فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

تقنيات المساحة الصوتية لآلة التشيلو قراءة أسلوبية ومقاربات تقنية

العدد 66 - موسيقى وأداء حركي
تقنيات المساحة الصوتية لآلة التشيلو  قراءة أسلوبية ومقاربات تقنية

 

يسمع الصوت من آلة التشيلو فى طريقة استخدام القوس نتيجة تذبذب الوتر الناتج من احتكاك شعر القوس به ويمكن التحكم فى درجة الصوت بأصابع اليد اليسرى فى العفق على مرآة الآلة وذلك بتغير طول الوتر أما درجة الخفوت والعلو لصوت الآلة فيمكن التحكم بها بضغط العازف للقوس على الوتر. 

بعد أن استقر تصنيع آلة التشيلو ومواصفاتها القياسيّة بالنسبة لحجمها وطول الرقبة ولوحة الأصابع وعدد الأوتار وطريقة ضبطها وطريقة إمساكها في العصر الكلاسيكي أصبح المنفذ مفتوحا للعازفين لتطوير أدائها التقني وزيادة مساحتها الصوتية وتعتبر اليد اليسرى هي العنصر الأساسي لزيادة تلك المساحة الصوتية لذلك نرى من الأهمية أن نتناول في هذا الإطار طريقة وضعها، شكلها وتقنياتها الأدائية والأسلوبية وانتقالها بين الأوضاع وصولا للمنطقة الصوتية الحادة بين المدارس الغربية المختلفة1.

برغم التوصل إلى إمكانية العزف في المنطقة الصوتية الحادة للآلة منذ نهايات عصر الباروك والذي أدى إلى ظهور إمكانيات تقنية للآلة في الميدان الموسيقي الغربي واتساع المدى الصوتي للآلة ليصل في بعض المؤلفات الغربية إلى أكثر من ستة أوكتافات، وبرغم ظهور جيل جديد من الموزعين الموسيقيين العرب وكتابة مصاحبات هارمونية وميلودية شديدة الصعوبة وسلالم غربية ومقامات عربية يمتد مداها في بعض الأحيان إلى أكثر من ثلاثة أوكتافات، إلا أننا لاحظنا أن الكثير من عازفي التشيلو في مجال الموسيقى العربية مازال يحصر مساحة أدائه في الأوضاع الأولى فقط (من الوضع الأول إلى الوضع الرابع)، إلى جانب تصوير السلالم والمقامات خاصة في الأوكتاف الثالث على درجات منخفضة لتجنب الوصول إلى المنطقة الصوتية المرتفعة للآلة. 

الأمر الذي دفعنا إلى إجراء هذه الدراسة بغرض المساعدة في فتح المجال أمام عازف التشيلو العربي في الأوضاع المرتفعة لآلة التشيلو. في هذا المضمار جاءت مشكلة البحث الذي يهدف إلى التعرف على أسلوب الأداء في المنطقة الصوتية الحادة على آلة التشيلو في المدارس الغربية، ومساعدة عازف التشيلو على التدريب على أداء المقامات والمقطوعات العربية في المنطقة الصوتية الحادة للآلة. 

ويتبع هذا المنهج التجريبي (منهج المجموعة الأولى) وينقسم البحث إلى فصلين: الفصل الأول

هو نظري يتناول اليد اليسرى لعازف التشيلو ويشتمل على ثلاث مباحث كالآتي:

 - الجزء الأول: وضع اليد اليسرى على آلة التشيلو. 

 - الجزء الثاني: تقنيات اليد اليسرى على آلة التشيلو في الموسيقى العربية (الانتقال بين الأوضاع الأولى- الانتقال بين الأوضاع في المنطقة الصوتية الحادة) موضوع الدراسة، الزخارف، الفيبراتو، الانزلاق

 - الجزء الثالث: السلالم الغربية والمقامات الشرقية وطرق تصويرها (تعريفها)، نشأتها وتطورها، أشهر العازفين والمؤلفين الذين وضعوا أسس أداء السلالم على آلة التشيلو في المدارس الغربية. 

الفصل الثاني: الإطار التجريبي :

سنقوم في هذا الجزء بعرض برنامج تجريبي وهو مقسم إلى عشرين درسا تناولناها في فترة شهرين ونصف بمعدل حصتين في كل أسبوع وذلك للتحقق من فرضيات مبحثنا وهي: 

 - أن التدريب على التمرينات التي سنقترحها من خلال الإطار التجريبي لعلها تؤدي إلى سهولة أداء المقامات والألحان العربية في المنطقة الصوتية الحادة والارتقاء بالمستوى التقني لعازف التشيلو العربي والذي سوف تظهر ملامحه من خلال فروق فردية في الدرجات بين الاختبار القبلي والاختبار البعدي الذي يتم بعد دراسة المنهج التجريبي المقترح. 

