اتجاهات في جمع وحفظ التراث الشعبي السوري
العدد 9 - جديد النشر
نعرض في باب جديد النشر هذا العدد لتجربة جديدة، هي إلقاء الضوء على السلاسل المتخصصة في نشر التراث الشعبي، ودور هذه السلاسل في توثيق التراث الشعبي لهذا البلد أو ذاك.. وقد آثرنا أن نعرض لتجربة بلد بعينها حتى نقف على ملامحها ودورها في دفع حركة البحث العلمي في المجال. وقد اخترنا أن نعرض لتجربة سوريا لسببين، الأول: أن المهتمين بحركة التراث الشعبي السوري يكاد يمثل كل منهم أرشيفا مستقلا بذاته، وكل منهم يحمل بداخله حلم تكوين أرشيف للتراث الشعبي السوري. السبب الثاني، هو أن السلسلة التي سنعرض لها مرتبطة بمؤسسة حكومية هي الهيئة العامة السورية للكتاب ومديرية التراث الشعبي التابعة لوزارة الثقافة السورية. والسلسلة تحمل اسم «مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي»، والتي صدر عنها حتى الآن ما يقرب من ثلاثين مجلد، وهو ما يشير إلى حرص الدولة على نشر التراث الشعبي وحفظه. وحتى نكون منصفين في عرضنا، فإن فكرة هذا المشروع تعود للدكتور كامل إسماعيل مدير التراث الشعبي السابق بوزارة الثقافة السورية، الذي أسس للمشروع منذ عام 2004، وقد أثمر عن عشرات الدراسات والمواد التراثية المهمة في مختلف المحافظات السورية.
ملف هذا العدد يحوي سبع دراسات من هذه السلسلة، احتوت موضوعات متعددة من الفولكلور السوري: العادات والتقاليد- الأمثال والتعابير الشعبية- التناويح الشعبية - الألعاب الشعبية- الحرف التقليدية، فضلاً عن بعض الدراسات الموسوعية التي وثقت للتراث الشعبي السوري عامة، ودراسات أخرى اهتم أصحابها بالتأسيس المنهجي لجمع التراث الشعبي. وجميعها تشترك في كونها تقدم مادة ميدانية حية، كما تعتمد على منهج الجمع الميداني من الرواة والإخباريين الثقاة من كبار السن في إطار التوثيق لموضوعات الفولكلور. كما تتنوع جغرافياً لتشمل العديد من المناطق الثقافية السورية بدمشق وحمص وتدمر وصافيتا ودير الزور والزبداني. وأجدنى بعد أن اطلعت على هذه الدراسات المهمة في حاجة إلى توجيه الدعوة للباحثين السوريين والمؤسسات الثقافية المهتمة بالتراث الشعبي السوري، إلى السعي لتأسيس أرشيف متخصص يجمع هذه الجهود الرائدة.. ولعل البداية قد تكون من خلال موسوعة سورية ضخمة متخصصة في التراث الشعبي السوري. وأتصور أنها ستكون نواة لموسوعات متخصصة أخرى في وطننا العربي.
عادات وتقاليد تدمر
خلال عام 2007 صدر العدد رقم 13 من هذه السلسلة (مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي) بعنوان من عادات وتقاليد مدينة تدمر لمؤلفه أحمد مثقال قشعم وصدر في 214صفحة، عرض فيه لدراسة توثيقية لبعض عادات تدمر. والكتاب هو الثالث للمؤلف ضمن مشروعه في بحث مدينة تدمر، الأول بعنوان «البلسم الشافي في تاريخ تدمر الوافي»، والثاني بعنوان «أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها»، تناول فيهما تاريخ وجغرافية المنطقة. وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب يشير إلى موضوع العادات والتقاليد، إلا أن الموضوعات المطروحة فيه أشمل من ذلك، حيث تعرض لموضوعات في الأدب الشعبي كالأحاجي والألغاز والتّعجيز، وكذا فنون الغناء والحرف والعمارة الشعبية. اشتمل الكتاب على عشرة فصول بدأها المؤلف بموضوع حول العادات والمعتقدات المرتبطة بالاستسقاء وتاريخه، متناولاً ما جاء في كتاب علي حسن موسى عام 1994، الذي يوثق للاستسقاء بمنطقة دير الزور. ويرى المؤلف أنها هي نفسها عادات تدمر التي نشرتها للمناطق المجاورة لها ومن بين هذه العادات المواكب وحمل الرايات وأغاني الأطفال وجمع الحبوب من البيوت بعد الصلاة. ويضيف المؤلف لذلك كله عادة خلع الشيوخ للباس الخارجي ولبسه