عرض كتاب: «الحدوتة وسيلة اتصال»
العدد 60 - فضاء النشر
الاتصال ضرورة حياتية لا يمكن الاستغناء عنها في أي مجتمع من المجتمعات البشرية ،، فلو فُقد الاتصال بين الناس لتعذر ظهور الحضارات الإنسانية ، ويتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بأنه هو الوحيد الذي يستخدم رموزاً ليدل بها عن أفكاره ومشاعره ويعتمد الاتصال على تجسيد وتوضيح المعانى والأفكار . ومن هذا المنطلق صحبتنا الأستاذة ( نشوى محمد شعلان ) عبر كتابها الماتع ( الحدوتة وسيلة اتصال) 1 الصادر حديثاً عن سلسلة الدراسات الشعبية بمصر وذلك من خلال فصوله الخمسة .
الفصل الأول : الإجراءات المنهجية للدراسة:
تضمن الدراسات السابقة للكتاب وأهمية وأهداف الدراسة وأدوات الجمع الميداني والنظريات المستخدمة فيها وفترة العمل الميداني .
الفصل الثانى ( مجتمع الدراسة ):
خصت فيه الحديث عن منطقة الدراسة وهي قرية كفر الأكرم إحدى قرى محافظة المنوفية بجمهورية مصر العربية وقدمت تعريفاً لعزبة البحث وأهم الأنشطة الاقتصادية ( الزراعية ) التى يعمل بها أغلب سكان القرية .
وكذلك الأنشطة التجارية والصناعية أيضاً والملامح الثقافية لمجتمع الدراسة والتى أثرت على الحواديت .
أما الفصل الثالث فعنوانه ( الاتصال الجمعى فى مجلس القص):
شمل هذا الفصل تحقيق عناصر الاتصال في عملية الحكي من خلال المرسل المتمثل في الأم أو الجدة والمستقبل المتمثل في الطفل والرسالة من خلال نص الحدوتة بما تحمله من قيم وخبرات ومعارف ورجع الصدى المتمثل في ردود فعل الطفل أثناء سماعه للحدوتة من خلال تعليقاته وتعبيرات وجهه أثناء سماعه للحدوتة كما تعرض ذلك الفصل لخصائص ووظائف الحدوتة وأشكال مجلس الحكي .
الفصل الرابع عنوانه ( القيم فى الحواديت ) :
قسمته إلى ثلاث مباحث المبحث الأول ( القيم الدينية والمعرفية في الحواديت ) والمبحث الثاني (القيم الاجتماعية في الحواديت وعرض عرضاً تفصيلياً لأهم صور القيم الاجتماعية التي وردت في الحواديت موضوع الدراسة ) .والمبحث الثالث (القيم الخلقية والشخصية فى الحواديت) .
أما الفصل الخامس والأخير فعنوانه (إعادة إنتاج الحدوته فى وسائل الاتصال الجماهيري):
تناول ذلك الفصل أهمية التليفزيون كوسيلة ثقافية مهمة لها تأثيرها على الطفل وأيضا تعريف الرسوم المتحركة وخصائصها وأهم الشروط التي يجب أن تتوفر بها لتناسب الطفل فى هذه المرحلة العمرية والعلاقة بين وسائل الاتصال الجماهيري والحدوتة .
الحدوتة:
هى أحد أنواع الأدب الشعبي المهم والتى تعبر عن الأفكار والقيم للجماعة الشعبية وتسهم في تكوين السلوك النفسي والاجتماعي والثقافي لأفرادها وتعكس أيضاً الواقع المجتمعي الموجودة فيه ، فهي في مجمل سياقها واحدة وإنما تختلف شخوصها وترتيب أحداثها على حسب البيئة التي توجد فيها .
