فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
62

الحناء شجيرة الفرح

العدد 18 - لوحة الغلاف
الحناء شجيرة الفرح

أوراق الحناء!يا لها من أوراق! علاقتها بالعرب وبثقافتهم عجب من العجب. هي أشهر من أن نقول فيها أو نخوض في شأنها. حاضرة في تقاليدهم حضوراً قوياً لا تكاد تنفصل عنهم مهما ابتعدت بهم المسافات وشطت الديار وانفتحت أمامهم أبواب الرزق أو ضاقت. الشريف والوضيع، الغني والفقير، الحضري والبدوي جميعاً يرتبطون بالحناء ارتباطاً روحياً غريباً.هذا إلى جانب ثقافات أمم أخرى كالإيرانيين والهنود ومن  جاورهم ارتبطت الحناء لديهم بالأفراح والطقوس والطبابة وغير ذلك.

تذكر النصوص أن أشراف العرب من الرجال والنساء كانوا يتخذونها خضاباً لشعورهم وعلاجاً، ويستعملونها لمداواة بعض العلل التي تلحق بفروة الرأس، أو الآلام التي تصيب الأطراف، خصوصاً القدمين. ويُغَلّون أوراقها ليشربوا ماءها مثل الشاي علاجا لبعض آلام المعدة. جاء ذكرها في السنة النبوية الشريفة، وأشعار العرب الفصيح منها والنبطي والعامي. والحناء شجيرة الفرح  حاضرة في مناسبات الأفراح الكبرى. يستعملونها للطفل الصغير المقبل على الختان في بلاد عربية كثيرة، ولكن حضورها الأهم يكون في مناسبات الزواج إذ ليس من عروس في مشرق البلاد العربية أو مغربها لا تتخذ الحناء خضاباً ليديها وقدميها. بعضهم يخضب أطراف العروس أكثر من ليلة قد تصل إلى سبعٍ، فهي عنوان البركة والفأل الحسن والاستبشار كأنها إذ تتخذ خضاباً لأطراف العروس، تيسر لها انفتاح أبواب السعادة والاستقرار والطمأنينة في حياتها الزوجية. تتخذ للعروس والأصوات ترتفع بأهازيج كثيرة تتغنى بلحظات البشر والسعادة .لحظات الخصب التي هي رمزها.وهل تكون حياة من دون خصب؟!

ولرواج التزين بالحناء لدى النساء في الخليج وفي بلدان أخرى امتهن فن التزيين بنقش الحناء وظهرت (الحناية) كلفظة شعبية تدل على من تمتهن تزيين النساء بنقوش فنية مبتكرة.

ولا بد للتجارة من أن تدس بأنفها في مثل هذا التقليد الشعبي، فقد كانت عجينة الحناء الطبيعية تعالج بخلطات شعبية لتحديد درجات اللون أو لتثبيته على الجلد البشري أطول فترة ممكنة، وقد استحدثت عجينة صناعية جاهزة تقوم مقام الحناء الطبيعية وتعطي تأثيرها لكن في اختصار شديد للوقت وفي أثر يطول أكثر.

تتعدد النقوش وتختلف من بلاد  إلى أخرى وتدخل عناصر أخرى عليها بحكم تلاقح الثقافات وتأثير الحضارات بعضها في بعض، ولكن الحناء تظل محافظة على مركزيتها في كل البلاد العربية باعتبارها عنوان السعد ورمز الفرح والخصوبة.

أعداد المجلة