ثوب المرأة السلطية: بعد حضاري وخصوصية مكانية
العدد 53 - ثقافة مادية
السلط مدينة...
مدينة السلط من المدن الأردنية العريقة تقع شمال غرب العاصمة عمان حيث تبعد عنها ما يقارب العشرة كليومترات والآن اتصلت عمرانيا بها وكانت أيام الحكم العثماني مدينة رئيسية وفيها أقدم مدرسة ثانوية هي مدرسة السلط الثانوية التي أنشئت عام 1918، وابتدأ التدريس فيها عام 1919، وتعد من أولى المدارس التي أنشئت في الأردن وكان التدريس يتم في بناء مستأجر. بوشر البناء بطابق أرضي عام 1921، واكتمل عام 1923، وتتكون اليوم المدرسة من طابقين. افتتحها الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين في 28 ديسمبر 1923، وبواقع 17غرفة للإدارة والتدريس، وهي أولى المدارس الثانوية الحكومية التي شيدت في إمارة شرق الأردن آنذاك.قبل أن تتحول الى المملكة الأردنية الهاشمية في وقت لاحق بعد انتهاء المعاهدة البرطانية التي أبرمت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وكان الطلاب يفدون إليها للدراسة من جميع المناطق في الأردن وأغلبهم أصبح ذا شأن واستلم الكثيرون منهم الوزارة في الأردن هذا دلالة أن التعليم كان في مدينة السلط منذ مطلع القرن العشرين
بيئتها معتدلة وجبالها مغطاة بأشجار حرجية من البلوط والبطم واللزاب وأشجار مثمرة مثل الزيتون والعنب والتين والرمان واللوزيات ومدينة السلط مطلة على غور الأردن الذي يفصل بين الأردن وفلسطين ويمكن أن تشاهد منها مدينة القدس بوضوح في حال خلو السماء من الغيوم
ما سبق كان مقدمة تعريفية موجزة عن مدينة السلط إلا أن ما يهمنا هنا هو ثوب المرأة في مدينة السلط الذي كان يختلف في الشكل والحجم والوزن أيضا عن ملابس النساء في الأردن وفلسطين ومن المعلوم أن لكل منطقة في الأردن زيها الخاص فزي المرأة البدوية يختلف عن ساكنات الأرياف والمدن والثوب الذي نحن بصدده في دراستنا هذه كانت النساء يرتدينه في المناسبات العامة وفي الأعياد هذا الثوب يطلق عليه عدة اسماء منها الخلقة السلطية (بفتح الخاء واللام)والمدرقة التي كن يرتديه في الزيارات الخاصة
ما يميز ثوب المرأة السلطية أو ما يطلق عليه الخلقة السلطية تمييزا له عن الملابس النسائية الأخرى هو ألوانه وحجمه وطوله ووزنه.
الخلقة السلطية ثقيلة الوزن فقد يزيد وزنها عن خمسة كيلوغرمات وقد يصل الى اثني عشر كيلوغراما بينما يحتاج من القماش الى عشرين ذراعا من القماش الأسود وهذا القماش معروف عنه أنه توبيت مأخوذ عن زنوت الانجليزي(أنواع من القماش) الذي يصنع من دودة القز وله خاصية مفيدة حيث يتميز بملاءمته لجميع الفصول فيمكن ارتداؤه في الصيف وفي الشتاء حيث يمكن أن يكيف الجسم حسب الجو فيعطي البرودة في الصيف والدفء في الشتاء مما يفسر ارتداءه على مدار العام والذي يطرز بتطاريز خاصة سنشرحها لاحقا كما تحتفظ النساء عموما بثوبين اذا كانت الحالة المادية تسمح بذلك وفي الغالب تكون من ضمن الجهاز الذي يكون مع العروس.
عند مقارنة الخلقة السلطية بباقي أزياء النساء في الأردن والمنطقة فهو يميل الى الاختلاف من عدة جهات فتصميمه يعتمد على التطريز اليدوي ولا يشاهد في تصاميم دور الأزياء العالمية لأن التصاميم الحديثة تميل الى الخفة والبساطة وتنوع الألوان وإظهار المفاتن لجسد المرأة بينما الخلقة السلطية أكثر جمالا وأناقة وتميل للستر وإخفاء جسد المرأة دون أي اعتبار للحجم.
الخلقة السلطية مميزة للنساء في مدينة السلط (ويطلق على النساء اللواتي ينتسبن للمدينة السلطيات نسبة الى مدينة السلط ) تجد فيها معاني العزة والأنوثة والكبرياء ويعتبر لبس الخلقة من العادات والتقاليد العربية الأصيلة .