بالمقلوب، ثم ينتقل إلى موضوع الأحاجي والألغاز، فيعرض لما استطاع جمعه منها: مثال (طاسة ترن طاسة بالبحر غطاسة.. جواتها لولو وبراتها نحاسة. الجواب: الرمانة). أما التعجيز أو (الأقوال التعجيزية)، فيفرد لها بعض النماذج، وهي بعض الأقوال والجمل التي يطلب من القائل ترديدها عشر مرات أو أكثر مثل: خيط حرير على حيط بنى خليل – أني أسفي وأمي تسفي بالمسفاة. وقد كان هذا اللون من الأدب الشعبي قد أطلق عليه رجب النجار اسم المعاظلات اللسانية، غير أن المؤلف هنا أطلق عليه اسم (التعجيز) وهو أول توصيف ميداني له بعد رجب النجار. والفن الثالث الذي تناوله المؤلف هو «أغاني وألعاب الطفولة».. حيث قدم نماذج عدة منهةا: أغنية باح باح، وأغنية مطرت الدنيا. كما توسع في نماذج الألعاب الشعبية التي قدم لها بالشرح والرسم التوضيحي والصور كلعبة المرقيص، ولعبة شعيريّة وغيرها. ثم أتبع ذلك بفصل أسماه «متفرقات» عرض فيه لبعض العادات والمعتقدات حول العلاج الشعبي، وطرق العد، وطاسة الرعبة (يطلق عليها في مصر طاسة الخضة). ثم ينتقل الأستاذ قشعم في رحلة بحثه في عادات تدمر ليقدم لنا العُرس التّدمرىّ بداية من الخطبة والعقد وجهاز العروس، مروراً بطعمة العروس وحمام العروسين والصمدة (مصطبة لإجلاس العروس عليها قبل زفافها)، وانتهاء بالزفة والدخول والصباحية. أما المونة والأكلات التّدمريّة فقد خصص لها المؤلف جزءاً مستقلاً أيضاً عرض فيها للأكلات المعروفة كالكشك المحبش، والبرمة، والمليحى «الشاكرية»، كما عرض لأكلات المناسبات كالمنسف، والفتيتة. وقدم في كل أكلة مكوناتها وطرق طهيها. ثم عرض لبحث الصّناعات التّقليديّة في تدمر كصناعة «القلا»، والخوص، والنعال، والمفارش، والكحل. مستعيناً بالصور الميدانية التي توفرت له. أما بحثه في المعتقدات الشعبية، فقد تناول فيه موضوعات حول الطب الشعبي كعلاج صداع الرأس. ثم تناول بعض المعتقدات كالتفاؤل والتشاؤم والحسد، مثل: حكة اليد، والسفر، وكب الماء، والضيافة، وسن الذيب التي شرحها بقوله: «تضع النساء سن الذئب مع الولد، وتربطه بخيط في ملفته حتى ترد عنه عين الحاسدين». وينهي المؤلف كتابه بعرض للبيت التدمري وأقسامه، التي بدأها بالمضافة، وبيت العيلة، وبيت المونة، وغرف الكناين، وغرفة الأدوات «القشيع». كما عرض لاسطبلات الدواب ومستودعات العلف والبئر ليقدم لنا بذلك صورة متكاملة حول فولكلور تدمر.
أمثال الساحل السوري
يعد كتاب نزيه عبد الحميد المعنون «أمثال وتعابير شعبية في منطقة الساحل السوري عموماَ وصافيتا خصوصاَ» من الكتب المهمة التي توثق للأمثال الشعبية السورية. والكتاب يأخذ رقم 19 في هذه السلسلة، ويقع في 578 صفحة، إصدار 2008 . وقد اعتمد المؤلف على أبحاث من سبقوه في جمع الأمثال كمؤلفات يوسف المحمود، وكتاب تعابير شعبية من منطقة السويداء، وكتاب أمثال دمشق الشعبية لنور المرابط، والأمثال الأجنبية المقارنة لراشد الكيلاني، وكتاب «يامال الشام» لسهام ترجمان، فضلاً عن مؤلفات سلامة الراسي وإيميل يعقوب. وكانت الدراسات السابقة معيناً للمؤلف للوقوف على بعض المقارنات سواء في سوريا أو خارجها. ومن ثم فقد حدد في مقدمة كتابه المنهج الذي اتبعه.. حيث سجل نطق بعض الأمثال في منطقة صافيتا بأكثر من صيغة كاستبدال كلمة «إذا» بكلمة «كنو»، فيقال «كنو بدك تحيرو خيرو» أو تقول «إذا بدك تحيرو خيرو». ويقول المؤلف أن هذه المنطقة ميزت منها إمالة حرف الألف إذا ورد في الكلمة قبل الحرف الأخير. فتقول «غانم» دون إمالة حرف الألف. ومن سمات المنطقة أيضاً البدء بحرف ساكن في أكثر الأسماء. أما منهج التصنيف فيقول المؤلف «وقد رتبت الأمثال في هذا الكتاب كما جاء في ترتيب كتاب «مكنز الفولكلور» – المجلد الأول – القسم المصنف للدكتور مصطفى جاد، الصادر عن المكتبة الأكاديمية بمصر، وذلك حسب استعمالها ومعناها ومواضيعها.. وقد رتبت الأمثال ضمن الباب الواحد حسب الأحرف الأبجدية». كما تضمن الكتاب مع كل قسم مادة حول التعابير الشعبية، فعندما يوثق لأمثال في موضوع «السر والستر» على سبيل المثال، فهو يرد عدة أمثال منها: كل سر جاوز الاتنين شاع – لا مين شاف ولا مين دره..