القشابية، سيدة التراث بالجلفة «لباس تقليدي شتوي وبري، يجمع بين الهيبة والوقار وجمال الهندام»

 

في فصل الشتاء، غريب أنت عن الجزائر، واستقرت طائرتك بعاصمة المليون ونصف المليون شهيد في مطار «الهواري بومدين» الدولي، وجهتك عبر الطريق الوطني الأول نحو المناطق الداخلية1، طريقك طريق «المتيجة» وبساتين البرتقال إلى الجنوب الساحر والواحات الرائعة2، حوالي أربع ساعات من المسير فجأة تبصر «حواليك» أناسا ملبسهم واحد وموحد، لباس يتساوى فيه الغني والفقير، لربما تتساءل أين أنا؟ وما السر في هذا اللباس العام بين العامة ؟

ببساطة أنت هنا في قلب الجزائر النابض، مدينة الجلفة3التي يمكن أن نرى آثارها الجميلة وأطلالها أو نستنطق الأحجار العتيقة فيها التي اندثرت معظم مبانيها لعلها تخبرنا و تحكي لنا الكثير مما ضاع ... 

موقع مدينة الجلفة:

الجلفة هي إحدى الولايات الجزائرية التي تقع في سفح الأطلس الصحراوي4 و بمفترق الطرق من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، تتمركز الجلفة بين أحضان السهوب الوسطى عند التحام الصحراء بالهضاب العليا5، هناك حيث ضربت الشمس موعدا لها مع الفضاءات الفسيحة، تبعد الجلفة عن العاصمة الجزائر  بــــ 300 كلم جنوبا، وهي  منطقة ذات مناخ قاري، شديدة البرودة في الشتاء معتدلة في الربيع حارة في الصيف. 

مدخل الدراسة :

إن تنوع التقاليد وغناها داخل المجتمع الجزائري وتمايزها، أساسه الثقافات المتعددة لمجموعة المدن المكونة له، فكل منها يختص بطابع فني تقليدي يمثل ثقافة المجتمع والمدينة التي يعيش فيها، ونذكر منها صناعة الأقمشة القطنية والكتان، البرانس والقشابية، الزرابي والصناعات الجلدية6. وكلها استمدت مواصفاتها من تقاليد الماضي البعيد الذي بدوره أصبح من العادات والتقاليد التي تعكس لحمة وثقافة كل منطقة منها.

فإذا تأملنا أي فن وسلعة تقليدية مهما كان نوعها ألباسا كان أو أداة أو حتى إذا تذوقنا طبقا شعبيا. أدركنا لمسة وفنية الجزائري الأصيل التي مكنته عبر العصور والأزمنة من التأقلم مع محيطه وتطويعه، واستطاع من عدم أن يسخّر الطبيعة لأغراضه وفي خدمته بواسطة وسائل بدائية وبسيطة، مستلهما بفكره وبإبداعه.

وبما أننا عرفنا أن الجلفة منطقة ذات مناخ صعب بشتائها البارد، سنحاول التطرق إلى مهنية وحرفية  الجلفاوي7 في صناعة «القشابية»  اللباس التقليدي العريق الذي يحتل مكانة هامة بين باقي الألبسة، وهذا من خلال البحث ووصف دقيق عبر الأسئلة الشفهية  والصور الملتقطة تتخللها حوارات ومقابلات مع خياطين وممتهنين للحرفة وكذلك الى عشاق هذا النوع من الألبسة بالإضافة زيارات متكررة إلى مهد الوبر8 والقشابية وبيوت الحرفة بمدينة «مسعد»9 عاصمة الجلفة الجنوبية، التي تمكننا من معرفة  التقنيات المتبعة والمراحل التي يمر بها إخراج منتوج ولباس القشابية في صورته النهائية.

الصناعة التقليدية بالجلفة:

بالرغم من أن موضوعنا يختص بالقشابية كلباس تقليدي رجالي ، فلابأس أن نعرج على بعض من المنتجات التقليدية بمنطقة الجلفة .

