المقامات الصوفية في الشعر الشعبي التلمساني «ابن مسايب و بن تريكي والمنداسي أنموذجا»
العدد 49 - أدب شعبي
يروم الشاعر الصوفي الشعبي النظم بصدق بغية استجلاء أبعاد تجربته الصوفية ومواجيده وروحانياته مدعما صوفيته بلغة عامية وفكر شعبي راق، فيكون خطابه الشعبي ذا نزعة منفردة وحمولة اعتقادية، يتوسل من لغته الشعبية أن تحقق له المبتغى في التواصل مع المحبوب، ففي الحضرات الصوفية مثلا يسعى الشاعر إلى بلوغ لحظة الانتشاء من خلال توظيف المقدس الغيبي الذي يحيط بالشعر الصوفي عامةً بغية نيل رضا المولى جل ثناؤه، "إن الشاعر الشعبي (أو شاعر الملحون) يمتص جانبا من التصوف ثم يعيد نسجه وتنظيمه وفق ما تزود به من علوم ومعارف دينية، وهنا نلاحظ أنه لا يجهل الأبعاد الحضارية لخطابه، فهو يستفيد مما تعطيه الجماعة الشعبية كما يستفيد من مؤهلاته الاجتماعية والثقافية، ويلاحظ المتتبع لقصائد الشعر الشعبي (الملحون) أن الحكاية التي يرويها الأدب الشعبي هي سبيل واضح لاستكشاف الوعي الصوفي في مستوى من مستوياته، والتعرف ولو بشكل أولي على ما يعتمل داخل المجتمع من نشاط ديني وثقافي. وغني عن القول أن الشاعر الشعبي الصوفي متأثر بالثقافة الدينية والشعبية التي أخذها من محيطه والوسط الذي عاش فيه، هذه الثقافة التي تعتبر زادًا معرفيًا متنوعًا تقدمه (الجامعة الشعبية) المتمثلة في المساجد والزوايا"1، وعليه يعتبر الملحون رافدا اساسيا من روافد الذاكرة الفنية التلمسانية ومنطلق من منطلقات الفضاءات الصوفية عامة والمقامات خاصة.
اولا: المقامات؛ دلالة المصطلح:
نستهل بحثنا بالتأصيل لمصطلح المقامات وتجلياته الدلالية المتعددة، ثم نقف على المعنى المتجلي عند الصوفية؛ وعليه :
فالمقامات "جمع المقام من قام يقوم قوما وقياما وقومة وقامة. وقام: أي ثبت ولم يبرح. ومنه قولهم: أقام بالمكان، هو بمعنی الثبات. ويقال: قام الماء، إذا ثبت متحيرا لا يجد منفذا، وإذا جمد أيضا. والمقام والمقامة: الموضع الذي تقيم فيه. والمُقامة بالضم : الإقامة .أما المَقام والمُقام فقد يكون كل واحد منهما بمعنی الإقامة.و قد يكون بمعنى موضع القيام. وقوله تعالى : "لا مقام لكم"2، أي لا موضع لكم، وقرئ : لا مُقام لكم بالضم؛ أي لا إقامة لـكم. وقيل: المَقام: هو المنزلة الحسنة. وأقام الشيء: أدامه. وقام الشيء واستقام: اعتدل واستوی"3.
إن المقام عند الصُّوفية هو "استيفاءُ حُقُوقِ المراسم على التَّمام، ولهذا صار من شُروطهم أنَّهُ لا يصِحُّ للسَّالك الارتقاء من مقام إلى مقام فوقه، ما لم يشوف أحكام ذلك المقام، فإنَّ من لا قناعة له لا يَصِحُّ منه أن يكون متوكِّلاً، ومن لا توكُّلَ له لا يَصِحّ له مقام التَّسليم وهكذا. وسُمِّيت هذه وما سِواها بالمقامات لإقامة النَّفسِ في كُلِّ واحدٍ منها لتحقيق ما هو تحت المُتَناوب ظهورها على النَّفس المسمّاة أحوالاً لتحوُّلِها"4، ويضيف القشيري معرفا المقام: "هو ما يتحقق به العبد بمنازلته من الآداب مما يتوصل إليه بنوع تصرف، ويتحقق بضرب تطلب ومقاسات تكلف. فمقام كل واحد في موضع إقامته عند ذلك، وهو ما مشتغل بالرياضة له، وشرطه أن لا يرتقي من مقام إلی آخر ما لم يستوف أحكام ذلك المقام"5، أما ابن عربي فيصف المقام الصوفي قائلا:
إن المقام من الأعمــال يُكـتـسب
له التعمّـل في التحصـيل والطـلب
به يكون كمـال العارفــن ومــا
يردّهـم عـنـه لا سـتر ولا حــــجب
له الدوام وما في الغيب من عجـب
الحكم فيه له والفصل والنــدب
هو النهاية والأحــــــــوال تابـعـة
وما يجلـيه إلا الـكـدّ والنصـــتب
إن الرسول لأجل الشكر قد ورمت
أقدامه وعلاه الجهد والتـــــــعب6
ثانيا: مقام الحب الالهي(العشق)
مقترنا بمقام التوبة (التوسل والتقرب):