يحمل الزي الشعبي لدى المرأة السلطية ( الخلقة) في طياته العراقة والأصالة كما تشكل ألوانه الزاهية إلى الأنوثة المحتشمة القادرة على لفت الانتباه لما يضفيه من جمال وأناقة.
يمتاز هذا الزي بتقاسيم وبمسميات غربية وبمقاسات كبيرة تكاد تزيد عن 16-20 ذراعا من قماش التوبيت الأسود (زنوت الانجليزي وهو الأطلس الأسود من القطن) من نوع القماش الذي تصنع منه العباءات النسائية ويطرز باللون الأرجواني أو الأحمر وتسمى تطريزة «قرط المرجان» باللون الأرجواني أو الأحمر أو الأزرق . ولكل لون مناسبة خاصة به فاللون الأحمرمثلا للأفراح .
التطريز اليدوي هو سمة مميزة للثوب النسائي في كل المناطق في الأردن ويعبرعن مهارة النساء ويكون من خيوط الحرير بألوان مختلفة.
وتلبس المرأة السلطية مع الخلقة القميص الذي يغطي الرقبة واليدين حيث أن الثوب الشمال غطاء الرأس يطلق عليه العصابة أو الجبة وتصل أبعادها الى 1.5 متر 1.5 متر تلف على الراس على شكل عصابة دائرية أما الحطة التي توضع على الرأس فتصنع غالبا من حرير القز، وتكون مطعمة بخيوط ذهب حقيقية تلف عدة لفات وتتخللها أهداب حريرية مذهبة تتدلى من رأس المرأة حتى صدرها، وتعلوها القراميل التي تُجدل بها جدائل النساء السلطيات، وتكون عادة من الحرير الأسود أو البني واختلاف اللون عائد لطبيعة المناسبة كما تم ذكره سابقا .
وكانت عندما تخرج المرأة من إطار حارتها تضع الكم الأيمن من الردن والذي يصل طوله إلى مترين فوق العصابة على رأسها بحيث لا يبدو منها إلا عيناها وذلك يعني احترامها وتقديرها لزوجها وأهلها وتقاليدها.
وفي أيام البرد كانت المرأة السلطية تلبس الجبة فوق الخلقة وهي عبارة عن معطف من الصوف الانكليزي الذي كان يستورد من خارج البلاد وكان غالي الثمن في ذلك الوقت.
الخلقة السلطية زي ينقسم إلى عدة أجزاء تستخدم فيها أقمشة من أنواع مختلفة منها التوبيت، غزالين، وارد عنز روت إضافة إلى كافة أنواع الخيوط الحريرية التي تستخدم للرسومات والزينة.
وصف عام للثوب (الخلقة السلطية):
يتكون الثوب من الردن وهو الكم الطويل الواسع جداً فالردن الذي يكون بالجهة اليسرى يرفع من الخلف ويوضع على الرأس وتوضع الحطة الحمراء فوق هذا الردن الذي غطى الرأس وتكون الربطة من الجهة اليمنى من الرأس ثم يوضع الردن الآخر الذي يمثل اليد اليمنى فوق الحطة أما بالنسبة للحطة السوداء فكانت ترتديه المرأه السلطية عند دخولها في سن الخمسين وكانت مقصبة باللون الذهبي ومصنوعة من الحرير الهندي، وتكون المرأه قد ارتدت القميص المطرز الصدر والأكمام وتلبس أيضا السروال وتضع على أطراف شعرها القراميل وهي وصلة للجدايل مزينة بخرز ذي ألوان بهية ومتعددة.
1) مكونات وأجزاء الخلقة السلطية:
تتكون الخلقة السلطية من عدة أجزاء هي كالتالي:
1. الجزء الرئيسي منها هو البدن وهو الصدر ويكون محلى بتطاريز خفيفة وناعمة تكون على محيط القبة ولها جزء يسمى اللسان وهو طويل ويصل الى الركبة.
2. البنايق: فهي مثلثة الشكل وتغطي كامل الجسم وعادة ما تكون فضفاضة لتسهل حركة وخطوات المشـي وتــزيـن بشكــل المنـاجـل الملــونــة بـألـوان حـريـريـة زاهية.
3. الأردان ( الأكمام ): فهي عريضة وطويلة جدا كانت تلف بها المرأة عند خروجها ويقسم الردن إلى عدة شرائح من اللون الكحلي والأسود والتي غالبا ما ترتديه صغيرات السن أما المتقدمات في السن فيركزن على اللون الأسود ويطلق عليه طلس أي الغامق جدا وتتزين بالوأن خفيفة جدا من التطاريز الحريرية.