 - وسنتناول التدريبات المقترحة التي تساعد العازف على التعرف على أماكن النغمات في وضع الإبهام من ناحية، وتذليل صعوبة أداء المقامات العربية في المنطقة الصوتية الحادة للآلة، وبالتالي أداء الألحان العربية وفقا لتدوينها الموسيقي على مفتاح السوبرانو ( صول).

ومن المعروف أن أهم تقنية للآداء في المنطقة الصوتية الحادة هي تقنية الأداء بوضع الإبهام، ونبدأ في هذا الإطار باستعراض وضع الإبهام الأكثر سهولة من حيث الأداء وهو الوضع الذي يعفق فيه إصبع الإبهام نغمتي (لا، راي) في المقامات العربية التي يعتمد ركوزها على نغمة الراست وهو الوضع الأكثر صعوبة والذي يتم بانزلاق إصبع الإبهام درجة صوتية كاملة لعفق نغمتي (دو - صول)، حيث يعتمد ركوز معظم المقامات العربية على هاتين الدرجتين، ومنه يمكن له الآداء في جميع أوضاع الإبهام وتصوير المقامات والألحان العربية في أي منطقة صوتية وبنفس ترقيمات الأصابع وذلك بمجرد تحريك الوضع كاملا لأعلى أو أسفل وفقا للمنطقة الصوتية المراد فيها الأداء.

وضعية اليد اليسرى على التشيلو :

بعد أن استقر تصنيع آلة التشيلو ومواصفاتها القياسية بالنسبة لحجمها وطول الرقبة ولوحة الأصابع وعدد الأوتار وطريقة ضبطها وطريقة إمساكها في العصر الكلاسيكي، أصبح المنفذ مفتوحا أمام العازفين لتطوير آدائها التقني وزيادة مساحتها الصوتية، وتعتبر اليد اليسرى هي العنصر الأساسي لزيادة تلك المساحة الصوتية، لذا نرى أهمية أن نتناول في هذا الإطار طريقة وضعها وشكلها وتقنياتها الآلية وأسلوب آدائها وانتقالها بين الأوضاع وصولا للمنطقة الصوتية الحادة بين المدارس الغربية المختلفة على النحو التالي: 

القواعد الأساسية لوضع اليد اليسرى :

نرى أنه قبل تعلم الطالب تقنية الانتقال بين الأوضاع الصوتية الحادة لا بد له من المرور على القواعد الأساسية لوضع اليد اليسرى على الآلة في الوضع الأول، ثم التحرك من خلاله إلى باقي أوضاع الآلة بداية من الأوضاع الأولى ووصولا إلى المنطقة الصوتية الحادة، وتتلخص هذه القواعد في التالي: 

الوضع الأول

يتحدد بداية الوضع الأول مع أول نغمة تبعد درجة صوتية كاملة بعد الوتر المطلق والتي تؤدى بالأصبع الأول ثم تتبعه بقية أصابع اليد مع مراعاة: 

1. أن يبعد كل إصبع من أصابع اليد اليسرى عن الإصبع الذي يليه نصف درجة صوتية تماما، ولمساعدة الطالب المبتدئ على دقة التنغيم وبالتالي وضع أصابعه على أماكن النغمات بالشكل الصحيح يمكن للمدرس أن يحدد أماكن نغمات الوضع الأول للطالب المبتدئ عن طريق وضع شريط لاصق على أماكن النغمات كما هو موضح:

 

 

صورة توضح أصابع اليد اليسرى على لوحة أصابع آلة التشيلو

 

2. أن يوضع إصبع الإبهام خلف المسافة الواقعة بين الإصبع الأول والإصبع الثاني. 

3. استدارة إصبع الإبهام مع أصابع اليد بحيث يشكل إصبع الإبهام مع الإصبع الأول حرف (C) كما في الشكل التالي :

 

4. استقامة الساعد مع اليد مع نزول الكوع قليلا عن مستوى اليد كما يتضح في الشكلين: 

 

 

صورة تفيد الشكل الصحيح لوضع اليد اليسرى 

 

 

 

ويجب عدم المبالغة في نزول الكوع أو رفعه لأعلى والذي يؤدي إلى انثناء رسغ اليد وبالتالي ضعف الذراع الأيسر وعفق الأصابع للوتر كما نوضح في الشكل التالي:

 

 

 

5. أن تمسك الآلة بحيث مفتاح الوتر دو خلف الأذن اليسرى والذي يساهم بشكل كبير في تصحيح زاوية ميل وارتفاع اليد اليسرى كما نوضح في هذه الصورة: 

 

 

 

6. أن يكون الكتف وباقي أعضاء الذراع في حالة استرخاء تام لأن تعرض أي عضلة من عضلات الأصابع أو الذراع يؤدي إلى إجهاد اليد اليسرى وإعاقة العملية التعليمية. 

