فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

قراءة إبستمولوجية في تحولات السلطة المعرفية في عينة من عقود الزواج في القرية البحرينية: وثائق الحاج حسين بن خميس بن حرم الداركليبي مثالا

العدد 63 - عادات وتقاليد
قراءة إبستمولوجية في تحولات السلطة المعرفية في عينة من عقود الزواج في القرية البحرينية: وثائق الحاج حسين بن خميس بن حرم الداركليبي مثالا
مملكة البحرين
مملكة البحرين
مملكة البحرين

المقدمة :

مثل الزواج، عبر التاريخ، بنية تنظيمية أساسية للمجتمعات البشرية التي آمنت به ومارسته. وفي المجتمعات الإسلامية، حظيت الأسرة وهي ثمرة الزواج بمنزلة متعالية، فالأسرة هي أساس المجتمع ولبنته الأولى. ونظراً لأهميتها الكبرى، صاغ المشرعون الدينيون (الفقهاء) والمفكرون الإسلاميون من التعاليم النظرية (الفكرية) والتطبيقات العملية ما يكفل صون الأسرة والحفاظ عليها، وضمان ديمومتها، والتكفل بحل مشاكلها. وفي المقابل اعتبر الإسلام الطلاق، أي فصم عرى الزواج، من أبغض الحلال، فكرّه فيه، وحاول تقييده والحد منه لصالح بقاء الأسرة واستمراريتها حتى لو تطلب الأمر بعض التضحيات الجسيمة.

وللزواج في المجتمعات الإسلامية أهداف متعددة وأدوار مختلفة، منها ما هو شخصي (إشباع الحاجات العاطفية الأساسية عند الإنسان)، ومنها ما هو مجتمعي (إنتاجي، اقتصادي وكيفية توزيع الثروات ونقلها). وباعتبار أن هذه المجتمعات ذات بنية دينية مهيمنة على مختلف جوانبه الثقافية والاجتماعية والسياسية، اعتماداً على أساس أن الدين هو إيمان وعمل، أي نظرية وتطبيق، لا يمكن فصلهما عن بعض، نرى طابع الدين وتمثلاته أينما ارتحلت وحيثما حلت أفكارنا وبصائرنا، بما فيها مؤسسة الزواج، حيث يمكن اعتبارها بتشعباتها هي النموذج الأبرز في المجتمعات الإسلامية لتأثير عنصر الدين.

وإذا كان المجتمع الإسلامي مؤسساً برمّته على الأسرة، فإن الحضارة الإسلامية بنيت على النص المقدس (القرآن) (أبو زيد نصر، 1994)، وهو بناء ما كان له أن يشًّيد وأن يصل إلى ما وصل إليه لولا تفاعل الفرد البشري المسلم مع واقعه ومحيطه؛ عبر ما جاء به النص وعبر حواره مع ذلك النص. فأدّى هذا التفاعل دوره الكبير في البناء الحضاري الإسلامي في مختلف المجالات (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية). وحسب أبو زيد، فإن تأويل النص، باعتباره الوجه الآخر للنص، وباعتباره إحدى آليات إنتاج المعرفة، أنتج معارف أخرى، وعلوما مستجدة، كما أنتج نصوصاً أخرى متعددة.

ومن النصوص الثانوية التي جاءت على خلفية التأويل التفاعلي مع النص الأساس عقد النكاح (الزواج) في الشريعة الإسلامية. ورغم أن ما استقر عليه الشرع الإسلامي، في جميع مذاهبه، من أن الشرط الأساس لانعقاد الزواج وصحته، وبالتالي تكوين الأسرة نواة المجتمع الإسلامي، هو الإيجاب والقبول وشهادة شاهدي عدل، وهما شرطان يبدوان بسيطين واضحين ومباشرين، إلا أنه، تاليا ومع تطور الأوضاع وتراكم الخبرات البشرية، بلغت شروط الزواج وتقيداته من التعقيد مبلغاً شديداً. علينا التأكيد هنا بأن شرط صحة عقد الزواج ما زال كما كان بسيطا، إلا أن مقتضيات الضرورات المجتمعية، التي تختلف من مجتمع إلى آخر، أخضعت العقد إلى شروط إضافية (لغوية، بنيوية، إجرائية، إدارية) تفادياً للمشاكل، وحفظاً لحقوق مختلف الأطراف، وعليه فقد أُخضع عقد النكاح إلى سلطة مجتمعية، اتخذت أشكالا عدة، لعل أبرزها أنها خضعت، أول الأمر، إلى المشرع المسلم (الفقيه ورجل الدين) الذي قام بها بنفسه حيثما كان ذلك ممكناً، أو أوكلها إلى من يقوم مقامه من الفاعلين الاجتماعيين المحليين، حيثما تعسر عليه أداء المهمة لوحده.

لاحقاً، ومع نشوء الدولة القطرية الحديثة وتدرجها إدارياً وتنظيماً، ارتحلت سلطة المجتمع، شيئاً فشيئاً، إلى سلطة الدولة ممثلة في وزاراتها وإداراتها المختصة (وزارة العدل/الشؤون الإسلامية)، مع بقاء الأدوار المهمة ضمن صلاحيات القائمين على العقد (رجال الدين) والقابلين بالعقد (الوكلاء المحليين). وقد أدى هذا الارتحال في السلطة إلى تغير في هوية من يقوم بإنتاج المعرفة، فبينما كان إنتاج المعرفة يأتي عبر رجال الدين ووكلائهم، أصبحت الدولة هي المنتجة للمعرفة بعد أن احتكرت أمر تسجيل عقود الزواج وتوثيقها، حيث ضمنت بقاء الأمور تحت سيطرتها.

ونحاول في هذه الدراسة إلقاء الضوء على تحولات السلطة فيما يتعلق بعقود الزواج في مملكة البحرين، وما رافق ذلك من التحولات، خلال الفترة الزمنية الممتدة تقريبا من أواسط القرن العشرين حتى نهايته تقريبا، من خلال استعراض وثائق عقود الزواج واستنطاقها. وتمثل عقود الزواج التي تركها لنا أحد الفاعلين المحليين (القرويين) موضوع هذه الدراسة، مع التطرق إلى ممارساته المعرفية والاجتماعية بوصفه المنتج لتلك العقود أو الشريك في إنتاجها، وإلقاء الضوء على دوره في الوكالة الشرعية التي خبرها، وكانت له أدوار مجتمعية عديدة، إذ تبرز الوفرة العددية لوثائق عقود الزواج التي تستهدفها هذه الدراسة سبباً في التركيز عليها بوصفها عينات ممثلة للمرحلة الزمنية المحددة للإطار الزماني المستهدف.

وقد جاءت هذه الدراسة كثمرة من ثمار ما وصل إلى أيدي الباحثين من وثائق احتفظت بها الشخصية المحورية للدراسة، وهو الحاج حسين بن خميس بن حرم الداركليبي خلال ممارسة أدواره المجتمعية المهمة في قرية داركليب التي تعد قرية نائية من قرى البحرين (تبعد حوالي 25 كيلومترا عن العاصمة، جنوباً، وهي مسافة كانت تعتبر طويلة نسبيا في بلد صغير مثل البحرين). ويعتبر الحاج حسين بن خميس من الفاعلين الاجتماعيين الذين أتيح لهم القيام بأدوار مجتمعية مهمة يوم كانت السلطة الحكومية في المركز بعيدة نسبياً عن القرى التي كانت على شاكلة القرية موضوع البحث. لقد كان الفاعلون الاجتماعيون في قرى البحرين هم من فئة المثقفين الدينيين أساساً، وكان الحاج حسين بن خميس من ضمن هذه الفئة حيث مارس أدواره على مدى ما يقرب من ستين عاما شهدت البحرين خلالها تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية كبيرة، فجاءت الوثائق التي تركها شاهدا على تلك التغيرات.

بحثياً، ومن وجهة نظر هذه الدراسة، تعتبر الوثائق القديمة كنزا ثمينا لدارسي التاريخ بشكل عام، ودارسي العلوم الإنسانية والاجتماعية على وجه الخصوص. ولا تقتصر أهميتها وقيمتها في تقادم عمرها الزمني فقط، بل فيما يمكن أن ترويه لنا وما يمكن استخلاصه منها من معارف ومعلومات (وحقائق) عندما يتم استنطاقها استنطاقاً مناسباً. فالوثائق القديمة، سواء منها ما وجد على شكل سجلات محفوظة أو وريقات متناثرة في أضابير شخصية لأفراد لهم حضورهم اليومي الفاعل في مجتمعاتهم المحلية، هي كائنات أرشيفية يستطيع أن يطل منها الدارسون المختصون إطلالة واعية تعينهم على استعادة حيثيات ومناخات تحفل ببعض التفاصيل العائدة إلى الفترة التي عاشها أولئك الفاعلون الاجتماعيون، وصولا إلى إعادة كتابة التاريخ وإنتاج المعرفة حول الكثير من مناحي الحياة للمجتمعات قيد الدرس. وإذا سلمنا جدلا بأن التاريخ يتم إنتاجه مما تقدمه المواد المؤرشفة   فإن عملية إعادة إنتاج التاريخ والمعرفة من خلال الوثائق والمخطوطات المؤرشفة أو غير المؤرشفة تتطلب إلماماً ومعرفة بالعديد من المجالات العلمية، كما تتطلب كفايات وقدرات مناسبة في عمليات الجمع والتحليل والتفسير، بالإضافة إلى الإلمام الجيد بالمجتمع قيد الدرس.

