فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

قطب المغرب في التصوف، مولاي عبد السلام بن مشيش: ولي شهير وسيرة بطابع شعبي

العدد 66 - أدب شعبي
 قطب المغرب في التصوف،  مولاي عبد السلام بن مشيش:  ولي شهير وسيرة بطابع شعبي
المغرب

زهد الإخباريون القدامى في تقديم التفاصيل الحاسمة للكثير من القضايا المفصلية في سيرة الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش، رغم أن الرجل يعدّ جدَّ فريق كبير من الأشراف، وقطب المغرب في عالم التصوف دون منازع.

أمام هذه المفارقة استند اللاحقون في بناء التفاصيل، كثيرا جدا، على الرواية المتداولة بين الأحفاد والأشياخ المنتسبين إليه والمحبين، بعد وفاته بقرون ذوات العدد، وصارت سيرة الرجل ثرية بعد شح، في نصوصها المتواترة بالسماع الفاشي، لذة الكلِم العجيب والغريب أكثر مما فيها من صرامة التاريخ. من ثمة، أيضا، تعددت اجتهادات الباحثين واتسعت، واختلفت وجهات النظر في كتابة تفاصيل سيرة الرجل ومبنى وطبيعة تصوفه، تبعا لاختلاف أدواتهم في العلم والمعرفة.

نحاول هنا الاستفادة مما سبق كله، والرجوع إلى الأصول، بما فيها كتب المناقب، بصرف النظر عن طبيعتها المنهجية أو الأدوات التي تقدم بها معلوماتها. فهل نجد في هذا المنحى سبيلا لإضاءة بعض العتمة في سيرة هذا القطب؟

نسب في الصدور محفوظ:

يعرف الرجل باسم شهير هو: مولاي عبد السلام بن مشيش1، «...بفتح الميم وشينٍ منقوطة مكسورة، وياء مدٍّ، وشين منقوطة؛ هذا الذي يعرفه أهل قطره، ولا يختلفون فيه، ولا يعرفون غيره»2. ونصّ الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الخروبي (ت. 963هـ/55-1556م) في طالعة شرحه للصلاة المشيشية على أن: «مشّيش، بالميم... [و] كان بعض من لقيناه من الأشياخ يصحح الأول، ويقول: مشيش بالميم وتشديد الشين الأولى وتخفيفها»، لكن يقال أيضا: «بشيش، بالباء الموحدة من أسفل»3. وأضاف أبو حامد العربي الفاسي (1052ه/1642م): إلى ذلك، استنادا إلى ما «ذكره بعض أهل الأقطار النائية أنه يقال فيه: بشيش بالباء مكان الميم، ولا شك أن إبدال الميم باءً، وعكسه لغة مازنية»4. كما تعرض الشيخ أحمد ابن عجيبة (ت.1224هـ/1808م) لهذه المسألة، فقال: «سيدنا ومولانا عبد السلام بن مشيش، بالميم، وربما قيل بالباء، وإبدال الباء بالميم لغة مازنية، ومعناه الخادم الخفيف الحاذق اللبيب»5.

نقل بعض الباحثين عن ابن عجيبة ما تقدم، وأضاف إضافة مفيدة في الموضوع، فقال: «المولى عبد السلام بن مشيش بالميم، وقيل: بشيش بالباء، وإبدال أحدهما من الأخرى لغة مازنية، ومعناه: الخادم الحقيق الحاذق، كما تقول في اطمئن: اطبئن، وفي بكر: مكر، على لغة هذه القبيلة»6. واستنادا إلى اللغة المذكورة نفسها، يقال فيه أيضا: «مرْشيش؛ براء ساكنة بين الميم والشين»7. لكن المعول عليه ما يعرفه أهل الوطن من مشيش بالميم8.

زد على ذلك، أن مشيش لقب وليس اسما، على نحو قول ابن عبد الله التلمساني المقري الكلبي: «سيدي مشيش ...اسمه سليمان»9، أورد ذلك سليمان الحوات أيضا، وأضاف: «مشيش لقبه، وهو ميم مفتوحة ثم شِينَيْن متوسطة، [و] ياء بينهما، وهو فعيل من مَشَّ يده بالشيء لتنظيفها وقلع دسمها، بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل، مبالغة في معناه كسميع وعليم، وعلى أنه بمعنى مفعول، فهو كمسيح في صفته بعيسى عليه السلام وعلى نبينا خاتم الأنبياء الصلاة والسلام، أعني أنه ممشوش أي ممسوح بالبركة واليمن إلى غير ذلك»10.

إلى ذلك، تتفق كتب الأنساب على أنه شريف النسب، ويروي بعضها سلسلة انتسابه الى آل البيت كما يلي: عبد السلام بن مشيش، واسمه سليمان، بن أبي بكر بن علي بن حُرْمة بن عيسى بن محمد بن سَلَّام، واسمه سليمان، على ما قيل، ابن مزْوَار، وهو باللغة البربرية11: بكر أبيه، ويستعمل كثيرا في رئيس الجماعة المتميزة، كنقيب الأشراف، ابن حَيْدَرَة، واسمه علي، بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم12.

وقد نظم عبد السلام بن الطيب القادري (ت. عام1110 هـ /1698م) هذه السلسلة في أرجوزته عن الأشراف، قائلا:

أمّا الإمام ُالكاملُ التقديسِ

الحسنيُّ13 الكاملِي الإدريسِي

أبو محمدهمْ عبد السلام

فبيْــنَــه وبين سَيّد الأنام

أربعةَ عشرَ من الآباء

من أول النسب بلا انتهاء

ليسعهم من اختلاف بقع

عند ذوي التحقيق حين يرفعُ

وكلهم بخارجٍ معروفُ

عند ذوي أرضهمْ موصوفُ

فهو ابن سيد مشيشٍ الْعَلى

ابن أبي بكر سيدٌ عَلِي

ولد حرمةِ بن عيسى الأكْرمِ

ولد سَلَّام بن مزوارهِمْ

وهو ابن حيدرة المسددُ

ابن أمير عصره محمدُ

وهو ابن إدريس الإمام الأصغرُ

ولد إدريس الإمام الأكبرُ

ابن الرضى الكامل عبد الله

ابنُ المثنى حسن ذي الجاهِ

ابن الرضى الحسن سبط المصطفى

وابن علي العَلّيِّ شَرَفَا

وكان في اثنين أو أربعٍ قُتِلَ

أو خمسة على اختلاف مُحْتَمَلْ

من بعد عشرين وستمائهْ

قتله في ذاك باغي الفئة14.

يعني هذا أن مولاي عبد السلام بن مشيش شريف النسب، من الفرع الحسني الإدريسي؛ فهو سليل الأمير علي الملقب بحيدرة، على لقب علي بن أبي طالب، بن محمد بن إدريس الثاني بن إدريس الأول. وكانت وفاة الأمير علي حيدرة عام 234هـ/ 849م15، بفاس16 وقبره إزاء مسجد مولاي إدريس بناحية دار القيطون17. أما ابنه الأمير أحمد المدعو مزوار بن علي حيدرة فقد ترك الملك والرياسة18، وغادر الحضرة الإدريسية نفسها إلى بلاد غمارة، قادما إليها وأهله، وفيهم ابنه سيدي سلام؛ هذا هو القول «الذي عليه أهل تلك الناحية»19.

وكان نزولهم بموضع يقال له حجر الشرفاء، المسمى قديما: حجر النسر20 شمال القصر الكبير21، في الجانب الغربي من قبيلة سوماتة22 الغمارية، إحدى قبائل الهبط. هناك اعتكف أحمد المدعو مزوار على العبادة بالمحل المسمى اليوم: جبل الخلوة23، واشتهر بين الناس بالزهد والصلاح24، إلى أن توفي حوالي 250هـ، وقبره لا يزال معلوما مزارا25، «هذا هو المشهور عند أهل تلك النواحي»26.

حدث هذا الانتقال قبل أن تبنى في ذلك الجبل القلعة الإدريسية الحصينة الشهيرة، المنسوبة إلى إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس الثاني سنة 317هـ /929م، حسب أبي عبيد الله البكري27، أو ابنه محمد حسب المصدر اللاحق28، المهم أن القلعة صارت مأوى الأدارسة الذين فروا من فاس بسبب فتنة موسى بن أبي العافية المكناسي29. لذلك يعرف الموضع بـ: «حجر النسر أو حجرة النسر حسب التواريخ، وحجرة الشرفاء، أو حجرة سيدي مزوار، حسب المتعارف عليه محليا»30.

وفي حياة سيدي مزوار، انتقل ابنه سيدي سلام، وكان وحيد والديه، من حجر النسر إلى قبيلة بني عروس المحسوبة على غمارة31، وكان بدوره أول من سكنها من هذه البيتة الإدريسية؛ تقول المنقبة المأثورة: إن أباه دفعه إلى أهلها ليتبركوا به، تلبية لطلبهم؛ فسكن بقرب مدشر يسمى: مجمولة، إلى أن توفي، وأن «[سيدي سلام هذا] كان معروفا بالفضل والصلاح والدين المتين، مقدما عندهم في أمر دينهم»32. أما قبره فهو معروف، بقرب داره التي كان يسكنها، في موضع يدعى: البَيْمَل، قريبا من سوق خميس بني عروس، لا يبعد عنه سوى بميل واحد، إلى جهة القبلة، عن يمين الصاعد إلى مجمولة33، ومنه تسرب هذا النسل الإدريسي في بني عروس وغيرها.

لم يخلف سيدي سلام بدوره سوى ابن واحد هو: سيدي عيسى. وهذا ضريحه بأسفل مدشر بوعمرو، وتنطق: بوعمار، الواقعة شمال خميس بني عروس34. ولم يخلف، هو أيضا، من الذكور إلا ولده سيدي بوحرمة35، الذي سكن مدشر امجازليين (يعني المجاز اللّين)، قرب وامراس، بعيدا عن سوق الخميس في بني عروس بنحو عشرين كلم تقريبا، وبه ضريحه36. أما علي بن حرمة فضريحه بموضع يسمى: أواجة37، على جرف وادي خميس بني عروس، قبالة مدشر بوجبل، قريبا من ضريح جده سيدي سلام العروس، لا يفصله عن سوق خميس بني عروس سوى نصف ميل تقريبا لجهة الجنوب، وإليه ينسب السوق المذكور، فيقال: خميس سيدي علي38.

هؤلاء سكنوا قبيلة بني عروس. أما أبو بكر بن علي بن حرمة فكان أول من استوطن من ذرية سيدي سلاّم جبل العلم؛ عاش بمدشر الحْصَنْ، وتوفي بمدشر عين الحديد، ودفن بالقرب من العين أسفلها، حيث ضريحه مزارة مشهورة، بموضع يدعى: غابة الدك، وذلك شمال وادي المخازن 39، عن يمين طريق السيارات الصاعدة لسوق الخميس بينه وبين السوق نحو ثمانية كلم تقريبا40.جاء عند ابن الحاج السلمي:

وابنُ مَشيشٍ قُطْبُ سرِّ اللهِ

وارِثُ نِسْبَةِ رســـــولِ الله

وجدُّهُ المولى أبو بكْرٍ السَّمِيْ

هو جَماعُ كلِّ شَعبٍ علَميْ41

في أبي بكر، إذن، يجتمع نسب الأشراف العلميين على اختلاف فروعهم42؛ من خلال أبنائه السبعة: سيدي يونس، سيدي علي، سيدي مَلهي، سيدي ميمون المدعو الحاج، سيدي أحمد، سيدي الفتوح، سيدي سليمان المدعو: مشيش43، والد مولاي عبد السلام، وضريحه عبارة عن حوش، وسط جبل العلم لجهة الغروب بموضع يقال له أَغِيل44، وهو اسم مدشر صار مقفرا45.

عقّب مولاي امشيش ثلاثة ذكور: سيدي موسى، سيدي يملح، مولاي عبد السلام بن مشيش46. وقد توفي سيدي الحاج موسى، قبل أخيه عبد السلام بن مشيش بعشرين عاما، ومدفنه أعلى قرية دار أبْجاوْ، عليه حوش من حجارة دون طين بالقرب من قرية تازروت. أما أخوه الثاني سيدي يملح فضريحه وراء قبر والده على أمتار بينهما، في مدشر تازروت ببني عروس، عليه حوش من الحجارة أيضا47. أما قبر مولاي عبد السلام فيقع في قمة جبل العلم.

وقد جمع صاحب أرجوزة بين أخوي مولاي عبد السلام بن مشيش وأعمامه في ثلاثة أبيات، صورتها:

فالإخوة اثنانِ لهُ قدْ وضحا

موسى الأبَرّ والمسمى يملحا

وستة أعْمامِهِ وهُم علــي

يونس ميْمون فتوح العلي

ملهى وحاج ثم كل أعقبا

إلا الأخير لَمْ يخلف عقبا48

وجمع شاعر آخر الإخوة والأعمام في بيتين، نصهما:

وأخواه يمْلح وموسى

لا غير، والأعمامُ ستّ ترسى

يونس، ميمون، فتوح، وعليّ

أحمد، الملهي، فقدرهم جلى49

كما نظم شاعر آخر، هو أبو الحسن علي المعروف بمصباح الزرويلي مقاما اليلصوتي أصلا (ت.1135هـ / 22-1723م)، من جهته، أرجوزة، ذكر فيها نسب مولاي عبد السلام بن مشيش وخلفه مع السلف، مما جاء فيها:

الحمدُ لله الذي قدْ شرّفـا

عبادهُ بالهاشميِّ الـمُصطفى

صلّى عليهِ وعلى الأخيارِ

من آله وصحبه الأبرار ِ

وتابعيهٍم منْ خيارِ أُمّتِه

ما أخلقَ البَدرُ برودَ ظُلْمتهِ

وبعْدُ فاعلم أن خيرَ الخلْقِ

على العموم عند أهلِ الحقِ

محمدٌ منْ أورثَ الفضلَ الأعمَّ

أُمّتَهُ على سوابقِ الأممِ

وآلهُ عيونُ هذا الجيل

مُسْتَوْجبو التعظيم والتّبْجيلِ

وهُمْ شموسُ الأرضِ في الآفاقِ

وحُبّهُم فرْضٌ بالاتّفاق

ولا يَغُضُّ منهمُ إلاَّ امرؤٌ

داءُ الشّقاءِ في قلبهِ مُختبئُ

هذا ومنهمْ عددٌ ليسَ يُعَدْ

في الشَّرْقِ والغربِ وفي كل بلدٍ

زاد الإلَه منهم حتّى يرى

عددُهم مثلَ الحصَى وأكثراَ

ومنهمُ في الغربِ أشرافُ العلَمْ

نُودُوا برفعٍ مثلَ مُفْرَدٍ عَلَمْ

همْ أنجمٌ في الغربِ طالعاتٌ

فوق نجوم الأُفْقِ ساطعاتٌ

وهمْ بنو القطبِ الجليلِ المرتضى

عبد السّلامِ بنِ مشيشٍ الرِّضى

عليه رحمةُ الإلهِ تَتْرى

ما أضحكَ القَطْرُ بروْضِ زَهْرَا

القُطبُ بعد الفجرِ كانوا قتلوهُ

في عامِ كَبْخٍ50 هكذا قدْ نقلوهُ

أربعةَ من البنينِ خلّفا

كانوا جميعًا أتقياءَ حُنَفَا

محمدٌ أحمدُ عبدُ الصمدِ

علاّلُ هُمْ زُهْرٌ لكلِّ مهْتَدِ

وكلُّهم قد عقّبوا وأحفدُوا

أكثرهُمْ ذُرّيةً محمّدُ

وكان للقطبِ منَ الإخوانِ

على الذي روَى الثِّقاتُ اثنانِ

موسى ويملحُ وكلٌّ عقّبا

ذريّةً زاكينَ أمّاً وأبـــــــَا

وكان للقطب من الأعمام

ستٌّ وكانوا سادةَ الأنامِ

وكلهمْ عقَّبَ غيرُ الأوّليْنِ

وافاهُما ريْبُ المنونِ مفْرَدَيْنِ

إلى أن قال:

ابنِ أبي بكرٍ وهوَ ابنُ علي

وَهْوَ ابنُ حرمةَ الأجلِّ الأفْضَلِ

وهو ابنُ عيسى ابنِ الرّضى سلاّمِ

ابنِ الرّضى مزوارٍ الهُمامِ

ابن علِي الذي يسمى حيدرهْ

ما كان أعلىَ قدرهُ وأفْخَرَهْ

ابنِ محمّدِ الذي أَمَّ بفاسْ

ذو شِيَمٍ وذو عوارفَ نِفاسْ

ابنُ الرّضَى إدريسُ وهْوَ الأزْهَرُ

ابنِ الرّضى إدريسُ وهْوَ الأكبرُ

ابنِ الرّضىَ عبْدِ الإلَهِ الكاملْ

ابنِ المُثَنّى الحسَنِ الخلائلْ

ابن أمير المومنين السّبْطِ

الحسنِ اللاّبِسِ ثوبَ القِسْطِ

ابن الخليفة عليٍّ وفاطمه

أفضلَ كلِّ صائمٍ وصائمهْ

بنْتِ الرسول الهاشميِّ أحمداَ

صلى عليه اللهُ ما نجْمٌ بدَا51

هكذا، يعدّ مولاي عبد السلام بن مشيش شريفا حسنيا إدريسيا؛ نسبة إلى مولاي إدريس، مؤسس دولة الأشراف الأدارسة، مثله مثل سائر سلفه الذين تناسلوا من سيدي مزوار في غمارة، ويعدّ أيضا شريفا علميا باعتبار سكناه وسكنى والده مشيش، وجده أبي بكر، في جبل العلم، علما أن «أبا هذه الشعب العلمية بأسرها وجمّاع أفرادها في الإحاطة بحصرها هو: أبو بكر والد مشيش» نفسه، كما تقدم52، لذلك اتفق النسابة على أن ينسبوا إلى جبل العلم كل من سكنه من أولاد «... أبي بكر بن علي، الجد الجامع لنسب العلميين، فيقال لمن كان أصله ينحدر من أبي بكر في غير قبيلة بني عروس علمي، ولا يطلق هذا الاسم على أبناء عمهم الأدارسة ولو سكنوا معهم في جبل العلم»53.

