التأصيل لموسيقى الآلة المغربية
العدد 44 - موسيقى وأداء حركي
لقد كانت الثمانية قرون التي استوطن فيها المسلمون شبه الجزيرة الإيبيرية (82 ه/771م - 897 ه /1492 م)، كافيّة لنضج القوالب الموسيقية والغنائية في تلك البلاد؛ والتي أنتجت طريقة في الغناء اتخذت مع مرور الوقت صبغة محلية ، سرعان ما انتشرت في البلدان المجاورة؛ ومنها موسيقى الآلة التي انتقلت إلى المغرب، وهذا ما أكّدته المصادر التي عنت بهذا النمط الموسيقي.
فجلّ النصوص أومأت إلى أنّ هذه الموسيقى «عربية أندلسية مغربية صميمة ولدت على ضفاف دجلة والفرات، ونمت هناك تحت تأثيرات مختلفة فارسية ورومية، مكّنتها من الأسس العلمية التي تتركز عليها، ونقلها إلى الأندلس زرياب الموسيقي البغدادي الشهير، وهناك تأثرت من جديد بمؤثرات مغربية، بما كان من الاتصال الوثيق بين العدوتين»1. فقد حمل الوافدون العرب إلى الأندلس ذخيرة موسيقية، شكّلت خلاصة ما أنتجه وأبدعه الفكر العربي المشرقي.
وتشكّل هذه الموسيقى «واحدة من الامتدادات والروافد التي تفرّعت عن الموسيقى العربية بمفهومها العام ومن ثمّ فمن الطبيعي أن ترتبط هذه الموسيقى بالأصول نفسها التي تلتقي عندها أصناف الموسيقى العربية عموما»2. فهي خلاصة «امتزاج وتلاقح المعطيات الفنية النابعة من طبيعة موسيقى العناصر البشرية المتساكنة بالأندلس، وهي العرب والبربر والقوط والصقالبة»3. ممّا ساهم في بلورة مفهوم موسيقي جديد.
فقد ارتبط ظهور موسيقى الآلة بـالأنماط الموسيقية التي كانت موجودة في شبه الجزيرة الإيبيرية، وعلى إثر التبادل الثقافي بين المشرق والمغرب، تأثّرت الموسيقى المحلية بـالأشكال الموسيقية والغنائية التي حملها العرب من المشرق4.
زرياب في الأندلس
مع انتقال زرياب (857-784ه/173-243ه) من بغداد إلى الأندلس «عرف التواصل بين الضفتين ذروته رغم الاختلافات الإثنية والعقدية التي كانت سائدة آنذاك، حيث أدخل العديد من التقاليد الموسيقية والغنائية»5 وجعل للغناء «مراسيمه الخاصّة عدا ما ابتكره من مراسيم الزيّ والمظهر»6.
ابن خلدون أشاد بالدور الذي لعبه زرياب7(أبو الحسن علي بن نافع)، في تقعيد الموسيقى في تلك المنطقة مشيرا إلى أنّه «أورث بالأندلس من صناعة الغناء ما تناقلوه إلى أزمان الطوائف»8.
بمعنى، أنّ ما خلّفه زرياب من صناعة الغناء، امتدّ إلى فترة الصراع حول الإمارة؛ و التي تعرف تاريخيا بزمن الطوائف (400-484 ه). فصنيع زرياب امتد زهاء قرنين من الزمن؛ أي من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي إلى أواخر القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي. إذ بقي الغناء في بلاد الأندلس يمتح من معين الطريقة الزريابية. ذلك أنّ المدرسة التي أنشأها؛ عمد فيها إلى تعليم الناشئة قواعد الموسيقى والغناء وفق معايير مضبوطة؛ سواء تعلّق الأمر بأبنائه، أو من خلال تهيئ الجواري اللاّئي ورّثن بدورهنّ تلك الطريقة للأجيال اللاحقة.
فالنصوص أعلاه، تضعنا أمام معطيات واضحة تتمثّل في كون زرياب هو الوسيط الموضوعي في نقل موسيقى المشرق إلى بلاد الأندلس، وعمله كان علميا مبنيا على قواعد رياضية يخضع لها الأداء. وبعد انهيار الحكم العربي بالأندلس، تفرّق الإرث الموسيقي على البلدان المجاورة، ومنها بلاد المغرب الأقصى.
فالنصّ الغنائي الأندلسي كان يؤدّى وفق تقاليد بسيطة، قبل أن يأتي زرياب ويقعّد لمراسيمه التي اتسمت بالضبط المبني على التدرّج بين مراحل تبدأ من ثِقالِ النّغمات، وتتدرّج إلى خفيفها والتي بها يختتم العزف والغناء.
وعلى الرغم من أنّ مجموعة من الموسيقيين قد سبقوا زرياب إلى بلاد الأندلس؛ أمثال علّون وزرقون أيام الحكم بن هشام9 والمعتمد العبادي (1040-1090ه) الذي جمع إلى جانب الشعر حسن الغناء والعزف على آلة العود 10. إلا أنّ علوّ كعبه الموسيقي جعله يتبوّأ المكانة الأولى، ويشكّل فيصلا بين مرحلتين موسيقيتين الأولى عادية، والثانية معقلنة ومقنّنة وفق قواعد ومعطيات جديدة، وحيث تشكّل النوبة أهمّ مستجدات ذلك الأداء.
الموشّح : قنطرة التجديد في موسيقى الآلة
اعتبر ظهور الموشّح في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي بداية مرحلة جديدة في تاريخ موسيقى الآلة؛ إذ سيغيّر الموازين الموسيقية التقليدية التي كانت سائدة؛ حيث استجاب لحاجات غنائية وموسيقية، نتيجة انصهار وامتزاج العرب بالإسبان 11.
فظهور الموشّح بهذا الشكل الجذّاب إن شكلا أو مضمونا، يشي أّنّ ظاهرة موسيقية كانت سائدة، ساهمت في تعديل المزاج الجمعي للأندلسيين، ودفعتهم إلى استنساخ تلك الأشكال الموسيقية المتداولة شعرا وفق قواعد جديدة. وهي ظاهرة خلّفت في معظمها ردود أفعال تباينت بين الاتجاه المحافظ الذي اعتبر المولود الجديد تمرّدا عن العروض الخليلي، في حين اعتبره الاتجاه المؤيّد ضرورة شعرية في واقع يتحرّك داخل أبعاد حضارية متعايشة في بلاد الأندلس12.
فقد انتشرت ثقافة شعرية جديدة، تغذّت من الأشكال الموسيقية السائدة، والتي تطوّرت مع توالي الأيام لتشكّل نواة طقوس غنائية أرخت بظلالها على واقع الموسيقى في تلك الربوع، والتي ستعرف تغييرات مسّت عمقها ونوّعت من طرائقها اللحنية والإيقاعية. كما أنّ هذا اللون التوشيحي، سيشكّل في فترة متقدّمة ركيزة من ركائز المتن الأدبي لموسيقى الآلة.
لكن ما يهمّنا هنا؛ هو أنّ التّوشيح رسّخ لثقافة غنائية تعتمد التنوّع اللحني داخل المقطوعة الواحدة، الذي كان يسم الأغاني الشعبية السائدة في تلك الحقبة. والتي اعتمدت الأرغن كوسيلة في عملية التلحين إلى درجة اعتبر ابن سناء الملك « الغناءُ بها على غير الأرغن مستعار وعلى سواه مجاز»13. مضيفا أنّ «مالها عروضٌ إلا التلحينُ ولا ضربٌ إلا الضرب، ولا أوتادٌ إلا الملاوي ولا أسبابٌ إلا الأوتار»14. والأرغن هي «آلة موسيقية ترافق غناء الموشّحات آنذاك، وهي طريقة جديدة الأكيد أنّها ترسّخت مع الزمن، وأصبح لها مريدوها ومتذوّقوها. بل إنّ نظام الموشحات اعتمد التعدّد في الألحان الذي يتماشى والتغيير الجديد في شكل الموشّحة بين الأقفال والأغصان. بل تمّت الاستعانة بحروف لملء فراغ الجملة اللحنية، وهذا ما أ شار إليه صفي الدّين الحلي عندما أورد قول ابن بقي» .
