فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
60

مسدار البحر وموال الصحراء

العدد 29 - أدب شعبي
مسدار البحر وموال الصحراء
كاتب من السودان

من الواضح أنني في هذا العنوان ومن ثم الدراسة أصنع مفارقة وأقلب المفاهيم رأساً على عقب، فقد صار، حسب العنوان، المسدار الذي يقوله الشاعر وهو على ظهر ناقته التي تجوب به الصحراء أو قل البادية، صار المسدار بحرياً، وفي الوقت نفسه صار الموال الذي يؤديه النهام بمشاركة الجماعة في البحر غالباً، شعراً صحراوياً.وكلاهما المسدار وما يقوله النهام وجماعته شعر من حيث الشكل والبناء، أما من حيث المضمون فهذا الشعر لا يخرج في موضوعه عن الفراق، فالشاعر في الحالتين يعبر عن لوعة وعذاب الفراق، فالنهام يفارق دياره وكل من سكنها من الأهل والولد والحبيب، وشاعر المسدار يفارق دياره وهو ينطلق نحو دار محبوبته..

فالشاعران يعيشان حالة الفراق وكلاهما في شوق للوصول نحو الهدف والغاية، النهام يحلم بالدانة التي خرج لأجلها راكباً البحر، أما شاعر المسدار فهو على ظهر ناقته يحلم بدانةٍ أخرى هي المحبوبة التي سدر لأجلها أي خرج تاركاً الأهل والولد.
 أضف لهذا أنني بالحديث عن المسدار البحري أخرج مصطلح المسدار من سياقه الطبيعي أي الصحراء وأدخله في سياق جديد هو البحر وذلك لفهم المصطلح “المسدار” جرياً على ما ذهب إليه زكريا إبراهيم في مؤلفه مشكلة البنية (زكريا: د.ت) فهو يقول “وكما أن فهم معنى أي لفظ يستلزم في العادة تحويل اللفظ إلى سياقات مختلفة، فإن من واجب العالم الأنثروبولوجي أيضاً اتخاذ مثل هذا المسلك.” (نفسه: 89). ويدلل إبراهيم زكريا لما يقول بالمقارنة بين النسر والبومة وذلك في قوله “ولنضرب لذلك مثلاً فنقول إنه إذا كان النسر حيواناً يظهر في النهار والبومة حيوانٌ يظهر في الليل مع وجود وظيفة واحدة بعينها تنسبها إليهما الأساطير، فإن في الإمكان القول بأن النسر بومة نهارية كما أن البومة نسر ليلي، وعندئذٍ يكون المهم في الأسطورة هو التقابل القائم بين النهار والليل.” (نفسه: 89).
  على كل إن هذه المقالة تحاول أن تقارب بين جنسين فولكلوريين هما المسدار الذي يؤدى في بادية السودان خاصة في منطقة البطانة، والغناء البحري الذي يؤديه أو بالأحرى كان يؤديه البحارة الذين يقومون بالغوص بحثاً عن اللؤلؤ في منطقة الخليج، وقد بادر الكثيرون بدراسة المسدار مثل عبد المجيد عابدين وعزالدين إسماعيل والطيب محمد الطيب، وسيد حامد حريز الذي أفرد دراسة مطولة للمسدار (حريز:1976) وقد عرف حريز المسدار قائلاً «فالمسدار (وجمعه مسادير) يمثل نوعاً معيناً من القصائد التي تسير على نمط الرجز الرباعي وتعني بسرد ومتابعة رحلة الشاعر الى ديار محبوبته أو إحدى صديقاته من الغواني.» (نفسه:14) وذهب حريز إلى أن الرحلة قد تكون مكانية أو زمانية، والمكانية هي بالطبع التي تصف رحلة طويلة قد تأخذ أياماً تبدأ بانطلاق الشاعر على ظهر ناقته إلى ديار المحبوبة وهنا يصف الشاعر جميع الأماكن والمعالم الطبيعية وصفاً دقيقاً، كما سنوضح.أما الزمانية فيقول حريز إنها الرحلة التي «تعنى بتتبع فصول العام مع ذكر عواطف الشاعر المتأججة ولوعته لفراق محبوبته، فهو ثابت في حبه رغم تعاقب منازل وفصول العام.» (نفسه:14). نخلص للقول أن المسدار جنس شعري فولكلوري يصف رحلة الشاعر، زمانية أو مكانية، إلى ديار المحبوبة أما الغناء البحري فهو ذلك الضرب من الغناء الذي يؤديه البحارة أثناء العمل وربما قبله أو بعده، ومغني البحر أي الذي يقود هذا الغناء هو النهام، وقد عالج كثيرون مختلف ضروب هذا الغناء البحري مثل علي عبدالله خليفة وله دراسة هامة بعنوان «النصوص الشعرية المغناة في فن (لفجري).» (خليفة:2009) وصالح حمدان الحربي ودراسته بعنوان «غناء غواصي اللؤلؤ» (الحربي:2012) وقد أفدنا من الدراستين فائدة كبيرة لما تميزت به الدراستان من عمق وإضافة، ونجد خليفة يعرف (لفجري) قائلاً « تميز فن (لفجري) بين فنون السمر الجماعية في البيئة البحرية لمنطقة الخليج والجزيرة العربية بارتباطه بغناء عمال البحر يجيدون أداءه ويمارسون فنونه في أوقات الراحة على اليابسة خارج موسم الغوص على اللؤلؤ أو في أوقات الراحة خلال الموسم»(خليفة:25) ونجد الحربي يشير الى «أن أنواع الشعر الغنائي عند البحارة (تنحصر) في شكلين أساسيين هما الزهيري والمويلي» (الحربي:57) والنهام كما ذكرنا هو حادي هذا الغناء البحري، والنهام يلعب دوراً محورياً في أداء هذا الغناء ويعرف خليفة النهام بقوله» أن النهام هو مغني البحر وقائد جوقة الأداء في أغاني السمر المسماة (لفجري) وهي مجموعة فنون غنائية تؤدى على اليابسة في دور مخصصة للطرب الشعبي يقدمها الرجال، وبدون الدور المحوري الذي يقوم به النهام لايمكن أن تؤدى هذه الفنون»(خليفه:26) وفي جانب آخر نجد علي شبيب المناعي يدرس الغوص واللؤلؤ في الشعر الشعبي (مناعي: 1992) وهو يذهب إلى أن أغلب هذا الشعر أبدع في جنس شعري بعينه هو الموال الذي يقول عنه إن أغلب نصوصه «ترجع في واقع منطقة الخليج إلى أدب الغوص لاشتماله على معاناة إنسان هذه الأرض مع البحر وتعبيره في الغالب عن تلك المعاناة إلا ما كان منه في الرثاء أو المدح أو التعبير .. الخ.» (نفسه: 9).
