فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

التقابل الدلالي في المثل الشعبي الجزائري قراءة في نماذج

العدد 65 - أدب شعبي
التقابل الدلالي  في المثل الشعبي الجزائري قراءة في نماذج

المقدمة:

يحْظى الأدب الشعبي – على غرار الأدب الرسمي – بعناية بليغة في الدراسات الأكاديمية العربية المعاصرة1، والأدب الشعبي بفنونه وأشكاله صنو الأدب الفصيح، فيه ما فيه من خصائص وبلاغة وحسن تعبير وإصابة المعنى، وله عشاق ومتذوقون من الخاصة والعامة على حدٍّ سواء. لكن ظل هذا الأدب إلى فترة قريبة نِسْيًا مَنْسيًّا، لا يهتم به الناس ولا يلتفتون إلى ما فيه من جمال، ومواهب، وحكم، ومعارف، وفلسفة بسيطة وعميقة غير قابلة للفناء، لأن توجههم كان منصبًّا دائمًا على الفصيح. ولما بدأ الاهتمام بهذا النوع من الأدب عالميًّا، ثم عربيًّا، ثم محليًّا أدركنا مع العالم أهمية العناية بالأدب الشعبي بما له من نفوذٍ طبيعيٍّ على كافة طبقات المجتمع، وفعالية في توجيهها، بل وعُدَّ «من ضرورات حياتها، وعلاقاتها، من أفراحها وأحزانها، ومن حينها جاءت ضرورة الإحاطة بمأثوراتنا الشعبية دراسةً وتأليفًا ونشرًا، قصد المحافظة عليها وصيانتها من ظاهرة الاندثار والتفكك التي تُصيبها تحت وطأة عوامل التغيير في عالمنا المعاصر.

وجاء اهتمام الشعوب والأمم بأمثالها لأنها عكستْ «سلوكها وأخلاقها وتقاليدها، وهي مَعين لا ينْضَب، لمن يريد دراسة المجتمع أو اللغة أو العادات الشعبية عند أمة من الأمم»2. لذا لطالما اعتبر المثل «وثيقة تاريخية عن الأدب الشفوي عند العرب»3، بل عَدَّه علماء الأنثروبولوجيا خيرَ معبر عن السليقة البدوية والبساطة اللغوية التي تميزت بها البيئة العربية. وإذا نظرنا إلى المثل الشعبي باعتباره من أكثر العوامل تعبيرًا بأوجز بيان عما يضطرب في خلد الناس من صور وأفكار، وواحدًا من القنوات الخطابية الشفهية التي ظلت - منذ أزمنة طويلة - توضح أسلوب تفكيرهم وطرق معالجتهم للكثير من القضايا الحياتية التي استنبطوا منها الدروس والعبر، فإننا نجد تقنية التقابل من أكثر الظواهر اللغوية والبلاغية تمثُّلاً وانتشارًا في أمثالهم الشعبية.

وهذا ما تبين في دراستنا لجملة من الأمثال الشعبية الجزائرية، التي كان فيها للتقابل حضور كبير، ومن ثم جاءت هذه الدراسة الموسومة بــ«جدلية التقابل في المثل الشعبي الجزائري» لتسلط الضوء على أنماط التقابلات والتماثلات في علاقاتها التجاورية مع سياق الخطاب المثلي، وإظهار قيمها الجمالية والتعبيرية، ومدى إسهامها في تشكيل المعنى ضمن الصياغة الكلية للمثل.

وفي ضوء ذلك، تضمنت الدراسة ثلاثة مباحث: الأول منها مبحث نظري تناول المعنى اللغوي للتقابل الذي يُشكل طريقًا لفهم التقابل اصطلاحيًّا. والثاني مبحث تطبيقي، تمَّ الكشف فيه عن أنماط التقابلات في المثل الشعبي الجزائري، وعن الطبيعة التركيبية للتماثلات على مستوييْ: الاسم والفعل. واقتصر المبحث الثالث على تحديد جماليات التقابل في الأمثال الشعبية قيد الدراسة.

1. تحديد مفاهيم ومصطلحات الدراسة

1.1. التقابل:

استأثر مصطلح التقابل بمباحث كثيرة من اللغويين والبلاغيين وحتى النحويين، فمن اللغويين من اعتبر التقابل والمقابلة واحدًا، ويراد بهما في اللغة: المواجهة4، ويعني التقابل – أيضا – التعادل، إذ يقال: «وزنه: عادله وقابله»5كما عُرفت هذه الظاهرة لدى البلاغيين القدماء باسمي (المقابلة) و(الطباق)، حيث عرَّفهما أبو هلال العسكري بقوله إنَّ: «المطابقة في الكلام هي الجمع بين الشيء وضده في جزء من الرسالة أو الخطبة أو بيت من بيوت القصيدة، مثل الجمع بين السواد والبياض، والليل والنهار، والحر والبرد»6. في حين فرق البلاغيون بينهما من حيث إن مفهوم (المطابقة) لا يكون إلا بين الأضداد، على حين اتسع مفهوم (المقابلة) ليكون بالأضداد وبغيرها، إذ علل ابن الأثير إيثاره تسمية (الطباق) بـــ (المقابلة) بقوله: «لأنه لا يخلو الحال فيه من وجهين: إما أن يقابل الشيء بضده، أو يقابل بما ليس بضده»7.

أما في العصر الحديث، فإن التقابل يعرف بأنه: «وجود لفظتين تحمل كل منهما عكس المعنى الذي تحمله الأخرى، مثل: الخير والشر، والنور والظلمة، والحب والكراهية، والكبير والصغير، وفوق وتحت، ويأخذ ويعطي، ويضحك ويبكي... وأطلق على هذه الظاهرة في اللغة الإنجليزية Autonomy». ويذهب أحمد مختار عمر في نفس المعنى قائلا بأن التقابل هو: «وجود لفظين يختلفان نطقا ويتضادان معنى، كالقصير في مقابل الطويل، والجميل في مقابل القبيح»9. وقد تعددت تسميات علماء العربية لهذا المصطلح، فمنهم من سماه: المطابقة ومنهم من سماه التضاد، وآخرون سموه التناقض، وطائفة سمته المخالفة وأخرى التكافؤ10.

أما القيمة الفنية للتقابل، تكمن فيما يحدثه التضاد من أثر متميز في الدلالة على «صور ذهنية ونفسية متعاكسة يوازن فيما بينها عقل القارئ ووجدانه فيتبين ما هو حسن منها ويفصله عن ضده»11. وبذلك فلابد ألا ننظر إلى التقابل في المثل الشعبي الجزائري بصفته صنعةً بديعيةً تضفي على الكلام جمالاً وحلاوةً فتجعله حسنًا مقبولاً لدى السامعين، وإنما لما يحدثه من تآلف بين المتضاديْن في نسق المثل ولما يثيره من انتباه المتلقي وفكره.

وقد أدرك علماؤنا منذ القدم ما يتركه هذا التقابل أو التضاد أو الطباق في الكلام من أثر نفسي يشبه عمل السحر، والجرجاني يخاطب عقل المتلقي مدركا أهمية ذلك الأثر قائلا: «وهل تشك في أنه يعمل عمل السحر في تأليف المتباينيْن حتى يختصر لك بُعْد ما بين المشرق والمغرب، ويجمع ما بين المشئم والمعرق... ويريك التئام عين الأضداد، فيأتيك بالحياة والموت مجموعيْن، والماء والنار مجتمعيْن»12. وهذا التقابل يؤدي إلى حال من التوتر، تنشأ مساحته - كما يرى كمال أبو ديب - على المستوى التصويري في لغة الشعر بإتمام مفهوميْن أو أكثر أو تصويريْن أو موقفيْن لا متجانسيْن أو متضاديْن في بنية واحدة يمثل فيها كل منهما مكونًا أساسيًّا، وتتحدد طبيعة التجربة الشعرية جوهريًّا بطبيعة العلاقة التي تقوم بينهما ضمن هذه البنية 13.

وبناء على هذا الكلام يمكن أن نقول إن ظاهرة التقابل تُوجِدُ لنفسها شبكةً من العلاقات التي تتنامى فيها الأنساق المتضادة في النص الشعري. ويرى عبد الله الغذامي أنَّ ثمة نسقيْن متضاديْن متلازميْن في النصوص الأدبية أحدهما نسق ظاهري والآخر نسق مضمر في بنية النص. ويمكن أن نضيف نسقًا آخر نابعًا من تضاد النسقيْن بين المبدع والمتلقي يُكوِّن المبدع من خلاله رؤية شمولية للحياة14.