1)    صناعة الأغطية والفرشة:

    -    الزرابي: وهي من أقدم الصناعات الصوفية في الجزائر، لكن في منطقة الجلفة جعلت من «زربية العمور»نموذجا لها ولكل المناطق المتاخمة لها وتستخدم في الفراش والخيام، وتميزت بصناعتها منطقة جبل عمور، وتدعى زرابي الهضاب إذ تُنسب للمكان وأغلب سكان هذه المناطق من مربيّ المواشي فتوفّر مادة الصوف ساعد على انتشار هذه الصناعة وهو عامل مهم جعل من الجلفة تحترف صناعتها كون المنطقة رعوية و غنية بالماشية .

    -    الحايك :  غطاء رقيق جدا يصنع من مادة الصوف وينسج بطريقة تقليدية بألوان مختلفة حسب ذوق وعادات ربات البيوت ويستعمل كغطاء عائلي آخذا ألوانا رئيسية الأبيض والأزرق.

    -    «الكسى»: غطاء أثقل وزنا وأخشن من الحايك ويصنع بنفس الكيفية مع اختلاف في الزخرفة في بعض الأحيان يصنع من الصوف المغزول على شكل خيوط رفيعة، مع الحرير ويستعمل كغيره من الفراش في التأثيث.

2)    صناعة الحلي التقليدية:

تفرد أبناء الجلفة بأنواع وأشكال الرسوم على منتجاتهم من الحلي ، ابتكروا أنواعا جديدة من الحلي التي رافقت هويتهم الثقافية والتي كان أغلبها من الفضة ، هذا ولا تزال سيدات المنطقة يقتنين عدة أنواع من الحلي التقليدية نظرا للقيمة الجمالية لها والحنين إلى عادات وتقاليد الجدات، توجد في الجزائر اختلافات كثيرة وأنواع متعددة من الزخارف على الحلي ، لكن لمنطقة الجلفة رسمات ونقوش خاصة بالمنطقة التي ترمز إلى أولاد نايل وهوية العروبة لديهم، «رڨمات» تتفرد بها أصالتهم .

3)    صناعة الجلود:

برع حرفيو المنطقة الممارسين لحرفة دباغة الجلود وصناعة الأحذية في إنتاج أنواع عدة  الحذاء الطعبي وهي والملابس الأحزمة الجلدية وحلة الصيد  واللوازم الجلدية الأخرى بالإضافة إلى سروج الخيل المطرزة.

4)    الألبسة النسيجية: 

للمنطقة صيت واسع وشهرة عالمية في مجال إنتاج البرنوس والقشابية من وبر الجمال أو من الصوف، جعلت من الجلفة موردا هاما في هذا النوع من الألبسة وقد تميزت ساكنة مدينة مسعد في البرنوس الوبري والقشابية برفعة النوعية10، لذا تعد الصناعة النسيجية في هذا النوع من الألبسة تجارة حقيقية تجعل من الأسواق في حالة نشاط دائم صيفا وشتاء.. 

1.4    القشابية: 

لغة : قَشَّابِيَّةٌ جمع : ات . [ ق ش ب ]. لِبَاسٌ مَغْرِبِيٌّ عَلَى شَكْلِ جِلْبَابٍ إِلاَّ أَنَّهَا أَقْصَرُ مِنْهُ ، تُنْسَجُ عَادَةً مِنَ الصُّوفِ ، لَهَا غِطَاءُ لِلرَّأْسِ يُوضَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ11.

اصطلاحا : لباس تقليدي خاص بالرجال منتشر بكثافة ومستعمل من طرف سكان الولاية في فصل الشتاء وهي ذات شكل متميز عن البرنوس يصنع من مادتي الصوف والوبر ينسج بطريقة تقليدية والدراعة  وهو صوف طبيعي أسود لبعض الأغنام ويمكن أن تكون القشابية مصنوعة بخليط للصوف والدراعة أو الصوف والوبر12. 

2.4    البرنوس الوبري:  

البرنوس: ويعرف عند العرب قديماً بأسم (البرنس)، معنى البرنس في لسان العرب البُرْنُس كل ثوب رأْسه منه مُلْتَزِقٌ به دُرَّاعَةً كان أَو مِمْطَراً أَو جُبَّة وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه سقط البُرْنُسُ عن رأْسي هو من ذلك الجوهري البُرْنُسُ قَلَنْسُوَة طويلة وكان النُّسَّاكُ يلبسونها في صدر الإِسلام وقد تَبَرْنَسَ الرجل إِذا لبسه قال وهو من البِرْس بكسر الباء القطن والنون زائدة13.