إلخ، ثم يشرح أسفل كل مثل معناه وسياقاته في مناطق أخرى إذا وجد. غير أن المؤلف يقدم لنا مادة جديدة هنا حول التعابير الشعبية في الموضوع نفسه شارحاً إياها أيضاً، مثل: بيؤ غميق (للشخص الذي يحفظ السر جيداً ولا يذيعه)- مستورة (جواب لمن تسأله عن أحواله المادية إذا كانت على حد الكفاف)- من تحت لتحت (الأمر المطلوب إخفاؤه قولاً كان أو عملاً). أما الموضوعات التي صنفت بها الأمثال حسب مكنز الفولكلور كما أشار المؤلف، فهي متعددة جداً وبها تفصيلات كثيرة تتدرج من العام للخاص على النحو التالي: أمثال القيامة (الجنة والنار وعلامات الساعة - العالم العلوي)، أمثال الأرض، أمثال البحار (الطبيعة)، أمثال الأصوات، الكائنات الخارقة، حول الإنسان (الحظ والنصيب والقضاء والقدر)، الحكم والحكومة، الخير والشر، الدهر (الرجاء والطلب)، السمعة والصيت، السياسة، الكرامة والشرف، الوطن، الوقت، أمثال محاسن الأخلاق (تحمل المسئولية – التسامح – التواضع – حسن التصرف)، أمثال مساوئ الأخلاق (الأنانية – البخل – التردد – الدهاء – الكذب – سوء التصرف)، أمثال سلوك الإنسان (الاعتماد على النفس – اغتنام الفرص – البساطة – تبادل المنافع – التدخل فى شئون الغير – التربية – التعاون والتضامن – الجمال والبشاعة واليأس – الجنون – الحرص – الحكمة - الحياء – الدين – الظن)، أمثال حول جسم الإنسان (الأنف – الرأس – القلب – اللعاب – الوجه)، أمثال مخلفات الإنسان، أمثال عورات الإنسان، أمثال الناس الذكور والإناث، أمثال الشيخوخة والمعمرين، أمثال ذوي العاهات، أمثال الأنبياء والقديسون، أمثال (الحيوانات – الطيور – الحشرات)، أمثال الصحة والمرض، التفاؤل والتشاؤم، (النية – الأحلام – النوم)، الأماكن المقدسة، الاتجاهات، المواسم، الشهور القمرية والشمسية، الأرقام، الأوائل والأواخر، الميلاد، الزواج، الطلاق، الموت، الزراعة والمواسم الزراعية، العادات اليومية والمراسم والعلاقات الأسرية، الفكاهة والضحك، الموسيقى والغناء، الرقص، الحرف والمهن.
البحث الميداني في تراث سوريا الشعبي
هذه الدراسة هي أقرب إلى التخطيط الشامل لحركة الجمع الميداني للتراث الشعبي السوري، وقد حاول المؤلف محمود مفلح البكر أن يضع لكتابه عنواناً يصف من خلاله جميع محتوياته، فجاء على هذا النحو: «مَدخل إلى البحث الميداني في التراث الشعبي: عرض- مصطلحات- توثيق- مقترحات- آفاق». والكتاب يتخذ الرقم 21 في سلسلة والمستشرقين في دراسة التراث الشعبي وأنشطة العثمانيين. ثم ينتقل إلى الحديث عن توظيف التراث الشعبي علماً ومادة، والأنشطة العربية قبل الاستقلال. ليصل إلى بدايات المرحلة العربية في دراسة التراث الشعبي، حتى ظهور خطة اليونسكو عام 1974 والهدف التنموي منها، ثم يعرض لإشكالية مصطلح فلكلور والمصطلحات الأخرى كالتراث الثقافي غير المادي، والتراث الشعبي، والمأثورات الشعبية. لنكتشف أن جميع ما عرض له كان مقدمة منطقية لبحثه في تصنيف مواد التراث الشعبي حيث استعرض تصنيف محمد الجوهري لعلم الفولكلور، ثم تصنيف مصطفى جاد كما ورد في مكنز الفولكلور، فيقول».. وفيما يلي عرض موجز لهذا التقسيم وتفرعات كل قسم، مع بعض التعديلات على تقسيم الدكتور مصطفى جاد في مكنز الفولكلور تناسب البحث في بلاد الشام، لوجود جوانب تراثية غير موجودة في مصر، ووجود جوانب من التراث الشعبي في مصر