فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
66

المنهج في دراسة الثقافـة الشعبية

العدد 2 - منتدى الثقافة الشعبية
المنهج في دراسة الثقافـة الشعبية

المشاركون: أ.د. محمد الجوهري

                أ.د. سعــد الصويـان

                 أ.د. نـــمر سـرحــان

                 أ.د. محــمــد غـاليـم

                 أ.د. شهرزاد قاسم حسن

                 أ.د. مصطفــى جــاد

                 أ.د.محـمـد النويري

أدار الحوار:

                  أ.د.محـمـد النويري

جريا على السنة التي وضعتها “ الثقافة الشعبية” لنفسها في أن تكون صعيد حوار ونقاش للقضايا المعرفية التي تعنى بمسأليات الثقافة الشعبية مباشرة أو تلك التي تقع على تخومها، انعقدت من 10 إلى 14 أبريل 2008 بحضور السيدة كارمن باديلا رئيسة المنظمة الدولية للفن الشعبي والأستاذ علي عبد اللـه خليفة الأمين العام المساعد لإقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا ندوة دارت موضوعاتها على قضية المنهج دعي إليها ثلة من المهتمين بالمسألة في البلاد العربية. خصصت الأيام الثلاثة الأولى منها لتقديم ورقات كانت محور نقاش خصب وأفرد اليوم الأخير للمنتدى الذي نتولى نشره في هذا العدد. فكل إحالة على الزمان أو المكان تلحظ إنما هي إحالة على وقائع هذه الندوة...

 

الدكتور محمد النويري :

اليوم نتناول في حلقتنا النقاشية موضوع المنهج في دراسة الثقافة الشعبية وطبعا المنهج بالألف واللام وهذه يسميها اللغويون ألف ولام الاستغراق فهو مفرد يعني الجمع. والثقافة الشعبية كما تعرفون مجالات متعددة واختصاصات مختلفة ونظريات متباينة في الموضوع الواحد. تكون طريقتنا إن شاء اللـه في شكل دائري كل واحد يأخذ كلمة لمدة 5 دقائق وإن كان ليس له كلام يقوله يمكن أن يتيح لمن بعده الكـلام. لا نريد أن نفرض خطة مسبقة سلفا وإنما بودنا أن تكون محاور النقاش منبثقة من تساؤلاتنا ومن حيرتنا فخطة النقاش تنطلق شيئا فشيئا منا.

طرحت الدكتورة شهرزاد سؤالا اعتبرناه مهما إذ قالت ما هو الشعبي؟ نحن حين نتحدث عن الثقافة الشعبية ماهو الشعبي؟

مـا هي الثـقـافة الشعـبية؟ النسـبة هـذه تعـود على من؟ على الشعب / من هو الشعب؟ هل النخبة تعتبر من الشعب؟

ننطلق في نقاشنا من الجواب على هذا السؤال إلى أن نصل إلى مسألة المنهج في الثقافة الشعبية شيئاً فشيئاً

تتفضل الدكتورة شهرزاد، أنت طرحت السؤال وشاءت الصدفة والصدفة فقط أن ننطلق منك في الإجابة عن هذا السؤال .

 

الدكتورة شهرزاد:

صحيح أنا طرحت السؤال لكني طرحته بصيغة التساؤل لأني لا أعرف الإجابة عليه اليوم. يعني هذا يحتاج إلى تفكير إلى قراءة إلى دراسة إلى النظر إلى الواقع المعيشي إذا تسمح لي ممكن أغير الموضوع أو لا؟

أنا هذا الموضوع الآن ما عندي جوابه لا أعرف لازم أفكر فيه وعندي تساؤلات أخرى.

 

الدكتور نمر سرحان :

أنا محضر مداخلة في هذا الموضوع ونقاط أخرى الفلكلور من الفولك من هم الفولك ؟ هل هم الناس إللي بنحددهم؟ أو اللي يفرضوا وجودهم على الموضوع؟ يعني أعطي مثال المفهوم الأصلي أن الفولك هي ثقافة الطبقات المتخلفة في مجتمع متحضر. فيه نوع من المقارنة بين ناس متخلفين بمعنى إن لم يأخذوا حظا كما أخذت الطبقات المتقدمة هم من الطبقات المسحوقة. هم من الناس العاديين زي الطلاب حتى الطلاب اللي بيتعلموا وبيدرسوا علوم مهمة يمكن أن يفيض عندهم فلكلور. الآن في تجربة بالنسبة للفلكلور الفلسطيني أن فلكلور المقاومة كان يفيض عن ناس لا يمكن وصفهم بأنهم ناس إلا أنهم أقل حظ وأقل فرصة في الحصول على مايريدون حاطط أنا هون نص مقارن بين فلكلور المقاومة كما هي في الخمسينات وكما كان قبلها يعني مثلا إذا أخذنا من الناس العاديين في هتافات المظاهرات والمسيرات ونلاقي إشي من نوع ((ويلي ع الجامعة ماتمدنا باسلاح وإحنا وإحنا علينا الحرب وجيوشها ترتاح )) فهذا التعبير بسيط تعبير غير منمق يفيض عن ناس عاديين بحكوا انه هم لو أعطونا سلاح كان إحنا دافعنا عن نفسنا وقاومنا وعملنا في أواخر الستينات وأوائل السبعينات بدأت عناصر متعلمة مثقفة ثورية متقدمة تصنع شكل جديد من أشكال الشعر المقاوم أو الغناء المقاوم نأخذ نص....

 

الدكتور محمد الجوهري :

الكلام الذى قاله الدكتور نمر كلام صحيح بالنسبة للمراحل الأولى من نشأة العلم، حيث كانت النظرة وقتها أن موضوع العلم هو التراث الشعبي أو حكمة الشعب أو المعرفة الشعبية أو الأساليب القديمة أو الأشياء القديمة. بعدها يأتى التساؤل أين نلتمسها، أى عند من، بمعنى من صاحبها ومن يتداولها، إنه الشعب حسب فهمه فى تلك المرحلة. ووقتها كانوا يرون أن من يتداول تلك العناصر التراثية هى الشرائح الأدني (أو بمعنى المصطلح الانجليزي Lower Stratum) الشريحة الأدنى في المجتمع الأدنى حضاريا والأدنى فكريا. وتلك مشكلة مهمة إذ كان هناك من يرى (مثل ليفى برول Levy Bruhl والمدرسة الفرنسية) أن العقلية غير المنطقية هى السائدة لدى هذه الشريحة، ويصفون المرحلة الشعبية بأنها مرحلة ما قبل المنطق. ولنقرب ذلك نتصور أن أولئك الناس يؤمنون بالتفاؤل والتشاؤم، فإذا رأى أحدهم قطة سوداء ثم صادف فى ذلك اليوم نفسه مشاكل فى عمله، فإنه يربط بين الأشياء ربطاً غير منطقي لأن عقليته عقلية خاصة.

ثم سارت الأمور فى سبيل آخر بعد ذلك حيث حدث الاستقطاب الحضري في أوربا وبدأ الناس يعيشون في المدينة. والمدينة بيئة متقدمة وفيها تكنولوجيا، والريف بالقياس إليها كان متخلفاً ومنزوع السكان ويزداد تدهوراً. فظهرت فكرة جديدة حيث قالوا إن هذا المنهج فى التفكير أو هذا التراث أو مخزن الموروث الشعبي يوجد بأفضل صورة لدى الفلاحين. وبدأت فكرة أن الفلاحين هم موضوع الدراسة وهم الشعب. طبعاً هنا مفهوم الشعب لا يعنى شعب الأمة، وإنما الشعب حامل التراث، أو هو صاحب هذا التراث. وترتب على هذه الرؤية وارتبط بها طويلاً في أوربا الحوار الحضارى بين القرية والمدينة. وفي المرحلة الرومانسية حدث تمجيد للريف وللبدائية وللحالة الفطرية للإنسان.

ومع تقدم دراسات علم الفولكلور والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع اكتشف الدارسون فى كل هذه التخصصات أن هناك بشراً متعلمين ويعيشون فى المدينة وأخذوا بكل أسباب المدنية، ولكنهم يؤمنون بأشياء خرافية غير منطقية، وأنهم أحياناً يتفاءلون بأشياء ويتشاءمون من أشياء ويطربون لأغنية شعبية ويشاركون فى أداء رقصة شعبية، وهكذا. عندها بدأ يتبلور وعى جديد بأن التراث الذى ندرسه لا ينحصر فى فئة معينة من الشعب ولا هو مرتبط بعقلية معينة أو بمستوى عقلي معين متخلف، وإنما هو موجود عند كل إنسان. وأصبح الفيصل في تحديد التراث هو آليه التلقي، والمصدر الذى أخذه عنه، فإذا كان تلقاه بصفة تقليدية، حيث كانت جدته تحكي له حكايات أو أن أمه كانت تحكي له حكايات .. وهكذا. هذا الشق التقليدي المنقول بصفة غير رسمية ومن شخص إلى آخر أصبح هو الشق الذى يهم دارس الفولكور. وبهذا الوعى بدأ التمييز بين الرسمي والتقليدي. وصار موضوع بحث دارس الفولكلور هو التقليدي. أما كل ما يتم تلقيه بوسائل النقل الرسمية كالمدرسة والكتب الثقافية والمنتديات ونحو ذلك هو الثقافة الرسمية (أو بتعبيرهم “الراقية”).

أنا لا أريد أن أطيل، ولكن الأمر لم يتوقف ولا يمكن أن يتوقف عند هذه الثنائية الثقافية، إذ فرضت حياة الناس اليومية أن يبدأ التفاعل بين المجالين في العصر الحديث. فتبدأ العناصر الشعبية تنفذ إلى أدوات الثقافة الرسمية كالكتب والصحافة والإذاعة والتليفزيون، فنجد التلفزيون الحديث يذيع لنا تفسير الأحلام وينقل إلينا كثيراً من الاحتفالات والممارسات الشعبية. وبدورها تؤثر النظم الرسمية الحديثة على كثير من ممارساتنا الشعبية، فنجد المطبب الشعبى يستعين أحياناً بالعقاقير الطبية. وهكذا يتجدد التراث ويعيد إنتاج نفسه كل يوم وفى كل مكان.

 

الدكتور مصطفى جاد :

القضية المحورية في هذا المفهوم تتشابك دائماً فى تراث العلم بسؤال : هل الشعبى مرتبط بطبقة معينة؟.. ومفهوم الشعب هل هو مرتبط بطبقة معينة من الشعب، أم هو مفهوم ينسحب على جميع الطبقات؟

طبعاً مع تطور الدراسات والعلم كما أشار أستاذنا الدكتور الجوهري لا يوجد هناك طبقة تمارس العادات الفولكلورية أو تدخل في نطاق الشعبي وطبقة أخرى لا تدخل، فهذا المفهوم قديم بل وغير صحيح، فجميع الشرائح وجميع الطبقات تدخل في مفهوم الشعب. ونحن ندلل دائما بأمثلة لهذا المفهوم بالرؤساء والملوك الذين قـد يتوسـلون بالعـرافـة التى تكشـف لهم عن المسـتـقـبـل، أو يحملون خرزة زرقاء للحماية من العين .. وهكذا. وتشير الدراسات الميدانية إلى أن هناك عناصر شعبية قد تصعد من الطبقة الدنيا من الشعب إلى الطبقة الأرقى، وهناك عناصر قد تهبط. ففى وقت من الأوقات كان هناك - على سبيل المثال – عدة احتفالات للزار في مصر كل منها تعبر عن طبقة بعينها. وفى عناصر الثقافة المادية نجد – على سبيل المثال أيضاً– اللمبة التى كانت تعمل بالكيروسين (اللمبة الجاز) كانت تستخدم في الإنارة في الطبقة الدنيا لعدم انتشار الكهرباء فى وقت من الأوقات، ثم اختفت تدريجياً مع انتشار الكهرباء، ثم بدأت تتشكل فى أنماط أرقى، ثم ظهرت في بيوتات بعض المجتمعات الراقية كجزء من الديكور، وهى تباع الآن كمنتج سياحى. ومن ثم فقد تحول شكلها تماماً من وظيفتها للإنارة إلى وظيفة تشكيلية جمالية .

وهناك تصور منهجى خاطئ يقع فيه بعض تلامذتنا والدارسون المبتدئون فى البحث الميدانى، والذين يتصورون أن المادة الشعبية لا توجد سوى فى الأماكن الريفية، وأن المناطق الراقية فى المجتمعات الحضرية- مثلاً - خالية من الممارسات الشعبية.

 

الدكتور سعد الصويان :

أولا أتحفظ على طرح مثل هذا السؤال لعدم جدواه لكن سأساهم من عرض الأخوان على نفس الخط الذي سار عليه الدكاتره من قبلي وأقول إن تعريف الفلكلور لا ينبغي أن يبنى لا على المنتِج ولا على المستهلِك وإنما على طبيعة المادة نفسها، كيف تنتَج وكيف تنتشر، وأيضا بنية المادة وشكلها ومضمونها· هذه هي الاعتبارات التي تحدد ما إذا كانت شعبية أم غير شعبية· ينبغي أن ينطلق تعريف المادة من ذات المادة وليس من خارج المادة· كما نتكلم عن الشعب وطبقات الشعب فالمضمون والشكل وطرق التداول والانتاج والاستهلاك هي أيضا تحدد إذا كانت هذه المادة شعبية أم لا·

كان بودي لو طرح سؤال أهم وألصق بطبيعة الوضع العربي والإسلامي، والعربي خصوصاً، وهو كيف نُشَرْعِن دراسة المأثور الشعبي في مؤسساتنا الأكاديمية وعند مثقفينا ومفكرينا· أعتقد أن الشيء الذي يتميز به المشهد العربي هو هذا التوتر القائم بين ثقافتنا التي نتصورها كنخبة وأكاديميين وتعليميين وما إلى ذلك، النظرة المستريبة ليس فقط للتراث الشعبي بل إلى دراسة التراث الشعبي ومن يدرسون التراث الشعبي· الثقافة العربية والحضارة العربية والمجتمع العربي يعاني من مشكلة في هذا الصدد، وهي مشكلة لا توجد في مجتمعات أخرى· هذا هو الشيء المميز الذي يمكن لنا نحن أن نتناوله ونقدم فيه مساهمة حقيقية لو بحثناه، التناول الرسمي للثقافة الشعبية يتم دائما خارج إطار العلم بحيث أن الباحث الذي يريد أن يدرس هذه المادة من ناحية علمية موضوعية محايدة بدون أن يكون لديه مسلمات أو توجهات ايديولوجية أو نخبوية أو سياسية أو وطنية أو دينية لايجد مع الأسف الشديد من يقف بجانبه ويعاضده في مشاريعه البحثية.