1.2. المثل:

يُشكل المثل جزءًا لا يتجزأ عن حياة وتاريخ الشعوب، وهو قديم قِدم المجتمعات البشرية، لطالما مَثَّلَ أخلاق الأمم وعقلياتها وتقاليدها وعاداتها، فضلا عن تصويرها المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير15. ولكون المثل أسهم في تكوين وجدان العرب، فقد مَثَّلَ نظرات وخبرات صادرة عن طبيعة حياتهم ومُثلهم، ونظراتهم إلى الحياة والموت، ومصير الإنسان، والخير والشر... فهو تصوير صادق لفطرتهم السليمة ونفسيتهم البعيدة عن التعقيد والغموض16. ويدعم هذا الرأي ما ذهب إليه زلهايم أنه يفرق بين ما يسميه بــــــ «المثل proverbe، وما يدعوه بــــ التعبير المثلي expression proverbiale. فيرى الأول هو ما: «يتحقق معناه ومفهومه في إحدى خبرات الحياة التي تحدث كثيرا في أجيال متكررة، مُمثِّلةً لكل الحالات الأخرى، فالمثل ليس تعبيرا لغويا في شكل جملة تجريدية مصيبة، تَنْصبُّ على كل حالة على سواء، لأن هذه الصياغة الفكرية، تخرج عن القدرة التجريدية للشعب البدائي»17أما التعبير المثلي، فقد نظر إليه من زاوية: «أنه لا يعرض أخبارا معينة عن طريق حالة بعينها، لكنه يبرز أحوال الحياة المتكررة، والعلاقات الإنسانية، في صورة يمكن أن تكون جزءًا من جملة. والتعبيرات المثلية عبارات قائمة بذاتهاـ تُثْري التعبير وتوضِّحه؛ بسبب ما فيها من بيان عظيم، وهي مشهورة متداولة على العموم، كقولهم: فلان لا يعوي ولا ينبح، سكت ألفًا ونطق خلفًا، إنباضٌ بغير توتير18.

أما في معاجم اللغة العربية، فقد وردت كلمة الأمثال ومفردها مِثْل أو مَثَل بفتح الميم والثاء، كأن يقول هذا مِثْلُه أو مَثَلُه19، تعني: الشبه أو النظير، والمثل بحسب ما جاء في معاجم اللغة العربية هو ما يضرب من الأمثال، فقال: تَمَثَّلَ فلان، أي ضرب مثلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء، أي ضربه مثلاً20. ومن المعاني المرتبطة بهذه الكلمة ما دل مضمونه على صفة الشيء، كما في القول: مَثل زيدٍ مِثل فلان21، وهو تعبير لغوي يدل على تماثل الصفات وتشابهها بين زيد وفلان من الناس. ومنها أيضا ما دل مضمونه على العبرة والحكمة22، كما جاء ذلك في قوله تعالى: «فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ»23.

في حين نجد المعاجم الأوروبية، تعرف المثل بأنه: «ثمرة التجارب لدى الأمم، والتفكير السليم المختصر في صيغة خطابية»24. بينما يقف المنظرون لمفهوم كلمة المثل proverbe عند اعتبارها: «جملةً جاهزةً تمامًا، وإذا فصلناها عن الاستعمال الخاص بما تكون معاكسةً للمَثل وللغته»25. وقد أيْقنوا بأن وراء العديد من الأمثال قصة قصيرة تتداول على الألسنة26. ويُرجع المؤرخون ظهور كلمة proverbe إلى العهود القديمة، وهي مستعارة من اللغة اللاتينية proverbium، وكان معناها لغزا أو مقارنة مستعملة من قبل ما يمكن تسميته بالضمير اللساني العام27. أما المهتمون بالأدب الغربي الحديث، فيروْن أن المثل الشعبي يُعبر عن قول مأثور تحول مع الوقت إلى قولٍ صائبٍ28.

وإذا نظرنا إلى المثل الشعبي بوصفه نصًّا أدبيَّا، فإنه قبل أن يكون كذلك فإنه يُمثل كلامًا محكيًّا شفاهيًّا تَشَكَّل في لحظة ما من التاريخ الشعبي القديم، بحيث لا يُعرف قائله فهو مِلْكٌ للجميع، وليس لفرد محدد وقد عرفه المختصون: «بأنه قول تعليمي مأثور يمتاز بجودة السبك وبالإيجاز، إنه كما قيل حكمة المجموع وفطنة الواحد»29. وإذا نظرنا إلى سمات الأمثال وخواص تميزها عن غيرها من الفنون الشعبية من حيث الموضوع، نجد في مقدمتها: سمة الثبات التي ينفرد بها المثل في التركيب والدلالة، حيث يُقال كما ورد، فإن القاعدة الأساسية في الأمثال أنها لا تغير، بل تجري كما جاءت، إذ نجد العرب تجري الأمثال على ما جاءت، وتُحْكى كما سُمِعتْ، لأن من شرط المثل ألا يغير عما يقع في الأصل عليه30. ويُرجع الزمخشري السر في المحافظة على ألفاظ المثل وحمايته من التغيير، إلى نفاسة المثل وغرابته، إذ يقول: «ولم يضربوا مثلاً، ولا رأوه أهلاً للتسيير، ولا جديرًا بالتداول والقبول إلا قولاً فيه غرابة من بعض الوجوه، ومن ثم حوفظ عليه، وحُمِيَ من التغيير»31 ومن سمات المثل الأخرى، الإيجاز والاختصار، حيث لا نجد: «في كلام العرب أوجز من المثل، ولا أشد اختصارًا منه في تقريب الفكرة إلى الذِّهْن، بما يُمَكِّنُ من استيعابها بأقصر الأداء، وأوضح البيان»32.

إذن، إذا انطلقنا من اعتبار المثل الشعبي نصًّا أدبيًّا له كل هذه الخصائص والضوابط اللغوية والأدبية، فإن هذا النص لا يمكن أن يتوزع إلا على مراتب ثلاث هي أنه33:

1. نَصٌّ يقوم الخطاب فيه على عددٍ كبيرٍ من الجمل.

2. نَصٌّ يقوم الخطاب فيه على جملةٍ واحدةٍ.

3. نَصٌّ يقوم الخطاب فيه على لفظةٍ مفردةٍ.

ولكن في كل هذه الأنواع الخطابية، فإن النص الأدبي المتضمن في سياق المثل الشعبي لا يمكنه أن يقوم إلا على القصدية التي لا يكون لها مفهوم أو مدلول إلا في إطار السياق النصي المتضمن لخطاب المتكلم، وليس في سياق الكلمة الواحدة المفردة المشكلة للمثل الشعبي. ومن هنا جاء هذا البحث ليقف عند أهم سمةٍ اتسم بها المثل الشعبي الجزائري انطلاقًا من التوصيفات السابقة وهي: «ظاهرة التقابل»، التي تُعتبر صفةً متعلقةً بتركيبةِ المثل وصياغته اللغوية المتعاكسة، بالإضافة إلى أنها تحمل عنصرًا تعليميًّا يتمثل في جانب كبير منه في المقابلة بين تجربتيْن أو فكرتيْن، وهذا ما سنبحث فيه على مستوييْن: الأول التقابل في الأسماء، والثاني التقابل في الأفعال.