غير موجودة فى بلاد الشام، إضافة إلى بعض الاختلافات في تسمية المصنفات». وعلى هذا النحو شرع الأستاذ مفلح في مناقشة تصنيف المكنز ومقارنته بالتراث السوري من خلال موضوعات: المعارف والمعتقدات الشعبية- العادات والتقاليد- الأدب الشعبي- الفنون الشعبية- الثقافة المادية. ثم ينتقل بنا في إطار مشروعه العلمي ليضع لنا خطة موسعة لجمع التراث الشعبي السوري؛ بداية من الاستعداد للعمل الميداني، وصعوباته، ومؤهلات ومواصفات الجامع والباحث الميداني، مروراً بأساليب الجمع من خلال العمل الفردي وعمل المجموعة، والعمل المؤسسي، مبيناً سلبيات وإيجابيات كل منها. ثم يتناول موضوع الرواة والزيارات الميدانية، والاستطلاعية إلى المنطقة أوالقرية، وطبيعة الزيارة الأولى للراوي المقابلة. وقد احتلت استمارات العمل الميداني في جميع موضوعات التراث الشعبي جانباً مهماً من المؤلف الذي آثر أن يكون كتابه مسودة عمل للتطبيق لا مجرد دراسة نظرية، فقدم مقترحات لخمسة مشروعات رئيسية لتوثيق التراث الشعبي السوري، المشروع الأول يتمحور حول حملة وطنية لجمع التراث الشعبي وتوثيقه. والمشروع الثاني اقتراح لإعداد مجلة تراث شعبي سوري محكَّمة. والثالث حول إنشاء مركز تراث شعبي لبلاد الشام. والرابع حول تأسيس متحف للتراث الشعبي. أما المشروع الخامس والأخير فيتضمن مشروعا لقرية تراثية لتوظيف التراث الشعبي عامة والثقافة المادية بخاصة والحرف الشعبية منها بصورة أخص. وأنهى الأستاذ مفلح كتابه بمجموعة ملاحق لعدة وثائق دولية وعربية في مجال توثيق التراث الشعبي، وهي: اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث غير المادي - توصيات ندوة التراث الشعبي العربي: وحدة الأصل والهدف - توصيات الملتقى القومي الثالث للمأثورات الشعبية بالقاهرة - توصيات مؤتمر الفنون والحرف: التنوع الثقافي والتنمية المحلية بدمشق - استمارة عن الراوي - نوتة موسيقية لأغنية أطفال شعبية. وجميع هذه الملاحق تستخدم كدليل للباحث في جمع المادة وحفظها.
الحرف الشامية التقليدية
كان العدد رقم 20 من هذه السلسلة القيّمة (مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي السوري) من نصيب الحرف الشعبية، وقام بهذا الموضوع المهم الأستاذ محمد خالد رمضان وهو واحد من أعلام البحث في التراث الشعبي السوري، كما يحمل بين أوراقه وأرشيفه الخاص عشرات المواد التي تحتاج إلى توثيق ونشر. الكتاب الذي قدمه يحمل عنوان «الحرفة الشامية والتراث الشعبي الشفاهي» والصادر عام 2008 فى 216 صفحة. وهذا الكتاب هو الجزء الأول من ثلاثة أجزاء حول مشروعه في توثيق الحرف الشعبية. والمؤلف له منهج مميز في البحث وليس تكراراً لمن قبله، فهو لا يوثق الحرف الشعبية أو يشرح أدواتها ومراحلها فقط، بل يقدم لنا المأثورات الأخرى حول هذه الحرفة. فالحرفة – على حد قوله – ليست جامدة ساكنة، والحرفيون بشر مبدعون يتحدثون ويقولون، ويغنون ويفرحون، ويحزنون. ومن ثم فالكتاب هو بحث في ماهية الحرفة وكيفية نشوئها، والتطور التاريخي الذي رافقها.. والأسواق الدمشقية وأرباب الحرف، وقيمة الحرفة ومكانتها في المجتمع. كما يعرض المؤلف لعلاقة الحرفة بعناصر التراث الشعبي من أغنية ومثل وتشبيه واصطلاح، فضلاً عن تحليل دلالات النقوش والزخارف في بعض الحرف وصلتها بالأسطورة والتاريخ. ويقدم مادته من خلال ثلاثين حرفة شامية أكثرها دمشقية، إذ يُلاحظ أن السوريين يطلقون اسم (الشام) على مدينة دمشق، كما يطلق المصريون في المجتمعات الريفية اسم (مصر) على مدينة القاهرة. والحرف التي درسها المؤلف هي: البروكار- غزل الصوف – البلاسات - حرفة العقالات – الشروال - حرفة خُرج العروس - الفرو- الأغباني- طبع الأغباني- الأنوال الخشبية - أدوات الأفران الخشبية - أدوات الطعام الخشبية - حرفة الهوادج – الكشك – الدبس - دبس التمر - القمر الدين – الشرشف - الأطباق وغيرها من الأدوات القشية – السلال – السروج - المركوب الأحمر - حرفة الشعر – الحصر – الشمع - حرفة الموازييك - شواهد القبور - أدوات الكيل - الفخار. وقدم المؤلف كل حرفة من خلال سبعة محاور رئيسية تبدأ بمدخل حول الحرفة، ثم مواد هذه الحرفة، وكيف يتم تحضيرها، ومن أين يؤتى بها. ثم يقدم توثيقاً للأدوات المستعملة في صناعة كل حرفة. ثم آلية العمل في هذه الحرفة. ثم الأشكال والأشياء المنتجة منها. ثم الدلالات الأسطورية، والتراث الشفاهي الأدبي الذي يرافق مجريات العمل فيها من أمثال وأغان، وتشبيهات وكنى، واصطلاحات. وأخيراً يعرض المؤلف للوضع الحالي للحرفة وإلى أين تسير، والقضايا المرتبطة بها. فحرفة العقالات على سبيل المثال هي سمة لغطاء الرأس عند الرجال في المنطقة العربية عامة وفي بلاد الشام.. ويسهب المؤلف في شرح كيفية وضع العقال على الرأس واختلاف ذلك بين منطقة وأخرى ومناسبة وأخرى، ثم ملحقات العقال من طرر وشراشيب، لينتقل بنا لطرق صناعته والأدوات المستخدمة في ذلك من قالب ومدقة ومقص ومسلة. أما أنواع العقال فهناك العقال العادي، والعقال الثخين أو السميك، والعقال الرفيع، والعقال المقصب. ثم يقدم لنا مادة فنية حول التزينات والأشكال الهندسية والدلالات الأسطورية والفولكلورية في العقال، ومنها الأغنية الشعبية التي تقول: «يا بو عقال طول شراشيبو.. ابو عقال القصب نيال حبيبو». وفي المثل الشعبي: «عقال فوق عقال بصيرو عقالين». وفي التنويحة الشعبية «يا باطل ويا منصب.. ويابو العقال القصب.. إلى آخر التنويحة». ويشرح الأستاذ محمد خالد رمضان دلالات هذه النصوص ورموزها. ثم يعرض لصناعة العقال اليوم التي تأثرت بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتراجع ارتداء العقال بنسبة كبيرة في المجتمع. وعلى هذا النحو يقدم المؤلف لثلاثين حرفة هي الجزء الأول من مشروعه الذي يأمل في دعم مؤسسي لاستكماله.
التناويح الشعبية
شاركت الباحثة سلام عبد الحليم أبو شالة في سلسلة مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي بالكتاب رقم 24 الذي صدر عام 2009 في 176 صفحة بعنوان «التناويح الشعبية التراثية في الزبدانى ووادي بردى». والذي بدأته بكلمة تقول فيها «أن الحزن كما الفرح دافعان على الخلق والإبداع، وأنا يمنحني الحزن أكثر مما يعطيني الفرح..ومنذ صغري، أشد ماكان يشدني ويدهشني، ويلفت انتباهي ويحفز مشاعري، تلك الأبيات الشعرية الرقيقة من (العتابا) التي كانت تصدح مع أصوات المغنيين وترافق المغنيات عبر أغنياتهن الشجية...ثم تدخل في موضوع الكتاب الذي قسمته إلى ثمانية أبواب: بدأ بمقدمة قصيرة تذكر فيها أن البكاء على الميت، والعديد، والصراخ، وإظهار كل مايبين تقاليد الحزن، يندرج تحت التنويحة الشعبية. والتنويحة هي قطعة من الشعر الشعبي – الزجل- مؤلفة في غالبها من أربعة أبيات أوخمسة أبيات، وأحياناً تكون طويلة تتألف من عشرة أبيات وأكثر، وتشكل الأولى أغلبية التناويح التي جمعتها المؤلفة، ومنها:
خدوني بمحاملكن خدوني
خدوني قبل ما تعمى عيوني
خدوني سياج لمقابركن
ومطرح ما حطيتوا الأوادم حطوني
