فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

المعتقدات والطقوس بين الإيمان والممارسة

العدد 55 - عادات وتقاليد
المعتقدات والطقوس  بين الإيمان والممارسة
لبنان

ليس ثمة ما يدل على تميّز المعتقدات أكثر من ارتباطها بالمقدّس. وهي عادة ما ترتبط بالدين.. ومنها الكثير يرتبط بالأسطورة، وما هو مترسخ في ذهن الانسان على أنه إيمان لا يدانيه شك، ولا يخضع للمناقشة. ولأن للمعتقدات هذا التميز، فقد برز منها وترسّخ ما له علاقة بالدين، أي دين. لا لشيء إلا لأن الدين هو في الأخير منبع للإيمان، ومصدر لكل قداسة. ولأن الدين كذلك، فقداسته مرتبطة بمعتقدات لبست لباس القداسة لأنها تعبّر عن جوهره، وما نسج منه الوارثون، وعن مظهره أيضاً. وعادة ما تكون هذه المعتقدات غير قابلة للمناقشة، وتدخل في مجال الإيمان. والإيمان بالمعتقد، أي معتقد، يصدر عن القلب بالتسليم، لا يخضع للبرهان العقلي، ويخرج عن الاختبار التجريبي.

مفهوم المعتقد

لا وجود لذهنية إنسانية، على صعيدَي الفرد والجماعة، خالية من المعتقدات. فهي ملازمة لهذه الذهنية منذ وُجد الانسان، تؤمّن له التوازن النفسي، وتُشعره بالاستقرار اللازم، وتُلزمه بعقد أواصر العلاقة مع من ينتسب إليهم بعامل القرابة، أو الجيرة، وبعامل التعاون، ليأخذ ما هو في حاجة إليه، مقابل ما يقدر على إعطائه، في محيط طبيعي يفرض التعاضد للاستمرار في الحياة.

تشكل المعتقدات في هذه الحالات، الصمغ الذي يجمع ويقوّي، والخيوط التي تميّز هذا الجمع من الناس عن ذاك، أو تقوّيه تِجاهه، وتعطيه هويته، وإن كانت في حالتها الأولية. ولأهمية المعتقدات ودورها في تماسك الجماعة، لا بد من التساؤل عن مفهوم المعتقد، وتعريفه، وعما يدل عليه في ذهنية الفرد والجماعة، وعن مدى قدرته على الاستمرار، وسرّ استمراره. وهل من الممكن أن تبطُل الحاجة إليه؟ وما هو الدور المجتمعي في تجاوز المعتقد، أو في انتفاء الحاجة إليه، وضمن أي ظروف؟

ربما لم تأتِ المعاجم والموسوعات القديمة والحديثة على تعريف المعتقد. لا ابن منظور، في لسان العرب، المصدر التقليدي في التعريف في اللغة العربية لجذور المفردات ومتفرعاتها، أتى على ذكر المعتقد؛ ولا ما يدلّ عليه في المعاجم الحديثة، مثل موسوعة علم الاجتماع لإحسان محمد الحسن، أو الموسوعة الفلسفية لروزنتال وبودون، هذا على الأقل ما رأيته. لم أجد تفسيراً لذلك إلا اعتبار المعتقدات تدخل ضمن حقل المعارف غير المؤكدة، باعتبارها إيمانية، طالما ترتبط بالدين، أو الغيب. وقد دعم هذا التفسير ما قدمه أحمد زكي بدوي في تعريفه للاعتقاد، المرادف هنا للمعتقد، وللعقيدة أيضاً، بقوله: «الاعتقاد قبول أي رأي كحقيقة، وهذا القبول فكري بالضرورة، ولو أنه قد يتأثر بالعاطفة.. يهيئ حالة عقلية للفرد تستخدم كأساس للعمل الاختباري.. ولا يعتمد صدق الاعتقاد على الحقيقة الموضوعية في حد ذاتها..»1.

بهذا المعنى يدخل الاعتقاد في حيّز الفرد الذي يكوّن وعيه ولا وعيه لاختباراته العملية. إلا أن الميدان الأوسع للمعتقد يتمحور حول العقيدة الدينية، وفي الممارسة العملية للدين. ولا يقتصر الأمر على الأمور الدينية، عقيدةً وممارسة، فحسب؛ بل يصل ذلك، إلى الأمور الغيبية والأسطورية التي تشغل حيّزاً واسعاً من الذهنية البشرية في كل مكان وزمان.

لم يعطِ العالم العربي الاهتمام اللازم بالمعتقدات. لذلك جاءت الأبحاث قليلة، وفي أكثريتها كُتبت خارج العالم العربي، وبلغات غير عربية. وما ظهر من كتابات حول هذه المسألة لم يتجاوز كتب الفقه والتشريع وعلم الكلام والفلسفة. ولم يظهر منها، باعتبارها ميداناً أساسياً في علم الاجتماع، إلا أبحاث قليلة، منها كتابات يوسف شلحد التي ظهرت منذ أربعينيات القرن الماضي: الأول بالعربية، «نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني»2؛ الصادر في سورية في العام 1946، ومن ثم بالفرنسية، بعد هجرة شلحد إلى باريس حيث ظهرت أهم مؤلفاته السوسيولوجيّة، في ما يختصّ بالعرب؛ وطبعاً، من خارج العالم العربي. وقد تناولت هذه المؤلفات أحوال العرب، والإسلام والمسلمين، وهي: «بنى المقدّس عند العرب»3، و«مدخل إلى علم اجتماع الإسلام»4. وقد نقلهما إلى العربية، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية خليل أحمد خليل، مكتشف شلحد «العربي»5 ومقدِّمُه إلى قرّاء العربية. تحمل هذه المؤلفات تحليلاً وافياً للعلاقة بين المعتقدات الاسلامية والمحيط المجتمعي الذي نشأ فيه الاسلام. وتعتبر هذه المؤلفات، مع «الإسلام في رسالتيه، المسيحية والمحمدية»6 لأنطون سعاده، من الكتابات الرائدة، إذا لم تكن الأولى، في علم الاجتماع الديني في العالم العربي.

في هذا المقال، تشريحٌ لما اعتمد عليه شلحد في تحليله للعلاقة بين الدين المجتمع، بالإضافة إلى ما جاء في كتاب أجنبي آخر تحت عنوان «علم الاجتماع الديني، الإشكالات والسياقات»7، لمؤلفَيه أكوافيفا وباتشي؛ وهو يبحث في العلاقة التاريخية بين السوسيولوجيا والدين، وفي العلاقة بين المقدّس والدين، وأبعاد التديّن. ويعتبر هذا الكتاب بحقّ، من أهم المؤلفات التي بحثت في الاعتقاد، والتجربة والممارسة الدينية، مع تحليل وافٍ لمسألة الانتماء الديني والمعرفة الدينية.

المعتقدات الدينية:

أول ما قام به شلحد في معرض بحثه عن المعتقد، هو التفريق بين العقيدة والمعتقد. فالعقيدة، حسب قوله، لا توجد إلا في الديانات المرتقية. ولأنها كذلك فهي متبلورة أكثر في تعريفها، وأوضح من المعتقد الذي يؤمن به الفرد في المجتمعات البِدئية الذي يأخذه دون أدنى تفكير فيه؛ وهو التفكير الذي لم يصل، بعد، في ارتقائه إلى مستوى الشك. هذا ما أعطى للمعتقدات كلها، ومنها الدينية، فرصة الانتشار بالإيمان، قبل أن يبدأ التفكير فيها بالعقل. في مرحلة الشك، تحوّل المعتقد، ومن أجل مواجهة الشك والفكاك منه، ولو إلى حين، إلى عقيدة واضحة الأفكار والمعالم، وقد «اتخذتها الديانة لتحفظ الأذهان من كل بلبلة وتردّ عنها غائلة الشك والإنكار»8، وإن اختلف عليها المؤمنون، فحوّلوها، باختلافهم، من عقيدة واحدة، إلى عقائد، في أجزاء منها، حسب ما يراه هذا المذهب، أو ذاك، من اتباع الديانة الواحدة. بهذا المعنى، «تصير المعتقدات معرّفة بمنحاها العام، وباعتبار الإيمان بها دون تردّد أو نقاش؛ والعقائد بمعناها العقلاني الذي عليه أن يواجه المشكّكين والمنكرين، بالعقل اللازم المساند للإيمان، وفي كل التفاصيل»9. إلا أن هذا، لا يمنع من أن يكون جزءٌ من العقيدة، قلّ أو كثُر، جزءاً أو أجزاء من عقيدة أو عقائد متشابهة في المنحى العام للعقيدة الأم، ومختلفة في التفاصيل. أما الانتقال من طور المعتقدات إلى طور العقائد، فمسألة مرتبطة بالتطور الاجتماعي، وارتقاء الفكر البشري. ومع ذلك، يبقى في المعتقدات شيء من الإيمان بقدرة الخالق وحضوره، وفي العقائد شيء من القوى الغيبية التي ترتبط بالأسطورة والسحر10. وفي كل الأحوال، يبقى فهمُ المعتقدات، والعقائد، مرتبطاً بالمجتمع الذي أنتجها، وبالزمن الذي ظهرت فيه11.