ومن الواضح أن الغناء البحري جنس فولكلوري ينتمي إلى فنون الأداء بينما نجد المسدار جنس فولكلوري ينتمي إلى الشعر الشعبي، ولكن هذا بالطبع لا يحول دون المقاربة بين الجنسين، ذلك أن هناك الكثير من الملامح المشتركة بينهما، وأول هذه الملامح هو المضمون فالمسدار هو - كما ذكرنا – وصف الرحلة إلى ديار المحبوبة ويذهب حريز إلى أنه من الممكن النظر إلى المسدار بوصفه شعرا قصصيا وذلك حين يقول: “ويرى الدكتور عبد الله الطيب أن العرب عندما جعلوا يسلكون في الرجز مسلك التطويل كان ذلك بسبب احتياجاتهم إليه في القصص الشعبي وأخبار الفتوح (....) فالمسادير عبارة عن قصائد مطولة من الشعر القصصي.” (حريز: 56).
مهما يكن من أمرٍ فإن شاعر المسدار وهو على ظهر الناقة يصف شوقه ولهفته للوصول إلى ديار محبوبته، ولهذا فإن مضمون المسدار هو السفر أو الفراق.
أما بالنسبة لشعر الغناء البحري فهو يصور في كثير من الحالات فراق الشاعر لوطنه الذي تركه خلفه راكباً البحر، في واقع الأمر إن أغلب الغناء البحري ينتمي لغناء العمل أي الغناء الذي يؤديه البحارة أثناء العمل، وقد يؤدون بعض الغناء على اليابسة، ويذهب حربي إلى أن البحارة يسمون أغاني البحر بالنهمة، يقول حربي: “وأطلق أيضاً بحارة الخليج إسم النهمة على كل أشكال أغاني البحر والنهم هو نوع من الدعاء اختطه البحارة ليعبر عن كثير من حالاتهم النفسية وللتخفيف عن متاعب وآلام المهنة.”(حربى: 57) وانتبه الحربي إلى علاقة هذا الغناء بالعمل، يقول حربي “والنهمة ترتبط أساساً بالعمل على السفينة ولذا فلها قواعد ثابتة وخاصة بالأداء فكل أغنية لها الشكل والعمل المناسبين التي تؤدى أثناءه.” (نفسه:57) ولاشك أن مثل هذه الأغاني تلعب العديد من الوظائف أهمها الترفية ومقاومة إرهاق العمل وما يسبب ذلك من ضجر وقلق، وأشار حربي إلى هذه الوظائف قائلاً “وتلعب هذه الأغاني دوراً أساسياً بالقيام في تسهيل العمل وسرعة إنجازه.” (نفسه: 63).
 وثمة أمر يشترك فيه المسدار والغناء البحري ألا وهوالموهبة التي يجب أن تتوفر في المؤدي في كليهما، غني عن القول إن محض مبدع شعبي لابد من أن يتوفر له العديد من المؤهلات بل والمواهب وإلا لما أجازه المجتمع أو الجمهور الذي يشاركه هذا الإبداع. نجد حريز يتحدث عن ضرورة الموهبة لشاعر المسدار وذلك مما يساعده في صنع تشبيهات تبلغ القمة في الروعة، يقول حريز “وهناك جانب آخر بلغ فيه شعراء المسادير غاية الروعة وهو تصوير الأفعال. ولا شك أن الخروج بالتشبيهات من طور المحسوسات إلى المعنويات يستلزم مقدرة فنية فائقة.”(حريز: 41) ويشير حريز إلى تفوق آخر لشعراء المسادير وذلك في قوله “ولقد أبدع شعراء المسادير بوجه خاص في رسم الصور التي تعتمد على الحركة، وتمكنوا من تجسيم هذه الصور بطريقة تنقل للقارئ والمستمع أدق تفاصيل التجربة التي يصورها الشاعر.” (نفسه: 41).
وقد توقف الكثيرون أمام موهبة أمير شعراء المسادير ألا وهو محمد أحمد عوض الكريم أبو سن المشهور بالحاردلو (حاردلو: 1983م) من هؤلاء عبد المجيد عابدين وأبراهيم القرشي وإبراهيم الحاردلو والأخير أعد دراسة حقق فيها وشرح ديوان الحاردلو الكبير، ونجده يقول عن مسدار الصيد للشاعر أنه “رائعة الشاعر التي تمثل في رأينا قمة ما أنتجته قريحته، وظلت هذه القصيدة منذ أن خرجت للناس الغاية التي ما بعدها من مرام، فكانت نشيد الإنشاء في موضوعها. وأنست الناس منذ أن ولدت عن كل ما سواها.”(نفسه:8) أما إبراهيم القرشي فإنه يمثل الحاردلو بإمرئ القيس، (القرشي:2004) يقول القرشي “لا يذكر الشعر العربي، خصوصاً الجاهلي، إلا وذكر إمرئ القيس ولا يذكر الشعر السوداني، خصوصاً الشعبي، إلا ويذكر الحاردلو، فقد تربع الرجلان–  على تباعد عصريهما – على عرش الصدارة وتسنما ذروة سنام الشعر دون منازع.”(نفسه: 125).