والتعديد لا يقال في حالات الموت فقط، فهناك حالات الغياب، والفقدان، والحالة الاجتماعية، والمصائب والكوارث، والسجن. ففي كل هذه الحالات تلجأ المرأة إلى البكاء والنواح، وكذلك يلجأ الرجال ويقدمون تناويح بكائية عمرها مئات السنين..ثم تنتقل للحديث عن التنويحة الشعبية، ففي الزبداني وسوق وادي بردى مورست تلك المناحات، بأشكالها جميعاً، فالتنويحة تأخذ شكل الندب أحياناً وهنا يدبك الشباب، وتعقد هذه الحلقات وترفع المناديل السوداء، ويشترك في ذلك عدة أشخاص، وفي بعض الأحيان تغنى أغنيات الفرح إذا كان الميت شاباً أو عريساً. ثم تعرض المؤلفة شرحاً للتنويحة: معناها – ماهيتها - تاريخها – منشئوها. ثم تنتقل إلى التنويحة وعلاقتها بالبيئة والطبيعة الزبدانيَّة، ثم أبعاد التنويحة وخلفياتها الحياتيَّة والاجتماعيَّة ودور الدين والعادات والتقاليد الاجتماعيَّة في التناويح الشعبية، وصلة التنويحة بالقضايا التراثيَّة الشعبيَّة مثل: الكناية الشعبيَّة. ثم تحاول أن تجيب على عدد من التساؤلات حول: كيفيَّة التنويح وشرح بعض مظاهر الحزن كعدم الاستحمام لفترة قد تطول إلى الأربعين أو العمر كله إذا كان الميت شاباً، ورفع العقال عن الرأس بالنسبة للرجل، وعدم وضع أي نوع من الزينة بالنسبة للمرأة. ثم تشرح من هم المنوّحات والمنوّحون، والفرق بينهم وبين الندابون والندابات. فالمنوحات هن أهل المتوفى فالأم، والأخت، والزوجة، ثم الإبنة بالنسبة للأب. وهن أيضاً بنات الأخ والأخت، والعم، والخالات، ثم بنات العم. والمنوحون هم الأخ وابن الأخ، وابن العم في حالة إذا كان الميت شاباً. وتصنف الباحثة بعد ذلك أنواع التنويح إلى: 1- تنويح على الميَّت، 2- تنويح على إنسان غائب، 3- تنويح على مصيبة تصيب الإنسان، 4- تنويح على حالة سجين سجن طويلا. ثم تعرض لأنواع التنويح وعلاقته بالموروث الشعبي الشفاهي السوري من خلال بحث: التنويح - التنويحة بذاتها كقطعة من الشعر الشعبي (الزجل)، العتابا الحزينة (الفراقيّات)، الأغنية الحزينة (دلعونا وغيرها)، ثم الزغرودة إذا كان الميت شاباً أعزب وتسمى في هذه الحالة ندباً. كما خصصت سلام أبو شالة باباً لأسماء المنوحين والمنوحات في الزبداني وقراها تاريخياً، ثم أسماء الراويات والرواة. وينتهي الكتاب بثبت بالتناويح الزبدانية الشعبية الشفاهية، ومن بينها:
يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي
أخدت الأشابه(الشجعان) والأندال خليتي
ندر علىَّ إن أخدت ورديتي
لضوي شحم قلبي إذا فرغ زيتي
وقد حوى هذا الجزء الميداني نصف الدراسة تقريباً حيث اهتمت المؤلفة بتوثيق النصوص وشرح المفردات.
الألعاب الشعبية في دير الزور
وفي مجال بحث الألعاب الشعبية قدم عباس الطبال في العدد رقم 15 من سلسلة مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي، كتابه «الألعاب الشعبية فى دير الزور» الذي صدر عام 2007، واحتوى على 150 صفحة. وميدان الألعاب الشعبية كان شاخصاً أمام المؤلف منذ زمن، إذ اعتمد في جمع مادته على الألعاب التي كان يمارسها مع أبناء الدير العتيق منذ الأربعينات من القرن الماضي، كما اعتمد على ما سمعه ممن هم أكبر منه سناً، والذين ذكروا له معلومة تستحق الانتباه وهي أن حكومة الاستعمار الفرنسي كانت تشجع الناس على ممارسة الألعاب الشعبية، وكانت تقيم لذلك مهرجاناً خارج البلد في الأول من نيسان. كما اعتمد المؤلف أيضاً على المصادر المرجعية مما قرأه في الكتب. وكان ثمرة هذا كله كتابه الذي بين أيدينا والذي تغطي مادته أكثر من مائة وثلاثين لعبة شعبية كان يلعبها سكان دير الزور منذ أكثر من مائة عام أو تزيد، وقد آثر أن يصنف مادته حسب النوع والعمر، فبدأ بألعاب الأطفال قبل سن خمس سنوات التي شملت أكثر من عشر ألعاب منها: إيد الصخي ترتخي- يا طباخ - مرجحة الطفل. وجميعها ألعاب يقوم بها الكبار لملاعبة الأطفال. أما الألعاب التي تأتي بعد ذلك فيقوم بها الأطفال بأنفسهم، ويبدأها المؤلف بألعاب البنات من 6 سنوات حتى 10سنوات، والتي اشتملت على حوالي عشرة ألعاب أيضاً منها: دور يا مدار- عاج عروس وعريس- مستراح.. ثم ألعاب الأولاد من 6 سنوات حتى 10سنوات، ومنها: براميل- عوربانة- الطقطاقة..