على هذا الأساس، يمكن وضع المعتقد، أو الاعتقاد أو العقيدة، على أنها متشابهة، حسب ممارستها في الواقع الاجتماعي التاريخي لكل مجتمع، وحسب استيعاب المجتمع لكل منها. فهي في الحالات الثلاث، «أقوال لاهوتية تفصح عن معتقد بيئة ما في زمن ما؛ وهذه المعتقدات تتعلق بأمور دينية، سلّمت بصحتها السلطات الروحية، وأمرت بالقول بها كأنها منهج الحق»12. بهذا المعنى، يصير المعتقد أو الاعتقاد أو العقيدة، شأناً اجتماعياً دينياً، وانتاجاً مجتمعياً مستمَداً، في الأصل، من مصدر قدسي أعلى، عصيّاً على المخالفة. وإذا حصلت، يواجهها المجتمع باعتباره منتجاً وحارساً لها، بالعقاب المجتمعي الذي يصل في أعلى درجاته إلى العقاب بالموت، وفي أدناها، إلى الحرمان الديني والفصل الاجتماعي. في هذه الحالات جميعاً، يتحوّل عقاب المخالفين إلى قوة تشدّ أزر المؤمنين، وتزيد من تماسكهم، وترسّخ إيمانهم.

يحدد أكوافيفا وباتشي الاعتقاد الديني بأنه «مجموع التصوّرات التي يبلورها الأفراد أمام كائن أعلى أو قوة متعالية أو خارقة.. (و) هو أساساً اعتقاد في شيء، يتضمّن خضوعاً وعجزاً واعترافاً بمحدودية، بين الكائن البشري وكائن أشد قوة مفعماً نوراً وصدقاً؛ (و)على ضوء هذا الإقرار يصوغ الأفراد أنظمتهم المعرفية»13. هذا يعني أن المعتقدات الدينية ما هي إلا تلك العلاقة التي تربط الانسان بالخالق. وهي ناشئة عن الحاجة إلى المعرفة المؤتلفة في نظام عام يصوغه المجتمع في سيرورته التاريخية، تحدّده الديانات في عقيدتها وفي ممارساتها على ضوء العقيدة وهديِها، وإن على مستويات مختلفة، حسب وضع المجتمعات التي تنمو وتنتشر فيها.

يعطي المعتقد الديني للفرد إيمانه الخاص المتصل بإيمان الجماعة التي ينتمي إليها، ويدلّه، إيماناً وممارسة، إلى الطريقة التي عليه أن يسلكها للتقرب من الله بالمعرفة، والابتعاد عن أمور الدنيا بمفاسدها وشهواتها. والمعتقد بمبدئه الأساسي هذا، واحد بين الديانات جميعاً، السماوية منها والوضعية. والمعرفة الاعتقادية لا تقف عند حدود. فهي تتطلب الإيمان المطلق بخالق كلّي القدرة، لا يحدّه شيء، وليس قبله شيء في المعتقد العام. أما التفاصيل، فهي ما يختصّ به كل معتقد فرعي مقابل معتقد فرعي آخر. هذا ما ينطبق على الطوائف والمذاهب المسيحية والإسلامية، وغيرهما من المذاهب الوضعية. ومن جملة الفروقات ما يختصّ بالخير والشر، والعدالة الإلهية، وعن الخلاص واليوم الآخر، وأصل الكون ومآله، وارتباط المعتقد في أصله وفروعه بالنظام الاجتماعي السائد14.

يؤكد الباحثان أكوافيفا وباتشي على أن المعتقدات الدينية متلازمة مع الممارسة والتجربة والاحتفالات التي تعبّر عنها عملياً. فتتحول، بذلك، المعتقدات الدينية إلى ممارسة يومية شخصية، يقوم بها الفرد، وإلى ممارسة اجتماعية تقوم بها الجماعة المؤمنة، من خلال انضمامهم جميعاً، بإيمانهم وممارستهم، إلى مؤسسة دينية اجتماعية، المسجد أو الكنيسة أو المعبد؛ المؤسسة التي تعبّر عن توجّههم العملي، وعن إيمانهم، في الزمان والمكان. هذا الانتقال من المعتقدات في صيغتها النظرية إلى الممارسة العملية، أو من الممارسة العملية التي عليها أن تتبلور في صيغة نظرية عقدية، هو الذي يضمن استمرارية المعتقدات الدينية وفعلها في المجتمع الذي تنتمي إليه15.

من الصعب في هذا المجال، التفريق بين المعتقدات الدينية وغيرها من المعتقدات، إن كانت أسطورية أو سحرية أو سياسية، أو حتى ثقافية فكرية. ذلك أن بنى المعتقدات متشابهة وإن اختلفت في المضمون والغاية. الشكل والممارسة لا يختلفان بين معتقد وآخر. يتوجهان جميعاً إلى كائن كلّي القداسة على الصعيد الديني؛ ذي قدرة فائقة، ثقافياً وسياسياً وإيديولوجياً على الصعيد المجتمعي. وفي أذهان الممارسين إيمانٌ مطلق بما يفعلون، أو على الأقل، بما يُظهرون، في علاقاتهم مع مَن وما يؤمنون به، وبين بعضهم بعضاً. لهذه الأسباب تتميز المعتقدات باكتسابها تلك الشحنة العاطفية من خلال الممارسة، مهما كان نوعها. من هذه الممارسات: المشاركة في الصلاة، تقديم الأضحية، الاحتفال بالعيد، الممارسات المتعلقة بمراحل حياة الانسان من الولادة إلى الموت. وما ينشأ عن ذلك ويترسّخ من أنواع التصديق بالإيمان: القدرة الخارقة على الشفاء، الحماية من المصائب، منح البركة، وصولاً إلى الاحتفالات والمهرجانات السياسية التي تمجّد هذا الزعيم أو المؤسس أو القائد.

هنا لا بد من التساؤل، هل ثمة فرق بين المعتقد الشخصي، وبين المعتقد المجتمعي نفسه، في النظرية والممارسة؟

يلحظ أكوافيفا وباتشي هذا الفرق على أربعة أوجه؛

1. الوجه الأول يبيّن أن المعتقد أصلب من الانتماء والممارسة. ذلك لأن المعتقد الديني مترسخ في الذهن، حتى وإن لم يكن المؤمن بالمعتقد ممارساً لواجباته الدينية، أو اتخذ ما يشي بمخالفتها أو مناقضتها.

2. لا تتراتب في ذهن الانسان المعتقدات الدينية، وغير الدينية على أي وجه كانت. ولا تحظى بالتراتب نفسه الذي تضعه المؤسسة الدينية أو الاجتماعية التي ينتمي إليها.

3. من النادر خلوّ الذهنية الإنسانية من آثار معارف دينية مغايرة، وسحرية، وخرافية، وإيديولوجيّة، مهما أظهرت إنكارها لذلك، ومهما بالغ أصحابها في تنكرّهم لمعتقداتهم الدينية أو أظهروا عدم إيمانهم، أو حتى كفرهم، بها.

4. من الصعوبة بمكان، في التجريب، الفصل بين المعتقدات الشخصية والمجتمعية. لذلك لا يمكن الوصول إلى نتيجة مؤكدة في ممارسة المعتقدات، إن كانت نتيجة اختيار شخصي، أو نتيجة فعل مجتمعي16، يعطي لهذه المعتقدات الاهتمام اللازم، ويساهم في ترسيخها، على الصعيدين الفردي والجمعي، ما يؤدي إلى انسياق الفرد في إثر الجماعة، بصرف النظر عن محتويات معتقداتها؛ أو نتيجة ردود أفعال نفسية على ظروف طارئة17.