 

الدكتور محمد غاليم :

باختصار شديد ربما أتفق في جانب مع ماقاله الدكتور سعد لكن لابأس أن نعتبر سؤالا مثل هذا من باب تحديد المفاهيم وتحديد المصطلح لذلك أختصر اختصارا شديدا وأقول يمكن أن نعتبر الشعب بهذا المفهوم في سياق الأناسة كما يستعمله الانثربولوجيون أو الأناسيون جماعة بشرية تشترك في نظام من الرموز والقيم يميزها من غيرها من الجماعات.

 

الدكتورة شهرزاد :

أنا أحب أن أؤكد أن السؤال دخلت به عناصر وهي استخدام كلمة فلكلور ما أحبذ استخدام هذه الكلمة لأن الذي تبين من الكلام هنا أن الطبقات تتفاعل مع بعضها أن مافيه امكانية وضع حدود فاصلة بين طبقة وطبقة وانه أصلا تعريف الفلكلور هو تعريف النتاج وإبداع الطبقات البسيطة بالأصل الفلاحية وهذه الآن غير وارد لأن فيه فلكلور يتحرك ويصعد وينزل ويصير بيه أشياء فمثلا الدكتور الجوهري تحدث عن الشريحة الغير المنطقية وغير العقلانية وهكذا لكن دراسة البنى هو الأمثلة التي تطرق لها الأساتذة من باب تخصصهم أنا عندي أمثلة من باب تخصصي الآخر في بنى منطقية كبيرة من خلال التحليل. هل تعتبر العمارة الإسلامية فلكلورية مثلاً أو تقليدية أنا أفضل استخدام التقليدي لأن في التقليدي يدخل الشعبي وغير الشعبي يساهم به الشعبيون أيضاً. مراسيم مثلا مثل الأذكار في منطقة الشرق الأوسط لايمكن اعتبارها مراسيم شعبية بحته بمعنى التعريف الفلكلوري إنما هي بها جذور عمارات بنائية كبيرة مبنية على نظريات وهكذا. مازلت غير مقتنعة أنا أفضل التقليدي أكثر شامل.

 

الدكتور محمد النويري :

يتبين مما سلف أن القضية خلافية وأن السؤال مهم. ورأيي يتقاطع مع بعض الآراء التي جاءت في الحديث هو أن تقسيم المجتمع إلى نخبة وشعب والنخبة لها منظومة العلوم المنطقية الصحيحة المتكاملة وفئة أخرى ليست منطقية ولا عقلانية إنما هي مشعوذة. في تقديري الشخصي هذا غير صحيح. الشعب هو كل متكامل وحتى من نعتبرهم نخبة يتصرفون بمنطق نجدهم يؤمنون بما يؤمن به عامة الشعب والأمثلة على ذلك كثيرة. ظواهر حاربها الدين قبل أن يحاربها العلم مثل قوله صلى الله عليه وسلم العين حق والطيرة باطل. ونحن جميعاً نتطير من كثير من الأشياء. فالخاصة والعامة أو ما يسمى بالطبقة الراقية والطبقة الشعبية يشتركان في التعامل مع منظومة رمزية مشتركة في الحكاية والشعر والغيبيات...الخ فليست هناك حدود فاصلة بين ما يمكن أن نسميه طبقات الشعب. وهذه الثقافة التي نعتبرها ثقافة شعبية تنساب في راحة كبيرة بين ضفتي النخب العالمة والطبقات الشعبية فمن هذه الناحية قولنا ثقافة شعبية وإن كانت في بعض مراحل التصور تحمل استهجانا فهي تشمل الجميع ولا تشمل فئة دون أخرى. أنتقل إلى نقطة أخرى مرتبطة بها. صحيح أن وضع دراسة الثقافة الشعبية في المؤسسات الأكاديمية في البلاد العربية متخلف ولكن نلاحظ في المؤسسات الأكاديمية الغربية اهتماما كبيرا بعلم الفلكلور والثقافة الشعبية وهذا يندرج ضمن خلخلة المركزيات التي باشرتها فلسفات في الغرب وفلاسفة معروفون من أمثال فوكو ودريدا مركزية الإنسان مركزية النخبة فمن هذا المنطلق أطرح السؤال والسؤال يمكن أن نصيغه صياغة أخرى. هذا التفاوت في نظرة الغرب إلى علم الفلكلور باعتباره علما مركزيا وليس علما هامشياً ماهي مبرراته أن يكون متخلفاً عندنا على الصيغة التي ذكرها منذ قليل الدكتور سعد؟

 

الدكتور محمد الجوهري :

أريد فى الحقيقة أن أزيل بعض اللبس الذى حدث فى فهم بعض ما قلته. فما عرضته بإيجاز شديد ليس سوى استعراض لتاريخ العلم. فمن يقول اليوم إن موضوع الفولكلور هو دراسة تراث الفلاحين إنما هو جاهل بالعلم الراهن. وقد انتهيت إلى أن أحدث أشكال التواصل الثقافي فيها مادة فولكلورية شديدة الثراء ونحن جميعاً شركاء في صنعها وفي تداولها. فينا جميعاً جانب شعبى، قد يكبر عند البعض وقد يقل عند البعض. فالبعض منا يتذوق الشعر النبطي وآخرون لا يستطيعون تذوقه. البعض قد يطرب للهلالية  وبعض المصريين قد لا يطرب لها أو ينفعل بها، دون أن يطعن ذلك فى حقيقة كونهم من الشعب. لأن لدى هؤلاء عناصر تراثية أخرى. المعيار أن ذلك الشخص تربى في بيئة استمعت للحكاية (الحدوتة الصغيرة)، وغير استمع للأغاني فهو يطرب لأشياء شعبية أخرى غير السير الشعبية. فالجميع هم جزء من الشعب حامل التراث، والمعيار الحاسم فى تحديد كون المادة تراثية هو تلقيها بالطرق التقليدية.

 

الدكتور محمد غاليم:

تعقيب بسيط قبل أن ننتقل إلى موضوع ثان باختصار شديد قلت إن الصيغة التي يتداولها الأناسيون هي أن الشعب جماعة بشرية تشترك في نظام من الرموز والقيم وهذا يوصلني إلى إشارة بسيطة جدا ربما ترتبط بفهم غير وارد يحصر الثقافة الشعبية في فئة معينة دون باقي الفئات إن الثقافة لا يدخل فيها فقط الساحر والحكاية الشعبية والثقافة بل هي نظام من الرموز والقيم بمعنى أن اللغة تدخل في الثقافة والدين داخل في الثقافة وتصورنا للفضـاء داخل في الثقـافـة: مثـلا أنا في ثـقـافتي أقول ضربني البرد / أصابني البرد يعني أن البرد هو الذي يأتي عندي أما الفرنسي مثلا فهو الذي يذهب إلى البرد فيقول "j’ai pris froid” وكذلك في الانجليزية فالأمر يتعلق بتصور شامل للعالم... الخ لذلك نقول هي جماعة تشترك في نظام من الرموز والقيم وهذا موضوع يحتاج إلى نقاش طويل لكن أشير باختصار إلى أن وضع الدراسات الثقافية الشعبية مرتبط بوضع العلوم المرتبطة بالأناسة في المجتمعات وطبعا نعرف أن تاريخ الأناسة في الغرب ارتبط بتطور البنيات البحثية وتطور المجتمع كله وتطورالوعي العلمي .. الخ  وهناك الوسائل التي يحتاجها العلم أيضا لأن كل علم يختلف أو يتميز بنوع من اللوجستيك التي تميزه نحن مازلنا نتخبط في ألف باء الوسائل العلمية فما أدراك بعلوم أخرى من هذا القبيل فالوضع يرتبط بتخلف الوضع العلمي عندنا المرتبط بدوره بالتخلف العام.

 

الدكتور سعد الصويان :

أنا أيضا أثني على ما قاله الدكتور أن حالة التخلف العلمي أدى إلى تخلف البنى الذهنية والتصورات للأشياء· وأنا هنا أتكلم عن تجارب شخصية وتجارب كلكم تعرفونها· هناك من يعتبر دارسي الفلكلور واللهجات عملاء استشراق وأنهم ضد الوحدة العربية وأنهم يحاولون هدم لغة القرآن·  طبعا أنا لا أتعاطى مع هذا الموضوع كموضوع شخصي وإنما أحاول أن أفهم القوالب الذهنية التي أدت إلى ذلك الموقف· كان من الممكن لي أجلس أتشكى وانتهينا لكنني بدلا من ذلك بدأت أحاول أن أفهم لماذا هؤلاء الناس يتصرفون وفكرون بهذا الشكل· طبعا هنالك أمور كثيرة تدعو إلى هذا الموقف، أولا أننا لا نميز كما قلت بين العلم والتكنولوجيا التي هي توظيف العلم· ليس لدينا شيء اسمه بحث لمجرد البحث· لا، الجانب التطبيقي هو الذي يأتي دائما في المقدمة· ثانياً نحن لا نفرق بين الدين والعلم، بمعنى ليس هنالك شيء اسمه علم بدون قناعة أيديولوجية مصاحبة أو غاية وفائدة شخصية أو جماعة سوف تستفيد من هذا الشيء، لا يوجد شيء اسمه اكتشاف ولا شيء اسمه حب استطلاع· فأنت تقول شيئا أو تعمل شيئا إلأن في ذهنك برنامج، في ذهنك أجنده مخفية تريد أن تحققها من خلال هذا العمل، مثلما أن الإمام أو الخطيب حينما يلقي خطبته هو يدعو الناس إلى مايقول، يريد الناس يأتون إليه ويقتنعون بكلامه الذي يقول ويعتنقون المبادئ التي يدعو إليها· العالم لا يتخذ هذا المنهج· العالم يبسط آراءه واكتشافاته وإذا استطاع أحد فيما بعد أن يستفيد منها أهلا وسهلا· مثلا العناصر الكيماوية التي تم اكتشافها علميا لم يكن في ذهن  من اكتشفها غاية معينة· قل نفس الشيء بالنسبة للذرة· الذرة يمكن أن تستخدم لإنتاج الطاقة النافعة السلمية ويمكن أن تستخدم لإنتاج القنابل الذرية· المواد الكيماوية يمكن أن تستخدمها للدواء ونفس الدواء يمكن أن تستخدمه للانتحار· كون الغرب يستخدم معرفته عنا كجزء من سلاحه ضدنا لا ينبغي أننا يحول بيننا وبين هذه المعارف التي استخدمها الغرب ضدنا، بل على العكس ينبغي أن نكون نحن الأسبق والأجدر إلى فهمها من شان التسلح بها· فأنا بودي لو خصصنا ندوة لبحث هذه الأمور بشيء من التفصيل لأن هذا شيء مميز تختص به الثقافة العربية دون غيرها من الثقافات الأخرى ولذلك نحن الأجدر بأن ندرسه· طبعا كون الغرب يهتم بالسعودية أو بمصر هذا لا يستغرب فهم يريدون أن يعرفوننا لمجرد المعرفة البحته مثلما يذهبون لسطح القمر، فمصر والسعودية أقرب لهم من القمر.

 

الدكتور مصطفى جاد :

اسمحوا لي أن أختلف قليلا مع ما قيل في مسألة التخلف.. وأن لدينا تخلف في الدراسات العلمية، وأن الغرب ينظر للفلكلور بشكل مركزي، ونحن ننظر إليه بشكل هامشي ..إلخ. وأتصور أن هذا الحكم لا ينطوي على معرفة بيننا البعض، فنحن لا يعرف أحدنا الآخر جيداً. وفى كل مؤتمر أو محفل علمى يفـاجـأ كل مـنـا أن فلان عـنـده دراسـات فى مـوضـوع الحـكـاية الشـعـبـيـة أو السحـر أو الموسيقى أو العمارة الشعبية..إلخ. وكل منا يفاجأ بأن هناك مراكز علمية متخصصة فى التراث الشعبى فى هذا البلد أو ذاك. وأزعم أن أحداً منا لا يعرف على وجه التحديد المؤسسات المهتمة بمجال الفولكلور فى الدول العربية الأخرى، أو مجموعة المتخصصين أو الباحثين الميدانيين فى المجال. فلا يوجد هناك قنوات اتصال علمية تجعلنا نعرف بعضنا البعض على المستوى العربى، بل لا توجد قنوات علمية تجعل المتخصصين فى الدولة الواحدة على دراية تامة بالآخر فى مجال التراث الشعبى. فكل باحث يعمل فى جزيرة منعزلة فى مجاله. وتصوري – كمهتم بقضية توثيق التراث الشعبى – أنه بنظرة عامة إلى تراثنا الببليوغرافي سنجد أننا خلال الخمسين سنة الفائتة حفل تاريخ العلم بحوالي 7000 دراسة متخصصة منشورة، هذا فضلاً عن آلاف الساعات المسجلة صوتياً والصور الفوتوغرافية والأفلام ومئات المتاحف والمراكز والمؤسسات المتخصصة..إلخ، ناهيك عن النظرة التقيمية لهذا كله.  فالمشكلة أننى – على سبيل المثال -قد أقابل أستاذاً متخصصاً فى أحد المؤتمرات ويعرف بالصدفة أن لى دراسات فى مجال التوثيق، وأعرف أنا بالصدفة أيضاً أن له دراسات فى الشعر الشعبى، ويعرف كل منا أستاذاً آخر فى مجال آخر، ونتبادل كروت التعارف. ويندهش كل منا بأن فى مصر معهداً لدراسة التراث الشعبى، أو أن فى ليبيا مركزاً متخصصاً فى الفولكلور. أو أن فى البحرين أرشيف للفولكلور الوطنى.. وقد نتواصل بعد ذلك وقد لا نتواصل .