وتنقسم الدراسة الحالية وفقا لما أضاءته هذه المقدمة، إلى إطار نظري تمهيدي يحتوي التعريفات والمفاهيم والممارسات المجتمعية ذات الصلة بالزواج وعقود الزواج وتوثيقها في مجتمع البحث، قيما تنتظم الجوانب التطبيقية للبحث في إطار إجراءات الدراسة وطرقها، ومناقشة استنتاجاتها وتحليلها، وصولا إلى عرض خلاصة ما توصلت إليه الدراسة من نتائج معرفية تم استخلاصها من دراسة مجموعة العقود موضوع البحث.

أهمية الدراسة وأهدافها وأسئلتها :

تاريخيا، تزخر جزر (أرخبيل) البحرين بشواهد عددية وموغلة في القدم على وجود المجتمعات البشرية وعلى حضور الإنسان وتحضره. وهي شواهد ثرية في حواضرها وقراها، حيثما سكنها الإنسان وتوزعت أنشطته على مساحات جزرها الرئيسية والهامشية. وعبر تعاقب الحقب القديمة، ترك قاطنو هذه الجزر من الدلائل ما يشير إلى حيويتهم وتمدنهم وثراء مجتمعاتهم في المجالات المختلفة. وفي العصور التي خلت مما نتعارف عليه الآن باسم الوطن، مفاهيميا وتطبيقا، ممثلة في الهيئات الرسمية التي تدير الأمور، بما في ذلك قيامها بالعمل كوكلاء لإنتاج المعرفة، كان النشطاء والموثقون المحليون هم أولئك الوكلاء الموكول إليهم إنتاج المعرفة والحقيقة. وكان الحاج بن خميس مثالا للناشط الاجتماعي الذي قدم خدمات جليلة لمجتمعه القروي عبر ممارسته لأدوار شتى سنأتي على ذكرها باختصار لاحقا، على أمل التوسع في دراستها مستقبلا ونشرها في دراسة أخرى منفصلة.

ومن حسن طالع البحث العلمي أن الحاج حسين بن خميس ترك وراءه إرثاً قيماً يتيح للباحثين المهتمين العودة إلى الوراء ومحاولة رسم صورة واقعية (وقريبة من الحقيقة) عن الممارسات المتعلقة بعقود الزواج ومحاولة استشفاف ما يكمن فيها، وما هو مضمن أو مسكوت عنه يلوح من خلفها.

والإرث الذي تركه الحاج حسين بن خميس، وتعنى به الدراسة الحالية، كان عبارة عن وثائق تتضمن نسخا لشهادات لإثبات الزوجية ووكالات لعقد الزواج وعقود زواج شرعية. وهي وثائق يبلغ مداها الزمني فترة تتجاوز الجيلين. والوثائق التي خلفها الحاج حسين وراءه لا تشكل أرشيفاً كاملاً محفوظا ومصانا بصورة جيدة، وهي ليست منتظمة متسلسلة في سجل واحد يمكن تتبع وقائعه وربط أحداثه بيسر، بل عبارة عن نسخ ورقية بعضها أصلية وبعضها مصورة جمعت في إضبارات، وحفظت ضمن مقتنيات أخرى لسنوات عديدة، وتم الوصول إليها بعد ما يزيد على 18 عاما من وفاة صاحبها، حيث أتيح لفريق البحث فرصة جمعها وأرشفتها ودراستها وإعدادها للنشر.

وتهدف الدراسة الحالية إلى التوصل إلى منتج معرفي عن عقود الزواج وما يندرج تحتها من وثائق وعن بنيتها ومتضمناتها والمسكوت عنه في هذه العقود.

ولتحقيق ذلك طرحت الدراسة الأسئلة التالية:

- ما هو نمط عقد الزواج السائد في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن العشرين، وكيف تقارن بالعقود التي طبقت بعد استكمال أجهزة الدولة؟

- ما هو دور المثقف والفاعل الاجتماعي المحلي (القروي) في مسألة عقود الزواج وكيف يتموضع فيها ومن خلالها اجتماعيا وثقافيا؟

- ما هي المكونات التي تضمنتها صيغ العقود المختلفة، وهل توجد بينها فروقات نوعية مميزة؟

ولتحقيق هذا الهدف سعى فريق البحث إلى:

- جمع الوثائق ذات الصلة بعقود الزواج من أوراق ثبوت الزوجية ووثائق توكيل وعقود الزواج كانت بحوزة الحاج حسين بن خميس عندما كان يمارس دور القابل بالعقد؛

- جدولة الوثائق وترتيبها وترقيمها وتوصيفها وإعدادها للنشر؛

- تحليل البيانات والمعلومات المستخلصة من خلال استقراء محمولات تلك الوثائق؛

الإطار المفاهيمي للبحث :

ما المقصود بالمعرفة؟

تقوم هذه الدراسة على إجراء قراءة معرفية (أبستمولوجية - Epistemology) لما تركه الحاج حسين بن خميس من وثائق. والمقصود بمفردة أبستمولوجيا، على وجه التبسيط والاختصار، هو نظرية المعرفة، أو دراسة المعرفة. وهو مبحث يجد جذوره في فلسفة العلوم، ويعنى المصطلح بدارسة فلسفة العلوم. فالمعرفة، اصطلاحاً، تدل : «على ما لصور الأشياء أو صفاتها أو سماتها وعلاماتها أو للمعاني المجردة سواء أكان لها في غير الذهن وجود أو لا» (ناجم، 2021). أما مفردة (نظرية) تحمل معاني عديدة منها: (أنها مجموعة من الأفكار والافتراضات التي تحاول أن تفسر بها كون الأشياء على النحو التي هي عليه، بالتالي فهي عملية فكرية تقوم على التأمل والتدبر مستخدمة الذهن وصولا إلى إدراك العلاقات بين الأشياء والحكم عليها بما يتجاوز الطروحات والتصورات المباشرة والبسيطة) (ناجم، 2021).

كما ينظر إلى النظرية باعتبارها: (أمراً يثبت به صحة الأشياء باستخدام الحجة والبرهان والدليل (راجع معجم المعاني الجامع). فالنظر وهو الجذر المشتق منه مصطلح النظرية أحد الوسائل المهمة للحكم عل العلاقات بين الأشياء والتوصل إلى التصديق المؤيد بالحجة والبرهان والدليل) (ناجم، 2021).

المذهب (عدد الأركان) أركان عقد الزواج (أو شروط النكاح) أي ما يصح به عقد الزواج، ولا يدخل فيها شروط المتعاقدين
الحنفية (1) الصيغة فقط، ويُقصد بها الإيجاب والقبول
المالكية (4) الولي، والصيغة، والزوج والزوجة
الشافعية (5) الشاهدان، والولي (العاقدان)، والصيغة، والزوج والزوجة.
الحنابلة (3) الإيجاب والقبول، والزوج والزوجة.
الإمامية (5) تعيين الزوجين، الرضا بين الزوجين، الولاية، انتفاء الموانع الشرعية، الإعلان، الشهود.

(جدول رقم 1) - الموسوعة الفقهية الكويتية - ط 2- وزارة الأوقاف (1404-1427) - ص 233، ج 41. بتصرف.

ولا تقتصر فلسفة العلوم على دراسة الأسس والافتراضات والمضامين ضمن العلوم التجريبية فقط، بل يتعدى ذلك إلى مجالات العلوم الاجتماعية الأخرى (النفس والاجتماع والتاريخ وغيرها). كما تبحث عن أشياء مثل طبيعة وصحة المقولات العلمية، وطريقة إنتاج العلوم والنظريات العلمية، طرق التأكيد والتوثيق من النتائج والنظريات العلمية، وصياغة وطرق استعمال الطرق العلمية المختلفة أوما يسمى بالمنهج العلمي، طرق الاستنتاج والاستدلال التي تستخدم في فروع العلم كافة. وأخيراً تضمينات هذه المقولات والطرق والمناهج العلمية على المجتمع بأكمله، وعلى مجتمع العلم خاصة (عجيبة، 2009، ص .43) إن «إدراك الشيء أو المعنى على ما هو عليه في الواقع» هو ما تحاول هذه الدراسة القيام به من خلال معرفة الكيفية التي يمكن إدراك ذلك الواقع الذي استطال زمنيا ليغطي فترة مهمة من تاريخ البحرين الحديث شهدت تغيرات مجتمعية كبيرة، ومحاولة الوصول إلى حقيقته بتفسير ما تم، ومطابقته مع الواقع الذي كان معاشا حينها والتثبت منه، وصولاً إلى إنتاج المعرفة.

مفهوم عقد الزواج وأهميتها في المجتمعات الإسلامية - الزواج باعتباره مرتكزا :

الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع الإسلامي وأساسه وعماده. وقد حرص الإسلام على التشجيع على الزواج وحصًّنه بجملة من الضوابط الشرعية التي تكفل له النجاح والاستقرار والديمومة. ويعتبر عقد الزواج في الإسلام من أكرم العقود وأقدسها، بل جعله بمثابة الميثاق الغليظ كما ورد في سورة النساء:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُۥ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍۢ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا} (الآية 21). ونظرا لأهمية الآثار المجتمعية المترتبة عليه وصلة ذلك بسلامة المجتمع، يعتبر عقد الزواج من أخطر العقود لما يترتب عليه من آثار أفقية (علاقة الزوج بالزوجة وعلاقات المصاهرة بين الأسر والعوائل، والمحارم) ورأسية (نسب الأبناء وتوريثهم).