ورغم عدم شهرة أجداد ابن مشيش منذ سقوط دولة الأشراف الأدارسة أيام الصراع الفاطمي– الأموي في المغرب، حتى قيام الدولة المرينية، فإن أضرحتهم بقيت قائمة تزار، أماكنها معروفة، يشار إلى أصحابها بأنهم من ذوي البركة54. وقد شكلت هذه الأضرحة دوائر متتالية تتسع وتتعدد رموزها كثيرا في غمارة، ثم تضيق في بني عروس حيث قبور أجداد مولاي عبد السلام بدءا بوالده سيدي مشيش بن أبي بكر بن علي بن حُرْمة بن عيسى بن محمد بن سَلَّام؛ سلاّم، هذا العروس الذي كان أول من أتى هذه القبيلة؛ ثم دائرة بني عروس نفسها التي تحيط بقطب رحاها في قمة جبل العلم، حيث مرقد الشريف: مولاي عبد السلام بن مشيش الذي اشتهر أمره أيام الدولة الموحدية في المغرب55.

حافظت أضرحة الأجداد، كما ضريح ابن مشيش، على وجودها، رغم الخمول الذي طالها طويلا. لكنها لم تحظ بتراجم في حينها، هذه المفارقة جعلت الكتابة عنهم تستعين، في غياب الروايات التاريخية، بما حفظ في الصدور من المأثور الذي ظل متداولا بين الناس، جيلا بعد جيل، نثرا وشعرا، والذي غدا معتمدا في إعادة كتابة سيرة ابن مشيش وآله. وكان للمنقبة في هذا الأمر الحضور الأقوى بما فيها من كرامات وخوارق، ومن عجيب وغريب، وقد طالت بالخصوص سيرة ابن مشيش نفسه.

شريف تَعلَّم وتصوّف:

ولد مولاي عبد السلام بن مشيش في القرية التي كان يسكنها والده سيدي مشيش، المسماة: الحصن، بقبيلة بني عروس، أسفل جبل بني ليث الذي اشتهر باسم العلم، من جهة الشرق56، حيث يوجد البيت المولود فيه محفوظا، إزاء: جامع الدلم57.

لا يعرف، على التحقيق، تاريخ ولادته، لكن بعضهم اعتمد عملية حسابية، انتهى من خلالها إلى أنه ولد سنة 559ه/1164م أو 563 /1168م58. بينما استند البعض الآخر إلى المأثور، وقدّر أن الرجل بلغ من الكبر عتيا، استنادا إلى قوله في صلاته المشيشية: «اسمع ندائي بما سمعت نداء عبدك زكرياء عليه السلام»، آخذا في تقديره بالاعتبار أن دعاء زكرياء هو طلب الذرية بعد بلوغ سن الشيخوخة والإشراف على اليأس من الولد59.

لم توثق المصادر التاريخية شيئا ذا بال، فيما نعلم، عن حياة الصبا في سيرة ابن مشيش60، بينما تجود المناقب بأخبارها التي تؤشر فيها على ولايته مذْ كان في بطن أمه، من قبيل قول الشيخ حمزة شقور أن: «سيدي عبد الرحمن المدني، في المدينة المنورة، وهو يحرس مولاي عبد السلام بن مشيش؛ هذا ومولاي عبد السلام بن مشيش في بطن أمه في المغرب. نور سيدي عبد الرحمن المدني متصل، من المدينة المنورة إلى بطن أم مولاي عبد السلام بن مشيش، لكي يكثر النور في مولاي عبد السلام، لكي يعتاد التلميذ على ذلك النور، حتى يكون التلميذ مهيأ من دون أن يشعر»61.

تواكب المناقب سيرة الجنين، لتسجل «أنه يوم ولادته سمع سيدي عبد القادر الجيلاني، رضي الله عنه ونفعنا به آمين، هاتفا يقول: يا عبد القادر، ارفع رجلك عن أهل المغرب، فإنَّ قطب المغرب قد ولد في هذا اليوم، فتمشى الأستاذ عبد القادر إلى جبل الأعلام بالمغرب، حيث مولد سيدي عبد السلام، وأتى إلى أبيه سيدي مشيش، وقال له: أخرِجْ لي ولدك. فخرّج له أحد أولاده، فقال له: ما هذا أريد. فأخرج له أولاده كلهم، وقال له: ما بقي إلا ولد واحد، ولد في هذا اليوم. فقال له سيدي عبد القادر: عليَّ به؛ فهو الذي أريده. حينما أخرجه سيدي مشيش، أخذه سيدي عبد القادر، ومسح عليه، ودعا له»62.

من الروايات المناقبية التي تروى عن الفترة المبكرة جدا في حياة ابن مشيش كذلك كرامة ظهرت على يده، وهو لا يزال رضيعا، فيها أنه «كان رضي الله عنه إذا أهلّ هلال رمضان يمتنع عن ثدي أمه، فإذا أذَّنَ المغرب قاربه، وارتضع منه»63. مما لا شك فيه أن ماء هذه المنقبة نابع من المأثور الشعبي، لأن ثمة رواية مماثلة متداولة بين الناس، يحضر فيها قطب المشرق بشكل لافت كذلك، جاء فيها: أن الصبي مولاي عبد السلام كان يستمتع برؤية الارتجاج الذي يقع على سطح الماء بتحريك الإناء الذي يوجد به، في منزلهم بقرية الحصن في المغرب، كان مولاي عبد القادر الجيلاني يتوضأ منه في بغداد بالعراق. فقدم هذا الولي الكبير إلى جبل العلم، مسخرا، بدوره، ما أوتي من قدرات خارقة، وطفق يرجو سيدي مشيش حتى يمْنَع ابنه المُعْجِز عن هذه اللعبة. ولكي يعطي الابن مولاي عبد السلام لوالده سيدي مشيش مثلا على هذا الارتجاج الذي جاء في شأنه ولي بغداد، لمسه بيده الصغيرة، فسقط فاقدا الوعي. قام الأب مذعورا، فطلب من زوجته ألا ترضع ابنهما إلا من ثدي واحد فقط، خشية أن تستفحل قدراته الخارقة64.

تظهر الأخبار التاريخية لتخبرنا أن مولاي عبد السلام نشأ بمدشر الحصن، وهذا من تحصيل الحاصل لأنه محل سكنى والديه. هناك، أيضا، بدأ القراءة بالكُتّاب التابع لجامع الدلم بالمدشر نفسه65. وعلى العادة في تلك الجبال وفي غيرها من بلاد المغرب، «ذكروا أنه حفظ كتاب الله في سن مبكرة، وأضاف البعض أنه أتقن حفظه بالروايات السبعية، وعمره لم يتجاوز اثنتي عشرة سنة»66... ويقال شائعا... إن أبا علي الحسن الدوالي دفين الجامع الأكبر من وزان، هو مؤدبه ومعلمه القرآن العزيز67. «يقال [كذلك]: إن شيخه القرآني هو الولي الصالح سيدي سليم»68، نزيل مدشر بودا في قبيلة بني يسّف69. إلى ذلك، ذكر الفقيه محمد داود في رحلته إلى فاس عام 1274هـ، أنه، ورفاقه مروا «بضريح سيدي محمد بن علي المصباحي [دفين محل يقع بين العقبة الحمراء وقرية تسمى البلاط، غير بعيد عن طنجة]، قيل إن ابن مشيش قرأ القرآن عليه»70.

ولكتب المناقب رواياتها المواكبة والمناسبة لمرحلة الصبا من حياة ابن مشيش، التي اشتغل فيها بحفظ القرآن، لعل أكثرها تعبيرا حديثها عن أحوال الجذب الذي اعتراه، وهو ابن سبع سنين71. بل تقدم المناقب رواياتها مفصلة عن تلك الأحوال؛ وهي من جنس الكرامات، من قبيل الرواية التي جاء بها: صاحب كتاب التحقيق والإعلام في تحقيق نسب شرفاء الأعلام، نصها: «أن رجلا من قبيلة بني ليث اسمه وَمِّين، بفتح الواو وتشديد الميم المكسورة، كان يأتي إلى دشير الناجي المسمى الآن بالمحروقة... [-حومة من مدشر] الحصن-وكان يتجاسر على أهلها، وكانت عادتهم في ولائمهم وفرحهم أن نساءهم يختلطون مع رجالهم، كما كانت عادة غيرهم في الزمان المتقدم. فجاء ذات يوم لوليمة من ولائمهم وتجاسر عليهم وعلى نسائهم، فاتفقوا على قتله؛ فضربه رجل من أولاد القمور، بالقاف، فقتله، ودفنوه بمدشرهم. فجاءت أمه تسأل عنه، وهي خافية نفسها، فدخلتْ على بنتٍ كانت مغمورة، فجعلت تضحك معها وتؤنسها وتسبُّ في ومِّين المذكور. فأرادت الخروج، فقالت لها البنت المذكورة: اجلسي معي تؤنسيني. فقالت لها: الليل وارد علي وأنا خائفة من وَمين يقطع بي الطريق. فقالت لها: اجلسي معي ولو ساعة، فإن ومين قتلوه. فقالت لها: أوقفيني على قبره (نركز) على رأسه هذه العصا، فأوقفتها على قبره. فذهبت إلى قبيلتها، فأخبرتهم بموته، وبقبره. فصاروا معها إلى أن أوقفتهم عليه، فأخرجوه، وذهبوا به إلى مدشره ودفنوه، واتفقوا على قتل أهل مدشر المحروقة، وخرابها. فأتاهم القطب مولانا عبد السلام بالرغبة فيهم، وهو صبي صغير، وكان بيده لوح، وكان يقرأ فيه، فوجدهم بموضع يقال له عسالة، فرغبهم، فأظهروا له الخير بلسانهم وفي قلوبهم الخديعة، وأعطوا من يمشي إلى دشير الناجي، أعني المحروقة، والباقي معه، يضحكون معه، ووضعوا أمامه خبزا، وقالوا: ما عندنا شيء نأكلها به، فقال لهم: اِئتوا إلى حوض، يعني غديرة، فهي هناك، فكلوا الخبز بمائها فإنه عسل، فمنهم من أتى إليه ليجربه، ويضحك عليه، فأخذوا من خبزهم وغمسوها في مائه، فلما رفعوها لأفواههم خرجت مطلية بالعسل، فصاروا يخبرون الجالسين حوله، والواقفين هناك. فإذا بالنار اشتعلت بديار دشيّر الناجي، وأوقدها بعض من بني ليث الذين أرسلوهم، وبقوا مع الشيخ رضي الله عنه يخدعونه، فلما رأى الشيخ تلك النار، قال: اللهم اجعل رمحهم منهم كالْمَقْصَبة، اللهم اجعل الفتنة فيهم، وفي عقبهم إلى يوم القيامة؛ فبسبب هذه النار سميت المحروقة وهي حومة من مدشر الحصن»72.

لم تمنع أحوال الجذب مولاي عبد السلام من الاشتغال بطلب العلم؛ في هذا الصدد، تنقل الروايات الشفوية بالتواتر أنه استقر به المقام بقبيلة بني حسان غير بعيد عن بني عروس في كل من قرية بوبيين وقرية تاصرت، وأنه كان من جملة الطلبة الذين جلسوا لحفظ القرآن ودراسته بمسجد قريتهم الذي لا يزال بناؤه قائما إلى اليوم73. وبناء على ذلك، افترض بعض الباحثين أن يكون قد حفظ القرآن بنظام الملازمة المعروف بالتخنيشة أو التخنيش باللسان الدارج في جوامع القبائل المجاورة74، وأنه، على عادة الطلبة الراغبين في تعميق معارفهم في القراءات القرآنية ومبادئ علوم الشريعة، التحق كذلك بمسجد «الجامع البيضا»، بقبيلة بني حسان نفسها، وفي مسجد جامع الشرفاء أو الشرفات بقبيلة الأخماس باعتبارهما كانا مركزين «علميين نشيطين»75.

ومن أشهر أساتذته، في هذه المرحلة، رجلان لهما ذكر في كتب التاريخ والمناقب على حد سواء، هما:

- أخوه الأكبر سيدي الحاج موسى الرضى76، دفين مدشر دار أَبْجاوْ قريبا من تاصروت77. هنا تتجه الأخبار الشفوية المتوارثة محليا إلى أن البداية الأولى للشيخ في تلقي العلوم الشرعية كانت على يد أخيه هذا78.

- الحاج أحمد الملقب أقطران، أحد أولياء قبيلة الأخماس79. هنا، ثبت في بعض التقاييد أن هذا الشيخ هو أستاذ مولاي عبد السلام بن مشيش في القراءات80، وأنه كان يأخذ عنه، أيضا، العلوم الفقهية بالمدونة على مذهب الإمام مالك81. في المقابل، تواتر بالمناطق الجبلية المجاورة لقبيلة بني عروس أن مولاي عبد السلام انتقل إلى قبيلة الأخماس وأخذ الفقه عن هذا الفقيه اليلصوتي82. كما يقال إن ابن مشيش هو الذي غسل أستاذه هذا إثر وفاته83. علما أن قبره يوجد بقبيلة الأخماس في مدشر أبروج غير بعيد عن قرية باب تازة، بعيدا بنحو عشرين كلم من شفشاون شرقا في اتجاه الحسيمة، بينما تقدر المسافة بين أبروج ومدشر الحصن، الذي نشأ به ابن مشيش، بنحو أربعين ميلا84، ويعرف القبر اليوم باسم سيدي الحاج العسلاني، وهو من المزارات الشهيرة، يقصده الناس للتبرك والاستشفاء، ويُعقد برحابه موسم سنويّ في فصل الصيف 85.

ها هنا، أيضا، يفرض التراث الشفوي نفسه بقوة، ويحضر معه الاجتهاد في استنطاقه متجاوزا أحيانا النصوص المناقبية نفسها في الجنوح نحو الإبداع العجيب. نشير بهذا التعقيب إلى الرواية التي يتداولها أهل فاس مفادها أن ابن مشيش درس بجامع القرويين، والتي أخذ بها بعض الباحثين، كأن سيرة ابن مشيش لا تستقيم إلا إذا عرجنا بها على القرويين، فيغدو الغريب ضروريا، مثلما لم يستبعد أن يكون ابن مشيش قد جلس إلى العلماء في جوامع سبتة، لأنها كانت، في عهده، من أجل المراكز العلمية في المغرب86، ومادام قد دخلها وهو في مرحلة طلب العلم، كما يحكى87.

