فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

التنوع في التراث الشعبي الأردني (طائفة الأكراد نموذجاً)

العدد 8 - أدب شعبي
التنوع في التراث الشعبي الأردني (طائفة الأكراد نموذجاً)
كاتب من الأردن

ينتسب الأكراد – أصلاً – إلى هضبة كردستان بين تركيا وإيران والعراق وينحدرون من أصول آرية، وتصنف لغتهم مع اللغات الأروبية(1).

وقد تحولوا مع مجيء الدين الإسلامي، إلى مسلمين سنيين

(85% من أهل السنة، 10% يزيديون 5% شيعة) ، ولهم في التاريخ الإسلامي أياد بيضاء، وفي تحرير بيت المقدس من الصليبيين، وقد كانوا من قبل يتبعون لحكم الساسانيين في إيران(2).

فهم إذن، شعب عريق يمتلك تراثا أصيلا زاخرا بالمواقف الإسلامية والحالات البشرية، وهم أكثر الأمم الغنية بفلوكلورها(3) من بين أمم العالم العربي، الذي انتشروا فيه، بعد أن كانوا أولا في العراق، وكانوا يشكلون فيه مانسبته 15% ثم انبثوا في سوريا الكبرى. وبوجه خاص في سوريا والأردن وفلسطين. بعد أن أصبحوا جزءا من النسيج القومي في هذه البلدان. بعد أن رفضت دول الحلفاء إعطاءهم حكما ذاتيا. بتدبير شؤونهم  في مهدهم الأصلي. بعد أن انهزم العثمانيون في الحرب لعالمية الأولى. أما في عهد الخلافة العثمانية فكانت القوميات الإسلامية مندمجة بعضها مع بعض, لا تطالب بالاستقلال(4).

ولاتزال الغالبية العظمى من الأكراد في مواطنها الأصلية في شمال العراق في السليمانية وكركوك والموصل وديار بكر، وليس الذين استوطنوا سوريا والأردن سوى أعداد قليلة منهم، لذلك فهم لا يشكلون نسبة ملحوظة في البلاد التي خرجوا إليها، وهذا دعا إلى اندماجهم إلى حد كبير في التجمعات السكانية التي صاروا يعيشون فيها.

وقد أعان على ذلك الدين والمذهب فتقاربت العادات والممارسات اليومية، فقد اكتسبوا حقوق المواطنة الكاملة مع سائر عناصر المجتمع الأردني، دون أدنى تمييز في الحقوق والواجبات.

والوقع أن الذي أبرز المشكلة الكردية في شمال العراق فأخرج على ألسنة بعض زعمائهم طلبات ببعض ألوان الحكم الذاتي هو انحسار حكم الخلافة العثمانية عن البلدان العربية وتشجيع بريطانيا لنخب الأقليات على المطالبة بالاستقلال عن المجموع السكاني،  الذي تعايشت معه عصورا كثيرة في أطر الدين والمذهب واللغة والتاريخ(5). وهم يعتبرون أنفسهم أصحاب قضية عادلة، ويبحثون عن تجمع يجمعهم في دولة واحدة. وفي الوقت الحاضر وجدوا من يساعدهم في كيان سياسي واحد.

وما يلاحظ على الفئات ذوات الأصول الكردية التي استوطنت سوريا والأردن وفلسطين قد عادت للتماهي في هذه البلدان، والذوبان في مجتمعاتها الجديدة ضمن الأطر السابقة التي عرفتها، قبل الدخول الأجنبي إلى بلادنا وتفريقه بين أبناء الدين الواحد ونفخه في بوق القوميات.