و قد أشتهر لباسه في المغرب العربي بالتحديد في الجزائر و ليبيا و المغرب و تونس، فقد كتب حسن الفقيه حسن في كتاب اليوميات الليبية عنه : «إن البرنس كان يعني قديماً نوعاً خاصاً من الطاقيات (غطاء الرأس) ثم تطور معنى البرنس إلى البرنوس في العصور الحديثة ليدل ما يشبه المعطف»14.

ومضة تاريخية عن تميز الجلفة بقشابيتها :

ماقاله الفنان العالمي والمستشرق الفرنسي «فرومنتان»15 في زيارته للجلفة من خلال كتابه المشهور «صيف في الصحراء» حيث يشير بإحدى صفحاته إلى مكان توقف قافلتهم عند رجل صاحب كرم وجود من أولاد نايل، وبعد وصف تام للخيام والحياة البدوية والأكلة المقدمة لهم بأدق التفاصيل. 

لابد وان «فرومنتان» قد رسم في مخيلته لباس الرجل وهندامه كيف لا ؟ وهو فنان ورسام متعطش وشق طريقه الى الصحراء من اجل هوايته. وقد أشار إلى ذلك من دون أن يبقى على تفاصيل ذكرها وهي إما «القشبية» او «القندورة» ولكن الشاهد فيما قاله فرومنتان: «هو أن العرب بعد الحفاظ عليها إلى حد كبير عادات الشعوب الأولى، أفضل من أي شخص، والحفاظ على التشابه ليس فقط في آدابهم، ولكن لا يزال في زيهم، اللباس المفضل للغاية علاوة على ذلك أن لديها ميزة مزدوجة من كونها أيضا أجمل من اللباس اليوناني وذات صبغة محلية أكثر منها»، ولعل بعد المقارنة بحضارة أثينا، تأتي المقاربة الأجمل لإضفاء بعد عربي أعرق فيقول:«فهذا اللون والطابع المحلي المطبق على ترتيب معين من الموضوعات المهمة التي تحتاج إلى مقارنات كبرى، وهدا مما يجعلك تعتقد أنك مسافر في بلد كنعان الحقيقي»16، (وكنعان  طبعا هي منطقة تاريخية سامية اللغة في الشرق الأدنى القديم تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسورية، وكانت المنطقة مهمة سياسياً وعسكريا).

إن القشيبة لباس أصيل مشهور في الجزائر عموما والجلفة خصوصا، تصنع من الوبر في الجلفة ومن الصوف في باقي الأرجاء، وهي من روافد التراث بمنطقة أولاد نايل17، ومجمل المقارنة بلباس يوناني، كون الحضارة اليونانية الأشهر بألبستها خاصة في مايشبه القشبية وما يعرف (بالخيتون الايوني) ويصنع من الصوف18.

عشاق القشابية وهواة  لبسها:

بالرغم من تنوّع مراكز التسوّق وتطورها، وتضمنها لكثير من وسائل الجاذبية للمشتري، لكن تظل للأسواق الشعبية مكانتها الخاصة وحلاوتها لدى الناس من مختلف الأعمار، سواء من المقيمين أو الزوّار، بما تتميز به من بضائع شعبية وتراثية لا تُستعرض في أماكن أخرى، ففي زيارتنا إلى سوقين من أهم الأسواق الخاصة ببيع القشابية سوق مدينة مسعد الشعبي السوق العامرة بالقشابية وكافة مستلزماتها من وبر ومواد خام أخرى  مثل الصوف وغيرها، وكذلك سوق وسط مدينة الجلفة، حيث في زاوية جانبية يقف باعة القشاشيب19 بانتظار عشاق القشابية، وفي سؤال مكرر منا مع الباعة يتعلق بمن هم الأكثر شراء للقشابية وتفاعلا مع هذا اللباس التقليدي أو بالأحرى السلاح الرادع للبرد في هذا الفصل، كل الإجابات كانت تصب في منحى واحد، ألا وهي أن كبار السن من الشيوخ هم من يفضلون القشابية مهما تغير ثمنها وزاد.