الحب الإلهي أو العشق.. كلها مصطلحات يعبر بها الصوفي عن صبابة الحب الروحي لله واصفا أواصر الشوق الذي يعتريه من أجل بلوغ الحضرة الإلهية؛ فمقام العِشقُ فِي المعتقد الصُّوفِي هو "آخر مقامات الوصول والقرب، فيه يُنكر العارفُ معروفَه، فلا يبقى عارفٌ ولا معروفٌ ولا عاشق ولا معشوقٌ ولا يبقى إلاَّ العشق وحده، والعشق هو الذَّات المحضُ الصِّرفُ، الذي لا يدخل تحت رسمٍ ولا نعتٍ ولا وصفٍ… فإذا امتحقَ العاشِقُ وانطمسَ، أخذَ العِشقُ في فناءِ المعشوق والعاشِق، فلا يزالُ يُفني منه الاسمَ ثمَّ الوصفَ ثمَّ الذَّات؛ فلا يبقى عاشق ولا معشوقٌ، فحينئذٍ يظهر العاشقُ بالصُّورتين، ويتَّصفُ بالصِّفـتين، فيُسمَّى بالعاشقِ ويُسمَّى بالمعشوقِ"7، كان الحب والعشق لصيقين بالمرأة منذ القدم؛ غير أن شعراء الصوفية غيروا هذه النظرة، فاستعملوا لغة الحب الانساني للدلالة على الحب الإلهي، وغدت المرأة رمزا للمحبوب / المعبود وكان الشعر الصوفي بتلمسان قالبا تعبيريا رفيعا، ونمطا مستقلا من الإنتاج الشعري، تميز بخصائص وانفرد بها عن غيره من الأغراض الشعر ية، فهو شعر الرمز والكناية والحكمة الذي يحتاج القارئ له إلى تأويل دلالات الصوفية، والاصطلاحات الإلهية التي وافقت المعاني الروحية التي اهتم الصوفي بكشفها لنفسه أو لمريده، عن طريق ارتحالهم الذوقي لمنابع النور الإلهي، سيرا بأقدام الصدق والتجرد عن الأكوان، وطيرا بأجنحة المحبة لاختراق سماوات الأحوال والمقامات للوصول إلى القرب الإلهي8، وللشعر الشعبي الصوفي التلمساني حظ وافر في هذا الصنيع، يتوسل ابن مسايب9 المولى في قصيدة "لك نشكي" المعروفة بـ"الوحداني"راجيا العفو منه قائلا:
لك نشكي بأمري لاني –يالوحداني –
يالله نطلبك تعفو عليا
لا تحافيني عما فات في زماني
ليك نتوسل باحمد بورقيا
يالله طلبتك تعفو عليا
يــالله أنــا عـــبدك والعـفو منـك نرجـاه
بالنبي نـتـوسـل لـك والكتاب ومن يقراه
و السموات وعرشك والقلم واللـوح معـاه
التّوبـة فِي عُرفِ الصُّوفِيّة "أوّل مقـام من مقامات المنقطِعِين إلى الله تعالى"10، وقد سُئِلَ ذُو النُّون رحمه الله تعالى عن التّوبـة، فقال: توبة العوام من الذُّنُوب، وتوبـة الخواص من الغفلـة11، يطلق لفظ التوبة على ترك الذنوب والندم والعزم على عدم العودة اليها ثم الإيمان الصادق واليقين المطلق بالله، وهي أول المقامات الحميدة التي يحذو حذوها السالك، ليستقيم أمره مع الله، فتشرق النفس بنور وحب قابل التوب وغافر الذنب، فالندم توبة أدت إلى التضرع إلى الله وتوسله في العفو والغفران.
وعن ترجيه لله وطلب الجنة ومجاورة النبيﷺ يضيف ابن مسايب:
لاتخيبلي ظن القلب هناني- يالوحداني –
شيئا تمنيته تعطيه ليا
في رياض الجنة حبيت سكناني
نجاور أحمد ويكون قريب ليا
يالله طلبتك تعفو عليا
***
مع أهل الله حبيت سكناني
نجاور أحمد ويكون قريب ليا
***
يالله عبدك طلبك ارزقوا ما يتمنى
نحب تجعل لي مسلك باش ندخل للجنة
قد يبدو للقارئ أن المصطلحات التي يسبك بها الشاعر الصوفي قصائده الشعبية مبالغ فيها بعض الشيء، لكن هذه المغالاة الأدبية في بوحه عن الحب الالهي إنما هي ترجمة لرؤيته الصوفية، فابن مسايب مثلا "أمضى شبابه في ممارسة مهنة النسيج التي ساهمت على ما يبدو بطريقة أو بأخرى في تنمية ذوقه الفني. ويبدو أيضا أنه منذ شبابه المبكر أصيب بغرام أرقه وعذبه غرام فتاة اسمها؛ عيشة، ويظهر أن بن مسايب أصيب بخيبات عاطفية عديدة دفعته إلى قطع علاقاته مع الحب الدنيوي حيث لم يكن أيضا بعيدا عن معاناة البسطاء من الناس. وهو لا يخفي غضبه ومخاوفه إزاء محيط فاسد في أعماقه جراء ظلم الولاة الأتراك من جهة ولامبالاة الأغنياء الأنانيين والمتكبرين من جهة أخرى؛هذه العوامل مجتمعة هي التي حولت بن مسايب على ما يبدو من شاعر للحب الدنيوي إلى شاعر للحب الإلهي بامتياز"12.
أما عن توبته وطلب الهداية والرضا من الرحمان قبل الممات يقول إبن مسايب:
طالبتك تعفو عني يـا عظـيـم الجـبـاروت
تب عـني واهـديـني للطـريـق وقـبل الفوت
حرمة محمد تبيتـني على الشهادة عند الموت
نحبها في الخاطر والقلب ولساني –يالوحداني-
في الجوارح وما من عرق فيا
و في الاعتذار وطلب العفو عما كان منه في صغره يأتي ابن مسايب تائبا متذللا راغبا في مغفرة من الله، يقول:
يــالله اقـبــل عـذري كنت غري ما نـعـرفــش
عصيت في حالة صغري تبـت دروق مـا نـرجعش
إن المبالغة في توظيف المفردات العشقية فيما يتعلق بالحب الدنيوي جعلت شعراء الصوفية أو شعراء الملحون عموما ينقلون تلك المبالغات في قصائدهم إلى ساحة الحب الإلهي، فمحمّد بن مسايب يقتدي بالشعراء الصوفية الذين ليست لديهم مشكلة او عقدة من التحدّث عن ( العشق) وهو درجة عالية من المحبّة لله تعالى13، وعليه فقد أجمع الشعراء الشعبيون المتصوفة على الإشادة بمحبة الله التي توصل العارف السالك إلى النجاة والفوز برضى الله ووصاله اللدني.
