فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
51

تصنيف الطبوع الشعبية التونسية وتسميتها وتحديد خصائصها

العدد 63 - موسيقى وأداء حركي
تصنيف الطبوع الشعبية التونسية  وتسميتها وتحديد خصائصها

المقدمة:

يعتبر هذا البحث تكملة لرسالتنا في الأستاذية وعنوانها: آلة الڤَصْبَة في معتمدية جْبِنْيَانة (معتمديّة كبيرة من ولاية صْفَاقِس، تونس، تضمّ 44029 ساكنا، سنة 2004). في هذا المقال، سنُصنِّف طبوعا شعبية قمنا بتقديمها فقط وسنسمّيها ونحدّد خصائصها وذلك لضيق المجال في رسالة الأستاذية. هذه الطبوع الشعبية هي: 1. النِّوا، 2. البحري، 3. الغربي أو طَرْڨْ الصِّيدْ أو طَرْڨْ الغربي، 4. الفزّاني (معروف في تونس كإيقاع هو هنا طبع)، 5. البرهومي، 6. الصّحراوي، 7. صالحي إسماعيل (نسبة للمغني التونسي المعروف إسماعيل الحطاب (1918 - 1996) أصيل منطقة الجْبَارْنة من عمادة العْجانْڤَة من المعتمدية المذكورة)، 8.الصّالحي الفْجوجي، 9. السّعداوي1. اشتراك التسمية بالنسبة للطبعين الشعبيين «صالحي اسماعيل» و«الصالحي الفْجوجي» مع طبع الصّالحي المعروف، لا يعني بالضرورة تمييز هذه الطبوع عن غيرها بأي شكل كان، فالاختلاف كبير. هذا لا يمنع أنّ الصّالحي إسماعيل قريب «قليلا» من الصّالحي فهو يعتمد ري ولا كدرجات هامة.

التساجيل السمعية لكل هذه الطبوع الشعبية موجودة في الملحق السمعي حسب الترتيب المذكور. لقد قمنا بنفسنا بتسجيلها ضمن بحث ميداني في رسالة الأستاذية يوم 14/12/2002 على السّاعة الرّابعة بعد الزّوال وذلك من العازف أصيل المنطقة والمتحصّل على عديد الجوائز على آلة الڤصبة منصور الدبابي والممارس للآلة منذ 15 سنة آنذاك. استعملنا كاميرا للتسجيل السمعي البصري ومن هذا التسجيل استخرجنا التساجيل السمعية المذكورة. كان الاستخراجُ الصوتي وجزءٌ من المعالجة الصوتية الأوّليّة (إضافة الأسماء على التساجيل) عمل دي جي dj لعدم توفر مختص في المجال. وضمن هذا المقال، قمنا بتعديل التردد reverb باستعمال برنامج Sound Forge. ننوّه في هذا النطاق أنّه في علم موسيقى الشعوب ethnomusicology يوجد من الباحثين من يحلّل تساجيل مستخرجة من بحوث ميدانية سابقة. وهو ما قمنا به في هذا البحث2.

بالنسبة لمعتمدية جْبِنْيانَة وآلة الڤَصْبَة، سنعرّفهما في العنصر الأول من هذا المقال. فالآلة في علاقة وثيقة بتقديم هذه الطبوع الشعبية إذ يفيدنا عازفو الڤصبة (الڤصّابة) أنّ هذه «الضَّرْبات» (أو «النَّغْمات» أيضا كما يسمونها أي تسمية الطبوع الشعبية لديهم في المنطقة) تختصّ بها آلة الڤصبة دون الآلات الشّعبيّة الأخرى كالمزود ( الجربة ) والزّكرة. لكنّ بعضا منها معتمد في البرنامج الغنائي للأديب الشّعبي مثل «الصّالحي الفْجُوجي». والأديب الشعبي (مغنّ شعبي يعتمد الشعر الشعبي) يبتدئ برنامجه الموسيقي دائما بالصّالحي ثمّ تليه مراحل أخرى هي النّص ثمّ الطّالع ثمّ العروبي ثمّ الخوية ثمّ الڤسيم ثمّ الملزومة وهذان الجُزْآن الأخيران هما من موازين الشّعر الشّعبي3. وهو لا يستعمل آلات موسيقيّة باستثناء الڤصبة في بعض الأحيان في بداية أو نهاية البرنامج الموسيقي.

إلى جانب هذا، فسنعتمد علم الآلات organology في هذا البحث لتقديم الآلة وذلك لأنّ آلات الڤصبة في المنطقة تختلف في درجة القرار من آلات أخرى: سنتناول آلتي ڤصبة، الأولى درجة قرارها ري (التي سنعتمد عليها، انظر لاحقا) والثانية درجة قرارها فا#. ويعود هذا الاختلاف إلى اختلاف طريقة الصنع. تدْخُل درجات القرار في تصنيف الطبوع الشعبية الذي سنقدّمه في هذا البحث، لذا وجب التفسير. ودرجة القرار هي درجة ارتكاز مقام يطابق مقام الراست في الموسيقى الشعبية التونسية مثل الطبع الشعبي «البرهومي» في هذا المقال. مع العلم أنّ أغلب الطبوع المعتمدة على آلة الڤصبة في المنطقة تطابق مقام البياتي مثل الطبع الشعبي «البحري» في هذا المقال. وقع ذكر «درجة القرار» لأنّها بكل بساطة أقل درجة غلظة في الآلة.

تضم الموسيقى الشّعبية التّونسيّة عددا هاما من الطّبوع الشعبية المنتشرة في مناطق متعددة من البلاد التونسية. والاقتصار على «المْحَيَّرْ سيكاه» و«المْحَيَّرْ عِراق» و«العَرْضاوي» و«الصَّالْحي» من جملة الطبوع الشعبية التّونسيّة يعتبر نقصا فادحا، خاصّة وأنّ الغناء في هذه الموسيقى أصبح مهدّدا بالتلاشي والانقراض مع نقص الرّواة والممارسين لمختلف الاحتفالات الخاصّة والعامّة وحتّى الدّينيّة. لذا وجب تصنيف الطّبوع الشّعبيّة وتسميتها وتحديد خصائصها. وهو مجال فسيح للبحث4. لم يقع البحث في هذا الموضوع نظرا لتطلّبه الاستقراء induction وهو الذي سنعتمده في هذا العمل. والاستقراء (منطق فرع من الفلسفة) تاريخيًا هو الاسم المستخدم للدلالة على نوع من التفكير الذي يقترح البحث عن قوانين عامة من خلال ملاحظة حقائق معينة، على أساس احتمالي5.