أما عن النهام وهو مؤدي أغلب أشكال الغناء البحري، لابد له من موهبة ومؤهلات تميزه، وقد انتبه علي عبد الله خليفة لهذه الموهبة والمؤهلات ونجده يقول “ويتميز هذا الدور الذي يلعبه مغني البحر بارتكازه على موهبة صوت جهوري صارخ وعميق يسبغ على الروح عند سماعه حنواً إنسانياً ويبث في النفس راحة وهدوء ممزوجين بشجن عميق.” (خليفة:7) وتجدر الإشارة هنا إلى أن النهام يؤدي مع الجماعة شعراً أبدعه شاعر متخصص، نلمس هذا في قول خليفة “كان شعراء الموال يجيدون التعبير بعمق عن كل ما في الحياة من شجن. وكان النهامون بصفة عامة في تواصل حميم مع شعراء الموال.” (خليفة: 8) وعلى الرغم من تقسيم العمل الواضح هنا إلا أنه من الظلم النظر للنهام كمجرد مؤدٍ يحفظ ما يبدعه الشاعر؛ فهو مثله مثل أي مبدع شعبي لا يحفظ النص بل يعدل فيه حسب ما يلائم الأداء.
وثمة موهبة أخرى لابد من توفرها لدى مبدع أي من الجنسين المسدار وشعر الغناء البحري ألا وهي ملكة المعرفة الجيدة بطبيعة المكان وبكل تفاصيل الطبغرافيا، وقد توقف حريز أمام هذه المعرفة “بالنسبة لشاعر المسادير (فهو) يعرف بيئته جملة وتفصيلاً، يعرف طيرها وحيوانها وأشجارها ووديانها (.....) فالعلاقة بين الشاعر وبيئته إذاً علاقة إنسانية أو شبه إنسانية تتسم بالتفاعل والحوار.” (حريز: 36) ويضيف حريز أنه لابد لشاعر المسدار من إلمام ومعرفة عميقة بالمكان وخاصة في المسدار الذي يصف الرحلة عبر المكان، يقول حريز “أن مثل هذا المسدار ينطوي على معلومات جغرافية متكاملة عن البيئة التي تدور فيها حوادث المسدار، فالمسدار الذي يصف الرحلة عبر المكان يعطي مسحاً جغرافياً يتناول أسماء الأماكن ومواقع التلال والخيران وطبيعة الأرض... الخ.” (حريز: 20) والأمر نفسه يذهب إليه حسن سليمان ود دوقة في كتابه عن ودشورانى وهو واحد من أكبر شعراء المسادير.”(ود دوقة: 2006) يقول ود دوقة أن ود شوراني يملك “معرفة واسعة بالسهول والوديان والجبال والغابات وأماكن المشاهير، وهذه المعرفة بطبغرافية المنطقة مكنته من ذكر تلك الأماكن في مساديره بصورة مرتبة مما يجعل السامع أو القارئ يحس وكأنه يرافق الشاعر في تلك الرحلات.” (نفسه: 9).
وفي جانب آخر لابد لشاعر الغناء البحري من المعرفة والموهبة التي تحدثنا عنها بالنسبة لشاعر المسدار، فنجد حربي يخلص للقول أن الغناء البحري هو “الصورة الناطقة والمعبرة عن سير وتاريخ وجغرافية الإنسان في هذه المنطقة.”(حربي: 54) ويضيف حربي أن هذا الشعر أصبح “خريطة يستفيد منها كل من يركب البحر كما توضح أيضاً له الأنوار (هكذا) وطرق اتجاهاتها.” (نفسه: 54).
وأمر آخر يشترك فيه المسدار والغناء البحري ألا وهو مكانة الشعر لدى الجماعة التي تبدعه فهو ذاكرتها وأرشيفها هذا مع ما للشعر الشعبي من حظوة. يقول حريز إن المسدار “أداة تثقيفية لا غنى عنها للرجل البدوي وللقارئ الذي ينشد المعرفة. وهو فوق كل هذا وذلك وثيقة حضارية لابد منها لدارسي التراث، يمكن الاستفادة منه في الدراسات الجغرافية واللغوية والفلكية بوجه خاص.”(حريز: 23) أما الطيب محمد الطيب فنجده يدخل المسدار ضمن فنون الدوباي أي الشعر الذي يقوم على الرباعيات. (طيب: 2010م) ويشير الطيب إلى عراقة وأصالة الدوباي، وذلك في قوله “الدوباي فن من فنون الغناء في السودان، بل في الذؤابة من فنون القول الشعبية، ويمتاز على جملتها بالعراقة المؤثلة الضاربة في القدم.”(نفسه: 37).
ولا تقل فنون الغناء البحري عراقة وأهمية عن المسدار، نلمس هذا في حديث عبد الله خليفة عن لفجرى وهو من فنون الغناء البحري، يقول خليفة “لا شك أن فنون (لفجرى) فنون عريقة ومتوارثة عن أقدم الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، نشأت وتطورت مع بداية أعمال الغوص على اللؤلؤ منذ آلاف السنين.”(خليفة: 26).