ومع ذلك فهي، في أحيان أخرى تنشد لروابطها القومية الأولى، وإلى مواطنها الأصلية التي انطلقت منها في هضبة كردستان وزمن جمهورية مهاباد، فتعود لممارسة أفراحها وأتراحها بالأساليب الخاصة التي كانت تزاولها هناك، وذلك على أساس أن تمسك بالأصول الشخصية لها والتي بها تقاوم الانقراض في المجتمعات الجديدة التي استغرقت فيها، أليست العناصر الفولكلورية حفريات تأبى أن تموت؟ كما قال الباحثون فيها؟(6)

مظاهر من التراث الشعبي الكردي المحلي

لدى هذه الطائفة، التي تشكل مع سائر الطوائف، نسيج التراث الشعبي الأردني. وقد استقيت هذه المظاهر من مقابلة بعض الأشخاص الإداريين في جمعية صلاح الدين الخيرية في عمان، من أبناء هذه الطائفة، ومن معايشة الناس من أفراد هذه الطائفة، وكذلك من الكتب التي تحدثت عن فولكلور هذه الطائفة في بلادهم الأصلية، وفي البلاد التي انتشروا فيها واستوطنوها وصاروا فيها مواطنين من الدرجة الأولى. 

عادات وتقاليد في دورة حياة الانسان الكردي في الأردن:

الطفولة:

فالأطفال حينما يولدون لعائلة كردية يحتفل بقدومهم وتهنأ الأمهات الوالدات بالسلامة ويقدم لهن طعام خاص من المرق والإدام، ويؤذن في أذن المولود بالتكبير والتهليل كما يجري لدى مختلف المواطنين في الأردن.

وتحرص الأمهات في ترانيم الأطفال على تغذيتهم بحليب التعلق بالوطن الأم والثأر من الأعداء. وفي ترانيم الأمهات للطفل أيضا مايدعوه للنوم ، فأبوه في الحقل، يزرع أو يحصد، أو أنه مسافر وسيؤوب ويعود له بهدايا حلوة بمشيئة الله.

وعند اختيار الأسماء يبحث للأبناء الذكور عن الأسماء الحماسية ذات الطابع الوطني مثل: بكر، شيخ، عبدالعزيز، محمد، محمود، وأمثال ذلك، وقد يسبق اسم محمد كل اسم. وللبنات يبحث عن أسماء من الطبيعة الجبلية الجميلة الوطنية مثل: وردة، وغزالة’، زليخا زين، ربيع، وقد ترمز الأسماء لمدينة في الوطن أو اسم معركة في جمهورية مهاباد، التي حصلت على حكم محلي في تاريخ هضبة كردستان السابق.

وتجري للأبناء الذكور احتفالات محدودة بمناسبة الختان، تتخللها الأغاني الوطنية وتوزع فيها الحلوى.

وفي السنة يرسل الأبناء للملا أو الشيخ، وهو ما نسميه عندنا الكتاب ويفصل البنون عن البنات في التعليم، وبعد الكتاب يرسل هؤلاء الأبناء الدارسون إلى المدارس.

وقد تجرى لهم حفلات ختم القرآن عندما يتمون قراءته.

 في الزواج :

لا يكتفي الشباب في العادات الكردية في أرض كردستان بمجرد التعارف سبيلا للزواج، بل لابد من وجود علاقة قوية تجمع بين الشاب والفتاة، لابد من التعلق الشديد الذي قد يصل إلى العشق.

وهذا يفسر بجدية النظرة إلى مشروع الزواج الذي ينبغي أن يبني علاقة حميمة متينة. وإذا لم يكن من مانع من الزواج فإن الخطاب يذهبون إلى بيت والد العروس، ولا يذهب معهم العريس، بل يبقى في البيت يحرسه..

وإذا اتفق الفريقان على الزواج، تتم مراسم الخطبة، ولا تزيد فترة الخطوبة على شهر فقط. وذلك من أجل أن يتدبر العريس أمور زواجه، وفي فترة الخطوبة فإن الخطيبين لايخرجان معاً منفردين.

وفي عادات الأكراد ما يعرف بعادة محاولة خطف العريس، وفي هذه العادة يحاول مجموعة من الشباب أن يخطفوا العريس ليلة الزفاف، حتى إذا ما تهيأ لهم خطفه أخفوا المكان الذي خبأوه فيه، وذلك من أجل أن يذلوا العروس لتتنازل من علياء ليلة زفافها، لتذهب إليهم وتستميحهم عفوا بإطلاق سراح عريسها!

وهذه العادة تذكر بعادة محاولة خطف العروس ليلة زفافها لدى طائفة الشركس الذين يقطنون عمان أو صويلح أو ناعور.