لم تبقَ أمور التعاطي مع المعتقدات مقتصرة على الأمور الأسطورية، أو الخرافية والدينية، بل انتقلت المعالجة إلى الميدان الفلسفي والسياسي، أو ما يمكن أن نطلق عليه تعبير الإيديولوجي، وخصوصاً بعد ظهور الفلسفات الحديثة، وترسّخ العلوم السياسية والاجتماعية18. إلا أن ما يميز المعتقدات، في شكل عام، هو جمودها وممانعتها للتغير. وفي الجمود تكمن إمكانية التحلل، إذا وُجدت الظروف الملائمة لذلك، وإن كانت المعتقدات الدينية أثبتَها وأكثرَها مقاومة للتغير أو الاندثار. ويتأتّى ذلك من المدة الزمنية الطويلة التي يسود فيها المعتقد، ولا يبدأ بالتحلل والاندثار إلا عندما يصل معتقد آخر إلى القدرة التي تخوّله إلى أن يحلً محلّه19.

مفهوم الطقس ودلالته:

الطقس في معناه العام، عمل منظم بدقّة، يقام لخدمة وإظهار معتقدات سحرية أو دينية، يفرضها الإيمان للقيام بها عملياً، لترسيخ الإيمان نفسه، من ناحية؛ والعمل على استمرارية المعتقد، من ناحية ثانية. منها: صقوس عيد الميلاد، طقوس العماد والختان، طقوس القداس الإلهي والأعياد الدينية عامة، والطقوس السابقة والمرافقة للصلاة في المساجد، وغيرها.

كما في مفردة المعتقد، لم يأتِ ابن منظور على ذكر مفردة طقس، في معناه المقصود هنا. ربما لم تكن ذات دلالة لغوية عند العرب خارج إطار أحوال المناخ، من اعتدال أو تطرّف، برودة أو حرارة. وصار لهذه المفردة معناها الحديث، على ما يذكر المنجد في اللغة والأعلام، وهو المرادف للطريقة، أي الطريقة الدينية في إقامة الصلاة والشعائر بالترتيب والنظام20، والمحافظة عليها بدوام تكرارها.

يقول لابلانتين إن الطقس «تصرّف إفرادي، وفي أكثر الأحيان جماعي؛ وهو يستعيد إلى حد ما، وبصورة ثابتة لا تتغير، مظهرَ مأثرةٍ ذات نمطية أصلية تخصّ إلهاً ما، أو جداً معيناً. ويعمل الطقس بجهد، ليحقّق من خلال هذا التقليد، إعادة إحياء العصر المقدّس، أو الزمن الأسطوري»21. وهو، على ما يقول، ذو قالب شبه جامد وتكراري، ولا فعالية مادية له، وإن كان يضفي طابع القداسة على تجربة معينة، بإعادة إحياء ذكرى حدثٍ حصل في الماضي، فيعيد تجديده في الحاضر22. وهو بذلك يتميز عن التقاليد والعادات.

يعيد طوالبي مفردة الطقس Rite إلى الكلمة اللاتينية Ritus التي تعني الممارسة العملية للعادات والتقاليد في مجتمع معين. وتعني، في الوقت نفسه، كل أنواع الاحتفالات التي تستدعي معتقدات موجودة أصلاً خارج الإطار التجريبي، أي من غير الممكن البرهان على صحتها بالتجربة. لذلك يحصر طوالبي معنى الطقس في وظيفته التي تدعو إلى إثبات استمرارية الحدث التاريخي، «من خلال تكرار واستدامة القواعد التي تثبّته.. (فيعمل على) تكريس ديمومة الحدث الاجتماعي أو الأسطوري الذي أوجده.. (من أجل) إعادة خلق وتحيين لماضٍ غامض غالباً، لكنه يأخذ معناه عند الذين يستخدمونه على أنه فعل ديني»23.

تحدد وظيفة الطقس، ميزتَه الأساسية، وهي التكرار باعتباره أساساً للسلوك الطقسي، إن كان على مستوى الفرد أو الجماعة. ما يعني أن التكرار هو الذي يؤمّن استمرارية الماضي في الحاضر. والطقس في المعتقد الديني يستلزم مراعاة جملة من القواعد المرسومة بدقة تعطيه معناه وتثبّته من أجل إقامة علاقة حميمة ومعقولة بين «عالم الحياة العادية وعالم الأجداد والألوهيات الأسطوري»24.

يتّصف الطقس بالتكيّف مع مقتضيات الحال المتغيّرة بتغير أحوال المجتمع والارتقاء الذهني للناس فيه، مع الابقاء على ثبات المعتقدات، إلى أن يحلّ ما يستوجب التغير الكامل بالتخلي عن معتقدات بعينها، لصالح معتقدات أرقى وأكثر تعقيداً. في حالة ثبات المعتقد، يعمل المؤمنون به على الارتقاء بكيفية التعبير عن إيمانهم بمعتقداتهم، بفلسفتها أو بمنهجية التفكير فيها، أو بالطرق المعتمدة عملياً على الصعيدين الاحتفالي والطقسي. وليس أدلّ على هذا إلا ذلك الارتقاء الذي أوصل العرب، وشعوب كثيرة غيرهم، إلى التخلي عن آلهتم المخصوصة بقبائلهم؛ من العصر الطوطمي إلى الآلهة المتعددة التي بقيت معتمدة، إلى عشية ظهور الإسلام. وما كان ذلك ليتمّ لولا إحساس القبائل بالتراخي أمام ما استجدّ من التطورات والتغيّرات المحتملة، على ما يقول شلحت بنباهة، فتركت «الاتحاد يستوعبها شيئاً فشيئاً، كذلك، كان الأصنام والأوثان يخسرون تدريجياً من نفوذهم القديم، وينكسفون لمصلحة صنم أكبر وأقوى، هو صنم المدينة كلّها»25. هكذا وصلت القبائل، في كل منطقة، إلى مرحلة التجمّع حول إله مديني واحد، أو أكثر، اعتمدته قبائل كثيرة؛ قبل أن تستجيب لدعوة النبي محمد إلى عبادة الإله الواحد الأحد، والتخلي عن العصبيّة القبليّة واستبدالها بالعصبية الدينيّة. لذلك «لم تستطع الأمة الإسلامية أن تكون أكثر من قبيلة عظمى تجسّد الأخلاقيات القبلية العامة»26.

المقدّس والحرام:

يدل المقدّس على العالم الإلهي، والمدنّس على العالم الأرضي، ومن ضمنه الإنسان. ويدل الحلال على ما هو مسموح به دينياً، والحرام يدل على غير المسموح به دينياً، مع ما يرافق ذلك من تحمّل مسؤولية الخرق، وما يمكن أن ينشأ عن ذلك من عقاب.

يأتي لسان العرب على ذكر المقدّس بالتفصيل. ربما ذلك متأتٍّ من تأثير الدين، للعلاقة الوثيقة بين الدين والمقدّس. ويعتبر ابن منظور أن المقدّس هو المنزّه عن كل عيب أو نقص أو دنس. ومن المقدّس، التقديس الذي يعني تنزيه الله عن كل ما له علاقة بالمادة. والقدّوس هو الطاهر، والقداسة هي الطهارة. أما التقديس، كفعل إنساني، فهو تطهير النفس لتصير جديرة بالاتصال مع الله بالصلاة، «نقدّس لك أي نطهّر أنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدّسه، أي نطهّره»27.

الحرام عند ابن منظور نقيض الحلال. الحرام ما حرّمه الله، ومنع استعماله أو ممارسته. والحرام يعني أيضاً، المطهّر أي الخالي من الدنس والرجس، هذا ما يعنيه القول: البيت الحرام والمسجد الحرام. وما هو مشابه لهذا المعنى ما يعنيه الإحرام في الحج. وهو أن يجتنب الحاج الأشياء التي منعه الشرع منها، وإن كانت حلالاً له قبل الحج، وبعده، و«كأن المُحرم ممتنع من هذه الأشياء»28. هكذا نجد في لسان العرب معنيين للحرام، ظهرا في شكل مضمر. الحرام المدنّس والرجس الذي هو ضد الحلال المباح استعماله وممارسته؛ والحرام بمعنى الطاهر والمقدّس. تلازمَ هذان المعنيان إلى اليوم. فيقال في ثنائية واضحة، الحرام والحلال، والمدنّس والمقدّس.