صور أشكال وضع اليد اليسرى على الآلة:

يتوقف شكل وأسلوب آداء اليد اليسرى على الآلة على الطبيعة الخلقية لليد اليسرى والعلاقة التشريحية بين أصابع اليد والتي توضح بالصورة التالية العلاقة التشريحية بين أصابع اليد اليسرى :

 

 

من الشكل السابق يمكن أن نلاحظ مايلي: 

1. إصبع الإبهام هو أقصر أصابع اليد ويتجه للخارج بشكل مخالف لاتجاه باقي أصابع اليد، وهو أكثرها سمكا وقوة.

2. الإصبع الأول السبابة يتجه لأعلى بشكل مستقيم، ويتساوى طوله وشكله تقريبا مع الإصبع الثالث البنصر.

3. الإصبع الثاني الوسطى هو أطول أصابع اليد وأكثرها استقامة لأعلى، وبذلك فهو يعد أقوى أصابع اليد.

4. الإصبع الرابع الخنصر هو أقصر أصابع اليد ويتجه للخارج قليلا، وهو أقلها سمكا وقوة أيضا.

هناك شكلان لزاوية وضع اليد اليسرى على الآلة وهما الشكل الدائري Square position والشكل المائل sloped position.

 - الوضع الدائري Square position

وتقوم فيه اليد اليسرى بالعفق على الأوتار بشكل نصف دائري، ويكون للإصبع الثاني والثالث دور القيادة في التحكم في زاوية اليد لقوتهما وتقارب طولهما، أما الإصبعان الأول والرابع فهما تابعان لهذين الإصبعين اللذان يحددان زاوية ميلهما ونقطة تلامسهما للوتر. 

ويظهر في هذا الوضع مشكلة تفاوت أطوال أصابع اليد بوضوح، حيث يقوم الإصبع الأول والرابع بعفق الأوتار بطريقة مختلفة تظهر في اختلاف نقطة تلامس الوتر كما يشير السهم في الصورة التالية إلى تلامس الإصبع الثاني والثالث بمنتصف قمة الإصبع، الإصبع الأول والرابع بالعفق في اتجاهين متضادين، وقد لا يشكل هذا الوضع مشكلة بالنسبة لعفق الإصبع الأول ولكنه يؤثر سلبا في عفق الإصبع الرابع.

 

 

صورة تفيد الشكل الدائري لوضع اليد اليسرى

 

 

 

الإصبع الرابع:

من أهم مشاكل الوضع الدائري هو ضعف العفق بالإصبع الرابع والذي يعتبر أساسا أضعف أصابع اليد بطبيعته الخلقية، وتعتبر زاوية انثنائه للخارج هي إشكالية هذا الوضع حيث تؤثر سلبا على الأعصاب التي تتحكم في حركة الإصبع، الأمر الذي قد يدفع المتعلم المبتدئ إلى زيادة الضغط على هذا الإصبع أثناء العزف بغرض تعويض هذا الضعف مما يعرض الإصبع واليد اليسرى للشد الزائد الذي يعوق مرونتها. 

 - الوضع المائل Sloped Position

تمكن أساتذة الآلة من التوصل لشكل هذا الوضع بغرض تعويض مشكلة ضعف الإصبع الرابع في الوضع الدائري، وثبت أن شكل اليد في هذا الوضع يزيد من قوة عفق أصابع اليد للأوتار خاصة مع استقامة الساعد مع الرسغ. ويمكن في هذا الوضع تلافي العيوب الخلقية الناتجة عن تفاوت أطوال الأصابع الأربعة حيث يتساوى فيه إلى حد كبير قوة ضغط الأصابع الأربعة وزاوية ميلها ونقطة تلامسها الأوتار. وتختلف زاوية ميل أصابع اليد وفقا لطولها أو قصرها بين عازف وآخر خاصة الإصبع الرابع الذي يميل إلى الاستقامة وتتبعه بقية أصابع اليد اليسرى ولكن مع انثنائها إلى أعلى في اتجاه أنف الآلة كما هو موضح في الصورة التالية2: 

 

 

صورة تبيّن الوضعية المائلة 

 

 

 

تقنيات اليد اليسرى المستخدمة في الموسيقى العربية3:

يحتاج أداء اليد اليسرى في الموسيقى العربية على آلة التشيلو إلى بعض التقنيات الآلية التي وضعت أسسها المدارس الغربية المختلفة على مر العصور ومن أهم هذه التقنيات:

 - الانتقال بين الأوضاع الأولى.