وفى حوار مع الدكتور ميشيل كولرديل المتخصص فى متاحف الفنون والتقاليد الشعبية فى فرنسا (وطبعا كلمة فولكلور ألغيت من التداول العلمى فى فرنسا الآن وأصبحت كلمة إثنولوجى Ethnologie هى الأساس). المهم سألنى الدكتور كولرديل عن طرق جمع وبحث المادة الشعبية فى مصر، فقلت له: إحنا بننزل منطقة معينة ( محافظة معينة أو قرية أو منطقة صغيرة)، و نختار موضوع نجمعه وندرسه ونوثقه، ثم نقدم نتائج هذا الموضوع. فسألنى: ثم ماذا بعد؟. قلت: لا أفهم ما تقصده بماذا بعد.. هذا هو كل ما نقوم به فى البحث.  قال لي : من المهم أن تجمع العناصر الخاصة بهذا البحث أو ذاك ، ثم تبحث عن المشترك منها فى الدول أو الثقافات المجاورة للتعرف على الوظيفة والمنشأ وأسباب التغير ومسار هذا التغير. فنحن – والكلام لكولرديل– نبحث العناصر المشتركة فى منطقة المتوسط، وهو ما يهتم به أبحاث متحف حضارات أوروبا والبحر المتوسط فى المرحلة الحالية .

ولعله من المهم أن أطلع حضراتكم على الموضوعات الخمسة التى يبحثها متحف حضارات أوروبا والمتوسط فى أوروبا والمنطقة العربية التى تقع على حدود المتوسط، هذه الموضوعات هى : أولاً موضوع (الماء) ويشمل جميع العادات والمعتقدات والممارسات المرتبطة بالماء، وهو موضوع يُبحث الآن في فرنسا على مستوى موسع. ثانياً: موضوع (المدن) أو فولكلور المدينة أى التراث الخاص بعادات المدن وثقافتها. ثالثاً: موضوع (الجنة) والمعتقدات والتصورات المرتبطة بها. رابعاً: موضوع (الأثاث) والثقافة المادية والعادات المتعلقة به. خامساً : موضوع (الأنوثة والذكورة) واختلاف الممارسات والعادات لكل منها .

 

الدكتور محمد الجوهري :

الدكتور سعد يطرح مسائل جوهرية المفروض أن نتأملها ولا تكفى لذلك الدقائق القليلة، إنما على أية حال اريد أن أؤكد باختصار شديد أن جزءاً كبيراً جداً من مادة التراث الشعبي أو من المادة الشعبية التي ندرسها قد تسبب حساسيات لأصحاب بعض التخصصات الأخرى، فالاهتمام بالعاميات واللهجات قد يرى فيه أهل اللغة تهديداً للغة الفصحى.

 وقد يمتد ذلك إلى الاهتمام بالأغانى الشعبية ونحو ذلك. والاهتمام بالمعتقدات الشعبية قد يرى فيه البعض مساساً بالمعتقد الدينى. كذلك الأمر بالنسبة للمعارف الشعبية لأن بعضها قد لا يتفق مع صحيح العلم. وقد غذى تلك التيارات ذلك التحديث المزيف أو الزائف الذى أخذناه عن الغرب وجنون التكنولوجيا الحديثة والموبايلات والساعات. كل ذلك جعل الاهتمام بالثقافة المادية البسيطة (كالمحراث أو الغطاء الذى يوضع على ظهر الحمار أو دابة الركوب أو بالخيمة التقليدية) اهتماماً بموضوعات تافهة خارجة عن سياق الحضارة وغير جديرة بالتشجيع. وكلامى ينصب بنفس القدر على وجهة نظر رجل الشارع أو الشخص غير المختص طبعاً. وأنا أرى أن نقطتي مكملة للكلام الذى قاله الدكتور سعد وركز فيه على المستوى الأكاديمي لعلم الفولكلور.

 

الدكتور نمر سرحان :

أريد أن  أقول إني فهمت من الكلام ان الفلكلور يفيض عن كل الطبقات وكل الفئات ولوكان هذا الكلام صحيح في شيء يعارضه لابد أن نحدد فيه فئة اسمها الفولك عامة الناس من هم عامة الناس هل كل الشعب يفيض عنه الفلكلور مش كل الشعب فيه رجال دين / والدين الرسمي ليس ضروري ضمن مفهوم الشعب فيه العلماء الذين يدرسون الساينس والبيور ساينس وليس من الممكن نقول إن الفلكلور يفيض عنهم أو ينتج عنهم فيه نوع من تفكيرين في المجتمع أو أكثر من تفكير الذي انتج المحراث هو فئة متخلفة بالنسبة للذي انتج التراكتور وبالتالي لا أريدأن أقول إن الذي انتج التراكتور انه رجل بيحكي عن الفلكلور لازم فيه فئات في المجتمع هي التي فاض عنها الفلكلور وهي التي يقال في بداية هذا العلم الطبقات المتخلفة لماذا لا نريد أن نعترف إن الطبقات المتخلفة في المجتمع هي صاحبة الفلكلور إذا فيه حد من الفئات الأعلى سيكون هو هذا ينتمي إلى الفئات المتخلفة بس لايظن كل طبقته يعني الطلاب في الجامعات إذا حد منهم ابتكر نكته أو ابتكر حاجه يمكن أن تصنف كفلكلور ليس معناها كل هذه الطبقة صارت جزء من الفولك/ الفولك يعني يجب أن تنطلق دراسته وتحديده بأن هو الفئة المتخلفة والتخلف المقصود منه هو تخلف نسبي يعني ليس بالضروري انه متخلف انه معاد إلى كل ما هوصحيح وما هو علمي فعلينا أن نعترف بأن مفهوم الفلكلور لابد أن يعني يتواءم ويتناسب مع مجموعة من الناس وفيه مجموعات أخرى لايمكن أن تكون معه مثل لوكان عن الدين وعن العلم وعن الموضوعات الأخرى هذه الفئات التي بسميها أو سميت هي اصطلاحا بأنها الطبقات المتخلفة لحقت بها فيما بعد طبقات مسحوقة يعني طبقات محرومة طبقات لم تتح لها الفرصة بأن تأخذ حظها من الحياة معناها لابد أن يكون في داخل شرائح المجتمع فيه ناس الذين نسميهم ليس فولك وليس عامة الناس النخبة هؤلاء الناس تركوا طبقتهم ودخلوا في الطبقات المتخلفة أما أن نقول ان الفلكلورهو ينتج عن كل الناس وعن كل الطبقات أعتقد ان هذا كلام غير دقيق وغير صحيح .

 

الدكتورة شهرزاد :

أنا عندي سؤال بسيط وهم كبير السؤال البسيط هو ان حضرتك ذكرت دريدا وفوكو ويشيرون في أعمالهم إلى الفلكلور أنا أحب أعرف ماهو المصطلح الفرنسي الذي يستخدمه فوكو ودريدا وأيضا سؤالي للأستاذ جاد عن فلكلور المدينة أيضا أريد أن أعرف ماهو المصطلح المقابل لفلكلور المدينة بالفرنسية لأنه أحيانا يغطي أشياء أخرى. الهم الكبير أنا أشعر أنه إذا تركت البحرين دون أن أعرف ماحدث لمركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية هذا يعني بالنسبة لي فشل أنا أعتقد اننا يجب ان لا نخاف أن تكون عندنا نظرة نقدية للمؤسسات وبخاصة المؤسسات اللي فشلت ياترى مافي أحد يقدم تقرير عن ماحدث وعما يوجد أصلا في المركز نحن لا ندري شيء عن المركز عن عمله عن الأشياء اللي نشرها عن السنوات والفعاليات خلال السنوات الطويلة ثم لماذا أغلق وأين صارت المواد المسجلة وغير المسجلة هذي مشكلة كبيرة ماهي الفائدة اذا بحثنا انه مانؤمن بالدوله نخلق مؤسسات خاصة بينا طيب والمواد اذا صار أي حدث وضاعت المواد في حين انه يفترض وجود مكان مركزي يجمعها أرشيف مركزي قومي وطني ما أعرف أي شيء يعني أين ذهبت المواد في الدول الخليجية.

 

الأستاذ علي عبد الله خليفة:

دكتورة شكرا على هذا السؤال لكن أنا في مؤتمر القاهرة للتراث الشعبي قدمت تقرير مركز التراث الشعبي من التأسيس إلى الإغلاق وهذا التقرير موجود ومكتوب ويمكن أعطيك نسخه منه وأريد أقول بإختصار بأن مركز التراث الشعبي يعني سلسلة أو حلقة في سلسلة الجهل المتفشي في الوطن العربي ونتيجة للخلافات الشخصية التي تحدث بين الأفراد ونتيجة للنظرة القاصرة اللي تنظرها الجهات الرسمية إلى هذه المادة وإلى هذا العلم وتتعامل معه كما تتعامل مع كرة السلة أوكرة القدم من باب إن شيء أهم وشيء أقل أهمية وهو يدخل في الأقل أهمية.

 

الدكتور محمد النويري :

جوابــا على سـؤال الدكتـورة شـهـرزاد يمـكـن أن نضـيـف هـنـا إلى دريــدا وفوكــو أسمــاء من قـبـيـل: ليوتــار وجـيــل دولـيــز وبيــار بورديو  فأنا عندما ذكرت دريدا وفوكو قصدت تأثيرهما العميق في رؤية علماء الفولكلور الغرب خاصة والاناسيين عامة إلى مسألة الثقافة الشعبية. لكن هذا لا يعني انعدام الإحالة المباشرة. يكفي أن نذكر مثلاً كتابا للإيطالية تيريزا دي لوريتزي ترجمته إلى الفرنسية ماري هلين بورسيي وهو بعنوان Théorie queer et cultures populaires : De Foucault à Cronenberg  والأمثـلة كثيـرة لا يمكـن في هـذا المـقــام الإتيان عليها. أعود إلى سؤالي هذا خارج الخمس دقائق وضع  علم الفلكلور عندنا مرتبط بوضع العلوم الانسانية بصفة عامة فهي وخاصة منها علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الانثربولوجيا وعلم اللسانيات وضعها متخلف وفي بعض الجامعات يعتبر هذا من باب الإثم بعض الجامعات القريبة منا يعتبرون هذه العلوم من باب البدعة ومن باب الكفر. لماذا تهتمون بها ؟ ماهي غايتكم؟ لماذا أنتم تهتمون بهذه الأمور ماهي نواياكم؟ هذا سؤالي هل سلطة الايديولوجيا عندنا من التمكن بحيث تمثل عاملا معرقلا لنشأة العلوم الإنسانية واستقامتها علوما عندنا؟ هذا السؤال ورجاء دون خوض في الدقائق.

 

الدكتورة شهرزاد :

انا أرى أن التسمية لاتلم بأطراف الموضوع

 

الدكتور محمد النويري :

يا جماعة لا نريد أن ندرك الحقيقة لا نريد أن نقول هذا هو الطعام نأكل منه جميعا نحن نريد طعاما متنوعا وكل إنسان حر في أن يصيب من الطعام الذي يروق له. لما نأخذ بمصطلح ليس معناه أننا نسينا ما سبق لا ليست لنا السلطة التي تخول لنا ذلك كل إنسان يحتفظ برأيه ويدافع عنه والأمر متاح. يعني نحن إن وضعنا التساؤلات وخرجنا بتساؤلات يكفينا هذا. لا نريد أن نصل إلى برد اليقين ولا نريد يقينا في مثل هذه الأمور.

 

الدكتورة شهرزاد :

المؤلف إذا يكتب عن كتاب الأغاني للأصفهاني لن يرسله للمجلة لأن المجلة تعنى بشؤون الثقافة الشعبية ويرى ان الموضوع لا يصلح لهذه المجلة، يا أخي أنا لا أتفق معك في هذا الطرح .

 

الدكتور محمد غاليم:

باختصار شديد كما تعرفون العلوم الإنسانية ارتبطت تاريخياً حتى في وضعها الابستميلوجي بعلاقتها بالايديلوجيا في مقابل ما يسمى بالعلوم الدقيقة فيقال إن العلوم الدقيقة أقرب إلى الموضوعية وأنها لا تتأثر بصراعات الإنسان حيث إن العلوم الإنسانية ما دام موضوعها هو الإنسان هو الفئات الاجتماعية داخل المجتمع إلى آخره فإنها تتأثر إلى آخره لكن ثبت فيما بعد أن هذا الكلام غير صحيح حتى بالنسبة إلى العلوم الدقيقة فأي شيء تطاله السياسة بصفة عامة وليس بمنأى عنها وتبين أن الأمر متعلق بطبيعة التدبير السياسي للبنيات العلمية كلما كان هذا التدبير منفتحاً كلما كان مرناً كلما سمح بازدهار العلوم وكلما كان أحاديا متخلفاً قاصراً في تصوره للمسائل كلما أدى إلى لبس. فقط تخلف العلوم بل إلى منعها أحيانا وهذا ما حصل في بعض البلدان العربية هناك بلدان خطط فيها بصفة منهجية للقضاء على العلوم الإنسانية خاصة علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة وحذف الأقسام والشعب التي تدرس فيها هذه العلوم وما يرتبط بها طبعا ثم بعد ذلك وبعد شيء من الانفتاح السياسي بدأ استعجال تطوير العلوم الإنسانية حتى تملأ مكاناً ملأته أشياء أصبحت تبدو منافية للمصلحة.

