«الحراسين» في الأمثال الشعبية بمملكة البحرين
العدد 62 - نافذة على التراث الشعبي البحريني
الحراسين، جمع، والمفرد حرسون، وهي أسماك صغيرة تعيش في البحر، ولكنها تتحمل المياه قليلة الملوحة فتجدها بكثرة في العيون الطبيعية وفي قنوات مياه الري بأنواعها وهي السواقي والمنجيات. والاسم عربي فصيح، ذكره الزبيدي في معجمه التكملة (مادة حرسن) بلفظ الحراسِن، بمعنى سمك صغير صُلب، وهذه صفة هذه الأسماك. وقد أُشبعت كسرة السين حتى أصبحت ياء فقيل الحراسين. كما تسمى هذه الأسماك «عَفاطي» والمفرد «عُفطي». والحراسين مترسخة في الذاكرة الشعبية وقد قيل فيها عدة أمثال وأقوال شعبية هي:
1 ) أعظم من حرسون على گراح
كناية عن شدة التجمع أو التكالب على شخصٍ ما، والصورة مأخوذة من شدة اندفاع الحراسين حول من يكون في العيون الطبيعية؛ حيث تقوم الحراسين بالتغذي على الجلد الميت أو الدمامل والقروح. يُذكر أن الحراسين كانت تُستخدم كعلاج لمرض «السمط» الذي كان يصيب الغواصين قديماً، ويتميز هذا المرض بظهور طفح وقروح على الجلد، ويذكر الشملان أن غواصي الكويت قديماً كانوا يذهبون إلى العيون الطبيعية في البحرين والإحساء وتاروت فتتغذى الحراسين على قراحهم فيشفون من السمط (الشملان 1986، ج1 ص426 – 429).
2 ) عفطي ياخذ ولا يعطي
تقال هذه الكناية للتحقير أو للتقليل من شأن إنسان ما أو استصغاره في أعين الآخرين، فهو يشبه بالوضيع الذي يأكل أي شيء، يعيش على القاذورات والنفايات، حاله كحال العفطي الذي يعيش على الدمامل والقروح (المدني، بدون تاريخ، ص258). وقد يُكتفى بقول «فلان عفطي» كصفة للشخص المحتال أيضاً، وهذا المعنى معروف في مناطق أخرى في الخليج العربي.
3 ) يابسين حراسين
هذه من العبارات التي كان يرددها بعض الأطفال في مناسبة الگرگعان، القرقعان، المناسبة التي تقام في ليلة النصف من شهر شعبان وليلة النصف من شهر رمضان؛ حيث يطوف الأطفال المنازل طلباً للحلويات، فإذا لم يكن أحد موجوداً في البيت، أو لم يُعطو شيئاً، قاموا بترديد هذه العبارة «يابسين حراسين»، وهي كناية عن البخل. يذكر أن لفظة «يابسين» ومفردها «يابس»، تعني الجاف وتستخدم ككناية عن البخيل، وربما لفظة «حراسين» تستخدم للبخيل أيضاً، أو أنها مجرد اتباع لفظي.
4 ) طلع من بوز الغيلمة ودخل بوز الحرسون
ذكر هذا المثل العريض (2009، ج1 ص91)، وهو يُقال للشخص الذي يخرج من مشكلة ويدخل في أخرى. وبوز بمعنى فم، والغيلمة هي سلحفاة المياه العذبة، وتستخدم العبارة «بوز الحرسون» أو «بوز الغيلمة» ككناية عن ضيق الشيء، وكذلك كناية عن المصاعب والمشاكل التي يقع فيها الشخص.
5 ) أكدها من بوز غيلمة وحرسو ويتلگاها أبو سنسون
ذكرت هذه المقولة على لسان أحد ضيوف عبدالله القطان، والذي اختص بجمع الأمثال الشعبية ونشرها على موقعه على الإنستغرام
( abdullaalqattan_1). والمقولة كناية لمن يتعب ويكد ليستفيد منها في النهاية «أبو سنسون» وهي كناية عن الطفل أو المرتاح الذي لا يعمل. وبوز الغيلمة أو الحرسون هنا كناية عن العمل الشاق.
6 ) بالعة حرسون
تستخدم هذه الكناية للمرأة الحامل؛ حيث كان من المعتقدات الخرافية عند العامة أن المرأة التي لا تحمل يمكن أن تُعالج عن طريق إبتلاع «حرسون». هذا، وتعتقد العامة، وهو زعم ليس له أساس من الصحة، أن ابتلاع الحراسين مفيد؛ فكانت تُستخدم لعلاج «أبو صفار»، أي إلتهاب الكبد، حيث يتم بلع سبعة حراسين كعلاج.
7 ) الچوة فيها حراسين
تقال هذه الكناية للتنبيه بوجود أشخاص، في حال أراد شخص أن يخبر شخص آخر بسر معين، وهذا شبيه بالكناية الأخرى «في السما غيم». الچوة أو الكوة بمعنى الحفرة، وتخصص اللفظة للحفرة التي تستخدم كحمام في المزارع، أو أي مكان منعزل يستخدم كحمام، وربما اللفظة هنا بمعنى الحفرة التي تكون في منطقة المد والجزر بالقرب من مكان يستخدم كحمام؛ حيث تتجمع الحراسين أو الأسماك الصغيرة في هذه الحفرة، فإذا انحسر الماء عنها بقيت محبوسة فيها.