ومع ما للزواج من قدسية وكرامة في الإسلام، وما لعقود الزواج من أهمية تنظيمية، إلا أن المتطلبات الشرعية الأساسية لهذا العقد بسيطة، وتنحصر في ركن (الإيجاب والقبول). والإيجاب يكون من الولي أو وكيله (من يمثل جانب الزوجة/الأنثى/المرأة)، أما القبول فيكون من الزوج أو وكيله (من يمثل جانب الرجل/الذكر). تطبيقيا، تختلف تفاصيل ركن الإيجاب والقبول وشروط العقد بين المذاهب الإسلامية، كما تختلف أيضا صيغة الإيجاب والقبول، ولكن تبقى صيغ العقد في مجملها بسيطة. فمثلا تتفق معظم المذاهب الإسلامية على وجوب وجود الولي وموافقته. ولسنا هنا بصدد عقد مقارنات بين المذاهب الإسلامية فيما يتعلق بصيغ العقد وشروطه وأركانه، ونكتفي بذكر بعضها كما هو موضح في الجدول رقم 1).

مفاهيم النكاح والزواج والعقد والتوثيق والعاقِدين والشهود والولي

النكاح في لغة العرب يعني الوطء والعقد معًا، وفي الاصطلاح الشرعي يعّرف النكاح بأنّه عقد الزّواج الذي يأتي فيه لفظ التزويج والنكاح، وهو ما يجعل العقد حقيقة ويجيز الوطء والنكاح بالعقد، أي الرّضا بقبول وإيجاب من طرفي العقد (مغنية، ج 5؛ عبد الرحمن الجزيري، 2003). أما الزواج فيقتصر على الاقتران والعقد، وقد لا يشمل الوطء. والعقد عند علماء اللغة ما يعني الربط والشد والإحكام. أما اصطلاحاً، عند فقهاء الشريعة فالعقد هو كل التزام لا يخلو من عهد. ويقصد بالتوثيق التقييد بإحكام، ومنه شد الوثاق، أي ربطه بإحكام، كما يقصد به الربط بين المتعاقدين، والإلزام؛ ومنه ألزم نفسه بكذا. والوثيقة اصطلاحا فتعني في الديون: (ما يزداد الدين وكادة)، أي الشيء الذي يزيد من تأكيد الأمر. أما التوثيق (التسجيل) فهو العلم الذي يبحث كيفية إثبات العقود والتصرفات وغيرها على وجه يصح الاحتجاج والتمسك به، واستيفاء الحق منه (كتاب مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ع 7 - ص 361) . يُقصَد بالعاقدين الزَّوج والزّوجة، ويجوز أن يَحلَّ مكان الزوجة وليُّها، ولا ينعقد الزّواج دون وجود أحد العاقدين أو رضائه الصريح، «ويُشتَرَطُ في الزّوجة أن تكون خاليةً من مَوانِع النّكاح ». ويعتبر الشهود من أركان عقد الزَّواج عند بعض المذاهب، حيث يشترط وجود «شاهدين مسلمين عَدلين ذَكرين بالغين عاقلين فاهمين للإيجاب والقبول، سامعَين لهما، حُرّين ليسا مملوكين، وأنّه لا يَنْعَقِدُ النِّكاح إلا بِحُضُورهما». وتتباين شروط الشهود بين الفقهاء (انظر عبد الرحمن الجزيري، 2003).

المراسم التقليدية للخطبة والعقد (الملجة) والدخول

يمر الزواج وتكوين مؤسسة الأسرة في المجتمع البحريني بمراحل وخطوات متعددة. ولسنا هنا بصدد استعراضها، حيث يمكن التعرف بالتفصيل عليها بمراجعة ما نشر سابقا في مجلة الثقافة الشعبية (سوسن إسماعيل – الثقافة الشعبية، الأعداد 2، 3، 4) .

بطاقة شخصية (الحاج حسين بن خميس الداركليبي)

عاش الحاج حسين بن خميس طيلة حياته في قرية داركليب ودفن فيها، فهي مسقط رأسه ومحل دفنه. لا يعرف تاريخ ولادته على وجه التحديد، ولكن القرائن المتوفرة تشير إلى أنه ربما ولد في حدود 1916م، أما وفاته الموثقة رسمياً فكانت في الأول من مارس 2003 م. وتشمل القرائن التي تم استخدامها وثيقة تؤشر لتاريخ توظيفه في شركة نفط البحرين (بابكو) (15 مارس 1942)، ووثيقة أخرى تؤشر لتاريخ تقاعده عن العمل من نفس الشركة (31 مارس 1976). يتبين من هذه الوثائق أنه عمل لمدة 34 سنة في بابكو، وتقاعد عندما بلغ الستين من عمره، حسب أنظمة الشركة، مما يعني أنه ربما بدأ العمل فيها وكان له من العمر 26 سنة، وبالتالي يمكن تقدير عمره حين الوفاة بـ 86 سنة.

قبل أن يلتحق بالعمل في بابكو، عمل فيما كان متاحاً حينئذ من أعمال كالزراعة والصيد، كما عمل أيضاً في الغوص حيث عرف عنه أنّه دخل الغوص 4 مرات. في بابكو عمل الحاج حسين كمشغل معدات، والمعدات المقصودة هي الآليات الميكانيكية الخفيفة منها والثقيلة، مما يعني اكتسابه لمهارات وقدرات فنية حاز عليها بالتدريب في شركة بابكو نفسها، وأهلته لممارسة تلك الوظيفة الفنية. ويبدو أن سجله مع الشركة كان مقبولاً أو مشرفاً، وأن عمله وأداءه كان مطلوباً، فقد جددت الشركة له بتوقيع عقد مؤقت معه بعد تقاعده وعلى أساس سنوي للعمل بنفس الوظيفة.

كان الحاج حسين بن خميس محل ثقة الكثيرين من علماء الدين في البحرين، فكانوا يرتادون مجلسه، يحاورهم ويناقشهم ويستفيد منهم ليفيد بذلك أهالي القرية، وكانوا ينيبونه ويعتمدون عليه في أخذ الوكالات الشرعية عن الزوج والزوجة. على صعيد آخر، عرف عن الحاج حسين بن خميس اطلاعه الواسع على كتاب (سداد العباد) وهو الرسالة العملية للشيخ حسين العصفور، فكان مقصداً للسائلين عن المسائل الشرعية المقلدين لصاحب الرسالة العملية.

بعد تقاعده من بابكو، زاول الحاج حسين بن خميس نشاطا تجارياً بسيطاً فقد افتتح لنفسه دكاناً صغيراً في بيته يبيع فيه المواد والسلع الغذائية والتموينية، فكان هذا الدكان بمثابة ملتقى وناد لكبار السن من أهالي القرية وشخصياتها المجتمعية، بالإضافة إلى رجال الدين المقيمين بها والزائرين من خارجها.

أدوار الحاج حسين الاجتماعية في قرية داركليب:

مارس الحاج حسين أدواراً مجتمعية مهمة جدا خلال حياته المديدة التي قضاها في قرية داركليب حتى وفاته، خصوصا في تلك الفترة الزمنية من القرن الماضي (العشرين) الممتدة منذ أربعينيات القرن حتى نهايته. لقد شهدت هذه الحقبة الزمنية تغيرات مجتمعية هائلة على مستوى الوطن والأفراد، من ظهور النفط، وانتهاء الغوص، وتدهور صيد اللؤلؤ وتجارته، وتشكل الطبقتين العمالية والوسطى في المجتمع نتيجة ظهور النفط، واستقلال البحرين ودول الخليج عن بريطانيا وبدء الحياة البرلمانية، وغيرها.

خلال الفترة المشار إليها، وبدءاً من خمسينيات القرن الماضي كان على الحاج حسين الاضطلاع بمهام حيوية في المجتمع سبقه في القيام بها معلمه ووالد زوجته الحاج حسين بن إبراهيم بن ليث (حماه، أو عمه كما هو متعارف عليه في المجتمع البحريني، وقد توفى في أوائل العقد الرابع من القرن الماضي). ويمكن رصد هذه الوظائف المجتمعية كالآتي، ويأمل الباحثون في التوسع في الكتابة في هذا الموضوع لما له من أهمية في التعريف بالأدوار المجتمعية التي كان يقوم بها المثقفون الاجتماعيون المحليون قبل نشوء الدولة الحديثة:

1. القيام بمهام الوكالة الشرعية في عقود الزواج عن الزوج والزوجة، وإجراء العقود وتوثيقها مع رجال الدين حتى تسليم العقد للزوج والزوجة؛

2. القيام بمهام الحساب الفلكي بإجراء حساب الليلة المناسبة أو الليلة الزينة للراغبين في الزواج أو حساب وقت السفر المناسب للراغبين في السفر؛

3. قيادة موكب عزاء أهالي داركليب الذي يتجه من القرية إلى مسجد سبسب بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم من كل عام يتلو خلاله قصيدة الطرماح قفوا ساعة بالنوق لا تركبونها)؛

4. قراءة الحديث (قراءة مقتل أبي مخنف) في عاشوراء وفي وفيات أئمة أهل البيت. هذه القراءة عادة ما تسبق ارتقاء الخطيب الحسيني المنبر، وهي عبارة عن سرد تاريخي للوقائع التي سبقت وصاحبت مقتل الحسين ابن علي(ع)، وكذلك إقامة العزاء داخل المأتم ليلة العاشر من المحرم حتى وافاه الأجل؛

5. قراءة القرآن بالإجارة أو بدونها خلال شهر رمضان، وهي عادة ليلية محلية شائعة في البحرين وما زالت تمارس حتى الآن؛

6. القيام بمهام تجهيز الموتى من أهل القرية (بداية من تجهيز كفن الميت وغسله والصلاة عليه وتكفينه وتلقينه وانتهاء بالإشراف على دفنه)؛

7. إقامة صلاة العيدين (الفطر والأضحى) وصلاة الآيات.

