فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
60

الأبعاد الثقافية والاجتماعية للألعاب الشعبية

العدد 51 - عادات وتقاليد
الأبعاد الثقافية والاجتماعية  للألعاب الشعبية
الجزائر

يشكل اللعب مادة هامة جدا في التنشئة الاجتماعية على مختلف مستوياتها، وهو قبل كل شيء إنعكاس للموروث الثقافي لكل مجتمع، يتشكل نتيجة تراكمات ثقافية تكرّس قيم المجتمع وعاداته. فاللعب تعبير عن الحياة الاجتماعية، وتاريخ المجتمع وثقافته، والألعاب هي وسيط لنقل هذه الثقافة إلى جيل الغد.

طالما مثّل اللعب فرصة فعالة كي يمارس الطفل فيها ذاته، ويجد مكانته، ويظهر قدراته بين أقرانه. فهو مناسبة هامة جدا لبلورة الهوية الذاتية، وتعزيز الانتماء إلى تاريخ وثقافة وتراث أصيل. ويعزز من قيمة الألعاب أنها تشكل أداة وقناة هامة لتسوية الأزمات النفسية. فالطفل لا يلعب عبثا، إنه يلعب ليستمتع ويروّح عن نفسه، ويفرج ضغوطاته ويشتغل على حل أزماته النفسية، ويلعب أخيرا ليتدرب على الأدوار الاجتماعية. ولهذا يمثل اللعب النواة الأساس التي تحضّر الطفل لحياة اجتماعية ونفسية صحّية، وتؤهله لأداء أدواره كفاعل اجتماعي في المستقبل.

أولا . سيكولوجية اللعب عند الطفل
إن سلوك الطفل في كافة مراحل حياته هو تعبير وانعكاس عما تختزنه خلاياه الدماغية من معلومات مكتسبة بعد الولادة وفطرة متوازنة وأخرى مكتسبة خلال الفترة الجنينية.

وما تذكره بعض كتب السلوك من تحديد سلوكيات الأطفال ضمن أعمار معينة بعد الولادة كالسادسة والسابعة والثامنة.. لن تتعدى كونها تقديرات وتنبؤات زمنية قد تبتعد عن الواقع والحقيقة كثيراً لسبب بسيط، هو تناسيها للوازع الفكري التربوي في اللاشعور، وكذلك الوازع الفطري عند الطفل، علاوة على تناسيها للوازع البيئي والاجتماعي(محمد مصطفى محمود 2011).

والحقيقة أن السلوك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقلية وأسلوب عمل الخلايا الفكرية بالمعلومات المخزونة داخلها خلال فترة، وهو ما يمكن الجزم به إذا ما توخينا لغة الإحصاء والاحتمالات
وهو ما أثبتته التحقيقات العلمية والتجارب الفيزيولوجية على الخلايا عبر عقود من الزمن فكلما زاد عمر الشخص زاد ادراكه ونضوجه الفكري والذي يفهم منه بصورة عشوائية علاقة العمر بالسلوك إلا أن حسن التربية العائلية والبرامج الثقافية والتعليمية يسرعان من عملية النضج الفكري أو الذهني ليصبح العمر الذهني أعلى من العمر الزمني، والحقيقة أن السلوك الشخصي هو انعكاس لمدى استيعاب خلايا الدماغ المعلوماتية التي يصدر عنها السلوك.

إن لمرحلة الطفولة أهمية خاصة، كونها تشكل الدعامة الأساسية التي يبنى عليها مستقبل الطفل، من خلال إمكانية التنبؤ بخصائص شخصيته المستقبلية، اعتمادا على الخبرات المبكرة التي يتعرض لها في حياته لان الطفولة تمثل الحجر الأساس في بنية شخصية الفرد واستقراره الانفعالي وعلاقته الاجتماعية التي تتأثر بالبيئة، ونمط التربية التي ينشأ عليها ويترعرع فيها حتى يصبح فردا له مكانته في المجتمع.

ويعد اللعب من أهم الأنشطة التي يمارسها الطفل فيستهويه ويثير تفكيره ويوسع خياله، ويسهم بدور حيوي في تكوين شخصية الطفل بأبعادها وسماتها المختلفة. وهو وسيط تربوي مهم، يعمل على تعليمه ونموه ويشبع احتياجاته، ويكشف أمامه أبعاد العلاقات الاجتماعية والتفاعلية القائمة بين الناس. وهو عامل أساسي في تعليم وتنمية التفكير بإشكاله المختلفة.