ثالثا: مقام حب وعشق الرسول ﷺ :
يمدح ابن مسايب النبي عليه الصلاة والسلام في عدة مواطن، معبرا عن حبه وتعلقه به مستجليا تجربته الصوفية التي تحيلك على قصة عشقه وتفانيه في حب الرسول(ص)، ففي قصيدة "نجم الدجى عسعاس" يسترسل قائلا:
حُـبِّيْ مَــنْ نَــهْـــوَاَهْ بَـدْرْ اِلْبُـدُوُرْ
سُبْـحَـاَنْ مَـنْ عَــلاَّهْ فَـاَقْ كُلْ نُـوُرْ
عَزُهْ اِلْكْرِيْمْ واَعْطَاَهْ زَهْوُ اِلْصُدُوُرْ
مَنُّهْ زْهَـاَتْ اِلْـنَّـاسْ قُطْ اِلْفَـلاَحْ
يِحْـلَـى اِلْعُوُدْ واِلْكَاَسْ بِيـْنْ اِلْمْلاَحْ
زَهْوِيْ وعْشِيـْقِيْ فِيـْتهْ سِيـْدْ اِلْبَشَرْ
قَـلْــبِيْ مْــوَلَّــعْ بِــهْ مَـاَلِـيْ صَـبرْ
فِيْ مْـحَـبْـتُهْ خَلِّيـْـهْ تِفْنَى اِلْعُمُرْ
نلاحظ زخما من المصطلحات الصوفية في هذا المقطع "نور، الكاس، الملاح، عشيقي، مولع، صبر، الفناء (تفنى)" دلالة على بغية بلوغ الحضرة المحمدية شوقا وفناء وانتشاء، إن لغته العامية ولجهته التلمسانية جاءت راقية "تنطوي بطبيعتها على شفافية وفعالية وحروفه وحيوية، ولكنها صادقة وجميلة إلا إذا كانت متصلة بمنشئها محتفظة برفاهيتها وقدرتها على التعبير في مستوى بلاغي رفيع، وهي رغم عدم تمسكها بالقواعد النحوية التي لا تخلو من أوجه البلاغة"14، فعدم التزام ابن مسايب باللغة العربية الفصحى وقواعدها في ثنايا تجربته الصوفية لا يعني أبدا انحرافه عن القصد الصوفي وشد انتباه المتلقي، بل كان هذا السبيل أقرب إلى الإبلاغ والتأثير في السامع ويترجم سمو المقام وتبليغ المعنى.
يقول أيضا في قصيدة هاض الوحش عليا :
هاض عني وحش الهادي يــالله بــلــغ مــرادي
تنطـفـا نـيران كـبادي مــحـايــــني جـــارو
هـاض عـنـي يـالخـوان سيد الكون بن عدنان
يـالله كـمـل يـا رحمان قـودنــي لـكــوثـارو
القـلب فر ليه بلا جنحان والـــجـــوارح طــارو
العقل فـر ليه بلا جنحان والعـيون نهطلو وديان
و يقول أيضا في مقطع آخر :
طَاَلْ اِلْضُرْ وُلإَلِيْ طْبِيـبْ نِتْوَحَّشْ خْيـَاَلْ اِلْحْبِيـب
آَنا نِهْوَى غُصْنْ اِلْرْطِيـْب نِيـْــرَانُــهْ مِــقْــدِيّا
بَاَقِيْ هَاَيِمْ وَحْدِيْ غْرِيْب مَاَوُلَّى شِيْ لِيـَّا
نَارُهْ فِيِ اِلْقَلْب رَاَهَاَ اِقْدَاَتْ مِنْ تِفْكَاَرُ اِمَاَمْ اِلْبْنَاَتْ
يعبر بن مسايب أيضا عن مدى (عشقه) للرسولﷺ في قصيدته "هاض عني وحش المحبوب" حيث يقول :إن (حبه) و(عشقه) للنبيﷺ و(غرامه) به، وصل به إلى درجة (الجنون ) وهي كلها مصطلحات شائعة الاستعمال عند الصوفية ويضيف إليها مصطلح (الإخوان) أي (المريدون). ويقول بن مسايب إن من (عرف) و(ذاق) و(جرب) حقا حب الرسولﷺ، يكثر (همه) و(تشتعل نيران قلبه) في حبه و(يذوب عقله) فيه بل (تذوب فيه كل جوارحه). فمن كانت (حاله) هكذا سرعان ما يصل به (حبه) إلى درجة (الجنون) حيث يصير (أسير) ذلك (الحب) كما هي (حال) من يقع أسيرا داخل قلعة تحيط بها أسوار عالية وعليها حراس أشداء بحيث لا يستطيع منها فرارا15، ولابن مسايب قصائد عدة في شوقه وعشقه للمصطفى ك: هاجت بالفكر أشواقي، نار الهوى، يالورشان، هاج غرامك..و غيرها.
يفصح ابن تريكي16 في قصيدته"شمس المغيب" عن حبه الخالص لرسول اللهﷺ:
أنــــــا فــنـيـت من حب سيد الخلق
صاحب الحديـث قال فـاكلامـو وانطق
واذا اخــطــيــت ربـــي بـيــا يــرفــق
لانــي لــبــيــب وامـولـع بـانــشادي
يـا شمس المغـيب سلـم عـلـى الهــادي
إن التعابير التي نجدها عند ابن مسايب وبن تريكي والمنداسي وغيرهم من شعراء الملحون في مجال (المدح) أو (الجد) والتي يوحي ظاهرها أنها تتعلق بغرام جسدي، هي في الواقع لغة ومفردات صوفية باطنية. فإذا كان بن مسايب يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام بألفاظ الحب الجسدي، فذلك لأنه في الواقع وتحت تأثير حالة الوجد التي تحدث خلال الاجتماع أو الاتصال الروحي بالنبي عليه الصلاة والسلام سواء في اليقظة أو في المنام، لا يجد الشاعر قاموسا آخر ينطق به سوى القاموس الذي يتحرك في حالات (العشق) لأن ما يجيش داخل نفسه وروحه حيال شخص النبي عليه الصلاة والسلام هو فعلا (عشق) على اعتبار أن حالة (العشق) تمثل في القاموس العربي درجة عالية من الحب، وعلى اعتبار أن حب النبي عليه الصلاة والسلام إلى أقصى درجة ممكنة، هو أمر مفروض بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة17، فلا يعبر أي مصطلح غير "العشق" عن حالة الوجدان والتفاني والهيام بحب الصوفية للرسول عليه الصلاة والسلام .