وعليه، بإمكاننا المقارنة بين ما يعنيه كل جزء من هاتين الثنائيتين، بما أن كل منهما تحمل الوجه النقيض بين طرفيها. وفي كلام آخر، المقارنة بين المقدّس المناقض كلياً للمدنس، من جهة، والحلال المناقض كلياً للحرام، من جهة ثانية.

ولأن الثنائيتين متباينتان، وإن كانتا تنبنيان في جزء منهما على جذر واحد، أتت منه مفردة الحرام، الحرام بمعنى المقدّس، والحرام المناقض للحلال. بإمكاننا التأكيد على أن المدنّس ينتمي إلى العالم الدنيوي، مقابل المقدّس الذي ينتمي إلى العالم الإلهي. وبالمقياس نفسه، الحلال ممارسة دنيوية (المدنّس) مسموح به ومباح دينياً، مقابل الحرام الممنوع على الانسان ممارسته لأنه مخالف للتشريع الديني وخارج عليه، وفي الوقت نفسه، وبمعنى آخر، الحرام المرادف للمقدّس. وسيتضح الأمر في التفاصيل.

من المهم القول هنا، إن لا انقطاع في التواصل بين المقدّس الإلهي والمدنّس الإنساني؛ إذ يمكن أن يتلبّس المقدّس الإلهي موجوداً مادياً، فيتقدّس هذا الموجود المادي كتجلٍّ للوجود الإلهي، لا المادي. كما يمكن للمدنّس المادي (الإنساني) أن يتواصل مع العالم الإلهي، عن طريق نزع الدنس عنه بالتطهّر والصلاة.

في هذا المجال، يفصّل مرسيا إلياد القول في مسألة التضاد بين ما هو قدسي وما هو دنيوي. فالمقدّس عنده، يمكن أن يُظهر نفسه في الحجر أو الشجرة. ويوضّح هذه الفكرة في القول، إن الأمر لا يتعلّق بتقديس الشجرة أو الحجر لوجودهما المادي الظاهر للعيان،، بل لأن المقدّس الإلهي تجلّى فيهما. فهما، لذلك، «يُظهران شيئاً ما، لا هو حجر ولا هو شجرة، وإنما الكائن المطلق»29. والأهم من ذلك أن هذا التجلي الإلهي لا يظهر للحجر بذاته، أو للشجرة بذاتها، بل بما يضفيه عليهما الإنسان في ممارساته العملية، وفي ما توصّل إليه من خلال علاقته مع الحجر أو الشجرة. ولكن ليس أي حجر أو أي شجرة؛ بل هذا الحجر، وهذه الشجرة.

لا يبقى الحرام محصوراً كدلالة في تناقضه مع الحلال، في الممارسة الإنسانية، بل خرج عن ذلك ليدخل في علاقة مباشرة مع المقدّس. فيُعتبر هنا، على ما يقول يوسف شلحد، الوجه السلبي للمقدس30.

في مسألة المقدّس، يقول شلحد إن من السهل فهم المقدّس وملامسته من خلال نتائجه. وهذه النتائج، موضع إجلال وتبجيل وتكريم.. وخوف أيضاً، لأنها ذات تأثير شديد على حياة الجماعة، حسب ما تراه وتؤمن به. وهذا ما يعطي لهذه النتائج الصفة القدسية لأنها حصيلة التجلي الإلهي، وهو هنا يلتقي مع إلياد. ذلك يعني أن انتقال القدسي إلى المادي يتجلّى في تجسّده في الينبوع أو الشجرة أو الحجر. ولكن ليس بمعزل عن الانسان، بل هو الذي يعطيها صفة التقديس من خلال ما تثيره من مخاوف وهواجس واستعدادات لدى المؤمنين31.

عالج شلحد مسألة الحرام وفصّل القول فيه. فالحرام، على ما يقول، يمكن فهمه بمعنيين: كل ما هو ممنوع؛ وكل ما هو مقدس. فالحرام الممنوع هو ما كانت طهارته مانعة لانتهاك حرمته. لذلك لا يجوز للمرء أن يمسّ ما هو مقدس، على أي شكل كان أو هيئة، إلا إذا كان طاهراً، بمعنى أن الحرام هنا هو المقدّس.

والحرام أيضاً، هو ما لا يمكن الاقتراب منه أو لمسه لأنه نجس، والنجاسة هنا نقيض الطهارة. النجاسة دليل على الحرام، وكل ما هو نجس وقذر هو حرام. في هذا المعنى المناقض للطهارة، وبالتالي للقداسة، نجد النتيجة نفسها التي يعطيها الحرام القدسي. فالحرام هو «ما كان ممنوعاً، والمانع له قد تكون طهارته وقد تكون نجاسته، وقد تكون عفّته، وقد تكون كثرة جرائمه»32. في هذا المعنى، الحرام يمثل القوة في قداسته، وفي نجاسته، على السواء، لأن نتيجةَ انتهاك حرمة كل منهما.. واحدة.

ما يهمّنا هنا، البحث في الحدود التي تفصل العالم القدسي عن العالم الدنيوي، والأشياء المحرّمة التي تعني المقدّس وكيفية التعامل معها باعتبارها هذا33، لتبقى بمنأى عن لمسها أو التعامل معها. هنا، تقوم الطقوس والشعائر الخاصة، والمتوجّبات التي على المؤمن القيام بها، لتخطّي الحدود في التعامل الإنساني، المدنّس بطبيعته، مع العالم القدسي. وأهمها شعائر التطهّر التي تمنع الفعل المدنّس عن انتهاك المقدّس.

انبنى الحرام على أساس المعتقدات الدينية، بمعنييه القدسي والنجس. ومنه ظهر ما هو مناقض، أي ما هو مباح وما هو مشجّع عليه، أي الحلال. ولأن المقدّس والمدنّس في متناول الانسان، انبثقت الاحتفالات والطقوس الملازمة لها، من المعتقدات الدينية ؛ وأظهرت الطقوس كيفية التعامل مع الحرام بمعناه القدسي، وما يمكن فعله في منهجية مرسومة بدقّة، من أجل طلب المغفرة، والرجاء بتقبّل الشعائر، على اختلافها، حسب المناسبة، بالإضافة إلى الصلاة بالطريقة الفضلى؛ وتعلّم التفريق الدقيق بين الحلال والحرام، بمعناهما الديني، وتطبيق مناسك الحج بحذافيرها.

إن الربط بين المقدّس والحرام، حسب شلحد، هو تجسّدهما في محرّمات وممنوعات تفرض على الانسان سلوكاً تجاه هذا وذاك؛ أي الابتعاد عن بعض موجودات الدنيا تقشفاً وزهداً، للإقتراب من المقدّس، من ناحية؛ وتركُ شهوات الدنيا ومفاسدها، من ناحية ثانية. وهذا يعني أن المقدّس يشكّل عامل جذب للتقرب من العالم الإلهي، من خلال بعض تجلياته المادية والإنسانية؛ والحرام يشكّل عامل دفعٍ يُبعد الانسان عن الفعل المدنّس والنجس، للتقرب من العالم الإلهي الذي يمثل المقدّس. على هذا، يقول شلحد: «فيما يكون الحرامُ في جوهره أمراً بعدم الفعل، يكون القدسي، المنظور إليه تحديداً من زاويته الدينية، أمراً بالفعل»34.

كل ما على الانسان أن يفعله للتقرب من العالم الإلهي، ومرضاته بمسالك محددة، إن كان في التعاطي مع المقدّس أو الحرام، منبثقٌ من معتقداته ذاتها تجاه هذا المقدّس، وناشئ عن وعي تأثيره، في وجوده ومصيره. إذاً، لا فائدة مرجوّة من هذه المعتقدات إذا لم ينشأ عنها الاحتفالات المعبّرة عنها، وبالطقوس الملازمة لها. هنا يأتي التقارب بين المقدّس والحرام. الصلاة ممارسة قدسية. ولكن لا تجوز إلا بموجب شروط من المحرّم تجاوزها أو تجاهلها. ويصير المحرّم في هذه الحال ذا وظيفة واضحة، وهي حماية الانسان من شرّ الدناسة.