وثمة أمر يشترك فيه المسدار والغناء البحري ألا وهو ذكورية الجنس الفولكوري فكلاهما إبداع فولكوري خاص بالرجل ويعود هذا إلى التشابه بين مجتمع البادية في السودان ومجمتع البحث عن اللؤلؤ أو الغوص، وكلاهما مجتمعان ذكوريان لايتيحان الفرصة للأنثى بأدنى قدر من المشاركة، لهذا لم تكن الأنثى سوى موضوع للجنس الفولكلوري بل هي المحفز في حالة المسدار الذي لا يخرج عن وصف الرحلة للمحبوبة في ديارها، وشاعر المسدار أكثر ما يكون شوقاً للوصول لهذه المحبوبة، والشاعر هنا لايشتاق إلى محبوبة متوهمة أو تخيلية بل يشتاق إلى محبوبة من لحم ودم، يقول حريز هنا “وكثيراً مانجد بين أبيات المسادير ما يدل على أن هذه المتعة متعة حسية تتم خلسة في هجعة الليل. إلا أن شعراء المسادير يصفون هذا الجزء من التجربة الإنسانية والشعرية بقدر وافر من الحذر وبأسلوب فني متميز وقاموس خاص”(حريز:18).
أما بالنسبة لأغاني البحر فالمرآة تشكل حافزاً قوياً إلى جانب حوافز أخرى مثل الديار والولد، وإذا كان البحر هو ملاذ للرجل وفضاء الذكورة فإنه يشكل للمرآة هاجساً اذ يرتبط في ذهنها بغياب الزوج أو الحبيب لأيام وليال في رحلة محفوفة بالخطر قد لايعود منها، وقد أشار الحربي لهذا الأمر بقوله “ البحر مصدر الرزق الوحيد لكل الناس على الشاطئ العربي من الخليج وعلى الرغم من كل هذا فإنه يمثل للمرأة الغول الذي يزعزع كيانها.” (الحربي:67).
ويتم استئناس البحر في بعض الطقوس التي تقوم بها النساء، وقد أشار الحربي إلى عددٍ من هذه الطقوس منها مثلاً أن “تقوم النسوة بتسخين قطعة من الحديد (الحبيب) وتغطسها بالبحر وهنا تعترف النساء بأن البحر كائن حي يجب كيه كي يسلم من فمه البحارة.
لقد حاولنا فيما سبق إثبات ما يجمع بين جنسين فولكلورين هما المسدار والغناء البحري وقلنا إن كلا الجنسين يحملان موضوعاً واحداً ألا وهو الرحلة والسفر إلى ديار المحبوبة في حالة المسدار ومن ديار المحبوبة والأهل في حالة الغناء البحري، لكن السياق هو الصحراء أو البادية في الحالة الأولى والبحر في الحالة الثانية، ولانحتاج للإشارة هنا الى المجاز العربي المأثور ألا وهو القول بأن الجمل سفينة الصحراء، وانتبه عبدالله خليفة الى تشبيه طريف بين البحار الباحث عن اللؤلؤ والفارس البدوي الذي يقطع البادية بحثاً عن الماء والكلأ يقول خليفة “ لقد ماثلت رحلة الغوص على اللؤلؤ وكسب العيش من بحار الظلمات رحلة البدوي في الصحراء طلباً للماء والكلأ (..) ففارس الصحراء وفارس البحر كلاهما في مواجهة مباشرة مع الموت.” (خليفة:27) ولاشك أن شاعر المسدار قريب نوعاً ما من فارس الصحراء فكلاهما ينطلق في رحلة ليس له من أنيس سوى راحلته.
مهما يكن من أمر فلابد من الإجابة على سؤال هام ألاوهو كيف نفسر هذه التماثلات التي أشرنا لها بين المسدار والغناء البحري.
فأول ما نشير اليه هنا هو العلاقة القوية التي تربط أياً من الجنسين بالشعر العربي فصيحه وعاميه، وتبدو هذا العلاقة أوضح ماتكون بالشعر الجاهلي خاصة المعلقات، وقد أشرنا الى أن المسدار ينتمي الى الدوبيت أو الدوباي, وذهب الكثير من الباحثين الى عروبة هذا الضرب من الشعر الذي يقوم على الرباعيات ومن الذين توقفوا أمام هذا الأمر الفولكلوري الرائد عبدالمجيد عابدين، وقد ذهب عابدين إلى التأكيد على عروبة الثقافة السودانية مما يؤكد - حسب اعتقاده - عروبة الإبداع الشعبي ولعل عابدين من أوائل الذين أشاروا للعلاقة القوية بين الدوبيت والرجز(عابدين:د.ت).
أضف لهذا أن المجموعات التي تبدع هذا الشعر في السودان هي أكثر عروبة من غيرها من المجموعات وكل هذه المجموعات تعيش في وطن عرف بتعدده العرقي والديني والثقافي، وهناك درجات متفاوتة من الانتماء العربي أي الاستعراب؟
أما المجموعات التي تبدع المسدار وهي التي تعيش في وسط البادية في مناطق شبه صحراوية وتمتهن الرعي، خاصة رعي الجمال فهي مازالت تحافظ على الكثير من العادات التي جاء  بها أجدادهم من الجزيرة العربية، هؤلاء الأجداد الذين تزايدت  هجراتهم متوغلين إلى وسط البلاد بعد اتفاقية البقط التي عقدت بين الحاكم السوداني (قليدروب) وعبدالله ابن أبي السرح في العام الواحد والثلاثين من الهجرة ونجد عابدين يقول” والدوبيت من حيث أصوله الأولى عربي خالص في وزنه وإن كان يحمل لفظاً فارسياً وبعض طرائق الدوبيت الفارسي”(نفسه:20) إضافة لهذا أن عابدين أول من أشار إلى العلاقة القوية بين الدوبيت والرجز وذلك في قوله “وليس الدوبيت البدوي السوداني من حيث الوزن إلا رجزاً عربياً قديماً “ (نفسه:20) وقد تابع عابدين الكثيرون فيما ذهب إليه، ومنهم عزالدين إسماعيل الذي أفرد دراسة مطولة لما أسماه الشعر القومي في السودان (إسماعيل:1988) يقول عزالدين إسماعيل” إننا لو تركنا الصورة الوزنية التجريدية التي وضعها العروضيون وتأملنا في الشعر ذاته، في النماذج التي بين أيدينا وأحسنا الاستماع إليها لأحسسنا منذ البداية إحساساً تلقائياً بأن موسيقى هذا الشعر أشبه ماتكون – في صورتها المجردة- بموسيقى بحر الرجز المعروف.” (نفسه:16).