و نحن نعتمد على الفلسفة النقدية المرتبطة بالفيلسوف كانط (1724 - 1804). وقد بدأنا في اعتماد الفلسفة الكانطية في أطروحة الدكتوراه والتي اعتمدَت عليها بشكل كبير6. ومثّلت الفلسفة الكانطيّة ثورة في عالم الفلسفة فإذا كانت بدايات الفلسفة الحديثة تعود إلى ديكارت (1596 - 1650)، فتعود بدايات الفلسفة المعاصرة لكانط. لذلك فإن المسألة لا تتعلق بتلخيص العقائد بقدر ما تتعلق بإظهار الثورة التي تحدثها7. يَفترِض النقد أنه إذا كان الإنسان لا يستطيع معرفة حقيقة الأشياء في حد ذاتها (نُومِينا)، فيمكنه معرفة حقيقة ما هي عليه (ما تمثله بالنسبة له - الظواهر). تتشكل كل معرفةٍ من تركيبِ ملاحظاتٍ مستخرجة من الحواس (وبالتالي غير مؤكدة) والفئاتِ الكونية للفكر (المتطابقة لأي كائنِ تفكيرٍ) بداهة (موجودة مسبقًا في أي تجربة)، مثل مبدأ السببية على سبيل المثال. من هذه الكونية لمقولات الفكر ينبع الأساس «المؤكد» لمعرفة (الظواهر) بعد ذلك8.

التقديم المادّي:

يضم هذا العنوان عنصرين:

1. معتمدية جبنيانة 2. آلة الڤصبة.

1) معتمدية جْبِنيانَة:

تقع معتمدية جْبِنْيانَة شمال ولاية صْفاقس التي تقع في الوسط الشرقي من تونس. ويحدّ معتمديّة جْبِنْيانَة جنوبا معتمديّـة العامـْرَة وشمالا ولاية المهديّة وشرقا البحر الأبيض المتوسّط، وغربا معتمديّة الحِنْشَة. تقدّر مساحتها بِـ 28000 هكتارا وتعدّ حوالي 44029 ساكنا، سنة 2004. وتضمّ جبنيانة 9 عمادات هي: 1. جبنيانة، 2. الحَوْض، 3. اللُّوزَة، 4. الحْزَڨ، 5. الڤْلالْجَة، 6. بُطْرِيَة، 7. العْجانْڤَة، 8. المْساتْرِيَّة الشماليّة، 9. بْلِتْشْ. وتقول الأسطورة عن أصل تسمية المنطقة أنّها كانت تسمى «حسيكة» وأن شهرتها تعود إلى امرأة تدعى «يانة» قد شُهِرت بصنع جبن جيّد، فكان النّاس يقصدون المنطقة لشراء جبن «يانة»، فسمّيت المنطقة بجبنيانة 9 وهذه أسطورة لا يمكن تصديقها فوجود الآثار البيزنطيّة والرومانيّة بالمنطقة مثل الآثار الرومانيّة بهنشير «بطرية»، تؤكّد أنّ أصل التّسمية يعود إلى الحضارة الرومانيّة. فكلمة «يانة» هي آلهة الطّبيعة عامّة والجبال والغابات خاصّة عند الرومان وهي آلهة الصّيد والقمر عند الإغريق10. وقد عرفت عديد المناطق بلفظة «يانة» مثل بِلْيانة الموجودة إلى اليوم في معتمديّة العامرة، وبرشانة الّـتي اندثرت وفِرْيانة وزليانة وشريانة وسِليانة. وقد عمّر جبنيانة في القديم سكّان قرى أخرى مجاورة لها مثل لبيدة وترسباطة الّتي اندثرت11.

أمّا شهرة جبنيانة فتعود إلى الشّيخ أبي إسحاق الجبنياني الّذي عاش في صفاقس في عهد الدّولة الأغلبيّة (800 – 909) قبل أن يتحوّل إلى جبنيانة حيث توفّي سنة 979 م12. وبنيت زاوية سيدي أبي إسحاق سنة 937 م وهي قائمة إلى اليوم. وكانت جبنيانة قبلة لطلاّب العلم والزهّاد وقد شُهِرت حتّى خارج تونس. وتخرّج منها عديد العلماء الّذين أسّسوا بجوارها قرى تحمل إلى اليوم أسماءهم مثل أولاد: حْسَن، يوسف، مجاهد، منصر. وبالتّالي، فقد تداولت على منطقة جبنيانة حضارات متعدّدة منذ فترة طويلة، وهذا ما أعطى ثراء موسيقيّا للمنطقة13.

2) آلة الڤَصْبَة:

بعد القيام بالبحث الميداني بمنطقة جبنيانة تبـيّنا أنّ آلة الڤصبة لا تعني مجرد آلة نفخ شعبيّة مصنوعة من القصب فحسب، مثلما تقرّ به كلّ المراجع، بل الڤصبة تضمّ الڤصبة المصنوعة من القصب وأيضا المعدنيّة: أي الألمنيوم والنّحاس والحديد... ويعود أصلها إلى الجزائريّين الّذين يتقنون الڤصبة المصنوعة من القصب والڤصبة المعدنيّة. إذ يفيدنا العازف منصور الدّبّابي (لقاء يوم 7/11/2002 على السّاعة التّاسعة صباحا) أنّ عازفا يدعى علي الغول تعلّم «الغربي» وهو نغم جزائري على آلة الڤصبة المصنوعة من القصب وذلك في الجزائر. كما يفيد أنّ صديقا له جزائريا أتى بڤصبة حديديّة من وهران في الثّلاثينات. إن الڤصبة المصنوعة من القصب هي المعتمدة في البلاد التونسية خاصة في الولايات الموجودة على الحدود الجزائريّة كولاية الكاف14 والڤصرين، وفي الوسط مثل القيروان وفي الجنوب مثل تطاوين ومدنين لكنّ الأمر يختلف في جبنيانة وفي ولاية صفاقس بصفة عامة فهذه الآلة المصنوعة من القصب غير معتمدة في المناسبات حيث تحلّ محلها الڤصبة المعدنيّة لأسباب هي: أوّلا، هشاشة fragility هذه الآلة وسرعة تكسرها. ثانيا، حتى وإن لم تتكسر فبمجرد تشققها يتعذر العزف بها مرّة أخرى. وثالثا، افتقار المنطقة للقصب الجيّد، فهو رقيق ولا يستجيب للمتطلبات. لذلك ندر صنع هذه الآلة من القصب في المنطقة وعوّضتها الڤصبة المعدنيّة.