بل لقد استرشد بعضهم بأسلوبه في الصلاة المشيشية، وصاغ حديثه عن علاقته بسبتة بصيغة الجزم؛ مسجلا أن مولاي «عبد السلام لابد أنه درس في سبتة»88، مستحضرا تأثير مدرسة قرطبة فيها، من جهة، وأسلوب ابن مشيش ذي الطابع الأندلسي، من جهة ثانية89. بل يروى أنه كان «معلم كتّاب بسبتة»90. زد على ذلك، أن التقارب بين أفكار محيي الدين ابن عربي الحاتمي وابن مشيش دفعت بعضهم الآخر إلى أبعد من ذلك، فتحدث عن حصول التأثير بين الرجلين، ما داما ينتميان إلى الفترة نفسها، بل لم يستبعد حتى اللقاء بينهما91. في المقابل، لابد من أن نستحضر أن ابن عربي الحاتمي لم يستحضر ابن مشيش في كتبه وخاصة الفتوحات المكية و«روح القدس» الذي خصصه لذكر شيوخه وأصحابه من أهل المغرب92، وليس ثمة أي صدى لابن مشيش فيما كتب عن سبتة نفسها، مما يعرف من الطروس. بل إن الرواية التي تتحدث عن دخوله إليها تفوح بالحماسة وعبق اللذة ولا تقنع صرامة المؤرخ93. هنا، أيضا، لا ننسى ما قيل عن اتصال ابن مشيش وأخذ العلم عن الولي الصالح الشيخ أبي سعيد المكنى بأبي سلهام المعروف بمولاي بوسلهام، صاحب الضريح الشهير على شاطئ المحيط الأطلسي عند مصب بحيرة المرجة الزرقاء، المتوفى في نيف وأربعين وثلاثمائة، علما أن التاريخ يأبى هذا الكلام لما بين الطرفين من الفارق الزمني الذي يتعدى القرنين من الزمن بكثير، مما لا يسمح بالحديث عن حدوث اللقاء بينهما94، اللهم إلا إذا استحضرنا المنقبة هنا، أيضا، وتكلمنا عن اللقاء بين الأرواح.

المهم، أن ابن مشيش، بعد اكتمال تحصيله العلم، وبلوغه فيه مبلغا رفيعا95، أخذته أمور الحياة العادية. في هذا الشأن، ذكر باحث مهتم أنه وقف على كتاب مخطوط، مما نقله منه، كلام يوافق هذه المرحلة من حياة ابن مشيش، فيه أنه انتقل إلى بني ومراس في قبيلة بني عروس، وأقام هنالك، «...بعزيب بو مهدي؛ وذلك أمر لا مرية فيه، فهنالك، إلى الآن، آثار شاهدة كأثر مسجد يحمل اسمه وعين ماء جارية، تعرف بعين مولاي عبد السلام، وعلى مائها في الغالب، يعتمد سكان القرية، كما هناك حجر (صخرة) يقال إنه كان يصلي فوقها، وهذه أشياء معروفة بالتواتر»96.

اعتمادا على التواتر، دون شك، تحدث الطاهر بن عبد السلام اللهيوي عن هذا الانتقال، بتفصيل أكثر، فقال: «اختار [ابن مشيش] لنفسه محل سكناه بموضع كانت به قرية فخربت قديما تدعى أدياز الفوقاني، بأسفل ضريحه من الجهة الغربية على بعد ميلين، ويقال إن أهل القرية تحولوا ونزلوا بالقرب منها حيث هم اليوم ... كان يعيش على الإنتاج الفلاحي، وكان معتمدا في ذلك على عزيبين، أحدهما بحومة ومراس، وما زالت به دار تنسب له إلى اليوم، والحومة المذكورة تقع بقرية أبي زهري، وهي على بعد نحو عشرة أميال من موضع سكناه، والآخر يوجد بالقرب من أرض عياشة بأسفل قبيلة بني عروس على بعد نحو 55 ميلا، ويدعى (أبو مهدي)، ولا تزال آثاره بها إلى الآن، منها عين ماء تنسب إليه كثيرة المياه، وكانت توجد خربة داره بها، وبعض القبور التي كانت توجد إلى جانب المسجد...97. كما يوجد بالقرب من القرية موضع تعبده على حجارة. ويحكى أنه كان عند إقامته المذكورة يصلي الجمعة بجامع الرميلة من فرقة الخطوط بقبيلة بني جرفط المتاخمة لبني عروس، وهي على مسافة نحو ستة أميال من العزيب المذكور. وبالقرب من العزيب المذكور موضع مرتفع تعلوه شجرة برية قديمة، وعليها حوش من الحجارة، ينسب لأم الشيخ مولانا عبد السلام، يدعى بمقام لالة زهرة...98. من هذا نعلم من بين ما نعلمه أن ابن مشيش كان يعتمد في حياته أثناء ذلك على العمل الفلاحي على ما كان يعيش عليه أهل زمانه»99.

على هامش هذه المعلومات، تحضر المنقبة بقوة أيضا، لتروي أن ابن مشيش حصلت له حالة أخرى من حالات الجذب، وكانت قوية هذه المرة، لأنها جعلته يخرج من الدنيا برمتها. قال الراوي في إحقاق الحق: «حين إقامة... [ابن مشيش] هنالك نظر يوما إلى زرعه فإذا أنعام تأكله، فنادى صاحبها وطلب منه إبعادها، فأبى الرجل فدعا عليه [فهلك]»100. تضيف المنقبة أنه: «بعد هذا الحادث قصد... [ابن مشيش] أخاه الأكبر سيدي الحاج موسى الرضا101، وقص عليه القصة، فأجابه بأبيات منها وهو آخرها:

فاجنح لهذا الغرض الجميل

وحقق المعبود بالدليل...

فجعل الشيخ يبكي، حتى بكى أخوه، وحينئذ أعلن أنه يُطَلِّق الدنيا ثلاثا»102.

في السياق نفسه، ينسب إلى ابن مشيش دعاء، يقال إنه دعا به، حينما غادر بلدته، وطلق الدنيا ثلاثا، متجها إلى جبل العلم، صورته كالآتي: «اللهم الق علي من زينتك ومحبتك وكرامتك ما يبهر القلوب، وتذل له النفوس، وتخضع الرقاب، وتبرق له الأبصار، وتبرأ له الأفكار، ويخضع له كل متجبر ظلوم كفار، يا عزيز يا جبار يا واحد يا أحد يا قهار، اللهم احفظني بما حفظت به نظام الموجودات، واكسني درا من كفايتك، وقلدني سيفا من نصرتك وحمايتك، وتوجني بتاج عزك وكرامتك، وركبني مركب النجاة في الحياة، وبعد الممات، و امددني بجيش من رفاق أسمائك القاهرات، تقهر بها عني من أرادني بسوء من جميع الموجودات. فكان مما أجابه به أخوه: الأولياء بالكرامات والأنبياء بالمعجزات. فطلب الشيخ من أخيه الدعاء فدعا له بقوله: وفقك الله وأصلح بك البلاد والعباد آمين. والشيخ يؤمن. ثم عاد إلى جبل العلم وانقطع لعبادة الله سبحانه حتى وافاه أجله»103.

أورد الحكاية كلها عبد الله بن محمد الوراق مختصرة، قائلا: «إن سبب زهده في الدنيا وخروجه عنها... أنه كان له زرع، وكان راع يؤذيه فيه، فدعا عليه، فهلكت ماشية الراعي، وقيل هلك الراعي، فرمى [الشيخ] من يده... الماعون وهرب إلى الله، وطلق الدنيا ثلاثا، وطلع إلى جبل العلم، وأوطنه إلى أن مات الموتة الكبرى الموروثة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم»104.

هكذا، انتهى الحال بابن مشيش إلى الخلوة في جبل العلم105. ونضيف ها هنا منقبة هامة، هي أن الرجل حين كان يمسه الجوع، في خلوته، بجبل العلم كان يقتات من طعام غريب المصدر106، تسميه بعض المناقب في سير الصالحين بـ: طعام الكون107.

وأهم ما نسجله، إلى حد الآن، أن ابن مشيش اعتراه الجذب، أول مرة، وهو ابن سبع سنين، كما تقدم، مما يعني، حسب المعيار الصوفي، أنه دخل عالم الولاية عن طريق الجذب الإلهي، وهو صغير السن. وأن حال الجذب تكرر حصوله له، حتى اعتراه الحال الأكبر فاختلى في جبل العلم. وفي هذه المرحلة بالذات، يقال، في كلام منسوب إلى تلميذه أبي الحسن الشاذلي: «سلك الشيخ سيدي عبد السلام الطريق، وهو ابن سبع سنين، وظهر له من الكشف أمثال الجبال، ثم خرج إلى السياحة، وأقام بها ستة عشر سنة» 108.

أثناء ذلك، وهو في المغارة مرابطا بجبل العلم، حصل له الاتصال بشيخه، أو بالأحرى ظهر له عيانا109؛ إنه أبو محمد سيدي عبد الرحمان بن الحسن الشريف العطار المعروف بالزيات، قيل سمي كذلك، لسكناه في حارة الزياتين بالمدينة المنورة، وهو، عمدة ابن مشيش في السلوك110، مما يعني أيضا أن ابن مشيش سلك الطريق صحبة شيخ من شيوخ التصوف، أيضا، ولم يكتف بالجذب. فهو ليس مجذوبا فحسب وإنما سالك للطريق أيضا.

لكن هنا بالذات إشكالان كبيران، الأول تثيره المسافة الفاصلة بين مكاني الشيخ والمريد. أما الإشكال الثاني، وهو أكبر، فيثيره الحديث عن سلوكه طريق القوم وهو ابن سبع سنين، التاريخ الذي حصل له فيه الجذب الأول.

لم تهمل الروايات المناقبية الأمرين معا، بل اهتمت بهما كثيرا بأساليبها الخاصة طبعا، لأنهما محور الحكاية كلها، خلاف غيرها من الكتابات المفارقة لها منهجيا.

أقدم نص مناقبي وارد في هذا الباب، رواه يوسف بن عابد الفاسي الإدريسي الحسني، الذي زار المغرب في مستهل العقد التاسع من القرن العاشر الهجري/16م، قال فيه مما قاله: إن «شيخه الذي كانت توالت أمداده إليه من المشرق في المدائن، وهو الشيخ عبد الرحمن الصغير المدائني، رضي الله عنه، كانت تسري إليه أمداده من حيث لا يدري الشيخ عبد السلام بن مشيش إلى أن حضرت وفاة المدائني؛ جاء هاتف من قِبَل الله إلى الشيخ عبد السلام المذكور وعرفه بالأمداد التي تجيء إليه من قِبَله وأوصاف البلاد والعباد»111، مما يعني أن المدد كان يسري إسراءً من الشيخ المدني ساكن المدينة المنورة، والمتوفى بها في القرن الخامس الهجري/11م، حسب نصوص مناقبية لاحقة112.

في هذا اللاحق، اتسعت دائرة المنقبة في الحديث عن الاتصال بين الطرفين؛ فجاء في رواية مكملة، أوردها أبو العباس أحمد الوزير بن عبد الوهاب الغساني الأندلسي الفاسي (ت 1146ه/ 1733م) في مقدمة شرحه للصلاة المشيشية: «أدركه الجذب لسبع سنين ولم يشعر بمن وصل له ذلك على يده، فلما كبر وترعرع انقطع للعبادة تاركا للمألوفات والعادة، سالكا سبيل الجادة، راكنا إلى مولاه، لا يلتفت لسواه، معرضا عن الدنيا وزينتها وبهجتها؛ فبينما هو يوما من الأيام في مغارة له هنالك فوق ضريحه، وما زالت معروفة إلى الآن، إذ أشرف عليه رجل واردا، ووصل إليه وافدا، فسلم عليه، فقال له: من أنت يا سيدي؟ فقال له: أنا شيخك، وقد وصل لك من المدد والمنازلات والأحوال والواردات كذا وكذا في وقت كذا، وصار يصف له ذلك مقاما مقاما، وحالا حالا، وهو الشيخ الكبير، القطب الشهير السّري الشريف... سيدي عبد الرحمن بن الحسين الشريف العطار المدني ويلقب أيضا بالزيات لسكناه بحارة الزياتين من المدينة المنورة»113.

وفي رواية مؤكدة لما سبق: «دخل عليه ذات يوم شيخ مبارك وهو بمغارته التي برابطة الجبل. فقال له: من أنت يا سيدي؟ فقال له: أنا شيخك منذ كنتَ ابن سبع سنين، وكلّ ما كان يصلك من الخيرات والكرامات؛ وهو كذا وكذا، [فهي مني] وحدَّثَه بجميع ما جرى له من الأحوال»114. وقد عبر أحمد بن عبد الحي الحلبي على ذلك بقوله: «أخذه الطريقة عن سيدي عبد الرحمن المدني، كان ذلك في عالم الغيب والباطن إذ لم يعهد أنه رضي الله عنه سافر في الظاهر إلى المشرق حتى يجتمع بالعارف»115.

في كلام مكمل آخر، يجيب عما يمكن أن يطرح من أسئلة، تضيف المنقبة حوارا غاية في الإبداع الأدبي بين ابن مشيش وأقرب الناس إليه، أبي الحسن الشاذلي:

قلت يا سيدي: هل كنت تأتيه أو يأتيك؟

قال: كل ذلك كان.

قلت يا سيدي: أو كنت أنت تروح إليه؟

قال: نعم. كنت آتيه ويأتيني

قلت: يا سيدي كان يأتيك طيا أو سيرا؟ طيّا أو نشرا؟ طيا أو سفرا؟

قال: بل طيا، في ساعة واحدة يأتيني ويروح116.

أهمل الحوار سَيْر ابن مشيش إلى شيخه، وركز على مجيء شيخه إليه، وكذلك فعلت سائر المناقب، التي ركزت على أن شيخه: «كان يأتيه من المدينة المشرفة في ساعة واحدة، ويربيه ويرقيه... إلى أن تكمل»117. هذا بعد أن عرفه، أي بعد مدة ظل يمده بمدده خلالها وهو لا يعرف صاحبه.

فسّر عارف بخبايا التصوف هذا الاتصال العجيب، في سياق حديثه عن نماذج مماثلة، لاحقة، فقال: إن «الْمُمِد في الغيب... [واستشهد بحكايتنا، فقال:] وعلى ذلك قول سيدي عبد الرحمان المدني لسيدي عبد السلام [ابن مشيش]: أنا شيخك، وكان يمده ويربيه من المدينة، وأخذ يحتج له [حينما أتاه بالمغارة] بما خرج له على يده من المقامات»118.

عطفا على هذا الكلام، تحدث عارف آخر ببواطن الخطاب الصوفي عن حكاية ابن مشيش وشيخه بإسهاب، ثم رأى أن يذكّر بخصال الشيخ المدني حتى يزيد الكلام قوة، فجاء نعته له كما يلي: «...العارف الرباني، والغوث الصمداني، الشريف سيدي عبد الرحمن المدني العطّار الملقب بالزيات، لسكناه بحارة الزياتين بالمدينة المنورة ... كان رضي الله عنه من أكابر أولياء الله تعالى، وكان من رجال الغيب...»، وهنا إشارة إلى كونه من رجال الغيب119.

لكن، ثمة صورة مغايرة للقاء بين الرجلين، مفادها أن الاتصال كان جسمانيا في المدينة المنورة، على اعتبار أن ابن مشيش: شد رحلته إلى المشرق، فساح هناك زمنا طويلا يقدر بعشرين عاما120. خلالها وصل إلى الديار المقدسة، حيث التقى بالشيخ عبد الرحمن المدني الملقب بالزيات121، وزاد البعض أن إعجاب ابن مشيش بشيخه كان قويا، فترسخ هذا الإعجاب في عقله الباطن، وصار يلازمه حتى في منامه122. بينما رأى البعض الثاني أن الشيخ عبد الرحمن المدني هو الذي أعجب بمريده فأحبه كثيرا، حتى لقد هاجه الشوق إلى جبل العلم، ولم يتردد في الانتقال إليه من المدينة المنورة123، وقال بعضهم: «لتكمل سقوته وتتم درجته ومقاماته»124، مبينا أن مثل هذه التضحيات من المشايخ واردة في عالم الصحبة الصوفية، قديما وحديثا125. وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك وتساءل عما إذا كان مجيئه إلى المغرب بأمر إلهي أم بتدبير بشري أم بقرار شخصي منه126.

يؤكد الآخذون بهذا التحليل على رأيهم بوجود موضع معروف باسم الشيخ المدني الزيات بالقرب من ضريح مولاي عبد السلام، عن يمين القبلة بإزاء حجر كبير، وهو موضع تنسكه127.وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فرأى أنه «بعد إقامته بالمغرب توفي ودفن بترغة إحدى القبائل الغمارية على شاطىء المتوسط، ويعرف عندهم بفقيه مولاي عبد السلام»128. ويقع مدشر ترغة، حيث يوجد الضريح المشار إليه، جنوب شرق تطوان، بعيدا عنها بحوالي خمسين كيلومترا، بجانب ضريح سيدي أحمد الغزال وسيدي عبد الرحمن المغربي، ومقام المدني بينهما مهمول129.

إن الصورة الأخيرة محاولة كبيرة لإثبات اللقاء المباشر بين الشيخ والمريد، سواء أكان في المدينة المنورة أم في المغرب، لكن نتائجها تحتاج إلى إثباتات تاريخية أكبر، رغم ما يظهر عليها من انسجام. بينما الصورة الواردة في المناقب توجد قوتها فيها، ولا تحتاج إلى سند خارجي، كما أن عناصرها منسجمة مع بعضها تمام الانسجام أيضا.