2. مجال التطبيق:

إن قارئ الأمثال الشعبية الجزائرية يجد الكثير منها تغلب عليها ظاهرة التقابل التي أسهمتْ إسهامًا كبيرًا في إثراء المعنى، وتقريب الكلام من ذهن القارئ والسامع كليهما. وقد انْقادتْ تلك التقابلات سواء أكانت في الألفاظ أم في الأفعال أم في الحروف في سياق الكلام المحكي الشفهي من دون عناء ولا تكلف. ولعل تلك العفوية هي التي جعلت المثل الشعبي الجزائري - على غرار الأمثال العربية الأخرى - لا يعبر دائما عن الواقع بشكل مباشر، وإنما يمثل له تمثيلاً عبر صورة أو قصة أو حكاية أو نكتة شعبية. لذلك كان كل مَثَلٍ في جُملته (إشارة) تُحيلنا إلى معنى أبعد. وهذا ما أشار إليه ابن الأثير بقوله: «العرب لم تضع الأمثال إلا لأسباب أوْجبتها وحوادث اقْتضتها، فصار المثل المضروب لأمر من الأمور عندهم كالعلامة التي يُعرف بها الشيء، وليس في كلامهم أوجز منها، ولا أشد اختصارًا»34. لهذا، فإن حضور هذه التقابلات بين المفردات مهما تعددت وتنوعت صورها، لا نرى فيها تعمدًا خطابيًّا، بقدر ما هي وسيلة من وسائل إبداع الصور ومقابلتها ببعضها البعض، ليخرج المتلقي بصورة ذهنية بعيدة الدلالة لما يستمع إليه. حتى أننا نجد أنفسنا في أحايين كثيرة نستعمل هذه التقابلات في حياتنا من حيث شَعَرْنا أو لم نَشْعر.

لذا جاء هذا البحث ليكون دراسةً وصفيةً للبنية التركيبية التي اختصَّ بها المثل الشعبي الجزائري، ونعني بذلك بنية التقابل، في محاولة منا للوقوف على أبرز أشكالها وتراكيبها مع مراعاة أثناء الدراسة الخصائص اللغوية التي عرف بها المثل الشعبي، ولعل من أهمها:

1. الخصائص الصرفية (للمثل الشعبي أبنية صرفية غير مألوفة كاسم التفضيل وفعل الأمر وتصغير الأسماء).

2. الخصائص النحوية (تخلص المثل من ظاهرة الإعراب ومال في الغالب إلى الوقف على آخر الكلمات بالسكون).

3. الخصائص الدلالية (اخترعت الأمثال ألفاظًا ربما ليس لها أصل في المعجم العربي الفصيح).

2.1. على مستوى الكلمة:

نقصد به الوقوف عند مستوى الكلمة التقابلية، ومحاولة إبراز تأثيراتها النصية والسياقية على مستوى الجملة. ومما لا شك فيه أن الأمثال الشعبية تستخدم الكثير من المفردات ذات الدلالة المرجعية الواسعة التي تُناسب السياق الذي وُضعتْ من أجله. ولنأخذ المثل الآتي كنموذج للتعاكس اللفظي:

عَنْدْ الشَّدَّهْ وَالضِّيقْ يَظْهَرْ الَعْدُو وَالصْدِيقْ35

يُقال هذا المثل لبيان بأنَّ في وقت الشدة والحاجة لا تجد أحدًا يُساعدك، ويأخذ بيدك، لا مِنْ أقربائك، ولا من أصدقائك. ويلاحظ عند تحليل المكونات التركيبية للمثل المتقدم أن عملية التعاكس اللفظي قائمة على مستوى الرمز اللغوي بين المفردتين: (العدو / الصديق). وقد وَلَّد هذا التعاكس في صياغة الاسميْن المتعارضيْن ضربًا من التعاكس والتقابل الدلالي أيضًا، حيث تُحيلنا اللفظتان إلى أن كلا من (العدو) و(الصديق) يقوم بوظيفة تختلف عن الوظيفة التي يقوم بها الآخر، فالرمز اللغوي لكلمة (العدو) يشير إلى صفة النفاق التي يبطنها المرء خلال صحبته لغيره، وما ساعده في التستر على تلك الصفة هو ما يمتلكه من قدرات مادية ومهارية تُؤهله للقيام بذلك، في حين نجد الرمز اللغوي لكلمة (الصديق) تؤدي وظيفة ملازمة الإنسان للصدق مع أخيه في السر والعلن قولاً وفعلاً وصحبةً، ويكون بذلك أهلاً للمحبة والمودة: «فَصَدِيقُكَ مَنْ صَدَّقَكَ لاَ مَنْ صَدقَكَ». وقد امتدح المولى عز وجل هذا الصنف من الناس بل وقرن فضلهم بفضل الشهداء فقال: ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ، وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ36.

ومن خلال هذا النموذج، ندرك أن هذا النوع من المثل قائمٌ على التقابل في الوظيفة بين المفردتيْن، جاء ليَسْتَكْمِل تماثلاً آخر على المستوى الصوتي، حيث أن التقابل الصوتي بين (الضيق) و(الصديق) يؤكد على «تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد»37، والمدعو بالسجع الذي يُحقق موسيقى الأسلوب38، ويُمسك قلب المتلقي وفكره عن طريق السجع غير المتكلف، ووُرود الانسجام والتوافق الصوتي، مما يترك أثرًا إيقاعيًّا في نفس المتلقي. ومن جانب آخر، نلاحظ ظاهرةً تركيبيةً مميزةً حَفل بها هذا المثل، وهي تَقدُّم شبه الجملة (الجار والمجرور= عند الشده)، وكان وراء هذا التقدم مقاصد دلالية أرادها مُنْشئُ المثل، لتكون انعكاسًا لما في ذهنه من معان. ففي قولهم: عند الشدة والضيق تَقَدُّم المُضْمر على الظَّاهر هو أمر أجازه النحاة بقولهم: «إن كل مضمرٍ اتصل باسمٍ مخفوضٍ أو منصوبٍ، فإنه يجوز تقديمه وتأخيره على المضمر، لأن النية فيه أن يكونَ مُؤخَّرًا»39.

الجْدِيدْ حَبُّو وَالْقْدِيمِ لاَ تْفَرْطْ فِيهْ

يُضرب هذا المثل لبيان قيمة بعض الأشياء العتيقة، والتي كلما قَدِمَتْ ازداد الإقبال عليها، وقد تصبح تُحَفًا نادرةً يتمنى الكثيرون مِمَّنْ يتذوقونها أنْ يصلوا إليها ويَظْفروا بها. وانطلاقا من أنَّ: «الضدَّ يُعرف بضده»40، جاءت اللفظتان (الجديد / القديم) لتجسد تقابلاً دلاليًّا يُحيلنا إلى النهج الذي على الإنسان أن يختطَّه في حياته، والمتمثل في عدم التنكر لكل ما له صلة بالتراث العربي من طقوس وعادات، مع العناية بما يطرأ عليه من عادات متجددة، تطور القديم وتضيف إليه نزعة المعاصرة. وذلك أجدى من العزوف التام عن الجديد، أو التعلق الجامد بالقديم. فمن طبيعة الإنسان أنه مُطالبٌ باقتناء كل جديد من الأفكار والماديات المعاصرة شريطة ألا يتعارض مع ثوابته وعاداته القديمة، المعبرة عن أصالته وشخصیته التي يجب أن يتمسك بها، ولا يُفرط فيها مهما كانت الظروف41. وإذا كانت الكلمتان (الجديد / القديم) مختلفتيْن على المستوى الدلالي، نجد في المثل قرينتيْن أساسيتيْن ومتماثلتيْن في المعنى، كانتا بمثابة همزة وصل في إحداث الانسجام بين المفردتيْن، ونقصد بذلك الجملتين الفعليتين: حَبُّو = لاَ تْفَرَّطْ فِيهْ.

والمعنى المنطلق على مستوى هذيْن الفعلين، يؤكد على معنى الثبات في الأصل، وأن الأشياء مَهْما تغيرتْ بِتغير حالات مُعينة في الزمن، فلابد من الاهتمام بها والتحضير لها عبر الزيادة في الأصل = القديم لا مغادرته. لكن إذا ما إنْ انتهتْ هذه الأحوال النفسية، يبقى مستوى الرجوع إلى الأصل أيْ القدم هو القاعدة التي يُؤسس عليها، فلا يتوهم أحد ما أنه بمجرد التغيير = الجديد اللَّذيْن يُصاحبان حياة الإنسان، أنه اسْتحوذ على جميع اللحظات الزمنية المريحة والمسعدة التي حُرم منها. فضلاً عن ذلك أن مستوى التفريط في (القديم) يكون مُصاحبًا لمعنى (القلق) بسبب انْهماك الذهن بالمتغير (الجديد)، في حين أن مستوى الإياب (العودة إلى القديم) يُصاحبه الارتياح والثبات.