1)    ارتباط القشابية بالثورة والثوار:

خلال الثورة التحريرية وكل الصور التي تخلد ذكرى المجاهدين والثوار كانت القشابية حاضرة، لما تتسم به «سحنة القشابية» من خصائص لمقاومة الصقيع وشدة البرد خاصة في المناطق الجبلية التي كانت ملاجئ ومخابئ للمجاهدين، كما لا يجب أن نغفل أن للقشابية دورا في عملية تسهيل التمويه والتنقل بحرية مع إخفاء السلاح أسفلها من دون إثارة الانتباه، وقد كانت النسوة من حرائر الجزائر و»النايليات الماجدات»20 ينسجنها خصيصا لهم تبرعا كشكل من أشكال المشاركة في الثورة والإسهام فيها على طريقتهن.

مراحل صناعة القشابية:

لقد كان لنا حوار شيق ومطول مع العجوز «حدة فضيلي» صاحبة الخمسة وثمانين عاما ومن مواليد مدينة الجلفة هي وابنها السعيد في امتهان حرفة شراء الوبر وصناعة القشابية وبيعها21، تقول الحاجة حدة: «أن مهنتها رأس مالها وبالرغم من أن عملها شاق لكنه ممتع وإخراج القشابية في حلتها النهائية شوق من نوع آخر، لكل من يتذوق جهدا من عرق جبينه»، إن جملة الأسئلة الدقيقة التي طرحت حول صناعة القشابية  من وبرها إلى نسيجها وخياطتها  وإخراجها في صورتها النهائية عددناها في مراحل وصنفناها كما سيأتي:

1)     فصل التحضير:

 تختص بتحضير كافة المواد الأولية والمستلزمات التي تعيننا في صناعة القشابية وتهيئتها .

    -    مرحلة اختيار عينة الوبر:

1.    الانتقاء : قبيل النزول إلى السوق الشعبي بمدينة مسعد العريقة مع عمي السعيد ابن الحاجة حدة كانت لنا معه دردشات كثيرة في مجال خبرته وتجاربه وما علمته له السنون في مجال اقتناء الوبر أو  القشابية وهي جاهزة.

 إن اقتناء المادة الأولية والأساسية المتمثلة في الوبر يقول صاحبنا: «إن الوبر أنواع وهو مفصل حسب الألوان فمنه الأسود والأشهب والأحمر والأصفر»22، ومتواجد بالاسواق الشعبية بالجلفة ككل لكن سوق مسعد يحتل المرتبة الأولى في الجزائر وطنيا لامتهان العائلات صناعة القشابية وتعتبر دخل ونشاط لكثير منها، حيث يترواح سعر الكيلوغرام من الوبر من 5.000 إلى 9.500 دينارا جزائريا وذلك حسب نوعية الوبر مع العلم أن القشابية الواحدة تتطلب 2.7 كغ الى 3.2 كلغ من الوبر23.

ويحدثنا «السعيد» عن مصدر الوبر الخالص الذي ينتقى من صغار الجمال «المخلول»24 ويسمى «وبر العڨيڨة»25، أما فيما يخص الوبر فحسب المختصين والعارفين به فإنه يؤخذ من أماكن معينة من أجسام الإبل حيث يوجد بكثافة في جهة الرأس والرقبة والأكتاف في الإبل ذات السنام الواحد وتزداد كثافته في الإبل ذات السنامين نظرا لبرودة المناطق التي تعيش فيها ويمتاز الوبر بقلة توصيله (نقله) للحرارة ويختلف الوبر عن الصوف والشعر بعدة ميزات أهمها: المتانة والخفة والقلة والفعالية في الحفاظ على الحرارة كما يتميز بنعومة الملمس ولونه البني المتعدد الدرجات نحو الاصفرار حسب نوع وسن الإبل كما أن هناك اختلافا كبيرا في إنتاج الإبل من الوبر تبعا لعروق وسلالات الإبل. 