إن الڤصبة المصنوعة من الألمنيوم في منطقة جبنيانة تعدّ من بين الآلات الشّعبيّة الأكثر انتشارا خاصّة في الأوساط الريفيّة وهي آلة سهلة الصّنع ولا تستغرق وقتا طويلا لصناعتها علاوة على صلابتها. وكلّ ڤصّاب (عازف ڤصبة) يملك واحدة (من الألمنيوم). يكون عازف الڤصبة هو نفسه صانعها، وهذه العمليّة لا تخضع لقواعد مضبوطة فكلّ عازف له طريقة خاصّة به. واختيار طولها يكون بين 45 و60 صم وقطرها بين 1.5 و2 صم وهو نفسه الذي يحدده كما أنّ عمليّة الثّقب تكون حسب بعد السّبّابة عن الوسطى، والوسطى عن البنصر من كلّ يد وراحة الأصابع على الڤصبة. تكون عمليّة الثقب عند محلّ الخراطة العامّة.

فعند اختيار مكان الثّقوب، يذهب الصّانع إلى المحلّ ويختار القطر المناسب أي 8 مم أو 9 مم حسب اختيار الصّانعين فكبر قطر الثّقب يكون حسب باطن الإصبع للعازف. وعمليّة الثّقب تكون من الأعلى إلى الأسفل، فالصّانع يترك أقلّ من نصف الڤصبة ثمّ يختار مكان الثّقب الأوّل ويسمّى «الخرجة». ثمّ يترك بقيّة أصابع يده العلويّة أي السّبّابة والوسطى والبنصر على الڤصبة. ثمّ يقيس المعدّل بين فتحة أصابعه الثّلاث معتمدا على الوسطى والسّبّابة ليقيس مكان بقيّة الثّقوب واضعا علامة يرمز بها إلى هذه الثقوب.

و تحتوي آلة الڤصبة على 6 أو 7 أو 8 ثقوب، وعددها يكون في علاقة بطول الأنبوب. وعلى الصّانع ترك على الأقلّ 4 صم أسفل الأنبوب ويكون ذلك تقريبيّا. فإن كان الأنبوب قصيرا تحتوي الڤصبة على 6 ثقوب، وإن كان طويلا فتحتوي على 7 أو 8 ثقوب وتعتبر الڤصبة ذات السّبعة والثّمانية ثقوب هي الأشهر والأكثر استعمالا. أما في العزف فتكون الثقوب الستة الأولى هي الأساسية التي تعزف بها نغمات الڤصبة لكن هذا لا ينفي إمكانية العزف بخمسة ثقوب في حالات قليلة. أمّا «القفلة» فهي الثقوب التي تكون في الأسفل والتي لا يستعملها العازف (أي لا يضع عليها أصابعه). وهذه الثقوب المفتوحة تمكن من التخلص من التصفير الملازم عادة للڤصبة وهي تلعب دورا هاما في إضفاء الصفاء على الصوت. يبيّن الرسم البياني السابق، آلة الڤصبة التي يستعملها العازف المذكور (ڤصبة عدد 1). تختلف الآلات كما ذكرنا من عازف إلى آخر وأيضا درجة القرار فمثلا درجة قرار الڤصبة التي سنعرضها هي ري بينما درجة قرار آلة أخرى درسناها وهي ڤصبة أخرى للعازف رحيّم الحامدي (عازف ممارس للآلة منذ 20 سنة، سنة 2002) هي فا # (ڤصبة عدد2).

يبيّن لنا الرّسم البياني عدد 1 أعلاه استعمال الصانع للشريط اللاصق. بما أن عملية الثقب لا تخضع لمقاييس مضبوطة وتكون المسافات بينها تقريبية، تكون الآلة عرضة لعديد الإشكاليات والنواقص فأحيانا يجد العازف آلته بعد ثقبها لا تفي بالغرض وبما أنه يستحيل إصلاحها فإنه يقع اللجوء إلى طريقة «الشريط اللاصق» وهي سدّ الثّقوب بالشّريط اللاّصق وهي طريقة يعتمدها كل الڤصابة. يكون ذلك في ظروف عديدة:

- إذا وجـد الصّانع أن ڤصبة ذات 8 ثقوب لا تعطي الدّرجات الّتي تعوّد عليها، يقوم عندئذ بسدّ عدد من الثّقوب بالشّريط اللاّصق حتّى يتحصّل على الدّرجات الّتي يريدها.

- كما يكون الرجوع إلى الشريط اللاصق من قبل الصانعين لتدارك الأخطاء عند الثقب (في محلّ الخراطة العامّة). إذ يقول العازف منصور الدّبّابي أنه تدارك خطأ من الصّـانع في محلّ الخراطة العامّة الّذي قام بثقب 9 ثقوب. وقد قام العازف بسدّ الثّقبين الرّابع والثّامن بالشّريط اللاّصق فأصبحت الڤصبة تحتوي على 7 ثقوب.

- ويلتجئ العازفون أيضا إلى هذه الطريقة لسد ثقب زائد والذي عادة ما يضاف من الخلف ويكون الغرض منه مجرد تجربة ما إذا كان هذا الثقب الخلفي من شأنه أن يضيف للآلة بعض التغيير.

التّنظيف والتّزيين: تلي عمليّةَ الثّقب عمليّةُ التّنظيف وتكون عند محلّ الخراطة العامّة. وللعناية بالآلة، يتركها بعض الصّانعين في ماء «الجافال» حتى تتخلّص من الأوساخ وتصبح برّاقة وذلك كلّ 10 أيّام. وبعد تنظيفها للصّانع الاختيار في تزيينها أوْ لاَ. ويكون تزيينها باستعمال الشّريط اللاّصق الملوّن15.