القاسم المشترك لهذه الوظائف المجتمعية المهمة هو تأسسها على مرتكزات دينية (عقيدية، شرعية). كما أنها تتطلب معرفة وإلماماً بالقراءة والكتابة باللغة العربية، بالإضافة إلى مهارات إضافية أخرى كالحساب والقدرة على الإلقاء والخطابة. بهذا التموضع وبهذه الأدوار، كان الحاج حسين بن خميس شخصية مجتمعية استثنائية في قرية داركليب وتاريخها المعاصر، وصولاً إلى بداية تكوين الدولة الحديثة مع استقلال البحرين وبروز دور المؤسسات الرسمية المتخصصة. وحتى مع التحولات الكثيرة التي قللت من أهمية دور أولئك الفاعلين الاجتماعيين، إلا أن كثيراً من أهالي قرية داركليب، وبسبب الثقة التي حازها لديهم على مر السنين، استمروا في الطلب منه القيام بالوكالة الشرعية وحساب الليلة الزينة حتى وافاه الأجل (صورة رقم 2).

منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي من خلال التركيز على ما ورد مدونا في الوثائق ووصفه ظاهريا أي بالتقيد بالمعاني الواردة كما هو منصوص عليه في المتن، مع الأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بالنص زمانيا ومكانيا. كما أخضعت النصوص للتحليل النقدي للخطاب (Critical Discourse Analysis, CDA) حسب المنهجية التي اقترحها نورمان فيركلو (Fairclough, 1989) في كتابه الموسوم (اللغة والسلطة، 1989م) والتي تتعامل مع اللغة كأحد أشكال الممارسات الاجتماعية، وتدرس كيف يساهم النص والكلام على خلق السلطة الاجتماعية والسياسية. وتتيح هذه المنهجيات سبر غور النص لمعرفة دلالاته المعرفية المختلفة. وتُمكن من التعرف على المعارف والمفاهيم المتوارية في نصوص الوثائق.

إجراءات البحث وأدواته:

- جمع الوثائق ذات الصلة بعقود الزواج من أوراق ثبوت الزوجية ووثائق التوكيل وعقود الزواج التي كانت بحوزة الحاج حسين بن خميس عندما كان يمارس دور القابل بالعقد؛

- جدولة وترتيب وترقيم وتوصيف تلك الوثائق وإعدادها للنشر؛

- تحليل البيانات والمعلومات للوصول إلى منتج معرفي عن عقود الزواج وما يندرج تحتها من وثائق وعن بنيتها ومتضمناتها والمسكوت عنه في هذه العقود لمعرفة أنماط صيغ عقود الزواج السائد في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن العشرين مقارنة بصيغ العقود الرسمية التي طبقت بعد استكمال أجهزة الدولة التنفيذية.

ولتنفيذ الدراسة والإجابة على أسئلتها عمد القائمون عليها إلى:

- التواصل مع الورثة الشرعيين للحاج حسين بن خميس وأخذ موافقتهم على الاطلاع على الوثائق وتصويرها ودراستها ونشرها.

- تصوير الوثائق بالماسحة الضوئية وحفظها رقميا على صورة pdf و jpg .

- استخدام تطبيق الإكسل لجدولة الوثائق، وترقيمها وتوصيفها وتفريغ أهم محتويات وبيانات الوثائق وتشمل التواريخ الهجرية والميلادية ونوع الوثيقة وصيغة العقد والمهر وصفته، وأسماء الشهود والوكلاء والعاقد

- تحويل التواريخ الهجرية إلى الميلادية وتعيين اليوم الأسبوعي المقابل للتاريخ باستخدام موقع التقويم الهجري الموجود على الشبكة العنكبوتية، إذا تطلب الأمر ذلك. (https://hijri-calendar.com/convert/)

دراسة كل وثيقة على حدة والتأشير المباشر كتابيا على النسخة وتسجيل الملاحظات باللغة العربية إن وجدت،

- تدوين الملاحظات والاستنتاجات على ملف الإكسل، إن وجدت.

- إعداد ملفات بصور العقود باستخدام تطبيق البوربوينت.

استنتاجات البحث:

تحليل استنتاجات البحث نتائج الدراسة ومناقشتها

جودة الوثائق وبياناتها. اتسمت الوثائق الخاضعة لهذه الدراسة جميعها بأنها مكتوبة على جهة واحدة، ولم يصبها اهتراء، ورغم تمزق أطراف بعضها إلا أن النصوص كانت مقروءة وواضحة المعنى. وقد بلغ عدد نسخ وثائق عقود الزواج التي وقعت تحت أيدي الباحثين وتضمنتها هذه الدراسة 78 وثيقة.

تصنيف الوثائق: يمكن تصنيف الوثائق التي وجدت ضمن مقتنيات الحاج حسين بن خميس بعدة طرق، منها:

حسب تسلسلها الزمني (السياق التاريخي)؛

حسب مرجعية الصدور (فردية شخصية كقاضي الشرع، أو مؤسسية مثل وزارة العدل أو إدارة المحاكم)؛

حسب طبيعتها المادية (كأن تكون مكتوبة على أوراق عادية أو مطبوعة غير رسمية أو مطبوعة رسمية يتم ملؤها من قبل الأشخاص المكلفين بذلك).

وقد لاحظ الباحثون أن الوثائق التي جاءت على هيئة أوراق مطبوعة سابقة التجهيز يتم تعبئتها من قبل الشخص المكلف كانت على ثلاث فئات:

1. وثائق صادرة عن جهة غير معرفة (وثيقتان)،

2. صادرة عن جهة رسمية معرفة متقدمة زمنيا وتتصف ببساطتها،

3. صادرة عن جهة رسمية متأخرة زمنيا وتتصف بالتعقيد.

يمكن توظيف التصنيفات الثلاثة الآنفة الذكر جميعها توظيفا يخدم أهداف الدراسة، على نحو يمكن الباحثين من وضع الوثائق ضمن سياقاتها التاريخية، والاستدلال بنوعية الورق والطباعة على تلك السياقات وما صاحبها من تغيرات يمكن استقراء دلالة سيميائية خطاب السلطة المعرفية الذي تكتنزه بنيتها المعرفية وشكلها. والجدول رقم 1 يبين أبرز متضمنات بيانات وثائق العقود مرتبة ترتيبا زمنيا، وخاصة تلك المتعلقة بصيغ العقود ونصوصها، والموضع الاعتباري ونصوص العقود وتموضعات لكل من القائم بالعقد (القاضي الشرعي) والقابل بالعقد (وكيل الزوج: الحاج حسين بن خميس)، كما تقدم الصورة رقم 3 رسما بيانيا وظفت فيه التصنيفات السابقة وما بينها من علاقات. وحسب التسلسل الزمني يمكن تقسيم هذه الوثائق إلى ثلاث مجموعات كما يلي:

- المجموعة الأولى: مكونة من 11 وثيقة مكتوبة على أوراق عادية، معظمها مقتطع من دفاتر مدرسية بمقاسات مختلفة أغلبها مقاس (15X22 سم)، وهي تغطي المرحلة الزمنية الواقعة بين خمسينيات وسبعينيات القرن العشرين، وتتصف بنية محمول العقد بالبساطة والقصر والمحدودية (صورة رقم4).

- المجموعة الثانية: مكونة من 19 وثيقة أغلبها مكتوبة على أوراق عادية (11 وثيقة)، والكثير منها مستل من دفتر المكاتيب (الرسائل، 7وثائق)، حيث يلاحظ وجود صورة لورود ملونة في أسفل الورقة/الوثيقة، مقاسها 22X 28 سم. وتختلف مقاسات هذه الأوراق تبعا لمصدرها. كما تختلف بنيويا ولغويا عن صيغة عقود الزواج في المجموعة الأولى، بحيث يمكن استقراء ما تمثله هذه المجموعة بوصفها بينة دالة على استنساب زمني متعلق بـ (المرحلة الوسطى) الواقعة بين سبعينيات ومنتصف ثمانينيات القرن العشرين (صورة رقم5)

- المجموعة الثالثة: وعددها 48 وثيقة تمثل أوراق عقود النكاح المدونة على أوراق رسمية تحمل شعار الدولة وتبرز الجهة الرسمية المباشرة لتسجيل العقد ومسميات (الوزارة والإدارة)، وهي بمقاس موحد (22X36 سم)، مع ملاحظة وجود بعض التباين في صيغ هذا النوع من العقود، مع غلبة نمطية التدوين المحددة في صياغتها، وهي تغطي المرحلة الزمنية الواقعة بين ثمانينيات القرن العشرين ونهايته (صورة رقم 6)

إن تصنيف الوثائق وفقا للمجموعات الثلاثة المشار إليها جاء بهدف تسهيل النظر للعقود بمنظور زمني يأخذ في الاعتبار ظروف كل فترة ومعطياتها. فالعقود غير الرسمية تشير إلى مرحلة زمنية متقدمة لم تكن الجهات الرسمية (الحكومية) قد شرعت فعليا في تسجيل عقود الزواج، على الرغم من أن المحاكم الشرعية السنية والجعفرية كانت قد أنشئت في مرحلة مبكرة من القرن العشرين (مهدي عبد الله، ج2، ص 29-32). كما ننوه هنا إلى أن العقود المتقدمة زمنيا، وهي وثائق المرحلة الأولى، هي التي تمحور حولها هدف هذه الدراسة، وبذلك خضعت للفحص والتحليل المعمق، نظرا لقيمة محمولاتها المعرفية، ولما تتميز به بنية تدوينها من خصائص مثل التنوع والبساطة والبدائية والتلقائية (العفوية) رغم قلة عددها مقارنة بالمجموعة الثالثة، إلا أنها تمثل مجالا رحبا يمكن من خلاله رصد تحولات السلطة المعرفية السائدة في قرى البحرين خلال تلك العقود.