 - الانتقال بين الأوضاع في المنطقة الصوتية الحادة مثل الزخارف، الفيبراتو والانزلاق.

الانتقال بين الأوضاع:

 

 

 

تعد تقنية الانتقال بين الأوضاع من أحد أهم تقنيات الأداء على آلة التشيلو، بل وعلى الآلات الوترية عموما، كما أن المساحة الصوتية العريضة للآلة ما هي إلا نتاج مهارة تغيير الأوضاع، ولولا هذه المهارة لانحصر المدى الصوتي لآلة   بين نغمة «دو» ونغمة «راي» على بعد ديوانين أو أكثر قليلا، أي من بداية الوضع الأول إلى نهايته مرورا بالأوتار الأربعة.

كما أن مهارة الانتقال بين الأوضاع تعتبر الأساس الذي تبنى عليه الكثير من التقنيات الآلية لليد اليسرى مثل أداء السلالم والثالثات والانزلاقات والبورتامينتو وغيرها وهي المهارات التي تقوم عليها أسس وفنون التنغيم اللحني عن طريق استخدام أصابع اليد الأربعة، والتي جاءت نتاج محاولات عديدة من التجريب لكثير من العازفين على الآلة على مر العصور ونظرا لأهمية هذه التقنية وكثرة تناولها في الجانب التطبيقي سوف نقوم بشرحها. 

ترجع أهمية البحث لشرح الأسس التي يجب مراعاتها عند بداية تعلم الانتقال بين الأوضاع وكيفية حركة اليد والساعد والكوع، كما ترجع أهميته إلى توضيح الطرق المختلفة للانتقال بين الأوضاع وكيفية أسلوب أداء هذه التقنية والتدريب عليها، مما يساعد الدارس على تنمية أحد التقنيات الهامة واللازمة للعزف على آلة التشيلو. 

وقد لاحظنا من خلال خبرتنا في مجال تدريس آلة التشيلو وجود بعض الصعوبات في الانتقال بين الأوضاع في حالة الصعود أو النزول أو الحالتين معا عند بعض دارسي آلة التشيلو المبتدئين 

إلى جانب وجود بعض القصور والاختلافات في شكل وضع اليد اليسرى بما قد يستهين به البعض منهم إلا أنه قد يشكل إعاقة لأداء هذه المهارة بالأسلوب الصحيح. 

ويهدف البحث إلى شرح الأسس التي يجب مراعاتها في الوضع الأول والانتقال بين الأوضاع الأولى، والمساعدة في التغلب على مشكلات الانتقال بين الأوضاع الأولى، واتبعنا فيه المنهج الوصفي الذي يشمل تحليل المحتوى.

الانتقال بين أوضاع الرقبة، الأوضاع الأولى :

تنقسم تقنية الانتقال بين الأوضاع الأولى إلى: 

1. الإنتقال بين أوضاع الرقبة الأوضاع الأولى 

2. الانتقال بنصف الوضع Half position 

3. الوضع الممتد Extended position 

1. الانتقال بين أوضاع الرقبة:

التي تشمل (الوضع الأول، الوضع الثاني، الوضع الثالث، الوضع الرابع) 

تنقسم هذه الأوضاع إلى أربعة أوضاع كالتالي (الوضع الأول، الوضع الثاني، الوضع الثالث، الوضع الرابع والذي يطلق عليه «وضع العنق» Neck position وهي موضحة على الأوتار الأربعة بالمدرج الموسيقي بـ شكل «1»: 

 - الأسس التي يجب مراعاتها في حالة الانتقال بين الأوضاع:

قبل بداية شرح تلك الأسس نرى أهمية اكتشاف لوحة الأصابع ذهنيا على نحو يجعل المتعلم على علم بمكان كل نغمة عليها والطرق المختلفة والأوضاع الآلية التي يمكن عن طريقها الوصول إلى كل نغمة وإدراك العلاقة بين النغمات والأوتار. إن حركة اليد اليسرى على آلة التشيلو بالأسلوب اللائق تحددها عدة أسس يجب مراعاتها عند التدريب على الانتقال بين الأوضاع، وسوف نتناول الأوضاع الأولى وصولا لوضع العنق كما حددتها المدارس الأوروبية المختلفة كالآتي:

أ. حركة اليد والساعد والكوع:

في الأوضاع الأولى يراعى أن تتحرك اليد والساعد والكوع ككتلة واحدة بحيث لا يلاحظ أي تغير في شكل اليد أو الساعد سواء في حالة الصعود أو النزول ويجب أن يتحرك الذراع بمرونة تامة ويلعب مفصل الكوع دورا هاما في هذه الحركة مع مرونة واسترخاء الكتف.

