فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
63

الحمار قديماً وانعكاسه على الموروث الشعبي

العدد 63 - لوحة الغلاف
الحمار قديماً وانعكاسه على الموروث الشعبي
كاتب من البحرين

 

فيما يخص المجتمع البحريني القديم، فبلا شك، أن الحمار كان يمثل أحد أهم الحيوانات في تلك الفترات القديمة؛ ذلك أن الحمار كان يُعتمد عليه في العديد من الأعمال. فالحمار كان وسيلة التنقل الوحيدة في تلك الفترة، وكان يُستخدم في نقل كافة أشكال المواد والأدوات، فقد استخدمه البقال والبائع المتجول لنقل البضائع، واستخدمه البحار في دخول البحر للحضرة ونقل الأسماك للشاطئ ومن ثم للسوق، كما استُخدم في نقل الحجارة والرمل والجص وذلك لبناء البيوت، وكذلك، استخدمه المزارع، بدلاً من الثور، في تحريك الزاجرة لري الأرض. وحتى بعد موت الحمار، فهناك من يستخدم رأسه كفزاعة في المزرعة ليخيف بها الطيور، ومنها جاء المثل الشعبي «رأس حمار في مزرعة» والذي يُضرب للشخص الذي لا يهابه أحد.

وبالمقابل، كانت هناك حرف خاصة لخدمة الحمار، فمنها الروساني الذي يصنع الراسين وهو سرج خاص للحمار يصنع من عسق عذق النخلة. وهناك صانع البديد، والذي يصنع البديد من الحبال وليف النخيل والذي يوضع تحت الراسين لحماية ظهر الحمار. كما أن هناك مهنة خاصة امتهنها بعض الخبراء في تربية الحمير حيث عملوا كخبراء يستعان بهم عند شراء الحمير وذلك لفحص واختبار الحمار ومدى مناسبته للمهنة التي يراد لها. 

هذه الأهمية الكبيرة للحمار  انعكست على الموروث الشعبي؛ حيث نجد ذكر الحمار في كل قسم من أقسام التراث الشعبي. فهناك عشرات الأمثال الشعبية، أحصيت منها قرابة ستين مثلاً، مرتبطة بالحمار، منها ما يمثل صوراً إيجابية؛ فتصفه بالصبر والجد في العمل وتحمل أعباء العمل، ومنها ما يمثل صوراً سلبية فتمثل الحمار رمزاً للغباء والبلادة والعناد. وقد ذُكر في هذه الأمثال اسم الحمار والحمارة وأحمير، تصغير حمار، وكذلك الفاظ متعلقة بالحمار كعدة الحمار، والحمّار، وهو الشخص الذي يعتني بالحمار.

كما يدخل الحمار في المعتقدات الشعبية والأساطير؛ حيث تزعم العامة أن حليب أنثى الحمار قريب الشبه من حليب الأم، وكان يستخدم كعلاج لبعض الأمراض، كمرض السعال الديكي والمعروف محلياً باسم «لكزوزو» أو مرض «أبو حْمَيّر» و حْمَيّر أو احْمَيّر تصغير حمار؛ حيث يُشبه خشونة الصوت الناتج من المرض بنهيق الحمار الصغير. أما فيما يخص الأساطير، فتعتقد العامة بوجود مسخاً أو مخلوقاً أسطورياً، نصفه حمار والنصف الآخر إنسان، ويعرف بعدة مسميات كأم احمار، وحمارة الگايلة، وهناك العديد من الأساطير والحكايات الشعبية التي ارتبطت بهذا المخلوق الأسطوري.

ومع الزمن، أخذت أهمية الحمار في التراجع، حتى تراجعت كثيراً، ولم تبق له من أهمية غير ما وثق في الموروث الشعبي والذي يعكس مدى أهمية هذا الحيوان في الفترات القديمة.

 

أعداد المجلة