مَنْ طالِبٌ
ثارَ قتلي ظبيَاتُ الحدوجِ
فتّاناتُ الحجيجِ
فإنّ التلحين لا يستقيم إلا بأن يقول «لا لا » بين الجزءين الجيمين من هذا القفل15، وهذا ما استعانت به موسيقى الآلة كذلك في عملية الغناء، والتي تعرف موسيقيّا بالنّنات.
وعليه، فالمرحلة التي تلت زرياب اتسمت بالانفتاح على أذواق موسيقية متنوّعة، تعكس وحدة المصير الفني المشترك ؛ ذلك أنّ الموسيقى وحّدت الأطياف المتساكنة في شبه الجزيرة الإيبرية، واستجابت لتعدّد الأذواق وتنوّعها.
ابن باجة والمستوى التوفيقي في موسيقى الآلة
التنوّع والثراء الموسيقي الذي تلا ظهور الموشّح، استجاب له الفيلسوف أبو بكر محمد بن الحسين بن باجة (487 / 533ه)(1094/ 1139م) الذي عمد إلى جمع ما تفرّق من هذه الموسيقى، بعد فترة فراغ مرّت بها؛ حيث وضع ألحانها بطريقة مغايرة اعتمدت التهذيب والتنقيح.
فلم يكن عمل ابن باجة هاويا أو متطفّلا على الموسيقى، بل كانت صنعته مُتقنة، جمعت بين أكثر الأشكال الموسيقية انتشارا في بلاد الأندلس، ممّا أنتج رؤية موسيقية جديدة تبنّاها سكّان تلك الجغرافيا، وتركوا ما سواها.
لكن أين يتجلّى جديد ابن باجة؟ وما هي أهم الإضافات التي أدخلها على عملية العزف والغناء؟
الإجابة نعثر عليها في نصّ التيفاشي16؛ إذ أخبر أنّه «هذّب الاستهلال والعمل ومزج غناء النصارى بغناء المشرق، واخترع طريقة لا توجد إلا بالأندلس؛ مال إليها طبع أهلها فرفضوا ما سواها»17.
فابن باجة أو ابن باجي محمد بن يحيى الصائغ (ت 1138ه)، الذي«اعتكف مدّة سنين مع جوار محسّنات»18. ونعلم مدى الدور أو بالأحرى الأدوار التي قامت بها الجواري والقيّان، في الحفاظ على طرق الغناء، نظرا لقدرتهنّ الباهرة على تخزين الأشعار المغنّاة في ذاكرتهنّ، وهي صفة قد ترفع درجة إحداهنّ عن الأخرى، إضافة إلى حسن الصوت وجمال الشكل.
فابن باجة إذن نقّح النشيد؛ أي الاستهلال والعمل19 ممّا لحقه من شوائب؛ وهذا يشي أنّ طريقة الغناء التقليدي أصابتها متغيّرات، وزاغت عمّا رسمه زرياب للنشيد. وهو شيء طبيعي مادامت المدّة الفاصلة بين تقعيد زرياب، وتجديد ابن باجة وصلت حوالي قرنين من الزّمن. وهي فترة عرفت مستجدات غنائية وموسيقية ترّسخت في بلاد الأندلس. فبالإضافة إلى غناء العرب، نجد غناء النّصارى والقصد هنا «الأناشيد الكنسية الكَريكَورية التي نشرتها تعاليم الكنيسة على عهد البابا كَريكَوريوس الأول»20. وحيث شكّلت الموشّحات النموذج الغنائي الجديد الذي ساهم ابن باجة في تلحينه بشكل لافت. وهي الفترة «التي تمّ له فيه الاتصال بالأمير المرابطي ابن تيفلويت، الذي كان أميرا على غرناطة جنوب الأندلس منذ سنة 500 هـ»21.
فابن باجة انتقى من غناء العرب والنصارى في القرن السادس الهجري ما ارتضاه كقالب غنائي وموسيقي جديد» مال إليها طبع أهلها فرفضوا ما سواها»22. كذلك عمل على تسوية العود، واستخراج الطبقات الصوتية الأربع، التي عليها الاعتماد في الألحان، حسب ما أورده ابن دويرده 23.
فالأكيد أنّ المزج بين طريقتين مختلفتين في الغناء، تطلّب من ابن باجة مجهودا جبّارا من أجل تخريج موسيقي جديد، ستشتغل فيه النوبة وفق مقاييس جديدة، استجابت للأذواق المتعايشة في بلاد الأندلس كمرحلة أولى، قبل أن تعبر المتوسط، لتصل بلاد المغرب العربي عامّة والمغرب الأقصى على وجه التدقيق. وهو تجديد شمل القوالب التي كانت تؤدّى بها النوبة، من حيث المراحل المشكّلة لعملية أدائها؛ من خلال الاعتماد أوّلا على الطريقة الزريابية في أداء النوّبة، وتوظيف منحى لحني جديد استعان بالأشكال الموسيقية الجديدة التي ترسّخت في بلاد الأندلس والتي اعتبر الموشّح النموذج الشعري الذي تولّد عنها.
نفس الطموح استمرّ لدى ابن باجة، عندما استقرّ في مدينة فاس حوالي سنة ( 1118م / 511 ه) لمدّة ناهزت عشرين سنة (حيث اشتغل كوزير ليحيى بن يوسف بن تاشفين)24. وللإشارة فقد اعتبرت فترة المرابطين (447-541 ه /1055-1146م) وخصوصا في نهايتها، بداية التطبيع الموسيقي بين العدوتين؛ «حيث أخذت هذه الموسيقى تتدفّق على المغرب بعد توحيده مع الأندلس»25.
فساهم ابن باجة في ترسيخ نهج موسيقي جديد، هو امتداد لما أحدثه في بلاد الأندلس، فكان طبيعيا أن يتبنّى نفس المسلك، رغم انشغالاته في تدبير شؤون الدولة. لقد كان ابن باجة «بحق أوّل من أدخل التلاحين الأندلسية إلى المغرب، وقد مكّنه طول استقراره به من نشرها وتعليمها في ظل الدولة الحاكمة ورؤسائها»26. وهناك إشارة لطيفة من التيفاشي إلى أنّ ابن باجة آخر من كان يلحّن بالمغرب «ولا يلحن عندهم شعر محدث غير ما كان يفعله ابن باجة، فإنه كان يصنع الشعر ويلحّنه»27. لكن يشير في نفس الآن إلى معطى آخر يدعو إلى الاستغراب عندما اعتبر بأنّ «أصواته مطرحة عندهم قلّما يغنون فيها، وإنما يغنّون في هذه الأشعار المذكورة أوما أشبهها من الأشعار القديمة الملحّنة التلحين القديم»28. وهذا يعني أنّ ألحانه لم تلق الإقبال المطلوب، في واقع موسيقي لم يتخلّص من الطريقة القديمة في العزف والأداء.
لكن الصعوبة التي تعترض الباحث في تاريخ موسيقى الآلة - وخصوصا في فترة ما بعد زرياب وابن باجة - هو قلّة الأبحاث التي تطرّقت لهذه الموسيقى، فصعوبة الاهتداء إلى تطوّر هذه الموسيقى، ستجعل الباحث، غير قادر على معرفة الطرائق التي ميّزتها في فترات بعينها.
نقطة أخرى بصمت تلك المظان القديمة؛ هو اكتفاؤها بالإشارات الطفيفة للموسيقى التي كانت تعرض في الاحتفالات الدينية أو الاستعراضات العسكرية. ممّا يبقي نفس الضبابية في التعاطي مع ذلك الموروث. وحتى الأبحاث المعاصرة وقعت في شرك تلك المؤلفات القديمة، من خلال توظيف بعض نصوصها اعتباطا، للحكم على ازدهار أو تراجع الموسيقى في فترة معيّنة.
فلا نملك إلاّ إشارات لأسماء موسيقيين أخذوا المشعل كـ « ابن جودي وابن الحمارة وغيرهما، فزادوا ألحانه [أقصد ابن باجة] تهذيبا، واخترعوا ما قدروا عليه من الألحان المطربة. وكان خاتمة هذه الصناعة أبو الحسين إبن الحاسب المرسي29»30.