أما عقود المجموعة الثالثة التي دونت على أوراق رسمية جاهزة الصياغة، وبطريقة قياسية، والتي تشير إلى مرحلة إلزامية تسجيل العقود، ولا يتطلب ملؤها إلا إدراج بينات شاملة عن الزوج والزوجة، فرغم كثرة عددها إلا أن قيمتها المعرفية تبدو متواضعة أمام الثراء المعرفي للمجموعة الأولى. أما وثائق المرحلة الثانية التي تصنفها هذه الدراسة بأنها تمثل فاصلا زمنيا يستشف منه البحث بعض تمثلات إرهاصات تحول السلطة المعرفية في قرى البحرين السائدة، وتمظهرات انزياحها وتهميش دور الفاعل الاجتماعي المحلي لصالح دور السلطة المركزي، كما سنناقش ذلك لاحقا.

الوصف الموضوعي:

  المجموعة الأولى:

تتصف وثائق هذه المجموعة بالبساطة والاختصار، فصيغة العقد تتراوح في أغلب الأحوال المرصودة بين الفقرة الواحدة المصاغة فيما بين سطرين إلى أربعة أسطر، ويرد فيها كما لاحظت الدراسة تعبير «التزويج» بعدة صيغ: صيغة إقرار (أشهد بأني قد زوجت)، وقد وردت مرة واحدة؛ صيغة إخبار أولى (تزوج فلان بن فلان من فلانة بنت فلان)، وهي الأكثر ورودا (6 مرات)، وصيغة إخبار أخرى (قد وقع العقد الشرعي)، وقد وردت مرة واحدة. لم ترد مفردة نكاح أو أي من اشتقاقاتها في أي من وثائق هذه المجموعة (انظر الجدول رقم 2).

في النمط السائد لعقود هذه المجموعة، تحتوي صيغة العقد على اسم الزوج ثم اسم الزوجة ومحل سكناهما ثم المهر وتاريخ العقد هجريا فقط. وتذيل فقرة صيغة العقد المفترضة من أسفلها اسم/أسماء الشهود وتوقيعاتهم جهة اليمين واسم العاقد بالعقد وإمضاؤه أو ختمه جهة اليسار. لم يتم التقيد بهذا النمط في كل عقود المجموعة. فمثلا، غاب ذكر المهر في إحدى الوثائق.

أدمجت تواريخ الزواج في هذه المجموعة في متن العقد، وعدت جزءاً لا يتجزأ منه. ويعود أقدم تاريخ إلى عام 1335هـ الموافق 1917م، وجاء مكتوباً على ورقة إثبات الزوجية عبارة إضافية كتب نصها عام 1385 هـ الموافق 1965م، أي بعد خمسين سنة من الزواج. أما أقدم وثيقة عقد زواج فعلية من مجموعة الحاج حسين الأولى فيعود تاريخها إلى عام 1384 هـ /1957م، وآخر وثيقة من هذه المجموعة مؤرخة في 1392 هـ/1973م. مما سبق، تقدر الفترة الزمنية التي تغطيها وثائق المجموعة الأولى بحوالي 16 عاما، إذا ما استبعدنا ورقتي إثبات الزوجية، وما يزيد عن خمسين عاما إذا تم تضمينهما ضمن المجموعة.

جاء اسم الزوج والزوجة ثنائيا (اسم الزوج وأبيه)، وكذلك اسم الزوجة وأبيها في سبعة (7) عقود، بينما احتوت بقية العقود على الاسم الثلاثي. وورد اسم أب الزوج والزوجة مسبوقا بوصفه (الحاج فلان) في معظم وثائق هذه المجموعة. اشتملت عقود المجموعة الأولى على ذكر المهر بالروبية دون التطرق إلى صفته إن كان تاماً أو معجلاً أو مؤجلاً. لم ترد مفردة (شرط) أو (شروط) في أي من هذه الوثائق.

  المجموعة الثانية:

ما يميز هذه المجموعة، اتسامها تنظيميا بتفقير صياغة العقد وتوهينه؛ فبالإضافة إلى التوقيت الزمني، تبدأ الجملة بذكر اسم الزوج وبياناته في فقرة، ثم اسم الزوجة وبياناتها في فقرة ثانية، ثم يتبع ذلك ذكر المهر، ثم الشهود على العقد. على أن ما يلفت الانتباه في هذا النوع من العقود خلوها من أية مفردة تشير إلى موضوع التعاقد (التزويج)، وكذلك خلوها من أية إشارة إلى الوكيل القابل بالعقد ولا القائم بالعقد.

  المجموعة الثالثة:

المجموعة الثالثة هي الوثائق المطبوعة سابقة التجهيز، ويتم ملؤها عادة من قبل من يقوم بعقد الزواج أو وكيله. وتتسم هذه المجموعة بسمات مميزة؛ إذ تعلوها حاشية تحتوي اسم الوزارة والإدارة المعنية وشعارها، ووسم العقد باسم (وثيقة عقد نكاح). ويمكن تقسيم بيانات الوثيقة الرسمية إلى ثمانية أقسام رئيسية؛ يحتوي القسم الأول على رقم التسجيل / التوثيق وتاريخ العقد هجريا وميلاديا، والنص على صيغة عقد النكاح (وعلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآلة وصحبه وسلم أجري عقد النكاح بين الزوجين التالية بياناتهما:)،أما الثاني فمخصص لاسم الزوج وبياناته الشخصية ، والثالث لاسم الزوجة وبياناتها الشخصية، والرابع للصداق (المهر): مقداره وصفته ونوعه، ويعنى القسم الخامس بالشروط (إن وجدت)، في حين يختص القسم السادس بأسماء شهود التوكيل على العقد وشهود العقد وتوقيعاتهم ملحوقا بإمضاء كل من الزوج والزوجة، ويختص القسم السابع بالتنبيه بموانع إجراء العقد المتعلقة بالأوضاع السابقة للزوجة، فيما يختص القسم الثامن والأخير بتدوين الملاحظات (إن وجدت). ولتحقيق الاعتبارية لمرسومية العقد تم ختمه بعبارة (يجب الاحتفاظ بهذه الوثيقة وإحضارها عند اللزوم).

المناقشة :

تعد وثائق عقود الزواج (قيد الدراسة) بمثابة نصوص نفعية وإن اكتست طابعاً دينياً بسبب اتصال موضوعها اتصالا وثيقا بالشريعة. تراتبياً، علينا التنبيه إلى أن محمولات هذه النصوص لا ترقى، بحال من الأحوال، إلى النص الديني المؤسس الأول (القرآن) أو النصوص الدينية من المستوى الثاني وهي الأحاديث النبوية (السنة النبوية)، فهذه الوثائق المكتوبة لا تعدو أن تكون عقوداً نفعية اقتضتها مصلحة الأفراد والمجتمع، وليس لها تلك الصبغة المتصفة بالقداسة. ومع أن موضوعها شديد الأهمية وخاضع بشكل كامل لسلطة الشرع الديني، بحيث لا يثبت صحة العقد ما لم يستوف شروطاً محددة، إلا أن نصوص هذه الوثائق جاءت متعددة، ومتحورة، ومتغيرة ومعبرة، ليس فقط عن الحاجة المجتمعية الآنية وعاكسة لسيرورتها التاريخية، بل أفصحت أيضاً – بحسب ما توصلت إليه هذه الدراسة - عن قابليات الأشخاص القائمين على إصدارها (إنتاجها)، وعن طبيعة ممارساتهم الشخصية المعرفية قبل أن تستقر لاحقا في صيغة رسمية مقيدة، ولأسباب مدنية تنظيمية تحكم مدونتها تداولية النص الشرعي ذي العلاقة بشؤون الزواج والطلاق. والنص المكتوب، سواء كان دينيا أو نفعيا، إما أن يكون إخبارا أو إنشاء، وعادة ما يكون معبرا عن السلطة التي تقف خلفه وما لديها من القوة الكامنة في المعنى أو في قدرة النص على إعطاء الدلالات.

يشير السياق التاريخي إلى أنه في مرحلة ما قبل أربعينيات القرن العشرين، لم توجد في القرى البعيدة عن المراكز الرئيسية بنية سياسية رسمية تستطيع أن تمارس سلطتها بأكبر مما كانت تمارسه البنية المجتمعية المحلية (القروية) عبر اعترافها بالسلطة الدينية. لقد كانت السلطة الدينية تمارس فعلا شرعيا يقع ضمن مهامها القارة مجتمعيا بلا قيود، ولم تكن بحاجة ظاهرية إلى غطاء رسمي يؤمن لها شرعية ما. كانت تستمد شرعيتها من السلطة الدينية المتجذرة في رضى أفراد المجتمع القروي برمته، وكانت محط تقديره واعتباره. عندئذ كانت السلطة السياسية تثبت حضورها في الهوامش الجغرافية عن طريق تكليفات فردية، إما على شكل حيازات إقطاعية، أو من خلال نظام المخاتير الذي كان يمثل آنذاك سلطة إدارة الشؤون القروية التي لم تكن تعنى بالأمور الشرعية.