كما جاء أيضا اختيار الصيغة الفعلية (حَبُّو = لاَ تْفَرَّطْ فِيهْ) مُؤشرًا على انسجام تركيبة المثل واتساقها. ولا شك أن هناك فرقًا بين قولهم: «الجْدِيدْ حَبُّو وَالْقْدِيمْ لاَ تْفَرَطْ فِيهْ» وقولهم: «الجَدِيدُ مُحِبٌّ لَهُ وُالقَدِيمُ غَيْرُ مُفَرَّطٍ فِيهِ»، حيث بتغيير الصيغة الصرفية من الفعلية إلى الاسمية سوف يؤدي إلى ثِقل في التلفظ، وإطالة في الانتقال من المسند إلى المسند إليه:

المحول

المسند إاليه

المسند

مُحِبٌّ لَهُ

<---حَبُّو

<---الجديد

غَيْرُ مُفَرَّطٍ فِيهِ

<---لاَ تْفَرَطْ فِيهْ

<---القديم

فزمن التلفظ بــ (مُحِبٌّ لَهُ) هو أطول من زمن التلفظ بــ (حَبُّو)، لذلك كان استعمال الصيغة الفعلية (حَبُّو) مُحققًا لقفزةٍ زمنيةٍ سريعةٍ في الأداء اللفظي أدت إلى خفة الإيقاع وسرعته، وإذا ما تَمَّ العدول عن هذه الصيغة الفعلية، سوف يَفْقد النص المثلي ميزةَ سرعة وخفة الانتقال بين العناصر المكونة لتراكيبه. والملاحظة الأخيرة التي ينبغي الوقوف عندها في تركيبة هذا المثل، أن ورودَ الأمثال الشعبية الإسمية كثيرٌ جدا إذا ما قيست بالأمثال التي وردت بالفعلية، وقد لا يكون هذا من قبيل الصدفة وإنما مبعثه تثبيت المعنى المراد. وهذا ما ذهب إلى تأكيده عبد القاهر الجرجاني بقوله: «وإذْ قد عرفتَ هذا الفرق، فالذي يليه من فروق الخبر، هو الفرق بين الإثبات إذا كان بالاسم، وبينه إذا كان بالفعل. وهو فرق لطيف تمس الحاجة في علم البلاغة إليه. وبيانه، أن موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء من غير أنْ يقتضي تجدده شيئًا بعد شيءٍ. وأما الفعل فموضوعه على أنه يقتضي تجدد المعنى المثبت به شيئًا بعد شيء»42.

اللِّي مَا ذَاقْ الْمُرْ مَا يَعْرَفْ قِيمَةْ لْحَلُو

إذا انطلقنا من اعتبار أن المثل هو بمثابة حكاية تشكل أنموذجَ عيشٍ وتماثلٍ مع التجربة التي أحاطت بمن ضُرب به المثل، فإن التقابل اللفظي في هذا المثل قائم بين الاسمين المتضادين: المر / الحلو، مشيرا إلى أن خبرة الإنسان الطويلة في الحياة التي علمته كيف يميز بين ما هو نافع وبين ما هو عكس ذلك، ولعله وهو يسعى إلى تحقيق هدف ومعنى لحياته، تتجاذبه صروف الدهر وتغير مسار سلوکه ونمط عيشه، فتارة تنفتح له الحياة وتنطلق نظرته التفاؤلية من إحساس بالرحابة والاتساع في العيش فتقابله الحلاوة والسعادة، ومرة يغلب التشاؤم على حياته، فتضيق به الأرض بما رحبت، فيشعر عندئذ بالانغلاق ومرارة العيش ولا يرى - أحيانا - نهاية النفق المظلم حيث النور. غير أن هذا التقابل أو التناقض الوارد هنا بين (المر - الحلو) ظاهري فقط، حيث أن الدلالة التي يجسدها هذا المثل في التعبير عن تاريخ شعبي، وعن مدى قدرة أفراد الشعب على التعامل مع الأمور والأحوال المتعددة 43.

وفي سياق البنية التركيبية لهذه المثل، نجد أيضا ما يسمی بـــ «توازي الترادف» الذي هو عبارة عن: «متواليتين متعاقبتين أو أكثر لنفس النظام الصرفي - النحوي المصاحب بتكرارات أو اختلافات إيقاعية وصوتية أو معجمية دلالية»44. وفيه تقوم الصيغة الفعلية الثانية «ما يعرف» بتقوية الفكرة المبثوثة (خبرة الإنسان في الحياة في الصيغة الفعلية الأولى «ما ذاق» عن طريق التكرار أو المغايرة من أجل خلق تأثير مباشر على الأذن،

وتحقيق الإقناع. ومما يلاحظ أيضا على هذه التركيبة المثلية دقة التعبير المثلي في استعمال:

1. أسلوب النفي الصريح (ما ذاق - ما يعرف) والمكرر مرتين بأداة نفي «ما» الأصيلة غير المركبة التي دخلت على الجملة الفعلية «ذاق / يعرف» لتدل على النفي المحض، ولأن عادة ما تكون دلالة الزمن في مثل هذه الجمل مستفادة من صيغ الأفعال فيها45، فإن هذه البنية التصويرية ذات السَّمْت المنفي المتكرر، جسدت حالة الاختبار التي يمر بها الإنسان في هذه الحياة، فهو إما مستفيد منها أو خاسر فيها.

2. حرف الميم المجهور المتكرر أربع مرات «إلى ما ذاق المرّ ما يعرف قيمة الحلو» والمنسجم مع فكرة المثل والذي يتميز بحركته المجهورة، وصوته المسموع القوي، وفي الوقت نفسه ما يتمتع به من الجمالية بوجود الغُنَّة فيه، وهو عبارة عن الإطالة في الصوت46.

وهذا، فإن المتذوق لإيقاع النص المثلي وبنائه التركيبي يلاحظ تلك الخفة والانسيابية والاختصار التي يتمتع بها هذا المثل الشعبي، ناهيك عن الطابع التعليمي والإرشادي من حيث موضوعه التصويري والديناميكي، الذي تقويه بعض العوامل المساعدة من الجناس والتكرار والتدرج على مستوى الأسلوب47.

2.2. على مستوى الفعل:

نقصد بهذا المستوى، دراسة الصيغة الفعلية التي سِمَتُها التغاير48 على المستوى التركيبي للمثل الشعبي، هذه الجملة الفعلية التي تشكل أيضا: «المركب الذي يبين المتكلم به أن صورةً ذهنيةً كانت قد تألفت أجزاؤها في ذهنه، ثم هي الوسيلة التي تَنْقُل ما حَال في ذهن المتكلم إلى ذهن سامع»49. ومن هنا جاء اعتماد الجملة المثلية على الإسناد الخبري كعنصر أساسي في بيان معنى المثل المراد تبليغه مستعينا في ذلك بالتعالق التركيبي الحاصل بين المكونات النحوية والبلاغية للجملة التي غالبا ما تكون: «تابعةً للمعاني تتكيف بشكلها، فإذا تزاوجت المعاني تزاوجت وتناظرت التراكيب مثلها، وإذا اسْترْسلت اسْترْسلت مثلها»50. ومن هذا المنطلق، يمكن دراسة الجملة المثلية القائمة على مستوى الفعل وفق ترکيبيْن هما: التركيب النحوي. والتركيب البلاغي. ومن أمثلة ذلك قولهم:

دِيرْ الْخِيرْ وَانْسَاهْ وْدِيرْ الشَّرْ وَاتْفَكْرُو

تُشكل هذه البنية المثلية جملةً ثقافيةً مُتجذرةً في الوجدان الشعبي، وهي انعكاس طبيعتيْ الخير والشر في حياة الإنسان، لكن لا يجب على أيّ شخصٍ السعي إلى فعل الشرّ مهما صَغُرَ، وألاَّ يتراجع عن فعل الخير والإحسان لنَيْل الأجْر والثواب من الله تعالى. يقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۥ، وَمَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّا يَرَهُ﴾51. ونجد الجملتين المتوازيتين في هذا السياق المثلي مُركبتيْن من نسقيْن فعلييْن هما:

وكل جملة تضم: فعل أمر مشترك (ديرْ بمعنى افْعَلْ) + الفاعل ضمير مستتر وجوبا (أنت) + مفعول به متقابل (الخيرْ - الشَّرْ) + فعل أمر متقابل (اْنسَاهْ - اتفَكْرُو).