إلخ. غير أن توصيف بعض الألعاب بهذين القسمين يشير إلى أنها ألعاب مشتركة. أما قسم الألعاب المشتركة في هذه المرحلة فكان من بينها: نط الحبل - كول بامية - إدريس..إلخ. ثم ينتقل المؤلف لتوثيق الألعاب لفئة عمرية أخرى على أساس النوع أيضاً، فيبدأ بألعاب البنات من 10سنوات فما فوق، والتي تشمل ألعاب النساء أيضاً، ويلاحظ قلة عددها بالنسبة لباقي الأعمار حيث تقتصر على ثلاث لعبات فقط هي: دُودَحانة (المرجوحة) – دورة - طب الجراب وقطع المي. ثم يتبع هذا الباب تصنيفات أخرى لألعاب مغايرة للمنهج الذي بدأه المؤلف، فيفرد لنا فصلاً مستقلاً حول ألعاب الماء للأولاد حتى عشر سنوات كلعبة بُربُقَّة- شبوط- الحيج. ثم يفرد فصلاً آخر لألعاب الأولاد من 8 سنوات حتى 18 سنة والتي احتلت أكبر كم من الألعاب في الكتاب (ما يقرب من خمسين لعبة)، كألعاب بربوط- النشابة- طق العجل- الوغواغة..إلخ. ثم ينهي المؤلف كتابه بفصلين الأول حول ألعاب الرجال والشباب، ومنها ألعاب التسييس- الجازل- المنقلة. ثم الألعاب الفكرية وهي أقرب إلى الألغاز، ثم ألعاب القرعة والتي تهدف لاختيار الفريق الذي يبدأ به اللعب. ويقدم المؤلف معلومات حول كل لعبة تشمل النوع والسن وطريقة اللعب وموعد اللعب والنصوص الغنائية المصاحبة لكل لعبة، كما يقدم رسوماً توضيحية وصورا فوتوغرافية لشرح بعض الألعاب إلى جانب الوصف. وتتباين عمليات التوثيق لكل لعبة حسب طبيعتها، فيأتى توصيف بعض اللعبات في ثلاث صفحات، على حين تحتل لعبات أخرى فقرة صغيرة كما في لعبة «دور يا مدار» التي يصفها المؤلف بأنها «لعبة مشتركة بين الأولاد والبنات من سن السابعة إلى العاشرة من العمر يجتمع عدد منهم عشرة فأكثر يتماسكون يداً بيد مشكلين دائرة، ويبدأون بالدوران قائلين: دور يا مدار. ويتسارع الدوران حتى يتعبوا ويتساقطوا واحداً فوق الأخر وهكذا تنتهي اللعبة». ويختم المؤلف كتابه بلفت الانتباه إلى أن هذه الألعاب منتشرة أيضاً في المنطقة العربية وكذا عبر التاريخ العربي مع اختلاف المسميات.
التراث الشعبي الحمصي
كتاب مهم آثرنا أن نختم به هذه المجموعة، حيث وثق صاحبه بمنهج موسوعي لمئات من عناصر التراث الشعبي السوري سواء المادي أو اللامادي، وهو كتاب «التراث الشعبي الحمصي: أدوات تراثية ومكنيات قولية وأمثال شعبية» لمؤلفه محمد الصوفي. واتخذ الكتاب العدد رقم 18 من سلسلة مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي، الصادر عام 2008، واشتمل على 470 صفحة حافلة بالصور والشروحات والتوثيق لكل عنصر. يتألف الكتاب من ثلاثة فصول بدأها المؤلف بتوثيق الأدوات والمعدات التراثية فيشرح المقصود بالمواد التراثية في المجتمع السوري، والأدوات والوسائل التراثية التي كانت تستعمل قبل خمسين عاماً في كل مجالات الحياة الاجتماعية السابقة في الريف والمدينة والبادية، كتلك التي تستعمل فى الفلاحة والحصاد والدراسة والكيل والركوب والسكن والتدفئة والإنارة والخياطة والدفن والأسلحة والقياس..إلخ. ويفصل أكثر في أدوات الفلاحة والزراعة التي تخص الريف الحمصي، وهي ذاتها المنتشرة في باقي القرى والمناطق الريفية المحيطة بمدينة حمص، مع بعض الفروق البسيطة في المسميات. ويؤكد المؤلف على أن باقي الأدوات التراثية كانت منتشرة في المدينة والريف على حد سواء، وبالمسميات ذاتها مع بعض الفروق في النوعية والشكليات والمظاهر. يتبع المؤلف التصنيف الهرمي في عرضه لموضوعاته، فالأدوات والمعدات التراثية – على سبيل المثال – تنقسم إلى خمس وثلاثين فرع، وإذا تتبعنا قسم السكن الشعبي فهو يحتوي على العديد من العناصر منها: المضافة (المنزول) – الشادر – القشق - الدار..إلخ. كما يقسم البيوت الشعبية إلى: لجدار- المصطبة – الجلاس – البرا - الطاقة..