الدلالة اللغوية للفعل (زَوَّجَ) الوارد في سياق العقد الشرعي للزواج تحيلنا إلى أن هذا الفعل رباعي متعد بحرف، ومصدره تَزْويجٌ وزَواجٌ، وقد جاء على عدة تصريفات ضمن العبارة الاستهلالية لمعظم عقود المجموعة الأولى من مثل: « أشهد بأني زوجت»، « تزوج فلان فلانة»، و» مضمون هذه الورقة أن الرجل ... قد تزوج بالحرة المصونة فلانة». والفعل زوج يفيد (قَرَنَ الأشياء بَعْضَها بِبَعْضٍ)، وزوجه أي (جَعَلَهُ يَتَزَوَّجُها، يَتَّخِذُها زَوْجَةً. : زَوَّجَهُ بامْرَأَةٍ أو لاِمْرَأَةٍ)، والزَّواج : الاِرْتِباطُ بامْرَأَةٍ اِرْتِباطاً شَرْعِيّاً حَسَبَ الأُصولِ ( معجم ) وقد جاءت صيغه جميعها في هيئة الفعل الماضي. أما في الفقرة (النص) التي تمثل صيغة الزواج فلم يرد الفعل أو أي من تصريفاته فيها. كما لم يرد في وثائق المجموعة الأولى أي ذكر للفعل (نكح) أو أي من تصريفاته. كما خلت عقود المجموعة الثانية مما يمكن وصفه بصيغة عقد زواج.

في المذهب الجعفري، كما في المذاهب الإسلامية الأخرى، يشترط في عقد الزواج أو عقد النكاح الإيجاب (من المرأة) والقبول (من الرجل) لصحة العقد (راجع موقع عقائد الشيعة الإمامية). كما يشترط لصحته أيضا أن الإيجاب في الزواج بلفظ (زوّجت)، أو (أنكحت)، أو (متّعت) مع الإتيان (في الأخير: متّعت) بما يجعله ظاهراً في الدوام، ولا يقع بغير ذلك. فتقول الزوجة مثلاً: (زَوّجْتُك نفسي على مهرٍ وقدرُهُ كذا)، فيقول الزوج: (قَبِلْتُ)، أو رَضِيْتُ، ويمكن أن يقول (قبلت التزويج)، ولا يجب ذلك.

كيف حضرت السلطة الشرعية في النص؟

كان التعبير عن السلطة الدينية واضحا ومباشرا في وثائق المجموعة الأولى من وثائق الحاج حسين بن خميس. فالسلطة الدينية ممثلة بالقائم بالعقد (الشيخ/قاضي الشرع/المأذون) وبالقابل بالعقد عن الرجل المزبور (الوكيل، الحاج حسين بن خميس)، حاضرة بصور متعددة سواء في فعل التزويج ومفرداته أو في الإمضاءات والتوقيعات (الجدول رقم 1). وقد عبرت السلطة الشرعية عن حضورها بصيغ مختلفة، فقد ضمت نزوعا لإظهار حضورها الذاتي المباشر كما جاء في: «أشهد أني زوجت ....» في مستهل العقد، أو في:«أجريت العقد بينهما على المهر المذكور وأنا الأقل» ومشتقاته كما ورد في التذييل الذي أمضاه قضاة الشرع الجعفري. كما عبرت السلطة الشرعية عن حضورها أيضا بشكل غير مباشر والإفصاح عن نفسها كضامن متفرد بصحة العقد وسلامته في ظل عدم وجود أية سلطة (رسمية) أخرى تنازعها مكانتها آنئذ. فسردية الزواج بتفاصيله المختلفة، وإن قلت، تروى على لسان حال السلطة الشرعية، فهي وحدها التي تولت التزويج، وجلب الشهود، وسؤال الولي وتعيين العاقد، وتثبيت المهر (الصداق) وتوثيق العقد وتحريره.

إن مقارنة محتوى وثائق المجموعتين الأولى والثانية ومضموناتها وشكلها يشير إلى أن السلطة التي كانت قائمة وبارزة ومعبر عنها دون مواربة في المجموعة الأولى (مرحلة ما قبل السلطة التنظيمية) اختارت أن تتوارى وتختفي في وثائق المجموعة الثانية، ولا يبدو لها أثر أو دور عدا ذلك الدور المضمر الذي يتم استشفافه باعتبار أن النص الموثق قام بتعهده وكتابته فاعل ما (ممثلا لجهة مازال المجتمع يضعها في تقديره ويرتضيها طرفا في العقد وإن قبلت بالتغييب). لقد غاب الفعل (زوجت وتزوج) وحل محله الاسم في إشارةٍ واضحةٍ إلى أن الفضاء الذي كانت تتحرك فيه السلطة الشرعية بكل حرية باعتبارها الفاعل الأوحد/ الأعلى لم يعد متاحاً، بل أصبح محدوداً، وأنها لم تعد تمسك بزمام الأمر كما كان سابقاً، وأنها وإن كانت عمليا تتولى إجراء نفس الأمور السابقة، إلا أنه ليس مصرحا لها إبراز دورها أو سلطتها. وقد مثلت هذه المرحلة بحسب استنتاجات هذه الدراسة، (وثائق المجموعة الثانية)، انزياحاً كبيرا للسلطة، فقد قبلت السلطة الشرعية أن تتموضع في موقع يمكن استقراء حدوده بأنه تحرج (أو تمنع) ليس فقط عن إظهار مستوى/مرتبة/مدى قوة سلطة القائمين عليه، بل تخلت (تماما) عن التصريح علنا بوجودها الظاهري.

من ناحية أخرى، وبمقارنة نصوص المجموعة الأولى مع المجموعة الثالثة يتضح أن السلطة الدينية التي اختفى وجودها في وثائق المجموعة الثانية، قد ارتضت أن تظهر إلى العلن مرة أخرى، ولكن بشكل مختلف تماما عما كانت عليه فيما مضى. شكل انتزع منه زخم السلطة لصالح العمل كموظف رسمي يؤدي دورا وظيفيا تحت مظلة سلطة مناط به إتمام توثيق إجراءات عقد الزواج، لكن لا تستمد شرعيتها بالضرورة من المجال الديني، مع إبقاء ممارسات وإجراءات العقد الفعلية على نفس الصورة التقليدية وضمن الصيغة الشرعية بأركانها وشروطها.

إن البنية اللغوية لديباجة العقد كما جاء في نص المجموعة الثالثة (وعلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أجري عقد النكاح بين الزوجين التالية بياناتهما) جاءت في صيغة (المبني للمجهول). ولفهم تموضعات السلطة المعرفية الدينية يمكننا إعادة كتابة الصيغة واختزالها في: أُجْرِيَ عقد النكاح بين الزوجين على كتاب الله وسنة نبيه). والفعل (أُجْرِيَ، من مشتقات: أجرى - يُجْرِي) فعل ماض رباعي لازم متعد بحرف، مبني للمجهول مضاف إليه لغويا ودلاليا (عقد النكاح)، إذ يؤدي دلالة الفعل المبني للمجهول سياقيا وظيفتين في آن معا تشيان كلتاهما عن أغراض ومقاصد يحكمها المعنى ويحدده السياق الدلالي لصيغة العقد. فالوظيفة التعبيرية تبدو واضحة في الأغراض والمقاصد وتشمل: الإيجاز والتكثيف والتفخيم (لمن قام بفعل إجراء العقد) والتجهيل والحذف (لتحقق معلومية مقام الفاعل)، بالإضافة إلى أغراض أخرى مثل التعظيم والتحقير، والتستر والإبهام وغيرها مما فصل فيها علماء اللغة (عبد الفتّاح محمد، 2006). كما أن حذف الفاعل والاستعاضة عنه بنائب الفاعل يعتبر أسلوبا جماليا في اللغة العربية يستخدم ليحدث تأثيرا نفسيا بليغا عند المتلقي (المرسل إليه)،

يستفاد من جملة المبني للمجهول (بمكونيها الفعل ونائـب الفاعـل) الذي وردت في صيغة العقد الرسمية (أُجْرِيَ عقد النكاح بين الزوجين على .....) دلالة التزام السلطة الرسمية وتقيدها، من خلال وسم الوثيقة بمسمى الوزارة والإدارة ووضع الشعار الرسمي، بما تتطلبه الشريعة الإسلامية من إجراءات وشروط توجب صحة العقد وسلامة أركانه وتحقق شروطه. إن نسب فعل التزويج/النكاح للمبني للمجهول لا يؤشر إلى الجهة الرسمية باعتبارها الفاعل في التزويج، وبذلك لا تبدو في ظاهر الأمر مستلبة للوظيفة الشرعية؛ فلا ينسب إليها إجراءات عقد التزويج، بما قد يضعها في مواجهة عقيدية هي في غنى عنها طالما أنه تم ضم القاضي الشرعي القائم بالعقد ضمن الوظائف العمومية. لقد أدى هذا التحول في شكل السلطة إلى فقدان القاضي الشرعي ما كان لديه من حضور متفرد في المجتمع القروي، لكنه في نفس الوقت لم يكفل للجهة التنظيمية الرسمية حق الادعاء الحصري بالتصرف بعقود الزواج، لأنها ارتضت لنفسها القيام بمهام التسجيل والتوثيق التي تتطلبها الدولة الحديثة، في مقابل تواري السلطة الشرعية وقبولها بممارسة نفس مهامها الشرعية نفسها.

إذا، نحن أمام تغيرات شكلية وبنيوية عديدة في عقود الزواج خلال حقبة من الحقب المهمة في تاريخ البحرين. هذه التغيرات يمكن ربطها زمنياً بما أحاط بها من تغيرات مجتمعية. وسنرصد هنا أحد تلك التحولات. وهو التحول من استخدام مفردة تدل على الإتيان بفعل (التزويج) والذي كان واضحا في عقود المجموعة الأولى. وسواء كان هذا التحول طوعياً أو قسرياً، ونحن لا نعلم ذلك على وجه التحديد، إلا أن التخلي عن ذلك وكتابة العقد بشكل أشبه ما يكون كتابة إيصال مالي أو فاتورة بيع وشراء.، قد تكون له دلالات معرفية.