ولأننا بصدد التركيز في دراستنا على التقابلات في الأمثال الشعبية، فإننا سنستبعد الوقوف على النظام النحوي للمثل وعلى تفكيك بنیاته وعناصره اللغوية بوصفه لا يخضع لقواعد الجملة العربية الفصيحة، لكن ما يُميز البنية النحوية لهذا المثل، هو أن ذلك الانتقال من صيغة فعلية إلى أخرى على المستوى التركيبي أدى إلى سِعة المعنى واتساع حدود الصورة، مما حَقَّقَ للجملة المثلية بعدًا دلاليًّا وإيقاعيًّا.

ونتلمس في هذا المثل القائم على التضاد بين كل من: (ديرْ الخير وانساه - دير الشر واتفكرو) و(الخيرْ - الشَّرْ) وصفًا سطحيًّا في البنية الخارجية جسدها القائل بطريقة عفوية، أنَّ مفردات التقابل جاءت مفسرة وشارحة ليس إلا فقولهم: (ديرْ الخير وانساه) جاء ليكرر دلالة قولهم (دير الخير وانساه) بطريقة أخرى، كما أن قولهم (الخيرْ) استدعى من غير جهد (الشرْ) من رصيد الذاكرة المألوف التي غالبا ما تركز على النفس الإنسانية (أنت). وفضلا عن أنَّ المفردتيْن جاءتا لإكمال دورة المثل الإيقاعية، فقد حملت أيضا بصمات ومعتقدات موغلة في القدم، استطاعت أن تمدنا بملاحظات دقيقة حول أعماق النفس البشرية، أو ما هو مستمد من خلال التعامل مع شعوب وثقافات أخرى52. ويمكن توضيح ما تقدم من التقابل اللفظي على الشكل التالي:

إن الجملة المثلية (ديرْ الخير وانساه - دير الشر واتْفكرو) المكتملة دلاليًّا، حققت طاقةً شعريةً آتيةً من التضاد السياقي الواقع في صيغة فعلي الأمر (انْساه) و(اتْفكرو) التي: «بالبداهة لا تدل على معنى زمني، وإنما مدلولها طلب وقوع الفعل، فهي إذن لا تشتمل على معنى الفعل تاما بشطريْه الحدث والزمن»53. ولعل التركيز في هذه الجملة المثلية كان أكثر على العلاقة الواضحة بين فعليْ الأمر (انْساه - اتْفكرو) والاسمين (الخير – الشَّر) لأنه كلما: «كان الفعل واسع الدلالة، كثير التصرف في معناه الذي يختص به، وهو معنى الزمن، كان ذلك أدعى لأن يلتحق بالاسم»54.

ولعل البؤرة المركزية في هذا التقابل الدلالي بين فعلي الأمر (انْساه) و (اتْفكرو) الذي جاء يُعبر عن استمرار حدثيْن مهميْن في الحياة الإنسانية وهما: «القيام بالمعروف والقيام بالمنكر» من جهة «والنسيان والتفكير» من جهة أخرى، إنما تتمحور على وجه التحديد حول الفعل (ديرْ) وتعلقه الواضح بالمفعولين (الخير – الشَّر) إلى حد أنه: «قرب من الاسم شَبهًا، أتى يضارعه في الدلالة و في الاستعمال»55. وهذا ما يوضحه التخطيط التالي:

خُودْ الرَّايْ اللِّي يْبَكِيكْ وَمَا تَاخُدْشْ الرَّايْ اللِّي يْضَحْكَكْ

يُقال لمن تلومه على قيامه بعملٍ قبيحٍ لا يليق بأمثاله، فلا يرتاح إليك، لأنه يظنّ أنك تُسيءُ إليه، مع أنك تُريد نُصْحه وخيره. يكشف النص المثلي منذ البداية عن التضاد الموجود بشكل واضح في الدلالة بين شطريه (خُودْ الرَّايْ اللِّي يْبَكِيكْ  مَا تَاخُدْشْ الرَّايْ اللِّي يْضَحْكَكْ)، وتساويهما على المستوى الدلالي، إذ تتكون الجملتان من (جملة فعلية + مفعول به + اسم موصول + جملة فعلية)، فإن الوحدة الخلافية البارزة في النص المثلي تكمن بين الفعلين (خُودْ  مَا تَاخُدْشْ) كما هو موضح في الشكل التالي:

ك هو يَبَكِي اللِّي رَّايْ أنت خُودْ
ضمير متصل -مفعول به ضمير مستتر -فاعل فعل مضارع اسم الموصول -صفة مفعول به ضمير مستتر -فاعل فعل -مثبت / منفي
ك هو يْضَحْك اللِّي رَايْ أنت مَا تَاخُدْشْ

غير أن البؤرة المركزية للتقابل على المستوى الدلالي في هذا المثل ظهرت من خلال ما أسماه البلاغيون بــــ «طباق السلب أو النفي» وهو ما يحصل بأداة النفي أو النهي، وقد عرفوه بقولهم هو: «الجمع بين فعلي مصدر واحد مثبت ومنفي، أو أمر ونهي»56ونعني به بين: (خُودْ  مَا تَاخُدْشْ)، وهما فعلان مُشتقان من مصدر واحد وهو الأخذ، إذ جاء الأول مثبتا (خودْ) والثاني منفيا (مَا تَاخُدْشْ). وهو تقابل حصل بين حالتي الابتغاء والسكون، لأن الابتغاء من الأخذ، والسكون من عدمه، يعني: خُذْ = اسْعَ، إذًا: لا بد أن تتحرك، وكذا جاء طلب فعل الأمر: «على وجه التكليف والإلزام بشيء»57. فإذا كانت الجهة التي صدر عنها فعل الأمر في الأول هي «الأخذ»، فإن له وجهة ثانية توجه إليها وهي «الامتناع»، والجهتان هما - في الأغلب - عُليا ودُنيا. ويمكننا تلخيص ما أشرنا إليه من مَعانٍ في هذا الرسم:

والملاحظ أيضا في هذه الجملة المثلية أنه مع كل لفظة يستحضر الذهنُ الضدَّ على الفور قبل مجيء الطرف الآخر58، لذا فإن عملية التقابل في التضاد اللفظي بين (خُودْ  مَا تَاخُدْشْ)، عملت على إنشاء حالتيْن في الذهن، هما حالة الحضور، وحالة الغياب. وما الوحدة التقابلية بين (يْبَكِيكْ) و(يْضَحْكَكْ) إلا تكميلية لتلك الحالتيْن. من هنا يسعى التقابل بين الألفاظ المتضادة إلى استحضار الغائب في الذهن بمجرد ذكره، إذ: «حضور النقيض يستدعي حضور نقيضه غيابا، مما يعطي للتقابل طبيعة تكرارية مزدوجة، من خلال حركة الذهن بين المتناقضيْن»59بمعنى أنه بمجرد ذكر لفظة (البكاء) تأتي في الذهن لفظة (الضحك)، وبمجرد ذكر لفظ (الضحك) تأتي لفظة (البكاء) في الذهن، مما يخلق صورة متكاملة في المعنى، في حين تتماثل على المستوى التقاطعي، مما يؤكد عدم استواء البكاء والضحك في مسار الحياة البشرية. ومثل هذه المعاني هي «التي تجعل للمثل وقعه في إرادة التأثير، وهياج الانفعال، وكأن ضارب المثل يُريد أن يَقْرعَ به أُذُن السامع قرعًا، بحيث ينْفذ أثره إلى قلبه، وينتهي إلى أعماق نفسه»60. وإليك توضيح لذلك عبر التخطيط التالي:

الْجْمَلْ مَا يْشُوفْشْ حْدَبْتُو وَيْشُوفْ حْدَبَةْ صَاحْبُو

يُشير المثل منذ البداية إلى حالة مَنْ يتتبع عورات الناس، ويفشي عيوبهم بين الناس، وينسى أو يتناسى أنه مُبْتَلَی بأكثر من ذلك، وهذا ما يوافق المثل العربي القائل: «يَرَى اَلْقَذَاةَ فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَرَى اَلْعُودُ فِي عَيْنِهِ». وقد ورد ذكر هذا المعنى في قوله تعالى: «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ»، حيث يُحذر المولى عز وجل اليهود من هذا الخلق السيء الذي اتصفوا به، أين كانوا ينهون غيرهم عن أشياء وهم يأتونها، ويأمروهم بأشياء ولكنهم لا يفعلونها61.