بـ. إصبع الإبهام:

يتحرك إصبع الإبهام برفق حركة مطابقة لحركة اليد اليسرى إلى أن يصل إلى الوضع الرابع (وضع العنق) والذي يرتكزفيه في الجزء الواقع في منحنى الرقبة.

جـ.  السرعة التي يتم التغيير من خلالها:

نرى أن تحديد سرعة الانتقال بين الأوضاع يتوقف على سرعة العمل، فمثلا في الألحان بطيئة السرعة تكون سرعة الانتقال بين الأوضاع فيها بطيئة، وعلى العكس ففي الألحان السريعة تكون سرعة الإنتقال بين الأوضاع سريعة، وفي أي من الحالتين يجب أن لا تدرك الأذن هذا التغيير أثناء العزف، وعلى الدارس دقة إدراك المسافة بين أي وضعين عن طريق التدريب الجيد.

 د.  عفق الإصبع للوتر:

أثناء التدريب على الانتقال بين الأوضاع يجب أن ينزلق الإصبع على الوتر ولا يقفز ويكون ضغط الإصبع أثناء الانزلاق أقل من ضغطه أثناء العزف لسهولة تحرك الإصبع على الأوتار ولتجنب حدوث الانزلاقات الغير مطلوبة، مع مراعاة التعود على دقة العفق Intonation.

هــ.  شكل الأصابع:

مراعاة أهمية تثبيت الأصابع على الوضع وأن تكون الأصابع قريبة من الأوتار قدر الإمكان ويتم ذلك في أي وضع من الأوضاع، ويجب عدم رفع الأصابع أكثر من اللازم حتى في حالة عدم العفق بها، لأن اقتراب الأصابع من الوتر يساعد على سرعة وسهولة عفقها وارتدادها على الوتر: 

ويأتي الإنتقال بين الأوضاع الأولى بعدة طرق:

 -  الانتقال بين الأوضاع بالإصبع الأول 

 -  الانتقال بين الأوضاع بالإصبع الثاني

 -  الانتقال بين الأوضاع بالإصبع الرابع 

أسلوب الأداء:

قبل تدريب المتعلم على النموذج السابق على المتعلم التدريب التمهيدي بوضع الإصبع الأول على نغمة «سي» على وتر «لا»، ثم يقوم بتدريب الإصبع الأول على الإنزلاق إلى نغمة «دو» عدة مرات صعودا ونزولا، ثم الإنزلاق على نغمة «راي» ثم نغمة «مي» بنفس الطريقة، ثم يقوم بعمل تدرج سلمي على هذه النغمات بنفس الإصبع صعودا ونزولا ويمكن تصويره على باقي الأوتار كما نبين بالنموذج بـ شكل «3».

والجدير بالذكر أن مدرسة دوتزور تعتبر من أهم مدارس العصر الكلاسيكي التي وضعت أسس التدريب على هذه التقنية في عدة تمارين تقنية كما نبينها في النموذج بـ شكل «4».

أ. الانتقال بين الأوضاع على وتر واحد Sulla Corda:

من أبرز طرق التغيير بالإصبع الرابع هي الانتقال بين الأوضاع على وتر واحد، فقط يحدث أحيانا أن ينتقل العازف بين أوضاع متعددة على وتر واحد دون الانتقال إلى الوتر المجاور لتجنب اختلاف نوعية الصوت بين وتر وآخر ويطلق على هذه المهارة المصطلح sulla Corda أو Sul الذي يكتب فوق الجزء المراد آداؤه على وتر واحد كما نبيّن في النموذج الشكل «1» السابق طرحه في التغيرات الوضعية.

بـ.  الانتقال بين الأوضاع الأولى بالإصبع الثاني:

وهو أقل شيوعا من الانتقال بالإصبع الأول، ولا يأتي بشكل متسلسل كما في الأمثلة السابقة ولكنه يأتي ضمنيا كما في نموذج الشكل «5» .