رابعا: مقام الشوق إلى رسول الله والتغني بصفاته:
يقول ابن تريكي:
دمعي سكيب والنار فاكبادي
يا شمس المغيب سلم على الهادي
اقْــــرَا السَّــلامْ لِسَيِّـدِي الامــة
تَــاجَ اْلـكِــرَامْ خَلْقُو الإلَـهْ رَحْمَا
فِي يَـوْمَ الِـزّحَـامْ يَجْـعَـلْ لَنَّـا حُـرْمَا18
يعبر ابن تريكي عن شوقه للمصطفى والتوق لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام، مستظهرا ألم البعد وحرقة الفراق، مصورا لحالته النفسية المنهارة والمغرقة بدموع الندم، و النار التي تشتعل في أكباده من شدة الشوق والحنين إلى الحبيب المصطفى، فيخاطب شمس المغيب المسافرة نحو الروضة المحمدية الطاهرة ويوصيها بتبليغ سلامه لهﷺ، فيتمنى أن يزوره ماشيا على الأقدام، يضيف قائلا:
لَوْ صَبْتْ نَمْشِي لَهُ زَايَرْ لَـعَنْـدُهْ تَـزُولْ حْـزَانِـيْ
لَوْ جْبَرْتْ مْعَ الرْجَالاَ نْشُوفْ الحْبِيبْ مَنْ وَلاَنِيْ
لَوْكَانْ قَلْبِي دِيمَا صَانَكْ أَنَا ضَحِيتْ تَحْتْ عْلَامَكْ
طال الضر ولا لي طبيب نتوحش خيال الحبيب
باقي هايم وحدي غريب مـا ولــى شـيء لـيـا19
و للمنداسي20 حظ في هذا المقام، يصف المصطفى بالسلطان ودواء القلب وعلاج الخاطر؛ كما يفصح عن شوقه ورغبته في رؤية الرسولﷺ في المنام في هذه الابيات:
طــاب للقـلــب دواه ياعلاج الخـاطـر سلطاني
ابغيت حسنك وابهاه في المنام نشوفك بعياني
دأب المتصوفة على التشبث بكل افعال النبيﷺ، فكان "إمام الصوفية ورائدهم العظيم إلى المعرفة والشوق والتوحيد والوجد "21، وعليه فقد شكلت زيارة قبر النبي مقام شوق وتوسل عند شعراء تلمسان الصوفيين كونهم يجدون فيه الشفاء من الأسقام والأنس من وحشة الشوق واستجلاء الاحزان وتكفيرا لذنوب الدنيا الزائلة.
يقول ابن مسايب:
نَاَرْ اِلْهْوُى لِهْبِتْ لْهِيـْب فِيْ قَلْبِيْ ودْمُوُعِيْ سِيَّـاَحْ
لِلَّه يَاَ شَمْسْ اِلمْغِيـْب سَلِّمْ عْلَـى سِيْـدْ اِلْمْلاَحْ
لِلَّه يَـاَ شَمْـسْ اِلْعَـشِيْ سَلِّـمْ عْلَـى زَهْوُ اِلْعْقوُلْ
وُ قُلْ لُـهُ مَاَ طِقْـتْ شِيْ عْلَى اِلْفْرَاَقْ بَعْدْ اِلْوُصُولْ
سِرِّيْ لُـهْ مَاَ يِخْفَى شـِيْ كَـاَثِمْتُهْ عْلَى اِلْعْدُ ولْ
اِلْدْمَعْ مِنْ عَيـْنِيْ سْكِيـْب كِيـْفْ آَخْفِيـْهْ سِرِّيْ بَاَحْ
لِلَّه يَاَ شَمْسْ اِلْمْغِيـْب سَلِّمْ عْلَى سِيـْدْ اِ لْمْلاَحْ
فُوقْ اِلْخْدُوُدْ دَمْعِيْ جْـرَاَ مِنْ مُقْلْتِيْ فَاَضْ واِنْهْمَرْ
حْرَاَمْ عَنْ عِيـْنِيْ اِلْكْـرَاَ لْزِمْتْ مِنْ وَجْدِيْ اِلْسَهَرْ
لِلَّه يَاَ شَمْسْ اِلْمْغِيـبْ سَلِّمْ عْلَى سِيْـدْ اِلْمْـلاَحْ
بَعْدْ اِلْمْغِيـْب يَاَ هَلْ تَرَى يَاَتِيْ زَاَيِـرْ مَـنْ هْـوُيْـتْ
نْقَبْلُـه مَــرَّهْ آُخْـــرَى مِنْ هَذَاَكْ اِلْخَدْ اِشْتْهِيـْتْ
يصف ابن مسايب المصطفىﷺ بعدة صفات نورانية ك"سيد الملاح، زهو العقول، من هويت، ويرسل رسالة حرقة الفراق عبر شمس المغيب فنجده يحثها على تبليغه السلام ووصف حالته المتفانية في حبه وعدم تحمل بعده، ساهرا منعزلا صابرا ودموعه المنهمرة التي فضحت أمر سر توقه لرؤية قبر النبي ومتمنيا تقبيله مرة أخرى وكأنه فعلها من قبل.