4. محيط الخلقة (الحفه): الذي يصل محيطه إلى سبعة أمتار وأكثر تبعا للحالة المادية للأهل وتكون من اللون الكحلي المالطي وتضم تطاريز ورسومات خاصة مصنوعة من الخيوط الحريرية الزاهية وهي الأحمر والأزرق والبرتقالي.ويطلق على الحزام الذي يربط به الثوب حول البطن كونه لحجمه وطوله الكبيرين يتم طيه ثلاث طيات ويتم تثبيته وشده بحزام يطلق عليه شفيفة أو الحزام.
5. الحطة أو العصبة: التي توضع على الرأس وهي قطعة من الحرير الموشى بالقصب الذهبي أو الفضي أو كليهما، وتكون حمراء، أو سوداء اللون ويمكن أن تكون بنية غامقة أو زهرية أو برتقالية فهي غالبا ما تصنع من حرير القز وتكون مطعمة بخيوط ذهب حقيقية تلف عدة لفات وتتخللها أهداب حريرية مذهبة تتدلى من رأس المرأة حتى صدرها وتعلوها القراميل التي تجدل بها جدايل النساء السلطيات وغالبا ما تكون من الحرير الأسود أو البني أو الأسود وذلك حسب لون شعر المرأة.. تطرز على شكل حزام مستطيل للرأس ويربط على أعلى الجبين. ويتراوح طولها بين المتر والنصف إلى الأربع أمتار. وفي الكرك تكون على شكل حزام دائري ترصع طرفيها بقطع نقدية ذهبية. وتزين بالشناشيل في آخرها.
6. ما يلبس تحت الخلقة القميص المزخرف على صدره تطاريز اسمها ( عش ) أو برسومات ناعمة جدا وغالبا ما تكون بشكل الأزهار والورود.
7. الكبوت: فهو جزء من ملابس المرأة السلطية وغالبا ما يكون من الجوخ ويلبس على وجهين من الداخل اللون الكحلي والخارجي الأسود التوبيت.
ويرافق ارتداء الخلقه المصاغ وقد كان عبارة عن شك من الذهب العصملي نسبة الى العثماني تتوسطه المخمسة (قطعة ذهبية على شكل خماسي) المعقود بقماش التوبيت
وكانت المرأة السلطية تتزين بالمباريم (نوع من الأساور الذهبية) الذهبية الأساور في اليد والخلاخيل في القدم اضافة الى استخدام الوشم على الخدين واليدين كمعلم من معالم الجمال العربي.
فكانت جميع النساء بالأردن على اختلاف أديانهنّ لابد من أن تغطي الرأس بلباس العصبة، وغالبا ما تكون سوداء، وفي بعض المناطق تكون قطعة من الحرير الموشى بالقصب الذهبي أو الفضي أو كليهما وخاصة عند نساء السلط والشمال. وكانت النساء قبل وضع العصبة على الرأس يلبسن تحت العصبة ما يسمى الشنبر: ويسمى أيضاً المنديل أو المسفح أو الملفع. والشنبر هي قطعة من القماش ذات ألوان متعددة أشهرها الأسود والأبيض أو مقصبة باللونين معاً تلف على الرأس قبل وضع العصابة على الجبين وقد يطول الشنبر ليصل أسفل الظهر.
الخلقة السلطية قماش وتطريز:
بالنسبة لقماش الثوب أو الخلقة السلطية فالقماش الذي تصنع منه الخلقة السلطية يطلق عليه توبيت أسود غامق وهذا القماش معروف عنه أنه توبيت مأخوذ عن زنوت الانجليزي فيعتبر هذا القماش الفريد والذي يكيف الجسم حسب الجو فيعطي البرودة في الصيف والدفء في الشتاء ويرتدى هذا الثوب على مرحلتين فهو عريض وطويل جداً فترتديه المرأة وعند الوصول توضع على خصرها حزام من الحرير الهندي (الشفيفة)وتوضع فوقه القطعة التي ترفع من عند الخصر لتنزل وتوازي الدارة وهي طرف الثوب.
الردن يعرف عند العرب بالكم الطويل الواسع جداً فالردن الذي يكون بالجهة اليسرى يرفع من الخلف ويوضع على الرأس وتوضع الحطة الحمراء فوق هذا الردن الذي غطى الرأس وتكون الربطة من الجهة اليمنى من الرأس ثم يوضع الردن الآخر الذي يمثل اليد اليمنى فوق الحطة أما بالنسبة للحطة السوداء فكانت ترتديه المرأه السلطية عند دخولها في سن الخمسين وكانت مقصبة باللون الذهبي ومصنوعة من الحرير الهندي،وتكون المرأه قد ارتدت القميص المطرز الصدر والأكمام وتلبس أيضا السروال وتضع على أطراف شعرها القراميل وهي وصلة للجدايل مزينة بخرز ذي ألوان بهية ومتعددة.