انتقال موسيقى الآلة إلى بلاد المغرب الأقصى
ونحن نتحدّث عن صنيع ابن باجة سواء في العدوتين المغرب والأندلس، نشير إلى أنّ الموسيقى في العصر المرابطي قد تأثّرت أيضا ببعض المؤثرات؛ من ذلك «تيار التصوّف الذي لم يلبث مع ظهور الطوائف وإقامة الزوايا أن ارتبط بحلقات الذكر والإنشاد الديني»31. وفي هذه الفترة «ظهر العالم الصوفي الشيخ محمد بن عيسى، وأنشأ طريقته المعروفة بـالعيساوية، وعمل على نشرها [وحافظت هذه الطريقة] على الغناء التقليدي»32.
لكن في العصر الموحّدي (541-668ه/ 1147-1269م) لم تحافظ فيه الموسيقى عموما، والموسيقى المقنّنة على وجه التخصيص على بريقها الذي اكتسبته في السابق بل خفت وهجها، نظرا لأن الإيديولوجية التي حكمت الموحّدين في بدايتهم، لم تُطق انتشار ثقافة القيان التي ازدهرت أكثر من اللازم.
فقد واجه الحكّام آنذاك في بداية دولتهم وبحزم مراكز بيع الآلات الموسيقية؛ وذلك من أجل الحدّ من سطوة الغناء التي انتشرت في العهود السابقة. لكن هذا الحزم سرعان ما تراجعت حدّته « وعادت تجارة القيان للظهور بالمغرب، حيث تعرض جوار بارعات في الألحان الأندلسية بعدما يتعلمنها في إشبيلية»33. وهذا ما صرّح به التيفاشي في قوله «ويُشترين من إشبيلية لسائر ملوك المغرب وإفريقية، تباع الجارية بألف دينار مغربية وأكثر من ذلك وأقل على غنائها ووجهها، ولا تباع إلا ومعها دفترا فيه جميع محفوظها»34.
فالنص أعلاه يشي بعودة الدفىء بين غناء الجواري وملوك المغرب في العصر الموحّدي، بعد طول جفاء، والأكيد أنّهن- أي القيان - قد ساهمن في نهضة موسيقية في المغرب، من خلال ترسيخ طبوع الموسيقى الوافدة من الأندلس إلى المغرب، وخصوصا الغناء المُلقّن القائم على الحفظ.
وفي آواخر العصر الموحدي؛ سقطت مجموعة من الإمارات العربية بالأندلس في أيدي الإسبان كقرطبة وبلنسية وإشبيلية، ممّا عجّل من نزوح سكانها من العرب والمسلمين إلى بلدان شمال إفريقيا وخصوصا المغرب الأقصى. والظاهر أنّهم نقلوا من بين ما نقلوا؛ الأنماط الموسيقية التي كانوا يتغنّون بها، والتي سيطعّمون بها الموسيقى التي تبنّتها الجماعة المتساكنة في بلاد المغرب الأقصى.
نجد نصّا آخر للتيفاشي، يقدّم فيه صورة لطرق الغناء في عصره ؛ أقصد القرن السابع الهجري/القرن الثالث عشر الميلادي، حيث أشار إلى أنّ أهل الأندلس تبنّوا « الطريق القديم وأشعارهم التي يغنّون فيها هي أشعار العرب القديمة المذكورة في كتاب الأغاني»35. وأنّ طريقة الأندلسيين في التلحين» أثقل وأكثر نغما»36.
أمّا أهل إفريقية فـ « طريقتهم في الغناء مولّدة بين طريقتي أهل المغرب والمشرق؛ فهي أخفّ من طريق أهل الأندلس وأكثر نغما من طريق أهل المشرق، وكذلك أيضا أشعارهم التي يغنّون فيها هي أشعار المولّدين»37.
فرغم أنّه لم يشر إلى مسلك المغاربة في الغناء، لكن بالعودة إلى ما جاد به النصّ، نستشفّ أن المغاربة اتّخذوا طريقة في الغناء تختلف عن محيطها الأندلسي والإفريقي؛ إذ تعتمد على نغم متوسّطة لا هي بالخفيفة ولا هي بالثقيلة. مادام غناء أهل الأندلس اتّسم بالثقل، وغناء أهل إفريقية كان أقلّ نغما من غناء أهل المشرق. وعليه فالنهج الموسيقي الذي استساغه المغاربة في تلك الفترة التي أرّخ لها التيفاشي، يختلف نسبيا عن محيطه سواء بلاد إفريقية أو أهل الأندلس.
وقد حاول التيفاشي أن يؤرّخ لهذه الفترة، عندما أخبرنا أنّه رغم انقراض بحور التلحين والأصوات في الغناء العربي القديم في القرن السابع الهجري، إلاّ أنّ المغاربة حافظوا على ما تبقّى منها، رغم أنّه غير قائم على أصول علمية دقيقة، وإنّما هي أشعار ملقّنة بتلحين ملقّن38. وهذه إشارة تنمّ على أنّ الغناء المحدث لم يلق طريقه بعد إلى سوق الموسيقى في المغرب؛ بل تم ّالاكتفاء بالطرق التقليدية في الغناء والتلحين، وهو اللون الغنائي الذي كان منتشرا في القرن السابع الهجري؛ أي فترة حكم الموحدين. وعليه ستكون الأشعار القديمة هي المعتمدة في الغناء لدى أرباب الموسيقى في تلك الفترة.
ملاحظة أخرى؛ فعلى الرغم ممّا أدخله ابن باجة من تعديل على الموسيقى والغناء في القرن الخامس الهجري، نجد النص يطلعنا أنّ غناء الأندلس، مازال في معظمه محافظا على طرق الغناء القديم التي يمتح من الأشعار القديمة التي جمعها صاحب كتاب الأغاني، ممّا يدل على أنّ التجديد الموسيقي لم يترسّخ آنذاك كمسلك موسيقي جديد، وإنّما « يغنّون في هذه الأشعار المذكورة أو ما أشبهها من الأشعار القديمة الملحّنة التلحين القديم»39.
دور الموسيقى الدينية في الحفاظ على موسيقى الآلة
في مقابل خفوت الموسيقى الدنيوية في المغرب- وانحصار معظمها بين أسوار القصور ولدى الفئة النّافذة في المجتمع- ازدهر فنّ الأمداح النبوية والأذكار والأوراد ساعده على ذلك؛ النمو المتزايد للتصوّف «في سائر أرجاء العالم الإسلامي خلال القرنين السادس والسابع للهجرة (الثاني والثالث عشر للميلاد) وقد استخدم الغناء الصوفي الشعر العربي الفصيح كما استخدم الموشّح وحتّى الزجل»40.
وفي هذه الفترة أيضا، انفتحت الطرق الصوفية المغربية « على الغناء بشتّى أشكاله لتدخله إلى طقوس السماع الصوفي، وتخضعه لسياقها الرّوحي الخاص»41. ممّا شكّل قفزة نوعية في تاريخ السماع42 الصوفي الذي وظّف فيما بعد «المعازف والآلات، كما هو الشأن مع آلتي الناي والعود» 43. وهو سماع اتخذ مع مرور الوقت « طابعا أندلسيا على صعيد الطبوع والإيقاعات والأسلوب»44.
ابن الدراج السبتي (ت 693 ه – 1294 م)، أشار إلى أنّ ماكان يتغنّى به في المغرب في القرن الثالث عشر الميلادي/ السابع الهجري « ليس على طرائق أهل الموسيقى وصنعة أرباب الغناء، بل هو أقرب إلى المجمع على إباحته عند العلماء، (من قبيل) مدح المصطفى سيد ولد آدم وخاتم الأنبياء، وإمّا مشوّقات إلى البيت وإمّا زهديات في الدنيا ومتاعها وإما وعظيات تذكر العبد بذنبه» 45. وهذا يدلّ على ازدهار الغناء الديني بأنماطه المتنوّعة، كما يشي أنّ التطبيع بين الغناء الديني في أشكاله المتعدّدة، وبين الموسيقى الوافدة من الأندلس لم تتم إلا في مراحل متقدّمة؛ والمتمثّلة في ترسيم الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف؛ حيث كان يتبارى أجود المنشدين للتغنّي بأشعار المديح. فقد ورد في « المسند الصحيح الحسن»، إشارة إلى احتفالات المغاربة بليلة المولد النبوي الشريف في عهد المرينيين (668 / 875 ه ـ 1269 م / 1471 م)46. إذ يشير ابن مرزوق «فإذا استوت المجالس وساد الصمت، قام قارئ العشر فرتّل حصّة من القرآن الكريم، ويتلوه عميد المنشدين فيؤدّي بعض نوبته، ثم يأتي دور قصائد المديح والتهاني بليلة المولد الكريم» 47. وهو تحوّل مهم في الموسيقى الدينية الصوفية بالمغرب، التي انخرطت في أساليب الغناء المقنّن، وخصوصا مادّة الإنشاد الديني.