وفي احتفالات الزواج يلبس المحتفلون ، رجالا ونساء، ملابسهم الشعبية، التي يلبسونها في أرض كردستان، للرجال غطاء الرأس كوفية بيضاء طويلة تغطي الرأس بشكل يميز الكردي عن غيره، ويميزه السروال الكحلي الفضفاض، «والشيالات» على الكتفين، وهو إجمالاً لباس الكردي المقاتل، وتلبس هذه الملابس الشعبية في حفلات الزواج والأفراح والأعياد الدينية والوطنية.

أما النساء، وخاصة الشابات، فيلبسن الملابس الملونة بألوان زهور الطبيعة وورودها وهي ملابس زاهية فضفاضة، تعبث بها الرياح عند الرقص.

ويجتمع في حلقة الرقص الواحدة الشباب والشابات ويرافقهم الغناء الموقع على الأدوات الموسيقية، وتسمى حلقة الرقص الجوفاندة، وفيها يتعرف الشباب بعضهم على بعض، وتبدأ فكرة العلاقة. ويرقص الشباب والشابات معاً في حفلات الزواج وفي عيد النيروز.

وحينما يؤتى بالعروس إلى بيت زوجها لا يكون العريس مع الذين أتوا بها، ولكنه ينتظرهم على سطح بيته، حتى إذا وصلوا البيت رمى عليهم الحلوى، وعلى العروس بوجه خاص، وذلك ليظهر فرحته بقدومها ويظهر في الوقت نفسه منزلته في البيت في وجود زوجته، فهو يظل الزوج القادر على الإعالة والقوامة.

والزوجة عند الأكراد تحترم زوجها احتراما شديداً وتقدر منزلته ولا تعصي له أمرا وذلك لأن رابط الحب بل العشق قد ربط بينهما أولا، ولأن الإسلام يطلب منها ذلك ثانياً. وفي الأمثال الشعبية الكردية الشعبية القتالية للرجال .

وفي طقوس الوفاة والدفن :

نجد أن لا اختلاف يذكر بين عادات الأكراد وعاداتنا في بلاد الشام، ولكنهم لا يعرفون عادات لطم النساء على الخدود أو حلقات البكاء بأصوات عالية، بل يكتفون بالبكاء الصامت وختم القرآن والدعاء للميت بثواب قراءة القرآن.

ويدفن الأكراد موتاهم في مقابر سائر المسلمين في عمان، بالطريقة نفسها التي يدفنون بها وكذلك في غسل الميت وتلقينه على المقبرة، ومنهم من يشتري بعض المقابر الخاصة ليخصصها لموتى الأسرة.

ويزعم باحث كردي يعيش في بريطانيا أن المصريين القدامى كانوا يذكرون أن قرص الشمس أصله كردي! ذلك أن زوجة فرعون الأول كانت كردية الأصل. وأنها أتت بهذا القرص من كردستان إلى مصر، وأنها رتبت إقامة حزب ديني مناهض لحزب فرعون.

ألوان من الأدب الشعبي الكردي:

وقد يقع الباحث على ألوان مختلفة متعددة الأدب الشعبي الكردي الذي ظل زمانا يروى شفوياً، في هضبة كردستان، بحكم تأخر الحضارة والكتابة هناك ثم قيض له بعض المخلصين فجمعوه في كتب، وترجم من اللغات الروسية والتركية والكردية إلى العربية. والكردية منها ما يكتب بالحرف العربي ويسمى الكورمانجي، ومنها ما يكتب بالحرف اللاتيني ويسمى السوراني.

وننظر في كتاب «دراسة في أدب الفولكلور الكردي» الذي أصدره الأستاذ الدكتور  عز الدين مصطفى رسول، في بغداد عام 1987م ، ونشرته وزارة الثقافة والإعلام العراقية. فتقرأ فيه أمثلة متميزة من الفنون الشعبية القولية، أي الأدب الشعبي.