وفي جانب آخر نجد سيد حامد حريز في دراسة له عن المسدار يفرد فصلاً بعنوان “المسدار والشعر العربي القديم.” (حريز:1976) ويقول “يشبه المسدار في أسلوبه الفني وتشبيهاته ومضمونه الاجتماعي الشعر العربي القديم، وعلى وجه الخصوص الشعر الجاهلي.” (نفسه:54) ويورد حريز الكثير من الأدلة والتي تؤكد وتدعم ماذهب إليه، في واقع الأمر أن حريز يقدم أطروحة صارمة ومتماسكة مستخدماً العديد من نظريات الفولكلور دون أن يشير لذلك صراحة. فهو مثلاً يقول” وكما هو الحال بالنسبة للمسادير، وبالنسبة للشعر الشعبي عامة يدور الشعر الجاهلي حول معاني تكاد تكون واحدة، ويستقي الشاعر الجاهلي تشيبهاته وتعابيره والإطار الفني لقصيدته من روافد ثقافية مشتركة ومحددة “(نفسه:55) ويؤكد حريز ماذهب إليه بما أشار إليه الناقد الأدبي شوقي ضيف الذي يقول” وكأنما (الشعراء الجاهليون) اصطلحوا على معانٍ بعينها. فالشعراء لاينحرفون عنها يمنة ولايسرة، فما يقوله طرفة في الناقة يقوله غيره ومايقوله إمرؤ القيس في بكاء الديار يقوله جميع الشعراء (..) وقل ذلك في غزلهم ومديحهم ورثائهم فالشعراء يتبادلون معاني واحدة وتشبيهات وأخيله واحدة.”(نفسه:55) ومن الواضح أن شوقي ضيف يشير دون أن يقصد إلى نظرية الصيغ الشفاهية الأمر الذي لابد أن حريز على وعي به، ومن الأسانيد الأخرى التي ذكرها حريز التشابه الكبير بين بناء المسدار وهيكل وبنية  القصيدة العربية القديمة وخاصة المقدمات التقليدية لقصائد المديح.”(نفسه:57) ويتفق حريز هنا مع ماذهب إليه عزالدين إسماعيل حول هذا التشابه، يقول إسماعيل “المسدار في هذا أشبه مايكون بالمقدمة التقليدية في قصائد المدح في الشعر العربي القديم حيث كان الشاعر يصور فيها رحلته على جمله إلى الممدوح، والعناء الذي لقيه هو وجمله في الطريق حتى وصل إليه.”(نفسه:57) ونجد حريز يخلص إلى تفسير التشابه بين المسدار والشعر العربي القديم، ومن ذلك ماذكره من الأصل العربي لشعراء المسادير قائلاً “ ولاشك كذلك في أن الشعراء الشعبيين في السودان وهم يمثلون لحد كبير امتداداً للتراث العربي لاشك أنهم قد تأثروا ببعض ما وصل اليهم من أخبار العرب وتراثهم الشعري والفني (..) ورغم أنني لا أذكر أهمية الانتماء الثقافي في هذا المجال إلا أنني أميل الى تعليق قدرٍ أكبر من الأهمية للتشابه في البيئة والواقع الاجتماعي والتجربة المشتركة.” (نفسه:59).
أما عن علاقة الغناء البحري بالشعر العربي فهذا أمر من البداهة بمكان فهو يبدع في قلب الجزيرة العربية، في الخليج العربي، لكن البحر هو السياق الذي يبدع فيه هذا الشعر، ومن المعروف أن فضاء الشعر العربي القديم هو الصحراء، وهذا بالطبع لا يعني أن الشعراء لم يعرفوا البحر، وما أكثر الإشارات للبحر في الشعر العربي القديم خاصة في المعلقات، ولعل من أشهر الشعراء الذين تحدثوا عن البحر وعن السفن طرفة بن العبد، ومن الطريف أن طرفة يشبه الناقة بالسفينة، كما لاحظ الباحث فرح عيسى في دراسته عن الإبل (عيسى: 2008) يقول فرح عيسى أن طرفة خص الناقة «بسبعة وثلاثين بيتاً من جملة أبيات القصيدة (المعلقة) البالغة ثلاث ومائة بيتاً أي ما يتجاوز الثلث كلها في وصف الناقة، حيث شبهها بالسفينة يقول:
كأن حدوج المالكية غدوة
                  خــلايا سفيـــن بالنواصف من دد
عدولية أو من سفين ابن يامن
                 يجور بها الملاح طوراً ويهتدي(عيسى: 154)
ومن المعروف أن معلقة طرفة تقف دليلاً قوياً على معرفة العرب خاصة في منطقة البحرين بالسفن والمراكب، وقد اعتمد على هذه القصيدة الباحث عبد الرحمن سعود مسامح في مقاله عن التراث البحري (مسامح: 2012م) ونجده يقول «وقد عرف العرب في البحرين فيما يبدو من شعر طرفة هذا النوع من السفن (الحدوج) وورد في شعر طرفة كذلك ذكر نوع آخر من السفن وهي الخلايا والواحدة منها خلية وهي السفن الشراعية الكبيرة.” (نفسه: 70).