وإلى جانب هذا المستوى من الغناء الذي حفل به العصر المريني، اشتهر بعض المغنّيين؛ من قبيل إبراهيم ابن الطراحة، ومحمد بن يعقوب، وابن أبي ضربة، والمريني 48. والواضح أنّ غناءهم خضع لتأثيرات متعدّدة، الأكيد أنّ المدرسة الإشبيلية، ساهمت في ترسيخ تشكيل جديد للنوبة، وإن كان تأثيرها منحصرا في مستويات دنيا. وهذا ما يفهم من قول ابن خلدون «وطما منها بإشبيليا بحر زاخر، وتناقل منها بعد ذهاب غُضارتها إلى بلاد العدوة بإفريقية والمغرب، وانقسم على أمصارها، وبها الآن منها صبابة على تراجع عمرانها وتناقص دولها»49.
وعليه فقد أفاد ابن خلدون( ولد سنة 732 ه ـ 1332 م) بـ «استمرار هذه الموسيقى الاشبيلية بالمغرب حتى زمن كتابة المقدمة أواخر المائة الثامنة للهجرة، ثم زوحمت مدرسة اشبيلية – فيما بعد – بالمدرسة الغرناطية»50.
ولادة موسيقية جديدة
وهي ولادة ابتدأت مع التأثير الغرناطي منذ العصر الوطّاسي (875 / 961 ه ـ 1471/ 1554 م)، حيث دخلت موسيقى جديدة « مع الهجرات الأندلسية الأخيرة في الفترتين: الوطّاسية والسعدية، واستطاعت مدرسة غرناطة أن تطغى على مدرسة أشبيلية، وبهذا أصبحت هي الموسيقى الأندلسية التي بقيت للمغاربة من مخلّفات الحمراء»51.
ويبقى هذا العصر كذلك - أقصد العصر الوطّاسي- شاهدا على بداية التأليف النظري في موسيقى الآلة؛ من خلال نضج ما اصطلح عليه في الأدبيات الموسيقية بنظرية الطبوع والطبائع. فأحمد الونشريسي (ت 955ه ـ 1549م) أبدع في استخراج الطبوع الموسيقية ـ في ذلك العهد ـ وما تفرّع عن أصولها، وعلاقتها بالطبائع الإنسانية. حيث جمع كلّ ذلك في أرجوزة؛ وهي عملية تجسّد كيفية اشتغال النص الموسيقي في ذلك العصر وقبله. والمرجّح أنّ تخريجه هو جماع لفترة من الغناء قد تعود بنا القهقرى إلى ما قبل الوطاسيين.
وعندما استقبل المغرب مهاجري غرناطة بعد سقوطها سنة 1492م، «امتزج أسلوب المدرسة الغرناطية بجذور الموسيقى البلنسية وتولّد عن هذا الامتزاج أسلوب جديد»52. حيث هاجر ما يربو على «نصف مليون إلى بلاد شمالي إفريقيا وأقاموا بها وحملوا معهم جميع ما ألّفوه وكتبوه في الموسيقى ونظرياتها ونقلوا ما كانو يملكونه في الأندلس من آلات وألحان ونغمات»53. والمرجّح أنّ هذه الفترة قد غيّرت الكثير من خصوصيات هذه الموسيقى، إن شعريا أو لحنيّا أو مقاميا.
في عهد السعديين (961/1069هـ- 1554/1659م) سيظهر هذا التجديد جليّا، فالفشتالي سيقدّم صورة واضحة عن مميّزات الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، خصوصا في عهد أحمد المنصور الذهبي (الذي بويع سنة 986 ه / 1578م)، حيث أخبرنا فـ«يتقدّم أهل الذكر والإنشاد يتقدّمهم مشايخهم، واندفع القوم لترجيع الأصوات بمنظومات على أساليب مخصوصة في مدائح النبي الكريمﷺ، يخصّها اصطلاح العرف باسم المولديات نسبة إلى المولد النبوي الكريم. فإذا أخذت النفوس حظّها من الاستمتاع بألحان المولديات الكريمات تقدّم أهل الذكر المزحزحون بالرقيق من كلام الشيخ أبي الحسن الششتُري رضي الله عنه، وكلام القوم من المتصوفة أهل الرقائق. كل ذلك تتخلّله نوبات المنشدين للبيت من نفيس الشعر، يتحيّنون به المناسبة بينه وبين ما يُتلى من الكلام عند الإنشاد من نسيب أو غزل» 54.
يعتبر هذا النص أوّل الوثائق التاريخية التي تكشف لنا معطى جديدا؛ ذلكم المتمثّل في الغناء الجماعي لدى أهل الذكر والمزحزحون، والقائم على ترجيع الأصوات. ممّا يؤكد أن الغناء لدى هذه الفئة اتّخذ مجرى آخر، باعتماد أسلوب جماعي في الغناء بدل الأسلوب الفردي.
وهذا يدفعنا إلى التساؤل: متى بدأ الغناء الجماعي لدى أصحاب هذا النمط الغنائي؟ وموازاة مع ذلك نتساءل عن بداية الغناء الجماعي في موسيقى الآلة؟ ومن أثّر في الآخر أهل السماع أم جماعة الآلة؟
يصعب الاهتداء إلى جواب مقنع، في غياب وثيقة تاريخية تنتصر لرأي معيّن، لكن في تقديري أنّ هذا اللّون الجماعي في الغناء، انتشر قبل تلك المرحلة بكثير، وأظنّ أن الفترة التي أرّخ لها الفشتالي قد عرفت نضج القوالب الموسيقية التي اعتمدها أهل السماع. حيث أصبح الغناء الجماعي وسيلة للتحاور بين جميع المنشدين في طقوس روحية، ينصهر فيها الفرد في خدمة النّص المغنّى.
خصوصا إذا علمنا أن موسيقى الآلة قد تراجع بريقها أمام القلاقل السياسية التي عاشها المغرب ، نتيجة الصراع حول الحكم بين الدول المتعاقبة: الموحّدون، المرينيون، الوطاسيون، السعديون. حيث تسلّمت الزوايا مشعل التغيير ولمّ شتات الأمّة على مستويات متعدّدة؛ شكّل الغناء الروحي أحدها. وبذلك حافظت «على التراث الموسيقي الأندلسي الذي سيجد في كنفها الحماية والرعاية اللتين ستنقذانه من الضياع خلال الظروف السياسية الحالكة التي ستعرفها البلاد.كما أنّها ستسهم مع توالي الأجيال في إثراء نصوصه الشعرية قصائد وأزجال مغربية ذات أغراض دينية وصوفية، وإغناء رصيده اللحني بإنتاج موسيقي مغربي يستخدم طبوعه (مقاماته) وموازينه (إيقاعاته) ويزيد عليها»55.
ولا يمكن للزوايا أن تتأثّر بموسيقى الآلة إلاّ إذا كان هناك ازدهار لهذه الموسيقى عند المغاربة ورواج لها. وهو تأثير مسّ بنيتها اللّحنية كما المقامية وكذا طريق أداء أشعارها. بل يمكن القول أنّ توطين ثقافة الغناء الجماعي ظهرت أوّلا في بلاد الأندلس؛ فبداية الموسيقى العربية في تلك الربوع كانت تُغنّى بشكل فردي قبل أن «يُعاد ترتيب بنيتها لكي يصبح ممكنا أداؤه بصورة جماعية (كورس) يعتمد على اللازمة؛ أي الجزء الذي يغنّيه الكورس. وهو تنظيم غيّر من شكل الأغاني بطريقة ما، على الأقل لكي تصاحبها الموسيقى للتبادل بين المغنّي المفرد والكورس»56.