تصنيف الطبوع الشعبية :

1) التصنيف المقامي:

في التصنيف الذي سنقدّمه لاحقا للطبوع الشعبية، سنعتمد التعريف الخاص بعالم الاثنوميزيكولوجيا ethnomusicologist للتركيز على هذا العلم في مثل هذه البحوث. هذا التصنيف يعتمد المعلومات التالية (حسب أهميتها في التصنيف): موسيقى دينية أو دنيوية، موسيقى خاصة بالعازف في خلوته أو متعلقة بأساطير أو «خرافات»، الميزان، إلخ (سنورده لاحقا بالتفصيل). ونعني بها بالأخص الخصائص «الموسيقية»: كالخصائص الأدبية نظرا لأهميتها بالجهة والرقص الذي له أهميّة في الموسيقى الدنيوية في الجهة مثل طبع البرهومي (سنورد تدوينا له في الملحق).

ومعطيات عالِمِ الاثنوميزوكولوجيا ethnomusicologist تختلف عن معطيات عازفي الڤصبة (أهم مصنّفين للطبوع). فتصنيف العازفين لا يهتم مثلا بالموسيقى إن كانت موزونة أو لا، ولا يعتبر ذلك عنصر تصنيف لديهم، في هذا النطاق هم يمررون أغاني ضاعت كلماتها. عند التحليل الموسيقي، تبينّا أنّ أغلب الطبوع الشعبية تشبه كثيرا الصّالحي: أوّلا، 3 طبوع من أصل 9 (نفس درجة الارتكاز والعوارض وعقد خماسي ري – لا) وهي النِّوا والسعداوي وصالحي إسماعيل. ثانيا، طبعان يعتمدان عقدا سداسيا (دو – لا)، درجة الارتكاز فيهما هي ري (البحري والصالحي الفْجوجي). ثالثا، طبع آخر (الفزّاني) يعتمد سي عوض سي إذا كانت درجة الارتكاز ري. ورابعا، طبع آخر(طَرْڨْ الصِّيدْ) يصل إل درجة لا ولا يصل إلى درجة سي   . في النهاية، المجموع 7 طبوع من فروع الصالحي.

الطبعان الباقيان يرتكزان على دو بالنسبة للأول (طبع البرهومي) وقد صنفناه كفرع من العرضاوي (طبع شعبي يرتكز على دو) مثلما صنفنا الـ 7 المذكورين ضمن فروع الصّالحي. أما الطبع الأخير (الصحراوي) فهو يعتمد «سلّم مقام السيكاه هزام»: عقد ثلاثي (مي – صول) مع إضافة الدرجة «الملوِّنة» لا . فالصحراوي إذًا من فروعها الشعبية الريفية (و تعتمد هذه الطريقة في تصنيف المقامات العراقية كالمقام «أ» هو فرع من البياتي، إلخ)...

في رسالة الأستاذية، دوّنّا العمل برمّته (تقديم الطبوع) مركّزا على درجة مي: صالحي مي وليس ري أي الطبقة المعروفة. كان ذلك ضمن دراساتنا الرياضية للموسيقى. لكنْ الآن، بعد تجاوز هذه المرحلة: للتبسيط في هذه المرحلة الجديدة وأيضا للتسهيل في المتابعة المبسطة ستكون درجة الارتكاز هي ري. بما انّ آلة الڤصبة ليست معروفة جيّدا في تونس من كافة الموسيقيين نعني بذلك خصائصها اللّحنيّة نظرا لاختلافها من جهة لأخرى، نُورِد المساحة الصوتيّة لهذه الآلة (في جبنيانة) وهي نفسها المستعملة في الطبوع بصفة عامّة وهي دو – سي . وهذه الآلة الشعبية ليست استثناءً، فالآلات الشعبية الأخرى أي المزود والزكرة مساحتها الصوتية محدودة أيضا.

قمنا بتقسيم الطبوع الشعبية إلى 3 أقسام بالرجوع إلى درجة الارتكاز والعوارض واعتماد عقد أساسي وحيد... أمّا نوع الجنس الأساسي الواحد فيختلف: خماسي في الأغلب (6 طبوع)، سداسي (طبعان) وثلاثي (طبع واحد).

فروع الصّالحي:

نفس درجة الارتكاز وغالبا العوارض، جنس خماسي أو سداسي وهي 7، من بينها فرعان يعتمدان عقدا سداسيا دو – لا (البحري والصّالحي الفْجوجي). الفزّاني فرعٌ يعتمد درجة سي  أضفناه إلى فروع الصّالحي وذلك لأن الاختلاف طفيف (في جميع المجالات) من جهة ولأنه لا يمكن تصنيفه ضمن طبع آخر من جهة أخرى: كالحْسين مثلا كبديل محتمل (رغم أنّ الحسين لا يحتوي على درجة سي  ) والذي يمتدّ لأكثر من عقد، أو مقام آخر وهو البياتي الذي يمتدّ أيضا لأكثر من عقد. طَرْڨْ الصِّيدْ طبع شعبي لا يصل إلى درجة سي (يصل إلى درجة لا)، صُنِّف ضمن فروع الصّالحي لنفس الأسباب (انظر السلالم).

- سلالم فروع الصّالحي

1. النّوا، السعداوي، صالحي إسماعيل

 

2. البحري، الصّالحي الفْجوجي (عقود سداسية)

3. درجة الارتكاز هي ري

 

يقع التعرّف على العقد السداسي من خلال الدرجة المهمة التي توجد تحت درجة الارتكاز والتي تمثل مع سداسيتها المهمة أيضا عقدا سداسيا. فيما يخص الجنس السداسي، نلاحظ أنّه فريد من نوعه في الأمثلة المذكورة. فالجنس السداسي لا يُعتمَد في الطبوع التونسية المعروفة التقليدية والشعبية بل يُعتمد العقد الخماسي في أقصى الحالات مثل العقد مْحَيَّرْ عِراقْ المركّز على درجة صول (صول - ري جواب) في طبع المحيّر عراق. في المقامات الشرقية على عكس ذلك يُعتمَد في مواضع قليلة مثل العقد نواثر المركّز على درجة صول (صول - مي جواب) في مقام الشهناز أو العقد نواثر المركّز على درجة فا (فا - ري جواب) في مقام الحجازكار كرد... في الطبوع الشعبية المدروسة في هذا البحث يصبح العقد السداسي أساسيا نوعا ما. فهو موجود في طبعين من مجموع 9 أي تقريبا الرُّبُع. وما جلب انتباهنا هو اعتماد درجة ري كدرجة ارتكاز في هذا العقد السداسي بينما هو يمتد من دو إلى لا. وهو أيضا أمر غير مألوف. فعادة، يُعتمَد عقدان أو عقد سداسي يركِّز الدرجة «الأولى» وليست «الثانية».