وعن علاقة الشعر الشعبي في العالم العربي بالقصيدة الجاهلية تحدث الكثيرون منهم يحي جبر الذي أفرد دراسة لما أسماه بتناسخ القصيدة الجاهلية في الشعر الشعبي (جبر: 1996م) ونجده يقدم لدراسته قائلاً «وفي هذه الدراسة نتقصى امتداد القصيدة الجاهلية في الشعر الشعبي المعاصر في حوض اللغة العربية الممتد من الأطلسي إلى الهضبة الإيرانية، ومن أواسط أفريقيا إلى جبال طوروس، من حيث ألفاظها ومعانيها والصور الفنية التي تقوم بها.” (نفسه: 22).
 والكاتب هنا ينطلق، كما يفعل الكثيرون، من تشابه بيئات بعض المجتمعات العربية مع بيئة المجتمع العربي في الجاهلية، نلمس هذا في قوله «فإننا نرى أن كثيراً من أنواع الأدب الشعبي تمثل امتداداً لأدب القبائل العربية التي ظلت محافظة على النمو التقليدي للحياة من حيث التماسك الاجتماعي، والارتحال طلباً للماء والكلإ.” (نفسه: 22)، وقد خلص الكاتب إلى حقيقة هامة وهي قوله «ونستخلص من هذه الدراسة حقيقة بالغة تتمثل في أن التراث الواحد والبيئات المتشابهة وإن تباعدت، تنتج أدباً متشابهاً على نحو ما ألفيناه في الشعر الشعبي العربي في الجزيرة العربية وبادية الشام من ناحية وفي ليبيا من ناحية أخرى، على الرغم من بعد الشقة بينهما وندرة التواصل.” (نفسه: 45). ونلاحظ أن الباحث لم يشر للسودان ولم يأخذ نماذج من الشعر الشعبي السوداني ولكن هذا بالطبع لا يقلل من قيمة الدراسة.
أضف إلى ذلك ثمة تشابه قوي يربط بين شكل أو بناء الشعر الشعبي بالشعر العربي القديم، وهو كون شعر الدوباي أو الدوبيت هو رجز، ويتفق الكثير من الباحثين في هذا الأمر مثل عبد المجيد عابدين وعبد الله الطيب وعز الدين إسماعيل وسيد حامد حريز الذي ذهب إلى أن الرجز وزن شعبي وذلك في قوله «وطالما إننا بصدد تقصي أوجه الشبه بين الشعر العربي القديم، والشعر الشعبي، خاصة المسادير، لابد من وقفة خاصة عند فن الرجز وذلك لسببين: أولاً لأن هناك اتفاقا على أن وزن الرجز وزن شعبي عرف منذ الجاهلية وثانياً لأن المسادير التي نحن بصدد دراستها تتخذ من الرجز قالباً فنياً وشعرياً كما سلف ذكره.” (حريز: 56).

لكن إبراهيم القرشي الذي قارن بين إمرئ القيس والحاردلو يتفق مع عابدين إلى حدٍ ما (القرشي: 2004) يقول القرشي «وأضيف هنا أن أوزان الدوبيت لا تقف عند الرجز كما يفهم من كلام الدكتور عبد المجيد عابدين الذي بنى دراسته على نماذج للحاردلو – وهو محق في ذلك – إلا أن أغلب نظم الحردلو على هذا الوزن، ولكن المستقرئ للشعر الشعبي يقف فيه على أوزان كثيرة غير الرجز، فهو يتقرب أحياناً من الهزج والمتدارك والوافر والرمل.” (نفسه: 43).

ولا بأس من إلقاء نظرة في الجزء التالي من الدراسة على الوزن الشعري للجنسين الفولكلوريين المسدار والموال، ذكرنا من قبل أن المسدار يقوم أصلاً على الرباعيات والاسم الشائع لهذه الرباعيات هو الدوبيت، وهي كلمة فارسية تعني بيتين أي أربعة شطرات وقد أطلق هذا الاسم على الرباعيات بعض الأكاديميين من المصرييين مثل عبدالمجيد عابدين، لكن الفلكلوري والباحث الدؤوب الطيب محمد الطيب أفرد دراسة متعمقة للمصطلح (طيب:2010) وهو يذهب للقول «بعد هذا (لجهد) اقتنعت بما لايدع مجالاً للشك أن أهل السودان الذين يتداولون وينظمون هذا اللون الغنائي (الرباعيات) لايعرفون كلمة الدوبيت التي أشاعتها الإذاعة والمثقفون الذين يكتبون في الصحف وغيرها «(نفسه:22).”