المعتقدات والطقوس :

اكتسبت المعتقدات قدسيّتها لصلتها الوثيقة بالعالم الإلهي المقدّس. وأظهر ذلك حاملو لوائها بالاحتفالات العامة، وأمام حشود المؤمنين للتدليل على الخضوع لها، وتبجيلها بالطقوس اللازمة التي تعطي للاحتفالات أهميتها، وللمعتقدات معناها. ولا تستقيم الاحتفالات بدون هذه الطقوس، أو بتجاوزها، لأنها وحدها الكفيلة بربط حاضر المحتفلين بأصول معتقداتهم، وتتيح، بالتكرار اللازم والمستمر، ترسيخ المعتقدات وتثبيت الإيمان بها. في هذه الربط بين الاحتفالات وطقوسها، وتلازُمِها مع المعتقدات، يصير من السهل أن تستمر هذه المعتقدات بالتكرار. وتصير الاحتفالات والطقوس بمثابة الحرس الأمين للمعتقدات، تحيط بها لحمايتها من أي نوع من أنواع التغيير، وبالتالي تزوّدها بالنسغ اللازم الذي يجعلها عصيّة على الاندثار.

نظرت السوسيولوجيا الفرنسية، على ما يقول طوالبي، إلى الطقس على أنه ذو وظيفة استرجاعية للمعتقدات التي تطلّبت وجود الطقوس كحاجة أساسية، كأدوات تقنيّة تعمل على استمرارية المعتقدات، سحريّة كانت أو أسطورية أو دينية، بمجموعها أو بمفردها. وذلك عن طريق «الاسترجاع الجماعي المستذكر لأصول الأسطورة والدين»35. ما يعنيه هذا، أن المعتقدات بوساطة المؤمنين بها، ومنذ اللحظات الأولى، يعملون على إيجاد الطقوس التي عليها أن تتلازم مع كل معتقد من هذه المعتقدات. ويصير استذكاره، من بعد، من صميم الإيمان به. فتأتي الخطوات المتلاحقة لتعمل على إعادة تمثيله أو التعبير عنه، بالدقة اللازمة، والصرامة المطلوبة، وبالتبجيل شديد الوضوح المتأتي من مزج التعبّد المطلق مع المحبة الشديدة. يترافق ذلك كله مع الإيمائيات الإيمانية الجسدية، والتعابير الكلامية المرسَلة والمنغّمة، بما يعطي للاحتفال قيمته الفنية، من ناحية؛ وللمعتقد حقّه في التبجيل، من ناحية ثانية. هنا لا بد من التأكيد على أهمية التمثيل الطقسي من أجل تأمين الدفع اللازم لاستمرار المعتقد، ليترسخ أكثر في نفوس المؤمنين به، ويؤمّن له القدرة على الانتقال إلى الأجيال اللاحقة، الصغار منها على الخصوص، عن طريق المشاركة والملاحظة، لتدخل في وعي هؤلاء، ولاوعيهم، من خلال الإحساس بها، بالمراقبة وإيقاظ حس التساؤل لديهم.. وتبقى وهكذا ذخيرة حية، بالنسبة للأجيال التي لم تولد بعد.

لا وجود لأي مجتمع إنساني بدون معتقدات خاصة به، أو مشتركة مع مجتمعات أخرى. وقد توصّلت معتقدات كثيرة إلى أن تصل إلى مجتمعات كثيرة، وقارات ذات ثقافات مجتمعية متعددة، وحتى متباينة. وما يدل على أهمية المعتقدات أنها وجدت مع وجود الانسان، ووجود المجتمعات الإنسانية، وستبقى، وتتجدّد، ببقاء الانسان والمجتمع الإنساني.

ولأن للمعتقدات هذه الأهمية والتأثير في المجتمع، ظهرت الأنتربولوجيا الاجتماعية والثقافية لتعمل على رصد وتحليل معتقدات الانسان في المجتمعات الأولية الابتدائية (البدائية، البرية) من أجل الوصول إلى معرفة كيفية نشوء المعتقدات لديها، ووظائفها، والغاية منها في حياتها اليومية، من أجل فهم وبلورة الأسباب التي أدّت إلى تقديسها. ولا يختلف الأمر عن ذلك في المجتمعات الحديثة، إلا في الوسائل والتقنيات، وربما في النظر أيضاً.

لا شك في أن المعتقدات تحظى بالاجماع في المجتمع الذي تنشأ فيه. وليس بالضرورة أن يكون الاجماع على معتقد واحد. الاجماع بالايمان بمعتقدات، وإن مختلفة. بمعنى أن لا فئة دينية أو مذهبية أو عنصرية إلا ولديها معتقد. مجموعها يشكل إيماناً بالمعتقدات. منها ما يتعلق بالحياة والسلوك وإحياء ذكرى، ومناسبات بعينها تخص هذا المعتقد أو ذاك؛ ومنها ما يتعلق بما وراء الحياة في شؤون المعاد والحساب والثواب والعقاب، وغيرها؛ ومنها ما يحفظ سِيَر الأتقياء والصالحين الذين دعموا المعتقد بما قدّموه من تبشير وتضحيات وأعمال صالحة. كلها محمولة على كاهل المعتقدات، تحت مسمّى ثقل الماضي وذاكرته. إلا أن تحميل ذلك للمعتقدات لا يكفي وحده. إذ لا بد إلا أن يبقى الحامل والمحمول في الذاكرة، ليشكّل المصدر الأساسي لإعادة انتاج الإيمان بهما وتمثّلهما تجاه الذات، وتجاه الآخر المماثل والمغاير. هذا ما على الاحتفالات والطقوس الملازمة لها أن تقوم به لدوام التذكير وشد أزر المعتقد والمؤمنين به. والتذكير في هذه الحالة حاجة مجتمعية وجماعية. هنا، يمكن ملاحظة الربط بين الاحتفالات والطقوس، من جهة؛ والمعتقدات، أو المعتقد منفرداً، من جهة ثانية.

من أهم ما نشأ عن هذا الربط، الإبقاء على جذوة الماضي مشتعلة في نفوس المؤمنين بالمعتقد موضوع الاحتفال، وذلك باستحضار الماضي ليعيش في الحاضر بقيَمِه وإيمانه، وبإلغاء الزمن الفاصل بين الماضي والحاضر، ليصير الماضي حاضراً والحاضر ماضياً، على الأقل في زمن الاحتفال. تساهم الطقوس في هذا النقل من خلال منهجية عمل مرسومة بدقّة، حركات وإيماءات جسدية، صوتاً ونغماً. وفي ذلك كله ما يفسّر، ليس فقط أهمية الاحتفالات والطقوس في ترسيخ المعتقدات والتعبير العملي عن الإيمان بها؛ بل أيضاً، عن «استدامة الطقوس عبر تاريخ الحضارات»36. ولأن الطقوس تؤمّن استمرارية الأديان التي أسّستها، فهي مؤطّرة في تخطيط صارم لعملية الاسترجاع، يُختصر في التنفيذ الدقيق للخطوات الطقسية، وذلك «من أجل إشباع نزعة الحفاظ على هذه الأديان التي تعتبر بطبيعتها مناهضة للتغيير»37.

وبما أن الطقوس لا تقوم منفردة، بل من خلال الاحتفالات المتلازمة معها، وهذه بدورها تقام لتبجيل المعتقدات، فلا يمكن تصوّر أي معتقد إلا بالتلازم بينه وبين الاحتفالات والطقوس، حتى في أكثر المعتقدات سريةً وحصراً. بل إن هذه الأخيرة في حاجة أكثر إلى الطقوس الملازمة للاحتفال بها، مهما كان عدد المحتفلين، ومهما كان الاحتفال سرياً38. وكلما كان المعتقد سرياً، خوفاً على معتنقيه من القمع والملاحقة والاعتقال، يعمل المؤمنون به على إعطاء الاحتفال المزيد من الاهتمام والتنظيم، والتنفيذ بالطقوس اللازمة لزيادة التماسك بين المؤمنين، وتحفيزهم على تعميق إيمانهم.