- الفزّاني

يعتمد سي .

 

- طَرْڨْ الصِّيدْ

لم يقع الوصول إلى سي (يصل إلى لا).

 

فرع واحد من فروع العَرْضَاوي

فرع العرضاوي هذا هو الطبع الشعبي «البرهومي». نقول «من فروع» حتّى نبيّن في هذه المرحلة التأسيسيّة أنّ العرضاوي يضم كلّ الطبوع الشعبية المرتكزة على دو وتعتمد نفس العوارض وتعتمد جنسا أساسيا وحيدا (خماسيا أو لا) أو جنسين على أقصى تقدير (كالعرضاوي)... قد يكون هذا الفرعَ أي البرهومي الوحيدَ في تونس. وهو ما لا يمكن الجزم فيه إلا مع وجود دراسات أخرى تكميلية. نحن نرجّح على كل حال تواجد عديد الفروع له في تونس لأنّ الصالحي معروف جيدا في عدة مناطق في تونس. ومع الصّالحي المركّز على الري يوجد حتما طبع أو أكثر يرتكز على دو للتنويع.

ملاحظة: البرهومي يصل قليلا إلى درجة لا (مرة لكل من:   و و  أو في بعض الزخارف: الڤروباتو مرات عديدة   (فوق الدرجة) والزخرفة  مرة واحدة) ولا يصل إلى سي .

- سلّم فرع العَرْضاوي: البرهومي

 

فرع واحد من فروع السيكاه هزام

و هو الطبع الشعبي: «الصّحراوي». من ميزات هذا الطبع الشعبي: اعتماد جنس ثلاثي (مي  – صول)، مع جسّ درجة لا (مرّات عديدة، إما في شكل:  وإما في الزخارف: الڤروباتو  والموردنت  ). واللّا لا يمكن ضمّها لعقد ثانٍ فوق درجة الصول، كما هو معتاد، فهو لا يوجد. كما لا يمكن اعتبار العقد الأساسي رباعيا: (مي  - لا ) باعتبار تمحور الأداء في هذه المساحة الصوتية في هذه الموسيقى الشعبية.

سلّم فرع السيكاه هزام: الصّحراوي

نحن نخيّر تصنيف الصحراوي كفرع من فروع السيكاه هزام على تصنيفها ضمن فروع السيكاه التونسية المعروفة أكثر باعتماد لا  وذلك عكس المنطق فالسيكاه التونسية طبع16. أيضا، هذا التصنيف ضمن فروع السيكاه هزام يجوز رغم أنّ هذا المقام يحتوي على مساحة صوتية أكبر وعقود عديدة. وذلك للضرورة، فلا يوجد طبع شعبي يقرب للصحراوي. فمبدأ هذا التصنيف هو التسهيل.

6 من الطبوع الشعبية المدروسة من ضمن 9 تَقفِل بدرجة دو مهما كانت درجة ارتكازها وهي قفلة ريفية معروفة (باستثناء طبع البرهومي الذي يرتكز على دو بطبيعته). والطبوع التي لا تعتمد هذه القفلة هي: النِّوا وطَرْڨْ الصِّيدْ. قمنا بالتعرّف على درجات الارتكاز من خلال فكرة النص وليس القفلة.

مثال: قفلةُ الصحراوي (يرتكز على درجة مي   ).

2) التصنيف الاثنوموسيقولوجي:

هذا أيضا تصنيف تطبيقي فهو في هذه المرحلة يعتمد آليات الدراسة الموسيقية الشاملة حسب جمعٍ مقامي واثنوموسيقولوجي. للتصنيف يقع اتباع المراحل التالية:

1. درجة الارتكاز: نقوم أوّلا بتصنيف الطبوع المختلفة في درجة الارتكاز: طبعين يرتكزان على دو (البرهومي) ومي (الصحراوي).

2. اسم الفرع: الطبوع الباقية 7 هي من فروع الصالحي، يقع تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول، الطبوع الحاملة لاسم صالحي وهي: 2، صالحي إسماعيل والصالحي الفْجوجي. القسم الثاني: طبوع لا تحمل اسم الصالحي.

3. موسيقى دينية أو دنيوية: لتمييز الخمس طبوع عن بعضها البعض نَتْبَع الخطوات التالية: إذا استُعمِل في الحضرة فهو أحد الطبوع الثلاثة: طرڨ الصيد، الفزاني، السعداوي. إذا استعمل في المحفل (عرس) والمهرجانات (كما يقول أهلها: المحفل والمهرجانات) فهو أحد الطبعين: النِّوا، البحري.

4. خصائص ثقافية – موسيقية: إذَا هو طبع مستحب عند الڤصاب عندما يكون في خلوة مع نفسه فهو النِّوا. طبع المزموم مثلا لا يُعزَف فهو نذير شؤم. إذَا كان يُعزف على ڤصبة من القصب فهو طرڨ الصيد، فهو يعزف على ڤصبة القصب خيرا من ڤصبة الألمنيوم وهو أيضا طبع معروف في الجهة....

5. الميزان (للأغاني مفقودة الكلمات في تقديم الطبع): بقي طبعان لم يقع تمييزهما. يتم ذلك كالآتي: يعتمد طبع الفزاني تغييرا في الإيقاع من 12 / 8 إلى 6 / 8 ثم 12 / 8، بينما يعتمد طبع السعداوي إيقاعا واحدا هو 4 / 4.

قد توجد تقاطعات مع هذا التمشي لكنها تُحلّ بتبويب الطبوع بالتدرج المذكور فمثلا: البحري والسعداوي يعتمدان نفس درجة الارتكاز و4 درجات هامة لكل منهما، لكنهما يُبوَّبان ضمن التصنيف التالي: دينية أو دنيوية. أيضا، يمكن التعرّف على النِّوا بحكم أنّه الوحيد في صنفه غير الموزون. إذَا كانت لدينا معطيات عن أصل الطبع أو مكان انتشاره يمكن التعرّف دون اتباع التصنيف: فالنّوا والبحري أصلهما قرقني، وأسطورة طرڨ الغربي معروفة جيدا في ملّولش من ولاية المهدية، إلخ. لكنّ الترتيب المذكور أعلاه هو الذي نقترحه للتعرّف على الطبوع بطريقة أسرع وأشمل. وهو ترتيب حسب الأهميّة. وجب الاعتماد على العناصر المذكورة فيه للتصنيف، فمثلا وجب على الأقل التعرّف على الدليل الإيقاعي أو الدلائل الإيقاعية للإيقاعات المعتمدة في كل طبع وهو كاف.