بل إنّ العصر السعدي عرف ظاهرة الأجواق، وهذا ما حدّثنا به عبد الهادي التازي في تحريره لموسوعته عن التاريخ الديبلوماسي للمغرب، أنّه «عندما زار المغرب السفير البريطاني على العهد السعدي: جيل بين Giles penn، وجدناه يتحدّث عن جوقة كانت تعزف الآلة، التي كانت تنبعث من خلال مشرفيات ساترة لأهل الغناء، الأمر الذي كان يزيد في بهاء الاستقبالات الملكية»57. ونعلم أنّ الأجواق تعزف وتغنّى بشكل جماعي.
ونفس الشيء أشار إليه عبّاس الجراري، عندما حدّد الخطوط العريضة للاتجاه الغرناطي الذي أتى به المورسكيون58، والذي اقتصر في أدائه «على مدخل يعزف بآلة وترية قد تكون العود أو ما إليها مثل المندولين. وبعدها يقوم المنشد بأداء موال يرافقه عزف بالآلة نفسها، ثم تنشد القصيدة في إطار موسيقى يستعان فيه بعدد من الآلات ويظهر صوت المنشد، تعقب أداؤه في كل مرّة ترديدات المجموعة الصوتية المصاحبة له»59. ونعلم أنّ الموريسكيين قد توطّنُوا غرناطة، وشكّلوا الجيل الثاني الذي غادر تلك الإمارة التي سبقتهم هجرات العرب الأولى بعد انهيار الحكم العربي بها مباشرة.
كما أنّ ظاهرة الغناء الجماعي في هذه الموسيقى، لم تقتصر على موسيقى الآلة المغربية، بل نجدها في موسيقى الغرناطي بالمغرب والجزائر وموسيقى المالوف بتونس وليبيا؛ ممّا يؤكد جدلية أسبقية الغناء الجماعي في بلاد الأندلس ومنه انتقل إلى شمال إفريقيا من خلال الهجرات المتتالية بعد سقوط الإمارات العربية في تلك الربوع، بل يمكن القول أن الغناء الجماعي لهذه الموسيقى ترسّخ في هذه الموسيقى قبل نقلها خارج الأندلس. وثمّة إشارة مُغرِية أفادنا بها ابن حزم؛ مفادها أنّ بلاط المهدي ـ في عصر الطوائف (424ه / 484 ه) كان يحتضن فرقا موسيقية تتكون من مائة عود ومائة ناي60. وهذا يشي أنّ ظاهرة الأجواق انتشرت منذ القرن الخامس الهجري، والمرجّح أنّها جمعت إلى جانب العزف الغناء الجماعي.
ويبقى العصر السّعدي لحظة مهمة في تاريخ الموسيقى المقنّنة «الآلة»، فعلاّل البطلة أبدع في إخراج تشكيل نغمي جديد، سُمّي بنوبة الاستهلال، وهي عمليّة الأكيد أنّها لم تكن الأولى أو الأخيرة . إنّ عملا مهمّا كصنيع البطلة، أو ما قام به مجموعة من الموسيقيين الذين قاموا بتلحين مجموعة من الصنعات الشعرية؛ وهي عادة أظنّ أنّها ابتدأت قبل ذلك بكثير؛ فابن باجة بما أضافه من تقنيات جديدة في العزف والغناء، ومن سار على نهجه، كابن جودي وابن الحمارة وابن الحاسب وغيرهم؛ وهو اجتهاد موسيقي حافظ على الأصول، وعزّز من بنية النوبة في موسيقى الآلة.
فقد «تفنّن أهل الأندلس بعد زرياب في الأغاني خصوصا أهل إشبيلية وغرناطة ، فذهبوا فيها إلى طريقة العجم من التأصيل والتفريع، وتخصيص كلّ صنف منها بطبيعة من الطبائع الأربع، وتوزيع اللّحون على ساعات الليل والنّهار إلى غير ذلك، وهذه الطريقة هي التي انتقلت من غرناطة حين استيلاء العدو عليها إلى فاس والمغرب ولا زالت بقية منها بأيدي الناس اليوم»60.
والمرجّح من خلال ما وصلنا من معلومات ـ ولو أنّها شحّيحة وغير مفصّلة ودقيقة ـ عن طريقة غناء النوبة في الفترة الممتدة ما بين العصر المرابطي إلى العصر السعدي، فالمرجّح أنّ هذه الموسيقى خضعت لمراحل من التطور، حتى نضجت صورتها، وهو تحوّل ارتسم في مستويات متعدّدة منها ما هو شعري ومنها ما يرتبط باللحن والطبوع المستعملة.
فما يمكن أن نستشفّه من خلال ما وصلنا من نصوص تاريخية، هو أنّ العرب والمسلمون الذين استقرّوا بالمغرب، قد نقلوا تجربة موسيقية ، تعتبر خلاصة ما أنتجه الفكر الأندلسي عزفا وغناء. وهي تجربة أكسبت النص الموسيقي المغربي في مستواه العالِم أبعادا جديدة، مازال البعض منها متداولا لحدّ الآن.
لكن تبقى الوثيقة - السّبق التي قدّمت لنا صورة واضحة عن خصوصيات النوبة في موسيقى الآلة المغربية، هو ما جاء به كتاب«إيقاد الشموع للذّة المسموع بنغمات الطّبوع» لـ محمد البوعصامي62. حيث جمع في مؤلّفه ديوان الأشعار الملحنّة مرتّبة بحسب الطبوع، كما عمل على ترتيب طبوع موسيقى الآلة وفق ترتيب جديد عدّل فيه وأعاد تقسيمه مخالفا في ذلك من سبقه، و متحدّثا عن علاقتها بالطبائع الإنسانيّة63.
وهذا العمل يطلعنا عن طبيعة الأشعار الملحّنة، والتي لم تخرج عن ثلاثة أصناف: الأزجال، التوشيحات، والأشعار التقليدية. كما أشار إلى الميازين الأربعة المستعملة في عصره : البسيط، القائم ونصف، البطايحي، القدام. دون أن يشير إلى ميزان الدّرج64. وهذا التفريع الجديد للنوبة هو الذي سيضعنا أمام التغيير الحقيقي الذي مسّ موسيقى الآلة.
وقد ساعده على ذلك - أقصد البوعصامي - ثقافته الموسيقية التي أهّلته ليساهم في تقديم إضافات كثيرة لموسيقى الآلة إن لحنا أو على مستوى ترتيب الطبوع، أو من خلال إدماج الصنعات الضائعة في نوبات أقرب إليها مقاميا. دون أن نغفل دور الدفاتر الشعرية التي كانت بحوزة القيّان، والتي وثّقت لطريقة الغناء في مراحل زمنيّة مهمّة من عمر هذه الموسيقى. ولا شكّ «أنّ الدفاتر هي الأساس لما انتهى إليه الأمر في العصور المتأخرة سواء في شكل الحايك بالمغرب، أو في شكل السفينة بتونس»65، حيث شكّلت مادّة خامة للتفريع والتصنيف الذي ميّز نوبة عن أخرى. ونحن نتحدّث عن عمل البوعصامي، نسجّل نقطة أخرى تتعلّق بـ«انفتاح الفنون الموسيقية المغربية التراثية على المعارف الوافدة من الشرق العربي [حيث تم تبنّي] المصطلحات الشرقية بألفاظها، ولكنّه لم يسعه أن يتبنّى مدلولاتها»66.