جـ. الانتقال بين الأوضاع الأولى بالإصبع الرابع 

ويأتي بشكل واحد إلى جانب نصف الوضع الذي سيأتي ذكره فيما بعدكما في نموذج الشكل «6». 

ولمساعدة المتعلم على تنمية مهارة الانتقال بين الأوضاع الأولى بصفة عامة نرى أهمية اتباع ما أشار اليه wiliam peeth بالتدريب على الانتقال بين الأوضاع عن طريق أداء السلالم بإصبع واحد في الأوضاع الأولى على الوتر الواحد ( 1 1 1 1، 2 2 2 2......) لكل إصبع من أصابع اليد الأربعة عدا الإصبع الرابع، لما له من أثر كبير في تقوية الإحساس بالبعد الفاصل بين النغمات ودقة العفق. كما أن التدريب المبكر على أداء السلالم بهذه الطريقة يساهم في إكساب المبتدئ نوعا من المرونة في الانتقال بين الأوضاع وخفة في إمساك الرقبة، إلى جانب نوع من الحرية في اختيار الإصبع الذي يتدرب به والحرية المطلقة في اختيار ترقيمات أصابع مقطوعته البسيطة شريطة دقة عفق النغمات4. 

2. الانتقال بنصف الوضع Half position:

يعتبرنصف الوضع من أكثر أنواع تغيير الأوضاع سهولة لأنه يتم إما برفع أصابع اليد والذراع ككتلة واحدة مسافة نصف درجة صوتية دون أدنى تغيير في شكل اليد أو الذراع، أو يتم بوضع الإصبع الأول على بعد نصف درجة صوتية، ثم تتبعه باقي أصابع اليد بدلا من وضع الإصبع الأول على بعد درجة صوتية في الوضع الأول، مع مراعاة الحفاظ على أسس وضع اليد اليسرى على الآلة، ويمكن العزف بنصف الوضع في كل وضع من الأوضاع الأولى، ويتم ذلك بنفس الطريقة السابقة.

3. الوضع الممتد Extended Position:

يعتمد هذا الوضع على زيادة فتح الإصبع فقط نصف درجة صوتية لأعلى مع ثبات الأصابع الثلاثة الأخرى في مكانها على لوحة الأصابع (المرايا) وثبات شكلها بالقدر المستطاع كما في النموذجين التاليين :

 

 

صورة تفيد طريقة أداء وشكل اليد في الوضع الممتد

 

 

 

ويمكن العزف بالوضع الممتد على كل وضع من الأوضاع الأولى للآلة (الوضع الأول والثاني والثالث والرابع) كما في الشكل «7».

يعتبرالوضع الممتد الذي يعتمد على فتح إصبع اليد الأول والثاني درجة صوتية كاملة بدلا من النصف درجة من الأوضاع الهامة والأكثر صعوبة على الآلة لأنه يأتي مخالفا لطبيعة اليد، وفي حالة التدريب نجد أصابع اليد اليسرى تميل إلى وضعها الطبيعي بشكل تلقائي حيث يميل الإصبع الأول إلى التزحلق إلى أسفل فتأتي النغمة المعفوقة أكثر من ترددها الطبيعي وفي نفس الوقت نجد بقية أصابع اليد خاصة الإصبع الرابع تتجه إلى أعلى تجاه أنف الآلة وبالتالي يحدث نقص في تردد النغمات المعفوقة، إلى جانب ضعف عفق أصابع النغمات، لذلك فأداء هذا الوضع بالأسلوب اللائق يحتاج إلى تركيز كبير من الأذن وتدريب جيد من قبل العازف.

وتلعب طول أصابع اليد خاصة الإصبع الرابع دورا هاما، فقد يضطر العازف إلى عدم الاحتفاظ بوضع الأصابع الأربعة في حالة قصر الأصابع والعكس صحيح. 

متى يبدأ تعلم المبتدئ تقنية الانتقال بين الأوضاع الأولى:

إنّ تقنيات اليد اليسرى تزداد تعمقا ببداية المتعلم لتقنية الانتقال بين الأوضاع، ولبداية الدارس تعلم هذه التقنية لا بد له أولا من الانتهاء من وضع اليد اليسرى على الآلة بالشكل الصحيح وفقا للأسس التي أشرنا لها. كما ننوه إلى أهمية عدم تعجل المتعلم لهذه التقنية أو الوضع الممتد قبل التدريب المتقن على تثبيت الأصابع على الوضع الأول وثبات وضع اليد اليسرى تماما في الوضع الأول عن طريق السلالم ( دو ديوانين، راي، صول، فا ديوان واحد) إلى جانب التمارين الدراسية.