ولخصت الباحثة مشكلة البحث في مجموعة من التساؤلات هي :
1. إلى أي حد يلعب كبار السن دوراً في بث قيم المجتمع للأطفال من خلال الحدوتة ؟
2. ما آليات عميلة الاتصال بين المرسل والمستقبل كما تعكسها الحدوتة؟
3. كيف تتم عملية نشر وانتقال مضمون الرسالة التى تضمنتها الحدوتة؟
4. ما الخصائص التى يجب توافرها في القاص والدوافع التي تؤثر في المتلقى في استقبال الرسالة ؟
5. ما أهم القيم التي تحتويها الحدوتة ويحاول المرسل غرسها في الطفل؟
6. كيف يمكن استغلال مضمون وشخوص الحدوتة في إعادة انتاج أشكال فنية تبث من خلال وسائل الاتصال الجماهيري؟
7. ما مكانة الحدوتة بين وسائل الاتصال الجمعي ؟
أهمية هذه الدراسة :
- تسهم هذه الدراسة في توجيه نظر القائمين على إعلام الطفل إلى وجود تراث متجدد يمكن من خلاله بث القيم الأخلاقية التي تتناسب وهذه المرحلة العمرية .
- لفت الانتباه إلى أهمية الحدوتة كوسيلة اتصال جمعي وقدرتها في التأثير على الطفل .
- تحديد بعض القيم التي تعرضها الحواديت كواحدة من أشكال التعبير المعرضة للتغيير في ظل التطورات والتغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع المصري بشكل خاص والمجتمع الإنسانى بشكل عام .
- أهمية المرحلة العمرية التي تتلقى وتستمع إلى الحدوتة حيث يعتبر علماء النفس أن الست سنوات الأولى من عمر الفرد هي المكون الأول لشخصيته والتي تتحدد فيها خصائصه الفردية والاجتماعية إلى حد كبير .
- أهمية الرسوم المتحركة كشكل فني يتم الاعتماد عليه بصورة أساسية في برامج الأطفال .
الوظائف الاتصالية للحدوتة:
- تقوم الحدوتة بدور مهم جداُ فى التهذيب وكبح عنان الطفولة الجامح بالتحذير والتخويف بدلاً من الضرب والعنف.
- تسعى الحدوتة إلى ترسيخ قيمة إنسانية ما والتأكيد على مثل اجتماعي أو أخلاقي.
- تُعد الحدوتة مصدراً للمعلومات وهذا يعني أنها تقوم بدور تعليمي وإخباري حيث تعكس صورة المجتمع الذي تعيش فيه .
- تقدم مثالاً أخلاقياً يقتدى به من خلال نماذج من الشخصيات الموجودة داخلها .
- يحتاج الطفل إلى تربية بطريقة تظهر له مزايا السلوك الأخلاقي ولا يكون ذلك عن طريق القواعد الأخلاقية المجردة وإنما بتجسيد وتصوير أشكال ملموسة للخير والشر .
- القدرة على إيقاظ الجمال والأحاسيس من خلال خلق التعاطف الذي يظهر على ملامح الطفل مع البطل إذا كان مقهوراً أو الفرح بقدرة البطل على الانتصار .
- تحقق الحدوتة وظيفة الإمتاع والتسلية من خلال أحداثها .
- تلتقي وظيفة الإمتاع ووظيفة التثقيف معاً فينتج الإحساس بأثر الوظيفة الثانية لدى المتلقى .
- تُنفس الحدوتة عن رغبات الطفل المكبوتة .
- تنمي الحدوتة الحصيلة اللغوية لدى الطفل.
- تساعد الحدوتة الطفل فى تكوين الميول والاتجاهات الإيجابية نحو القيم الإنسانية الأصيلة الموجودة فى المجتمع .
- تُشبع الحدوتة حب الاستطلاع لدى الطفل من خلال الأسئلة التى يطرحها الراوي أثناء الحكى لمعرفة النهاية للحدث الذي يُحكى .
القيم فى الحواديت :
القيم جمع قيمة وهي أي شيء نرغبه ، نحتاجه ، نريده ، نستمتع به ، إما لاعتباره غاية في حد ذاته أو لاعتباره وسيلة وهو ما يجذب الفرد أو الجماعة والقيم تنشأ فى محيط الحياة الاجتماعية وترتبط بها وتنبع أهمية القيم للطفل من عدة اعتبارات هى :
1. القيم إحدى مكونات الشخصية
حيث تشكل القيم في أي مجتمع أهدافه ومعاييره الأساسية فالطفل يكتسبها في مراحل عملية نموه .