وهذا التصنيف الذي قام به البوعصامي، يشكّل أول مصدر يجعلنا نكتشف الخصوصيات الجديدة لموسيقى الآلة. وهي خصوصيات مُزجت بنفس موسيقي محلي استفاد من تنوّع الروافد الموسيقية المغربية من عرب وأمازيغ وأفارقة؛ فطريقة جمع الأشعار وترتيبها وكذا الحديث عن استخراج النغمات من العود ، والإشارة اللطيفة لعلاقة الطبوع بالطبائع، وهي علاقة استشفّها من منظومة الونشريسي، وهي الوثيقة التي أغرت البوعصامي لإعادة تعديل تصنيف الطبوع. ممّا يرجّح فرضية؛ مفادها أنّ هناك محاولات سبقت «إيقاد الشموع» بنى عليه مؤلّفه منهجيته في التأليف. وهذا ما ألمح إليه بنشريفة عندما أفاد أنّ «عدّة الجليس ومؤانسة الوزير والرئيس» لأبي الحسن علي بن بشرى، وهو مجموع كان مستعملا في العصر الغرناطي؛ وكان يضم عددا كبيرا من الموشّحات الأندلسية التي كانت تغنّى. ويرجح بنشريفة أنّ عمل ابن بشرى، هو الذي اعتمد عليه أصحاب المجاميع، التي ألّفت في العصرين السعدي والعلوي؛ كعمل البوعصامي والحايك وأحضري....وغيرهم ممّن لم تصلنا مخطوطاتهم67، وهي أعمال جنحت إلى تجميع ما تواتر من ألحان وطبوع موسيقى الآلة؛ و من أبرز المحاولات التي عنت بذلك، نجد «في أصول الغناء» وهو مخطوط لمؤلف مجهول، يرجع تأليفه للقرن السادس عشر الهجري بحسب رواية عبد السلام الشامي الذي يتوفّر على نسخة منه68، وهو عبارة عن ديوان شعري تتقدّمه مقدمة من ثمانين صفحة يتحدّث فيها عن علم الموسيقى والأنغام والطبوع وموقف العلماء منها، حيث يقول «اعلم رحمك الله أنّ الطبوع المستعملة في الموسيقى الأندلسية أربعة وستون طبعا، أربعة أصلية وستون فرعية، إلاّ أنّ أهل زماننا هذا لم يعودوا يعرفون إلا ست وثلاثين»69.وهذا المخطوط سيشكّل بعد تحقيقه إضافة نوعيّة ستكشف عن حلقة مهمّة مفقودة من تاريخ موسيقى الآلة المغربية، لعدّة اعتبارات:
سيكون أوّل مجموع سيعرّف بطريقة غناء موسيقى الآلة؛ حيث أشار إلى أنّ عدد الطبوع المتداولة في زمن المؤلّف ست وثلاثون طبعا، ونعلم أنّ منظومة الونشريسي(ت 955ه) لم تتجاوز سقف أربعة وعشرين طبعا، وهذا يدلّ على أن فترة تأليف هذا المخطوط المجهول المؤلّف سبقت تأليف الونشريسي لمنظومته. فلا يعقل أنّ هذا الأخير لم يطّلع عن باقي الطبوع المتداولة الذي جاء بها المخطوط؛ والمتمثّلة في اثني عشر طبعا. وهو الذي عُرف عنه أنّه كان مولعا بالموسيقى ومتتبّعا لمجرياتها، وإلا فإنّه لن يجرؤ على الخوض في هذا الميدان .
سيعطينا صورة واضحة عن واقع موسيقى الآلة في فترة ما قبل منتصف القرن العاشر الهجري، وسيقدّم أيضا صورة أخرى عن المجهودات التي بذلها المغاربة من أجل مَوطَنة موسيقى الآلة .
محمد بن الحسين الحايك التطواني70 سيأتي بدوره ليحاول جمع ما تفرّق من غناء النوّبة في صدور الحفظة، وما خطّ في ثنايا المخطوطات التي عثر عليها. وقد شكّل عمله هذا مع مرور الأيّام مرجعا مهمّا للموسيقيين الآليين وكذا للباحثين والمهتمّين بالشأن الموسيقي الكلاسيكي. نظرا لأنّ صنيعه اتّسم بقدرة هائلة على توثيق الأشعار المغنّاة وفق مقاربة جديدة، اعتمدت على التّدقيق والتمحيص، وإغناء الصنعة المغنّاة بالإشارة إلى عدد أدوارها الإيقاعية. ممّا أبعد التشويش الذي طال الصنعة الموسيقية لفترات سابقة وأفرغها من محتواها الموسيقي. وبالمقابل أعاد الحيوية والدفء لديوان الآلة، وضخّم من الكمّ الشعري للنوبات الإحدى عشر التي كانت متداولة.
وفي عام 1302 ه/ 1885 م، ستظهر مستجدّات أخرى مع «كناش محمد بن العربي بن المختار الجامعي»؛ حيث أصبح الميزان يؤدّى وفق ثلاثة مراحل إيقاعية «الموسع، القنطرة، الانصراف». وبذلك نضجت التغييرات التي مسّت العمق الأدائي للنوبة. حيث ظهرت اللّمسة المغربية على أداء النوبة، وفق مسار ابتدأ منذ دخول هذه الموسيقى إلى المغرب؛ وهو مسار تميّز بإضافات عميقة مسّت النوبة إن عزفا أو غناء أوشعرا. حيث الطابع الذي ميّز هذه الموسيقى هو تطعيم النّوبة الموسيقية بألحان وإيقاعات وطبوع جديدة. وهو عُرف ما زال مستمرا إلى اليوم، ممّا يدلّ على مرونة هذه الموسيقى وقابليتها لضم أصوات لحنية جديدة تخدم عمقها وتُغني تشكيلها الموسيقي.
وهذا التجديد والتعديل ، لم يكن وليد اليوم، بل يعود لفترات سابقة؛ فقد أخبرنا التيفاشي أنّ الأشعار المطربة التي كان يتغنّى بها في عصره « زاد فيها الجواري وأشياخ صناعة اليد، بحسب ما رأوه من النّغم يطرب سامعه»71.
كلمة أخيرة
كانت هذه محاولة لجمع ما تناثر من نصوص في بطون بعض المجاميع القديمة، التي ألمعت إلى واقع موسيقى الآلة التي ظهرت في بلاد الأندلس، وانتقلت إلى المغرب الأقصى، كما استقرّت في بعض دول شمال إفريقيا، والتي عرفت مراحل من المدّ والجزر، انتهت بها إلى الطريقة الموسيقية التي نسمعها اليوم؛حيث اكتملت قوالبها الموسيقية .
وإذا ما حاولنا أن نحدّد أهم العناوين الكبرى التي أثّرت في مسار موسيقى الآلة، فيمكن حصرها في المراحل التالية:
مرحلة تحديد الخصوصية والمتمثّلة في تقعيد زرياب لأداء النوبة.
مرحلة التهذيب والتنقيح والتجديد، والتي تظهر فيما أدخله ابن باجة على طريقة أداء النوبة؛ حيث حاول التوفيق بين غناء العرب وغناء النصارى في نوبة واحدة، وحيث شكّل الموشّح إضافة جديدة إن شعريا أو موسيقيا.
مرحلة الانفتاح على الدّول المجاورة، حيث شكّلت الهجرات المتتالية للأندلسيين - التي ابتدأت منذ العصر المرابطي عندما ساهم ابن باجة في توطين تلك الثقافة الموسيقية الجديدة أثناء استقراره بفاس مرورا بالموحدين والمرنيين - بعدا تواصليا موسيقيا جديدا، أغنى الموروث المحلي الموسيقي في بلدان شمال إفريقيا ومنه المغرب. وعزّز من أداء النوبة وأغناها تدريجيا بمكونات لحنية وموسيقية أخرى. وهذا لا يعني أنّ المغاربة لم تكن لديهم موسيقى يتغنّون بها؛ بل المرجّح أنّهم كانوا يتوفّرون على تقاليد موسيقية. وما الإضافات النوعيّة التي أدخلوها على موسيقى الآلة إلا دليل على علوّ كعبهم في ذلك.
مرحلة احتضان الزوايا لموسيقى الآلة؛ والواضح أن الزوايا لعبت دورا أساسيا في الحفاظ على النوبة، وحالت دون ضياع قوالبها اللحنية والمقامية، وخصوصا في فترة الصراعات والقلاقل السياسية التي عرفها المغرب. حيث شكّل السّماع ثقافة موسيقية مغايرة استمدّت خطّها الموسيقي ممّا كان يتغنّى من موسيقى الآلة ابتداء من القرن السادس الهجري. وقد شكلّت المناسبات الدينية، وخصوصا الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي الشريف، فرصة سانحة لاكتشاف هذا التفاعل بين موسيقى السماع وموسيقى الآلة، حيث وقفنا على إنشاد البيتين، خاصّة في العصر المريني. و قد تطوّر هذا المجهود الذي بذله أهل السّماع من خلال ترجيع الأصوات الجماعية لأهل الذكر، والمزحزحون في العصر السّعدي.