ويعد اللعب وسيلة لإعداد الطفل للحياة المستقبلية، وهو نشاط حر وموجه، يكون على شكل حركة او نشاط يمارس فرديا أو جماعيا، مع الأقران من الأصدقاء، أو الأشقّاء أو حتى الزملاء في الفضاءات الاجتماعية المختلفة. ويستغل طاقة الجسم العقلية والحركية، ويمتاز بالسرعة والخفة، لارتباطه بدوافع الفرد الداخلية. ومن خلال اللعب، يكتسب الطفل المعلومات، والتي تصبح في مرحلة أخرى، جزءا من حياته، وقاعدة معلوماتية في معاملاته، ومواقفه المستقبلية.

واللعب في الحقيقة، لا يختص بالطفولة فقط، فهو موجود في كل نشاط أو فاعلية يؤديها الفرد. يقول فولكييه «Volkiye»: «لا يزول اللعب بزوال الطفولة، فالراشد نفسه لا يمكن أن يقوم بفاعلية هائلة، إلا إذا اشتغل وكأنه يلعب».
لقد عبر روسو «Rousseau» في آرائه التربوية عن التربية والتعليم بقوله: «كي نربي الأطفال تربية سليمة وصحيحة، يجب على القائمين بالعملية التربوية دراسة الأطفال و عالمهم وميولهم، من خلال ملاحظة ما يقومون به من ألعاب، وممارسات يومية. كذلك يجب ان ترضي العملية التربوية الرغبات والميول»(وائل فهمي 2011).

يقضي الطفل معظم ساعات يقظته في اللعب، بل قد يفضله أحياناً على ‏النوم والأكل، فهو أكثر أنشطة الطفل ممارسة. فمن خلاله يتعلم الطفل مهارات جديدة، ‏ويساعده على تطوير مهاراته القديمة. إنه ورشة اجتماعية يجرب عليها الأدوار ‏المختلفة، وضبط الانفعالات، والتنفيس عن كثير من مخاوف الأطفال وقلقهم. وكان أفلاطون أول من أشار إلى اللعب وقال يجب ان يكون ضمن تعلم الأطفال خاصة في المراحل الأساسية لما لها من قيم علمية كبيرة.

القيم التي يحملها اللعب للطفل
اولاً. القيمة التربوية:
يعرف الطفل من خلال اللعب الأشكال المختلفة والألوان والأحجام، ولا يكتسب اللعب قيمة تربوية، إلا إذا استطعنا توجيهه على هذا الأساس، لأنه لا يمكننا أن نترك عملية نمو الأطفال للمصادفة. فالتربية العفوية التي اعتمدها روسو، لا تضمن تحقيق القيمة البنائية للعب، وإنما يتحقق النمو السليم للطفل بالتربية الواعية التي تضع خصائص نمو الطفل ومقومات تكوين شخصيته في نطاق نشاط تربوي هادف. أجريت دراسات تجريبية على أطفال من سن الخامسة إلى الثامنة، في 18 مدرسة ابتدائية وروضة أطفال، منها 6 مدارس تجريبية، تقوم على استخدام نشاط اللعب أساساً كطريقة للتعليم(أحمد بن صالح العفران 2014).

وقد تراوح وقت هذا النشاط ما بين ساعة إلى ساعة ونصف يومياً. 12 مدرسة تؤلف المجموعة الضابطة، التي لم يكن فيها تقريباً توظيف للعب كنشاط للتعلم
وكشفت نتائج مجموعة المدارس التجريبية، عن مستويات متقدمة للنمو في جوانب شخصية الطفل، كلها مقارنة بالمستويات الأقل التي ظهرت لدى المجموعة الضابطة إلى ما يأتي :
- نمو مهارة جمع المواد بحرص عند الطفل، لكي يجعل منها شيئاً تعبيرياً يثير اهتمامه.
- الرسم الحر بالأقلام والتعبير الحر عما يراود الطفل من أفكار في رسومه
- نمو مهارة الإجابة عن الأسئلة الموجهة إلى الأطفال، و تكوين الجمل المفيدة والتعبير الحر المباشر عن أفكارهم.
- نمو مهارة عقد علاقات قائمة على الصداقة والود مع الأطفال والكبار ممن لا يعرفونهم.
- ظهور سلوك اجتماعي ناضج في علاقاتهم مع الأطفال الآخرين.
- تمكن الأطفال من مهارات الكتابة بسرعة ونظافة وإتقان، من خلال التقليد والمنافسة بين الأطفال في ذلك.
- القدرة على تركيز الانتباه على الأعمال المطلوب القيام بها من قبل الأطفال.
- اكتساب مهارات جسمية حركية والإفادة من تدريبات الألعاب الرياضية.
- الانتظام في إنجاز الأعمال والواجبات المطلوبة منهم، بدقة وفي المواعيد المحددة.
- زيادة الحصيلة اللغوية والقدرة على التعبير عن موضوعات معينة.
وهكذا نرى أن اللعب يصبح وسيطاً تربوياً، إذا خضع لأهداف تربوية محددة، تحقق في إطار خبرات تربوية منظمة، وفي هذه الحال يصبح للعب مدخلا وظيفيا لتعلم الأطفال تعلماً فعالاً
فمن خلال اللعب يستطيع الأطفال الاستقصاء والاكتشاف، مثل اختبار بعض النظريات، والتعرف إلى الأشكال والألوان، واكتشاف السبب والتأثير والعلاقات الاجتماعية والقيم العائلية.