1) فلان ما ينطح مقنعة:
في مدينة السلط لم تكن النساء يرتدين الخمار أو غطاء الوجه كالنساء في البادية ويكون البديل عن ذلك بالقماش العريض للكم أو الردن حيث أن الكم يكون عريضا فتغطي به المرأة وجهها ولا يمكن ملاحظة شيء من وجهها سوى عينيها بحيث لا يتعرف عليها الشخص الغريب ويطلق على المرأة باللهجة المحلية السائدة مقنعة أي المراة التي اتخذت من ثوبها قناعا
فلان ما ينطح مقنعة هو قول سائد يطلق على الرجال الذين هم أشباه الرجال وما هم برجال لأنهم لا يستطيعون التغلب على امرأة تضع الردن على رأسها مغطية به وجهها دلالة على ضعفه أمام الرجال إذ هزمته امرأة فكيف به عندما يبارز الرجال.
2) وشم وتطريز:
يعتبر التطريز الشعبي الأردني فناً راقياُ ومن أهم الفنون التاريخية الأردنية، فمن خلال التصاميم والرموز استطاع الإنسان الأردني أن يسجل تاريخه ويعبر عن المعتقدات وأنماط التفكير الاجتماعي من عادات وتقاليد توارثها الأردنيون عبر القرون.ومن خلاله تم تزيين الملابس النسائية بالتطريز من خلال رسومات وألوان الخيوط ويعتبر التطريز أو فن التزيين فنا يدويا من خلال استعمال الإبرة والخيط على القماش ويكون مستوحى من البيئة المحيطة وتقوم النساء بالتطريز على القماش الأسود والأزرق بهدف إعطاء تغيير للون.
كما ذكرنا فان التطريز يكون بالغرز على القماش أو مواد شبيهة به باستخدام إبرة الخياطة والخيط. ويمكن المزاوجة بين الغرز لرسم رسوم مطرزة لا حد لها، منها الحيوانات النباتات البشر والتكوينات التجريدية. وتستخدم في تطريز أقمشة مختلفة وخيوط متنوعة وإبر ذوات أنواع وأحجام مختلفة. والغرز الأساسية محدودة العدد في فن التطريز. قد يشمل التطريز أيضا مواد أخرى مثل الأشرطة المعدنية واللؤلؤ والخرز . وغالبا ما يوجد التطريز في القبعات ،المعاطف ،البطانيات ،القمصان، الجوارب والملابس النسائية التقليدية. التطريز هو من التقنيات الأساسية لعمل غرزة السلسلة والعروة، غرزة البطانية وغرزة الساتان.
أما بالنسبة للتطريز في الثوب السلطي فقد تشترك أكثر من واحدة في تطريز الثوب الذي تتشابه به جميع الأثواب حتى أنه لا يمكن التمييز بين ثوب وآخر وهذا يساعد في المساواة بين النساء عندما يرتدين الخلقة السلطية حيث لا يمكن التمييز بينهن على الجانب المادي فأثوابهن متشابهة
بالنسبة للتطريز الذي كان يميز هذا الثوب كان يدوياً أي أن التطريز يكون باليد ويطلق عليه التحريري والمناجل والعريجة وكان يطرز بالحرير الأصلي ومما يميز الخلقة السلطية أن لها (بنايق) تمتاز باللون النيلي الأزرق وألوان تطريز الثوب السلطي مستمدة من البيئة السلطية الثرية وهي الأحمر الأقحواني والأخضر بكافة تدرجاته والأزرق السماوي وغيرها من الألوان البهية التي تكسر حدة وقتامة اللون الأسود وتمنح شعور بالراحة والسعادة للناظر إليها.
أما بالنسبة للوشم الذي كان من زينة النساء سابقا كانت المرأة السلطية تتدقق الوشم وتعمله على شكل سيلان من تحت الشفة السفلى من الفم إلى حد منطقة الذقن وكانت توشم من عند رسل اليد وذلك للزينة، وقد انتشر فن الوشم في معظم أرجاء بلاد الشام منذ مئات السنين إلا أنه بدأ بالتلاشي منذ منتصف القرن الفائت.