من نافل القول التأكيد على أن المعتقدات، أسطورية كانت أو سحرية أو دينية، متميّزة بتجذّرها في الذهنية المجتمعية، الشعبية منها والعالمة؛ أو هذا على الأقل، في ما يتعلق بالمعتقدات الدينية. ذلك أن المعتقدات الأسطورية والسحرية والخرافية، الملازمة بطبيعتها للعقلية الخرافية أو السحرية، متلازمة مع الذهنية الشعبية أكثر، لأنها لم تتعرض إلى مدارك حديثة تنقلها من حالتها الذهنية الخرافية إلى حالة أحدث، تأخذ الظواهر بالعقل، أو بما تنتهي إليه التجربة، ويفضي إليه البرهان. إلا أن هذه العقلية تحوّلت إلى بنية أحدث على الصعيد المعرفي والاعتقادي؛ وهي البنية الدينية في كل ما فيها من معتقدات؛ منها ما هي معتقدات حديثة مبنيّة على العقيدة الدينية في كل تفاصيلها، ومنها ما سمحت به العقيدة الدينية من خلال توريثها إلى المؤمنين مع جذورها ومحتوياتها ما قبل دينية، ومنها ما إلتصق بالدين نتيجة الممارسات الدينية والفقهية الشعبية في مسيرة الأديان التاريخية.

وفي كل الأحوال، يمكن القول إن المعتقدات الدينية؛ ومن ضمنها المعتقدات السابقة على وجود الدين، وهي التي ارتضى القيّمون عليه مساكنتها للمعتقدات الدينية، تَحُول بطبيعتها دون أي إمكانية للتغيير، نظراً لثباتها والتسليم بها إيمانياً، من ناحية؛ ولعدم إمكانية إخضاعها للبرهان لأنها بطبيعة تَشكّلها تندرج خارج الإطار التجريبي، وبالتالي من غير الممكن الاقتناع بها بالتجربة والبرهان، من ناحية ثانية. ولأنها كذلك، تعمل المعتقدات الدينية على منع تبدّل الذهنيات، والإبقاء على البنى الاجتماعية كما هي39، إلا بما ترتضيه المعتقدات الدينية ذاتها.

وظائف الطقوس الدينية٬

من المفيد هنا، لفت النظر إلى أن أي معتقد ديني ينتج طقوسه الخاصة بالحدث الذي ظهر على أثره هذا المعتقد، وثبّته باعتباره واقعة تاريخية. ظهر ذلك، في أكثره، لدى الأديان التوحيدية السماوية التي حفظت أحداثها، وعملت على تكرار مناسبات ظهورها أو فعلها، أو انفعالها بما حدث، باعتبارها من جملة معتقداتها الإيمانية الدينية. إلا أن هذا لا يقتصر على هذه الأديان، بل سبقتها أديان ما قبل، ومعتقدات لا دينية، عملت على استرجاع أحداثها التاريخية أو الأسطورية بالاحتفالات والطقوس المناسبة التي يتكرر تذكّرها، سنة بعد سنة، إن كان في الحضارة الفارسية أو الفرعونية، أو العربية؛ وعلى الأخص في بلدان المشرق، في كل ما يتعلق باحتفالات توديع سنة ذهبت، واستقبال سنة جديدة، أو بالاحتفالات المناسبة بقدوم الربيع.

إذا أردنا التفصيل أكثر، يمكن القول إن المسيحيين، يحتفلون بمناسبة ميلاد المسيح بفرح مع لحظ تدرّج المراحل التي مرّت بها فترة الولادة، تبدأ بطقوس محدّدة من شجرة الميلاد ومغارته وهدايا بابا نويل، إلى إقامة الصلوات باحتفالية ظاهرة تبيّن أهمية الحدث، باعتباره العهد الجديد للإنسانية. وكذلك الحال باحتفالية الفصح التي تدلّ على قيامة المسيح من الموت بعد العذاب الذي تكبّده خلال أسبوع الآلام من إلقاء القبض عليه وتعذيبه ومسيرة الجلجلة والصلب، مع ما يحمل ذلك من آلام تنعكس آلاماً على المؤمنين، تتجدّد كل سنة من خلال إعادة تمثيل الحدث صوتاً وصورة، وتمثيلاً جسدياً وصل إلى حد تنفيذ صلب حقيقي في أماكن كثيرة من العالم. فتكون الطقوس، بذلك، «الممثّلة لهذه الوقائع، وبالدقة اللازمة، والتسلسل الناشئ عن معرفة تفاصيل الحدث، هي الكفيلة بإدامة الاستمرار والاستذكار، ليبقى الحدث حياً في ذاكرة المؤمنين، وليعودوا في لحظات إحياء الطقس إلى زمن ماضٍ، فيحسّوا بأنه لا يزال حياً على أرض الواقع بالمشهد الملازم للذكرى التي لا تزال تحيا في نفوس المؤمنين»40.

لم يعطِ الاسلام للاحتفالات الدينية والطقوس الملازمة لها ما أعطته المسيحية لهما. ذلك لأن البساطة وعدم الاهتمام بالبهرجة والبذخ كانت الطريقة التي مارس بها المسلمون احتفالاتهم الدينية؛ وهي الاحتفالات التي اقتصرت على العيدين الفطر والأضحى، ومن ثم المولد النبوي، وبعض المناسبات الدينية كالاسراء والمعراج، وفتح مكة، وغيرها. كانت الصلاة الوجه الذي أظهر هذه الاحتفالات متوسّلة مناسبات بعينها، منها صلاة الأضحى التي تستذكر التضحية الرمزية بالخروف الذي قدمه إبراهيم بدل ابنه إسماعيل، بناء على أمر من الله. وكانت صلاة الفطر هي المؤذنة بانتهاء شهر الصوم، والاحتفال بذلك. ومن ثم معايدة المصلّين لبعضهم بعضاً، ومعايدة الأهل والأقرباء، مع تنظيم احتفالات وطقوس تقام خصوصاً للأطفال والفتيان الفرحين والمرحّبين بهما؛ يتشارك هؤلاء فرحهم خارج المنازل والحارات الضيقة، بالخروج إلى المتنفس العام في المدينة أو في القرى، بعد ارتدائهم ثياب العيد، وحصولهم على «العيدية»، ليأكلوا ويشربوا ويتمَرجَحوا ويركبوا الدراجات، وليتصرّفوا على سجيّتهم. هنا، وبمرور الأيام، كان على هذه الطقوس والاحتفالات أن تتغير، بتغيّر الظروف والأحوال، إلا ما له علاقة بالنواة الأساسية المتعلقة بالدين والتشريع الديني. فبقيت كما هي، مع زيادة الوسائل الحديثة التي يمكن أن تستعمل في إقامة الاحتفالات.

لا يقتصر دور الاحتفالات والطقوس على تأمين استمرار المعتقدات الدينية، والتماسك الاجتماعي للمؤمنين بها، أو على إظهارهم أمام الأغيار لاثبات الوجود؛ بل هي، بالإضافة إلى ذلك، الوسيلة الأساسية للتقرب بوساطتها من العالم الإلهي، من المقدّس المتعالي الذي يتوجّب التطلّع إليه بالخشوع اللازم. وإقامة الاحتفالات مع طقوسها تعطي للمؤمنين الجرعات العاطفية اللازمة لإزالة ما يمكن أن يعتريهم من القلق وعدم الاستقرار، في عالم يسير مبتعداً عن الإيمان وعن الله. على هذا، يقوم الطقس مهما كان نوعه، بوظيفته الثانية بعد تأمين استمرار المعتقد، وهي إعادة التوازن الداخلي للإنسان في عالم مخيف وقلِق يحيط به. وهو بذلك يمثّل الوسيلة الأنجع للدفاع41.

للتخفيف من حدّة ما يعتري الانسان من هموم وقلق وخوف من مصاعب الحياة، وجد القيّمون على معتقداتهم من رجال دين وفقهاء وعلماء ما يمكن أن يخفف من معاناة الناس. فوجدوا أن ما من طريقة للتغلب على ذلك إلا بالابتعاد عن مباهج الدنيا واغراءاتها، والتقرّب من العالم الإلهي، ليتحقق بذلك، أقصى ما يمكن من السمو الإنساني.