إن كلمة (حْدَبْتُو أو حْدَبَةْ) هي النقطة الأساسية التي شكلت الصور الجزئية الواردة في النص المثلي، لأنها فجرت حالة شعورية خاصة أدت إلى إنتاج التركيب التقابلي بين ما (يْشوفْشْ ويْشوفْ). فإذا كان الحدث في الفعل الأول مُشيرة إلى المضي في حين أن لصيقَه الثاني يكون مستقبلا بالإضافة إلى الأول»62. إذن، فإن العلة (الحَدبة = العيْب) هي التي أوحت إلى بروز الصراع بين المعلولين (الهو والآخر)، فإذا جسد الأول حالة الزهو بنفسه، والفخر بذاته عبر إخفاء مناقصه، فإن الثاني رُمِز إليه بحالتيْ النقص والضعف. وهذا ما يفسره الشكل التالي:

يُمكن أن نلاحظ في هذا الشكل، مدى التقابل الحاصل بین (ما يْشوفْشْ ويْشوفْ) من جهة، ووضوح التماثل بين (ما يْشوفْشْ) الشعور بالنقص و(يْشوفْ) الإعجاب بالنفس من جهة أخرى، الأمر الذي أضْفى روحًا دلاليةً على تركيبة الجملة المثلية. فضلاً عن دورها في تكثيف الطاقة الدلالية والإيحائية للخطاب المثلي، من خلال جدلية الخطاب بين الحضور والغياب، أين يحضر النفي ويغيب الإيجاب، ويحضر الإنكار وتغيب المعرفة. وبالتالي فإن: «تكوين رد فعل مضاد من قبل الخطاب الثاني يتجلى في عناية مفرطة واستيعاب وإعادة تأسيس إنتاج لغة الخطاب الأول»63. وبهذا، فقد كان للتقابلات الضدية فاعلية في بناء النص المثلي من خلال توالد الأنساق النصية المثلية وتناميها. وقد استطاع قائل المثل تقديم رؤية للموضوعات التي واجهها في حياته من خلال استثارة متناقضات متعددة لعل أهمها: جدلية الحياة والموت - الحضور والغياب - الحركة والسكون - الابتغاء والامتناع. وهذا لا يعني أن الفكر الإنساني الشعبي متناقض بل: «لأن التجارب والحالات شديدة التنوع، ولو اقتصرت الأمثال على إظهار جزء من الخبرات غير المتناقضة لما حقَّ للدارسين أن يعدوا الأمثال صورة للفكر الشعبي وخبراته، ولكان ظَهر جزءٌ من الصورة وخَفي جزء»64.

3. جماليات التقابل:

لقد كانت الجمالية الذاتية من أبرز القيم التي أفادها التقابل في الأمثال الشعبية الجزائرية، وتنوعتْ بين الصدق والمثابرة على الخير والثقة بالنفس والصراحة وغير ذلك. ومن هنا كان للتقابل شُعَبٌ خَفيةٌ لا تتميز إلا للنظر الثاقب والذهن اللطيف65. ولعل الجرجاني من خلال هذا القول يشير إلى أن جمالية التقابل لا تتولد من تضاد وتعاكس لفظيْن مجرديْن من السياق اللغوي فحسب وإنما يكون خفاؤها وغموضها أيضا عندما تندمج وتلتبس مع قوالب المعاني فتصبح مرتكزًا بنائيًّا يتكئ عليه النص اللغوي في توضيح مكوناته ودلالاته، فتتولد جمالياته من اندماجها وإضاءتها للنص اللغوي، مُؤديةً إلى وضوح دلالات في تراكيبه، وهنا تبرز بلاغة المقابلة في أجمل صورها.

ومن بين جماليات المثل الشعبي، تصويره للصفات التي يتحلى بها أفراد المجتمع في علاقاتهم وتعاملهم بعضهم مع البعض الآخر. ومن بين هذه القيم، نذكر محبة الآخر واحترامه، وتقديم العون والصداقة والتسامح وغير ذلك. ولعل الخاصية الفنية للتقابل اللفظي لم تقفْ عند هذا الحد، وإنما كان لهذا النوع من التقابل، بلاغاته وجمالياته، وأن ثنائياته الضدية بين طرفيْه تُعد مظهرًا بارزًا أمام القارئ، وأن بلاغاتها تكمن في المعنى الحقيقي المتخفي وراء المتضاديْن والتي يستطيع الدارس الحَذق أن يكتشفها بقدراته الخاصة. أضف إلى ذلك، أن هذه الثنائيات تظهر في كل نص مثلي بشكلٍ مختلفٍ وبفكرٍ مُتجددٍ يفرضه اختلاف السياق المثلي، لذلك كان للمثل: «ذلك الشأن الهام في ثقافاتهم من أجل إبراز المعاني أو كشف الحقائق التي يريدونها، بحيث تجعل المُتَّخيل يُرى وكأنه في صورة المحقق، والغائب وكأنه مُشاهدٌ، والمتوهَّم في معرض المتيقن»66.

وتظهر جماليات التقابل في تلك الأمثال الشعبية من خلال توفرها على بعض الخصائص الأسلوبية المتنوعة كاعتمادها على السجع مرة في قولهم: «خُودْ الرَّايْ اللِّي يْبَكِيكْ وَمَا تَاخُدْشْ الرَّايْ اللِّي يْضَحْكَكْ»، وعلى التضاد بين الغياب والحضور في قولهم: «مَا يْشُوفْشْ حْدَبْتُو وَيْشُوفْ»، والابتغاء والامتناع كقولهم: «خُدْ ومَاتَاخُدْشْ». ولعل هذه الخاصيات وغيرها - كما ذكر إبراهيم السامرائي - هي التي مَنحت الأمثال: «قوةً على البقاء، لأنها عُصارةٌ تجارب إنسانية، فهي تزخر بالحياة التي مرت بها على مر العصور، ولمَّا كانت الأمثال لونًا من ألوان الحياة، فلابد لها من مُقومات تجعل لها القدرة على المحافظة على كيانها، ومن هذه المقومات استعمالها بين الخاصة والعامة، وتداولها في كل لسان، ذلك التداول الذي أكسبها بقاءً، وأمدها بحياةٍ عبر الأيام»67.

الخاتمة:

يمكن بعد هذه الجولة الممتعة في عالم المثل الشعبي الجزائري، أن نخلص إلى النتائج المتوصل إليها التالية:

1. هَدَفَ البحث إلى تأكيد القيمة الوظيفية التي تؤديها الأنساق التقابلية في بنية نص المثل الشعبي، باعتبارها بنية متحركة قادرة على التشكل، وصَنْع التحولات مما يجعل أنساقها ذات صفة دينامية وأبعاد دلالية.

2. تُعد الأمثال الشعبية حكمةَ الشعوب وينبوعها الذي لا ينضب، لذا يسعى أي دارس للموروث الشعبي إلى استخلاص الأمثال ذات الحكم والنصائح الإيجابية.

3. لعل التناقض في المثل الشعبي يعود سببه إلى اختلاف النفسيات الإنسانية وتأثير العوامل الاجتماعية عليه.

4. تنوع التقابلات الضدية التي بَنى المثل الشعبي عليها ثنائياته، بين الإسمية والفعلية وأشباه الجمل، كانت تصب في خدمة المستوى الدلالي والإيقاعي، بل وكانت دلالة المثل تتحكم في البنية الزمنية لهذه الجمل لكي تتماشى مع ظروف المجتمع وأحواله.

5. کَشَفَ البحث عن أهمية التقابل في الجملة المثلية، من ناحية دوره البارز في شَدِّ بنية النص المثلي وتواشج مستوياته من جهة، والتعبير عن التجارب الاجتماعية الإنسانية المهمة من جهة أخرى.

6. بُنِيَ المثل على أساس تراكيب لغوية متكاملة بتضمنه المستويات اللغوية التي يتطلبها البناء الرصين للعبارة الأدبية من صوتية واشتقاقية ونحوية.

7. تركتْ جملة المثل بما يقتضيه المعنى من حيث الاسمية والفعلية والظرفية والشرطية المثبتة والمنفية يتخللها الحذف تارة، والذكر أخرى التقدم والتأخير مرةً، وجميع هذا يُنْبئ عن دلالات النظم اللغوي على المعنى المطلوب.