من شبه المؤكد أن هذا التحول حدث في الفترة ما بين أوائل سبعينيات القرن الماضي وبداية ثمانينياته، لكننا لا نعرف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك، خصوصا أننا لا نملك سجلاً مكتملاً لكل العقود التي جرت في تلك الفترة. ومن المعلوم أن الاستقلال السياسي والإداري للبحرين عن بريطانيا حدث في بداية سبعينيات القرن الماضي، وصاحبه تغيرات أساسية في شكل الإدارة وهيكليتها ومؤسساتها. مما قد يدعو إلى الافتراض أن هذه المرحلة اقتضت من القضاة الشرعيين والقابلين بالعقد، وغيرهم ممن كان يمارس أدواراً مماثلة بتقنين أدوارهم تحسباً لمرحلة قادمة مختلفة. مرحلة شهدنا فيها تغييراً في الأدوار وتحولاً في شكل السلطة ونمطها. يؤكد هذا الافتراض ما نتج عن هذا التغيير لاحقاً، فبعد مرحلة شابها الإبهام في شكل السلطة المعرفية الكامنة وراء عقود (المجموعة الثانية)، جاءت مرحلة ترسيخ العقد الرسمي ذي النص الشرعي الموحد والمطبوع سلفاً، مع ما صاحبه من توثيق إلزامي (المجموعة الثالثة).

لقد استندت شرعية عقود التزويج وسلامتها في المرحلة الأولى إلى إمضاءات/ توقيعات ممثلي السلطة الشرعية (القائم بالعقد وهو رجل الدين المكلف، والقابل بالعقد وهو هنا الحاج حسين بن خميس). إمضاء هذين الفاعلين الاجتماعيين بما يمثلانه من تموضعات مجتمعية، لها صفتها الدينية المعرفية، كان كافيا لإضفاء الشرعية الدينية على العقد، دون أن ينازعهما أحد في ذلك. وما كان لعقد زواج أن يرتدي لباس الشرعية، حينها، لولا وجود ما يثبت مروره عبر المسار الذي يتأكد فيه حضور الموكلين بالشرع، وهو هنا تكليف مجتمعي، استمد سلطته من الشريعة، وهو ليس توكيلاً مؤسسياً، حيث كانت المؤسسة الرسمية غائبة. كان القابل بالعقد والقائم بالعقد هما ممثلا السلطة الوحيدة التي تفردت لزمن طويل لا نعرف بداياته، حيث لا نملك وثائق، ولكننا بالتأكيد شهدنا نهايتها، أما عن بقية التفاصيل الواردة قي عقود الزواج فهي ليست سوى متغيرات إضافية مرتبطة بشروط المتعاقدين (الزوج والزوجة). البسملة والتواريخ يمكن ألا تذكر في عقد الزواج، ولن يقدح هذا في صحة العقد، لكن، ما هو غير مسموح به هو حذف ممثلي السلطة المعرفية الدينية في القرية.

في الفترة الفاصلة بين وثائق المرحلة الأولى (العقود غير الرسمية) وبين المرحلة الثالثة (ترسيخ عقود الزواج الرسمية)، شكلت عقود المرحلة الثانية مرحلة انتقالية، حصل بها انزياح ملفت ومهم تمثل في خلو العقود عن استخدام مفردة (تزوج، زوجت وتزوج)، وهي المفردات الدالة على الإتيان بالفعل، وهو الفعل الذي كان مناطاً حصرياً بالسلطة الشرعية الواردة في عقود المجموعة الأولى، والاكتفاء بتقرير عن واقعة التزويج بعبارات إنشائية. يشكل هذا التخلي عن تلك المفردات نوعا من الإقرار الخطي المضمر من السلطة الشرعية، التي كانت قائمة حتى بداية سبعينيات القرن الماضي، بالتخلي عن الدور الأساس والاكتفاء بدور الشاهد. الفرق واضح بين الدورين، دور القابل بالعقد الذي لن يستقيم صحة العقد وسلامته إلا به وبين دور الشاهد الذي ينحصر في تأكيد الواقعة. نحن لا نعلم يقينا ما إذا كان إجراء التخلي عن تلك المفردة كان قراراً ذاتياً أم قسرياً، لكننا نميل إلى ترجيح أنه كان قراراً قسرياً، فما من سلطة متجذرة تتخلى بدون مقاومة عن مكتسباتها. لقد تم تثبيت هذا الإجراء وممارسته عملياً على مدى سنوات، مما يؤشر لوجود جهة/سلطة ما خلفه، عملت على التأكد من الالتزام به. كما أننا لم نلاحظ عودة ثانية إلى استخدام الصيغ التي كانت قائمة في الفترة الأولى وانحسارها بشكل تام، بل على العكس من ذلك، رأينا انتقالاً تاماً إلى صيغة شاملة جامعة لعقد ينتمي إلى مرحلة تأكد فيها ترسيخ التسجيل والتوثيق باعتبارهما من مستلزمات المجتمعات الحديثة التي تشكل فيها الدولة الجهة الأساسية لإنتاج المعرفة وإدارتها.

حاليا، وفيما يتعلق بتفسير تداوليات السلطة المعرفية، هناك العديد من وجهات النظر التي تعبر عن مدارس فكرية متباينة سنستعرض بعضها على سبيل استكمال النقاش وإثرائه. أولى وجهات النظر، وتسمى بالوقائية أو الحمائية (Preemption view)، ترى أن على الفرد الإذعان تماما لشهادة من هم أكثر معرفة منه والاعتراف بهم كسلطة معرفية (لنسمها الأخرى)، وأنها توفر للفرد سبباً وقائياً لدفعه إلى تبني معتقد الآخر على حساب معتقده، مما يعني أن الأسباب الخاصة المتعلقة بالفرد لا يتم إضافتها أو الأخذ بها في مواجهة السلطة المعرفية الأخرى (Zagzebsk, 2012). أما وجهة النظر الثانية والتي تسمى بـ رؤية الأدلة الكلية (Total evidence view) فإنها ترى أن شهادة السلطة (الأخرى) لا تشكل سبباً وقائياً، فحسب، بل توفر سبباً إضافياً يمكن للمرء أن يبني عليه اعتقاده، وبغض النظر عن مدى وجاهة وقوة السبب الموثوق في السلطة الأخرى، فإنه لا ينبغي أن يحل محل الأسباب التي لدى الفرد فعليا. وتتيح وجهة النظر هذه مزج الأفكار وموازنة الأدلة في شأن مسألة ما (Lackey, 2018). وتذهب وجهة النظر الثالثة والمسماة بوجهة نظر الاحترام المعرفي الكامل (Complete epistemic deference) والتي ترى في أن الفرد المعرفي يتبنى مصداقية السلطة الأخرى الأعلى تراتبيا منه باعتبارها ملكاً له، ومن ثم يؤسس مصداقيته بشكل كامل على مصداقية السلطة الأخرى (Bokros, 2021).

في غياب الشواهد والأدلة التي تمكن الباحثين من ترجيح أي وجهات النظر الثلاث، السابقة الذكر، باعتبارها أكثر تطابقاً مع تحولات السلطة المعرفية بشأن عقود الزواج، يذهب الباحثون إلى ترجيح أن سبب التحولات التي حدثت لعقود الزواج في المجتمع البحريني خلال القرن العشرين والانتقال من نمط بسيط خاضع لسلطة معرفية دينية محلية قروية (مجتمعية) إلى نمط معقد خاضع لسلطة رسمية توثيقية قاهرة، يمكن تفسيرها في ضوء وجهة النظر القائلة بالاحترام المعرفي الكامل، حيث شاهدنا تنازلات متبادلة ورغبة مشتركة في التشارك والاحتواء من طرفي المسألة بدلا من التنازع المفضي إلى الإقصاء والاستبعاد، مما يدل على اعتراف كل طرف بأهمية الآخر ودوره ومهامه.

الخلاصة:

قدم الباحثون في هذه الدراسة جملة من عقود الزواج التي وجدت في تركة أحد الفاعلين الاجتماعيين (الحاج حسين بن خميس) وتغطي فترة زمنية منذ خمسينيات القرن الماضي حتى نهايته، وقد تم تصنيف هذه العقود إلى ثلاث مجموعات زمنية، مكنت الباحثين من رصد تحولات السلطة المعرفية وانتقالها من السلطة الشرعية الدينية إلى السلطة الرسمية التنظيمية من خلال فحص نصوص العقود وصيغها واستقراء دلالاتها ومحمولاتها. وقد بينت الدراسة وجود فترة انتقالية اتسمت بضبابية العقود وبالغياب الظاهري للسلطة المعرفية. وخلصت الدراسة إلى أن العقود التي تم الاستقرار عليها تمت بتوافقات بين السلطتين المعرفية الدينية والرسمية التنظيمية فيما يمكن تفسيره من خلال نظرية الاحترام المعرفي الكامل.

شكر وتقدير:

يتقدم الباحثون بالشكر الجزيل للدكتور حسين علي يحيى لمساهمته القيمة من خلال مقترحاته وإضافاته وتصويباته اللغوية التي أدت إلى تحسين جودة الدراسة.

التعريف بالباحثين:

معدو الدراسة الثلاثة هم أعضاء مؤسسون لمشروع وثائق داركليبية، وقد أعدت الدراسة كباكورة عمل لهذا المشروع المحلي الذي يعنى بتجميع وحفظ وأرشفة ودراسة ونشر الوثائق القديمة المتعلقة بقرية داركليب بمملكة البحرين.