ثانياً . القيمة الاجتماعية:
يتعلم الطفل من خلال اللعب، كيف يبني علاقات مع الآخرين بنحو ناجح. فاللعب يساعد على نمو الطفل من الناحية الاجتماعية. فمن خلال الألعاب الجماعية، يتعلم الطفل النظام، ويؤمن بروح الجماعة واحترامها، ويدرك قيمة العمل الجماعي والمصلحة العامة. وإذا لم يمارس الطفل اللعب مع الأطفال الآخرين، فإنه يصبح أنانياً ويميل إلى العدوان، ويكره الآخرين. لكنه بوساطة اللعب، يستطيع أن يقيم علاقات جيدة ومتوازنة معهم، وأن يحل ما يعترضه من مشكلات، ضمن الإطار الجماعي، وأن يتحرر من نزعة التمركز حول الذات.

ثالثاً. القيمة الخلقية :
يتعلم الطفل أيضا من خلال اللعب، مفهوم الخطأ والصواب، والعدل والصدق. فيساهم اللعب، في تكوين النظام الأخلاقي المعنوي لشخصية الطفل. فمن خلال اللعب يتعلم الطفل من الكبار معايير السلوك الأخلاقي، كالعدل والصدق والأمانة وضبط النفس والصبر، كما أن القدرة على الإحساس بشعور الآخرين، تنمو وتتطور من خلال العلاقات الاجتماعية التي يتعرض لها الطفل في السنوات الأولى من حياته.
وإذا كان الطفل يتعلم من خلال اللعب كيف يميز بين الواقع والخيال، فإنه من خلال اللعب وفي سنوات الطفولة الأولى، يظهر الإحساس بذاته كفرد مميز، فيبدأ في تكوين صورة عن هذه الذات وإدراكها على نحو متميز عن ذوات الآخرين، رغم اشتراكه معهم بعدة صفات.

رابعاً. القيمة الإبداعية :
يجرّب الطفل أفكاره وينمي أساليبه من خلال اللعب، حيث يولّد لديه الإبداع والخيال. فبناء قصر من الرمل أو منزل صغير من عُلب الأحذية، أو ارتداء ملابس الأم تساعده على توسيع حدود عالم الطفل واختبار السعادة، عند تحويل ما كان خيالاً إلى واقع. فاللعب يساعد على تطوير مهارات الطفل في استخدام يديه وأصابعه، كما يساعد على التناسق بين اليد والعين.

خامساً. القيمة الذاتية :
يحدد الطفل خلال اللعب إمكاناته وطاقاته، فاللعب يساعد الطفل على أن يدرك عالمه الخارجي وكلما تقدم الطفل في العمر استطاع أن ينمي كثيراً من المهارات، أثناء ممارسته لألعاب وأنشطة معينة. ويلاحظ أن الألعاب التي يقوم فيها الطفل بالاستكشاف والتجميع وغيرها من أشكال اللعب الذي يميز مرحلة الطفولة المتأخرة، تثري حياته العقلية بمعارف كثيرة عن العالم الذي يحيط به. يضاف إلى هذا ما تقدمه القراءة والرحلات والموسيقى والأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية، من معارف جديدة. وفي إحدى الدراسات التي أجريت على أطفال الرياض والمدارس في بريطانيا بين سن الرابعة والسبع سنوات، لوحظ أن الأطفال الذين أبدوا اهتماماً خاصاً باللعب بالسفن وبنائها ونظام العمل فيها، ازدادت حصيلتهم اللغوية(أحمد بن صالح العفران).