أما رأينا فهو أن عبد السلام بن مشيش دخل عالم الولاية من باب الجذب، الذي اعتراه وهو ابن سبع سنين، كما تقدم. وأن أحوال الجذب تكرر حصولها لابن مشيش، دون أن تمنعه من الاشتغال بتحصيل العلم أو الاهتمام بشؤون حياته، كما تقدم أيضا، حتى أتاه الحال الأكثر تأثيرا في سيرته فجعله يزهد في الدنيا ويرابط في جبل العلم، سالكا طريق القوم إلى أن اكتمل وتصدر للمشيخة والتربية. وقد لخص هذا الجمع بين الجذب والسلوك في حياة ابن مشيش، منذ القرن الحادي عشر للهجرة/17م، الشيخ الحسن بن امحمد ابن ريسون بقوله: «طريقة... سيدنا عبد السلام الشريف طريقة الجذب الرباني والاقتداء الكامل»130. وأشار إلى هذا الجمع، أيضا، الشيخ محمد المرون في قوله: «لما أراد الله سبحانه أن يخرج ابن مشيش رضي الله عنه من الجذبة ومن أصنافها ألهمه الله أن يبحث عن شيخ التربية»131. وعلى غرار المجاذيب السالكين، ظلت أحوال الجذب تعتري ابن مشيش بين الفينة والأخرى، حتى بعد أن تصدر للمشيخة، وربما طيلة حياته الروحية. شاهد ذلك كلام ورد، على لسان أبي الحسن الشاذلي، قال فيه: «كنت جالسا مع أستاذي، وهو يقرأ القرآن إلى أن وصل: (وإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا) [الأنعام، آية70] [ف]أصاب الشيخ حال فكان يتمايل والجبل يميل معه حيث مال، وسمعته يقول: اللهم مَنْ وجبت عليه الشقاوة فلا يصِلْ إلينا ومن وصل إلينا فأنا شفيعه يوم القيامة. انتهى من كفاية المريد للخروبي»132. وجاء الحديث في هذا الموضوع عند عبد الله الوراق كما يلي: «يروى أن الشيخ مولانا عبد السلام كان يوما بإزاء خلوته جالسا يتلو القرآن، ومعه تلميذه الشيخ أبو الحسن»، حتى وصل في سورة الأنعام إلى قوله تعالى: (وإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا)، فورد عليه وارد إلهي ونزل به حال قوي اقتطعه عن حسه واستغرق فيه مدة فلما أفاق رفع يديه إلى السماء داعيا فكان من دعائه: «اللهم مَنْ سبق له الشقاء منك والحرمان فلا يصِلْ إلي ومن وصل إلي أكون له شفيعا يوم القيامة..اللهم لا تبعث إلينا من حكمت بشقائه»133. خلاصة الإشكال الأول، إذن، أن ابن مشيش دخل عالم الولاية من باب الجذب. وقد حصل له الجذب غيبا على يد شيخه المدائني.

أما الإشكال الثاني الذي يثيره القول المتكرر في سير الصالحين: «إنه سلك طريق القوم وهو ابن سبع سنين»134، والقول المتكرر أيضا: إنه «وقع له الجذب، وهو ابن سبع سنين»، فهو مدعاة للتساؤل لما قد يظهر فيه من لبس إلى حد التناقض، كما حصل لبعض الباحثين المعاصرين135.

والحق أن الأمر ليس كذلك البتة، إذ سبق للصوفية والمهتمين بالمناقب في المغرب أن أتوا في الموضوع بالقول الفاصل، منطوقه أن الأمر الأول، الذي هو الجذب، يقابله ويعبر عنه ب: الفتح أو الولادة الروحانية، كما في قول أحدهم لما ذكر أبا محمد عبد الرحمن المدني الشهير بالزيات، في سيرة ابن مشيش قال: «على يديه فتح له، وسلك الطريق...»136. فالتمييز بينهما واضح، والكلام عنهما جاء بالتتابع؛ الجذب أولا ثم السلوك ثانيا. وقال صاحب المقصد الأحمد كلاما يزيد الأمر وضوحا، حين تحدث عن سند أبي الحسن الشاذلي في الطريق، بما نصه: «له طريقتان، كما ذكر غير واحد؛ طريقة تحكيم واقتداء وإرادة، وطريقة تبرك ونفع واستفادة؛ فأما التي على سبيل الاقتداء وسلب الإرادة فعن الشيخ الشريف قطب الأقطاب أول من بدا بمغربنا قطبا، أبا محمد سيدنا عبد السلام بن مشيش... على يديه فتح له الفتح العظيم ومد بالمدد الجسيم، لا عمدة له سواه ولا نسب له عداه، وهو عن الشيخ القطب أبي محمد عبد الرحمن بن الحسن الشريف الحسني العطار المدني الشهير بالزيات، لسكناه بحارة الزياتين، موضع بالمدينة، على يديه فتح له وسلك الطريق، وهو ابن سبع سنين، وكان يأتيه من المدينة المشرفة في ساعة واحدة، ويربيه ويرقيه، ويذهب إليه هو كذلك، إلى أن تكمل، لا ينتسب إلا إليه ولا يعول في شأنه إلا عليه...» 137. الواضح، إذن، بل اللافت أن حضور الشيخ المدني وظهوره لابن مشيش اقترن بحالة جذب ابن مشيش كما في الحديث الآتي، نصه:«أتى [الشيخ عبد الرحمن المدني] إلى مولانا عبد السلام بن مشيش، لما وقع له الجذب... فدخل عليه، وهو عليه سيما أهل الله، فقال له: أنا شيخك، وأخبره عن أموره وأحواله ومقاماته مقاماً مقامْ (كذا)، وقال له: أنا وساطتك في كل حال ومقام».

منطوق هذا الكلام كله، أن ابن مشيش جمع في تصوفه بين الجذب أو ما يعرف بالولادة الروحانية، وبين السلوك أو ما يسمى بالتربية والتهذيب، وأن جذبه كان أسبق من سلوكه، ثم مرافقا له طيلة حياته. وتكتسي هذه الرابطة أهمية كبرى في السند الصوفي، حيث يعتمد عليها في تحديد الانتماء في الطريق. وقد بلغ ابن مشيش في جذبه حال المجاذيب الكبار، كما بلغ في سلوكه مقاما عاليا، فكان هو الوارث لشيخه. ورغم أنه أخذ على سبيل التربية والتهذيب عن غيره من شيوخ الطريقة138، فإنه لم ينتسب إلا إلى الذي تمت على يده ولادته الروحانية، أي: الذي جذب على يديه، ولا اعتمد على أحد سواه في التربية، الأمر الذي جعل طريقته نسخة تامة من طريقة شيخه في الولادة والتربية معا، كما كانت أحواله نسخة من أحوال شيخه مفصلة عليها. لذلك كله لم يجد كتاب مناقبه غضاضة في الحديث عن جذبه حين كان عمره سبع سنين، أو القول بسلوكه الطريق منذ كان في العمر نفسه139.

في الختام يمكن تسجيل الخلاصات التالية:

- أولا: إن ترتيب الأخبار، واستحضار التاريخيِ فيها، والاستناد على الأدبيات الصوفية، رغم ما يظهر فيها من عجيب وخارق وغيبيات، هو الذي سعينا به إلى إعادة الكلام عن ابن مشيش.

- ثانيا: إن ابن مشيش، علاوة على كونه شريف النسب، بإجماع من أرخ له، وعالما من علماء الشريعة بالإجماع أيضا؛ فجمع بذلك بين الشرفين الطيني والديني، كان، أيضا، صوفيا، جامعا، في تصوفه، بين الجذب والسلوك؛ سبق جذبه سلوكه، ثم سلك الطريق، وظل الجذب غالبا في حياته الروحية إلى مماته، فأضاف، من ثمة، إلى شرف النسب وشرف العلم، صفة الولاية والصلاح.

- ثالثا: ظهر مولاي عبد السلام بن مشيش في العهد الموحدي باعتباره واحدا من الأشراف الأدارسة، وواحدا من الصوفية البارزين في جبل العلم، وكان لاسمه هناك طنين مدو. صحيح أن كتاب السير والتاريخ في زمانه أهملوا الكلام عنه، لكن هذا لا يدل أن الرجل كان مغمورا في عصره، أو أن إشعاعه كان محدودا في جبل العلم، أو أن الأمر كان مقصودا، وإلا كيف نفسر إهمال رؤوس التصوف في عصره أيضا، وكانوا من الكبار. بل إن ابن مشيش، مقارنة بكثير من أقرانه، حظه جيد، لأنه، فضلا عن الدعاء المنسوب إليه (الصلاة المشيشية)، دونت كتب التصوف والسير الشاذلية الكثير من كلامه على لسان تلميذه أبي الحسن الشاذلي، وثمة كتاب خاص بسيرته، أيضا، ولو أنه في حكم المفقود، مما يوحي أنه لم يكن منسيا أبدا. حتى إذا رجع إلى الأضواء، في فترة أضحت الحاجة ماسة للشرف والتصوف، كانت الكتابة المناقبية في الموعد لتملأ الفراغ بأسلوبها الأدبي المتميز بحضور العجيب (كرامات، خوارق، رؤى...)، واستعمال أدوات تستمد قوتها من التراث القديم، كما كان له الحضور نفسه في كتب الأنساب، في زمن استعاد الشرفاء والأولياء مكانة رفيعة في المجتمع المغربي.

