فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
61

(عهد المنامة ..) خارطة طريق للثقافة الشعبية

العدد 20 - المفتتح
(عهد المنامة ..)  خارطة طريق للثقافة الشعبية

قضية‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬لكل‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬أمم‭ ‬العالم،‭ ‬تتعلق‭ ‬بهويتها‭ ‬وخصوصية‭ ‬شخصيتها،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬تحد‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬عولمة‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬المتجهة‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعة‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬الكل‭ ‬نسخة‭ ‬واحدة،‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬بعضها‭ ‬عن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭.  ‬وكان‭ ‬اختيارنا‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ليكون‭ ‬محل‭ ‬بحث‭ ‬ونقاش‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬علمية‭ ‬عالمية‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬الشعوب‭ ‬وأصالة‭ ‬الأمم،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬بفهم‭ ‬عميق‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬العولمة‭ ‬وما‭ ‬يماثلها‭ ‬من‭ ‬مؤثرات‭ ‬ومستجدات‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المتسارع‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الأمم‭ ‬العريقة‭ ‬قد‭ ‬عنيت‭ ‬بثقافاتها‭ ‬الشعبية‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الصُـعُـد‭ ‬فإن‭ ‬أغلب‭ ‬بلدان‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬قد‭ ‬تخلفت‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬اللحاق‭ ‬بباقي‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬وظلت‭ ‬قضايا‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬فيها‭ ‬محل‭ ‬قلق‭ ‬وإهمال‭ ‬رغم‭ ‬الجهود‭ ‬الرسمية‭ ‬المبعثرة‭ ‬وغير‭ ‬المنتظمة‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭. ‬

إن‭ ‬تجاربنا‭ ‬العربية‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬الجمع‭ ‬والبحث‭ ‬لمواد‭ ‬التراث‭ ‬الشعبي‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬المراكز‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬قد‭ ‬أثبتت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬كليا‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬الواقعة‭ ‬تحت‭ ‬ظل‭ ‬دول‭ ‬تحكمها‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬أولويات‭ ‬معيشية‭ ‬وتعليمية‭ ‬وصحية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الإدراك‭ ‬البعيد‭ ‬لقيمة‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬كمكــّون‭ ‬أساس‭ ‬لثقافات‭ ‬الشعوب‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬القناعة‭ ‬بضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الرسمية‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬بجهود‭ ‬مؤسساتية‭ ‬أهلية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالجهود‭ ‬العالمية‭ ‬ذات‭ ‬المنحى‭ ‬الفني‭ ‬والعلمي‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬تأسيس‭ (‬أرشيف‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬والنشر‭) ‬بمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬مجلة‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬في‭ ‬تعاونها‭ ‬الناجح‭ ‬مع‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للفن‭ ‬الشعبي‭ (‬IOV‭).‬

إنه‭ ‬لمن‭ ‬حسن‭ ‬الطالع‭ ‬أن‭ ‬تلتقي‭ ‬الرغبة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬لملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬مع‭ ‬إرادة‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الأهلي‭ ‬المؤسساتي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬رسالة‭ ‬للتراث‭ ‬الشعبي‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬باحتضان‭ ‬البحرين‭ ‬المقر‭ ‬الإقليمي‭ ‬للمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للفن‭ ‬الشعبي‭ ‬الخاص‭ ‬بإدارة‭ ‬بلدان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وتبعها‭ ‬تبني‭ ‬تمويل‭ ‬تأسيس‭ ‬الأرشيف‭ ‬كمؤسسة‭ ‬أهلية‭ ‬وإصدار‭ ‬مجلة‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬بالعربية‭ ‬والإنجليزية‭ ‬والفرنسية‭ ‬عام‭ ‬2008‭.‬ 

إن‭ ‬التعاون‭ ‬الفني‭ ‬واللوجستي‭ ‬مع‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للفن‭ ‬الشعبي‭ (‬IOV‭) ‬فتح‭ ‬أمام‭ ‬المنظمة‭ ‬أفق‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬على‭ ‬ساحة‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬أتاحت‭ ‬المنظمة‭ ‬لـ‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬كدورية‭ ‬علمية‭ ‬متخصصة‭ ‬فرصة‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬162‭ ‬بلدا‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ . ‬ونؤمل‭ ‬في‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬المشترك‭.‬

إن‭ ‬المستوى‭ ‬العلمي‭ ‬الرفيع‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتحديات‭ ‬العولمة‭) ‬وجو‭ ‬النقاش‭ ‬الحر‭ ‬والمفتوح‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الآفاق‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬القاعات‭ ‬الثلاث‭ ‬بمركز‭ ‬عيسى‭ ‬الثقافي‭ ‬بالمنامة‭ ‬هيأ‭ ‬لأن‭ ‬تنال‭ ‬الندوة‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬غير‭ ‬العادي‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬وأن‭ ‬يتمخض‭ ‬عن‭ ‬مجمل‭ ‬أعمالها‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ (‬عهد‭ ‬المنامة‭ ‬للثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬2012‭) ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬المعنيون‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الأهلية‭ ‬الداعمة‭ ‬للأعمال‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية‭ ‬بالثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬بلداننا،‭ ‬واعتبرناه‭ ‬في‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬قيد‭ ‬التنفيذ‭ ‬والمجلة‭ ‬تبدأ‭ ‬بهذا‭ ‬العدد‭ ‬سنتها‭ ‬السادسة‭ ‬،‭ ‬والله‭ ‬ولي‭ ‬التوفيق‭.‬

أعداد المجلة