وخلاصة الأمر يجب تنظيم نشاط اللعب على أساس مبادئ التعلم القائم على حل المشكلات، وتنمية روح الابتكار والإبداع عند الأطفال. فضلا عن أهميتها بالنسبة للطفل من الناحية الجسمية. فاللعب قبل كل شيء، نشاط حركي ضروري في حياة الطفل، لأنه ينمي العضلات ويقوي الجسم ويصرف الطاقة الزائدة عنده.

ويرى بعض العلماء أن هبوط مستوى اللياقة البدنية وهزال الجسم وتشوهاته، هي بعض نتائج تقييد الحركة عند الطفل. لأن البيوت الحالية المؤلفة من عدة طوابق، قد حدّت من نشاط الطفل وحركته. فهو يحتاج إلى الركض والقفز والتسلق، وهذا غير متوافر في الطوابق الضيقة المساحة. فمن خلال اللعب يحقق الطفل التكامل بين وظائف الجسم الحركية والانفعالية والعقلية، التي تتضمن التفكير والمحاكمات، ويتدرب على تذوق الأشياء ويتعرف على لونها وحجمها وكيفية استخدامها.

سادساً. القيمة العلاجية النفسية :
يستطيع الطفل من خلال اللعب، أن يتحرر من بعض القيود. وقد استخدمت طريقة العلاج باللعب أو اللعب العلاجي «Play therapay» وهي طريقة فعالة للعلاج النفسي بالنسبة للأطفال الذين يعانون من بعض المخاوف والتوترات النفسية.

واستخدم «فرويد » «Freud» اللعب كطريقة في العلاج النفسي لأول مرة، مع ابن صديق له، كان يخاف من الخيول إذ قام الطفل «هانز» بتمثيل دور الحصان في ألعابه التلقائية لمرات متعددة، وفي أشكال مختلفة، تحاكي تلك الأشكال التي كانت تثير مخاوف هذا الطفل. وبعد ذلك تخلص الطفل من مخاوفه من الخيول التي أصبحت مألوفة لديه عكس ما كانت عليه في الماضي.

الألعاب الشعبية وعملية التلقي عند الطفل :
الألعاب الشعبية هي عبارة عن تقليد اجتماعي، يتناقله الأطفال جيلًا بعد جيل، بغض النظر عن مواقف الكبار من حولهم. وهو مجرد أداء يقوم به الأطفال في الهواء الطلق، وفي الشارع والحارات والساحات العامة والحقول وأمام المنازل وفي ساحة المدرسة. وهذا لا يعني أن اللعب يتم بصورة فوضوية أو غير مقننة، بل هو لعب ينظم بصورة ذاتية، ويخضع لشروط وقواعد يلتزم بها اللاعبون بعقد أخلاقي غير مكتوب، بل متفق عليه ضمنيًا وبصورة تلقائية بين الأطفال، وهو ما يضفي على اللعب شرعية قانونية، وانضباطا ذاتيا.

ويتعلم الأطفال هذه الألعاب من خلال مستويات كثيرة، عن طريق المشاهدة المباشرة والمشاركة الجزئية ثم الفعلية في الألعاب التي يميلون لممارستها مع أقرانهم. ويتسم اللعب الشعبي بعدة خصائص منها:
أنه متنوع في أشكاله وأنماطه في مختلف الأعمار، ويحتاج إلى وسائط لفظية ورمزية، ويمارس بصورة جماعية في الغالب. وله أبعاده المختلفة بخلاف المتعة والتسلية، فهو يمنح الأطفال القدرة على النمو الاجتماعي، وبناء الشخصية.
كما أنه يتميز بالحرية أثناء الممارسة، وتغيب عنه الحوافز المادية، ويوجد له قوانين وحدود في كل لعبة، ويتأثر بالبيئة التي يمارس فيها.

كما يتميز بقدرته على تنمية الابتكار لدى الأطفال، فيقوم الطفل بصنع الأدوات اللازمة للعبة من المواد الأولية المتاحة له في البيئة التي يعيش فيها. كما تتميز هذه الألعاب بارتباطها بالأهازيج الشعبية، والأناشيد التي تتوارثها الأجيال.
ويغلب كثيرًا على الألعاب الشعبية، أنها قابلة للشيوع والانتشار في المناطق التي تتشابه في القيم والعادات و التقاليد. فليس مستغربًا أن نجد لعبة تمارس في بلاد الشام وفلسطين، ويمارسها الأطفال في المجتمع الخليجي، ونجدها أيضًا في بلاد المغرب العربي.