الهوامش:
1. قال أحد الباحثين: "هناك خلط لدى الكثيرين حول اسم مولاي عبد السلام، فالحقيقة هي أن مولاي عبد السلام هو ابن لأحد المتصوفة الذي يحمل نفس الاسم، لذلك فإن الاسم الحقيقي لدفين جبل العلم هو محمد بن مولاي عبد السلام. ويبدو أن هذا الخلط هو نفسه الذي يحدث مثلا في مسألة اسم المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي، حيث يسميه الكثيرون عبد الكريم، بينما اسمه هو محمد بن عبد الكريم"، علما أنه استهل هذه الفقرة بقوله: "وتشير المصادر التاريخية إلى أن الاسم الكامل لمولاي عبد السلام هو محمد بن عبد السلام بن مشيش"، عبد الله الدامون، "شيخ جبالة مولاي عبد السلام... ولي صالح يأتيه الزوار من كل المدن الجبلية.. ومن الصحراء"، جريدة المساء (المغربية)، العدد 1211، يوم الخميس 12 غشت 2010م، ص16). ولست أدري على أي من المصادر اعتمد في هذا القول، المجانب للصواب.
2. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن، دراسة وتحقيق محمد حمزة بن علي الكتاني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1424ه/2003م، ص249. وراجع: أحمد التادلي الصومعي، كتاب المعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى، تحقيق عليّ الجاوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، 1996م، ص274. سليمان الحوات، الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة، دراسة وتحقيق عبد العزيز تيلاني، مطبوعات مؤسسة أحمد ابن سودة الثقافية، فاس، 1994م، ج.2، ص491.
3. نص الشرح عند: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام بين يدي أولاد مولاي عبد السلام، مطبعة دار الثقافة، الدار البيضاء، 1978م، ص395. وراجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491.
4. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن... مصدر سابق، ص249. وراجع: أحمد التادلي الصومعي، كتاب المعزى ..مصدر سابق، ص274. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491.
5. أحمد بن عجيبة، شرح صلاة القطب بن مشيش، ضمن: سلسلات نورانية فريدة، السلسلة الأولى، جمع وتقديم عبد السلام العمراني الخالدي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1420هـ/1999م، ص11.
6. محمد المنتصر الريسوني، "الحياة الصوفية في العهد العلوي: الفتوحات الربانية في شرح الصلاة المشيشية"، مجلة دعوة الحق، تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، العدد الرابع، السنة الثانية عشرة، ذو الحجة 1388هـ /مارس1969م، ص181. 
- مع الإشارة إلى أن كلمة (الخفيف)، وردت، في المصدر المذكور قبله، بمعنى: النشيط. بينما جاءت محلها، في هذه الدراسة، كلمة (الحقيق)، بمعنى: الحريص.
- وأدلى باحث معاصر آخر بمعانٍ لها ما يبررها في تفسير كلمة بشيش، فقال: "السبب في إعطاء هذا اللقب: مْشِيشْ، أنه كان رحمه الله من ألين الناس طبعا وأطيبهم معشرا، لا يُرى إلا وهو مبتسم، طلْق الوجه، بشوش، راضيَ النفس... كان تابعا لوالده وخادما له يبُرّه ويخدمه إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، وهو بعد في ريعان شبابه. والعجب أن هذا اللقب الفصيح تنطبق معانيه على المرحوم انطباقا كليا؛ فقد جاء في التاج، مادتي: بشش ومشش: البش، اللطف في المسألة.. والبشّ، الإقبال على أخيك. وقال ابن دريد: الضحك إليه والانبساط.. والبشيش، الوجه، يقال: فلان مضيء البشيش. وفي مادة مشش: ومن المجاز: فلان طيب المُشاش (بالضم) أي: كريم النفس.. قال الجوهري، وأيضا قولهم: فلان ليّن المُشاش، إذا كان طيّب النّحيزة (أي الطبيعة)، عفيفا عن الطمع.. وإنه لكريم المُشاش، أي الأصل، عن ابن عبّاد.. وقيل: المُشاش، الخفيف النفس، وقيل: هو الظريف الحركات.. وقيل: خفيف المُشاش: الخدّام في السفر والحضر.. مُشاش، أصبحتْ، بعد التطور، على الألسن: مْشيش أو لربما تصغير لها على سبيل اللطف والتودد". عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش، طباعة سيليكي أخوين، طنجة، 2018م، ص39.
7. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن... مصدر سابق، ص 249. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491.
8. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491.
9. أحمد بن محمد التلمساني المقري[الكلبي]، زهرة الأخبار في تعريف أنساب آل بيت النبي المختار، طبع على نفقة مولاي الحسن البوعياشي، بالمطبعة الجديدة ومكتبتها، فاس، 1349هـ، ص137.
10. المصدر نفسه. لابد من الإشارة، هنا، إلى أن في الكلام المنقول خلطا تسبب فيه التحقيق دونما شك. من ثمة، وضعنا (عيسى) محل (موسى) حتى يستقيم الكلام وتستوي المعنى.
11. بينما ذهب بعض الباحثين إلى القول: "مزوار لقب أمازيغي محرف عن الفصحى (زَوْر القوم) أي كبيرهم ورئيسهم". راجع: عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص35.
12. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن... مصدر سابق، ص 228، 249 - 250. وراجع: أحمد بن محمد التلمساني المقري [الكلبي]، زهرة الأخبار... مصدر سابق، ص 137. أحمد بن عجيبة، شرح صلاة القطب ابن مشيش، ضمن: سلسلات نورانية فريدة... مرجع سابق، ص11 - 12. الطيب بن عبد المجيد بن كيران، شرح الصلاة المشيشية، تحقيق بسام محمد بارود، المجمع الثقافي، أبو ظبي، 1420هـ/1999م، ص17. أحمد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954م، ج.2، ص256.
- ورد في العمود بالروضة المقصودة لسليمان الحوات، اسم محمد، نجل سلام (ج.2، ص475، 478). ولعلها هفوة من المحقق. بينما جاءت شجرة نسبه عند خير الدين الزركلي مبعثرة، كما يلي: عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر (منصور) بن علي (أو إبراهيم) الإدريسي الحسني، أبو محمد" (الإعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، طبعة دار العلم للملايين، بيروت، 1986م، ج.4، ص9). 
13. رغم ذلك نص بعض الباحثين على نسبه (الحُسيني). راجع: الحسن شاهدي، "التأثير الشاذلي في التصوف المغربي"، مجلة المناهل، تصدرها وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية، الرباط، العدد91 - 92، أبريل 2012م، ص35.
14. عبد السلام بن الطيب القادري، الإشراف على نسب الأقطاب الأربعة الأشراف، تقديم وتحقيق خالد صقلي، دار الأمان، الرباط، 1432هـ/2010م، ص 75 - 76.
- للإشارة، فقد أضفنا الباء لحرف اللام في كلمة (بلا) بالبيت الثالث، وأضفنا حرف اللام وسط كلمة (كلهم) في البيت الخامس، بينما استبدلنا التاء بالهاء في آخر كل من الصدر والعجز للبيت الأخير؛ وذلك كله ليستقيم الوزن ويستوي المعنى.
15. راجع: أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954م، ج.1، ص174 - 175. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص276 - 277.
16. محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، تحقيق عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، محمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1425هـ/2004م، ج.1، ص96.
17. زكية زوانات، ابن مشيش شيخ الشاذلي، ترجمة أحمد التوفيق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006م، ص147.
18. راجع ترجمته عند: محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس... مصدر سابق، ج.1، ص95. وراجع: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص285.
19. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص 492. وأضاف إدوارد ميشوبيلير (Édouard MICHAUX - BELLAIRE): "لما تلقب عليّ بحيدرة وتولى إمارة مملكته، التجأ ابنه مزوار إلى الجبل حيث كان يقيم شعائره، وإبان وفاة والده استدعي لتولية منصبه، لكنه رفض واستمر في مناجاة ربه في حجر النسر إلى أن توفي هناك" 
- ( "Quelques tribus des montagnes de la région du Habt ", Archives Marocaines, Vol. XVII, Ernest Leroux, éditeur, Paris, 1911, p.500). 
- راجع أيضا: حسن الفكيكي، "حجر النسر"، معلمة المغرب، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1419هـ/1998م، مجلد 9، ص3330. علما أن سليمان الحوات لم يهمل الإشارة إلى ما "قيل [: إن سلام بن مزوار] هو الذي خرج من فاس وتبوأ المحل الذي نشأ به نسله، [معلقا] وهو الصحيح عند المؤرخين" (المصدر نفسه، ص492). 
20. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص493. 
21. حسب أقدم تحديد معروف وارد عند أبي القاسم ابن حوقل النصيبي، في حديثه عن إقليم طنجة، جاء ما يلي: "الحجر مدينة عظيمة محدثة على جبل عظيم شامخ لآل إدريس، هي حصن منيع فيه أملاكهم، وهي من أعظم مدنهم عندهم منزلةً، وأكبر خطرا، وماؤها فيها، ولها بساتين فيها، وليس عليها طريق ولا إليها سبيل إلاّ من جهة واحدة، يسلكه الراجل بعد الراجل، وهي خصبة رفهة كثيرة الخير". كتاب صورة الأرض، طبع في ليدن بمطبعة بريل، 1938م، ص81.
- بينما يُعَدّ تحديد البكري أكثر دقة، في قوله، تحت عنوان: الطريق بين سبتة وفاس؛ "من سبتة إلى دمنة عشيرة المذكورة مرحلة، ومنها إلى موضع يعرف بالكنيسة قرية مفيدة على ظاهر لكتامة ثم إلى وادي مغار لكتامة أيضا، قرار كبير بلد للزرع والضرع إلى الحجر المعروف بحجر النسر قاعدة بني محمد؛ في الغرب منه بلد رهونة، وفي الشرق بنو فتركان من غمارة، وتفترق الطريق من الحجر، فمنْ تيامَن إلى أفتيس مدينة جنّون لكتامة، وهي مدينة صالحة كثيرة الخير، وهي من الحجر غربا..." (المسالك والممالك، تحقيق أدريان فان ليوفر وأندري فيري، طبعة تونس، 1992م، ص793 - 794. المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب، وهو جزء من كتاب: المسالك والممالك، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، دون تاريخ، ص113 - 114).
22. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص 493. 
23. حسن الفكيكي، حجر النسر، معلمة المغرب، المجلد 9، ص3329.
24. راجع ترجمته عند: محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس... مصدر سابق، ج.1، ص95.
25. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص493. وراجع: محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس... مصدر سابق، ج.1، ص96. حسن الفكيكي، حجر النسر، معلمة المغرب، المجلد 9، ص3329.
26. محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس ...مصدر سابق، ج.1، ص95. علما أن في سلوة الأنفاس آراء تشير إلى إنه دفن مع أهله بفاس (المصدر نفسه، ج.1، ص95 - 96). ونقل الرأي نفسه بعض الباحثين، منهم: زكية زوانات، ابن مشيش شيخ الشاذلي... مرجع سابق، ص147.
27. جاء عند أبي عبيد الله البكري ما يلي: "استولى موسى بن أبي العافية على جميع المغرب وأجلى آل إدريس أجمعين عن مواضعهم، وانحاشوا عن البلد، وسار جميعهم في حجر النسر مقهورين، وهو حصن بناه إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس بن إدريس سنة سبع عشرة وثلاثمائة"/929م.
- المسالك والممالك، تحقيق أدريان فان ليوفر وأندري فيري... مصدر سابق، ص811. المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب، وهو جزء من كتاب: المسالك والممالك، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، دون تاريخ، ص127 - 128. وراجع: أحمد الناصري، الاستقصا... مصدر سابق، ج.1، ص186. حسن الفكيكي، حجر النسر، معلمة المغرب، المجلد 9، ص3329. 
- وقد افترض هذا الأخير أن بداية البناء قبل التاريخ المذكور، مرجحا لذلك عام 313هـ، تاريخ مقتل الأمير الإدريسي الحسن الحجام بفاس، على اعتبار أنه في ذلك التاريخ، وبسبب التضييق الشديد على الأدارسة من قبل القائد المكناسي، موسى بن أبي العافية، باسم الفاطميين، تأكد انحياشهم من فاس والبصرة وغيرهما إلى قبيلة سوماتة، وتحصنهم في قلعة حجر النسر، مما جعل القائد المذكور يركز عليها لإخراجهم منها (المرجع نفسه، ص3330، 3333). بينما ذهب باحثون آخرون إلى القول بأن مؤسس هذه القلعة هو: محمد بن إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس الثاني (راجع: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص285. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص35)، لكنهما لم يشيرا إلى المصدر المعتمد عليه في هذا الخبر.
28. جاء عند علي ابن أبي زرع الفاسي: "حجر النسر القريب من سبتة" (الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1972م، ص92). 
29. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص 493.
30. حسن الفكيكي، "حجر النسر"، معلمة المغرب، المجلد 9، ص3329.
- وقد حددت الأبحاث المعاصرة وجود قبره عند مدخل القلعة مما يلي الشرق، وهو معروف مزار (المرجع نفسه).
31. تروى في شأن تسمية القبيلة ببني عروس حكاية شائعة، نقلها الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي عن أكابر سكان القبيلة، صورتها كما يلي: "يرجع سبب ذلك إلى أن بعض قبائل الهبط التي كانت تسكن بالقرب من قلعة حجر النسر، لما سكنت الفتن وارتفع سوط العذاب عن بني إدريس، وبقيت منهم بقية بقلعة حجر النسر، وكان على رأسهم مزوار، اجتمع أهل الفضل والدين من أخيار السكان المجاورين، وقالوا نذهب إلى هذا الشيخ بقلعة حجر النسر، ونأتي برجل من أهله نسكنه بيننا تبركا بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في بلادنا... فاتصلوا به وقدموا إليه طلبهم، وما اقتضته وجهة نظرهم بأن يرسل معهم من أولاده أو أهله من يسكن معهم تبركا بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان منه إلا أن لبى طلبهم وحقق رغبتهم، فانتدب ابنه سلاما، واسمه عبد السلام، وأطلق عليه سلام تخفيفا للاسم الأول، قيل كان في تلك الأيام عريسا، فوقع اختيار أبيه عليه لما قيل من أنه جمع أولاده أو أهله، وأجرى عليهم اختبارا دقيقا لم يتفطنوا لما هو المقصود منه، وجعل يدعوهم ويختبرهم واحدا تلو الآخر بسؤال كان يلقيه عليهم، وهو: يا ولدي من يصنع معك الخير والمعروف في حياتك، بماذا تكافئه؟ فيقول طبعا أكافئه بالخير، ومن يعمل معك الشر بماذا تكافئه؟ فيقول طبعا بالشر، ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ ﴾، ثم يتركه وينادي الآخر، فأجابوه كلهم بجواب واحد، إلا سلاّما العروس فإنه أجاب على عمل الشر بقوله: أنا أكافئه على شره بالخير حتى يغلب خيري على شره. فعند ذلك أجابه أبوه قائلا له: يا ولدي أنت الذي تصلح لمعاشرة الناس، لما أعطاك الله من مكارم الأخلاق، والصبر على المكروه، ومجازاة السيئة بالحسنة ثم ذكر له الغرض المذكور الذي جاء الناس من أجله، فقال له: يا أبت أنا في طاعتك ورضاك، فافعل ما بدا لك، تجدني شسع نعلك، ولا أعصي لك أمرا ترى فيه صلاح حياتي. فأمره بالاستعداد للتوجه صحبة القوم..."، فصار معهم، وهو عروس، وبذلك حملت القبيلة اسم بني عروس. حصن السلام ... مرجع سابق، ص296 - 297. وراجع قصة شبيهة بها نقلتها زكية زوانات عن مولييراس، ابن مشيش شيخ الشاذلي... مرجع سابق، ص163 - 164.
32. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن... مصدر سابق، ص238 - 239. وراجع: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص298.
33. راجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص492. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام، حصن السلام ... مرجع سابق، ص295 - 296، 298.
34. راجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص296.
35. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق ببيان الشرفاء أولاد الطريبق أو الرد المؤيد الظاهر على مزاعم السيد الطاهر بن عبد السلام، مطبعة الرسالة، [؟]، 1990م، ص39. وراجع: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص298.
36. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص492. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص298.
37. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491.
38. المصدر نفسه. وراجع: الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام ... مرجع سابق، ص296، 298. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق ببيان الشرفاء أولاد الطريبق... مرجع سابق، ص40.
39. راجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص491. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام ... مرجع سابق، ص296، 298. أحمد عمراني، "العلمي"، معلمة المغرب، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1424هـ/2003م، المجلد 18، ص6136.
40. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص296.
41. محمد الطالب ابن الحاج السلمي المرداسي الفاسي، الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 1424هـ/ 2004م، ج.1، ص220 - 221.
42. المصدر نفسه، ج.1، ص220. محمد الطالب ابن الحاج السلمي المرداسي الفاسي، الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف... مصدر سابق، ج.1، ص220 - 221.
43. أحمد بن محمد التلمساني المقري[الكلبي]، زهرة الأخبار ... مصدر سابق، ص 137. وراجع: محمد الطالب ابن الحاج السلمي المرداسي الفاسي، الإشراف... مصدر سابق، ج.1، ص220. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص296، 300 - 301. 
44. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص 482 - 483، 491.
45. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص300. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق ببيان الشرفاء أولاد الطريبق... مرجع سابق، ص40.