الهوامش:
1. ينظر في ذلك على سبيل التمثيل: دراسة نبيلة إبراهيم "أشكال التعبير في الأدب الشعبي"، ودراسة عامر رشيد "مباحث في الأدب الشعبي"، وتليها دراسات أحمد علي مرسي "الأدب الشعبي وفنونه"، و"المأثورات الشفاهية"، و"المأثورات الشعبية الأدبية"، وتأتي أيضاً دراسة أحمد رشدي صالح "فنون الأدب الشعبي"، ومن الدراسات الرائدة في مجال الفن الشعبي، نقف عند "الحكاية الشعبية" و"الأسطورة والفن الشعبي" و"دفاع عن الفلكلور للكاتب عبد الحميد يونس.
2. أبو فيد مؤرج بن عمرو السدوسي، كتاب الأمثال - تحقيق: رمضان عبد التواب - بيروت - دار النهضة العربية - ب. ط - 1982 - ص 5.
3. محمد توفيق أبو علي. الأمثال العربية والعصر الجاهلي: دراسة تحليلية - بيروت - د. ط - 1988 – ص102.
4. ابن منظور، لسان العرب - بيروت - دار صادر للطباعة والنشر- 1375ه/ 1956 - مجلد 14 - ص57 – (مادة قبل).
5. المصدر نفسه - مجلد 17 - ص 339 - (مادة وزن).
6. أبو هلال العسكري، الصناعتين - تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم - دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه - ط 1 - 1952 - ص 307.
7. ابن الأثير، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - تحقيق: أحمد حوفي وبدوي طبانه - مصر - دار النهضة د. ت ج 2 - ص 280.
8. أحمد نصيف الجنابي ظاهرة التقابل في علم الدلالة - مجلة آداب المستنصرية - عدد 10 - 1405 ه/ 1984 - ص 15.
9. أحمد مختار عمر وعلم الدلالة - الكويت - مكتبة دار العربية - ط 1 - 1982 - ص 191.
10. ينظر: أحمد مطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها- بغداد - مطبعة المجمع العلمي العراقي-1983- ج3 – مادة "طباق"- ص 66.
11. أحمد مطلوب وكامل حسن البصير، البلاغة والتطبيق- بغداد - وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - ط 2 - 1999 - ص 443.
12. أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني - القاهرة - مطبعة المدني - ط - 1991 - ص 32.
13. ينظر: كمال أبو ديب، في الشعرية - بيروت - مؤسسة الأبحاث العربية - ط1 - 1987 - ص 41.
14. ينظر: عبد الله الغذامي، النقد الثقافي - بيروت - الدار البيضاء - ط2 - 2001 - ص77 و78.
15. ينظر: عبد الله عبد الجبار ومحمد عبد المنعم خفاجة، قصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي - ص 149.
16. ينظر: يحيى الجبوري، الجاهلية - مقدمة في الحياة العربية لدراسة الأدب الجاهلي - بغداد - مطبعة المعارف - 1388ھ / 1968 - ص 102.
17. رودلف زلهایم: الأمثال العربية القديمة - ترجمة: رمضان عبد التواب - بيروت - مؤسسة الرسالة – ط 1 - 1981 - ص 27.
18. المرجع نفسه. ص 30 و31.
19. ابن منظور، لسان العرب - مجلد 4 - ص 436.
20. إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية - تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار - بيروت - ط 2 1979 - ص 1816.
21. المصدر السابق - ص 1816.
22. المصدر نفسه - ص 437.
23. سورة الزخرف: الآية 56.
24. Dictionnaire étymologique، historique et anecdotique des proverbes et des locutions proverbiales de la langue française Par P. M. Quitard - Paris - P. Bertrand، Libraire-éditeur - 1842-P. 3.
25. Meschonnic، Les proverbes، actes de discours. Revue des sciences humaines - N° 163 - 1976 - P. 467.
26. Taylor، A، The Proverb - Harvard، Cambridge - 1931 - P. 30.
27. Anscombre، J. C. Proverbes et formes proverbiales: valeur evidentielle et argumentative - Revue Langue française N 102 - 1994 - P. 100.
28. Rolland Barthes، Mythologies - Paris، éd. du Seuil -1957 - P. 227.
29. فوزی عنتيل، بين الفولكلور والثقافة الشعبية - القاهرة - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1978- ص 311.
30. ينظر: السيوطي المزهر في علوم اللغة تحقيق: محمد ابو الفضل إبراهيم - بيروت-1986- ج1 - ص 487 و488.
31. الزمخشري، الكشاف - ضبط وترتیب: مصطفی حسین احمد - بيروت - دار إحياء التراث العربي - ط 1 – 2003 - ج1 - ص38.
32. سميح عاطف الزين، الأمثال والممثل والتمثل والمثلاث في القرآن الكريم - بيروت - دار الكتاب اللبناني - ط2 - 2000 - ص 295.
33. منذر عیاشی، اللسانيات والدلالة - حلب - مركز الإنماء الحضاري - ط 1- 1996 - ص 67.
34. ابن اثیر. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - تحقیق: احمد الحوفي وبدوي طبانة - الرياض - دار الرفاعي - ط2 - 1983 - ج1 - ص 75.
35. النماذج المثلية في هذا البحث مقتبسة من كتاب الأمثال الشعبية: ضوابط واصول منطقة الجلفة نموذجا، علي بن عبد العزيز عدلاوي - الجلفة - دار الأوراسية - ط 1 - 2010.
36. سورة الحديد: الآية 19.
37. احمد محمد الحوفي، فن الخطابة - القاهرة - دار نهضة مصر - ط 4 - 1986 - ص 192.
38. ينظر: إحسان النص، الخطابة العربية في عصرها الذهبي - القاهرة - دار المعارف - د. ط - 1963 - ص 44.
39. الزجاجي، الجمل في النحو تحقيق: على توفيق الحمد- الأردن مؤسسة الرسالة ودار الأمل - د. ت - ص 119 و120.
40. منير سلطان، البديع تأصيل وتجديد - الإسكندرية - منشاة المعارف - ب. ط - 1986 - ص 119.
41. علي بن عبد العزيز عدلاوي، الأمثال الشعبية: ضوابط وأصول منطقة الجلفة نموذجا - ص 63.
42. عبد القاهر الجرجاني دلائل الإعجاز - تحقيق: محمود محمد شاكر - القاهرة - مكتبة الخانجي- ط2- 2004- ص174.
43. جمال طاهر وداليا جمال طاهر، موسوعة الأمثال الشعبية - ص 27.
44. محمد كنوني، التوازي ولغة الشعر - مجلة فكر ونقد - عدد 18 - سنة 1999 - ص 80.
45. شرح الرضي لكافية ابن الحاجب - تصحیح وتعليق: يوسف حسن عمر - طهران - منشورات مؤسسة الصادق - 1978 - ج 2 - ص 185.
46. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية - القاهرة - مطبعة نهضة مصر - ط 5 - د. ت - ص 156.
47. محمد شوقي خليفة، الأمثال: خواصها ومنشؤها - مجلة التراث الشعبي - عدد 3 و4 - 1999 - ص 6.
48. إبراهيم السامرائي، الفعل: زمانه وأبنيته - بيروت - دار المؤسسة - ط 3 - 1983 - ص 32.
49. مهدي المخزومي، في النحو العربي نقد وتوجيه - بيروت - المكتبة العصرية - ط 1 - 1964 - ص 31.
50. محمود المسعدي، الإيقاع في السجع العربي: محاولة تحليل وتحديد - تونس - مطبعة الكويت - 1996 - ص 177.
51. سورة البقرة: 44.
52. ينظر: أسكر بي شورتن، الأمثال الشعبية - مجلة دراسات عربية - عدد 11 و12 - سنة خامسة - 1985 - ص 64.
53. أحمد عبد الستار الجواري، نحو الفعل - بيروت - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - د. ط - 2006 - ص 24.
54. المرجع نفسه - ص 24.
55. المرجع نفسه - ص 27.
56. الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة - تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي- مصر - مكتبة الكليات الأزهرية - ط2 - د. ت - ج2 - ص 480.
57. حسين جمعة، جماليات الخبر والإنشاء - دمشق - منشورات اتحاد الكتاب العرب - 2005 - ص 105.
58. ينظر: السكاكي، مفتاح العلوم - تحقيق: عبد الحميد الهنداوي- بيروت دار الكتب العلمية - ط1 - 2000- ص110.
59. محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب في شعر الحداثة، التكوين البديعي القاهرة - دار المعارف - ط2- 1995 - ص 111.
60. سميح عاطف الزين، الأمثال والمثل والتمثل والمثلاث في القرآن الكريم - ص 16.
61. ينظر: علي بن عبد العزيز، الأمثال الشعبية: ضوابط واصول منطقة الجلفة نموذجا - ص 64.
62. إبراهيم السامرائي، الفعل: زمانه وأبنيته - ص 26.
63. عبد الفتاح أحمد يوسف لسانيات الخطاب وأنساق الثقافة - الجزائر- منشورات الاختلاف ط1 -2010- ص116.
64. جمال طاهر وداليا جمال طاهر، موسوعة الأمثال الشعبية.. ص 27.
65. ينظر: القاضي الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه - تحقیق: محمد أبو الفضل إبراهيم ومحمد البجاوي - بيروت - المكتبة العصرية - ط 1 - 2006 - ص 47 و48.
66. سميح عاطف الزين، الأمثال والمثل والتمثل والمثلاث في القرأن الكريم - ص 295.
67. إبراهيم السامرائي، في الأمثال العربية - الكويت - مطبعة حكومة الكويت - د. ت - ص 143.
 