 

الدكتور سعد الصويان:

نعم أنا أعتقد أن موضوع السلطة قد يكون المفتاح لأن أي منتج ثقافي على أي صعيد إذا لم تنتجه السلطة وتعالجه بالطريقة التي تراها وتخدم وجودها فهي ترفضه أو، على الأقل، تتحفظ عليه· مشكلة الثقافة الشعبية أنها خارج سلطة السلطة، كذلك الأفكار التي تخرج من العلماء الحقيقين والجديرين· فأي شيء لا تفرض عليه السلطة هيمنتها ورقابتها فهي ترفضه سواء كان على المستوى الشعبي أو على المستوى النخبوي· بل إن كثيرا من مؤسسات البحث الذي يفترض بأنها مؤسسات بحث علمي إذا كانت مؤسسات حكومية فهي تتحول بقدرة قادر إلى هيئات رقابية· معظم المؤسسات التي تعنى بالبحث العلمي في المجال الإنساني والاجتماعي تحولت في عالمنا العربي إلى مؤسسات رقابية· وهناك مشكلة أخرى، والمشاكل كثيرة ومتشعبة، مشكلة عدم وجود نخبويه علمية لدينا، فنحن لا نفرق بين المقالة الصحفية التي تنشر لعامة الناس وبين العصف الذهني الذي يقوم به ناس متخصصون ويخرجون بنتائج لا تخرج عن نطاق صناعة القرار ورسم السياسات المستقبلية· ليس لدينا هذه التفرقة ونعتبرها عيب· أنا اعتقد أنها ضرورية· ليست كل المعارف يفترض فيها أن تشاع للناس الذين لا يعرفون قيمتها· مثلا تاريخنا الاجتماعي في كثير من مجتمعات المنطقة تاريخ دموي قبلي صعب والآن لا تستطيع أن تبحث فيه لأن القبائل لا تزال قبائل والصراعات لا تزال حية في أذهانهم ومع الأسف الشديد إنه ليس لدينا جهة أو مركز لبحث هذه الأمور بإطار مغلق بين المختصين وصناع القرار· ينبغي أن يكون ذلك لكن تحولت المراكز التي تبحث في هذه الأمور إلى جهات رقابية مهمتها أن تمنع التمويل والبحث والنشر في هذه الأمور· أعتقد أن الموضوع ليس فقط موضوع سلطة بل أعود مرة أخرى إلى البنى الذهنية· فنحن لا زلنا نعيش كما كانت تعيش أوروبا في القرن السابع عشر أو ما قبل ذلك· نحن لا نزال ننظر إلى الأمور بمنظور غير علمي: المفهوم المسيطر هو مفهوم كل عامٍ ترذلون، أي أن العالم يعيش في انحطاط وانحدار وليس في تطور وتقدم· الآن أوروبا والعالم الغربي اكتشف مفهوم التطور والتقدم ونحن لازلنا نعتبر إن التغير -كل تغير- هو إلى الأسوأ وليس إلى الأحسن وكل جيل أسوأ من الجيل اللي قبله وهكذا· هذه بنيه ذهنية ترفض التغير وترى أن هنالك وضع مثالي نموذجي وأي تغير عن هذا الوضع المثالي هو تدهور وانحطاط وليس تطور· إنها ذهنية تحريمية سكونية تريد أن تثبت الزمن وصيرورة العالم ومسيرة التاريخ عند نقطة محددة، وعصر محدد تعتبره العصر النموذجي والأمثل الذي ينبغي محاذاته ومجاراته· هذه عقلية ترفض التغير والتعددية والفلكلور هو التغير والتعدد والتنوع· مثلا هناك في الأذهان لغة فصحى نموذجية ومثالية وما اللهجات إلا شذوذ مرفوض عن هذا المثال· ثانيا المنطق القبلي الذي يقول أننا كلنا ينبغي أن نكون متشابهين ومتماثلين وأن أي اختلاف يهدد وحدتنا ويهدد هويتنا بينما الفلكلور هو عين الاختلاف· إذا كنا لا نؤمن بالاختلاف ولا نؤمن بالتغير ولا بالتعددية إذن كيف ندرس الثقافة الشعبية أو سمها ما شئت أن تسميها· هذا الذي أنتج الإرهاب، هذا الذي أنتج عدم التسامح، هذا هو الذي أنتج هذه الأزمات التي نعيشها اليوم.

 

الدكتور مصطفى جاد:

طبعا هناك تأثير للسلطة الأيدلوجية. ففي إطار حركة علم الفولكلور فى مصر سنجد في وقت من الأوقات أن الاتجاه الأيدلوجي  في فترة الخمسينات والستينات بعد الثورة كان الاهتمام مركزاً على الفلاح والطبقة الدنيا، وأن الفلاح يجب أن يمتلك الأرض التى يزرعها فأصبح الفلاح عنصراً رئيسياً فى التغنى بثقافة الدولة، وازدهرت حركة الفنون الشعبية والتراث الشعبي عامة في مصر في هذه الفترة. ثم حدث بعد ذلك – فى فترة السبعينات وما بعدها - اتجاه آخر كان الاتجاه الدينى هو المتصدر.

هناك مثال يوضح تأثر المجال بالترويج الإعلامى للتراث الشعبى وحصره فى مجال بعينه. فهناك تصور إعلامى عجيب جداً مفاده أن التراث الشعبى هو الفنون الشعبية وأن الفنون الشعبية تعنى فقط الرقص. فالجمهور العام من الناس واقع في إشكالية رهيبة جداً في مسألة الفهم للموضوع يعني عندما نقول فولكلور أو فنون شعبية فى وسائل الإعلام فإن هذا يعني الرقص الشعبي. ويعني فرق الفنون الشعبية فقط، بل أن أحد أسباب عدم الإقبال على المعهد العالي للفنون الشعبية في مصر أن هناك تصور أنه معهد يخرج راقصين، وعلى الجانب الآخر يأتى للمعهد العديد من الطلاب الذين يريدون تعلم الرقص فيكتشفون أن المعهد يدرس الثقافة الشعبية ولا يعلم الرقص فينصرفون عن الالتحاق به .

 

الدكتور محمد الجوهري:

سأحاول أن أتكلم بشكل مختلف، وسوف أشير إلى تجارب من سوء استخدام دراسة التراث فى ألمانيا النازية. فبعـد أن جاء هتـلر كانت إيديولوجيته هى سيطـرة العنصر (الجنس) الجرمـاني وتسيده، تحول الاهتمام في علم الفولكـلـور الألماني طوال الثلاثينيات إلى العناصر التى تؤكد وتؤيد الأصل الجرماني لكل شيء: للغة وللأناشيد وللزي ولكل العناصر الثقافية. وأصبحت المسائل الوافدة على الثقافة الجرمانية مسائل محل شك وريبة واستبعاد بما في ذلك نفسه الدين المسيحي نفسه. ولذلك حدثت نهضة بحثية هائلة فى هذه المجالات، وفى المقابل حدث تراجع كبير في دراسة الثقافة المادية في ذلك الوقت لأن العنصر الألمانى هو الجنس الأرقى الذى يبدع التكنولوجيا وهو الذى سوف يسيطر على العالم. ولهذا أقول حدث إغفال أو إسقاط للثقافة المادية طوال العصر النازي.

في المقابل لما ظهر النظام السوفيتي في روسيا وكان فيه أيدلوجيا ماركسية واضحة ومسيطرة على كل جوانب المجتمع أصبحت النظرة إلى التراث الشعبي موضوع الدراسة في علم الفولكلور أنه تعبير عن كفاح الطبقة العاملة ضد الاستغلال. فكل القصص وكل الأغاني والأشياء التى تؤدي في هذا الاتجاه أو تكشف عنه هي محل احترام ومحل تشجيع وترحيب. وعلى الجانب الآخر أصبح العنصر الأهم هو الثقافة المادية عموماً وأدوات العمل بوجه خاص. فحصلت نهضة مقابلة للتخلف الذى حدث في أوروبا في دراسة الثقافة المادية وأدوات العمل. وامتدت مظاهر الاهتمام بالثقافة المادية بعد ذلك فى عمل أطلس الفولكلور الأوروبى. هذا بالنسبة للتجارب الكبيرة، وهذا الكلام يحتاج إلى مجلدات يمكن أن تكتب عن تأثير الإيديولوجيا، ليس فقط من حيث وجوده، وإنما من حيث تأثيرها على الموضوعات والاهتمامات والميزانيات والنشر.

وتتجدد مظاهر هذا التأثير اليوم بفعل إيديولوجية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة لكى لا يقتصر حديثنا على موضوعات أو  مراحل قديمة. ففي بعض الولايات الأمريكية التى يسيطر فيها المحافظون على البرلمان أو المجالس الفاعلة فيها يُحظر تدريس نظرية التطور فى المدارس لأنه يتعارض – فى رأيهم – مع تعاليم الكتاب المقدس. وهذا يعطينا فكرة واسعة من أرجاء العالم المختلفة أن الإيديولوجيا تتدخل في صياغة السياسة العلمية وتخلق مجالات محرمة على البحث العلمى أحياناً، وتشجع وترعى المجالات التى تؤيد هذه الرؤية الإيديولوجية.

 

الدكتور نمر سرحان:

أعتقد إن أيدلوجيا السلطة تستغل موضوع الفلكلور بحيث تحوله إلى دعاية سياسية للنظام القائم أو للحاكم القائم في مكان ما من العالم العربي عندما أريد أن يكون هناك فجوة بين حركة التقدم وبين الأنظمة القائمة كان تهمل سلاح الثقافة البدوية سيطرة فكرة الثقافة البدوية على الحياة العامة لدرجة أنه لا نعرف الفلكلور إلا أنه ثقافة بدوية والثقافات الأخرى ثقافة غير محترمة وغير محببة ولا مكان لها هي جملة واحدة أنا أريد أن أقولها إن كان فيه هناك تسيس للفلكلور من جانبين جانب الحركات التقدمية التي أرادت أن تستغل الفلكلور لتأكيد وجهة نظرها والجانب الآخر الأنظمة والحكام الذين أرادوا أن يكون الفلكلور هو مجرد بوق ودعاية سياسية لهم.

 

الدكتورة شهرزاد:

في حالات أخرى اختارتها المؤسسات الرسمية في دول الشرق الأوسط العربي وهي اختيارات مبنية على حسن النية أحيانا إذا ممكن واحد يسميها التشبيه بالبحث وراء الموديل أو التشبه بما يجري في أماكن أخرى في السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات انتشر في معظم المدن والعواصم العربية تيار يسمى الفلكره يعني الفلكلور اي الذي على أساسه يتم تكوين فرق فلكلورية تمثل التراث الشعبي بطريقة معينة هي تنتقي التراث من مناطق مختلفة تأخذه من أصل التراث وتجمعه لكي يؤدى من قبل فرقة محترفه تدرس الرقص والإخراج المسرحي ولا تعرف شيئا عن سياق هذه الثقافة ولا حتى الحركة وتغير الكثير منها هناك شخص يعلمهم تغيير الحركات على أساس يحسنون ويطورون التراث الشعبي المتخلف ففي الموسيقى مثلا يدخلون آلات جديدة ويعيدون تأليف بعض الألحان الشعبية ويغيرون شيء من اللباس وأحيانا يرمزون لشيء من السياقات بشيء مسرحي مثلا يحطون تنور على المسرح هذا النوع من الثقافة ثقافة المجموعات التي تمثل الدولة وتمثل تراث الدولة انتشرت لمدة ثلاثة عقود في مصر وفي سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي كافة جمهوريات الإتحاد السوفيتي وكانوا يأتون مدرسين ومعلمين ليس لهم علاقة بالثقافة المحلية وكانوا يغيرون من طبيعة الحركة وطبيعة الصوت. الآن في العقد الأخير المؤسسات اتجهت اتجاه آخر في العولمة يعتقدون أن العولمة يجب أن تدخل فيه ولا تعرف شيء عن العولمة. هي في تناقض صريح في احتياجات الصراع الذي نحن نبحث عنها. الحفاظ التدوين البحث وبين ما تفرضه العولمة كان الاعتقاد سائد عندهم أن وسائل الاتصال الحديثة سوف تسمح للتعبيرات المختلفة لأن تظهر على الساحة التي ثبت ان العولمة المتأتية من الغرب لأن التكنولوجيا وعادة مرتبطة بالمال أيضا الغربي تدخل في نمطية هي لا تختار الجميع وإنما تختار ما يناسبها وتحوله إلى ما يسمى فيوجن أو ورد ميوزك أو أشياء من هذا القبيل لتكون لصالحها لأنه تستلهم لحن محلي أو رقصه محلية تأتي من المغرب أو مصر أو من العراق لكن تدخلها في قالب غربي الآن نواجه مشكلة كبيرة الموسيقى التقليدية هي بالأصل كانت تعاني لأنها لم تسجل تسجيل تكنولوجي راقي يعني باجهزة جيدة معظم ما سجل في هذه المنطقة كان يسجل تسجيل بأدوات هواة. ما يحدث الأن أن بعض هذه الدول تعتقد أنها لو دعيت من قبل مؤسسات غريبة للاشتراك في مهرجانات فسوف تتاح لها فرصة أن تسجل تسجيل وتوثق توثيق تكنولوجي عالي الذي يحصل إن المنتجين ورؤساء المهرجانات هم يدعون فرق معينة ويدعون أنماط موسيقية معينة ويدخلوها ضمن فكرة ((الاكلوفيلازيوم)) مثل الذي يحدث في المغرب الآن الموضة انه بعض الفرق المغربية تأتي وتدخل معاها جاز وتدخل معاها أشياء أخرى أعتقد إننا الآن بصدد أشياء سوف تتوارى عن أعيننا دون أن نتمكن من أن نغير شيء منها بالضبط مثل الأكوسيستم فأنا أعتقد انه الشيء الوحيد الذي ممكن ندافع فيه عن أنفسنا هو البحث يعني الكتابة في مثل هذه الأمور وبقدر الإمكان وصف هذه التقاليد قبل أن تنتهي.

 

الدكتور محمد النويري:

متفق تماما مع كل ما جاء فقط لما طرحت السؤال قلت الايدولوجيا ولم أقل السلطة الأيديولوجية طبعا نحن يتبادر إلى أذهاننا السلطة السياسية لكن الأيديولوجي ليس السلطة السياسية الماسكة بمقاليد الأمور فحسب، هو أوسع من ذلك وربما أحيانا أخطر من ذلك. الأيديولوجي ماثل فينا جميعا نحن نجد صراعا ونجد مثبطات من زملائنا الجامعيين الأكاديميين الذين ينظرون إلى هذه الأمور باعتبارها ظواهر متخلفة في الجامعة، حتى تدريس العربية ينظر إليه باعتباره كذلك منظومة العلوم كأنها منخرمه عندنا القضية ليست قضية سلطة سياسية فقط وإنما المؤسسات الأكاديمية نفسها تفتقر إلى منهجية علمية في التعامل مع الظواهر العلمية والمعرفية بصفة عامة.