مرحلة ما بعد سقوط غرناطة سنة 1492م، والتي أجمعت معظم الدراسات والأبحاث على أنّها أهم مرحلة عزّزت ذلك الانفتاح، من خلال ماحمله العرب والمسلمون من إرث موسيقي، قدّم بديلا جديدا للغناء في تلك الأمصار التي استقرّوا بها. وفد تمّت هذه العمليّة عبر مرحلتين : الأولى ابتدأت مباشرة بعد انهيار الحكم العربي في غرناطة، والثانية تمت بعد حوالي قرن وعشرين سنة، حيث شكّل قدوم الموريسكيين، نقطة تحوّل مهمّة وأساسية في تاريخ النوبة في موسيقى الآلة.
مرحلة جمع وضبط ما يغنّى من أشعار وتواشيح وأزجال؛ وهذا ما قام به البوعصامي في «إيقاد الشموع»، وتبعه في مرحلة متأخرة الحايك في كنّاشه...الخ.
والواضح أن المعالم الأولى لموسيقى الآلة، ابتدأت مع المرينيين واتضحت معالمها أكثر في العصر السعدي، وأصبحت في العصر العلوي أكثر نضجا وتنظيما. ساعد على ذلك الاستقرار السياسي الذي عرفته تلك الدوّل، التي كان ملوكها يشجّعون الموسيقى وأهلها. وهو تشجيع قد حفّز الموسيقيين على العطاء والاجتهاد وتطوير قدراتهم الأدائية.
نقطة أخرى أودّ ذكرها؛ هي أنّ النوبة التي وصلتنا بكمّها وكيفها، قد وصل عددها في فترة زمنيّة معيّنة إلى أربعة وعشرين نوبة بعدد ساعات اليوم؛ بمعنى أنّ كل نوبة كانت تؤدّى في ساعة معيّنة. وبالنّظر إلى المدّة الزمنية الطويلة التي يشغلها أداء النوبة حاليا، والتي قد تصل إلى ساعات، فالأرجح أنّ النّوبة في السابق لم تكن تضمّ كل هذا الكم من الأشعار، بل استوت على هذا المنوال؛ بعدما تم دمج طبوع النوبات الضائعة في النوبات المتبقية، لتأخذ كلّ هذا الحجم والمراحل من الأداء. وإلاّ فلن يتحقّق توزيع النوبات بحسب ساعات اليوم.
الهوامش
1 - محمد الفاسي: الموسيقى المغربية المسماة أندلسية. ص:109.
2 - الموسيقى الأندلسية المغربية- (فنون الأداء). ص: 13.
3 - نفسه. ص: 13
4 - عباس الجراري :مكونات البنائية للموسيقى الأندلسية، بتصرف. ص:56.
5 - Ahmed Aiydoun: Musiques du Maroc .p :26.
6 - سليم الحلو :الموشحات الأندلسية نشأتها وتطورها، ص :6.
7 - زرياب ليس اسمه الحقيقي، وإنما لقّب بذلك تشبيها له بطائر أسود؛ حيث جمع بين جمال الصوت وسواد اللون. وهناك رواية أخرى تشير إلى أن زرياب بالفارسية معناه ماء الذهب. أنظر: محمود أحمد الحفني: زرياب موسيقار الاندلس، ص:10.
8 - عبد الرحمان ابن خلدون: المقدمة، ج 5. ص: 179.
9 - أحمد بن محمد المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، بتصرف.ص: 3/130.
10 - سليم الحلو: الموشّحات الأندلسية، نشأتها وتطوّرها، ص: 34.
11 -أحمد هيكل: الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة. ص:143.
12 ـ ستتم الإشارة لاحقا إلى هذا التباين بين الباحثين، بخصوص قبول أو رفض الموشّح.
13 -دار الطراز في عمل الموشحات. ص :35.
14 -ابن سناء الملك :دار الطراز في عمل الموشحات.ص :35.
15 - ابن سناء الملك :دار الطراز في عمل الموشحات. ص :38.
16 - التيفاشي تحدّث في كتابه عن الموسيقى أوائل القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي.
17 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس. ص: 123. ضمن كتاب: أحمد التيفاشي القفصي: العالم الموسوعي في الطب والمعادن والموسيقى والفلك والأدب والاجتماع، لـ: أبي القاسم أحمد كرو.
18 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس. ص: 123.
19 - نفسه. ص: 100.
20 - عبد العزيز بن عبد الجليل :إشكالية الثابت والمتحول في المستوى الفني للموسيقى الأندلسية.
21 - كناش الحايك، ص: 50.
22 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس.ص: 123.
23 - نفسه، ص: 124.
24 - محمد المنوني: تاريخ الموسيقى الأندلسية بالمغرب، بتصرف.ص: 150.
25 -نفسه، ص: 150.
26 ـ فاطمة عيسى: الموسيقى الأندلسية: امتداد للحضارة الأندلسية بالمغرب. ص:356.
27 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس.ص: 98.
28 -نفسه. ص: 98.
29 ـ إمام التلاحين في العصر الموحدي بالعدوتين، أنظر: كناش الحايك: ص: 28.
30 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس.ص: 123.
31 - عبّاس الجراري في تقديمه لـ :كناش الحايك. ص: و.
32 ـ صالح المهدي: الموسيقى العربية تاريخها وأدبها، ص: 149.
33 - محمد المنوني: تاريخ الموسيقى الأندلسية بالمغرب، بتصرف. ص: 151.
34 - نفسه.ص: 99.
35 - نفسه.ص: 89.
36 - نفسه. ص: 99.
37 - نفسه. ص: 90.
38 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس. ص: 86.
39 - نفسه . ص: 98.
40 - يونس الشامي: النوبات الأندلسية المدونة بالكتابة الموسيقية: نوبة الرصد، تدوين وفق رواية وأداء المرحوم مولاي أحمد الوكيلي.ص:33.
41 - محمد بن العربي الدلائي: فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار. ص:132.
42 ـ السماع هو «ترتيل الأشعار الصوفية [...] في إطار شكل موسيقي روحي مخصوص يتوسل بالشعر والنغم لبلوغ غايات روحية تتفق مع مرامي ومراقي طرق القوم ومسلكهم الصوفي»، محمد التهامي الحراق:موسيقى المواجيد، مقاربات في فن السماع الصوفي المغربي، ص: 27ـ28
43 - محمد بن العربي الدلائي: فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار. ص:132.
44 -نفسه. ص:135.
45 - ابن الدراج السبتي: الامتاع والانتفاع بمسألة سماع السماع، دراسة وإعداد محمد بن شقرون، ص:70.
46 - ولعل بداية الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي الشريف، تعود إلى سنة (648ﻫ/1250م)، عندما أقرّ أبو القاسم العزفي بتلك المناسبة الغالية. أنظر: ابن عذارى المراكشي، «البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق عبد اللّه محمد علي، المجلد الرابع. ص:472.
47 ـ محمد المنوني: ورقات عن حضارة المرينيين. ص: 523.
48 - محمد بن شريفة في تصدير: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، لـ: محمد البوعصامي، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الجليل، ص: ل وما بعدها.
49 عبد الرحمان ابن خلدون: المقدمة، تحقيق، عبد السلام الشدادي، ج 5، ص: 179.
50 - محمد المنوني: تاريخ الموسيقى الأندلسية بالمغرب،بتصرف.ص: 151-152.
51 - نفسه.ص: 152.
52 - عبد العزيز بن عبد الجليل: مدخل إلى تاريخ الموسيقى المغربية. ص: 168.
53 ـ سليم الحلو: الموشحات الأندلسية نشأتها وتطورها، ص: 35.
54 ـ عبد العزيز الفشتالي: مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا، تحقيق: عبد الكريم كريم. ص: 237.
55 ـ يونس الشامي: النوبات الأندلسية المدونة الكتابة الموسيقية: نوبة الرصد. ص:41.
56 ـ جوليان ريبيرا: تاريخ الموسيقى في شبه الجزيرة العربية والأندلس، ترجمة الحسين الحسن. ص: 115 وما بعدها.