لعل أهم الوسائل المتّبعة لترسيخ المعتقدات الدينية، وإدامتها وإبقائها حية في نفوس المؤمنين، وتأمين استمراريتها من جيل إلى جيل، هي الصلاة والصوم والمشاركة في الاحتفالات، لما لها من علاقة في التقرّب من الذات الإلهية. وذلك بتكرار القيام بما يرضي الله من خلال القيام بالطقوس المحددة، للتعبير، وبالتبجيل اللازم، عن الخضوع المطلق للمشيئة الإلهية. لا تختلف في ذلك، كل المعتقدات الدينية، في النظرية والممارسة. ذلك أنها كلّها تتوحّد في تمجيد الخالق، وفي التسبيح بأسمه. يكفي أن ننظر، لضيق المجال هنا، في طقس من طقوس المعتقدات الدينية، وهو الصلاة.

الصلاة:

لا شك في أن الصلاة هي التعبير العملي عن الإيمان بمعتقد من المعتقدات الدينية. وهي الوسيلة الأساسية في كل دين للتقرب من الله أو الآلهة المتعددة، حسب الزمان والمكان. لا فرق في ذلك بين الأديان القديمة والحديثة الوضعية، والأديان السماوية. تعتمد كلها على الصلاة في أشكالها المختلفة، وطقوسها المتعدّدة بتعدد الأديان ذاتها. وهي، لذلك، الممارسة العملية للتعبير عن الإيمان، وعن الانتماء الديني، للتقرب من المقدّس، إما مباشرة بوساطتها كصلاة، أو من خلال شفيع أو وسيط يشكّل حلقة الوصل بين الخالق والمخلوق، أو بين الإله ومريده، حسب كل دين، سماوياً كان أو وضعياً، وحسب كل معتقد داخل الدين نفسه.

يفصل شلحد بين صلاة الشعوب الابتدائية الطوطمية، وبين مثيلتها لدى الشعوب الحضرية. الصلاة الطوطمية تتوجه إلى من يكون معبوداً من القبيلة، إن كان من الأجداد أو الحيوانات، مقابل أن يكون مدافعاً عن مصالحها، وحامياً لها. ونظراً لتبادل المصالح، تمارس القبيلة طقوس الصلاة بقيادة ساحرها أو عرّافها باعتبارها أمراً، على الطوطم طاعته وتنفيذه، وبمثابة التودّد للآلهة (الطواطم) الأخرى ورجائها، للتخلص من أذاها. أما الصلاة الحضرية فتقوم على الدعاء والرجاء، والاعتراف بالضعف والخطيئة، أمام الإله المخصوص بكل قبيلة42، ومن ثم الإله الواحد الأحد في الأديان التوحيدية.

علينا هنا إعادة التأكيد على أن الصلاة كانت، ولا تزال، وسيلة المعتقد وطريقة المؤمن للتقرب من العالم الإلهي والمقدّس. هذا ما اعتمدته ومارسته كل الأديان، ما بعد الطوطمية43، قديمها وحديثها. فالصلاة هي الوظيفة الأساسية والمركزية التي يتطلّبها المعتقد الديني في وجه عام. وهي التي تضع المؤمن في مواجهة مباشرة غير متكافئة مع المعبود، مواجهة تضرّعية بين مخلوق وخالق، أو بين متعالٍ وبشريّ؛ بين مؤمن يعيش في العالم الأرضي، أرض المادة والدنس والخطيئة والفساد، وبين العالم القدسي. ولأنها كذلك، فهي طقسية في الأساس، فيها من الحركات والكلمات ما يريد أن يوصله المؤمن إلى مسامع الإله الذي يسمع ويدرك كل شيء، في إيمان المؤمن وفي نظرته إلى العالم القدسي. هذا يعني أن غاية الصلاة محاولة لاستحضار الاتصال والتواصل مع العالم الإلهي. ويأمل المؤمن، وهو يقوم بهذا الطقس، التقرب من الله أو المعبود وطلب رضاه، ورجاء المغفرة والصفح عن الخطايا المرتكبة بالنيّة والفعل. يتساوى في ذلك المسيحيون والمسلمون، وغيرهم في صلواتهم؛ إما خشوعاَ وركوعاً ورسم إشارة الصليب على الصدور، وكلاماً مرسلاً أو منغّماً؛ أو عند المسلمين، خشوعاً مع عقد الأيدي على الصدور، وركوعاً وقياماً، ومن ثم ركوعاً وملامسة الأرض بالجبين، على وجه معلوم وفي مرات خمس يومياً، وفي كلام منطوق في القلب أو باللسان، مع الأدعية التي تدخل في صميم الصلاة مع الإيمان بجدواها لذوي القلوب الطاهرة.

إلا أن المسألة تبقى، في كل حال، مرتبطة بالإرادة الإلهية في الإسلام، وبمن يشفع لديها في المسيحية، أو في أديان أخرى. طبعاً، ما عدا حالاتٍ خاصة أوجدها التشريع الديني، بالاضافة إلى خروقات إيمانية وسّعت الهوة بين ما يقوله التشريع الرسمي «الشرعي» للدين، وما يمارسه المؤمنون في حياتهم العملية.

طبعاً، الكلام في هذا الأمر، شأن آخر.

 

 

الهوامش

1. أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، 1978، بيروت، ص38.

2. يوسف شلحت، نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني (بالعربية 1946)، تحقيق وتقديم خليل أحمد خليل، دار الفارابي، ANEP، 2003، بيروت، الجزائر، 232 ص.

3. يوسف شلحد، بنى المقدّس عند العرب، تعريب خليل أحمد خليل، دار الطليعة، 1996، بيروت، 192 ص.

4. يوسف شلحت، مدخل إلى علم اجتماع الإسلام، تعريب خليل أحمد خليل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،2003، بيروت، 208 ص.

5. الإسم الأصلي لجوزيف شِلحُد Joseph Chelhod ( الفرنسي) هو يوسف باسيل شلحت الحلبي السوري (1917 حلب – 1997 باريس). وهو من السوسيولوجيين الفرنسيين المرموقين، من أصل عربي وذي ثقافة عربية لامعة. وقد ظهر اسم شهرته بالعربية شلحد بأصلها الفرنسي وشَلحَت بأصلها العربي. كما أن خليل وضع عنواناً جديداً للكتاب بدل الاسم القديم"علم الاجتماع الديني، كما ظهر أعلاه. أنظر في هذا الخصوص، مدخل خليل للكتاب، في:

- شلحت، نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني، مذكور سابقاً، ص13.

6. أنطون سعاده، الإسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية (1941 - 1942 في سلسلة مقالات)، الطبعة الخامسة، دار الركن للنشر، 1995، بيروت، 290 ص، ثم أعادت مؤسسة سعاده للثقافة نشره منقحاً في طبعتين، واحدة ضمن الآثار الكاملة، 2001، وأخيرة مستقلة تحت عنوان: المسيحية والمحمدية والقومية، 2012، بيروت، 232 ص. وتظهر أهمية هذا الكتاب في ربط أمور الدين بالبيئة التي نشأ فيها.

7. سابينو أكوافيفا، إنزو باتشي، علم الاجتماع الديني، ترجمة عز الدين عناية، كلمة، 1996، أبو ظبي، 194 ص.

8. شلحد، نحو نظرة جديدة، مذكور سابقاً، ص70.

9. عاطف عطيه، في الثقافة الشعبية العربية، المعتقدات في التقاليد والعادات، جرّوس برس، 2018، طرابلس، ص48.

10. شلحد، نحو نظرية جديدة، ص70.

11. أنظر في هذا الخصوص:

- سعاده، المسيحية والمحمدية والقومية، مذكور سابقا، ص39 - 45.

12. شلحد، نحو نظرية جديدة، مذكور سابقاً، ص71.

13. أكوافيفا وباتشي، علم الاجتماع الديني، مذكور سابقاً، ص78- 79.

14. أنظر نموذجاً لهذه المعتقدات في أصولها وفروعها، للتفصيل:

- المصدر نفسه، ص80.

15. حول أهمية العلاقة بين المعتقدات الدينية وممارستها والاحتفال بها بالطقوس اللازمة، أنظر:

- المصدر نفسه، ص82.

16. أنظر في هذا الخصوص للتفصيل:

- المصدر نفسه، ص82 - 83.