3) التصنيف والتسمية وتحديد الخصائص:

سنورد في هذا العنصر الأخير كيفية تعريف طبع شعبي من الطبوع المدروسة. سيكون ذلك في مثال واحد وهو طبع «البحري» لضيق مجال البحث. سنقوم بالتصنيف والتسمية وإبراز الخصائص. اخترناه كنموذج لأنّ تعريفه أكثر تعقيدا من الآخرين فهو يحتوي على 4 درجات هامة وعقد سداسي وهو لا يحمل اسم صالحي...

ملاحظة: تحت التقديم التقليدي يوجد تقديم تفسيري (في شكل ملاحظات) نورد فيه مختلف المعلومات المربوطة بالتقديم الأول أو غير المربوطة به مع الوفاء للشكل التقليدي في تقديم الطبوع والمقامات.

يكون التعريف كالتالي (سنورد الملاحظات التي هي خارج النص النموذج بين ظفرين):

طبع «البحري»

درجة الارتكاز: ري، العوارض: مي وسي .

الجنس: سداسي دو – لا.

الدرجات الأساسية: دو، ري، صول، لا. «إذا كانت كل الدرجات مهمة مثل طبع البرهومي أو 4 من 5 مثل السعداوي لا يقع تقديمها في السلم (في دائرة أو إطار) وإنّما ذِكر ذلك في هذا البُند: الدرجات الأساسية».

ملاحظات:

- طبع «البحري» الشعبي هو فرع من فروع الصالحي لا يحمل اسم صالحي.

- كانت درجة الارتكاز هي ري للتسهيل و هي المعروفة عن طبع الصالحي لكنّها صول في الحقيقة بالتناظر analogy فالطبقة الأصلية هي صول # (الڤصبة المدروسة في رسالة الأستاذية عدد 2)، أو الطبقة الأصلية هي مي (الڤصبة المدروسة عدد 1).

- الجنس سداسي (دو – لا) لكنّ درجة الارتكاز هي ري.

- تُعتمد درجة دو كقفلة لكنها ليست درجة ارتكاز.

- طبع البحري هو من الطبوع الشعبية المستعملة على آلة الڨصبة في معتمدية جبنيانة من ولاية صفاقس (البعض منها يستعمله الأديب مثل «الصالحي الفجُوجي»). وتسمّى في المنطقة «نَغْمات» أو «ضَرْبات». هو ذو أصل قرقني ويستعمل في المحفل (العرس) والمهرجانات (موسيقى دنيوية) . وهو في شكل أغنية ضاعت كلماتها والعازف المخبِر لا يعرف إيقاعها.

- السرعة = 145: tempo . «موسيقى الڤصبة سريعة عامة وتختلف عن غيرها بالدرجات الطويلة لذا نورد السرعة مع التدوين».

- في الأصل، هذا التقديم للتصنيف لكن يجوز التطبيق.

الخاتمة :

رغم صعوبة هذه الموسيقى والموسيقى المقامية بصفة عامة، استطعنا تصنيف الطبوع الشعبية ودراسة مختلف مظاهر ونقاط تميّزها17. لكنْ يبقى هذا التصنيف سابقا عصره بكل صراحة ويجب تشجيعه والتعود عليه وهو يعتمد نظرة كونية وليست محليّة. في هذا السياق نُشِيد بمحوريّة النظرة الكونية في البحوث العلميّة وندعو الأطراف التي تشجع على المحليّة بأيّة طريقة كانت إلى اتباع النظرة الكونية العالمية والانطلاق منها للتطوير18. وإن كان لديهم نقص في التكوين فالمراجع كثيرة في هذا الموضوع علاوة عن المختصين.

احتوى هذا البحث على عنصرين. في العنصر الأول المسمّى: «التقديم المادي» تمّ التعريف بمعتمدية جبنيانة وآلة الڤصبة كتقديم ضروري للطبوع الشعبية المدروسة في المنطقة وعلى هذه الآلة. وقد وقع تبيين الصلة بين كل هذه العناصر في المقدّمة. في العنصر الثاني المسمّى: «تصنيف الطبوع الشعبية»، تناولنا تصنيف الطبوع الشعبية المدروسة تباعا من خلال التحليل وإبراز جميع النقاط المهمة وذلك في ثلاثة أجزاء، الجزء الأول هو: «التصنيف المقامي» والجزء الثاني: «التصنيف الاثنوموسيقولوجي» والجزء الثالث وهو التقديم والمسمى: «التصنيف والتسمية وتحديد الخصائص». لم يكن العمل سهلا بالنسبة لبحث ريادي في هذا الموضوع خاصة مع النقص الكبير للمراجع. تمكنّا في النهاية من الوصول إلى غايتنا وهو تصنيف الطبوع الشعبية. فَتَحَ هذا الموضوع آفاقا عديدة بالنسبة لنا في مواضيع بعيدة مثل الآلات الموسيقية الوترية بحُكْم الطبقات المتعددة المذكورة، وقريبة أيضا مثل الموسيقى الصوفية في مدينة صفاقس وهو ما ذكرناه في رسالة الأستاذية لكن بصفة مقتضبة. نطمح في المستقبل الكتابة في هذه المواضيع.

الملاحق

1) تقديم الطبوع الشعبية

هذا تقديم مقتضب عن الطبوع الشعبية المعتمدة في الجهة إلا طبع البحري الذي وقع تعريفه في آخر البحث.

1. النِّوا: بكسر النّون. وهو مختلف عن طبع «النّوا» المعروف في الموسيقى التّقليديّة التّونسيّة ونغمة «النّْوا» هي من الضّربات المستحبّة عند الڤصّاب عندما يكون في خلوة مع نفسه. وتُعتمد نغمة «النّْوا» في المحفل والمهرجانات وأصله قرقني.