هذا ويذهب الطيب كذلك إلى أن المصطلح الذي تستخدمه الجماعات المبدعةنفسها هو الدوباي وليس الدوبيت. ومصطلح الدوباي يقصد به العديد من الأجناس الشعرية يقول الطيب محمد الطيب «نشأ الدوباي نشأة بدوية خالصة، اتخذه أهل البادية متنفساً لكل أشجانهم، وأطلقوا كلمة دوباي على عدة أنماط غنائية.” (نفسه: 37) وما يهمنا هنا أن المسدار ينتمي إلى الدوباي أي يقوم على الرباعيات، أما الغناء البحري فهو يقوم على العديد من الأبنية الشعرية وقد حصرهم صالح الحربي في نوعين هما الزهيري والمويلي(الحربي:57) وفي تقديري أن هذين النوعين لايخلوان من تنويع على الرباعيات فالزهيري السباعي يحتوي على أمثلة من هذا التنويع، فقد أورد الحربي النموذج التالي:
«دمعي تحدّر علي وجناي وأستاهل
وهـلال سعــدي أبـــد مابــان أستاهل
هــذا جــزا مـن رابـع الأنـــذال يستاهل
رابعت صاحب ذهب اليوم لذي قلب
يحق لـي لاسطــر الديكــان فــوق قلب
أن كـــــان هـــذا وذا يطـلــي لـــذي قلب
أنا الذي استـحـق الصــلــب واستاهل.» (الحرببي:58)
ونلاحظ أن هناك رباعية بقافية واحدة كما أن هناك ثلاثية هي التي تنتهي بكلمة قلب، والشيء نفسه نلاحظه في الزهيري السداسي، وكل مافي الأمر أن الرباعية هنا تقطع بشطرتين وقد أورد الحربي النموذج التالي للزهيري السداسي:
«ما أغفر أنا خطاك حبك عن ضميري أنزاح
من حيث جرح فــي قلبــي ما بــرى و أنزاح
أنسيت ذاك الطرب وذاك اللعــــب و امــزاح
قلبــك قســا شــــــــئ فعلــــت أنــا مــن بـــد
من بيــــــن الأصحــــاب تحكــــي علـــىِ بـد
الضرس  لـيـمــن رقـــــل مـــن شـلعـتـة لابد
أنظـــر إلــى الغـيـم لي هــب الشمال إنزاح»  (الحربي: 58)
وهكذا فإن نوعين من الزهيري هما السداسي والسباعي يحتويان على رباعيات، نخلص للقول أن الغناء البحري عادة ما يأتي في أشكال متعددة تختلف في بنيتها وعروضها، والأمر نفسه يمكن أن يقال عن المسدار والذي دائماً ما يجيئ في شكل عروضي واحد هو الرباعية لكن ليس من الضروري أن يكون الدوبيت رباعياً وربما يأتي ناقصاً ويكون ثلاثياً أو زائداً ويكون خماسياً وقد لاحظ هذا عزالدين إسماعيل الذي يقول « ولكنه يحدث أحياناً في الدوبيت أن يتكون من ثلاثه شفرات وهو عندئذٍ يسمى أعرج.» (إسماعيل:22) وكذلك يرى عزالدين إسماعيل ورود الدوبيت في خمس شطرات ونجده يقول « واذا كان من المألوف أن يرد الدوبيت في ثلاث شطرات فإنه من النادر أن يرد في خمس شطرات»(نفسه:23)
ونجد عزالدين إسماعيل يتفق مع عبد المجيد عابدين في إرجاع أي اضطراب في وزن الدوبيت بشكله الشائع – أي الرباعي- إلى الخزم أي الزيادة في الوزن بقول عابدين»وليس الدوبيت السوداني من حيث الوزن الإ رجزاً عربياً قديماً، يختلط أحياناً بوزن الكامل ويسبق تفصيلات كل شطر منه مقطع زائد أو مقطعان. وقد فطن العروضيون العرب الى هذه الزيادة في أوزانهم، ويسمونها خزماً. والخزم عندهم يكون من حرف الى أربعة.”( عابدين:19). والسؤال هنا هو كيف يمكن تفسير ما حدث لبعض أشكال الغناء البحري خاصة الزهيري؟ ومع عدم معرفتي الجيدة بشعر الغوص إلا أنني أدعي أن معظم هذا الشعر يقوم على أبنية ثابتة رباعية وثلاثية وقد أورد علي شيب المناعي عدداً  من هذه النماذج في دراسته عن الغوص على اللؤلؤ في الشعر الشعبي القطري (مناعي:1992) وقد أورد مقطوعة للشاعر سعيد البديد يقول فيها:
سافرت عصر المسا وأنويت فرقاهم
ودمــوع عيــني تـهـل وتنوح فرقاهم
يانوخذا بـالوصـل مـا أطيـق فرقاهم
الله ما أسـلا وقـلبي صــوبـهـــم رايح
يابـن حـمـد شاقنـي جنــي رتــع رايح
يازين حسنه عجبني وأنا ماشي رايح
مـا ألــوم مــن شكالي من طول فرقاهم.»  (نفسه:14)
فهذه المقطوعة السباعية تقوم على قافيتين بل كلمتين هما فرقاهم ورايح والأولى هي قافية لأربعة أبيات انكسرت بدخول الثلاثية أي الدوبيت الأعرج، ومن الصعب تفسير لماذا لاتستمر  الرباعية دون هذا الكسر، ولكن يمكن القول إن هذا الشعر على وزن مقطع + مستفعلن + متفاعلن + مستفعل واعتماداً على الوزن الثاني خلص إسماعيل لما أسماه بالخزم في الدوبيت كما ذكرنا من قبل وهو هنا يتفق مع ماذهب اليه عبدالمجيد عابدين والمبارك ابراهيم وهو قولهما وليس «الدوبيت السوداني من حيث الوزن الإ أجزاً عربياً قديماً، يختلط أحياناً بوزن الكامل ويسبق تفصيلات كل شطر منه مقطع مقطع زائد أو مقطعات. قد ويسمونها خزماً. والخزم عندهم يكون من حرفٍ الى أربعة.”(عابدين والمبارك أبراهيم:19)