17. للتفصيل حول التزامن بين ازدهار المعتقدات الدينية وممارسة الاحتفالات والطقوس الملازمة لها في الجزائر، وقابلية التغيير والتحديث، جاء رداً على توجهات المستعمر الثقافية المغايرة. أنظر:

- نور الدين طوالبي، الدين والطقوس والتغيرات، منشورات عويدات، ديوان المطبوعات الجامعية، 1988، بيروت، الجزائر، ص ص59 - 69.

18. للتفصيل حول المعتقدات الحديثة وتأثيرها المجتمعي على الصعيدين الثقافي والسياسي، و.. الإيديولوجي، أنظر:

- عطيه، المعتقدات في التقاليد والعادات، مذكور سابقاً، ص ص52- 54.

19. ر. بودون، وف. بوريكو المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ترجمة نسيم حداد، مجد، 2007، بيروت، ص527.

20. المنجد في اللغة والأعلام، الطبعة السابعة والعشرون، دار المشرق، 1984، بيروت، ص468.

21. فرنسوا لابلانتين، الخمسون كلمة المفتاح في الأنتروبولوجيا، ترجمة حنان غازي، دار نلسن، 2014، بيروت، ص239.

22. المصدر نفسه، ص240.

23. طوالبي، الدين والطقوس والتغيرات، مذكور سابقاً، ص34.

24. هذا القول لكزنوف ذكره طوالبي في المرجع المذكور سابقاً، ص35. وهو مأخوذ من المرجع التالي:

- J. Cazeneuve, Sociologie du rite, PUF, 1971, Paris, P. 28.

25. شلحت، مدخل إلى علم اجتماع الاسلام، مذكور سابقاً، ص99.

26. هشام شرابي، النظام الأبوي وإشكالية تخلّف المجتمع العربي، ترجمة محمود شريح، الطبعة الرابعة، دار نلسن، 2000، بيروت، ص69 - 70.

27. إبن منظور، لسان العرب، مادة قدس، دار المعارف بمصر، 1981، القاهرة، ص3549 - 2550.

28. انظر في هذا الخصوص:

- المصدر نفسه، ص ص844 - 846.

29. مرسيا إلياد، المقدّس والمدنّس، ترجمة عبد الهادي عباس، دار دمشق، 1988، دمشق، ص17.

30. شلحد، بنى المقدّس عند العرب، مذكور سابقاً، ص26.

31. المصدر نفسه، ص24.

32. شلحت، نحو نظرية جديدة، مذكور سابقاً، ص53.

33. يقدم لنا ميرسيا إلياد مثالاً واضحاً عن أهمية التفريق بين العالم الدنيوي والعالم الديني، ويكثّف هذا التفريق والعزل بمثال عتبة الكنيسة التي تفصل بين العالمين، كما عتبة الجامع وأي معبد. ويصف المحتوى الجواني للمعبد الذي يفتح نافذته، أو يحدّد توجهه، للاتصال بالعالم الإلهي بمعزل عن العالم الدنيوي المدنّس، وليتميّز عنه. أنظر في هذا الخصوص للتفصيل:

- إلياد، المقدّس والمدنّس، مذكور سابقاً، ص27 - 30.

34. المصدر نفسه، ض27.

35. طوالبي، الدين والطقوس والتغيرات، مذكور سابقاً، ص9.

36. المرجع نفسه، ص9.

37. المرجع نفسه، ص10.

38. أكثر ما يظهر ذلك، وإن كان ظهوره صعباً، في الجمعيات السرية والطوائف الباطنية التي تقوم باحتفالاتها وطقوسها بمعزل عن الآخر وبعيداً عنه. أنظر في هذا الخصوص كمثال على ذلك طقوس الاحتفالات في الجمعيات الماسونية، في:

- Sahar Hajj, Sociétés Secrètes: Pouvoir et Religion, diplôme d’études approfondies en Anthropologie, Institut des Sciences sociales, Université Libanaise, 2014,Beyrouth.

39. يعتبر روجيه باستيد أن الدين بطبيعته كمعتقد، والمتماسك في كل عناصره، يقف عقبة دون التغيير، ويرمي إلى المحافظة على ما هو قائم، أنظر في هذا الخصوص:

- Roger Bastide, Sosiologie des mutations religieuses, la sosiologie des Mutations, PUF,1970, Paris,p158.

40. عطيه، المعتقدات في التقاليد والعادات، مذكور سابقاً، ص67-68.

41. هذه الفكرة كانت الفرضية الأساسية في أطروحة طوالبي حول الدين والطقوس والتغيرات. أنظر في هذا الخصوص:

- طوالبي، الدين والطقوس والتغيرات، مذكور سابقاً، ص38.

42. أنظر في هذا الخصوص للتفصيل:

- شلحت، نحو نظرية جديدة، مذكور سابقاً، ص75 - 78.

43. أنظر في هذا الخصوص حول الطوطمية عند العرب القدماء، وما كانوا يفعلونه في إلههم الطوطمي إبان الضيق أو القحط:

- محمد عبد المعين خان، الأساطير والخرافات عند العرب، الطبعة الثانية، دار الحداثة، 1980، بيروت.

المصادر والمراجع:

- إبن منظور، لسان العرب، دار المعارف بمصر، 1981، القاهرة.

- أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، 1978، بيروت.

- أنطون سعاده، الإسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية (1941 - 1942 في سلسلة مقالات)، الطبعة الخامسة، دار الركن للنشر، 1995، بيروت، ثم أعادت مؤسسة سعاده للثقافة نشره منقحاً في طبعتين، واحدة ضمن الآثار الكاملة، 2001، وأخيرة مستقلة تحت عنوان: المسيحية والمحمدية والقومية، 2012، بيروت.

- محمد عبد المعين خان، الأساطير والخرافات عند العرب، الطبعة الثانية، دار الحداثة، 1980، بيروت

- ر. بودون؛ وف. بوريكو، المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ترجمة نسيم حداد، مجد، 2007، بيروت.

- سابينو أكوافيفا؛ إنزو باتشي، علم الاجتماع الديني، ترجمة عز الدين عناية، كلمة، 1996، أبو ظبي.

- عاطف عطيه، في الثقافة الشعبية العربية، المعتقدات في التقاليد والعادات، جرّوس برس، 2018، طرابلس.

- فرنسوا لابلانتين، الخمسون كلمة المفتاح في الأنتروبولوجيا، ترجمة حنان غازي، دار نلسن، 2014، بيروت.

- مرسيا إلياد، المقدّس والمدنّس، ترجمة عبد الهادي عباس، دار دمشق، 1988، دمشق.

- المنجد في اللغة والأعلام، الطبعة السابعة والعشرون، دار المشرق، 1984، بيروت.

- نور الدين طوالبي، الدين والطقوس والتغيرات، منشورات عويدات، ديوان المطبوعات الجامعية، 1988، بيروت، الجزائر.

- هشام شرابي، النظام الأبوي وإشكالية تخلّف المجتمع العربي، ترجمة محمود شريح، الطبعة الرابعة، دار نلسن، 2000، بيروت، ص69-70.

- يوسف شلحت، مدخل إلى علم اجتماع الإسلام، تعريب خليل أحمد خليل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،2003، بيروت.

- يوسف شلحت، نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني (بالعربية 1946)، تحقيق وتقديم خليل أحمد خليل، دار الفارابي، ANEP، 2003، بيروت، الجزائر.

- يوسف شلحد، بنى المقدّس عند العرب، تعريب خليل أحمد خليل، دار الطليعة، 1996، بيروت.

- J. Cazeneuve, Sociologie du rite, PUF, 1971, Paris

- Roger Bastide, Sosiologie des mutations religieuses,- la sosiologie des Mutations, puf, 1970,Paris.

- Sahar Hajj, Sociétés Secrètes: Pouvoir et Religion, diplôme d’études approfondies en Anthropologie, Institut des Sciences sociales, Université Libanaise, 2014, Beyrouth.

الصور:

1. https://img.over-blog-kiwi.com/0/21/62/29/201211/ob_aa1e02_222000-128845160526248-100002022956837-204270-429.jpg

2. https://www.mominoun.com/picture/2016-11/reel/581cbf818581c889059691.jpg

3. https://www.mominoun.com/picture/2019-11/reel/5dc14caea8c9d1277714774.jpg

أعداد المجلة