أ) شيء عن الأسطورة الكردية :

ولعل أول ما يخطر بالبال في هذا المجال أسطورة جلجامش البابلية القديمة في شمال العراق، وهي تدور حول أقدم الآراء الشعبية والعقائد في التكوين وفي البطل الأسطوري الذي يحمل صفات الآلهة، والذي يعيش صراعا للبقاء والمحافظة على الحياة على الأرض.

« وتجعل الأسطورة الكردية من الصراع بين العفاريت والجن وبين الانسان رمزا للصراع النائب منذ القديم بين قوى الخير وقوى الشر».

ب) عن الملاحم الشعبية :

وتتناقل الأجيال الكردية نوعين من الملاحم: الأول ملاحم البطولة، والثانية ملاحم العشق. وربما كانت ملحمة « دمدم» أشهر أنواع ملاحم البطولة، وهي تحكي «ملحمة الخان ذو الكف الذهب» أو «ملحمة قلعة دمدم». وتدور حول كفاح الكرد في أعوام (1608-610م ) بقيادة أمير خان ذي اليد الواحدة ضد الشاه الإيراني عباس الأول وهي ثورة الكادحين ضد الإقطاع والتسلط.

ومنها نقرأ صرخة البطل بوجه الشاه عباس:

لن يخضع أبناء شعبنا

إنهم ينتظرون العدو في الميدان

انهم يأتون كالأسود

ويقطعون العدو إربا إربا، دوما

لن نخاف جندك  ولن نخاف خان تبريز

إن البطل لن يهرب في النزال

نحن لانخاف خان جين وماجين

ولن يوليك شعبنا الأدبار

لن نخاف الخان التيموري

ولن يترك شعبنا الجبال

لن أقبل تاجـك

ولن أسيء إلى سمعة كردستان(7)

أما ملاحم العشق والغرام فمنها ملحمة بائع الزنابيل التي تشرح الجانب الاجتماعي من الكدح وكسب العيش. ولكن أشهرها ملحمة جخ وسيامند، وفيها يحب ابن الفلاح «سيامند» ابنة الاغا-الامير- «جخ»، ويتعلقان ببعضهما  بحثا عن السـعادة الأبدية، وحينما يكتب عليهما أن يموت الشـاب وهو يبحث عنها تقول الفتـاة :

لم الحياة، لم الروح ؟

ألكي يقولوا هاهي تحيا، فقد كانت جخ حبيبة سيامند

فبالله، الإله الطاهر، بالنور الإلهي أقسم

بالطيبة والجمال، بك يا ابن الماء والأرض البار

بالحب والجمال، بالموت والحياة

قسما بالشمس في السماء وبماء النبع الصافي

بالشيخ السعيد أقسم، أنك وحدك فتاي

قسما بذلك القديس الأخضر، وبالقمح الأحمر وبالخبز

أكنت أنت حيا أم ميتا، أكنت تعلم أو لا تعلم

أقسم بالصدق والإصرار، ياسيامند ياروح روحي

يا فتاي أنك أنت وحدك تملكني يا فتاي

انك وحدك تملكني

وسأهواك ما حييت، وها أنا أتبعك(7)»

ج) من الأمثلة الشعبية :

ومن أشهرها حكاية «مم وزين» وهي تشبه قصة مجنون ليلى، في الأدب العربي، وقد أفرغها الأستاذ الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في كتاب مستقل(8).

وتدور الأمثال الشعبية التالية على السنة الناس من الأكراد وغيرهم :-

وتدور كلها حول الحياة الاجتماعية وظروفها.

د) من الأغاني الشعبية :

تتعدد الأغاني الكردية بين أغاني المناسبات وأغاني العمل وأغاني الرعاة وأغاني الفلاحين وأغاني الأعراس والدبكات والسهر على الوليد وأغاني ألعاب الأطفال وأغاني النساء أثناء العمل كحلب الأبقار وصنع اللبن.

ومن تنويمات الأطفال عند الأكراد قول الأم لابنها :

دلوري         دلوري بابـي

أبوك في المزرعة ياحبيب قلبي  نم  نم

أبوك مسافر في الحقل ياحبيب قلبي نم نم

وتصور الأغنية الكردية طبيعة بلاد كردستان الجميلة : فخرير المياه وكثافة الغابات وغزارة أمطار الربيع وعيون الماء والأنهر والينابيع والجبال العاليه والورود والنباتات والأشجار والبلوط والرمان.