(راحة وعودة)

 

الدكتور محمد النويري:

منذ قليل احتفظت بكلام قاله أحد الزملاء يقول إن الاختلاف ونبذ أحادية اللون من لوازم ونتائج الفكر المنهجي العلمي أنا لما استمع إلى هذا الكلام أقول هذا تفكير علمي نبذ الأحادية وتكريس مبدأ الاختلاف وأن الأمور ليست استاتيكيه أمور تقوم على تطور فهذه نظرة تقوم على منهجية علمية سؤالي إذن لما نقول هذا الرأي وهو لعالم يفتقر لمنهج علمي وهذا الرأي وهو لعالم آخر يقوم على منهج علمي فما هو المنهج العلمي؟ هذا هو سؤالي وأطرحه هكذا خاماً أي منهج علمي لمباشرة الظواهرالثقافية الشعبية. ويعني دائماً لما أقول منهج علمي هو على الاستغراق مناهج لكن المناهج يمكن أن نستصفي منها خصائص تشملها فتندرج ضمن جملة من العناصر التي بتوفرها يستقيم المنهج علمياً مهما تعددت أنحاء المباشرة ومهما اختلفت لكنها جميعاً تندرج في خانة المنهج العلمي الموضوع أمامكم فتفضلوا لمباشرته وهذا يفتح لنا أيضاً بابا لتساؤلات أخرى في الموضوع الذي نحن نتطارحه.

 

الدكتور سعد الصويان:

قبل أن نتكلم عن المنهج على صيغة المفرد ينبغي أن نتكلم عن المنهج على صيغة الاستغراق مثل ما تفضلت يا دكتور، وأعني بذلك الفكر الفلسفي· ينبغي أن يكون لدينا فكر فلسفي تساؤلي وأن لا يكون لدينا مسلمات وأن نعود إلى المنهج الديكارتي ومبدأ الشك وعدم الايمان بالمسلمات وطرح كل شيء للبحث ولا نفترض أن الأمور محلولة أو أننا حينما نواجه الأسئلة هنالك مرجعية غير علمية أو سياسية نأخذ عنها الأجوبة· ينبغي أن نواجه المسائل وجهاً لوجه· وطرح الأسئلة يحتاج إلى شجاعة، شجاعة متناهيه· معظمنا لا يريد أن يجازف بطرح الأسئلة وليتحاشى إحراج من حوله بطرح الأسئلة· أعتقد أن هذه هي معضلتنا الحقيقية· الفكر الفلسفي عندنا محرم ومعدوم ومن يطرح أسئلة حول المسلمات تقاطعه كل الجهات وينبذه الخلق ويصبح لا مكان له في بيئتنا العربية والإسلامية· أي أقلية غير عربية لا مكان لها في الأمة العربية لأننا لم نتحول بعد من مرحلة المكانة status إلى مرحلة التعاقد القانوني contract· المواطنة عقد قانوني وليست انتماء قبلي أو عرقي، إنها عقد قانوني تعرف بموجبه ما لك وما عليك· أما عندنا فإن عروبتك تحتم عليك أن تتصرف بهذا الشكل وينبغي أن تكون شخصيتك بهذا الشكل، إنه فكر أقرب ما يكون إلى الفكر القبلي منه إلى فكرة المواطنة الحقيقية بالمفهوم الحقيقي· المواطنة ليست عندنا مواطنة، إنها انتماء لجنس أو لعنصر وهذا تفكير متخلف كان سائداً في يوم من الأيام· المجتمعات البدائية هي التي تلجأ إلى هذه الطريقة في الربط بين أفرادها وتقيم علاقاتها على علاقة القربى أو الانتماء إلى نفس الجنس والتجانس في القيم والمفاهيم والأفكار، لكن الدول الحديثة تقيم علاقاتها على التعاقد القانوني، على الدستور، على قانون مكتوب ومعروف· نحن ليس لدينا هذا الشيء ولذلك فأنت حينما تطرح أسئلة فكأنك تخرج عن الاجماع وتحرج الجميع· ليس هنالك تفكير منطقي وليس هنالك تفكير رياضي. نصر على تدريس مواد ما أنزل الله بها من سلطان ونحشو تلاميذنا بمعلومات تاريخية وأدبية لكن المنطق الرياضي والبرهنه الرياضية والمنطق الصوري الذي يعلم العقل كيف يفكر تفكيرا صحيحا لا يوجد عندنا· التفكير الفلسفي والتفكير المنطقي معدوم تماماً لأن الأجوبة في نهاية المطاف أجوبة دغير منطقية وغير علمية.

 

الدكتور محمد غاليم:

الدكتور سعد تناول جانبا أساسيا من الموضوع وهو المرتبط بصفة عامة بموقعنا باعتبارنا ثقافة وممارسين من المعرفة العلمية بصفة عامة ومعروف أن المعرفة العلمية لا تنفصل عن المعرفة الفلسفية عموماً أنا سأركز على بعض الإشارات المنهجية بين مزدوجتين بغض النظر عن وضعنا نحن عندما نتعامل مع هذه المفاهيم كما تتعامل معها الأمة التي تسمي الآن بالأمة العلمية في المستوى الدولي هناك مجموعة من الاتفاقات الأولية حول بعض المفاهيم مثلاً مفهوم منهج مفهوم نظرية مفهوم ابيسيتمولوجيا وبعض المفاهيم الأساسية لأن الناس عندما يلتقون في مؤتمرات دولية مثلا تكون هناك أرضية دنيا هي أساس التفاهم المنهج بصفة عامة يدخل كما تعرفون وكما ذكرنا قبل ذلك في مبحث له علاقة وثيقة بما يعرف بالايبيستيمولوجيا ونعرف أن الايستيمولوجيا هي المبحث الذي يدرس قيمة العلوم من حيث نتائجها ودراسة هذه النتائج دراسة نقدية هذا جوهر الأيبيستيمولوجيا بصفة عامة وقد كان أقوى الايبيستيمولوجيين الذين كانوا في بدايتهم علماء مارسوا العلم في تخصص من التخصصات لأن الذي يمارس العلم أي علم يكون على بينة من تفاصيل الممارسة العلمية ومشاكلها فيكون مهيئاً أكثر من غيره لأن يكون ممارساً ابيستيمولوجياً. وربما هنا أفتح قوسين لأقول إن من المشاكل الأساسية التي ظلت بسببها مثل هذه المفاهيم غامضة والناس يختصمون حولها أن البعض يريد أن يمارس ابستيمولوجيا بدون علم فيتحدث في النظرية وفي المنهج إلى آخره ولم يسبق له أبداً أن مارس علماً من العلوم. وهذا أثر كثيراً في غموض هذه المفاهيم التي تتحول في كثير من الأحوال إلى مناقشات بيزنطية يختصم الناس فيها حول منهج المقاربة فهذا المنهج الموضوعي وهذا المنهج كذا وهذا المنهج الاجتماعي وهذا المنهج البنيوي .. الخ.

لكن الناس ليس لهم خلفيات عن هذه المناهج لأنه ليس هناك منهج مجرد عن الممارسة العلمية بل هناك صلة وثيقة جداً بين أي تصور وبين الموضوع الذي أنت بصدد تصوره الخ.. وهناك مستويات للحديث في هذا الموضوع هناك مستوى أول نتحدث في إطاره عن أن هذا منهج تاريخي مثلاً أي أنه يعنى بتتبع الظاهرة في تحولها التاريخي وهذا منهج اجتماعي أي أنه يفسر الظاهرة في بعدها الاجتماعي وهذا منهج نفسي الخ لكن غالباً ما يساء فهم هذه المفاهيم فتعتبر مرادفات كما أشرت بالأمس وتكاد لا تتميز من مفاهيم الطريقة أو الاجراء أو طريقة التعامل مع شيء معين لكن المنهج بمفهومه الابستيمولوجي كما أشرنا يدخل في مبحث الميطودولوجيا أي علم المناهج والمنهج دائماً مرتبط بنظرية وحينما نقول نظرية نعني تصورا شاملا للظاهرة المعينة حينما أقول مثلاً هذا العالم له نظرية للثقافة معناه أن له تصورا شاملا للظاهرة ما منطقها ما طبيعتها ما أصلها كيف تتحول ما مكوناتها الخ.

إذن في المستوى الميطودولوجي نتحدث عن المنهج وهذا هو الأساس الذي تتفرع عنه باقي الاستعمالات فنتحدث مثلا عن المنهج الفرضي الاستنباطي الوثيق الصلة بما تحدثنا عنه في اليوم الأول ننطلق من افتراضات بصدد الموضوع الذي نحن بصدده من افتراضات نضعها ثم نحاول الاستدلال ليس على تأكيدها كما كان في المنهج التجريبي أي أن نفني أعمارنا في الدفاع عن معتقداتنا العلمية بل بالعكس يجب أن نوجه جهودنا لإبطال افتراضاتنا لأن إبطال الافتراض أو تعديله باستمرار في احتكاكه بالمعطيات الجديدة هو العلامة الكبري على التقدم في البحث العلمي فكلما اكتشفت بسرعة أن افتراضي يجب أن يعدل كلما تقدمت أكثر ..الخ.

 

الدكتور محمد الجوهري:

سوف ألتقط الخيط من الدكتور محمد غاليم وأتكلم عن المنهج بالنسبة لدارس التراث الشعبي. وأنا أقصد المنهج بالمعنى العام وهو الطريق أو الطريقة، فإذا كان علمياً فإنه يكون مقنناً وفقاً لقواعد معينة. فالمنهج العلمي هو الطريق أو الطريقة المقننة في العمل، وليست متروكة للأهواء.  ويبدأ التقنين من تحديد المفاهيم. والمفاهيم ليست مسألة فلسفية أو هلامية، وإنما هى متصلة بتحديد مادة العلم: ما هى العادات، وما هى المعتقدات، وهل بينهما علاقات أم لا...إلخ. وكذلك بلورة مفاهيم أدب  شعبي، فهذا لغز وهذه نكته.. إلى آخر الأسلوب المقنن والقواعد المتبعة لتحديد مادة العلم. فصياغة المفاهيم هى المقدمة والأساس فلا علم بدون صياغة المفاهيم (على الأقل المفاهيم الأساسية: الشعبي/ التقليدي/ الثقافة...إلخ) فحدود تلك المفاهيم والمقولات العامة هى التى تحدد لنا حدود المادة التى نقوم على جمعها أو تناولها أو دراستها. وقد أشرت فى ورقتى أو قلت في أول يوم إن لدينا طرقاً مختلفة فى تحليل عناصر التراث شاعت وأصبح متفقاً عليها هي: الرؤية التاريخية أو المنهج التاريخي والجغرافي والمنهج الاجتماعي والمنهج النفسي. وهى أساليب في التناول ومحاولة التحليل تختلف عبر العصور وتختلف بين الموضوعات، فثمة موضوعات يناسبها منهج معين وأخرى يناسبها منهج آخر وفئة ثالثة يتعين النظر إليها من شتى الزوايا. فهذه المناهج فى التحليل هى زوايا فى النظر إلى المادة المدروسة، ولأنها زاويا فإذا نظرت من زاوية واحدة تصبح رؤيتك بالضرورة محدودة. ولكن إذا نظرت من أكثر من زاوية ستكون رؤيتك أكثر شمولاً.

 

الدكتور مصطفى جاد:

شكراً .. باختصار شديد سأتحدث عن إشكالية الدراسات التى تتحدث عن موضوع المنهج فى سياق منفصل تماماً عن التطبيق . وفى اعتقادى أن ارتباط المنهج والنظرية بنماذج تطبيقية سيكشف عن تفهم أوضح لهذا المنهج وتلك النظرية. وقد أشار الدكتور غاليم إلى إشكالية الممارسة العلمية للمنهج، فليس هناك – كما أشار - منهج مجرد عن الممارسة العلمية. وربما نكون فى مصر قد وصلنا لمرحلة متقدمة نسبياً في عملية التطبيق والممارسة العلمية للمنهج. وأصبح لدينا دراسات على مستوى الماجستير والدكتوراه موضوعها الرئيسى هو تطبيق منهج أونظرية معينة على مادة ميدانية، وأظن أن هذه المرحلة مهمة جداً فى إطار بحث وتوظيف المنهج.

نقطة ثانية وهي تتشابك مع المناهج الموجودة في العلوم الاجتماعية التى تم الاستفادة منها للتطبيق فى علم الفلكلور كالمنهج التاريخي والجغرافي والاجتماعي والنفسي.. وأنا أؤكد هنا على أهمية الاستفادة بالمناهج الموجودة في علوم أخرى مثل علم المعلومات في التوثيق والكشف عن المادة الفلكلورية. أنا يمكن بحاول وبحلم - ومن حق كل منا أن يحلم - بالوصول إلى منهج نستخدم فيه الثورة المعلوماتية في الكشف عن العلاقات الموجودة في الظاهرة الفولكلورية. وفي تصوري إننا في الآن مرحلة نستطيع فيها أن نفيد من التقدم التقنى بشكل مباشر في استخلاص نتائج أكثر دقة في علم الفلكلور ، لو أننا بدأنا التطبيق بالشكل الصحيح. فارتباط الفولكلور بالتكنولوجيا الآن شديد الصلة، ولعل أكثر الدراسات التى تهتم بالتراث الشعبى الآن نجدها مرتبط دائماً بعبارة “الوسائط المتعددة” وأحدث الكتب المترجمة فى علم الاجتماع تحمل عنوان “علم الاجتماع الآلي”. وأكثر المؤتمرات والمشروعات ومواقع النيت المهتمة بالفولكلور فى العالم، بل والأقسام العلمية الجامعية فى التخصص جميعها مهمومة بربط الفولكلور سواء فى الجمع أو التوثيق أو التحليل بتقنيات الوسائط المتعددة.

المدهش أن بعض مؤسسات الفنون التقليدية بفرنسا مثلاً بها أقسام علمية متخصصة فى عرض المادة الشعبية بالوسائط المتعددة للجمهور العام، وليس الباحثين، والتصور أن الباحثين يعرفون جيداً ما يجمعون، وعددهم لا يتجاوز بضعة آلاف، أما الجمهور العام فهم بالملايين وهم الأولى أن نقدم لهم المادة الشعبية في صورة علمية للتعرف عليها. ولعله من المهم في هذا الإطار الإشارة إلى المناهج الحديثة في الجمع الميداني، ومن بينها الأنثروبولوجيا البصرية والتي تقوم على تدريب الجماعة الشعبية على جمع مادتها بنفسها، ففي أمريكا مثلاً يتسلم الأهالي أجهزة التسجيل الصوتية والمرئية والمصورة ليجمعوا الظواهر الشعبية في بيئاتهم، لضمان وجهة النظر المحايدة في الجمع. وهو ما يشير مرة أخرى لأهمية التوسل بالتقنيات الحديثة كمنهج في الجمع والتوثيق والتحليل.