وكانت المرأة السلطية تمتلك ثوبين وهي الخلقة وذلك للخروج بالمناسبات إما الأفراح أوالعزاء التي يطلق عليها بالمياتم. ولا ترتدى الخلقة طيلة أيام السنة لأنها مكلفة ماديا وثقيلة الوزن وارتداؤها يتطلب جهدا .
في الأيام العادية في المنزل وفي البستان وفي نطاق أعمالها اليومية كانت تلبس المدرقة وهي عبارة عن ثوب بسيط جداً واسع مريح تقوم به بأعمال المنزل مثل الغسيل والعجين وهو ساتر للبدن وعند الخروج لتعبئة الماء تلبس فوقه الكبوته وهي عبارة عن دامر ( حاكيت ) إلى منطقة الركبة يستر صدر المرأة وبطنها بصورة خاصة وقد حرصت السلطيات على ارتدائه.
ثوب السلطية والبيئة المحيطة:
ويرتبط الثوب السلطي بطبيعة المنطقة الجغرافية والطبيعية بعلاقة وثيقة وتكاملية فقد كانت المرأة السلطية عند الذهاب لتعبئة الماء من العيون لاسيما في منطقة البلد القديمة وشارع الحمام وسرايا ابو جابر تنزل من جميع الجبال ومن الخندق والعيزرية والصافح والسلالم والبقيع والجدعة وواد الأكراد والمنشية «وهي أسماء لمناطق وأحياء في مدينة السلط» للوصول الى الماء وهذا كان يدعوها لأن ترتدي الزي الواسع والمريح الذي لايعيق الحركة لأن الطريق كانت عبارة عن أدراج قديمة«السلط لأن بيئتها جبلية تربط بينها بالأدراج» وعقبات ونزول حاد وبالنسبة لها فهذا الزي يعطيها سهولة بالحركة ويساعدها على تحمل مشقة الطريق.
ومما يميز الزي السلطي أيضا أنه موحد الألوان فلا تتميز فتاة سلطية عن أخرى وكل الفتيات يتعاون في عملية التطريز فعلى سبيل المثال تجلس خمسة منهن مرة واحدة لتطريز ثوب كامل فواحدة تستلم الردن الأيمن وأخرى الردن الأيسر وأخرى البنيق والدارة وهكذا فان عملية إنتاج الأثواب المطرزة ساهمت في تعزيز التعاون الاجتماعي بين السلطيات ودعمت أواصر المحبة والتعاون .
الخلقة السلطية أصبحت الآن تراثا وتتباهى بعض النساء في ارتدائه بالمناسبات العامة ومنهن النائب في البرلمان الأردني هدى أبورمان وبما أنها أول فتاة في مدينة السلط تفوز بالانتخابات وتكون نائبة في مجلس النواب فقد ارتدت الخلقة السلطية في افتتاح الجلسة الأولى لمجلس النواب الأردني وذكرت معلومات عنها فقالت في حوار لها مع المدينة نيوز : وزنها 15 كيلو غرام، وطول قماشها 22 مترا، وأجابت أيضا : بأن هذه المدرقة كانت لجدتها ولوالدة جدتها ولبستها أمها ومن بعد أمها لبستها هدى وقررت أن ترتديها في افتتاح المجلس قائلة : لي الشرف بارتدائها يوم افتتاح سيدنا الملك عبدلله الثاني للمجلس .
النائب هدى لبستها في ذلك اليوم 14 ساعة .. وزن ثقيل وزمن طويل تحية لجداتنا وأمهاتنا ومدارقهن اللاتي يعدن بنا إلى ما قاله المتنبي :
ذِكرُ الصبا ومراتعُ الآرام ِ
جلبت حـِمامي قبل يوم حـِمامي
الخلقة السلطية في حجمها الطبيعي من مجموعة فاخوري للأزياء وأذكر أن الردن قد يصل طوله إلى سبعة أمتار والثوب يرتدى بعد طيه الى أكثر من ثلاثة طيات ويتم ربطه وتثبيته بحزام خاص .
1) طريقة لبس الخلقة:
وتتم بمساعدة إحدى السيدات وتشد من الوسط بشويحية أو شفيفة وهو حزام من الجلد ويكون بها عب.
وهناك ردن تحت الحطة والردن الآخر فوق الحطة.
وكانت المرأة لا تخرج من بيتها إلا وهي ترتدي هذا الثوب الجميل الرائع، وهي أيضاً ملفعة بالردن ولا تظهر إلا عيناها وترتدي تحت الخلقة، أيضاً، القميص المطرز بتطريزة عش البلبل والشروال المكشكش والمطرز من الأسفل.