2. تُعتبر القيم إطاراً مرجعياً رئيسياً لسلوك الطفل
تلعب القيم دوراً أساسياً في توجيه سلوك الطفل بحيث يتخذها مرجعاً للحكم على الناس والمواقف والأفكار وأنماط السلوك .
3. القيم أحد العوامل المرتبطة بقدرات الطفل واستعداداته
تُعد القيم بمثابة عوامل مؤثرة على القدرات، فاستعدادات الفرد ومستوى تحصيله يتأثر بدافعيته للإنجاز ومثابرته فقد أثبتت الدراسات أن المرتفعين في الأداء الإبداعى يحصلون على درجات مرتفعة في عدد من القيم مثل الإنجاز والاستقلال والصدق والتقدير الاجتماعي .
وغالباً ما يتم تدعيم الحدوتة بمجموعة من القيم التي تحرص عليها الجماعة وترغب فيها وتؤكد على إبرازها .
الرسوم المتحركة:
هي الرسوم الثابتة التي تتحرك بتتابع معين على شريط الفيلم فتعطي للمشاهد إيحاء بأنها متحركة ، وتعتمد فكرة الرسوم المتحركة على تحريك الأشياء الثابتة أمام عيني المتفرج بكيفية معينة فينتقل إليه الإحساس بأن هذه الأشياء تتحرك من تلقاء نفسها ويكون التحرك لمجموعة من الصور أو العرائس أو المجسمات.
ويتكون عالم الرسوم المتحركة من عناصر متنوعة ومؤثرات مختلفة تتضافر جميعاً لجذب انتباه الطفل
مثال لحدوته:
حدوتة الأرنب الصغير والديب2:
كان يا ماكان يا سعد يا إكرام وما يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه الصلاة والسلام ، كان في قديم الزمان شمس بتضحك وقمر ما بينام ، كان فيه أرنب وأمه وديب شرير .. وفي يوم من الأيام الأرنب الصغير قال لأمه .. أنا عايز أروح ألعب في الغيط شويه ، فمامته قالت له لا ، علشان إنت ممكن تلاقى الديب ويأكلك .. فقالها : لا أنا هاروح .. قالته لا ماتروحش وبعدين خلاها خرجت تجيب الأكل وراح خارج ورايح الغيط علشان يلعب .. وهو بيلعب لقى الديب عايز يأكله فقعد يجرى يجرى بسرعة والديب عمال يجرى وراه عايز يأكله والأرنب لقى جحر كبير راح مستخبى فيه والديب قعد يدور عليه مش لاقيه فزهق وراح ماشى، وراح الأرنب قعد يجرى وراح على البيت وحكى لأمه على اللى حصل ومامته زعقت له : قالها أنا أسف يا ماما ماعدنش هاعمل كده تانى ، فمامته سامحته وتوته توته خلصت الحدوتة حلوة ولا ملتوتة .
وفي النهاية فإن الثقافة الشعبية ليست بمعزل عن ثقافة المجتمع السائدة حيث أن الثقافة الشعبية تتفاعل تلقائياً مع ثقافة المجتمع الأم وتظل دائما الثقافة الأقوى هي المؤثرة والموجودة والحدوتة هي أحد عناصر الثقافة الشعبية فهي تحمل فى داخلها قيماً تربوية وأخلاقية متعددة مما يجعلها ليست بمعزل عن المجتمع والظروف الاجتماعية داخله .
الهوامش :
1. نشوى محمد شعلان – الحدوتة وسيلة اتصال – سلسلة الدراسات الشعبية – عدد 163 – إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة – ديسمبر القاهرة 2014م .
2. الراوية فاطمة الجمل – السن 64 سنة ، الحالة الاجتماعية متزوجة ، الوظيفة بالمعاش – تاريخ رواية الحدوتة – يوليو 2006 م