فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

زرياب تونس - صالح المهدي في ذمة الله

العدد 27 - أصداء
زرياب تونس - صالح المهدي في ذمة الله
كاتب من تونس

غيب الموت يوم 12 سبتمبر 2014 أحد العلامات البارزة في الثقافتين الشعبية والعالمة الأستاذ المؤسّس والعازف الملحّن الدكتور صالح المهدي،زرياب كما يحب أن يناديه أصدقاؤه وتلاميذه في تونس والوطن العربي.

نعته الصحف في البلاد العربية كلها،ذكرت نبذة من مآثره وعدّدت شيئا من خصاله.ونعاه أصدقاؤه ومحبّوه في جميع أرجاء المعمورة.فمن هو صالح المهدي؟

هو صالح بن عبد الرحمان بن محمد المهدي الشريف الملقب بزرياب (وزرياب تاريخيا هو  أحد أبرز أعلام الموسيقى العربية على مر العصور ولد في بغداد وبها نشأ. وهاجر إلى الأندلس وكان له فيها صيت واسع وحظوة قليل مثيلها. وتوفي بها سـ 230 هجري/ 845 ميلادي وبه لقب صالح المهدي إقرارا بمكانته الموسيقية).

ولد صالح المهدي  في 9 فبراير 1925 في تونس العاصمة. ونشأ في عائلة أدب وفكر وفن.

درس أول أمره بأحد المدارس القرآنية «الكتاب» كما هو مشهور في تونس ثم بمدرسة الجمعية الخيرية نهج الورغي في باب سويقة أحد أشهرالأحياء الشعبية في العاصمة التونسية. ثم بجامع الزيتونة حيث حصل على شهادة التحصيل التي أهّلته فيما بعد للالتحاق بسلك القضاء. وفي سياق مواز ظهر ولعه بالموسيقى مبكّرا فالتحق بالرشيدية وتتلمذ على كبار فنّانيها ومنهم السوري الشيخ علي درويش أحد أساطين الموسيقى في ذلك الوقت.

 استهلّ نشاطه الموسيقي شابا يافعا بأداء الأناشيد الصوفية والوطنية ثم مالبث أن التفت إلى الغناء مؤديا وملحنا.وسرعان ماشد اهتمام القائمين على أمر المعهد الرشيدي فتم تعيينه به أستاذا.

عقب الاستقلال طلب منه الزعيم الحبيب بورقيبة أن يترك مجال القضاء وأن يلتحق بوزارة التربية القومية رئيسا لمصلحة الفنون فأسّس المعهد الوطني للموسيقى الذي تخرج منه جيل متكامل من الموسيقيين تم الاعتماد عليه في إحداث فرقة الإذاعة الوطنية.

بين العمل الرسمي والجهد التطوعي والممارسة الهاوية كانت الموسيقى والفنون هي فضاء الرجل وأفقه وكل غايته . تعدّدت إنجازاته وتنوعت حتى لتحتار من أي جهة يتسع لك أن تلجها. فهو كما يقول أحد تلاميذه رجل – فرقة أو كما يقول العرب القدامى في عبارة أكثر توفيقا أمّة برأسه.

- درس وكان من تلاميذه أعلام أفذاذ من أمثال عبدالحميد بلعلجية ومحمد سعادة وغيرهما كثير .

- وعمل على أن تكون التربية الموسيقية جزءا من تربية الناشئة وقد ساهم بشكل فاعل في تجسيد ذلك .

- لحّن لشخصيات شهيرة جدا في البيئة الفنية التونسية مثل المرحومة صليحة والمرحومة فتحية خيري.

- أسّس فرقة مدينة تونس للموسيقى وأتاح له نشاطه اكتشاف أصوات كان لها شأن فني وأيّ شأن مثل المرحومة علية والسيدة نعمة.

- أنجز حوالي 700 لحن لعل من أبرزها النشيد الرسمي التونسي لفترة الاستقلال:«ألا خلّدي» ونشيد العروبة الذى لحّنه بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس الجامعة العربية سنة 1947.

- كان عضوا في الهيأة التنفيذية للمنظمة الإسلامية للتاريخ والثقافة والفنون.

- كان وراء تأسيس المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية.

- كان عضوا بالمجلس الدولي للموسيقى.

- ترأس المنظمة الدولية للفن الشعبي I.O.V التي كان أحد مؤسسيها.

 له في مجال الموسيقى مؤلفات عديدة، من أبرزها:

- الموسيقى العربية في نموها وتطورها، دار الشرق العربي، دمشق 2003.

- الموسيقى العربية ومسيرتها المتواصلة، دار الشرق العربي، دمشق 2003.

- الموسيقى العربية مقامات ودراسات صور وتمارين موسيقية، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1993.

كان له حضور ميداني منقطع النظير ومساهمات جليلة في بعث المؤسّسات الموسيقية ومهرجاناتها والعمل على تقريبها من الجمهور الواسع.

فقدت الثقافة والموسيقى العربية بفقده علما كبيرا. فقد كان مكتبة موسيقية متنقّلة بما كان قائما عليه من ثقافة ومعارف بالشأن الموسيقى في أبعاده العربية والأندلسية والإنسانية وعلاقات واسعة عربيا وعالميا.

تأثر لوفاته أحبّاؤه فى المنظمة الدولية للفن الشعبي فتواترت تعازيهم المفعمة حبا وإكبارا  واعترافا نذكر منهم:

- كارمن باديلا( الفلبين) رئيسة المنظمة، علي عبدالله خليفة ( البحرين ) نائب رئيس المنظمة، جورج فراندسن(أمريكا) الأمين العام، ومن بلجيكا إيتيان فانكيرك وغيرهم كثير.

رحم الله صالح المهدي ورزق عائلته الفنية والثقافية الواسعة الصبر والسلوان. ومن كان مثله فإن ذكره سيظل خالدا لا يموت.

 

 

أعداد المجلة