    -    مرحلة التنظيف والتصفية: 

2.    التَّنقيَّةُ : تنظيف مبدئي مما علق به باليد (فرزه من الشوائب الظاهرة للعين المجردة)، خاصة وأن مجمل هذه الشوائب ما علق بالوبر أثناء عملية البيع  داخل الأسواق، مما يجعل الوبر أكثر عرضة لها.

    -    مرحلة المعالجة الآليــــــــــــــــــة 

3.    المعالجة:  في مرحلة التنظيف والتصفية التي هي عملية بحتة عند المرأة النايلية، حيث يتم ضرب وبر العڨيڨة قصد تليينه ثم تمريره على آلة تسمى «المشاط» هذه الآلة التي يتغير اسمها من منطقة إلى أخرى فهناك من يسميها «السبراڨ»وذلك بغية تخفيف الوبر وتليينه قدر الإمكان، بعدها يتم جعله «ريطا» بواسطة «القرداش»  وهي قطع ملفوفة تدعى «الريط»، يجدر بالذكر إن الريط عبارة عن عملية  تصفية وتنظيف دقيق من خلال القرداش وهو عبارة عن آلة يدوية من الخشب بمقبضين قاعدة المربعة مسننة .

    -    مرحلة الغزل والحبك : 

4.    الغزل : غزله وجعله على شكل خيوط رقيقة تحضيراً لعملية الحبك وتستعمل  فيه آلة «المقزل»26. كما هو موضح في الصورة لتنتج عنه كبب من خيط «الغزيل» . 

5.    الحبك : حبْكُه بتركيب الخيوط المدعمة له «لَڤيَامْ» التي تصفف عمودية لجعل الخيوط المحضرة أفقية متقاطعة معها وتسمى عملية «السُّدْوَهْ».

2)     فصل التركيب والنسج:

    -    مرحلة التثبيت والرصف :

6.    التركيب : تركيب الخيوط المدعمة ( لَقْيَامْ ) على آلة النسج .

7.    النسج : وذلك بجعل الخيوط المغزولة بين الخيوط الأفقية متقاطعة معها ودكها بآلة «الْخُلَّالَه» لرصها فوق بعضها البعض رصاً إلى نهاية العملية، مع حك وترطيب كل جزء منسوج حتى النهاية بآلة تسمى «الْكُرْنَافَه». خلال عملية النسيج هناك أهازيج ومدائح تنشدها الجدات والأمهات من اجل سير العملية وسهولة تمضية الوقت وتفادي الروتين، يكون ذلك المديح مرتبا وأشعاره توحي إلى مراحل معينة من العملية.

3)     فصل الإخراج: 

    -    مرحلة التفصيل والخياطة :

8.    الخياطة : عند إتمام عملية النسج تسمى قطعة الوبر المنسوجة «بالسحنة»حيث تحمل هذه السحنة إلى للخياط من أجل خياطتها أو بيعها كما هي، وهناك يتم الاتفاق بين الطرفين على الخياطةِ باليد أو بآلة الخياطة المعروفة عند العام والخاص، وذلك حسب المقدرة المادية لصاحب القشابية، وإن كانت خياطة القشَّابية باليد أفضل وأجود وأغلى، وعادة ما تكون الخياطة حسب جودة المنسوج أو رغبة صاحبها .

من خلال مارينا سنحاول تصنيف المراحل السابقة في جدول لتسهيل عملية نسيج وإنتاج القشابية:

الفصـــــل	المرحلـــة	الرقم	اسم العملـية	الملاحظات	الاستعمال
التحضير	اختيار عينة الوبر	01	الانتقاء	وبر العڨيڨة	المادة الاولية
	التنظيف والتنقية	02	التنقية	تنظيف أولي	باليد
	المعالجة	03	المعالجة	التليين والتخفيف	المشاط و القرداش
	الغزل والحبك	04	الغزل	اللف على شكل ريط	المقزل
		05	الحبك	تقاطع عمودي وافقي بين الخيوط لتشكيل شبكة السدوة	السدوة
التركيب	التثبيت والرصف	06	التركيب	نصب المنسج	لڨيام
		07	المنسج	تلقيم المنسح بالريط المغزول "الغزيل"	الخلالة
الإخراج	التفصيل والخياطة	08	الخياطة	تصميم القشابية	منتوج