أما فيما يتعلق بخصائص اللاعبين، فنجد أنهم يتماثلون في المرحلة العمرية، ونجد أن بعض الألعاب تتخصص فيها الفتيات، وأخرى للأولاد. وفي بعض الألعاب يشترك كلا الجنسين، أو تخص مرحلة عمرية معينة. وربما يشترك الأطفال في مرحلة اللعب جميعهم، بأنهم يمرون في مرحلة حرجة تجاه اكتشاف الذات، والإحساس بها. ويتميزون بحب المنافسة، والتعاون وإثبات الوجود، وتكوين الصداقات والقبول والانفعالات السريعة.

الدلالات التربوية للألعاب الشعبية : تشمل الألعاب الشعبية الكثير من الدلالات التربوية للطفل نذكر منها:
- تنمية الإدراك والانتباه وسرعة الاستجابة، إضافة إلى تنمية المحصول اللغوي للطفل.
- التدريب على المهارة في الأداء والمنافسة الشريفة، وكذا تحقيق الذات واحترام اللعب والديمقراطية، وتحسين القدرة على التواصل مع الآخرين (عزيز فرج الدين 2010).
- إكساب الطفل خبرات جديدة لمواجهة المواقف الطارئة والمفاجئة، ومساعدته على الانتباه ودقة الملاحظة.
- تنمية التفاعل اللفظي واللغوي عند الأطفال، ومساعدتهم على الخروج من دائرة التمركز حول الذات، والتقيد بأنظمة اللعب في إطار جماعي، يتسم بالروح الإيجابية والتفاعل.
- التعاون داخل الفريق، وتكوين صداقات وإدراك لأهمية الجماعة وتحمل المسؤولية.
- ترقية الوظائف العقلية، كالإدراك والتفكير والكلام.
- تنمية دقة الملاحظة وسرعة البديهة والمراقبة والتخمين، من خلال إدراك العلاقة بين المتحرك والثابت، وزيادة الانتباه والتركيز والوعي.
- إتاحة الفرصة للمشاركة والتعبير عن النفس.
- تشكيل علاقات وصداقات جماعية وفردية مع الآخرين.
- تعلم لعب الأدوار، والشعور بالرضا وقبول الخسارة والربح والتعاون.
- المنافسة والتحدي، والانتباه واليقظة وإثبات الذات.
- تحقيق الرغبات وتخليص النفس من التوتر والشعور بالكفاءة، إضافة إلى تعلم مضمون القواعد الأخلاقية للسلوك، في النظام الاجتماعي والعملي.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن عملية التلقي تعتمد بشكل كبير على التمثلات التي يسعى إليها المتلقي، وذلك لبناء منظومة تصورية، عمّا يريد أن يكون عليه. هذه التمثلات المرتبطة بما يتلقاه الطفل في ممارساته الاتصالية والتي تحدد اتجاه التلقي، عادة ما تكون نتيجة عدم وجود قدوة حقيقية للمتمثّل في بيئته المحيطة به، فيبحث عنها عبر بديل أخر عادة ما تمثّله الألعاب على اختلافها (علي بستان 2010).

لقد بينت التجربة انه لا يكفي تلقي معلومة جديدة، كي تتغير الممارسة والتمثل الاجتماعي. فسيرورة تحول التمثلات والممارسات، مسألة في غاية التعقيد، وتبقى حقلا واسعا للبحث. ولا يبدو أن هناك عملية مباشرة لتأثير، إحداهما في الأخرى (تأثير التمثلات في الممارسات أو تأثير الممارسات في التمثلات) انطلاقا من عامل الممارسة الاجتماعية.

إن التمثلات الاجتماعية هي رؤية للعالم، ومجموعة منظمة من المعلومات والمعتقدات والمواقف والآراء، تمكن الفرد من أن يعطي معنى لسلوكه، ويفهم الواقع وفق مرجعية ينتمي إليها. فهي دليل للفعل ضمن وضعية تحدد التفاعل بين الأفراد، والرهانات التي تضبط مسبقا. وخلال عملية التواصل، يلعب التمثل دور المصفاة التأويلية، فالفرد يؤول الوضعية ويفك رموزها، ويفهم سلوكيات محاوريه وفقا لتمثله للوضعية، وهكذا فإنّه غالبا ما تحدد التصورات والسلوكيات، وتقود الممارسات الاجتماعية(Abric G c 1999).