خامسا: مقام الزهد والورع مقترنا
بالحكمة والموعظة:
عندما يمارس الشاعر الشعبي صوفيته يتخذ من خطابه، ولغته المستخدمة، والسياق والمقامات المختلفة منهجا للدعوة إلى الله والتمسك بالطريق المستقيم،هوفي كل هذا يحاول أن يقنع المتلقي باستغلال الكثير من الآليات الخطابية التي يسوقها معبرا عن رأيه عارضا فكره، وحاملا لجل الأبعاد الموضوعية الصوفية وبرؤية شعبية.من خلال تناول المريديات، ومدح الشيوخ، ومدح الذات المحمدية، والذات الإلهية، يدافع على التصوف ويرسم له الصورة للمنهج المثالي وهو السبيل الموصل لمحبة الله وبلوغ مرتبة الزهد والتورع .
الزُّهد كما يرى الطُّوسِي:" مقام شرِيفٌ، وهو أساسُ الأحوال الرضيّة، والمراتِب السنيّة، وهو أوّل قَدَمِ القاصِدينَ إلى الله عزّ وجلّ، والمنقطِعِينَ إلى الله، والرَّاضِينَ عن الله، والمتوكِّلِين على الله تعالى، فمن لم يُحكِم أساسه فِي الزُّهد، لم يصح له شيءٌ مِمّا بعدهُ، لأنَّ حُبَّ الدُّنيا رأسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ، والزُّهد فِي الدُّنيا رأس كلِّ خيرٍ وطاعة"22 عن الزهد في الدنيا والاستعداد للاخرة يقول ابن مسايب:
يَاَاَلَلَّه وَفِّقْنِيْ لِلْـذْخِيِـرْ بَرْكَـانِيْ
- يَاَاِلْوَحْدَاَ نيْ - مَاَبْقَى مَاَنِعْمَلْ ويْلِيْقْ بِيـَّا
غِيـْرْ مَدْحْ آَحْمَدْ سَيِدْ اِلْخلَقْ
سُلْطَاَنِي مَنْ يِشفَعْ فِيْ اِلْنَّاَسْ غَدَّاَ وُفِيـَّا
يَاَ اَلَّلَّ طْلَبْتَكْ تِعْفُواُ عْلِيـَّا
يَاَ اللَّهْ اِقْبَلْ عُذْرِيْ كُنْتْ غُرّيْ مَاَ نَعْرَفْشِ
عْصِيـْتْ فِيْ حَاَلِةْ صُغْرِيْ تِبْتْ دِرْوَقْ مَاَ نِرْجَعْشِ
خُفْـتْ مِـنْ لِيْـلْةْ قَــبْرِيْ لِيـْلْةْ اِلْظُلْمَةْ واِلْوَحْشِ
لِيـْلِةْ فْرَاَقْ آَهْلِيْ وُفْرَاَقْ جِيْراَنِيْ
- يَاَاِلْوَحْدَاَنِيْ - لِيـْلِةْ فْرَاقْ مَنْ كَنْ حْبِيـْب لِيـّا
كِيـْفْ خَلاَّنِيْ اِلْبُوُ خلِّيـْتْ وُلْدَاَنِيْ
يُوُرْثُوُاَ كيفْ وُرِتْ آَنَاَ فِيْ وَاَلَدِيَّا
يَاَ اَلَّلَّ طْلَبْتَكْ تِعْفُواُ عْلِيـّا
****
يَـاَ اَللَّهْ اِلْطُـفْ بْاِلْعَبْـدْ لِيـْلِةْ آَنْ يِسْمِيْ وَحْدُهْ
فِيْ اِلْقْبُوُرْ وتَحْتْ اِلْلَّحْدْ يِرْتَـجَى رَحْمِـةْ سِيْـدُهْ
مَنْ سْبَقْ لِلْخِيـْرْ أِ آسْعَدْ رَاَحْ وتْـهَـنَّى جَسْــدُهْ
مَاَ يْجُوُهْ نَاَكِرْوُ مُنَّكَرْ غضْبَاَنِيْ
- يَاَاِلْوَحدَاَنِيْ - يَاَمْحَاَيِنْ قَلْبِيْ ومَاَصَاَرْ بِيـَّا
تَاَبِعْ اِلْدُّنْيـَاَ اِلْغَرَّاَرَةْ وشِيـْطَانِيْ
ولإَ عْرِفْتْ آَنَاَ اِلْمُوُتْ أِمْنِيـْنْ هِيـّا
يَاَ اَلَّلّهَ طْلَبْتَكْ تِعْفُواُ عْلِيـَّا
يحاول ابن مسايب تصوير المصير الذي ينتظر هذا الإنسان بعد انقضاء أجله؛ فيترجى المولى جل ثناؤه كي يلطف بعباده بعد الموت وخاصة في الليلة الأولى في القبر وتحت اللحد يبغي رحمته وعفوه، ويعظ القارئ بفعل الخيرات وترك المنكرات فمن عمل خيرا كان سعيدا في الآخرة ومن غفل عن العمل الصالح واتبع الشهوات وملذات الدنيا بات شقيا، يستشهد بحضور الملكين منكر ونكير في هيئة غاضبة وسؤالهم فيم قضى العبد حياته، فيوصيه فعدم الاغترار بالدنيا وشيطانها والرجوع عن حب الدنيا وطلب العفو من الله فلا تدري متى يأتيه هادم اللذات .
و يضيف المنداسي:
يـا آمـن الـروع فليالـي حيلة
يـوم لا تغـني عـن المـرو الحـيل
يا حبيب الله حظي في الرضى
إن لـي بـالـباب نحـب وحفـيل
فـانتـظر إن ذنـوبــي كـثرا
وقل عزمي بالخطايا والكسل
ما لذنوبي عن تجلي فضلكم
يـا رســول الله العــبد حـصل
صل يا رب على مـن بـاسمه
يقـبل الله مــن العــبد العـمل
يحتمي المنداسي بالمصطفى بغية أن يعفو الله عنه ويكفر خطاياه ويتضرع اليه زاهدا في الدنيا بعد الرجوع إليه تائبا خاشعا ؛ معترفا بإسرافه في الذنوب ـ فطلب الشفاعة من الله قصد دخول الجنة، ويقر بارتباط قبول الأعمال بالصلاة عن النبيﷺ.