وتنعكس على الأغنية الشعبية الكردية ألحان الغربة وآلامها:

أنت في سليمان ترتدين أزياء مزركشة.... وأنا بطهران غريب وحزين.

من يستطب الغربة كافر لا يعرف الله.

أخشى أن أموت بعيدا عن الوطن.... والقلب مليء بالتمني والآهات والآمال.

وإلى جانب الحنين إلى الأوطان عاطفة صادقة وإخلاص(10).

وقد يذكر أن الأغاني الكردية تتحدث دائما عن أحداث تاريخية وقعت للأمة مثل أحداث قلعة دمدم، ويتغنى بها الناس على اعتبار أنها تاريخ مجيد، أو أن تدور حول حكايات عشق وغرام وطنية، وحول أيام الفرح والسعادة للأمة الكردية.

هـ) من الطرائف :

والطرافة حكاية قصيرة صبت في قالب ساخر، واختير لها إطار مضحك، وهي نقد للمجتمع وقضاياه السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، فهي أدب هادف موجه.

أما أبطالها فقد عرفوا بأنماطهم الشعبية الموروثة، مثل جحا في الأدب الساخر عند العرب والملاند الأكراد أو خوجة نصر الدين عند الأتراك، او قراقوش او تيمور لنك حينما يتحاور مع الملا.

فيروى أن تيمور لنك قال للملا نصر الدين ذات يوم : لقد كان للخلفاء العباسيين ألقاب مثل الموفق بالله والمتوكل على الله والمعتصم بالله، فلو كنت أنا واحدا منهم، فما الذي كان علي أن اختار من بين الألقاب؟ فأجاب الملا على الفور: لاشك أنك كنت تلقبت بـ :»نعوذ بالله»(9).

و) من الأحاجي الكردية :

الأحجية قسم من أدب فلكلور الشعوب غير المدون. وفيما يلي مجموعة من الأحاجي والألغاز التي عرفت في التراث الشعبي الكردي، كما أنها نفسها معروفة في بلادنا وجميع مواطنيها بما فيهم الأكراد.

تمشي وتظل تمشي ولاتبلغه . . . . . . . . . . . (الظل)

ثمنه فلس واحد ولكن يملأ الغرفة كاملة... ( الشمعة )

ماءان في كأس واحدة، لكل منهما لونه... (البيضة)(2)

من الثقافات الشعبية المادية لدى الأكراد :

تحدثنا قبل قليل عن نماذج من الأدب الشعبي لدى الأكراد، وهذه ثقافة شعبية قولية، وسنعرض فيما يلي أمثلة محدودة من الثقافة الشعبية المادية لدى الأكراد، ونعتذر عن محدوديتها وعدم التفصيل فيها، لئلا يطول هذا البحث.

أ) الأزياء الشعبية:

يتألف ملبس الرجل في البيئة الكردية من غطاء للرأس أبيض واحمر وهو الشماغ، ويلف على الرأس بطريقة خاصة بالأكراد، وتحت الشماغ طاقية من الصوف تلبس على جلة الرأس، وهذا هو اللباس العسكري للرجال، وما يعرف عندهم بالبشماركة.

ويلبس الرجل السترة على صدره وقد يظهر على صدره شيالتان، ويحيط وسطه بالحزام القوي، ويزهى الكردي بسرواله الفضفاض المميز.

ويحتفظ الكردي في الأردن بهذه الملابس الشعبية ولايلبسها إلا في الاحتفالات الوطنية والدينية، وفيما عداها لايفترق عن أي مواطن أردني آخر في لباسه.

وتختال المرأة بلباسها الملون بألوان الطبيعة الزاهية الفاقعة.

ب) المأكولات الشعبية :

الأكلة المتميزة عند الأكراد هي بال» المر «وهي القمح المقشر المدكوك بشكل بسيط حتى تتفتح حبة القمح وتصبح بحجم أكبر مع السميد واللبن.