فكثيرا ما يجد المتلقي نفسه، يتمثّل الشخصيات أو المواقف التي يتعرض لها و يتلقاها عبر وسائل الإعلام. وقد تتحول هذه التمثلات إلى تقمّص حقيقي للمضامين التي يتلقاها الجمهور. لهذا يفرق المختصون بين نوعين من التمثّل : الإيجابي، الذي يساعد المتلقي على بناء شخصيته، وفق أسس يتلقاها عبر المضامين الإعلامية، وتمثّل سلبي، يصل درجة التقمّص، يفقد فيه المتلقي شخصيته وخصائصه الأصلية، لحساب ما تمثّل له.

الخلاصة :
من خلال هذه الدراسة توصلنا إلى مجموعة من النتائج التي سنتناولها بالتحليل فيما يلي
1. تمثل الألعاب الشعبية مصدرا مهما لتكوين الطفل اجتماعيا، وذلك لما تقدمه من مبادئ التعاون والمشاركة والالتزام. كل هذه المبادئ وغيرها تعمل في النهاية على خلق منظومة قيمية تفيد الطفل في مستقبله كفاعل إيجابي في المجتمع.
2. هناك مجموعة من القيم التي يحملها اللعب كسلوك اجتماعي وممارسة جماعية، أهمها القيمة التربوية التي تكمّل الدور التربوي للأسرة والمدرسة، خاصة وأن مجمل هذه الألعاب مستمدّة من بيئة المجتمع وتهدف إلى تحقيق غايات وأهداف تربوية قيّمة.
3. هناك حاجة إلى تعزيز الألعاب الشعبية التي بدأت تندثر بسبب غزو الألعاب الالكترونية. فالألعاب الشعبية تعتبر مكمّلا تربويا وحلقة وصل أساسية بين مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، لهذا يؤكد خبراء التربية أن حرمان الطفل من اللعب قد يتسبب في قصور اجتماعي فيما يتعلق بأداء أدوراه الاجتماعية مستقبلا.
4. يساهم اللعب في النضج المبكّر لذكاء الطفل من خلال الممارسة الفعلية للأدوار الاجتماعية قبل أوانها كأن يؤدي دور الأب أو المعلم أو الطبيب... هذا ما يساهم في عملية الإدارك الاجتماعي للطفل وتجعله مستعدا لتقبّل الأدوار الاجتماعية، وحتى انتقاء بعض الخيارات التي تثيره قبل أوانها.
5. هناك العديد من الدلالات التربوية للألعاب الشعبية على غرار تنمية الإدراك والانتباه وسرعة الاستجابة، إضافة إلى تنمية المحصول اللغوي للطفل والتدريب على المهارة في الأداء والمنافسة الشريفة، وكذا تحقيق الذات واحترام اللعب والديمقراطية، وتحسين القدرة على التواصل مع الآخرين. فضلا عن إكساب الطفل خبرات جديدة لمواجهة المواقف الطارئة والمفاجئة.

الهوامش

1. أحمد بن صالح العفران، مناهج تربوية، دار الهدى، المملكة العربية السعودية، 2014، ص 49
2. حمد مصطفى محمود، سيكولوجية الطفولة، مركز تنمنية وتطوير الموارد البشرية، مصر، 2011، ص 43
3. عزيز فرج الدين، الألعاب الشعبية، ودورها التربوي، مجلة التربية، جامعة عين شمس، مصر، 2010، ص 197
4. علي بستان، التلقي والتمثل الاجتماعي، دار النور للطباعة والنشر، مصر، 2010، ص 67
5. وائل فهمي، الأهداف النفسية والاجتماعية للعب عند الطفل، الطبعة الثانية، دار الأمل للطباعة والنشر، القاهرة، مصر، 2011، ص 98
6. Abric J-C psychologie de la communication théories et méthodes  2 éme Edition. Paris Armand Colin 1999 p :13

الصور

1. https://pbs.twimg.com/media/BI1UcP-CYAEp1za.jpg
2. https://i.ytimg.com/vi/-nGN1Bb4N08/maxresdefault.jpg
3. https://www.albayan.ae/polopoly_fs/1.2100063.1475828526!/image/image.jpg
4. https://i2.wp.com/abunawaf.com/wp-content/uploads/2017/03/before_smartphones-14031718.jpg?w=530&ssl=1

أعداد المجلة