يقترن الزهد بالحِكمة والموعِظة، اللّذين ينشآن عن مِراسٍ وعِبرة كَفِيلين بتوخِّي الحذر من الدُّنيا، واعتلاء مقامات الآخِرة؛ وهذا المظهر الكائِنُ فِيها يقُودُ العارِفَ – فِي غِيابه الرُّوحي- إلى ارتياد مراتِب الزُّهدِ حسب الحال والتمكُّن23، وفي هذا الصدد يقول ابن مسايب في قصيدة "ما وفى شيء طلبي":
يَا بُو نَادِمْ نُوُصِيـْكْ
لإَ تْعَـلِّـقْ رُوُحَـكْ بِلْسَانَكْ
لإَنِيْ خِفْـتْ عْلِيـكْ
لإَ تُــوُرِيْ لِلْـنَّـاَسْ هْبـاَلَـكْ
اِنْظُرْ مَـاَ يِصْلَحْ بِكْ
شُفْ عَيـْنَكْ هِيَّ مِيـْزَاَنَكْ
نِنْصْحَـكْ يَـاَ زُغـبِيْ
لإَ تْخَـاَلِـطْ شِـيْ مَنْ هُوَ فَاَجِـرْ
كِيـْفْ قَـاَلْ اِلْغَرْبيْ
نَـاَكِـرْ اِلْعِشْـرَةْ مـَاَ يِتْعاشَـرْ
يَــاَ بُــوُنَــاَدِمْ اِنْـظُـرْ
لإَ تْخَـاَلِـطْ عُـمـْرَكْ مَـنْ واَلإَ
تَعْـيَ ولَــوُ تِــكْــبَرْ
مَـاَ يْفِيْـدَكْ صَـاَحِ بِمْـسَـاَلإَ
مَـاَ قُلْتْلَهْ خِيْـرْ آَوُ شَـرْ
واَصِـلْ اِلْـدَّهْـرْ صْحِيـْحْ اِقْبَاَلإَ
كُـنْ رَجُــلْ حَـرْبـِيْ
كَيِّـسْ لْـبيْ مْحْـكَّرْ شَـاَطِرْ
وُ لإَ تْخَــاَلِــطْ دَرْبــيْ
يلْعَـب عْـلَى اِلَـرْيَـاَحْ ويْسَاَفِرْ
يَـاَ بُـوُنَــاَدِمْ تَحْـقِـيْـقْ
كُـلْ شِيْ كَـاَنْ مْقَدَّرْ سَاَبِقْ
بَعْـدْ اِلْشِـدَّةْ واِلْضِّـيْقْ
يْفَـرِّجْ عْلَـى اْلْمْخْلُـوُقْ اِلْخَاَلِـقْ
صَاَحِب مَعْشُوُقْ عْشِيْقْ
صَـاَحِ اِلْعِشْقْ عْشِيْقْ وُعَـاَشِقْ
مَــاَنْـــوَرِّيْ عَــيْــبِيْ
وُلإَ نْظَـاَهِـرْ لِلْنَّـاَسْ اِسْرَاَيِـرْ...
من منطلق حكمته وتجربته في الدنيا الزائلة ينصح ابن مسايب من يقرأ قصيدته بعدم ترك العنان للسان فيفضح حماقاته وأسراره لمن لا يكتم السر ويتخذها يوما ما ذريعة وسلاحا ضده، كما يوصيه بعدم مصادقة ومصاحبة من كان وخاصة فئة الفاجر، كونه ناكر للصنيع الجميل، ويحثه على أن كل شيء سواء أكان سابقا أو لا حقا مقدر ومكتوب عند الله تعالى فلا داعي للجزع، فبعد كل ضيق يأتي الفرج فالله رحيم بعباده، تدارك شاعرنا سقطاته في الدنيا، فجاء بيت القصيد في تنبيه القارئ من الغفلة، وحثه على مجاهدة النفس والصحبة الطيبة التي تهديه سبل الصلاح والفلاح ألا وهي التعلق بحب المولى والنبي المصطفىﷺ شفيع امته والسكون والحلول في رحاب الروضتين الالهية والمحمدية.
نافلة القول:
من خلال ما تم التطرق إليه نخلص إلى أن الشعراء الشعبين في الجزائر عامة وتلمسان خاصة وجدوا ضالتهم في ثوب التصوف، فبات الوعاء الحامل لتجربتهم الروحية وتوقهم المتفاني، فاتخذوا من المقامات الصوفية سبيلا للبوح بالحب الإلهي كونه يتجاوز الطرق الشعري إلى منهج حياة ودين يعيشون له، ويأتي بعده تبعا البوح الفياض حول حب الرسول عليه الصلاة والسلام باعتباره النور الذي يسري في روح المتصوف العاشق الذي يجتهد اجتهادا كبيرا في المحبة الروحية قاصدا لقاء معشوقه ونيل رضاه لدرجة أنه يفقد نفسه ويفنى في حبه والانتشاء في حضرته، فوقفنا على أربع مقامات : مقام الحب الإلهي مقترنا بمقام التوبة والتوسل، ثم مقام حب وعشق الرسول عليه الصلاة والسلام، مرورا بمقام الشوق إلى رسول الله والتغني بصفاته، وصولا إلى مقام الزهد والورع مقترنا بالحكمة والموعظة، وبيَّنا مدى تأثير الصوفية على الفنون والثقافة الشعبية عامة والملحون خاصة واستجلاء الممارسات الروحية وفق أبعاد فنية وجمالية.
الهوامش
1- سعيد جاب الخير. (صحفي وباحث جزائري في مجال التصوف والطرق الصوفية): التصوف وشعراء الملحون في الجزائر: بن مسايب أنموذجا/ مقال نشر بمجلة ايلاف الالكترونية - لندن، العدد 6453 ، ماي 2007. https://elaph.com/Web/ElaphLiterature/2007/5/231207.html
2- سورة الاحزاب ، الاية 13
3-جمال الدين بن منظور : لسان العرب ،مادة قوم ، ط1 ، دار صادر ، بيروت ، 1990، ج12، ص 297/298.