 

الدكتور نمر سرحان:

إنني أرى إن المنهج العلمي في دراسة الفلكلور عليه أن يبتعد ابتعاداً كبيراً من فكرة لي ذراع الحقيقة لتحقيق موقف ذاتي أو ديني أو سياسي كأن أقول هذا الهدف منه هو الوصول إلى هذه النتيجة يعني يضع النتيجة قبل مايكون توصل لها بشكل منطقي لكن هذا لا يعني أن المنهج يجب أن يحقق أهداف من مثل أولاً إبراز العناصر الإيجابية يعني مثلاً قدرة جماعة معينة على إنتاج مادة حياتية يومية وكيف أنه قد يصيغها ويعملها ويتوصل لهذا النوع من الإبداع سواء كان هذا الإبداع فيه شيء مادي أو الإبداع في شيء قولي أو فني .

النقطة الثانية: لابد ان المنهج العلمي يساعد على إبراز العناصر المشتركة التي تنعش الإحساس بوحدة ماللوجدان الشعب العربي أي بوحدة المعرفة الشعبية أريد أن أصل إلى حقيقة ان القصة لا تتعلق بشيء معلق بالهواء لا هي انه أريد أن أصل إلى نتيجة إيجابية الشيء الثالث:  أن المنهج العلمي كمان لابد أن يساعد عامة الناس أثناء عملية البحث فهذه المادة من إفراز أو إنتاج عامة الناس وبالتالي فهي تفهم نفسها وتثق بنفسها وممكن أن يساعدها ذلك على إبداع أكثر.

 

الدكتورة شهرزاد:

أنا ممكن أرجع إلى موضوع التعددية الذي كان أساس سؤالك ارتباط التعددية بالمنهج الذي نراه هنا وهذا شيء  جيد اختلاف بالمجتمعات العربية دكتور الصويان أعطانا نموذج عن مجتمع متطرف وهذا الواقع هو ربما واقع محلي يعني نحن لم نعيش هذا الواقع بمجتمعاتنا في الشرق الأوسط.

 المجتمع العراقي بصرف النظر عن مسألة التفكير المنطقي والصوري والجدلية والمنهجية وهذه مواضيع غير موجودة تقريباً في كل المنطقة لأنها تحتاج إلى تدريب وإلى ثقافة لكن مفهوم التعددية كمفهوم شائع في المجتمع هذا أنا أدعي انه كان موجودا في المجتمع العراقي لأنه أصلاً المجتمع العراقي تاريخياً مبني على التعددية وهذه التعددية كانت موجودة في الممارسات اليومية وأيضاً انعكست في الكتابات الأولى عني في مجلة الفلكلور مثلاً وأنا أدعي لنفسي لما غطيت العراق أجريت بحثاً عن الآلات لم يقل لي أحد تجنبي الأكراد واليزيدية والكذا كل الطوائف دخلت وكان شيء طبيعي في العراق وهذه التعددية ألغيت الآن بسبب دخول مفهوم الديمقراطية والحرية أنا آسفة أن أقول هذا لكن هي الحقيقة، التعددية كانت موجودة لأنها واقع تاريخي واقع الأمبراطورية وهذا ينقلني إلى موضوع آخر، أنا شديدة الإلحاح أحياناً وأعلم أنني لم أقنعكم بفكرة التقليدي ولكنها موجودة لماذا لأن بعض العواصم العربية التاريخية مثل بغداد وأيضاً دمشق وغيرها كانت مراكز لأمبراطوريات وفيها شعوب وأقوام اسلامية كثيرة على مر العصور حتى بعد سقوط بغداد وتعيش في بغداد وبقية المدن العراقية فهناك خليط من أجناس العالم القديم أشير إلى من قبل الرحالة والباحثين والكولنيالية الانجليزية وتاريخ العراق المعاصرهذا نتج عنه ثقافة مدينية حضرية ولكنها تقليدية يعني تعتمد على النظرية ولكنها أيضاً تواترها شفاهي أنا أين أضع هذا يعني هذه الثقافة المهمة الموجودة في مراكز المدن العربية هي ثقافة تأثرت بالثقافات الاسلامية الفارسية والتركية وآسيا الوسطى وكشمير وغيرها تأثرت بها وأثرت بها وهذه موجودة بالتحليل إن هذا تأثير أتى من الأكراد ومن كذا ومن الفرس والعكس بالعكس أيضاً موجود وأنا بالمجال الذي اشتغل عليه الخزين الذي الآن أدرسه وأبحث فيه كل هذه المسائل فهي ثقافة كانت مؤطرة بإطار إسلامي يعني فيها مسار المسار الشكلي والصيغي هو مسار موجود والمحتويات تكون محلية يعني عندنا في الإطار الفني أشياء بدوية تدخل في أشياء ريفية تدخل وفي نفس الوقت هناك أشياء لا أقليمية تدخل يعني إسلامية تدخل فهذا أيضاً  أرجوكم لا تتركوه خارج نطاق الذي تأطروه هنا لأن هذا لا يدرس في أي مكان ليس له مؤسسة تهتم به لا مجلة يصدر عنها وهذه مسألة مهمة جداً تهتم بها الدول الإسلامية الأخرى مثلاً إيران مثلاً آسيا الوسطى هذه غير منفصلة عن الثقافة الشعبية ولكن يعني هي مجال آخر مرتبط ويختلف.

 

الدكتور محمد النويري:

أريد أن ألح على ما انطلق منه أحد الزملاء وهو غياب الفكر الفلسفي وغياب الثقافة الفلسفية وفعلاً اعتبر هذا الكلام كلاماً مهماً جداً لأن غياب التكوين الفلسفي هو الذي يفتح المجال إلى أحادية اللون وأحادية الفكرة وإننا جميعاً ينبغي أن نكون لوناً واحداً ورؤية واحدة ولا مجال لنسبية الرؤية لا مجال للسماح للآخر بأن يكون مختلفاً عنا. فعلاً اعتقد أن غياب التكوين الفلسفي في ثقافتنا بصفة عامة مدخل إلى مشاكل كبيرة عشناها ونعيشها. أنا استغرب من إنسان جامعي مثقف يقود طائرة ويقوم بعمل إرهابي لا معنى له. تفسيري لهذا ما عبر عنه الدكتور صويان منذ قليل غياب الفكر الفلسفي غياب التكوين الفلسفي غياب المنطلقات الفلسفية التي تجعلني أنظر إلى ما أقوم به مباشرة من زاوية رؤية لا تلغي غيري وإنما تسهم مع الآخرين ليس في الوصول إلى الحقيقة وإنما تحقق كياني من الوجه الذي لا يلغي كيان الآخر. وهنا أثني مرة أخرى على ما قاله وإنما وتأكيداً لما يقول يحضرني في هذا السياق قول كلود ليفي ستروس: العالم الحقيقي ليس الذي يعطيك الجواب الصحيح الجيد وإنما العالم هو الذي يطرح عليك السؤال الجيد. أريد أيضاً أن أعود إلى الممارسة العلمية والايبستمولوجيا والعلاقة بين الممارسة العلمية والايبستمولوجيا وهنا في إطار التعدد لا بد من أن نشير إلى أنه ليس هناك رؤية ايبستمولوجية واحدة لسبب بسيط لأننا لا نجد ممارسة علمية واحدة للموضوع الواحد . النظرة الايستمولوجية في الحقيقة تتولد من هذه الممارسات العلمية والممارسات العلمية متعددة فالمنطلقات الايبستمولوجية هي الأخرى متعددة فالعلم الفكر العلمي في بنيته لذاته يقوم في جوهره على التعدد وعلى الانفتاح على نقد الذات فكل مساءلة علمية هي مسألة منفتحة على دحض الذات. إن لم تكن منفتحة على دحض الذات فهي تنفتح على الدغمائية وتنفتح على الايديولوجيا فهي مسألة جوهرية لكل ممارسة علمية لأن العلم وهنا أحاول شيئاً فشيئأً ننتقل إلى مرحلة أخرى في نقاشنا. العلم يقوم على مبدأ أولي هو الموضوعية الوصفية الموضوعية نفسها تحددها رؤية ايبستمولوجية فالعلاقة بين الموضوعية والوصفية ونبذ المعيارية لأن العلم نبذ للمعيارية وتكريس للوصفية الموضوعية في إطار التعدد. سؤال أيضاً إلى أي حد علم الفلكلور باستئناسه ببقية العلوم المتاخمة له يمكن أن يكرس لدينا هذه الموضوعية وهذه الوصفية التي تنبذ المعيارية؟

 

الدكتور محمد غاليم:

أريد أن أُضيف بعض الأشياء إلى تدخلك السليم الذي في الحقيقة يلخص ما دار بصفة عامة عن غياب الفكر الفلسفي والتكوين الفلسفي والمعرفة العلمية وضوابط المعرفة العلمية وعن أن المناهج العلمية يمكن أن تتعدد بشكل مفتوح الخ هذا طبعاً وارد والمنطلق الأساسي لكن إضافة إلى ما تفضل به الدكتور محمد النويري أضيف أن الغاية من أي معرفة من أي ممارسة علمية من أي منهج من أي نظرية هو تحصيل معرفة علمية عن الواقع الذي ندرسه والإضافة التي أضيفها على كلامك أنه لا مانع مبدئياً من تبني أي منهج والمبدأ هو التعدد والحرية في اختيار المناهج بل أشير ربما كما تعرف أن هناك كتابا يعبر عن اتجاه في الابيستيمولوجيا وفلسفة العلم هو كتاب ضد المنهج contre la méthode يدافع بالطبع عن هذه الفكرة وأنه ليس هناك محرمات في العلم وهناك حرية الخ يمكن أن تتبنى ما تشاء لتبق العبرة والحكم الرئيسي بالنتائج والنظريات يجب أن لا تتعدد فقط بهدف التعدد بكيفية مجانية لك الحق في أن تختلف لكن بشرط أن يكون في اختلافك فائدة ومردودية بخصوص الموضوع الذي نحن بصدده فالعبرة ليست في الاختلاف بقدر ما هي في النتائج والمردودية وهذا يعني أن النظرية الأفضل والمنهج الأفضل هما اللذان يحصلان معرفة أفضل باختصار وأكتفي بهذا.

 

الدكتور سعد الصويان:

لدي ملاحظات خاطفة على عدة أشياء قيلت. أولاً ينبغي أن نتذكر فيما يتعلق بتحديد المعرفة والرؤية وما إلى ذلك أنها مقولة هيغل وماركس في نظرية المعرفة. لكن هذا النقد الذي توجهه إلى أي نظرية هو نقد بناء، بمعنى أن هذه النظرية التي قلتها أنت لن يلغيها النقد وإنما يسد أوجه الخلل فيها ويعطيها مدى أوسع وقدرة تفسيرية أعظم لأن النظرية إذا لم تفسر الواقع فلا فائدة منها. فلا بد للنظرية أن تستوعب تعديلات لاحقة تمكنها من تفسير ظواهر أكثر. أما ما تكلم عنه الدكتور نمر فيما يتعلق بتوظيف التراث نحن لسنا ضد توظيف التراث وفي النهاية إذا لم نستخدم التراث ونوظفه فدراستنا بلا جدوى وتكون عبثا لا طائل منه، لكن لا ينبغي للعربة أن تسبق الحصان· نحن نخاف من الذين يسيؤون استخدام التراث، بمعنى أنه قبل أن يفهم حقيقة التراث يحاول أن يوظفه. هنا تتحول المسألة إلى وصفة شعبية قد تضر أكثر مما تنفع· كلما فهمت طبيعة الشيء بعمق أبعد كلما استطعت أن توظفه بطريقة أفضل. مرة أخرى نعود للدواء إذا لم تعرف المركب فلن تعرف طريقة الاستخدام الصحيحة. شخص يأخذ حبوبا لأجل تخفيف الوزن وفي النهاية يتلف كليته أوأي عضو من أعضائه وهكذا. هذا أيضاً ينطبق على الفلكلور. طبعاً حينما ننزل من علياء الفلسفة إلى الواقع لا بد أيضا أن نعرف أن مسألة تقسيم العلوم هذه مسألة تقسيم عمل إذ ليس هناك حواجز حقيقية بين العلوم لكن لا بد أن نقسمها حتى نعرف نشتغل وإلا ما استطعنا أن ندرّس هذه العلوم· الفلسفة لم تعد مثلما كانت في السابق حيزها ضيق تستطيع أن يلم بها شخص موسوعي. الآن تتفجر المعارف· هذا ما نعنيه بالتفجر المعرفي بحيث أنه أصبحت هناك العديد من التخصصات ولا بد أن نوزع العمل فيما بيننا· لكن في النهاية لا بد من ربطها بمنهج وبرؤية علمية توحد فيما بينها وتسلسلها وترتبها بشكل هرمي متصاعد· كذلك النظريات هنالك فرضيات أولية تتحول عن طريق البحث إلى ما يسمى نظرية وسطية middle range theory وشيئاً فشيئاً ترتقي لتصبح نظرية كبرى grand theory تفصل وتفسر مجالات أوسع· المنهج والنظرية مرتبطة أحدهما بالآخر لا يمكن أن يكون هنالك منهج إلا برؤية نظرية توجه هذا المنهج. الفرضية هي البداية التي توجه المنهج. المناهج أيضاً متعددة، هناك مثلا في مجال الفلكلور منهج الجمع الميداني، أي كيف تجمع المادة، وهنالك المنهج التحليلي الذي يفسر المادة بعد جمعها· المنهج الجمعي يختلف عن المنهج التحليلي. لا بد أن نضع هذه الأشياء في أذهاننا ونحن نعمل. وينبغي إلا يغيب عن أذهاننا أن الفلكلور سواء أن سميناه فلكلور أو تراث شعبي هو داخل في منظومة علمية أكبر منه، يعني أنه داخل ضمن العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والتي بدورها تدخل في العلوم ككل وتتأثر بها وتؤثر بها.

