الغلاف الأمامي: صناعة اللبن تقليديا
العدد 53 - لوحة الغلاف
من المهن القديمة التي امتهنها أصحاب المواشي، كالإبل أو البقر أو الماعز، هي مهنة تحضير منتجات الألبان باستخدام أدوات بسيطة. وعلى الرغم من وجود تباين في الأدوات ومسمياتها المستخدمة في هذه المهنة من منطقة إلى أخرى في العالم العربي إلا أن المبادئ والخطوات الأساسية لهذه المهنة تكاد تكون متطابقة. ومن أكثر صناعات الألبان التي كانت تنتشر قديماً هي صناعة الزبدة والتي يحضر منها السمن أو الدهن، كما ينتج من هذه العملية اللبن أيضاً. وفي الغالب، كانت المرأة هي التي تقوم بهذه المهنة.
تبدأ عملية تحضير الزبدة واللبن بعملية حلب الماشية، وبعدها يوضع الحليب في وعاء خاص، ومن أقدم الأوعية التي استخدمت في السابق هي القربة، وهي عبارة عن وعاء يصنع، عادة، من جلد الغنم، ولها أحجام ومسميات مختلفة، بحسب الاستخدام، والتي تتباين من منطقة لأخرى، ومن هذه المسميات «إسقا» و«صميل» (جمال 2003، ص 551). وبعدها يترك الحليب في درجة حرارة الجو لمدة يوم أو أقل أو أكثر؛ حيث تعتمد المدة بحسب درجة حرارة الجو، فكلما زادت درجة الحرارة قلت المدة. وفي هذه الفترة يبدأ الحليب بالتخثر.
بعد ذلك، تأتي عملية تحضير الزبدة واللبن من الحليب المتخثر أو الرائب، حيث يتم ربط القربة وتعليقها، وغالباً ما كانت تعلق على «القنارة». والقنارة، عبارة عن ثلاث خشبات توضع عمودياً ويتم ربطها ببعضها من الجهة العلوية ويباعد بينها من الأسفل. وبعد ذلك تبدأ عملية تحريك أو أرجحة القربة حتى يتم تكون الزبدة واللبن، وحينها يتم فصل الزبدة عن اللبن. ومن الزبدة يتم تحضير السمن أو الدهن.
يذكر أن عملية تحريك القربة لتنفصل الزبدة عن اللبن قد تستمر لفترة طويلة نسبياً، إضافة إلى أن العملية قد تتكرر في نفس اليوم لقربة أخرى، بحسب كمية الحليب المحضر. هذا الوقت الطويل الذي تستغرقه المرأة في عمل تحريك القربة، وهو عمل رتيب، أدى إلى أن المرأة تقوم بتسلية نفسها وذلك بأهازيج تؤديها أثناء عملية تحريك القربة، وبذلك ارتبطت عملية تحريك القربة في مناطق معينة بأهازيج خاصة بها.
وهكذا نجد أن مهنة تحضير الزبدة والسمن واللبن في السابق نتجت عنها ثقافة خاصة بها، لها تراث مادي وآخر غير مادي، فهي مهنة لها أدواتها الخاصة ومسمياتها كما أنها ارتبطت بأهازيج خاصة بها.
المرجع:
جمال، محمد عبد الهادي. الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت، الطبعة الأولى 2003م.