- يقع ضريح سيدي يونس بأعلى قرية الحصن في سفح جبل العلم من جهة القبلة، عليه حوش من الحجارة. وضريح أخيه سيدي علي بن أبي بكر يوجد في قرية مَيْزَنْ بني عروس، عليه حوش من الحجارة. أما أخوهما سيدي أحمد فقبره بغابة الدك بالقرب من أبيه، في مدشر عين الحديد، داخل السور في جهة القبلة عن يمين الصاعد إلى المدشر، عليه حوش من الحجارة. كذلك محمد بن أبي بكر المدعو الملهى، مدفون جنب قبر أبيه بغابة الدك، لا يبعد عنه إلا بحوالي خمسين خطوة، وعليه حوش من الحجارة. وأما أخوهم سيدي مشيش، والد مولاي عبد السلام، فقد تقدم أنه دفين قرية أغيل (الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص300 - 301). هؤلاء الخمسة كلهم عقبوا، خلاف أخويهما: سيدي ميمون دفين قبيلة سطا في أعلى الجبل. وسيدي الفتوح دفين العناصر بالقرب من مدشر عين زيانة، على مسافة قريبة من مدفن أبيه (المرجع نفسه، ص296).
46. أحمد بن محمد التلمساني المقري[الكلبي]، زهرة الأخبار ... مصدر سابق، ص137. وراجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص475. وقد حلاهم هذا الأخير هكذا: "كان له [عبد السلام] رضي الله عنه من الإخوان اثنان: الشيخ الصالح المستسقى به حيا وبضريحه ميتا المتردد إلى الحرمين كثيرا أبو عمران موسى بن مشيش، وهو [أكبر] من أخويه، والولي الصالح عنصر الأولياء، ومرجع الأصفياء، مولانا أبو اليمن يملح بن مشيش، وهو أصغر منهما، وهما معا شقيقان لأخيهما مولانا عبد السلام، أمهم جميعا الزهراء (بنت) ولي الله أبي سالم إبراهيم بن (العريف)" (الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص475). 
- راجع أيضا: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش، الحقيقة المكتومة.. والتاريخ المجهول - مقاربة لعصره ومنهجه في السلوك والمعرفة، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2011م، ص26.
- بينما جاء عند الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، في حديثه عن أبناء سيدي مشيش الثلاثة: " كلهم أشقاء من الأم المصونة سيدتنا زهرة، أخت سيدنا إبراهيم بن عريف دفين وسط الجبل، ويعرفه كل الناس [فوق تزيا]، لأنه مزارة مشهورة متبرك به حيا وميتا. ينتهي نسبها لسيدي حنين فهي شريفة عمرانية إدريسية، مدفونة بموضع يعرف بخندق أبران، كانت به قرية فخربت قديما، وعليها حوش من الحجارة دون طين...". الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص302. وراجع: عبد الله التليدي، المطرب... مرجع سابق، ص99، هامش1.
47. الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص302. 
48. عبد السلام بن الطيب القادري، الإشراف على نسب الأقطاب الأربعة الأشراف... مصدر سابق، ص77.
49. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص 476. مع الإشارة إلى أن اسم: (الملهي) ورد بتصحيف واضح في هذا الكتاب المحقق، هكذا: (الماهي)، مؤكدا على ذلك بقوله في الهامش: كذا النسخ المعتمد، ومشيرا إلى أن الاسم ورد هكذا، كما هو مشهور: (الملهي)، عند الطاهر بن عبد السلام بن عبد السلام اللهيوي في حصن السلام (الصفحة نفسها، هامش1). وهذا هو الصحيح والمعتمد في شتى المصادر. راجع أيضا: أحمد بن عجيبة، شرح صلاة القطب ابن مشيش، ضمن: سلسلات نورانية فريدة... مرجع سابق، ص12. زد على ذلك أن الاسم يكتب هكذا (مَلهِي). (راجع: محمد الطالب ابن الحاج السلمي المرداسي الفاسي، الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف... مصدر سابق، ج.1، ص220 - 221. كما كتبه بعض الباحثين معرفا بأل، هكذا: (المْلُهّي)، بالميم فوقه سكون وضم اللام وتشديد الهاء (عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص42).
50. كبخ : تقابلها سنة 622ه، بحساب الحروف.
51. علي مصباح الزرويلي، ديوان، إعداد محمدي الحسني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 84 - 1985م، ج.2، ص268 - 270.
52. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص478.
53. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص422.
54. رأى بعض الباحثين، في حديثه عن علاقة الطُّرقية بدولة الأدارسة، أن المطلع على سيرة الشيخ ابن مشيش وسيرة آبائه يعلم أن والده وجده وعامة آبائه إلى المولى إدريس عليهم السلام كانوا من الأولياء الكُمّل. دليله أن لكل منهم قبة أو مقام في أحواز جبل العلم (راجع: محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن... مصدر سابق، مقدمة المحقق، ص21).
55. من المؤكد أن الشيخ المولى عبد السلام بن مشيش ازداد زمن حكم الدولة الموحدية، وعاش في كنف هذه الدول وتوفى قبل سقوطها.
56. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418. وراجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص24 - 25.
57. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418. راجع أيضا: أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق ببيان الشرفاء أولاد الطريبق... مرجع سابق، ص41. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام... مرجع سابق، ص38. وفي المرجع الأخير: "يتواتر القول بأن البيت الذي ولد فيه مولاي عبد السلام بن مشيش لا زال محفوظا ولا زال قائما إلى الآن بالمدشر المذكور قرب مسجد يسمى: الجامع دَ الدلم. والدلم تعني محليا: شجر البلوط. أما البيت فقد أصبح اليوم مسجدا تعظيما لذكرى الشيخ" (ص 38، وهامش1).
58. بناء على أنه عاش 63 عاما، قياسا على عمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واعتبارا لوفاته بين 622 و626ه. راجع:
- الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام ... مرجع سابق، ص418. وقد تبنى هذا الرأي: عبد الله التليدي، المطرب... مرجع سابق، ص92 - 93. عبد الله ڭنون، "ابن مشيش"، يصدرها المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، السنة الثالثة عشرة، العدد 25، محرم– جمادى الثانية 1396ه/ يناير– يونيو 1976م، ص195.
59. عبد العزيز سعود، "معلومات مستخلصة من: السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية: مخطوط للتهامي الوزاني"، ضمن: أعمال ندوة شخصية التهامي الوزاني ومساهمته الفكرية، مطبعة طوب بريس، الرباط، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 2004م، ص69.
من ثمة رأى بعض الباحثين أن "عبد السلام بن مشيش [توفي] سنة 626/1228م، عن سن تتجاوز المائة" (راجع: مصطفى ناعمى، "مشجر مولاي عبد السلام بن مشيش وحقيقة النظام القرابي الركيبي"، مجلة البحث العلمي، يصدرها المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، العدد 41، سنة 12، 1413هـ / 91 - 1992م، ص185، هامش1).
لكن المعلوم أن ابن مشيش رزق بالولد قبل أن يشيخ ويهرم، مما يقلل من قيمة هذا الاجتهاد.
60. معلوم أن مولاي عبد السلام عرف اليتم وهو بعد في بداية الصبا حيث توفي والده سيدي مشيش، وهو طفل يحفظ القرآن في الجامع. وهذا يفسر ارتباطه الشديد بأخيه الأكبر الحاج موسى. راجع: عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص129.
61. محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش، ترجمته وبعض أقواله، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1427هـ/2006م، ص22. 
62. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى، المسمى: جامع الكرامات العلية في طبقات السادة الشاذلية، وضع حواشيه مرسي محمد علي، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422هـ/2001م، ص59 - 60.
يحكى، أيضا، أنه حين ولد الصبي هبّت جحافل النحل، من كل ناحية، وغشت جسمه بالكامل، أمام دهشة الوالدين وفزعهم، فإذا بالشيخ مولاي عبد القادر الجيلاني يقف على عتبة البيت. لما تقدم، وفرق النحل، هتف قائلا: لم يعد لي مكان هنا، لقد ظهر من هو أعظم مني، إنه مولاي عبد السلام بن مشيش، إنه هذا المولود. إنه مجد الإسلام والعالم، ثم غادر وهو يردد هذا الكلام. رواية شفوية دونها:
- Édouard MONTET, Le culte des saints musulmans dans l’Afrique du nord et plus spécialement au Maroc, Librairie George & Cie, Genève, 1909, p.60 - 61.
63. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص60.
64. E.MICHAUX - BELLAIRE, "Quelques aspect de l’Islam chez les berbères marocains ", Revue de monde musulman, tome2 ,1er année, mai1907,p.353
65. محمد اعبيدو، الشيخ المولى عبد السلام بن مشيش: قطب المغرب الأقصى، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012م، ص7.
66. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418. عبد الله ڭنون، ابن مشيش... مرجع سابق، ص195 - 196.
67. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص579. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418. 
68. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418.
69. المصدر نفسه.
- واحتمل بعض الباحثين أن يكون سيدي سليم هذا هو جده لأمه؛ أبو سالم إبراهيم بن عريف، المتقدم، كما احتمل أن يكون الفقيه أبو الحسن الدوالي قد درسه القرآن بمسجد قرية الحصن المسمى جامع الدَّلم. راجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص30.
70. محمد داود، تاريخ تطوان، القسم الأول من المجلد السابع، المطبعة المهدية، تطوان(المغرب)، 1395ه/1975م، ص131. 
71. أحمد بن عبد الوهاب الوزير [الغساني]، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار على صلاة القطب الأكبر مولانا عبد السلام رضي الله عنه وقدس سره، تأليف سيدي محمد المرون، تحقيق ونسخ محمد بن محمد المهدي التمسماني، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، 2008م، 362 - 363. 
- في هذا الشأن، "قال محمد بن عبد الرحمن بن زكري الفاسي (ت.1144هـ/1731م) في كتاب الإلمام والإعلام [في شرح الصلاة المشيشية]: قد أدركه الجذب وهو ابن سبع سنين". وكتب الصوفي الدرقاوي طريقة محمد بن مسعود المكي الفاسي في كتابه الفتوحات الربانية في تفضيل الطريقة الشاذلية ما يلي: "وقع له الجذب، وهو ابن سبع سنين" (مخطوط خاص، ص90). كما أشار الطاهر بن عبد السلام اللهيوي إلى ذلك في حصن السلام (ص418). وانتهى عبد الله التليدي إلى القول: "نستطيع أن نأخذ مما ذكرناه من هذه النقول عن حياته ما يلي، أولا: ما حصل له من الجذب الإلهي وهو لا يزال صغيرا" (المطرب... مرجع سابق، ص103). في المقابل تحدث عن عبد الله كنون عن مراحل تعلمه وسلوكه، فقال فعلومه كانت كسبية على العادة، وإن كانت نشأته على التقوى من أول يوم وانقطاعه إلى الأعمال الصالحة من العلم والعبادة والجهاد أورثته من العلوم الوهبية ما يصدق عليه قوله تعالى: ((واتقوا الله ويعلمكم الله)). وقد عفل كثير من مترجميه عن هه الحقيقة، فأوقعوا في أوهام غيرهم من العوام، أن الشيخ منذ صباه انقطع إلى العبادة ووقع له جذب كان يتلقى أثناءه من العلوم الغيبية ما أغناه عن الطلب والتحصيل، وذلك مخالف لما قدمناه من حفظه للقرآن في سن الثانية عشرة، ثم إقباله على طلب العلم من طرقه المعروفة، حسب ما يشير إليه المحققون من المعرفين به" (راجع: بدر العمراني، "ترجمة الشيخ عبد السلام بن مشيش: قراءة في المصادر، وتحليل للمادة والمضمون"، ضمن كتاب: عبد السلام بن مشيش والطريقة الشاذلية من القرن السابع إلى القرن التاسع الهجري، أعمال الندوة الدولية المنعقدة بتطوان أيام 22 - 23 - 24 جمادى الأولى 1429هـ/28 - 29 - 30 ماي 2008م، تنسيق جعفر ابن الحاج السلمي و أحمد السعيدي، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 1438هـ/2016م، ص 40 - 41). في الشأن نفسه، كتبت زكية زوانات بالحرف: "إن ابن مشيش قد أخذ الطريق على قواعد السلوك المرعية، ولم يكن من المجاذيب" (ابن مشيش شيخ الشاذلي... مرجع سابق، ص36). 
72. عبد الله الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش، مخطوط الخزانة الوطنية بالرباط، رقم1484د، ضمن مجموع، ص247 - 248.
73. السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص30.
74. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص49.
يقصد ب ( التخنيش) أو (التخنيشة) باللسان الدارج أن طالب العلم، بعد أن يُتِم حفظ المتن القرآني يأذن له الفقيه الذي حفظ على يده القرآن الكريم، بالتجوال في القرى المجاورة وغيرها للاستزادة والدراسة على شيوخ آخرين سعيا إلى إتقان التعامل مع النص القرآني حفظا ورسما وتلاوة. والكلمة مشتقة من "الخنشة" التي هي كيس من الخيش يضع فيه الطالب - ( المْخنش) لوازمه وأغراضه ويحملها في طوافه بحثا عن مراكز العلم.
- راجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص28 - 29. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص49، هامش1. 
75. السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص29.
من المعلوم أن مسجد جامع الشرفات سمي بهذا الاسم نسبة لقرية الشرفات التي تقع بقبيلة الأخماس العليا، على بعد مراحل قليلة من مدينة شفشاون، بناه طارق بن زياد إبان الفتح الإسلامي للمغرب، أما مسجد الجامع البيضا أو جامع الملائكة، كما يقال، فيوجد على مسافة بجوار قرية الحمراء من قبيلة بني حسان وقد بناه في زمن متقارب موسى بن نصير. المرجع نفسه، ص29، هامش13.
76. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص419. 
وقف باحث معاصر على وثيقة خطية نُقلت من أرشيف نقيب الشرفاء العلميين السابق المرحوم سيدي أحمد الحسني الريسوني المعروف محليا بالسعيدي، منسوبة إلى مؤلفها سيدي أحمد الحاج البقال، تتحدث عن حياة الحاج موسى بن مشيش، مما ذكره فيها: أنه ولد في قرية الحصن بقبيلة بني عروس، حيث حفظ القرآن، وقرأ علوم الدين. وفي سن الخامسة والعشرين حج بيت الله ومكث هناك مجاورا اثنتي عشرة سنة، وتابع هناك تحصيله العلمي، ودرس الفقه على المذاهب الأربعة. كما التحق بصفوف المحاربين في الشام أثناء الحروب الصليبية قبل أن يعود إلى بلاده، وبرفقته ثلاثة فلسطينيين آثروا صحبته. كما شارك في صد غارات أوربية على مارتين وقبيلة بني حسان. أما وفاته فكانت بموضع يقال له (فنزرت) قرب مدشر تازروت سنة 612هـ. راجع: عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص129 - 133.
77. محمد اعبيدو، الشيخ المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص7 - 8.
78. راجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص34.
79. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص579. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418. محمدي الحسني، مقدمة ديوان أبي الحسن... مرجع سابق، ص58، هامش1.
قال صاحب المخطوط الذي ينقل منه أحمد الطريبق: "إن الشيخ [عبد السلام بن مشيش]، حين قتل رضي الله عنه، كان يوجد بضريح أخيه سيدي الحاج موسى الشيخان سيدي أحمد الحداد وسيدي أحمد العسلاني، وكلاهما بالأخماس، إلى جانب... سيدي سليمان [ابن الحاج موسى] فوافاهم الخبر، وهم يتلون سورة يس، فأشار عليهما ولده بإتمام السورة، ثم ذهبوا فوجدوا الشيخ قد مات". إحقاق الحق... مرجع سابق، ص44 - 45.
80. راجع: عبد القادر العافية، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون وأحوازها خلال القرن العاشر الهجري/16م، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرباط، 1402هـ/1982م، ص453، هامش729.
81. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص579. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418.
في هذا الشأن، تشكك بعض الباحثين المعاصرين في كون ابن مشيش أخد الفقه المالكي عن الشيخ العسلاني، بدعوى أن المناهج العلمية ومواد التدريس على عهد الموحدين لم تكن ذاتها كما في زمن المرابطين، وإنما قامت على دراسة أصول الشريعة ومصادرها الأولى من الكتاب والسنة وما يمكن أن يؤخذ منها من أحكام ظاهرة جريا على قواعد المذهب الظاهري الذي يقضي بترك اجتراء القياس والتأويل في إفادة الأحكام من نصوص الشريعة، ولذلك فالشيخ العسلاني المعروف عنه أنه من ذوي الميولات الروحية لم يكن يدرس الفروع الفقهية كما قيل، بل كان يدرس أصول الأحكام وما يتصل بهما وفق المنهج الذي تبنته دولة الموحدين، وتلك كانت دراسة الشيخ مولانا عبد السلام على شيخه العسلاني وغيره وإن لم نعرفهم. قرأ باحث معاصر آخر هذا الاجتهاد، وعقب بما يفيد أن الرأي المذكور يوافق الواقع التاريخي لأن الأوساط العلمية بمغرب الموحدين فرض عليها الأخذ بالأصول على المذهب الظاهري مخالفا مذهب الدولة المرابطية القائم على فقه الفروع بمضامين الفقه المالكي إلى حد إقدامهم على حرق كتب الفروع في الفقه المالكي، ومنها مدونة سحنون. يعني أن العلوم الشرعية التي كانت تعرف رواجا زمن تلمذة ابن مشيش على يد أستاذه أحمد العسلاني هي العلوم المتعلقة بالأصول أي علوم القرآن والحديث، أما الفقه فعلى طريقة مذهب ابن حزم الظاهري. لكنه استحضر في الوقت نفسه أن كتب الفقه المالكي المشار إليها آنفا لم ينقطع تداولها إلا في فترة حكم يعقوب المنصور أي ما بين 580هـ و595هـ. ثم أعطى الدليل على ذلك أن بعض كبار رجال العلم زمنئذ كانوا قائمين على المدونة، أمثال ابن سيد بونة الأندلسي، أبي محمد يشكر بن موسى الجراوي الفاسي، إسحاق بن إبراهيم بن يغمور المجابري قاضي فاس وسبتة وغيرهما، مما يقوي احتمال وجود بعض الفقهاء خاصة في البوادي والجبال البعيدة عن مراكز الدولة الموحدية الذين ظلوا على الوفاء للمذهب المالكي ومنهم شيخ ابن مشيش أحمد العسلاني، يدرسون أمهات الكتب التي استوعبت هذا الفقه وأحكامه مما اصطلح عليه بفقه الفروع. 
- راجع مناقشة مفيدة، في هذا الصدد، عند: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص37 - 40.
82. المرجع نفسه، ص35 - 36، 37 - 40.
83. عبد القادر العافية، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون… مرجع سابق ص453، هامش729.
84. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص418.
85. عبد القادر العافية، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون... مرجع سابق، ص453، هامش729. حمدي الحسني، ديوان... مصدر سابق، ص58، هامش1. العياشي المريني، صور من التاريخ البطولي لمنطقة جبالة، المطابع المغربية والدولية، طنجة، دون تاريخ، ج.1، ص83.
- تفترض بعض الدراسات أن ابن مشيش قد يكون أخذ، خلال رحلته الدراسية إلى قبيلة الأخماس، عن علماء آخرين، سوى الشيخ أبي العباس أحمد العسلاني، بزعم أنه ليس من المستساغ ألا يروي للشيخ إلا أستاذا واحدا أو أستاذين في قبيلة اشتهرت بمركزها العلمي التاريخي، وهو جامع الشرفات، كما أنها كانت من أشد المناطق تعريبا بالمغرب، وعرفت قربا متواصلا ببلاد الأندلس ومدينة سبتة وفاس العلميتين، مما وفر ظروفا ملائمة، في نظره، لوجود نخبة من العلماء الذين ساهموا في تنشيط الحركة العلمية في هذه القبيلة. سيما وأنها عرفت، إلى جانب أحمد العسلاني، رجالا آخرين علماء بلغ عددهم ستة وستين وثلاثمائة من أسرته، فضلا عن غيرها. علما أن أبا الحسن الشاذلي تلميذ مولاي عبد السلام الذي عاش معه في الفترة نفسها، كان قد تلقى تكوينه العلمي الأول في هذه القبيلة قبل أن يسافر إلى فاس. وهذا ما يؤكد أن هذه القبيلة كانت زمنئذ فضاء لمدارسة العلوم، مما قد أتاح لابن مشيش دراية معمقة بعلوم الشرع. بل لعله جعل منها محطته الأولى التي مكنته من أن يعد نفسه بكيفية جيدة لاستيعاب ثقافة وعلوم عصره. راجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص 40 - 42.
86. عبد العزيز سعود، معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية... مرجع سابق، ص69. وراجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص48.
87. عبد العزيز سعود، معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية... مرجع سابق، ص68، 69.
في الشأن نفسه، تحدث السعيد ريان عن احتمال دخوله إلى سبتة، وفاس أيضا، وتتلمذه بهما، قائلا: "إن التاريخ لم يحتفظ لنا بشيء يذكر حول هذه المسألة أي حول أسماء رجالات العلم الذين يحتمل أن يكون المولى عبد السلام قد جلس للاستفادة من معارفهم ودروسهم أثناء سياحته بعدما أتم فترة الدراسة في قبيلة الأخماس فيما يبدو، وبالتالي فإنه لا سبيل للرجم بالغيب حول أسماء بعينها. إلا أننا لو سلمنا، وهو أمر محتمل، بأن ابن مشيش، أثناء سياحته الطويلة، قد زار مدنا مثل سبتة وطنجة والقصر الكبير وفاس على وجه الخصوص، باعتبارها أقرب العواصم العلمية إلى موطنه بجبل العلم وأكثر المدن التي كان يزورها طلبة العلم في عصره ورجال السياحة الصوفية، إضافة إلى مراكش العاصمة السياسية التي انتقل إليها ثقل النشاط العلمي في هذه الفترة، فإننا سنستنتج بالضرورة أن يكون الشيخ قد أخذ فعلا عن بعض رجالات النخبة العلمية التي ذاع صيتها بهذه المدن، وشدت إليها وفود الطلبة رحالها".
- قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص48.
88. عبد العزيز سعود، معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية... مرجع سابق، ص69. وراجع: محمد زوزيو، الدراسة الرائدة في شرح الصلاة المشيشة الخالدة، مطبعة تطوان، 1436هـ/ 2015م، ص12.
89. محمد زوزيو، الدراسة الرائدة... مرجع سابق، ص12 - 13.
90. إسماعيل الخطيب، الحركة العلمية في سبتة خلال القرن السابع الهجري، مطبعة الهداية، تطوان، 1432هـ /2011م، ص 438، هامش66. وراجع: المرجع نفسه، ص75.
91. يوسف العلوي، الحركة الصوفية بالمغرب الأقصى التأسيس والتقعيد من القرن 6هـ إلى القرن 9هـ، رسالة جامعية لنيل الدكتوراه في التاريخ، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس - ظهر المهراز، 30 - 1431ه/09 - 2010م، ص358.
92. المرجع نفسه، ص358 - 359.
93. نقل هذه الرواية الطاهر بن عبد السلام اللهيوي في المنقبة السابعة من المناقب التي عددها للشيخ ابن مشيش، نصها: "ما رواه العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني، لما جاء زائرا ضريح الشيخ مولانا عبد السلام سنة1371هجرية، وهي أنه ثبت عنده بوثائق أن الشيخ مولانا عبد السلام أقام بمدينة سبتة من أجل الدخول إلى عدوة الأندلس بقصد المشاركة في المعارك الحربية مع الإسبانيين أيام الموحدين، وقد طال مقامه بها عدة سنين، مع العلم أن مدينة سبتة كانت لذلك العهد مركزا حربيا للعساكر الإسلامية. وقد كان يأخذ رزقه من تعليم القرآن الكريم لأبناء الجنود المسلمين. ويذكر أن سبب خروجه من سبتة كان بسبب إذاية امرأة سلطت عليه وصادف الحال موت أخيه سيدنا الحاج موسى الرضى، وبعد رجوعه لازم الخلوة والعبادة 20 سنة ثم توفاه الله شهيدا، قالوا: وهي مدة القطبانية...". حصن السلام... مرجع سابق، ص 411.
إن ما ذكره الشيخ الكتاني عن مرابطة ابن مشيش في سبتة، غير مستبعد. لكن ها هنا إشكال، يتعلق بزمن المرابطة، فالواضح أنه تم في أخريات حياته، قبل عشرين عاما من وفاته، وليس في مرحلة طلب العلم.
94. راجع: رد الطاهر بن عبد السلام اللهيوي على من قال بذلك، في: حصن السلام... مرجع سابق، ص419.
95. رفعته الرويات المتداولة إلى مرتبة الإمامة في العلم، وجعلته مع الإمام الشافعي في درجة واحدة، كما في قول أحدهم "مقامه بالمغرب كالشافعي بمصر". أحمد بن محمد ابن عبّاد المحلى الشافعي، المفاخر العلية في المآثر الشاذلية، [منشورات] المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، 1412هـ/1992م، ص11. وراجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص31.
96. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق... مرجع سابق، ص42.
" يقع عزيب أبو مهدي، الذي غادره الشيخ... إلى جبل العلم، على مسافة ساعة وربع الساعة فوق أربعاء عياشة للماشي على قدميه على غير طريق السيارات وبه آثار... من ذلك: مكان مرتفع تعلوه شجرة خضراء من أشجار الخروب. ويسمى المكان: روضة مولاي عبد السلام، وحولها يدفن السكان موتاهم. يشاهد المكان مَنْ في طريقه إلى خميس بني عروس عن يمينه فوق المكان المدعو أمنكراط (المرجع نفسه، ص46).
97. جاء في محل الحذف: "... إلى أن غـَـــيــّــر ذلك خليفة القائد، السيد المفضل التجزتي، عندما حول سكناه إليها بعد عهد الاستقلال، وبنى لنفسه دارا بالموضع المذكور غير مبال بهذه المعالم الأثرية..."
98. جاء محل الحذف: "وإن أرض هذه السهول أغلبها مملوك لحفدة الشيخ مولانا عبد السلام إلى الآن. وقد أنجز لهم ذلك عن طريق ميراث الآباء والأجداد، إلا من خرج عن حظه بالبيع...".
99. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام... مرجع سابق، ص421. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص49.
هناك من يرى "أن مولاي عبد السلام مظلوم حين نقول إنه لجأ إلى تلك القمة هروبا من الدنيا، بل لأنه مكان استراتيجي يرصد تحركات الجيوش البرتغالية والإنجليزية، خصوصا الجيوش التي تنزل على شواطئ المحيط الأطلسي وتحاول التوغل برا، وهي محاولات كانت مستمرة خلال مختلف القرن 13م، حيث تعاظمت الأطماع الأجنبية تجاه المغرب؛ لذلك كان مكان تعبده وتصوفه بمثابة قلعة مراقبة جوية، خصوصا وأن جبل العلم يوجد على مرتفع يخيل لمن يصعده أنه يركب فوق السحاب... كان يقود المجاهدين نحو المعارك... [لا] يفرق بين ريشة الكتابة على الورق وبين المحراث في قلب الأرض وبين السيف في ساحات الوغى" (عبد الله الدامون، "شيخ جبالة مولاي عبد السلام... مرجع سابق، ص16). 
لكن التاريخ يأبى ذلك، لأن الحديث عن أطماع البرتغاليين والإنجليز في هذا الإبان سابق لأوانه جدا، إذ لم تبدأ تحركاتهم إلا في الفترة التاريخية المسماة بالكشوفات الجغرافية خلال المرحلة الاستعمارية الأوربية الأولى، التي انطلقت في بداية القرن 15م. ينطبق الأمر كذلك على هجمات النورماند، كما حدث في أصيلا وغيرها من الثغور(محمد حجاج الطويل، منطقة عبدة وأحمر خلال العصر الوسيط: المجال والإنسان، ضمن: تاريخ إقليم أسفي من الحقبة القديمة إلى الفترة المعاصرة، دفاتر دكالة عبدة رقم1، مطبعة دار النشر المغربية، نشر مؤسسة دكالة عبدة للثقافة والتنمية، الدار البيضاء، 2000م، ص88 - 89). لذا، فإذا أردنا استحضار عامل الجهاد، في قضية اختلائه بجبل العلم، نستحضر معها ردود فعل الإسبان التي حدثت عقب انهزام الموحدين في معركة العقاب. وهذا أمر يحتاج إلى تأكيد.
100. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق... مرجع سابق، ص42.
101. حسب ترتيب أحداث سيرة ابن مشيش، يبدو حتى هذه اللحظة أن الكلام عن ذهابه إلى سبتة لأخذ العلم، كما تقدم، أو للمرابطة، غير وارد قبل انتقاله إلى جبل العلم، لأن أخاه الأكبر ما زال على قيد الحياة إلى حد الوقت، ومادام أن وفاته وافقت عودة مولاي عبد السلام المفترضة من سبتة. فإذا كان قد دخلها، فإن ذلك حدث في فترة متأخرة من حياته، أو على الأقل بعد انتقاله إلى جبل العلم، وليس في فترة طلب العلم، اللهم إلا إذا كان قد دخلها مرتين، لطلب العلم مرة وللمرابطة مرة أخرى.
102. أبو عبد السلام أحمد أحمد الطريبق، إحقاق الحق... مرجع سابق، ص42.
103. المرجع نفسه، ص42 - 43.
104. عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص252.
جاء هذا النص، أيضا، عند مؤلف مجهول في رسالته عن مناقب ابن مشيش، منسجما مع ما ورد في كتاب عبد الله الوراق. والظاهر أنه نقله منه، كما نقل أخبارا أخرى، لكنه أضاف هنا إلى النص الأصلي ونقص منه، فجاء كلامه كما يلي: "قيل كان مسكنه بالبلاد الهبطية، وأن سبب خروجه من الدنيا وزهده فيها حتى صار قطبا عشرين سنة، على أصح الأقوال، أنه كان له زرع، وكان راعٍ يؤذيه فيه، فدعا عليه فهلكت ماشية الراعي، وقيل الراعي، فرمى الشيخ الماعون من يده، وهرب إلى الله وطلق الدنيا ثلاثا، وآوى إلى جبل العلم" (مصدر سابق، ص8).
 بينما يرى بعض الباحثين أن عبد السلام بن مشيش اختلى في جبل العلم إثر هزيمة المسلمين أيام الناصر الموحدي في معركة العقاب في 15 صفر 609هـ/1212م، أمام النصارى بالأندلس، حيث تأثر كثيرا بهذا الانكسار وانزوى في الجبل، ودخل الخلوة واعتكف على العبادة (راجع: محمد الغربي، الساقية الحمراء ووادي الذهب، طبعة الدار البيضاء، ج.1، ص117، 207)، وهذا التحديد الزمني مفيد جدا لو كنا نملك ما يدعمه أو نعرف كيف نؤكده.
105. يسمى جبل العَلَم، والعْلام، والأَعلام، وكذلك جبل بني عروس، كما يسميه الناس محليا: جبل مولاي عبد السلام. راجع التفاصيل عند: عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع... مرجع سابق، ص56 - 59.
106. راجع: عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص243.
107. راجع: محمد الحاجي الشياظمي، تاريخ مدينة تيط أو مدينة مولاي عبدالله أمغار، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2003م، ص35.
108. أبو محمد عبد الله بن محمد الأوربي، الوسيلة إلى المرغوب في كرامات أبي يعقوب، مخطوط، الخزانة الحسنية، الرباط رقم 9447، ص232.
 وجاء النص في مصادر لاحقة، مع بعض الزيادات، هكذا: "سلك الشيخ عبد السلام الطريقة، وهو ابن سبع سنين، وظهر له من الخير والكشف أمثال الجبال، ثم خرج إلى السياحة، وأقام بها ست عشرة سنة"؛ أورده أبو الربيع سليمان الحوات على لسان أبي الحسن الشاذلي، نقلا من بعض نسخ لطائف المنن: الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص578. وراجع: عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص243. محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس... مصدر سابق، ج.1، ص6. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص61.
في هذا الباب، جاء باحث معاصر بافتراضات شتى ملخصها: أن ابن مشيش، بعد أن أنهى تكوينه العلمي، خرج في سياحة، استغرقت ست عشرة سنة، مفترضا أنه بدأها في نهاية عقده الثاني، حوالي سنة 579هـ، على تقدير أن ميلاده كان عام 559هـ، وأن نهايتها كانت حوالي سنة 595هــ، حينما أصبح له من العمر ست وثلاثون سنة. كما رجح أن هذه السياحة تمت زمن حكم يوسف بن عبد المومن الموحدي المتوفى سنة 580 هـ وبدايات حكم ابنه يعقوب المنصور. وافترض أيضا أنه زار مراكز علمية وصوفية قد تكون شمالا في سبتة وطنجة والقصر الكبير أو في الأندلس، وقد تكون جنوبا في فاس ومراكش، قبل أن يتجه عبر مراكز علمية وصوفية أخرى شرقا في تلمسان وبجاية والقيروان ثم الإسكندرية ومصر ثم بغداد فالحجاز حيث أرض الحرمين مكة المكرمة. وأنه لقي علماء وصوفية، تصدروا للتدريس والمشيخة، تزامنا مع رحلته. في السياق نفسه لاحظ الباحث المذكور، قياسا على المواد والعلوم التي كان يتعلمها طالب العلم، أن ابن مشيش أخذ العلوم الدينية القرآنية والحديثية وما ارتبط بها من علوم مثل التفسير والقراءات ومصطلح الحديث والجرح والتعديل وفن السيرة والفقه وأصوله والكلام والتصوف. إلى جانب العلوم اللسانية والآداب، والعلوم العقلية وفيها الفلسفة. راجع: السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص43 - 74.
109. عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص243. وراجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص578.
110. أحمد بن محمد ابن عبّاد المحلى الشافعي، المفاخر العلية في المآثر الشاذلية... مصدر سابق، ص12.
111. يوسف بن عابد الفاسي، ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت، حقق المخطوط وقدم له وعلق عليه أمين توفيق الطيبي، نشر شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء، 1988م، ص40 - 41. 
112. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص61.
113. أحمد بن عبد الوهاب الوزير [الغساني]، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار... مرجع سابق، ص 362 - 363.
114. عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش...مصدر سابق، ص243. وراجع النص عند: مؤلف مجهول، رسالة... مصدر سابق، ص9. والإضافة الواردة بالنص منه. ونقل سليمان الحوات على لسان أبي الحسن الشاذلي، من بعض نسخ لطائف المنن، كلاما شبيها، نصه: "سلك الشيخ سيدي عبد السلام الطريقة، وهو ابن سبع سنين... فدخل، يوما، عليه شيخ في مغارة، فقال له: من أنت؟ فقال له: أنا شيخك منذ كنت ابن سبع سنين، وكل ما كان يصلك من المنازلات فهو مني، وهي كذا وكذا؛ فحدثه بجميع ما جرى له من الأحوال". وراجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص578 - 579 (المنازلات: هكذا وردت عند المؤلف المجهول، وهي الأنسب، بدل النازلات الواردة عند سليمان الحوات في كتاب الروضة المقصودة المحقق). وكتب عبد الله التليدي، هذا الكلام كما يلي: "وكان ابن مشيش في صغره انقطع للعبادة في مغارة بجبل العلم بعد أن أدركه الجذب، وهو ابن سبع سنين، فدخل عليه، بعد مدة، رجل عليه سيما الخير والصلاح، فقال له: أنا شيخك الذي كنت نمدك من وقت الجذب إلى الآن، ووصف له ما وصل له على يده من المنازلات والمعارف، وفصل له ذلك مقاما مقاما وحالا حالا، وعيّن لكل حال زمنه" (المطرب... مرجع سابق، ص103).
115. أحمد بن عبد الحي الحلبي، الدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس بن إدريس... تقديم وتحقيق محمد بوخنيفي، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، 2017م، ج.2، ص373.
116. أحمد بن عبد الوهاب الوزير [الغساني]، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار... مرجع سابق، ص 363. وراجع: أحمد بن عبد الحي الحلبي، الدر النفيس... مصدر سابق، ج.2، ص373 - 474. وفيه، تعقيبا على قوله: "أخذه الطريقة عن سيدي عبد الرحمن المدني، كان ذلك في عالم الغيب والباطن إذ لم يعهد أنه رضي الله سافر في الظاهر إلى المشرق حتى يجتمع بالعارف. لكن ذكر لي أن الشيخ عبد الرحمن المدني كان يأتيه ظاهرا وباطنا منذ كان ابن سبع سنين وله معه وقائع إذ أخبر عنه أنه قال: كان يأتيني الشيخ عبد الرحمن المدني طيا ونشرا". راجع أيضا: أبو محمد عبد الله بن محمد الأوربي، الوسيلة إلى المرغوب في كرامات أبي يعقوب... مصدر سابق، ص230. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص579. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص61.
117. عبد السلام بن الطيب القادري، المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد، طبعة حجرية بفاس، 1351هـ[/1932م]، ص 308. وراجع: عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص243.
118. عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي، ابتهاج القلوب بخبر الشيخ أبي المحاسن وشيخه المجذوب، دراسة وتحقيق حفيظة الدازي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس، 91 - 1992م، ص193.
وأضاف صاحب هذا الكتاب جملة غاية في التوضيح والإفادة، قائلا: "قال الشيخ أبو محمد عبد الرحمان [العارف الفاسي]، في شأن أخيه الشيخ أبي المحاسن: إنه أخذ عن شيوخ لا يحصون شهادة وغيبا" (المصدر نفسه).
119. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص60.
120. محمد زوزيو، الشيخ عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص59.
121. عبد العزيز سعود، معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية... مرجع سابق، ص68 - 69. وراجع: محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص20. وعند هذا الأخير تفاصيل مثيرة، كما يلي: "لما أراد الله سبحانه أن يخرج ابن مشيش رضي الله عنه من الجذبة ومن أصنافها ألهمه الله أن يبحث عن شيخ التربية فشد رحلته إلى أن وصل إلى الديار المقدسة فالتقى أولا بالشيخ تقي الدين العراقي رضي الله عنه ولقنه بداية ثم التقى بالشيخ عبد الرحمن المدني رضي الله عنه الملقب بالزيات ... أخذ ابن مشيش عن الإمام المدني الطريقة والوسيلة والقطبانية: فقال له الإمام المدني قدس الله سره: ها أنت وربك ونبيك يقظة لا مناما؟ وفي هذا الوقت قال ابن مشيش يارسول الله قلت في ليلة الإسراء لربك عند انصرافك من حضرته: يارب لكل قادم تحفة وأنا يارسول الله ما تحفتي عند انصرافي من حضرتك، فقال ياابن مشيش قل: اللهم صل على من منه انشقت الأسرار وانفقلت الأنوار وفيه ارتقت الحقائق"(المرجع نفسه).