4- عبد الرزَّاق القاشاني: لطائِف الأَعلاَم في إشارات أهل الالهام (معجم ألفبائي في الاصطلاحات و الاشارات الصوفية ، تر و تح : عاصم كيالي، مج2دار الكبت العلمية ،بيروت ، 2004م ،ص 660. ويُنْظَر أيْضًا: أبو القاسم القُشيري: الرِّسالة القشـيريّة في علم التصوُّف، تح: الإِمام الدّكتور عبد الحليم محمود والدُّكتور محمود بن شريف، دار المعارف- القاهرة (مصر)، ط/1995م، ج1/ ص 153.
5- عبد الـكريم بن هوازن القشيري النيسابوري: الرسالة القشيرية في علم التصوف، تحقيق معروف زريق وعلي عبد الحميد بلطه جي، ط2 ،دار الجيل، بيروت 1990 ،ص 56/57
6- ابن عربي: الفتوحات المكية، تحقيق د. عثمان يحي، ط2 ،الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة 1985 ،ج2 ،ص 385
7- عبد الكريـم الـجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخـر و الأوائل، تح: أبو عبد الرّحمـن صلاح بن محمّد بن عويضـة، دار الكتب العلـمِيّة، بيـروت- لبنـان، ط1، 1997م، ص 85.
8-ينظر: فاطيمة داود: التجليات الالهية عند شعراء تلمسان الصوفيين ، مجلة حوليات التراث ،جامعة مستغانم ، العدد 17 ، 2017 ، ص 85
9- الشيخ ابن مسايب : إن القليل الذي نعرفه عن حياة الشاعر الشيخ محمد بن مسايب حصلنا عليه عن طريق التقاليد الشفاهية. ويمكننا أيضا أن تستشف حياة الشاعر من خلال إنتاجه الذي يختزن عاطفة صادقة ويحمل وقعا مؤث ا ر. أمضى بن مسايب شبابه في ممارسة مهنة النسيج التي ساهمت على ما يبدو بطريقة أو بأخرى في تنمية ذوقه الفني. كما تنوعت التجربة الشعرية لابن مسايب من خلال ديوانه ، بين الغزل ومناجات الأحبة ، ومن تعلق بهم قلبه الرقيق فسخر لهم شعره وأرسل لديارهم قوافيه تستعطفهم وتترجاهم أن يتواصلوا معه ويبادلوه غ ا رمه ويسقوه رياحين أنفسهم فتشفى نفسه العليلة ، وكان خطاب ابن مسايب لحبيبة مجهولة لم يفصح عنها في كثير من أشعاره ، أو يكني بأسماء رمزية كعائشة ، عيشوش ، كغزالي ،حبيبي/ محمد بخوجة : كتاب الحب والمحبوب ، دار ابن خلدون تلمسان ، نشر ابن خلدون ،2004 ، ص20.
10-الطُّوسي: اللَّمع فِي التصوُّف، تح: عبد الحليم محمود و طه عبد الله سرور، دار الكتب الحديثة، القاهـرة، و مكتبة المثنَّى، بغداد، 1960، ص68.
11-المصدر نفسه، ص 68.
12- محمد بخوجة : كتاب الحب و المحبوب ، دار ابن خلدون –تلمسان ، 2004، ص 20/21.
13-سعيد جاب الخير : التصوف و شعراء الملحون في الجزائر –ابن مسايب أنموذجا – مقال بمجلة ايلاف الالكترونية – لندن ، ماي 2007، العدد 6453، تاريخ الاخذ : 22/01/2019، https://elaph.com/Web/ElaphLiterature/2007/5/231207.html
14- جمال الدين خياري، الشعر الشعبي في الجزائر وعلاقته بالموشحات و الأزجال، مجلة الثقافة تصدر عن وزارة الثقافة، الجزائر، السنة السابعة، العدد 37، صفر ربيع الأول 1397 - فبراير مارس 1977 ، ص 85 .
15- سعيد جاب الخير : التصوف و شعراء الملحون في الجزائر –ابن مسايب أنموذجا – مقال بمجلة ايلاف الالكترونية – لندن ، ماي 2007، العدد 6453، تاريخ الاخذ : 22/01/2019، https://elaph.com/Web/ElaphLiterature/2007/5/231207.html
16- أحمد ابن تريكي تصغير تركي ، التلمساني الدار والنشأة ولد في أواسط القرن الحادي عشرة ، لقب "بابن الزنقلي" لأن أباه كان موصوفا بالخشونة والشدة والعنف ،يعد من فحول الشعر الملحون الجزائري ، توفي في أوائل القرن الثاني عشرة الهجري .)احمد ابن تريكي الملقب ابن الزنقلي الديوان ، جمع وتحقيق عبد الحق زريوح ، ابن خلدون للنشر والتوزيع ،تلمسان ، الجزائر ،ط1، 2001، ص25.
17- سعيد جاب الخير : التصوف و شعراء الملحون في الجزائر –ابن مسايب أنموذجا – مقال بمجلة ايلاف الالكترونية – لندن ، ماي 2007، العدد 6453، تاريخ الاخذ : 22/01/2019، https://elaph.com/Web/ElaphLiterature/2007/5/231207.html
18- قصيدة "دمعي سكيب " للشاعر ابن تريكي ،بصوت الشيخ عبد الكريم دالي،وموجودة كذلك بديوان ابن تريكي، ص 2
19- قصيدة :هاض الوحش عليا لابن مسايب.