 

الدكتور مصطفى جاد:

شكراً.. أريد أن أؤكد بداية على أننا نتكلم في مسائل استقرت إلى حد كبير فى تاريخ العلم فمناهج الجمع الميدانى ثبتت وتأصلت منذ زمن، وقد يكون المطلوب منا أن نتجاوزها للبحث عن مناهج أخرى تساير التطور العلمى الحادث فى جميع المجالات. أنا كنت متصور أن يكون التساؤل حول : ما هو الجديد في بحث منهجي أو نظري لبحث المادة الفلكلورية العربية؟ هذا جانب.. الجانب الآخر أننا حتى الآن لا نزال نفتقر لمنظومة أو قائمة تجمع أو تشمل عناصر التراث الشعبى العربي. فحتى الآن لا نستطيع الكشف عن منظومة تراثنا الشعبى، ومن ثم ليس لدينا نظرة كلية لرؤية عناصر هذا التراث وعلاقاته المعقدة بشكل متكامل. وتصوري أن تحقيق ذلك هو أمر ليس بالمستحيل فى المرحلة الراهنة، ومن الممكن أن يكون مدخلاً ننطلق منه فى البحث المنهجى فى المرحلة المقبلة. وهو ما يجعلنا نستطيع الوقوف على منهج عربى فى البحث. فنحن حتى الآن لا نتحدث عن منهج عربي أصيل من ابتكارنا، فنحن نستعير المناهج ونوظفها ونطبقها فى أبحاثنا، وفي حقيقة الأمر فإن المادة الموجودة تحت أيدينا ليست كاملة وليست واضحة حتى نقوم بالتطبيق أو تقديم رؤية منهجية أو نظرية.

ومن المسلمات فى البحث العلمى – عند حديثنا عن المنهج - أن النظرة للمادة الفلكلورية ينبغى أن تكون موضوعية وغير منحازة.. فأنا أجمع الشعر الشعبى كما هو.. أو ممارسات الطب الشعبي كما هى.. بصرف النظر عن علاقتي بهذا أو ذاك. فالباحث دائماً فى حالة حياد. حتى أن أدبيات الجمع الميدانى تشير إلى  إشكالية الجمع الميدانى للمادة الفولكلورية من المنطقة التى ينتمى إليها الباحث، إذ قد ينتج عن ذلك تحيز لا إرادى من قبل الباحث وهو من عيوب هذه الطريقة فى الجمع، فضلاً عن أن الباحث فى منطقته قد لا يرى بعض التفاصيل الميدانية التى يراها الباحث الغريب عن المنطقة.. وهكذا. واتجاه آخر يفيد بأن الباحث الذى يجمع من منطقته قد تتيسر له العديد من الصعوبات الميدانية التى قد تواجه الباحث من خارج المنطقة.

في النهاية فإن الغرض الأساسى هو تدريب الجامعين على توخى  الموضوعية فى جمع المادة الميدانية. وكذا تحليلها وتفسيرها بالمناهج والنظريات.

 

الدكتور محمد الجوهري:

هل يستطيع الفولكلور أن ينبذ المعيارية ويكرس الموضوعية؟ الحقيقة أن رسالة هذا العلم هى دعوة إلى  نبذ المعيارية وإلى تحقيق الموضوعية. وأنا لا أتكلم على الصعيد العلمي البحت الذى هو بديهي، إنما أنا أتكلم على مستوى السياسة الثقافية أو الرؤية العامة للأمور الثقافية. المعيارية أصادفها اليوم عندما أتبنى موقفاً معيارياً من ثقافة معينة فأحكم عليها بأنها صواب أو خطأ، خير أو شر، حرام أو حلال. ومن هذا المنطلق يقوم بعض المتطرفين أو بعض الناس بهدم تماثيل بوذا – مثلاً – لها أهمية تاريخية كبيرة جدا لأنها أصنام. فهذه النظرة المعيارية هي التى يحاربها علم الفولكلور ويتعارض وجوده نفسه معها، وذلك لأنه يحاول أن يعلمنا الموضوعية. والموضوعية عندما أتأملها ليست فقط إقصاء الذات أو إبعاد الذات وعدم إقحام التفسيرات الذاتية على الموضوع الذى أدرسه، وإنما علم الفولكلور وبصفة عامة الأنثروبولوجيا هما الأب الشرعي لهذه النظرة الموضوعية الإنسانية التى هي تعليم احترام الذوات الأخرى من خلال فهمها. والذوات هنا ليسوا الثقافات الأخرى كما في الانثربولوجيا وإنما هي الجماعات الاجتماعية داخل نفس المجتمع، فأنا لا يجوز أن أستخف أو أسخر من الريفيين ولا من العمال أو من الفقراء أو أى فئة تمارس أي عمل داخل مجتمعنا. وأشدد هنا على أننا فى الموضوعية لا نكتفي بأن نقصي الذات عن مسار البحث وإنما أن نفهم الذوات الأخرى ونحترمها ونفرد لها مساحة للفهم في عقولنا. وإذا تساءلنا عن شروط تحقيق ذلك سنجد أننا في المادة العلمية داخل المختبر نلتزم بقواعد محددة منضبطة، فالطريقة التى اتبعتها في البحث أصفها بدقة، فإذا اتبعها الآخرون سوف يتوصلون لنفس النتائج. أما في المادة البشرية – وفي المادة الثقافية بالذات – حيث توجد وتؤثر الميول والعواطف والأحاسيس تبدو المسألة أكثر تعقيدا وأكثر صعوبة. وأشدد على أن الشرط الأول لتحقيق الموضوعية في علم الفولكلور (أو في دراسة الثقافة التقليدية أو الثقافة الشعبية) ولنبذ المعيارية يتمثل فى الابتعاد عن المواقف المعيارية والالتزام بالشروط المنهجية.

 

الدكتور نمر سرحان

أنا اريد ان اطرح سؤالاً هل هناك منهج علمي منفصل عن الهدف من الدراسة العلمية يمكن أن يكون فيه منهج علمي لا يؤدي إلى هدف ولا إلى نتيجة لذلك أريد أؤكد على فكرة انه أي بحث علمي بما في ذلك البحث الفلكلوري يجب أن يكون عنده هدف للوصول إلى خدمة الحياة بأي شكل من الأشكال انه إبراز قدرة الناس على الإبداع إبراز قدرتهم على المعرفة فهم قيمهم الجمالية... الخ فلذلك المنهج العلمي ليس أمراً معلقاً في الهواء يجب أن يؤدي إلى خدمة حياة الناس أو على الأقل التعريف بيها وإبراز ايجابياتها من هنا جاءت نظرية الواقعية الاشتراكية إذا أنت درست الواقع ولكن هذا الواقع تدرسه بهدف أن تظهر إلى أي حد هؤلاء الناس هم مبدعون الهدف الرئيسي والنهائي لعملية البحث الفلكلوري يجب أن يكون لإبراز قدرة وإبداع الفئات العريضة من الناس وليس القول انه في هناك مبدع مثالي لا الناس شاركوا بهذا الإبداع.

 

الدكتورة شهرزاد:

أنا  اعتقد إن المنهج ليس مجموعة قوانين رياضية ينتج عنها معادلة أعتقد في كل منهج قابل للتكيف وقابل حاله أستيكية يعتمد على كل مرحلة من مراحل لذلك انا أتساءل عن مفاهيم مثل الموضوعية ربما هناك بالانثروجلفي ربما هناك شيء من الموضوعية الأولية لوصف شيء ما ولكن الدخول في التعمق في البحث أعتقد لابد للذات لها دور كبير حتى في اختيار الكلمات تتحول المسألة فيها جانب ذاتي مهم جداً التأكد على أولويات معينة ظاهرة معقدة متشابكة ربما تختار شيء منها لا تختار الآخر أنا لا أعتقد بوجود موضوعية ربما الموضوعية هي من خلال محاولة نوع من المعادلة بين الذاتية بين التعبير الفردي وبين تقنية منهجية شيء من التقنية المنهجية التي قد تؤدي إلى شيء من الموضوعية أنا لا أرى من القراءات التي أقراها للمدرسة الأمريكية وغيرها أنا لا أجد شيء من الموضوعية والعكس هناك انحياز وتطرف واختيار الكلمة مثل ما يقول فوكو هي منظومة لسانية في اختيار المفردات نخرج بطبيعة الحال إذا هناك ذات وهناك موضوع وأنا لا أعتقد إلا إذا أنا فهمت خطأ إن الموضوعية هي ليست ضد المعيارية / الرؤية المنهجية دكتور أنت قلت إن عندنا رؤية منهجية لأن ما عندنا كمية كافية من المادة تكبر عندك المادة تختار منهجية أخرى اكبر لا أعتقد انه من الملزم ان تكون المادة شاملة على صعيد عربي حتى تكون عندنا منهجية واضحة.

 

الدكتور محمد الجوهري:

أود فقط أن أطمئن الدكتور أن أكثر الناس في العلوم الإنسانية تشدداً لا ينكرون تدخل الذات، ولكنى أؤكد أن التقليد هو الإفصاح عن الميول الذاتية بقدر الإمكان، فأقول أنى متأثر بكذا وبعمل بكذا، إنما لا أسمح لأحد أن يمارس الدجل باسم العلم أو باسم الموضوعية وينقل لي اختياراته وتحيزاته. فأنا لا ألغى الاختيارات والتحيزات وإن كان عندي تحيزات فأنا أفصح عنها. ولكن إذا حدث أن تجاهل باحث هذه القواعد ولم يفصح عن تحيزاته، فإن وظيفة الجماعة العلمية أن تكشف التحيزات في أعمال الآخرين ويصبح جزءاً من عملنا أن نكشف عن التحيزات لدى باحث معين أو لدى مدرسة معينة. وهكذا فمن المهم التأكيد على أنه من الممكن الوصول إلى قدر من الموضوعية ليس عبر قتل الذاتية وإنما عبر التعرف عليها والإفصاح عنها .

الدكتور محمد غاليم:

فقط أريد أن أكمل ما تفضل به الأساتذة وما تحدث عنه الدكتور الجوهري وتحدث عنه بإفصاح وهو ما كان موضوع نقاش طويل عريض في الابستيمولوجيا وفلسفة العلم وأعطاه عالم كبير تعرفونه جميعاً هو Poincaré Henri أهمية كبيرة جداً وانتهى إلى أن عنصر الصدق أساسي في الممارسة العلمية للعالم/ العالم يجب أن يكون صادقاً في محاكمة افتراضاته وأن يفصح عن ميولاته وعما تأثر به. آتي إلى كلمة بسيطة أيضاً في الموضوع بالنسبة للموضوعية طبعاً العلم يبتعد عن المعيارية .. لكن هذه الموضوعية لا تعني غياب الذات بالعكس كما ورد وكما هو متفق وكما هو مؤكد عليه في كثير من مناحي فلسفة العلم أن العلم إبداع فحينما ينشئ العالم نظرية فمثله مثل الموسيقي الذي ينتج عملا موسيقيا والفنان التشكيلي الذي يبدع لوحة لذلك هناك ما يسمى بالمعايير الميتانظرية ومنها الأناقة فتوصف النظرية بالأناقة والجمال وإذا وجدنا نظريتين تتنبآن بنفس المبادئ وتصلان إلى نفس النتائج واحدة منهما أكثر أناقة من الأخرى نتبني النظرية الأنيقة.

 

الدكتور محمد النويري:

فقط ملاحظة بسيطة تتعلق بالمنهج الأفضل الذي يحقق معرفة أفضل في هذه النقطة نعطيكم مثالا بسيطا قريبا من اختصاصكم مسألة الدلالة في اللسانيات تعرف المراحل التي مرت بها ففي مرحلة من المراحل نفيت الدلالة من مجال البحث اللساني ثم اندرجت ضمن المشغل اللساني تعرف موقف بلومفيلد وموقف هاريس وموقف شومسكي ثم التطورت الحاصلة إلى أن وصل الأمر إلى جاكند وف وفودور وكاتز وفيلمور إلى غير ذلك إلى أن بات اليوم يعتقد أن منهج بحث الدلالة هو في أفضل وضع ولكن هل هذا هو الوضع النهائي؟ لا هو منفتح على التساؤل ومنفتح على نقد نفسه بغية أن يدرك مستوى ً في التصور والإجراء يصل بالدلالة إلى مستوى أفضل هذا هو مقصد الكلام. أعود إلى قضية الموضوعية والوصفية أنتقل إلى قضية الجمع نحن في مستوى المجلة نواجه نقصاً في مسألة الجمع لأن الجامع يتدخل فيما يجمع ويغير ما يجمع حتى يكسب ما يجمع جمالية وبين ظفرين علمية فيشوه أعطيكم مثال بسيط جمع الحكاية الشعبية / الحكاية تلقى بلهجة الجامع يرى أن هذه اللهجة لا يفهمها الناس أن اللهجة ليست جميلة فينقلها إلى العربية نقلاً مشوهاً فطبيعي أن نفقد الفائدة مما جمع وهناك العلاقة بين الوصفية والجمع الموضوعية والجمع كيف نجمع منهج الجمع هذا السؤال وأعتقد أن الجماعة أقدر منا في الجواب على هذا السؤال.

 

الدكتور سعد الصويان:

السؤال مهم جداً وياليتك سألته من البداية· شيء من التدخل ضروري لأن نقل المادة من أداء حي إلى نص مكتوب مهمة صعبة لا يدركها إلا من تعاملوا معها. أنا عملت على تفريغ الأشرطة وأعرف كيف يمكن للنقل الكتابي أن يغير المادة· مرة أخرى نأتي إلى الصدق والإفصاح. عليك أن تبين مدى تدخلك في المادة والهدف من هذا التدخل· في هذه الحالة أنت تجيز لنفسك التدخل في حدود معقولة وبما يخدم المادة والعلم· أنا برأيي أنه لا يمكن نقل المادة الشعبية بحالتها الخام. مثلاً في الكوريوغرافي حينما تكتب خطوات الرقص ألست تغير فيه؟! أنت لم تلتقط فيلما للراقصين لتعرضه أمام الناس· كذلك في النوتة الموسيقية أنت تكتب نوته موسيقية، أنت لا تنقل أصوات مفاتيح البيانو وإنما تكتبها كتابة· هذا تغيير. قل نفس الشيء بالنسبة للحكاية الشعبية أو الأغنية الشعبية وما إلى ذلك· لذلك لا ينبغي أن نطرح المسألة كأنها من المحرمات. لا، هذا شيء وارد ولكن كلما تمرست في الميدان وكلما كنت أكثر خبرة على المستوي النظري والمنهجي كلما كان تدخلك في صالح المادة وفي خدمة العلم.

خارج هذا الإطار أريد أن أقدم اقتراحا فيما يتعلق بما قيل في هذه الندوة· لقد قيلت أشياء ربما لأول مرة تبلور من أفكار مختزنة في الذهن إلى كلام منطوق سيتحول فيما بعد إلى كلام مكتوب يتضمن أفكارا مهمة لربما ترسم مسارات مستقبلية لهذا الميدان.