المصادر والمراجعه:
- القرآن الكريم.
المراجع العربية
- إبراهيم السامرائي، الفعل: زمانه وابنيته - بيروت - دار المؤسسة - ط 3 - 1983.
- إبراهيم السامرائي في الأمثال العربية - الكويت - مطبعة حكومة الكويت - د. ت.
- إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية - القاهرة - مطبعة نهضة مصر - ط 5 - د. ت.
- ابن اثیر، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر- تحقيق: أحمد الحوفي وبدوي طبانة الرياض - دار الرفاعي - ط2 - 1983 - ج1.
- ابن منظور، لسان العرب - بيروت - دار صادر للطباعة والنشر- 1375ه/ 1956 - مجلد 14.
- أبو فيد مؤرج بن عمرو السدوسي كتاب الأمثال تحقيق: رمضان عبد التواب- بيروت دار النهضة العربية بط- 1982 
- أبو هلال العسكري، الصناعتين - تحقيق: على محمد البجاوي ومحمد ابو الفضل إبراهيم - دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاؤه - ط 1 - 1952.
- إحسان النص، الخطابة العربية في عصرها الذهبي - القاهرة - دار المعارف - د. ط - 1963.
- أحمد عبد الستار الجواري، نحو الفعل - بيروت - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - د. ط - 2006.
- أحمد محمد الحوفي، فن الخطابة - القاهرة - دار نهضة مصر - ط 4 - 1986.
- أحمد مختار عمر وعلم الدلالة - الكويت - مكتبة دار العربية - ط 1 - 1982.
- أحمد مطلوب ومعجم المصطلحات البلاغية وتطورها- بغداد - مطبعة المجمع العلمي العراقي-1983- ج3.
- أحمد مطلوب وكامل حسن البصير، البلاغة والتطبيق - بغداد - وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - ط2 - 1999.
- أحمد نصيف الجنابي، ظاهرة التقابل في علم الدلالة - مجلة آداب المستنصرية - عدد 10 - 1405 ه/ 1984.
- أسكر بي شورتن، الأمثال الشعبية - مجلة دراسات عربية - عدد 11 و12 - سنة خامسة - 1985.
- إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار- بيروت - ط2 - 1979 
- الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة - تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي- مصر - مكتبة الكليات الأزهرية - ط2 - د. ت - ج 2.
- الزجاجي، الجمل في النحو - تحقيق: علي توفيق الحمد- الأردن - مؤسسة الرسالة ودار الأمل - د. ت.
- الزمخشري، الكشاف - ضبط وترتيب: مصطفي حسين أحمد - بيروت - دار إحياء التراث العربي - ط 1 - 2003 - ج1 - - السكاكي، مفتاح العلوم - تحقيق: عبد الحميد الهنداوي - بيروت - دار الكتب العلمية - ط 1 - 2000.
- السيوطي، المزهر في علوم اللغة - تحقيق: محمد ابو الفضل إبراهيم - بيروت - 1986 - ج 1.
- القاضي الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه - تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ومحمد البجاوي - بيروت - المكتبة العصرية - ط 1 - 2006.
- حسين جمعة، جماليات الخبر والإنشاء - دمشق - منشورات اتحاد الكتاب العرب - 2005.
- رودلف زلهایم، الأمثال العربية القديمة - ترجمة: رمضان عبد التواب - بيروت - مؤسسة الرسالة - ط2- 1982.
- سميح عاطف الزين، الأمثال والمثل والتمثل والثلاث في القرأن الكريم - بيروت - دار الكتاب اللبناني - ط 2 - 2000.
- شرح الرضي لكافية ابن الحاجب - تصحیح وتعليق: يوسف حسن عمر- طهران- منشورات مؤسسة الصادق - 1978-ج2 
- عبد الفتاح احمد یوسف لسانيات الخطاب وانساق الثقافة - الجزائر - منشورات الاختلاف - ط1-2010.
- عبد القاهر الجرجاني، اسرار البلاغة - القاهرة - مطبعة المدني - ط1 - 1991.
- عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز تحقيق: محمود محمد شاكر - القاهرة - مكتبة الخانجي- ط 5 - 2004.
- عبد الله الغذامي، النقد الثقافي - بيروت - الدار البيضاء - ط 2 - 2001.
- عبد الله عبد الجبار ومحمد عبد المنعم خفاجة، قصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي. - علي بن عبد العزيز والأمثال الشعبية: ضوابط واصول منطقة الجلفة نموذجا - الجلفة - دار الأوراسية - ط 1 - 2010 
- فوزي عنتيل، بين الفولكلور والثقافة الشعبية - القاهرة - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1978 
- كمال أبو ديب. في الشعرية - بيروت - مؤسسة الأبحاث العربية - ط1 - 1987.
- محمد توفيق أبو علي، الأمثال العربية والعصر الجاهلي: دراسة تحليلية - بيروت - د. ط - 1988.
- محمد شوقي خليفة، الأمثال: خواصها ومنشؤها - مجلة التراث الشعبي - عدد 3 و4 - 1999.
- محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب في شعر الحداثة، التكوين البديعي - القاهرة - دار المعارف - ط2- 1995.
- محمد كنوني، التوازي ولغة الشعر - مجلة فكر ونقد - عدد 18 - سنة 1999.
- محمود المسعدی الابقاء في السجع العربي: محاولة تحليل وتحديد - تونس - مطبعة الكويت - 1996.
- - منذر عیاشی، اللسانيات والدلالة - حلب - مركز الإنماء الحضاري - ط 1- 1996.
- منير سلطان، البديع تأصيل وتجديد - الإسكندرية - منشاة المعارف - ب. ط - 1986.
- مهدي المخزومي، في النحو العربي نقد وتوجيه - بيروت - المكتبة العصرية - ط 1 - 1964.
- يحيى الجبوري الجاهلية - مقدمة في الحياة العربية لدراسة الأدب الجاهلي - بغداد - مطبعة المعارف - 1388ه / 1968.
المراجع الأجنبية
- Anscombre، J. C. Proverbes et formes proverbiales: valeur évidentielle et argumentative - Revue Langue française - N° 102 – 1994.
- Dictionnaire étymologique، historique et anecdotique des proverbes et des locutions proverbiales de la langue française Par P. M. Quitard - Paris - P. Bertrand، Libraire-éditeur - 1842.
- Meschonnic، Les proverbes، actes de discours. Revue des sciences humaines - N° 163 - 1976.
- Taylor، A، The Proverb - Harvard، Cambridge - 1931. - Rolland Barthes، Mythologies - Paris، éd. du Seuil-1957.
-
الصور :
1. https://i.pinimg.com/originals/cc/db/d1/ccdbd12ab58425d3610ce5e94e9e6d03.jpg
2. https://www.livemaster.ru/topic/1504101-tvorchestvo-hudozhnikov-orientalistov-chast-1-volshebstvo-poloten-ludwig-deutsch
3. https://www.livemaster.ru/topic/1504101-tvorchestvo-hudozhnikov-orientalistov-chast-1-volshebstvo-poloten-ludwig-deutsch

أعداد المجلة