظام تصنيفها بينما يقع اعتماد النظام الدلالي الرقمي لاحقا.
- تتولى لجنة الفرز التأشير على المواد المقبولة وتضع الملاحظات التوجيهية والتنفيذية لتستعين بها لجنة التوثيق والرقن والطبع.
3.مرحلة التوثيق والرقن والأرشفة والطبع:
- تتولى اللجنة تصنيف الموارد حسبما هو مبين في جدول مجالات الأدب والفنون التراثية بعد أن تم فرزها وتأشيرها ليقع توزيعها على الراقنين والكتبة.
- يقع اختيار عدد كاف من الراقنين (نقترح عدد عشرة راقنين مبدئيَّا) وتقسم بينهم المهامّ حسب جدول موضوعاتي وزمني.
- يخضع الكتبة والراقنون إلى دورات تدريبيَّة وتكوينيَّة وإعلامية يشرف عليها رئيس اللجنة وخبراء التوثيق والمكتبية وتحدد مواضيعها وطرائقها انطلاقا من الرؤية العامة لمشروع توثيق التراث الشعبي التونسي.
- يقدم الراقنون أعمالهم إلى رئيس اللجنة ليقع تصويبها وتحقيقها وإصلاحها وتوجيه المكلَّفين بها ويتم هذا العمل بعد إنجاز كل عمل يومي.
- يقع تأشير الأعمال الكاملة المقبولة وتوجَّه إلى المكلفين بالطباعة والنسخ ويقع حفظ نظير منها لاستغلالها في أعمال لجنة التوثيق الرقمي والمنصة الإعلاميَّة.
- يقع حفظ الملفات الكاملة في أرشيف مركز المأثورات للعودة إليها عند الاقتضاء.
4. مرحلة المنصة الرقميَّة:
وتمثل المرحلة الأكثر أهميَّة باعتبارها توثيقا وحفظا وصونا بطريقة علميَّة متطورة تعتمد أكثر الوسائل حداثة في مجال الويب الدلالي وتتيح للمأثورات الشعبيَّة التونسيَّة أن تنفتح على العالم وأن تواكب التصوُّرات الجديدة في تثمين الموروث الشعبي واستثماره والتعريف به وإدماجه في قطاعات تنمويَّة وخدميَّة وسياحيَّة وفنيَّة وثقافيَّة متعددة ونظرا لأهميَّة هذه المنصة الرقميَّة فلابدَّ من توفر جملة من الأمور اللوجيستيَّة والتقنيَّة والتنظيميَّة ومنها :
- مناقشة مشروع المنصة مناقشة واسعة لصوغ التصوُّرات المتكاملة حولها وإشراك الخبراء والمبرمجين.
- الاستعانة بالمنصات والمكانز المتوافرة في بلدان عربيَّة وأجنبيَّة.
- اختيار البرنامج الأكثر شمولا ودقَّة ومرونة مع الحرص على التميُّز والخصوصيَّة التونسيَّة
- إدخال أكثر ما يمكن من الواصفات والمعطيات والموارد وخاصة ما يتصل بالملفات الصوتيَّة والمرئيَّة والصور والمختارات الوثائقيَّة الصحفيَّة وتنظيمها.
- الحرص على اعتماد التنوع اللغوي (العربيَّة / الفرنسيَّة/ الإنجليزيَّة / الألمانيَّة / الإسبانية).
5. مرحلة الحماية والاستغلال والنشر:
نظرا للقيمة الهامَّة للموارد الثقافيَّة التي تشرف عليها لجنة توثيق التراث الشعبي التونسي وحرصا على صونها وحمايتها قبل عملية التوثيق وبعده فلابد من إصدار جملة من التوصيات والمنشورات والقوانين التي تنظم عمليات التجميع والتوثيق والنشر والاستغلال العلمي والمادي والإعلامي وتتَّصل هذه التوصيات والقوانين بتشكيل لجنة التوثيق ومهامها ومداها الزمني والمنح المسندة لأعضائها والمتعاونين من الرواة والمجمّعين والراقنين وغيرهم وكذلك بطرق الاستغلال والنشر والإطّلاع والطباعة وبنظام حماية المنصَّة والوثائق.