57 - عبد الهادي التازي: أشعار الموسيقى الأندلسية: موضوعاتها، لغتها. ص:311.
58 - تم طرد المسلمين من غرناطة سنة 1017 ه-1609م «بعد أن ساكنوهم بغرناطة وأعمالها نحوا من مائة وعشرين سنة [...] ولمّا أجلاهم العدو عن جزيرة الأندلس خرجت ألوف منهم بفاس [...] وكذلك بتطاوين وسلا». أنظر: الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، ج 4، ص:106.
59 - عباس الجراري: التأثير الموريسكي في المغرب العربي، ص: 208.
60 - رجاء صبري عوض الله: الموسيقى والغناء في الأندلس. ص: 17
61 - محمد بن شريفة في تصدير: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، لـ: محمد البوعصامي، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الجليل، ص: د.
62 ـ عاصر المولى لسماعيل (1082 ـ 1139 ه ).كان حيّا ما بين 1149 و 1151 هـ، حسب ما ذكره عبد العزيز بن عبد الجليل في تحقيقه :إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، لـ: محمد البوعصامي،ص: 11.
63 - محمد البوعصامي: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، ص: 18 وما بعدها.
64 - نفسه، ص: 41.
65 - محمد بن شريفة في تصدير: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، ص: ج.
66 - محمد البوعصامي: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، ص: 18.
67 - محمد بن شريفة في تصدير: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع، ص: س.
68 ـ وهو في طور التحقيق.
69 ـ عبد السلام الشامي في دروس الماستر كلاس، على هامش فعاليات مهرجان الموسيقى الأندلسية المنظم بفاس 2013 م.
70 ـ تم الانتهاء من إنجاز هذا العمل في غرّة رمضان 1202هـ / فاتح يونيو 1788، أنظر :كناش الحايك، ص: 12.
71 - محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس. ص: 124.
المصادر والمراجع العربية
* ابن الدراج السبتي: اتجاهات أدبية وحضارية في عصر بني مرين، أو كتاب الانتفاع في مسألة السماع، دراسة وإعداد محمد بن شقرون، مطبعة الأندلس، القنيطرة. دط.د ت.ابن سناء الملك :دار الطراز في عمل الموشحات.
* ابن سناء، الملك: دار الطراز في عمل الموشحات، تحقيق جودت الركابي، المطبعة الكاثوليكية، دمشق، 1368هـ ـ 1949م.
* ابن عذارى المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق عبد اللّه محمد علي، المجلد الرابع، دار الكتب العلمية، بيروت.ط 1، 2009م.
* أحمد الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى،ج 4، تحقيق: جعفر الناصري، محمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء. د ط، 1954 م.
* أحمد هيكل: الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة. ص:143.
* البوعصامي، محمد :إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع .تحقيق عبد العزيزبن عبد الجليل، دار الهلال، الرباط. د ط. 1995م.
* التأثير الموريسكي في المغرب العربي، ضمن عدد المورسكيون في المغرب، الندوة الثانية: شفشاون: 22-24 جمادى الثانية 1421 ه - 21-23 شتنبر 1000م، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الندوات، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2001م.
* التطواني، أبو عبد الله محمد بن الحسين الأندلسي:كناش الحايك.تحقيق مالك بنونة، مطبعة المعارف الجديدة.الرباط، د ط، 1999م.
* التلمساني، أحمد بن محمد المقري: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق :إحسان عباس، دار صادر، بيروت. ط 1، 1968م.
* الحراق، محمد التهامي: موسيقى المواجيد، مقاربات في فن السماع الصوفي المغربي، كتاب الجيب عدد 54، منشورات الزمن، 2010 م.
* الحفني، محمود أحمد: زرياب موسيقار الأندلس، سلسلة أعلام العرب، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة. رقم 54.
* رجاء صبري عوض الله: الموسيقى والغناء في الأندلس، العدد 26، بغداد، السنة التاسعة، 1431 ه/ 2010 م.
* ريبيرا، جوليان: تاريخ الموسيقى في شبه الجزيرة العربية والأندلس، ترجمة الحسين الحسن، أبو ظبي للثقافة والتراث، ط 1، 1429 هـ ـ 2008 م
* سليم الحلو: الموشحات الأندلسية نشأتها وتطورها، منشورات دار مكتبة الحياة بيروت، ط1، 1995م.
* سليم الحلو: الموشحات الأندلسية نشأتها وتطورها، منشورات دار مكتبة الحياة بيروت، ط1، 1995م.
* صالح المهدي: الموسيقى العربية تاريخها وأدبها، الدار التونسية للنشر، د ط، 1986م .
* عباس الجراري: المكونات البنائية للموسيقى الأندلسية، ضمن ندوة تقاليد الموسيقى الأندلسية في دول البحر الأبيض المتوسط منشورات جمعية رباط الفتح. 1995م.
* عبد الرحمان ابن خلدون: المقدمة، تحقيق عبد السلام الشدادي، بيت الفنون والعلوم والآداب، الدارالبيضاء، ط1، 2005م
* عبد السلام الشامي: في دروس الماستر كلاس،على هامش فعاليات مهرجان الموسيقى الأندلسية المنظم بفاس 2013.
* عبد العزيز الفشتالي: مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا، تحقيق: عد الكريم كريم. منشورات جمعية المؤرخين المغاربة، الرباط. ط 2، 1426ه/2005م.
* عبد العزيز بن عبد الجليل :إشكالية الثابت والمتحول في المستوى الفني للموسيقى الأندلسية:
http://arabmusicmagazine.com/index.php
* عبد العزيز بن عبد الجليل :الموسيقى الأندلسية المغربية (فنون الأداء)، مجلة علامات، الكويت، عدد 129، 1409 ه/ 1988م.
* عبد العزيز بن عبد الجليل: مدخل إلى تاريخ الموسيقى المغربية، المجلد الرابع، العدد 65، ماي 1983م.
* عبد الهادي التازي: أشعار الموسيقى الأندلسية: موضوعاتها، لغتها، مجلة مجمع اللغة العربية، الجزء السادس، عدد 76، 1415 ه- 1995م.
* فاطمة عيسى: الموسيقى الأندلسية امتداد للحضارة الأندلسية بالمغرب. مجلة التراث المغربي الأصيل، العدد 58. خريف :1432 ه -2011 م.
* محمد ابن تاويت الطنجي: الطرائق والألحان الموسيقية في إفريقيا والأندلس. ضمن كتاب: أحمد التيفاشي القفصي : العالم الموسوعي في الطب والمعادن والموسيقى والفلك والأدب والاجتماع، لـ: أبي القاسم أحمد كرو، سلسلة رواد منسيون: 4، دار المغرب العربي، د ط، 2004م.
* محمد البوعصامي: إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع .تحقيق عبد العزيزبن عبد الجليل، دار الهلال، الرباط. د ط. 1995م.
* محمد الفاسي: الموسيقى الأندلسية المسماة أندلسية، مجلة التراث الشعبي، العراق. عدد 2. السنة 8. 1977م.
* محمد المنوني: تاريخ الموسيقى الأندلسية بالمغرب. مجلة البحث العلمي، عدد 14 ـ 15، السنة السادسة، 1388 ـ 1389 / 1969 م.
* محمد المنوني: ورقات عن حضارة المرينيين، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة بحوث ودراسات رقم 20. مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ط 3. 1420ه/200م.
* محمد بن العربي الدلائي: فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار. تحقيق محمد التهامي الحراق، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، د ط، 1432 ه /2011 م.
* المعجم الوسيط: من إصدار مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط 4، 1435 ه ـ 2004 م.
* يونس الشامي: النوبات الأندلسية المدونة بالكتابة الموسيقية: نوبة الرصد، تدوين وفق رواية وأداء المرحوم مولاي أحمد الوكيلي. مطبعة بني ازناسن، سلا، ط 1، 1430 هـ - 2009م.
المصادر والمراجع الفرنسية:
* Ahmed Aydoun :Musiques du Maroc Deuxième .Edition ; janvier 2001.
الصور:
* الصور من الكاتب .
1 - http://arabmusicmagazine.com/index.php
2 - http://www.thewhatnews.net/post-page.php?post_alias=
3 - https://www.google.com/search?q