 

الأدوات المستعملة في النسيج:

1)     الأدوات المتصلة بهيكلة المنسج:

    -    العنصر رقم 1 - العفاس: وتد يجعل لشد خشبة المنسج الأفقية بـ«المناطه»، يدخل في ثقب المناطه ويمر فوق الخشبة الأفقية، ليشدها إلى الأرض، ويوضع فوق طرفه البارز شيء ثقيل لتبقى الخشبة ثابتة على الأرض. 

    -    العنصر رقم 2 – القصبة: توضع بين الوجهين للسدة أفقيا ، تصعد إلى الأعلى والى الأسفل اثناء عملية  النسج.

    -    العنصر رقم 3 – العضاضيات  (العضاضات): وهما آلتان بسيطتان ذات فتحتين حديديتين في وسط كل منهما خشبة صغيرة، يمسك بهما طرفي المنسوج  (قشابية) أو ما ينسج وذلك بوضع كل طرف داخل الفتحة والضغط عليه بالقطعة الخشبية وتمدد ليوصل خيطهما بالمناطه.

    -    العنصر رقم 4 –  النيرة : خيط لقيام غليظ يلف على القصبة ويقبضها مع السدة، من أجل التثبيت المحكم وهي العقدة التي يتم فيها التداخل بين خيوط السدة .

    -    العنصر رقم 5 – السدة : وهي الشبكة الوسطى المكونة من مجموعة الخيوط الرقيقة العمودية المربوطة بين الخشبتين العلوية والسفلية .

    -     العنصر رقم 6 – المناطه (المناطو): ركيزتان عموديتان لرفع وسمك المنسج تثبتان في الأعلى في الخشبة العليا وفي الأسفل في الخشبة السفلى في مكان خاص محفور في الخشبة.

    -    العنصر رقم 7 - الخشبة : وهما خشبتان توضعان أفقيا واحدة في الأسفل والأخرى في الأعلى، وفي طرفي كل واحدة مكان لإدخال المناطة عموديا.

2)     الأدوات المنفصلة المستعملة في النسيج :

1.    الخُلاله : أداة من حديد لضرب ورصِّ و دك الغزل على بعضه.

2.    المحكة (الجريدة) : أداة خشبية يُحكُّ بها على المنسوج لترطيبه .

3.    القرداش الخَدَّام : آلة ذات دفتين وأنياب، يعالج به الوبر أو الصوف لتفكيكه، تسهيلا لعملية غزله . 

4.    المغزل : آلة دوّارة لغزل الصوف أو الوبر وجعله على شكل خيوط رقيقة تسمى بالريط.

5.    المشاط : آلة لضرب الصوف أو الوبر، لتسهيل العملية على الخدام الصغير، فهو أقوى منه وأبرز وأطول أنيابا.

الخاتمة:

القشابية المصنوعة من الوبر من رموز الصناعة التقليدية بالجلفة ومن رموز الهوية وتعتبر مفخرة رجال ورمز تباه وزينة، كما تعدّ من أغلى الهدايا التي تحمل في طياتها معاني الكرم والجود الذي تشتهر به المنطقة، فقد صمد هذا اللباس التقليدي أمام تغير العادات والألبسة بالمجتمع واحتفظت القشابية بمكانتها وسط مختلف الفئات فارضة نفسها كبديل عن مختلف أنواع الألبسة الشتوية المعروضة في السوق، ويعتبر نسج القشابية الوبرية نشاطا فنيا وإبداعيا وعملا يتطلب مهارة ودقة، فهو يرتكز على الإتقان والإبداع في اختيار ووضع الأشكال والرموز التي تزين القطعة المنجزة من الوبر أو الصوف، فاللمسة البارزة تتطلب وقتا وجهدا طويلين ينالان من أعصاب وجهد الحرفي، ولذلك يستهلك نسج القشابية وقتا معتبرا يصل في بعض الأحيان إلى خمسة أشهر كاملة بحسب بعض الحرفيين.