السرعة = 132 : tempo 

2. طَرْڨْ الصِّيدْ أو طَرْڨْ الغربي أو الغربي: الغربي هو من أكثر الضّربات المعروفة على آلة الڤصبة بين عامّة النّاس. ويكون عزفه على الڤصبة المصنوعة من القصب أحسن من ڤصبة الألمنيوم. وهو يستعمل في الحضرة . ويقول الڤصّابة أنّ عازف الڤصبة عندما يكون وحده فعليه ألا يطيل العزف في هذه النّغمة. إذ يتشاءم بعض العازفين من عزف هذه النغمة فرديّا حيث يقول العازف رحيم الحامدي أنه عندما أطال يوما العزف في الغربي سمع وقع أقدام مجهول وغلق الباب بقوّة... في حين يقول العازفون أنّ الإطالة مع المجموعة جائزة.

السرعة = 155 : tempo

ملاحظة: لم يقع الوصول إلى سي .

3. الفزّاني: تُعتمَد نغمة الفزّاني في الحضرة وهي موقّعة أمّا الإيقاع المعتمد في النّص فالمخبرون (عازفو الڤصبة) لا يعرفونه.

السرعة = 170 : tempo 

4. البرهومي: هي نغمة معروفة أكثر في منطقة أولاد حْسَن من معتمديّة العامرة لكنّها معروفة أيضا في جبنيانة وهو يستعمل في المحفل والمهرجانات وذلك للرّقص.

السرعة   = 157 : tempo 

ملاحظة: كل الدرجات في العقد الأساسي مهمة: دو، ري، مي، فا، صول.

5. الصّحراوي: يستعمل في المحفل والمهرجانات.

السرعة في البداية:   = 100 : tempo 

ملاحظة: استعمال لا  قليل.

6. صالحي إسماعيل: نسبة إلى إسماعيل الحطّاب (1918-1996) وهو أصيل منطقة الجبارنة من معتمدية جبنيانة، وهو مغن معروف في المنطقة ويستوحي أغانيه من التراث الشعبي للجهة وقد كان أيضا عازف ڤصبة، ونسِب هذا الصالحي إليه لأنه كان دائما يستعمله. ويعتمد عازفو الڤصبة الصّالحي إسماعيل في المحفل والمهرجانات.

السرعة    = 125 : tempo 

7. الصّالحي الفْجوجي: إنّ هذا النّوع من الصّالحي معروف في عديد المناطق وهو ليس مرتبطا بجهة معيّنة وهو يستعمل في المحفل والمهرجانات وأيضا في الحضرة.

السرعة   = 132 : tempo 

درجة الارتكاز: ري.

 

8. السّعداوي: يُعتمَد في الحضرة وهو موقّع.

السرعة   = 145 : tempo 

ملاحظة: الدرجات ري، مي، فا، صول مهمة.

2) تدوين طبع البرهومي

هذا الطبع الشعبي يلخص البقية فهو يعتمد استخبارا (ارتجالا) يليه عزف موقّع (أغنية ضاعت كلماتها) تندرج ضمن طريقة التقديم بالجهة، كما أنّه يعتمد نفس طريقة الزخارف والدرجات الطويلة (معدّل 7 أوقات للدرجات الطويلة التي تفوق 4 أوقات) والخلايا الإيقاعية اللّحنيّة المتكرّرة. وتقديمه قصير ومهم. وهو يرتكز على درجة دو وكل الدرجات في عقده الأساسي مهمة. هذه المميّزات جعلت منه نموذجا ثريّا وموضوع بحث جديد في الطبوع التي تمثّل فروعَ طبع العرضاوي في تونس. تردّدنا بينه وبين طبع الصحراوي الذي يشبهه في كل المعطيات إلّا درجة الارتكاز وهي مي . لكنّنا اخترنا البرهومي لأن كل درجاته مهمة ضمن عقده الخماسي الأساسي.

الطبع الشعبي البرهومي

= 157

ملاحظة: النصّ لا يصل إلى سي. كتبناه باعتماد دليل لحني يحتوي على سي ومي ، رغم عدم احتواء النص على درجة سي ، وذلك عوض كتابة مي  في النص في كل مرة... وذلك للإشارة إلى طبع العرضاوي الذي يمثّل الأصل، فالبرهومي هو في تصنيفنا فرع من فروعه. الإشارة إلى العرضاوي تشجّع الباحثين على البحث في فروعه.

الهوامش:
1.   الحاج قاسم (أحمد)، آلة الڤَصبة بِجْبِنْيانة، رسالة ختم الدّروس الجامعيّة، إشراف الدكتور الأسعد الزواري والأستاذ فيصل القسّيس، المعهد العالي للموسيقى بصفاقس، 2003، 100 ص. 
2. Hood (Mantle), " a holistic investigation of music in its cultural contexts " (en), " Ethnomusicology ", dans Willi Apel, The Harvard Dictionary of Music, 2e éd, Harvard University Press, Cambridge, Mass. (USA), 1969, p 79.
3. المرزوقي (محمد)، الأدب الشعبي في تونس، الدّار التونسية للنشر، تونس، 1967، ص 85.
4. الزّواري (الأسعد)، الطبوع التّونسيّة من الرّواية الشّفويّة إلى النّظريّة التّطبيقيّة، الجزء الأوّل، المعهد العالي للموسيقى بصفاقس، 2006، ص 35-53.
5. Poincaré (Henri), La Valeur de la science, Flammarion, Paris, 1905, p 37.
6. Hadj Kacem (Ahmed), Esthétique de la voix dans la chanson populaire tunisienne, vol. 1, Thèse de doctorat, Institut supérieur de musique de Tunis, 2017, 354 p. 
- Hadj Kacem (Ahmed), Esthétique de la voix dans la chanson populaire tunisienne, vol. 2, Annexes de la thèse, Thèse de doctorat, Institut supérieur de musique de Tunis, 2017, 174 p. 
7. Lacroix (Jean), La révolution kantienne, groupe Le Monde, Paris, 1978.
8. Kant (Emmanuel), Critique de la faculté de juger, Traduction de l’allemand par A. Philonenko, Librairie Philosophique J. Vrin, Paris, 1968, p 94.
9. عبد الكافي (أبو بكر)، تاريخ صفاقس، الجزء الأول : الحياة العمرانيّة، التعاضديّة العماليّة للطّباعة والنّشر، صفاقس، 1966، ص 205.
10. المكني (عبد الواحد)، الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة بأرياف صفاقس بين 1881 و1914 (مثال قبيلة المثاليث من خلال المراسلات الإداريّة)، شهادة الكفاءة في البحث، تونس، 1990.
11. المكني (عبد الواحد)، (1996) الحياة العائليّة بجهة صفاقس بين 1875 و1930، دراسة في التّاريخ الاجتماعي والجهوي، منشورات كليّة الآداب صفاقس، 1996، ص 37.
12. مقديش (محمود)، نزهة الأنظار في عجائب التّواريخ والأخبار، المجلّد II، تحقيق علي الزّواري ومحمود محفوظ، الطّبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1988، ص 269.
13. الحاج قاسم (أحمد)، آلة الڤَصبة بِجْبِنْيانة، المرجع السابق، ص 9-10.
14. التّاغوتي (كمال)، (2000-2001). آلة الڤصبة بمدينة الكاف، رسالة ختم الدّروس الجامعيّة، إشراف زهير ڤوجة، المعهد العالي للموسيقى بتونس، 2000-2001.
15.   الحاج قاسم (أحمد)، آلة الڤَصبة بِجْبِنْيانة، المرجع السابق، ص 12-19.
16.   ڤطاط (محمد)، "دور تونس في إرساء التّراث الموسيقي المغربي-الأندلسي"، الحياة الثّقافيّة، العدد 51، تونس، 1989، ص 78 - 81. 
17. During (Jean), Musiques d'Asie centrale, Actes Sud, Arles (France), 1998.
18. https://www.monde-diplomatique.fr/2006/05/LEVY_LEBLOND/13453
 