122. محمد زوزيو، الشيخ عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص62.
123. عبد العزيز سعود، معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية... مرجع سابق، ص68 - 69. راجع أيضا: محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص22.
124. محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص22.
125. المرجع نفسه.
126. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص85.
127. الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام ... مرجع سابق، ص419. عبد الله التليدي،، المطرب... مرجع سابق، ص93 - 94. محمد اعبيدو، الشيخ المولى عبد السلام... مرجع سابق، ص26.
128. الحاج محمد السراج، خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور وما جاورها حتى كدية الطيفور، مطبعة ديسبريس، تطوان، 1976م، ص80 - 81. وراجع: الطاهر بن عبد السلام اللهيوي، حصن السلام ... مرجع سابق، ص419. عبد الله ڭنون، ابن مشيش... مرجع سابق، ص195. عبد الله التليدي، المطرب... مرجع سابق، ص 93 - 94. 
في هذا الشأن قال علي زين العابدين بن هاشم العراقي: "سيدي الغزال دفين ثغر ترغة..." فهرس زيان العراقي، تقديم وتحقيق أحمد العراقي، مطبعة آنفو– برانت، فاس، 2015م، ص39. محمد اعبيدو، الشيخ المولى عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص8.
129. محمد المرون، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار على صلاة القطب الأكبر مولانا عبد السلام رضي الله عنه وقدس سره، تأليف سيدي محمد المرون، تحقيق ونسخ محمد بن محمد المهدي التمسماني، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، 2008م، ص31ـ محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص20. عبد اللطيف الوهابي، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص78.
130. الحسن بن امحمد بن علي ابن ريسون، فتح التأييد في مناقب الجد وأخيه والوالد، صححه ونشره علي الريسوني، مطابع الشويخ "ديسربريس"، تطوان، 1405هـ/1985م، ص64.
131. محمد بن محمد المهدي التمسماني، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش... مرجع سابق، ص20.
132. سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص591.
133. عبد الله بن محمد الوراق، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص253. وراجع النص نفسه عند: أحمد بن عجيبة، شرح صلاة القطب ابن مشيش... مصدر سابق، ص12 - 13. الطيب بن عبد المجيد بن كيران، شرح الصلاة المشيشية... مصدر سابق، ص19 - 20.
134. قال تقي الدين أبو عبد الله محمد الاسكندري سبط ابي الشاذلي في كتابه: النبذة المختصرة المفيدة: "إنه سلك طريق القوم وهو ابن سبع سنين، وظهر له من الخير والكشف أمثال الجبال" (محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس ...مصدر سابق، ج.1، ص6. وراجع: عبد الله التليدي، المطرب... مرجع سابق، ص96). وأورد صاحب لطائف المنن الكلام نفسه منسوبا إلى شيخه أبي الحسن الشاذلي (راجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة... مصدر سابق، ج.2، ص578). وجاء عند عبد الله بن محمد الوراق قوله: "إن الشيخ أبا محمد عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه سلك طريق القوم، وهو ابن سبع سنين" (بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش... مصدر سابق، ص243). 
135. تعقيبا على هذه الأخبار، كتبت باحثة معاصرة الكلام الآتي: "يحلو للهيوي أن يؤكد على أن مولاي عبد السلام قد تلقى تعليما عاديا وحصل بالجهد ما حصل، خلافا لما تركز عليه الروايات المناقبية الشاذلية وغيرها من كون علمه كان لَدُنيا" (زكية زوانات، ابن مشيش شيخ الشاذلي... مرجع سابق، ص33). لكن كتب المناقب نفسها لا تلغي جهده في التحصيل، فهي تتحدث عن الخلوة والسياحة، وعن مرابطته في جبل العلم، وتلك من مظاهر المجاهدة زمنئذ. كما لا ينفي اللهيوي أو غيره الجذب الإلهي من سيرة ابن مشيش. في السياق نفسه. وفي خلاصة من خلاصات بحثها، انتهت الباحثة نفسها إلى القول، كما تقدم: "بأن ابن مشيش قد أخذ الطريق على قواعد السلوك المرعية "(المرجع نفسه، ص36). وفي محاولتها قراءة ما يروى عن اتصاله بالشيخ المدني وأخذه عنه رغم وجود هذا الشيخ بعيدا جدا عن مريده، قالت: "لابد أن نتذكر، ونحن نقرأ هذه الروايات، قصة جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم، علما بأن المناقب المخصصة للأولياء تستمد من وقائع السنة لبناء نموذج على المثال النبوي" (نفسه، ص34). لكن للصوفية، كما رأينا، رأي حاسم، وهو أن الشيخ في التصوف، يمد تابعه غيبا.
136. عبد السلام بن الطيب القادري، المقصد الأحمد... مصدر سابق، ص308.
137. المقصد الأحمد... مصدر سابق، ص308.
138. الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، طبقات الشاذلية الكبرى... مصدر سابق، ص60. وراجع: سليمان الحوات، الروضة المقصودة، ج.2، ص579. 
139. المقصد الأحمد... مصدر سابق، ص308.
140. استندت تيارات صوفية لاحقة على مبدأ الولادة الروحانية في بناء سندها الصوفي وطريقتها. منها الطريقة الفاسية نسبة إلى أبي المحاسن يوسف الفاسي، تلميذ شيخ المجاذيب المغاربة وأحد كبار الأولياء الذين جمعوا بين الجذب والسلوك، في القرن العاشر الهجري/16م، الشيخ عبد الرحمن المجذوب. قال عنه عبد الرحمن الفاسي في موضوع ولادته الروحانية على يد شيخه أبي الحسن علي الصنهاجي ثم الفاسي الملقب بالدوّار (ت. جمادي الثانية 947هـ): "كانت ولادته للشيخ المجذوب، وتمكينه من الحال في الغيب، فإنه أخذه عن نفسه غيبا، وبقي عاما يصيح الله الله، ولم يدر أين صاحبه، ولا إلى أين يقصده، فلما لقيه عرفه. وكان استضافه بعض الفقراء فأضافهم، فوقع له ذلك حينئذ، ولما لقيه رأى في الغيب أنه رفعه من سرته على أصبعه، وإذا بأهل الله مجتمعون، وهو يقول لهم: من أحبني فليعط هذا؛ فكان له ذلك شهادة، فكان يدور عليهم ويعطونه، وبعضهم يمده أو يرثه من غير دوران، ويقال إنه دخل عليه مرة أخرى عند موته فأعطاه خبزة، وقال له: أحذرك النساء، وكان النساء يصحبن سيدي عليا. فذهب، فلما كان برأس الماء إذا بالسيدة آمنة قاضية فقالت له: هاتي الخبزة. فناولها إياها، فقسمتها، الثلث لها والثلثين له، فقال لها: لولا أنك عرفت الحق على نفسك لم تفلحي معي، فكان إرثهما كذلك إلى أن ماتت هي فورثها، فقال: الآن أخذت إرث أبي كاملا. ويقال: إنه لقيه الشيخ المجذوب مرة واحدة فقط عند مسجد القرويين من فاس، فكان أحدهما خارجا من باب القرويين المقابل للشماعين، والآخر مقبلا عليه، فلما وقعت العين على العين منهما أقبل سيدي علي الصنهاجي على الشيخ المجذوب وأخذ بتلابيبه وحركه ثم دفعه، فإذا به قد وجد نفسه بالبرج الجديد بواد[ي] فاس. قالوا: فكان ذلك تمكينا له من مقام الخطوة وطي الأرض" (ابتهاج القلوب...مصدر سابق، ص128 - 129).
 المصادر:
- ابن أبي زرع الفاسي علي، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1972م.
- ابن الحاج السلمي المرداسي الفاسي محمد الطالب، الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف، الجزء الأول، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 1424هـ/ 2004م.
- ابن حوقل النصيبي أبو القاسم، كتاب صورة الأرض، طبع في ليدن بمطبعة بريل، 1938م.
- ابن ريسون الحسن بن امحمد بن علي، فتح التأييد في مناقب الجد وأخيه والوالد، صححه ونشره عليّ الريسوني، مطابع الشويخ "ديسربريس"، تطوان، 1405هـ/1985م.
- ابن ريسون محمد بن محمد الصادق الحسني العلمي، فتح العليم الخبير في تهذيب النسب بأمير الأمير، مخطوط الخزانة الحسنية، الرباط، رقم112.
- ابن عابد الفاسي يوسف، ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت، حقق المخطوط وقدم له وعلق عليه أمين توفيق الطيبي، نشر شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء، 1988م.
- ابن عبّاد المحلى الشافعي أحمد بن محمد، المفاخر العلية في المآثر الشاذلية، [منشورات] المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، 1412هـ/1992م.
- ابن عبد الله أحمد بن محمد التلمساني المقري [الكلبي]، زهرة الأخبار في تعريف أنساب آل بيت النبي المختار، طبع على نفقة مولاي الحسن البوعياشي، المطبعة الجديدة ومكتبتها، فاس، 1349هـ.
- ابن عجيبة أحمد، شرح صلاة القطب بن مشيش، ضمن: سلسلات نورانية فريدة، السلسلة الأولى، جمع وتقديم عبد السلام العمراني الخالدي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1420هـ/ 1999م، ص11 - 41.
- ابن كيران الطيب بن عبد المجيد، شرح الصلاة المشيشية، تحقيق بسام محمد بارود، المجمع الثقافي، أبو ظبي، 1420هـ/1999م.
- الأوربي أبو محمد عبد الله بن محمد، الوسيلة إلى المرغوب في كرامات أبي يعقوب، مخطوط، الخزانة الحسنية، الرباط رقم 9447. 
- البكري أبو عبيد الله، المسالك والممالك، تحقيق أدريان فان ليوفر وأندري فيري، طبعة تونس، 1992م.
- البكري أبو عبيد الله، المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب، وهو جزء من كتاب: المسالك والممالك، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، دون تاريخ.
- التادلي الصومعي أحمد، كتاب المعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى، تحقيق عليّ الجاوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، 1996م، ص274. 
- الحلبي أحمد بن عبد الحي، الدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس بن إدريس... تقديم وتحقيق محمد بوخنيفي، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، ج.2، 2017م.
- الحوات سليمان، الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة، دراسة وتحقيق عبد العزيز تيلاني، مطبوعات مؤسسة أحمد ابن سودة الثقافية، فاس، 1994م.
- الزركلي خير الدين، الإعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، طبعة دار العلم للملايين، بيروت، ج.4، 1986م. 
- الزرويلي علي مصباح، ديوان، إعداد محمدي الحسني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 84 - 1985م.
- [الغساني] أحمد بن عبد الوهاب الوزير، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار على صلاة القطب الأكبر مولانا عبد السلام رضي الله عنه وقدس سره، تأليف سيدي محمد المرون، تحقيق ونسخ محمد بن محمد المهدي التمسماني، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، 2008م، ص361 - 388.
- الفاسي عبد الرحمن بن عبد القادر، ابتهاج القلوب بخبر الشيخ أبي المحاسن وشيخه المجذوب، دراسة وتحقيق حفيظة الدازي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس،91 - 1992م.
- الفاسي محمد العربي، مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن، دراسة وتحقيق محمد حمزة بن علي الكتاني، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 1424ه/2003م. 
- القادري عبد السلام بن الطيب، الإشراف على نسب الأقطاب الأربعة الأشراف، تقديم وتحقيق خالد صقلي، دار الأمان، الرباط، 1432هـ/ 2010م.
- القادري عبد السلام بن الطيب، المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد، طبعة حجرية بفاس، 1351هـ [/1932م].
- الكتاني محمد بن جعفر، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، تحقيق عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، محمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1425هـ/2004م.
- الكوهن الفاسي الحسن بن محمد بن قاسم، طبقات الشاذلية الكبرى، المسمى: جامع الكرامات العلية في طبقات السادة الشاذلية، وضع حواشيه مرسي محمد علي، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422هـ/2001م.
- اللهيوي الوهابي الطاهر بن عبد السلام، حصن السلام بين يدي أولاد مولاي عبد السلام، مطبعة دار الثقافة، الدار البيضاء، 1978م.
- المرون محمد، شرح الصلاة المشيشية، ضمن: شموس الأنوار ومعادن الأسرار على صلاة القطب الأكبر مولانا عبد السلام رضي الله عنه وقدس سره، تأليف سيدي محمد المرون، تحقيق ونسخ محمد بن محمد المهدي التمسماني، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، 2008م، ص 31 - 118.
- مؤلف مجهول، رسالة في مناقب سيدي عبد السلام بن مشيش، مخطوط الخزانة الحسنية، الرباط، رقم 9465.
- الناصري أحمد بن خالد، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، الجزآن الأول والثاني، 1954م.
- الوراق عبد الله بن محمد، بعض مناقب الشيخ الكامل والقطب الجامع سيدي عبد السلام بن مشيش، مخطوط الخزانة الوطنية بالرباط، رقم1484د.
-
 الدراسات 
- اعبيدو محمد، الشيخ المولى عبد السلام بن مشيش: قطب المغرب الأقصى، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012م.
- التليدي عبد الله، المطرب بذكر بعض مشاهير أولياء المغرب، مطابع الشمال، ش. م. طنجة، 1980م.
- التمسماني محمد بن محمد المهدي، الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش، ترجمته وبعض أقواله، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1427هـ/2006م.
- الخطيب إسماعيل، الحركة العلمية في سبتة خلال القرن السابع الهجري، مطبعة الهداية، تطوان، 1432هـ/2011م.
- ريان السعيد، قطب التصوف بالمغرب: المولى عبد السلام بن مشيش، الحقيقة المكتومة.. والتاريخ المجهول - مقاربة لعصره ومنهجه في السلوك والمعرفة، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2011م.
- الريسوني محمد المنتصر، "الحياة الصوفية في العهد العلوي: الفتوحات الربانية في شرح الصلاة المشيشية"، مجلة دعوة الحق، تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، العدد الرابع، السنة الثانية عشرة، ذو الحجة 1388هـ/مارس 1969م، ص180 - 183.
- زوانات زكية، ابن مشيش شيخ الشاذلي، ترجمة أحمد التوفيق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006م.
- زوزيو محمد، الدراسة الرائدة في شرح الصلاة المشيشة الخالدة، مطبعة تطوان،1436هـ/ 2015م.
- زوزيو محمد، الشيخ عبد السلام بن مشيش: الشخصية والعصر، نشر مكتبة سلمى الثقافية، تطوان، 1437هـ/2016م.
- سعود عبد العزيز، "معلومات مستخلصة من السنابل الخضراء في شرح الصلاة المشيشية: مخطوط للتهامي الوزاني"، ضمن: أعمال ندوة شخصية التهامي الوزاني ومساهمته الفكرية، مطبعة طوب بريس، الرباط، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 2004م، ص67 - 72.
- شاهدي الحسن، "التأثير الشاذلي في التصوف المغربي"، مجلة المناهل، تصدرها وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية، الرباط، العدد 91 - 92، أبريل 2012م، ص33 - 69.
- الطريبق أبو عبد السلام أحمد أحمد، إحقاق الحق ببيان الشرفاء أولاد الطريبق أو الرد المؤيد الظاهر على مزاعم السيد الطاهر، مطبعة الرسالة، [؟]، 1990م.
- العافية عبد القادر، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون وأحوازها خلال القرن العاشر الهجري/16م، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرباط، 1402هـ/1982م.
- العلوي يوسف، الحركة الصوفية بالمغرب الأقصى التأسيس والتقعيد من القرن 6هـ إلى القرن 9هـ، رسالة جامعية لنيل الدكتوراه في التاريخ، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس - ظهر المهراز، 30 - 1431ه/09 - 2010م.
- عمراني أحمد، "العلمي"، معلمة المغرب، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1424هـ /2003 م، المجلد 18، ص6136.
- ﯕنون عبد الله، "ابن مشيش"، مجلة البحث العلمي، يصدرها المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، السنة الثالثة عشرة، العدد 25، محرم– جمادى الثانية 1396ه/ يناير– يونيو 1976م، ص195 - 199.
- المريني العياشي، صور من التاريخ البطولي لمنطقة جبالة، المطابع المغربية والدولية، طنجة، دون تاريخ.
- ناعمي مصطفى، "مشجر مولاي عبد السلام بن مشيش وحقيقة النظام القرابي الركيبي"، مجلة البحث العلمي، يصدرها المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، العدد 41، سنة 12، 1413هـ/ 91 - 1992م، 173 - 190.
- مورادي المصطفى، " مغرب الأولياء: الشيخ عبد السلام بن مشيش"، جريدة الأخبار (المغربية، الدار البيضاء)، العدد 514، بتاريخ 15 يوليوز 2014م، ص12.
- الوهابي عبد اللطيف، القطب اللامع والغوث الجامع مولاي عبد السلام بن مشيش، طباعة سيليكي أخوين، طنجة، 2018م.
- MICHAUX - BELLAIRE  Édouard، "Quelques tribus des montagnes de la région du Habt", Archives Marocaines, Vol. XVII, Ernest Leroux, éditeur, Paris, 1911, 542pages.
- MICHAUX - BELLAIRE  Edouard ,  " Quelques aspects de l’Islam chez les berbères marocains " Revue du monde musulman, tome 2, N° 7, mai 1907, pp. 347 - 356.
- MONTET Édouard, Le culte des sains musulmans dans l’Afrique du nord et plus spécialement au Maroc, Librairie George & Cie, Genève, 1909, p.60 - 61.
الصور:
1. /www.facebook.com
2. https://salatalanabi.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A9/
3. https://www.maroc24.com/
4. من الكاتب
5. https://www.alboughaznews.ma/?p=27815
6. https://al3omk.com/732561.html

أعداد المجلة