ويحل البرغل محل الأرز في الطعام الكردي، ويتصدر اللبن المائدة الكردية على الدوام، وفي كل وجبة، فإذا سألتهم : لماذا ؟ قالوا : تيمنا برسول الله عليه الصلاة والسلام، لأنه في زعمهم أول ما شرب اللبن، ويقدم الدجاج مع البرغل. والعدس من الطعام المفضل لدى الأكراد أيضا وشوربة العدس مع الدجاج تقدم في الأعياد الوطنية.

وفي عيد الإضحى  يذبح في البيت شاة أو خروف أو غيره وقد جرت العادة على أن لا يأكل الأكراد في هذا العيد إلا مما يذبح صبيحة العيد في البيت.

ج) أدوات الغناء والموسيقى :

في أدوات الغناء الكردي البزق عود أوتاره (24) والطنبورة وعدد أوتارها (12) والجنبش وعدد أوتارها (12) بالإضافة إلى الزورنا والطبل.

من الطيف الشعبي الأردني العام إن الأكراد في الأردن مواطنون كسائر المواطنين، وهم يزاولون حياتهم بمنتهى المساواة مع سائر المواطنين، في الحقوق والواجبات، دون أي تمييز.

فهم يشاركون في الاحتفالات الوطنية مشاركة إيجابية بملابسهم الشعبية ورقصاتهم المتميزة، مثل سائر ألوان الطيف الأردني، فهي مواطنة صالحة ومثاقفة فاعلة، الكل يشارك فيه ويقدم فيها أشكالا من الفسيفساء الوطنية لوجه هذا الوطن الواحد.

فلو قرأنا الأفكار التالية لا ندري أهي من أفكار الأكراد العرب الذين يعيشون في الأردن أو غيرها من بلاد الشام :

«إن الأرواح الشريرة من جن وعفاريت تسجن مشدودة خلف جبل قاف طيلة أيام شهر رمضان. وجبل قاف هذا في أقصى الأرض في الإدراك الجغرافي للشعب منذ القديم(15).

أليست الثقافة الرسمية والثقافة الشعبية التي أبقت بهذه الأفكار واحدة أليس أصله من حديث الرسول عليه السلام عن بركات رمضان المبارك وفضائله ؟ أليس هذا الكلام من كلام الناس العاديين في الشارع الأردني؟

 

هــــوامـش ومصادر

(1) الأقليات في التاريخ العربي، عوني فرسخ، 1994، ص373 ومابعدها.

(2) حكايات تراثية كردية.ترجمة وإعداد حسين احمد الجاف.بغداد.1988ص3

(3) دراسة في أدب الفلوكلور الكردي.عز الدين مصطفى رسول.بغداد.1987.ص11

(4) الأقليات في التاريخ العربي.

(5) الأقليات في التاريخ العربي، ص3.4

(6) الفولكلور، ماهو؟ فوزي العنيل، ص36.

(7)دراسة في أدب الفلوكلور الكردي، د. عزالدين مصطفى رسول،ص15.

(8) المصدر السابق، ص 50-52 .

(9) المصدر السابق،ص15.

(10) المصدر السابق،ص72.

(11) حكايات تراثية كردية، حسنين احمد الجاف، ص 70.

(12) المصدر السابق،ص138.

(13) المصدر السابق،ص155.

 (14) المصدر السابق، ص182.

(15) المصدر السابق،ص155.

 

من مصادر البحث ومراجعه

(1) مقابلات شخصية مع السيد شاكر الكردي – عضو جمعية صلاح الدين الأيوبي الخيرية في جبل اللويبدة، فيما بين 25/10/1999 – 3/11/1999م.

(2) دراسة في أدب الفولكلور الكردي – د. عز الدين مصطفى رسول، وزارة الثقافة والإعلام العراقية – بغداد، 1987.

(3) حكايات تراثية كردية – ترجمة وإعداد حسين أحمد الجاف، وزارة الثقافة والإعلام العراقية، بغداد، 1987.

(4) بحثان في الأدب الكردي – رؤوف عثمان، الأمانة العامة للثقافة والشباب، بغداد 1989م.

(5) مجلة التراث الشعبي العراقية – العدد العاشر – السنة الخامسة 1974م .

أعداد المجلة