 

الدكتور مصطفى جاد:

أتفق مع حضرتك فى مسألة عرض المادة بشكل موضوعي وألا يعرض هذا الملتقى مصنف بأسماء الأشخاص فقط بل مصنف بالأفكار التى طرحت. وعودة للموضوع فسوف أتكلم هنا من وجهة النظر المسلمة بأن المادة الميدانية التى تأتينى على مائدة البحث أو فى الأرشيف هى مادة محايدة وموضوعية تماماً وبشكلها الخام، وأفترض إن الباحث الميداني أمين تماماً فى جمعها. لكن السؤال: كيف تعرض هذه المادة للبحث أو التحليل أو الاسترجاع فى أرشيف الفولكلور. من ناحيتى أرى أن المادة الميدانية لها شقين، الأول : الشق الإبداعى الذى يدخل فيه المثل الشعبى والحكاية والسيرة والشعر الشعبى والنكتة.. إلخ. هذه المادة  لا يمكننا أن نتدخّل فيها على الإطلاق لا بالحذف ولا بالتعديل ولا بأي شيء، بالعكس فإن المطلوب منا هو إضافة بعض الشروحات لطريقة النطق أو تفسير الكلمات المستغلقة على القارئ..إلخ. وهناك بعض الإشكاليات الجانبية الخاصة بالحكاية الشعبية أو الشعر الشعبى، فمثلاً لدينا فى واحة سيوة أو فى المجتمعات النوبية قد نقوم بجمع نصوص الحكاية  بلهجتها المحلية، مما يستحيل معه تعرف محتواها، ومن ثم نطلب من الراوى رواية الحكاية نفسها باللغة العربية أو العامية المصرية الشائعة التى يعرفها أيضاً. ومن ثم نجمع النص نفسه بمستويين لغويين.

أما الشق الثانى من المادة الميدانية فهو المرتبط بالمادة غير الإبداعية والتى يسترسل فيها الإخبارى فى وصف العادات والتقاليد والمعتقدات..إلخ. هذه المادة تحتاج منى لمرحلة إعداد، أو ما يعرف فى علم المعلومات بالاستخلاص، حتى يستطيع الباحث أو المبدع التعرف عليها والاستفادة منها بسهولة. وبصفة عامة هناك مدرستين فى عرض المادة الفولكلورية، الأولى تقول بتفريغ وعرض المادة كما هى دون أدنى تدخل وهى مسألة – فى تصورى – غير مفيدة فى الوقت الراهن ومعوقة لعملية البحث. والثانية تحاول التدخل العلمى فى المادة دون أدنى تغيير فى مصدرها بغرض تقديمها للبحث والتحليل والاسترجاع. فتطبيق مناهج حديثة فى عرض المادة الميدانية كمنهج الاستخلاص يجعل الباحث يستطيع اقتباس المادة الميدانية بسهولة للاسترشاد بها دون الاستغراق فى الاسترسال التقليدى الذى يردده الإخبارى والوقوع فى فوضى البحث عن المعلومة بين ثنايا الكلام. فكلام الإخبارى عن عادات الزواج يحمل أيضاً معتقدات حول الظاهرة وكلام عن الحلى والأغانى ..إلخ. وهو – أى الإخبارى – غير مطالب بتصنيف كلامه، أما نحن فمطالبون بمنهجية فى عرض هذه المادة واستخراج المعلومات منها بشكل ميسر يصلح أساساً للإسترجاع. ناهيك عن المادة الميدانية الى قد تأتى فى شكل مصور، فتسجيل الحركة – على سبيل المثال - بدون رؤيتها أمر غير مقبول. وأنا أتذكر عندما كنا فى مرحلة الدراسات العليا في الثمانينات كانت الدكتورة علياء شكري تخصص لنا أستاذاً في التصوير السينمائي كى يعلمنا كيف نجمع مادة ميدانية بالفيديو.  وعندما عرضنا عليه ما قمنا بجمعه - عن عادات الزواج والرقص والحرف..إلخ – بدأ يشرح لنا أخطاء التصوير ثم بدأ يتحدث عن كيفية عمل مونتاج لما قمنا بتصويره. وأذكر أنه عندما ذكر كلمة مونتاج لما قمنا بتصويره أننا صرخنا في وجهه، بل واتهمناه بالخيانة العلمية والجهل بالمادة الفولكلورية، رغم أنه أكد مراراً على أن المونتاج لا يعنى أننا سنتخلص من الأصول . 

ثم تعلمنا بعد ذلك ومع التطور التقني أن عملية المونتاج من العمليات المهمة في التوثيق.

 

الدكتور محمد الجوهري:

هذا الموضوع من القضايا الكلاسيكية في علم الفولكلور ولقد سبق أن نشرت منذ زمن ورقة عن الأخوين جريم وعن مفهوم الصدق والتدخل. فالمعروف بالنسبة للأنواع الأدبية الشعبية كالحكايات أو الأمثال، عندما ينفق الجامع ثلاثين وأربعين سنة ويتمرس بهذا النوع الأدبى تتكون عنده ذائقة هذا التخصص، ويتحول إلى مبدع، بمعنى أنه يبدأ يؤلف حكايات شعبية. ولكن هذا موقف شديد التطرف والندرة ولم يعد موجوداً بشكل مباشر. وسبب ذلك أن وسائل التسجيل المتطورة (المالتى ميديا) الصوتي والبصري والفوتوغرافي جعلت مجال التزييف محدوداً جداً. ولكنا وجدنا من تجربة "معجم الحياة اليومية" بعض الألفاظ الجنسية أو ألفاظ سباب مقذعه فاضحة ولا تستطيع أن تكتبها فتكتفى بأن تنبه إلى ما حذفته أو استبعدته أو تضع محلها نقط أو تفصح عن تدخلاتك في النص. فغاية تأكيدى أن تدخل الجامع في المادة الميدانية أصبح محدوداً بطبيعته. ففى كل الممارسات والعادات والأشياء المادية ليس له صالح، ومن ناحية أخرى تساعده الأدوات التكنولوجية الحديثة مساعدة أساسية في المواد الإبداعية أو في المادة الأدبية أو القولية بصفة عامة. ويكون التسجيل موجوداً كمرجعية، والتدخل الذى أشار إليه الدكتور سعد والذى أشرت إلى الظروف التى قد تفرضه أحياناً ، فإنه يمكن أن يتم ولكن مع الإشارة إليه وبيان حدوده بكل دقة. أما الظاهرة القديمة التى حدثت مع الأخوين جريم أو غيرهم ممن انتهى بهم الأمر من جمع التراث إلى تأليف التراث أو وضعه، فهذه لم يعد لها وجود، لأننا لم نعد نكتفى بجمع المادة، وإنما نحدد المصدر وتاريخ الجمع. وبوسع كل باحث أن يراجع تلك البيانات على الطبيعة ويتحقق من صحتها، وهكذا يضيق مجال التزييف، ولكن التزييف في تاريخ العلم موجود سواء في العلم الطبيعي أو العلم الأنثربولوجي.

 

الدكتور نمر سرحان:

أود أن أقول أنا لا أتفق مع أي تبريرات لتحوير وتغير المادة وأعطي مثال على شخص من الأردن قام بجمع حكايات شعبية من الأردن وفلسطين أولاً هذه المواد من وسط طلاب المدارس وطلاب المدارس لا ينقلون النص الأصلي والنص الحقيقي الذي يعكس قيمة المادة العلمية ثم أخذ هذه المواد وترجمها إلى العربية ثم قال في مقدمة كتابه عمل ثلاث كتب في الحكايات الشعبية قال في مقدمة الكتاب انه غيرّ كلمة المغربي باليهودي أي أنه ورد في النص أن المغربي جاء وسحر ثم ذهب..الخ لكن استبدل المغربي باليهودي، وحدث جدل في السبعينات حول القضية في كتابة الحكايات الشعبية ونشرت حكايات كثيرة في مجلة الفنون الشعبية ونشرت حكايات كثيرة في مجلة الفنون الشعبية التي كانت تصدر في الأردن إنه ننشر بالعربي وإلا بالعامي وثمة من تطوّع ودافع عن قضية اللغة العربية ومنع العامية ومنع التهديد عن اللغة الفصحى ...الخ هذا الجدل الذي صار الصحيح لم يؤد إلى نتيجة بقى في ناس مصرين على هذا الموقف ولكن اريد ان أؤكد كيف يمكن ان اقبل بوضع حكاية شعبية يقول الجامع فيها انه تدخل وانه غير وانه اختصر.. الخ.

 

الدكتورة شهرزاد:

ليس عندي ما أضيفه يبدو الحالات تختلف حسب الموضوع في هذه الحالة أؤكد والحالة التي ذكرتها المفترض أن الجامع لا يغير أي شيء لكن الحالة التي ذكرها الدكتور سعد الصويان غيرها يعني النقل أو الاعتماد على شيء أعتقد هناك حالات يقررها يمكن الباحث لكن الحالة الأولى غير مقبولة حتى في مجاله غير مقبولة.

 

الدكتور محمد غاليم:

إضافة بسيطة هذا المشكل مشكل استخدام أدوات في مباشرة الموضوع بصفة عامة يذكر بمسألة أكبر في مجال ما يسمى بالعلوم الدقيقة أخذت حيزاً كبيراً من النقاش في الستينيات والخمسينيات ومن بين من خاض فيها جاستون باشلار وتتعلق باستخدام أدوات في العلوم الدقيقة في المختبر وما هو وضعها الايبستيمولوجي فهذا التدخل هذا التوسط للآلة بين الذات والموضوع ما هو وضعه الاستيمولوجي هذه الآلات أصبحت ضرورية لا غنى عنها كالمجهر الذي أصبح بمثابة عين للعالم وفي علوم كعلم الفلك مثلاً حيث لا يمكن للعالم أن يستغني عن الآلات والأدوات التي أصبحت بمثابة أعضاء للإنسان وربما هذا قريب من حاجتنا اليوم للوسائل التكنولوجية في التعامل مع الموضوع.

 

الدكتور محمد الجوهري:

أود فى الحقيقة أن أوضح أنه لا يجوز أن تتوه الحقيقة أو تضيع، لأننا قد نفقد زمام المنهج العلمى، فالحالة التى تكلم عنها الدكتور نمر سرحان لا تدخل فى نطاق علم الفولكلور وليست دراسة علمية ولا تقارن بما أشار إليه دكتور سعد الصويان أو ما أشرت إليه فى "معجم لغة الحياة اليومية". فهذا العمل ليس عملاً أدبياً شعبياً. لأن من يأخذ بعض الحكايات من ألف ليلة وليلة أو من مصدر شعبى آخر ويكتبها للأطفال، فهذا إبداع أدب أطفال.

 

الدكتور محمد النويري:

يبدو أن الطاقة وصلت إلى كلالها طبعاً فقط بقيت أسئلة كثيرة من نوع سؤال ما هو المنهج الذي نتبعه في الدراسة والتحليل هذا سؤال يمكن أن يأخذ حيز ندوة كاملة فقط أريد أن أختم بتعقيب يُحصّل ويجمع العناصر التي ذكرت في ثنايا حديثنا في المنهج في دراسة الثقافة الشعبية بسرعة في رؤوس أقلام ماهي خلاصة حديثنا اليوم؟ كيف يمكن أن نحصل هذا الكلام كيف يمكن أن نجمع هذا الكلام في عناصر شبه خاتمة؟ ما قلنا في رؤوس أقلام تفضل دكتور.

 

الدكتور محمد غاليم:

باختصار يبدو لي أنه على مستوى المنهج هناك أشياء وصلنا إليها جميعاً وأظن أن الجميع متفق عليها ومنها ما أصبح يسمى اليوم بالمنهج السببي المندمج كما يسمى عند أصحابه أو تكامل المعرفة وضرورة العناية بالبعد المعرفي بصفة عامة للتنبيه على أن هذا البعد أساسي وهو المتعلق ببنية الذهن البشري وقيوده الأحيائية وكلياته عبر مختلف الثقافات إلى آخره لأن الإنسان في نهاية الأمر هو مبدع هذه الثقافة الشعبية بصفة عامة وهو متلقيها الخ فهذا أظنه من الخلاصات الأساسية في تصور أبعاد الظاهرة المدروسة.

 

الدكتور سعد الصويان:

باختصار شديد ما لدي قلته وليس لدي ما أضيف.

الدكتور مصطفى جاد:

باختصار أشد أتصور أن البعد التقني يسهم بشكل مؤثر جداً في الإطار المنهجي للمادة الفلكلورية سواء في حالة الجمع أو التوثيق أو حتى في استخلاص النتائج، أتصور أن اهتمامنا بأدوات الجمع الميداني من عشرين أو ثلاثين سنة كان سبباً فى تطور حركة العلم، غير أننا الآن لدينا حظ وافر في العمليات المرتبطة بمنهجية البحث والتوثيق والكشف عن المادة الفولكلورية. كما أن هناك  انحصار لمسائل الزيف في المادة الشعبية كما أشار الدكتور الجوهري. ومن ثم أتصور أننا يمكن أن نستفيد بشكل مباشر من هذه المعطيات في استخلاص النتائج الأكثر دقة في حركة البحث الفلكلوري بشكل عام.

 

الدكتور محمد الجوهري:

أزيد ما قلته تأكيداً بأن المنهج هو الطريقة المقننة للتعامل مع مادة العلم، وأنه يبدأ منذ مرحلة صياغة المفاهيم وصولاً إلى تحديد المادة والتعرف عليها أو وضع يدنا عليها وجمعها وإعدادها للدراسة، وهو كذلك القواعد المتبعة في تحليل هذه المادة أو النظر إليها، وما ينتهي إليه ذلك من رؤية نظرية.

 

الدكتورة شهرزاد:

هذا السؤال الأخير الذي طرحته حضرتك في الأخير هل الغرض منه استنتاج منهج هل الغرض منه هو وضع خاتمة لمثل هذا اللقاء لأن في كلامنا انه لا يوجد / يوجد عدة مناهج المنهج عن أي شيء عن التصنيف عن الميدان عن الأرشفة عن البحث عن أي موضوع هناك مناهج ومناهج.

 

الدكتور محمد النويري:

لكم جزيل الشكر وإلى اللقاء في ندوات قادمة.

أعداد المجلة