الانتقال بين وضع العنق Neck Position:

وهو الوضع الدي يصل فيه الإصبع الأول إلى الوضع الرابع وضع العنق والذي يرتكز فيه إصبع الإبهام في الجزء الواقع في منحنى الرقبة (الصورة 19) ويبدأ هذا الوضع من نغمة (مي) إلى نغمة (لا) على الوتر لا.

 

 

صورة تفيد طريقة شكل اليد اليسرى في وضع العنق

 

 

 

ونرى أهمية البداية بالوضع الرابع مباشرة بعد الوضع الأول لسهولة هذا الوضع ولاستقرار اليد اليمنى وإصبع الإبهام على عنق الآلة بما يبعث في المتعلم نوعا من الطمأنينة بدلا من تعلق يده في حالة الوضع الثاني والثالث.

أسلوب الأداء:

قبل تدريب المتعلم على النموذج السابق على المتعلم التدريب التمهيدي بوضع الإصبع الرابع على نغمة صول «على وتر لا» ثم يقوم بتدريب الإصبع الأول على الانزلاق إلى نغمة «فا» عدة مرات صعودا ونزولا، ثم نغمة «مي»، ثم نغمة «راي» بنفس الطريقة، ثم التدرج السلمي على هذه النغمات بنفس الإصبع صعودا ونزولا كما مدون في التمرين التالي: 

أما في حالة تخطي اليد اليسرى الوضع الخامس وصولا إلى السادس والسابع فيرتكز الإبهام بشكل دائري على جانب الآلة ملاصقا للجزء الواقع أسفل الرقبة لإتاحة الفرصة لحرية تحرك أصابع اليد كما هو موضح بالشكل التالي:

 

 

صور تبين مرونة أداء أصابع اليد اليسرى عند الأداء في وضع العنق

 

 

 

صور تبين مرونة أداء أصابع اليد اليسرى عند الأداء في وضع العنق

والجدير بالذكر أنّ مدرسة دودزاور تعتبر من أهم المدارس التي وضعت أسس التدريب على هذه التقنية في عدة تمارين تقنية ا كما في نموذج الشكل «8». 

الانتقال بين الأوضاع في المنطقة الصوتية الحادة5:

يعتبر الأداء في هذه المنطقة الصوتية من أصعب أنواع الأداء على آلة التشيلو ويحتاج إلى مهارة عالية من قبل العازف نظرا لصعوبة الانتقال بين أوضاع هذه المنطقة الصوتية وضيق المسافات اللحنية بين بعضها البعض والتي تزداد تعقيدا كلما اتجه الأداء للمناطق الصوتية الحادة تجاه الفرسة والتي تحتاج إلى دقة كبيرة من أصابع اليد اليسرى في أدائها، إلى جانب صعوبة إخراج الصوت الجيد من هذه المنطقة، لذلك فالأداء في هذه المنطقة يتطلب من العازف تدريبا شاقا وفق الأسس العلمية التي حددتها المدارس الغربية في الأداء الآلي .

والمنطقة الصوتية الحادة هي التي تزيد عن نطاق الوضع الرابع وضع العنق وتنقسم إلى قسمين : 

1. وضع الفيولا: وهو الذي يمتد من نغمة (لا) إلى نغمة ( ري)

2. وضع الفيولينة: وهو الذي يمتد من نغمة (مي) إلى نغمة (لا).

ولا يمكن للعازف الأداء في هذه المنطقة الصوتية دون دراسة جيدة لكيفية الانتقال بين الأوضاع في هذه المنطقة الصوتية خاصة وضع الإبهام الذي كان له أكبر الأثر في اتساع المساحة الصوتية للعزف على آلة التشيلو. 

 

 

الهوامش:

1.  ثمة اجتهادات لعدة باحثين في المقاربات تقنية خاصة بالتشيلو قمنا بالإستفادة منها وإقتباس بعض المصطلحات التقنية والصور المدرجة في البحث لعل أبرزها 

 محمد عبد الباسط، وليد، رسالة قدمها إستكمالا للحصول على درجة الدكتوراه في مجال الفنون، تخصص تشيلو قسم الوتريات، القاهرة، 2012

2.  William Pleeth - Cello - Shirmer Books ( Mucmillan – inc ) – New York 1982 , P(159 , 162)

3.  تطرقت أطروحة الدكتوراه للباحث قاسم الباجي لتفاصيل الأداء الموسيقي العربي لآلة التشيلو واقتبسنا منها ما ورد في هذه الأطروحة من تقنيات خاصة بالتشيلو في أداء الموسيقى العربية الذات علاقة باليد اليسرى وتقنيات الإنقال بين وضعية وأخرى.