الموارد البشرية والمادية لعملية تدوين الأدب الشعبي التونسي :
اللجنة |
المهام |
الموارد البشرية |
الملاحظات |
اللجنة العلميَّة العامة لتوثيق التراث الشعبي اللامادي التونسي |
الإشراف على عمليات التجميع والفرز والتوثيق والنشر والمنصَّة ومراقبة الأعمال وتقييمها والتأطير وإعداد التقارير والتأشير على الأعمال المنجزة تقدم تقريرا بالمنجزات كل ثلاثة أشهر إلى وزارة الثقافة وتختم بالتقرير العام |
الرئيس نائب الرئيس الاعضاء يقع اختيارهم من معهد الصحافة ومعهد التوثيق ومعهد التراث ومن المندوبيات الثقافية ولا يتجاوز عددهم 12 |
يقع تكليف أعضاء اللجنة رسميا وتسوية وضعياتهم المهنية للتفرغ لمدة عامين قابلين للتمديد وتسند لهم منح تقديرية وتحفيزية ومنحة إنجاز العمل مع حفظ حقوقهم الفكرية |
لجنة الفرز والحصر |
تقوم بجرد عام للموارد وتصنيفها حسب المجالات تتوزَّع على أربعة مجموعات (مجموعة الشعر الشعبي والحكايات والأساطير ومجموعة الأمثال والألغاز والتعبيرات ومجموعة الموسيقى والرقص ومجموعة الألعاب والصور والدراما) تقوم بتحقيق الأعمال وضبطها وتصحيحها لترسلها إلى لجنة النشر |
يشرف عليها نائب الرئيس يتكون كل فريق من ثلاثة عناصر تعقد اجتماعا تقييميا كل أسبوع يختم بمحضر جلسة وجملة من التوصيات والملاحظات تتكون أساسا من خبراء الشعر الشعبي وخبراء التوثيق يقع تكليف مجموعة من طلبة الصحافة بفرز القصائد المنشورة بالصحف التونسية وتصنيفها |
تسند لأعضاء اللجنة منحة تقديرية وحوافز يقع تمكين أعضاء اللجنة من الوسائل والأجهزة والأدوات المساعدة على عملهم |
لجنة التجميع |
تقوم برصد الموارد وضبطها والقيام بترحيلها الى مقر اللجنة تقوم بمراسلة المراكز والمتاحف والمكتبات لتجميع موارد المأثورات الشعبيَّة تكلف فريقا مختصا بالتعاون مع الجهات الأجنبية التي تمتلك موارد للتراث الثقافي الشعبي التونسي في إطار رحلة علميَّة توثيقية تنتقل إلى المندوبيَّات الثقافيَّة للتعاون في التجميع والاستماع والتسجيل تتعاون مع الأفراد والجمعيات والهيئات يظل عمل لجنة التجميع مستمرا إلى نهاية عمليات التوثيق كما يبقى عملها قائما إن دعت الضرورة لاحقا |
يتولى رئيس اللجنة العامة للتوثيق رئاستها وتسيير عملها وضبط برامجها تنقسم إلى ثلاثة مجموعات مجموعة تجميع الموارد المتوفرة ومجموعة الجمع الميداني الوطني ومجموعة الاتصال والتنسيق تقدم تقريرا تجميعيا وجردا عاما كل شهر تقع الإستعانة بالسادة المندوبين الجهويين للثقافة وبخبراء التراث وبالمختصين في التوثيق |
تمكن لجنة التجميع من كل الوسائل المساعدة على التنقل والتسجيل والتصوير والنسخ يُمكَّن أعضاء اللجنة من منح خصوصية للسفر والإقامة والتنقل إضافة إلى منح تقديرية متصلة بعمل اللجان تقع التوصية بتسهيل عمل لجنة التجميع من قبل السلطات الجهوية والمحلية |
لجنة التوثيق والرقن والنسخ والنشر والتحميل السمعي البصري |
تحرص على عملية إعادة كتابة النصوص وفق ما أوصت به لجنتا الجمع والفرز تقوم بتوزيع المهام والعمل بين الراقنين والمشرفين على النسخ تتولى المراقبة المستمرة والتصحيح المباشر والتعديل تحرص على جمع ما وقع إعداده يوميا لتعرضه على اللجنة العلمية العامة ليقع تأشيره قبل تحميله وإعداده للنسخ تكلف اللجنة فريقا تقنيا لتنظيم الموارد السمعية البصرية وتنسيقها وترميمها لتنقل إلى أقراص ولتضبط وفق مجالات محددة في المنصة الرقميَّة |