المصادر والمراجع باللغة العربية
19. التّاغوتي (كمال)، (2000-2001). آلة الڤصبة بمدينة الكاف، رسالة ختم الدّروس الجامعيّة، إشراف زهير ڤوجة، المعهد العالي للموسيقى بتونس، 2000-2001.
20. الحاج قاسم (أحمد)، آلة الڤَصبة بِجْبِنْيانة، رسالة ختم الدّروس الجامعيّة، إشراف الدكتور الأسعد الزواري والأستاذ فيصل القسّيس، المعهد العالي للموسيقى بصفاقس، 2003، 100 ص.
21. الزّواري (الأسعد)، الطبوع التّونسيّة من الرّواية الشّفويّة إلى النّظريّة التّطبيقيّة، الجزء الأوّل، المعهد العالي للموسيقى بصفاقس، 2006.
22. المرزوقي (محمد)، الأدب الشعبي في تونس، الدّار التونسية للنشر، تونس، 1967.
23. المكني (عبد الواحد)، الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة بأرياف صفاقس بين 1881 و1914 (مثال قبيلة المثاليث من خلال المراسلات الإداريّة)، شهادة الكفاءة في البحث، تونس، 1990.
24. المكني (عبد الواحد)، (1996) الحياة العائليّة بجهة صفاقس بين 1875 و1930، دراسة في التّاريخ الاجتماعي والجهوي، منشورات كليّة الآداب صفاقس، 1996.
25. عبد الكافي (أبو بكر)، تاريخ صفاقس، الجزء الأول : الحياة العمرانيّة، التعاضديّة العماليّة للطّباعة والنّشر، صفاقس، 1966. 
26. ڤطاط (محمد)، "دور تونس في إرساء التّراث الموسيقي المغربي-الأندلسي"، الحياة الثّقافيّة، العدد 51، تونس، 1989، ص 78-81. 
27. مقديش (محمود)، نزهة الأنظار في عجائب التّواريخ والأخبار، المجلّد ІІ، تحقيق علي الزّواري ومحمود محفوظ، الطّبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1988.
 
المصادر والمراجع باللغات الأجنبية
1. During (Jean), Musiques d’Asie Centrale, Actes Sud, Arles (France), 1998. (in french)
2. During (Jean), Central asian musics, Actes Sud, Arles (France), 1998.
3. Hadj Kacem (Ahmed), Esthétique de la voix dans la chanson populaire tunisienne, vol. 1, Thèse de doctorat, Institut supérieur de musique de Tunis, 2017, 354 p. (in french)
4. Hadj Kacem (Ahmed), Aesthetics of the voice in tunisian popular song, vol. 1, Doctoral thesis, Higher institute of music of Tunis, 2017, 354 p.
5. Hadj Kacem (Ahmed), Esthétique de la voix dans la chanson populaire tunisienne, vol. 2, Annexes de la thèse, Thèse de doctorat, Institut supérieur de musique de Tunis, 2017, 174 p. (in french)
6. Hadj Kacem (Ahmed), Aesthetics of the voice in tunisian popular song, vol. 2, Annexes of the thesis, Doctoral thesis, Higher institute of music of Tunis, 2017, 174 p.
7. Hood (Mantle), " a holistic investigation of music in its cultural contexts " (en), " Ethnomusicology ", dans Willi Apel, The Harvard Dictionary of Music, 2e éd, Harvard University Press, Cambridge, Mass. (USA), 1969. (in french)
8. Hood (Mantle), “a holistic investigation of music in its cultural contexts”, “Ethnomusicology”, in Willi Apel, The Harvard Dictionary of Music, 2nd ed, Harvard University Press, Cambridge, Mass. (USA), 1969.
9. https://www.monde-diplomatique.fr/2006/05/LEVY_LEBLOND/13453
10. Kant (Emmanuel), Critique de la faculté de juger, Traduction de l’allemand par A. Philonenko, Librairie Philosophique J. Vrin, Paris, 1968. (in french)
11. Kant (Emmanuel), Critique of the faculty of judgment, Translation from German by A. Philonenko, Librairie Philosophique J. Vrin, Paris, 1968.
12. Lacroix (Jean), La révolution kantienne, groupe Le Monde, Paris, 1978. (in french)
13. Lacroix (Jean), The kantian revolution, Le Monde group, Paris, 1978. (in French)
14. Poincaré (Henri), La Valeur de la science, Flammarion, Paris, 1905. (in french)
15. Poincaré (Henri), The Value of Science, Flammarion, Paris, 1905. 
 
الصور:
- التدوين الموسيقي من الكاتب.
1. www.pinterest.com

أعداد المجلة