 الباجي، قاسم، الأداء الموسيقي العربي لآلة التشيلو في تونس دراسة تحليلية في الإشكاليات التقنية والأسلوبية، أطروحة نوقشت للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم الثقافية اختصاص موسيقى وعلوم موسيقية، اشراف سمير بشة، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2021، 460 ص.

4. William pleeth_ Cello_op.cit, P (170, 171)

5.  يتسع المدى لآلة التشيلو بإستخدام الهارمونيات الصناعية Artificial Harmonics من الألوان الصوتية الغنية بالتعبير الموسيقي الجديد لكنها كانت تستعمل ذائما لآلة التشيلو منفردة solo وكثر استخدامها في مؤلفات التشيلو في القرن التاسع عشر) مثال ذلك كونشيرتو التشيلو في سلم لا الصغير ل سان صانص (ولكن توجد أعمال أوركسترالية في موسيقى القرن العشرين أستخدمت تلك المنطقة الصوتية لآلات التشيلو مجتمعة كما في سيمفونية آلات التشيلو ل" فيالوبوس" ولا يوجد ما يمنع استخدامها لآلات تشيلو مجتمعة أوركسترا الا أنها تحتاج الى عازفين يتميزوا بالبراعة الفائقة، وتتميز تلك المنطقة بلون ورنين صوتي جديد وغريب لذلك أقبل على الكتابة لها مؤلفى القرن العشرين، ولم تظهر في مؤلفات الموسيقى العربية. 

المراجع العربية:

 - شرارة، عطية، المنهج العربي لآلة الكمان، الجمهورية العربية الليبية، وزارة الإعلام والثقافة، الغدارة العمة للثقافة، 61 ص.

 - الباجي، قاسم، "تدريس آلة التشيلو للمبتدئين في تونس: قضية الاختيار قراءة نقدية من خلال الأسباب والدوافع"، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 47، البحرين، ص 126. 

 - الباجي، قاسم، الأداء الموسيقي العربي لآلة التشيلو في تونس دراسة تحليلية في الإشكاليات التقنية والأسلوبية ، أطروحة نوقشت للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم الثقافية اختصاص موسيقى وعلوم موسيقية(، إشراف سمير بشة، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2021، 460 ص.

المراجع الأنجليزية:

 - Vanscheeuwijck, marc, The baroc cello and it is performance, Baroque instruments, Vanscheeuwijck, Marc (1996) "The Baroque Cello and Its Performance," Performance Practice Review: Vol. 9: No. 1Article 7. DOI:

 - 10.5642/perfpr.199609.01.07

 - Available at: http://scholarship.claremont.edu/ppr/vol9/iss1/7

 - PLEETH, William, Cello, Shirmer Books ( Mucmillan – inc) – New York 1992. 290 p

 - CHURCHILL PRATT, Dorothy and BUNTING, Christopher, Cello Technique, Cambridge University Press - London 1987, p. 71.

 - CORRETTE, Michel, " De la maniére de revenir de la 1er position par graduation de ton et de demi-ton ", Méthode pour apprendre le violoncelle, théorique et pratique pour apprendre en peu de tems le violoncelle dans sa perfection, l’Université de Californie, castagenery, paris, 1741, p.110.

 - Arthur.c. Edwards-String Ensemble Method, Sesond Edition-Wm.C.Brown Company Publishers-U.S.A , 1877

 - Norman, Lamb-Guide to teaching String – California State University -U.S.A 1994. 

 - Valerie Walden-one Hundred years of violoncello Cambridge University Press-U.K 1998

 - William Pleeth-Cello -Shirmer Books Arthur .c.Edwards –String Ensemble Method , Sesond Edition – Wm . C.Brown Company Publishers- U.S.A (1877).

 -  Norman Lamb - Guide to Teaching String - California State University - U . S . A 1994 .

 - Sadie Stanly - The New Grove Dictionary of Music and Musicians No (5,14,19,25) - Macmillan Publishers Limited - London 1980 .

 - Valerie Walden - One Hundred Years of Violoncello Cambridge University Press - U . K 1998 .

 -  William Pleeth - Cello - Shirmer Books ( Mucmillan – inc) – New York 1982

الصور :

 - الصور من الكاتبة.

1.2. www.freepik.com

 

أعداد المجلة