رقم التاريخ الهجري التاريخ الميلادي نوع ورق العقد طبيعة _الوثيقة العبارة الاستهلالية للعقد صيغة العقد أو نصه ملاحظات
1 جمادى الأول 1378 يناير 1957 عقد عادية باليوم الثامن من ... تزوج قلان فلانة أجريت العقد بينهما على المهر المذكور وأنا الأقل وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
2 رجب 1377 يناير 1958 عقد عادية تزوج فلان فلانة صح لدي إجراء (العقد) وأنا الأقل وقع الحاج حسين كشاهد وليس قابلا بالعقد
3 ذي القعدة 1378 يونيو 1959 عقد عادية مضمون هذه الورقة أن الرجل ... قد تزوج بالحرة المصونة فلانة أجريت العقد بينهما وأنا الأحقر وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
4 جمادى الثاني 1379 ديسمبر 1959 عقد عادية الباعث لتحرير هذه الورقة هو أن قد وقع العقد الشرعي بين ... (العاقدين) المباركين فلان وزوجته فلانة حرر العقد بهما خادم الشرع وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
5 ربيع أول 1380 أغسطس 1960 عقد عادية تزوج فلان فلانة أجريت العقد الدايم على المهر والشرط المذكورين وأنا الأقل وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
6 ربيع أول 1380 سبتمبر 1960 عقد عادية تزوج فلان فلانة أجريت العقد الدايم على المهر وأنا الأقل وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
7 رجب 1380هـ ديسمبر 1960 عقد عادية تزوج فلان بفلانة أجريت العقد الدايم على المهر وأنا الأقل وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
8 شعبان 1384 يناير 1965 عقد عادية أشهد بأني زوجت لا يوجد نص آخر للعقد إلا ما ورد في العبارة الاستهلالية وقع الحاج حسين شاهد وليس قابلا بالعقد
9 جمادى الثاني 1385ـ أكتوبر 1965 عقد مطبوعة لا يوجد أوجب العقد عن الزوجة الشيخ وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
10 ذي الحجة 1385 نوفمبر 1965 إثبات زوجية مطبوعة لا يوجد لا يوجد صيغة عقد مصدقة من قبل قاض بخلاف العاقد
11 ذي القعدة 1385 فبراير 1966 إثبات زوجية مطبوعة لا يوجد لا يوجد صيغة عقد مصدقة من قبل قاض بخلاف العاقد
12 ربيع الثاني 1392 مايو 1972 توكيل /عقد عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد صيغة عقد
13 ربيع الثاني 1392 مايو 1972 عقد مطبوعة الزوج ..... الزوجة أوجب العقد عن الزوجة خادم الشرع الشريف وقع الحاج حسين كقابل بالعقد لا كشاهد
14 ذي الحجة 1392 يناير 1973 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد صيغة عقد
15 ربيع الأول 1397 فبراير 1977 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة وجه تحرير ما هو مرقوم ...... عبارة عن توكيل مفصل بالزواج ...()
16 26 شعبان 1403 يونيو 1983 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
17 12 شوال 1403 يوليو 1984 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
18 12 شوال 1403 يوليو 1985 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
19 ربيع الأول 1403 ديسمبر 1984 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد الشهود على التوكيل
20 ربيع الأول 1405 نوفمبر 1984 توكيل مكاتيب الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
20 ربيع الثاني 1405 ديسمبر 1984 توكيل مكاتيب الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
22 حمادى الثاني 1405 فبراير 1985 توكيل مكاتيب الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
23 شوال 1305 يوليو 1985 توكيل مكاتيب الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
24 حمادى الثاني 1406 فبراير 1986 توكيل مكاتيب الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
25 رمضان 1406 مايو 1986 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد  
26 ذو القعدة 1406 يوليو 1986 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد ذيلت الورقة باسم مجري العقد دون توقيعه
27 ذي القعدة 1406 أغسطس 1986     الزوج ..... الزوجة لا يوجد ذيلت الورقة باسم مجري العقد دون توقيعه
28 ذو القعدة 1407 يوليو 1987 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد ذيلت الورقة باسم مجري العقد دون توقيعه
29 بدون أغسطس 1987 توكيل مكاتيب السيد ..... الزوجة لا يوجد غير مذيلة
30 بدون سبتمبر 1987 توكيل عادية الزوج ..... الزوجة لا يوجد غير مذيلة
31- 78 متعددة ومتعاقبة متعددة ومتعاقبة عقد رسمية مطبوعة العقد مقسم لعدة أقسام وعلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآلة وصحبه وسلم أجري عقد النكاح بين الزوجين التالية بيانتهما جعلت جملة (أوجب العقد عن الزوجة) حيث يوقع قاضي الشرع. كما تم التنصيص على ذكر شهود التوكيل وشهود العقد كل على حدة.
المراجع العربية:
1. أبو زيد، نصر حامد (1994) نقد الخطاب الديني – سينا للنشر – القاهرة – جمهورية مصر العربية.
2. أبو لحية، نور الدين. (1437ه) عقد الزواج وشروطه ـ برؤية مقاصدية. دار الأنوار للنشر والتوزيع  ISBN: 978-620-2-34259-9
3. أحمد، معاني عثمان محمد أحمد. (2021) حكم إذن الولي الذكر في عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون (دراسة مقارنة). مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة - العدد 47 مارس 2021 - مركز جيل البحث العلمي. طرابلس لبنان www.jilrc.com - law@journals.jilrc.com
4. الجزيري، عبد الرحمن بن محمد عوض (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة - ج  4- كتاب النكاح.  دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان الطبعة: الثانية.
5. الخادمي، نور الدين مختار (2007) الاستقراء ودوره في معرفة المقاصد الشرعية-  مكتبة الرشد
6. الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية) - وزارة الأوقاف (1404-1427) - الكويت - دار السلاسل، صفحة 233، جزء 41 . 
7. عبد الله، مهدي (1996) نكهة الماضي: حكايات من تاريخ البحرين – ج 2-  ص 29-32.
8. عبد الرحمن، عبد الهادي (1993) سلطة النص (قراءات في توظيف النص الديني). المركز الثقافي العربي – بيروت -لبنان. 
9. عجيبة، مصطفى، المعجم الفلسفي، 2009، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
10. كتاب مجلة مجمع الفقه الإسلامي - مجموعة من المؤلفين - إعداد د. نزيه كمال حماد العدد السابع، ص 361 - منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة      https://al-maktaba.org/book/8356/13988
11. سوسن إسماعيل عبد الله (2008)  عـادات وتقاليـد الـزواج في قـرى البحريـن: قريـة النويـدرات أنموذجا) – الثقافة الشعبية  السنة الأولى – العدد 2 – ص  22-  44. وكذلك العددان 3 و 4 من نفس المجلة.
12. ناجم، مولاي (2021) إشكالية الصلة بين الابستمولوجيا وفلسفة العلم النسوية.  مجلـة العلوم الاجتماعية. المجلد 15- العدد 01 – ص 181-198 - جامعة الأغواط – الجزائر.
13. مزوز، دليلة  (2009) المبني للمجهول بين اختزال البنية واسترسال المعنى – مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية – العدد الخامس – جامعة محمد خيضر(بسكرة) – الجزائر. 
14. محمد، شادية عبد الفتاح عبد السلام (2016) التوثيق وأثره على صحة العقود (تطبيق على عقدي الزواج والطلاق) - مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية –العدد 67 - ص 305 - 366- جامعة القاهرة - كلية دار العلوم - قسم الشريعة الإسلامية - ISSN:  978-977-486
15. محمد، عبد الفّتاح (2006) الفعل المبني للمجهول في اللغة العربية (أهميته، مصطلحاته، أغراضه). مجلة جامعة دمشق - المجلد 22 – العدد 1 & 2. 
16. مغنية، محمد جواد (19ْ..) فقه الأمام جعفر الصادق – ج 5 -: انتشارات قدس محمدي -طهران.
17. معجم المعاني الجامع، https://www.almaany.com/ . روجع الموقع بتاريخ 23/7/2022
18. موقع عقائد الشيعة الإمامية - مسائل كتاب النكاح عند الشيعة الإمامية – روجع الموقع بتاريخ 23/7/2022 - http://www.aqaedalshia.com/
 
المراجع الأجنبية:
1. Anna Skarpelis.  (2019). Life on File: Archival Epistemology as Theory. Trajectories (Newsletter of the ASA), vol 30, No. 2-3, Winter/Spring
2. Bokros, S.E. (2021) A deference model of epistemic authority. Synthese 198, 12041–12069. https://doi.org/10.1007/s11229-020-02849-z      
3. Glenn Bowen. (2009). Document Analysis as a Qualitative Research Method. Qualitative Research Journal, vol. 9, no. 2, pp. 27-40, Qualitative Research Journal · DOI 10.3316/QRJ0902027.
4. Fairclough, N. (1989) Language and Power. (London, Longman).
5. Lackey, J. (2018). Experts and peer disagreement. In M. A. Benton, J. Hawthorne, & D. Rabinowitz (Eds.), Knowledge, belief, and god: New insights in religious epistemology (pp. 228–245). Oxford: Oxford University Press.
6. Wolenski, Jan (2004). The History of Epistemology, In Handbook of Epistemology, Edited by: Ilkka Niiniluoto, Matti Sintonen & Jan Wolenski. Springer-Science+Business MEDIA, B.V. ISBN 978-94-015-6969-9, DOI 10.1007/978-1-4020-1986-9
7. Zagzebski, L. (2012). Epistemic authority: A theory of trust authority and autonomy in belief. Oxford: Oxford University Press.
8. Fuentes, Marisa J. (2016) Dispossessed Lives: Enslaved Women, Violence, and the Archive - University of Pennsylvania Press, USA.
 
الصور
- من  الكاتب

أعداد المجلة