يشرف عليها نائب الرئيس يتكون كل فريق من ثلاثة عناصر تعقد اجتماعا تقييميا كل أسبوع يختم بمحضر جلسة وجملة من التوصيات والملاحظات تتكون أساسا من خبراء الشعر الشعبي وخبراء التوثيق يقع تكليف مجموعة من طلبة الصحافة بفرز القصائد المنشورة بالصحف التونسية وتصنيفها يتولى رئيس اللجنة العامة للتوثيق رئاستها وتسيير عملها وضبط برامجها تنقسم الى ثلاثة مجموعات مجموعة تجميع الموارد المتوفرة ومجموعة الجمع الميداني الوطني ومجموعة الاتصال والتنسيق تقدم تقريرا تجميعيا وجردا عاما كل شهر تقع الإستعانة بالسادة المندوبين الجهويين للثقافة وبخبراء التراث وبالمختصين في التوثيق تتكون أساسا من أحد المشرفين وعضوين من اللجنة يقع تكليف عدد مناسب من الراقنين والنسَّاخ المدربين كما يقع الحرص على تكوينهم في مجال تدوين المأثورات الشعبيَّة التونسيَّة يقع تكليف فريق تقني مختص في الملتيمديا لتوثيق وتنسيق وتنظيم وبرمجة الموارد السمعية والبصرية المجموعة بتوجيه وإرشاد اللجنة العامَّة ولجنة التوثيق تتكون أساسا من مبرمجين وخبراء إعلاميَّة وملتميديا ومن موثقين خبراء يقع الإستفادة من الخبرات الأجنبية ومن المنظَّمات الثقافية الإقليمية والعالمية |
يقع تمكين اللجنة من جميع الوسائل والأجهزة المساعدة على الرقن والطبع والنسخ والتحميل والتسجيل تضبط لأعضاء اللجنة والمتعاونين منح قارة وتحفيزية اعتمادا على المردوديَّة وعلى تقارير اللجنة العلمية العامة |
لجنة المنصَّة الرقميَّة |
يشمل عمل لجنة المنصة الرقميَّة تحويل جميع الموارد المرقونة والمكتوبة والمنسوخة إلى مواد مرقمنة بطرق علمية يقع تقسيم المنصة إلى أربعة اقسام كبرى قسم مقروء وقسم مسموع وقسم مرئي وقسم الصور يقع ضبط البرامج الرقمية للمنصة بعد اجتماع علمي مع بقية اللجان وبإشراف رئيس اللجنة العامة |
تتكون أساسا من مبرمجين وخبراء إعلاميَّة وملتميديا ومن موثقين خبراء يقع الإستفادة من الخبرات الأجنبية ومن المنظَّمات الثقافية الإقليمية والعالمية |
يمكن التعاقد مع شركة وطنيَّة مختصة في البرمجيَّات وفق جملة من الشروط العلميَّة والفنية والتقنية كما يمكن التعاون مع المركز الوطني للإعلامية ومع أكاديميين مختصين في هذا المجال تحدد منح المتعاونين الخارجيين وفق المهام المسندة إليهم |
المحصِّلة
لقد أشرنا في المسرد التاريخي لتدوين الشعر الشعبي التونسي إلى الأخطاء الفادحة التي وقع فيها جامعو مدوَّنة الشعر الشعبي التونسي الصادرة سنة2015 رغم أنَّ المشرفين عليها أكاديميون وفيهم بعض المختصّين في التراث الشعبي غير المادي ولكن انعدام الدقَّة والموضوعيَّة والأمانة العلميَّة وعدم التزام التقييس الموضوعي ومناهج التوثيق والتدوين الحديثة فضلا عن الأسباب الأخرى أخرج عملا مشوَّها مبتورا منقوصا ومتداخلا وهو ما يفرض وضع مشروع متكامل لتدوين التراث الشعبي غير المادي ونحسب أنَّنا قدمنا في هذه الورقة البحثية المتواضعة التي يمكن تعديلها أو الإضافة عليها خارطة طريق درست مختلف المراحل والتجارب والمجالات وحاولت ضبط برنامج إجرائي عملي واضح السبل وهو مشروع مقدم لوزارة الثقافة وللمنظمات العالمية المتخصصة كاليونسكو والألكسو والمنظمة العالمية للتراث الشعبي وغيرها
ونختم هذه الوقة بتوصية الباحث الرائد عميد الأدب الشعبي التونسي محمد المرزوقي حيث يقول22 :
«إنَّ مساهمتي في التعريف بالأدب الشعبي لم تقتصر على الإذاعة إذ تجاوزتها إلى دُور الثَّقافة ودور الشعب بواسطة المحاضرات وبواسطة الكتب التي صدرت لي في الدراسات الشعبية وفي تحقيق التراث الشعبي وكان قصدي من ذلك هو لفت الأنظار إلى ما في هذا التّراث الأدبي الشعبي من كنوز ولن أتراجع عن هذا الاتجاه حتى يُكتب لهذا اللون أن يحتلَّ مكانته في الدّراسات العلميَّة الجامعيَّة.إنّي أؤمن بأنَّ تدوين التراث واجب مقدس وأنَّ هذا العمل إنَّما هولمصلحة الوطن ومادمت أعتقد هذا فأنا أبارك كلَّ خُطوة يخطوها الباحثون في هذا الطريق».