إلخ. ثم ينتقل للبيوت القديمة، ثم الفرش والأثاث.. ثم يقدم شروحاً وافية لكل عنصر والطريقة الصحيحة للفظ الكلمة أو الاسم على نحو صحيح كما هو متداول وشائع بين الأوساط العامية. فالقشق – على سبيل المثال – هي خيمة قصب مشهورة في ريف حمص، عبارة عن غرفة تصنع جدرانها وسقفها من القصب المربوط بحبال القنب لها باب قصبي، وهي غالباً تقام في الحقول والمزارع والبساتين لحاجات العمل والاستراحة وحراسة الحقول، ويمكن أن تتكون من طابقين، فيسمى الثاني بـ (العوزلية)، وتبنى منها أبواب المنتزهات على ضفاف النيل.. وعلى هذا النحو نجد أننا أمام عالم متشعب في التراث المادي السوري، وقد آثر المؤلف على أن يذيله بملحق لرسومات وصور تلك الأدوات التراثية. ثم يقدم لنا بعد ذلك موضوع اللغة العامية المحكية في بلاد الشام منذ عام 500 ق.م... حيث كانت اللغة الآرامية (السريانية) هي السائدة، وهي أقدم لغات العالم التي كتب بها الأدباء قبل المسيح، وظلت محافظة على طابعها وخواصها حتى اليوم، لذلك تعود معظم التسميات والمصطلحات في أسماء المدن والقرى والأراضي السورية وبلاد الشام إلى اللغة الآرامية، ثم يتناول الأستاذ محمد الصوفي في الفصل نفسه المكنيات والمصطلحات القولية على النحو التالي: مكنيات العامة في الدعاء والدعوات - مكنيات التوحيد والتسبيح..ثم المكنيات في الصفات المعنوية البشرية - المكنيات في الصفات الجسمية البشرية - مكنيات في لغة التخاطب مع الأطفال - مسميات لوازم وألعاب الأطفال - المكنيات في الصفات والتشبيهات الحيوانية - مصطلحات ومكنيات في كلام الناس - مصطلحات في الفساد والفوضى - منتهياَ بمكنيات في السلام والتحية واللقاء - وأنواع ومسميات الأرض...إلخ. وبالمنهج الموسوعي نفسه يصنف لنا المؤلف عشرات الموضوعات الفرعية المنحدرة عن الموضوعات الكبرى التي ذكرناها، فالمكنيات المرتبطة بالأم – على سبيل المثال – تقع ضمن المكنيات في الصفات المعنوية والبشرية، ومنها: أم الصبيان - أم البنات - أم عشوى (وهي عجوز مشهورة في الذاكرة الشعبية) – أم أربعة وأربعين - أم البخت (حيوان متلون تشبه الحردون).. وهكذا. ثم ينهي المؤلف الكتاب بأكثر موضوعات التراث الشعبي تناولاً وانتشاراً من حيث الكم والكيف وهو «الأمثال العامية، ويبدأ بمقدمة عن ماهية الأمثال وتناقض معانيها ومدلولاتها تأثراً بالزمن والأحداث التاريخية (انتصارات وهزائم)، والأحداث الحياتية اليومية. وقد جمع المؤلف أكثر من ألفي مثل وقول مأثور، سجله كما هو بلفظه العامي، وكتبه كما يلفظ تماماً، بغرض حفظه وتوثيقه. وقد اعتمد في جمع هذه الأمثال التبويب حسب الموضوع دون اعتبار للترتيب الأبجدي، فالموضوعات الرئيسية قسمها إلى ستة أقسام: أمثال شعبية في القيم والعقائد السائدة - أمثال شعبية في العلاقات الاجتماعية والمادية - أمثال شعبية في العلاقات الإنسانية - أمثال شعبية في قضايا التربية والأخلاق - أمثال شعبية عن الحيوانات والنبات - الأمثال الشعبية في الأحوال الجوية. ويتفرع أيضاً عن كل قسم رئيسي عشرات الموضوعات الفرعية التي يتفرع عنها مئات الأمثال، وعند ورود الموضوع الذي يصنف الأمثال أسفله يشرح المؤلف ما يرتبط به من مأثورات. فأمثال فصول السنة تتفرع عن موضوع الأمثال الشعبية في الأحوال الجوية، ومنها أمثال حول الربيع والصيف والخريف والشتاء..إلخ. وفي شرحه لفصل الصيف - على سبيل المثال - يرد الأمثال التي تقال فيه: ومنها: الصيف أبو الفقراء - لو كان للصيف أهل كانوا بكوا عليه - الصيف بساطو وسيع..إلخ، ثم يقدم شروحاً لكل مثل كلما اقتضت الحاجة. وينهي كتابه بجزء احتل صفحتين حول الحزازير الشعبية، وكأن المؤلف يأبى أن يغادر الكتاب دون أن يقدم جميع ما يحمله من مواد تراثية، وليخبرنا بطريق غير مباشر أنه لا يزال يحفظ الكثير مما لم ينشر في هذا العمل الموسوعي المهم.