20- سعيد بن عبد الله المنداسي ، التلمساني المنشأ ، والمنداسي نسبة لبلدة منداس بغيليزان ، يعد من فحول الشعر الملحون الجزئري عاش بتلمسان في القرن الحادي عشرة للهجري ، وقد دفع النزاع بين العثمانيين في الجزائر ، والعلويين في المغرب إلى الهجرة للمغرب سنة 1060م وألف قصيدة دعا فيها أهل البلدة للثورة على الظلم ، وسمى قصيدته :" "الأعلام فيما للإسلام من قبل الأ تراك بتلمسان والجزائر "، توفي سنة 1088 ه-1677 م / ينظر : مختار جبار : الشعر الصوفي في الجزائر ، في العهد العثماني ، ملحق جامعة عين الشمس كلية الآداب ، بقسم اللغة العربية ، 1990/1991م ،ص61 . و ديوان سعيد بن عبد الله المنداسي التلمساني ، تقديم وتحقيق رابح بونار ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ، دط، ص 5.
21- محمد عبد المنعم خفاجي : الادب في التراث الصوفي ، دط، دار غريب للطباعة و النشر ، القاهرة، دت، ص43.
22- القاشانِي: لطائِف الإِعلام، المصدر السّابِق، ج2/ ص 415، و انظر: محمّد أحمد علِي: مقامات العِرفان، مؤسّسة الانتشار العربي، بيروت- لبنان، ط 2007م، ص 76، و هذا فصل يتحدَّثُ فِيه المؤلِّفُ عن مقام الزُّهـد، بشيءٍ من التَّفصِيل، و للتّفصِيل أكثـر، يُنظر: الإِمام أحمد بن حنبل الشَّيبانِي، الزُّهـد، خرّج أحادِيثَهُ: محمّد بن عيَّادِي بن عبد الحلِيم، مكتبة الصّفا، القاهرة، ط1- 2003م.
23- التمكّن-كما قال القاشانِي فِي مؤلّفه لطائف الاعلام ج1/ ص282 - : عبارة عن غاية الاستقرار فِي كُلِّ مقام، بحيث يَصِحُّ لِصاحِبِهِ القُدرة على التصرُّف فِي الفِعلِ أو التّرك، وأكثر ما يُطلق فِي اصطِلاحِ الطَّائِفة على من حصل له البقاء بعد الفناء. و تارة يُطلقُ التمكُّن على ما قبل ذلك من المقامات، ولهذا جعلُوا التمكُّنَ على مراتِب ثلاث: – تمكّن المُرِيد- تمكّن السّالك- تمكُّن العارِفِ .
24- القرآن الكريم برواية ورش عن نافع، سورة الاحزاب.
قائمة المصادر والمراجع :
الإِمام أحمد بن حنبل الشَّيبانِي، الزُّهـد، خرّج أحادِيثَهُ: محمّد بن عيَّادِي بن عبد الحلِيم، مكتبة الصّفا، القاهرة، ط1- 2003م.
أحمد ابن تريكي الملقب ابن الزنقلي الديوان، جمع وتحقيق عبد الحق زريوح، ابن خلدون للنشر والتوزيع ،تلمسان، الجزائر ،ط1، 2001.
جمال الدين بن منظور : لسان العرب ،مادة قوم، ط1، دار صادر، بيروت، 1990، ج12.
جمال الدين خياري، الشعر الشعبي في الجزائر وعلاقته بالموشحات والأزجال، مجلة الثقافة تصدر عن وزارة الثقافة، الجزائر، السنة السابعة، العدد 37، صفر ربيع الأول 1397 - فبراير مارس 1977 .
ديوان سعيد بن عبد الله المنداسي التلمساني، تقديم وتحقيق رابح بونار ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر، دط.
عبد الرزَّاق القاشاني: لطائِف الأَعلاَم في إشارات أهل الالهام (معجم ألفبائي في الاصطلاحات والاشارات الصوفية، تر وتح: عاصم كيالي، مج2دار الكبت العلمية ،بيروت، 2004م .
سعيد جاب الخير: (صحفي وباحث جزائري في مجال التصوف والطرق الصوفية): التصوف وشعراء الملحون في الجزائر: بن مسايب أنموذجا/ مقال نشر بمجلة ايلاف الالكترونية - لندن، العدد 6453، ماي 2007، تاريخ الاخذ : 22/01/2019، https://elaph.com/Web/ElaphLiterature/2007/5/231207.html
الطُّوسي: اللَّمع فِي التصوُّف، تح: عبد الحليم محمود وطه عبد الله سرور، دار الكتب الحديثة، القاهـرة، ومكتبة المثنَّى، بغداد، 1960.
ابن عربي: الفتوحات المكية، تحقيق د. عثمان يحي، ط2، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، ج2، 1985.
فاطيمة داود: التجليات الالهية عند شعراء تلمسان الصوفيين، مجلة حوليات التراث ،جامعة مستغانم، العدد 17، 2017 .
أبو القاسم القُشيري: الرِّسالة القشـيريّة في علم التصوُّف، تح: الإِمام الدّكتور عبد الحليم محمود والدُّكتور محمود بن شريف، دار المعارف- القاهرة (مصر)، ط1، ج1، 1995م
عبد الكريـم الـجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخـر والأوائل، تح: أبو عبد الرّحمـن صلاح بن محمّد بن عويضـة، دار الكتب العلـمِيّة، بيـروت- لبنـان، ط1، 1997م.
عبد الـكريم بن هوازن القشيري النيسابوري: الرسالة القشيرية في علم التصوف، تحقيق معروف زريق وعلي عبد الحميد بلطه جي، ط2، دار الجيل، بيروت 1990 .
محمّد أحمد علِي: مقامات العِرفان، مؤسّسة الانتشار العربي، بيروت - لبنان، ط 2007م.
محمد بخوجة : كتاب الحب والمحبوب، دار ابن خلدون تلمسان، نشر ابن خلدون ،2004 .
محمد عبد المنعم خفاجي: الادب في التراث الصوفي، دط، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة، دت.
مختار جبار: الشعر الصوفي في الجزائر، في العهد العثماني، ملحق جامعة عين الشمس كلية الآداب، بقسم اللغة العربية، 1990/1991م .