وقد أورد مصطفي عطية جمعة العديد من النماذج الرباعية في دراسته عن البحر في الشعر الشعبي (جمعة:2009) فمن هذه النماذج هدهدة الأم لابنها والكاتب هنا يؤكد الحضور القوي للبحر في الأغنية الخليجية، فهو يقول «والملاحظ أن البحر احتل مكانة كبيرة في الأغنية الخليجية، بداية من أغاني الأطفال إلى أغاني العمل والزواج.» (نفسه:88) أورد الكاتب واحدة من هذه الرباعيات وهي من أغاني الأعياد وتبدأ بقول الشاعر: «ياطرفة باهلال العيد» وتنهي بقوله: وأمدح طرفة بمصلي العيد» (نفسه:89)
وربما تأتي الأغنيات على شكل ما يسمى عندنا بالدوبيت الأعرج وهو الدوبيت الذي يأتي على ثلاثيات وليس رباعيات، وقد أورد مصطفى جمعة نموذجاً يقول فيه الشاعر :
تجارنا عقب المــعـرفة جفونا
زال الــهـــم وهـــم مــا سقمونا
ما أدري عسر بهــم ولاجفـونا
الله عليهم وإن نووا للتعاكيس  (نفسه:95)
وقد أورد الكاتب عدداً من هذه النماذج وهى تقوم على ثلاثية وتنتهي بقافية واحدة هي النون والألف والسين وهذا مايدعونا للقول أن هذه النماذج مأخوذة من قصيدة واحدة وربما كانت قصيدة واحدة مطولة، ومن هذه النماذج قول الشاعر:
«قــمــاشــنــا بالهنــد والله طايح
وحنا غدينابين شاني وصايح
هذي السنه صار علينا فضايح
أنتم تبون فلوس وحنا مفاليس.»  (نفسه:95)
ولكن ما يضعف احتمالنا هنا بكون الأبيات أو الثلاثيات مأخوذة من قصيدة واحدة هو إشارة الكاتب لأكثر من شاعر، فنجده ينسب كل مقطع إلى شاعر مختلف فهو مثلاً يقول «ويقول أحد الشعراء مستعرضاً وجهاً آخر لحالة الغواصين:
«ماأدري ويش جري للغــوص كله
مثــل الحــميــر تنـقــاد أرسنـة أهله
تشتكي الضرب والجوع ويا المذلة
وتركض في خدمتهم مثل البنابيس.»  (نفسه:96)
وقد وفر لنا علي عبدالله خليفة الكثير من النصوص لواحد من أهم  فنون أغاني البحارة ألا وهو لفجري (خليفة:2009) ويذهب خليفة للقول: «تميز فن لفجري بين فنون السمر الجماعية في البيئة البحرية لمنطقة الخليج والجزيرة العربية بارتباطه بفئة عمال البحر، يجيدون أداءه ويمارسون فنونه في أوقات الراحة على اليابسة خارج موسم الغوص في مكان مناسب متى تهيأ ذلك وحسب مقتضيات الحال وظروف العمل.» (نفسه:25) هذا يدل على أن لعمال البحر العديد من الأجناس الفولكلورية الشعرية يؤدى بعضها داخل البحر والبعض الآخر في اليابسة، ولكن جميع هذه الأجناس ترتبط بعضها وتعبر عن أشواق البحارة وأحزانهم، وقد انتبه خليفة لأمر هام في هذا الصدد ألا وهو تداخل (لفجري) مع أجناس أخرى خاصة بعد توقف سفن الغوص وانتهاء مواسمه، نلمس هذا في قوله» ويشكل على غير المختص التعريف بين أغاني العمل البحري وبين أغاني سمر البحارة المسماة (لفجري) حيث الجو العام للكلمات والألحان وفنون الأداء تكاد تكون واحدة إضافة إلى تماثل دوري النهام والحادي وكذلك العازفين والمنشدين والآلات الإيقاعية في كلا الفنين.” (نفسه:25) قد أورد خليفة العديد من النصوص تؤكد تنوع لفجري وأغانيه التي تنتمي للزهيري السباعي، وجميع هذه النماذج توضح ما ذهبنا إليه من وجود رباعية حدث لها انكسار أو زيادة في الوزن وهو ما يطلق عليه العروضيون الخزم، من هذه النماذج قول الشاعر البحريني فرج بومتيوح:
«الوقت ياما سقى بكأس الضمير أمرار
وأدعى جميع الخلايق تستفيض أمرار
لـــي عــلــة بالـحـشــا تطري علي أمرار
والـــدّاد يابــوعلــي مــن ذا السنة مرة
كـــم واحــد داستـــه مـــرة بــعـــد مرة
يمشي بــلا راي مـــا عنـــده عـــقــل مرة
من ضيم دنياه يصفق بالكفوف أمرار.»  (خليفة:33)
لانحتاج لتكرار ما قلناه سابقاً حول وجود رباعية هي التي تنتهي بكلمة (أمرار) إلى جانب ثلاثية تنتهي بكلمة (مره) وفي كلا المفردتين جناس لفظي، وحول بناء الموال البحري يقول خليفة « ويأتي الموال كفن شعري على وزن البحر البسيط مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن ويقسم إلى ثلاثة أنواع حسب عدد أشطره التي تعتمد الجناس اللفظي قافية بنظام معين لكل نوع»(نفسه:32)
أما عن الزهيري فنجد خليفة يقول «ويتألف الزهيري من سبعة أشطر تتحد منها في القافية الأشطر الثلاثة الأولى، وتتحد أيضاً في قافية أخرى الأسطر الثلاثة التي تليها، ثم نختم الموال بشطر أخير يسمى الرباط من جنس قافية الأشطر الثلاثة الأولى.» (نفسه:32).
أما عن وزن الدوبيت، فقد اتفق الكثيرون على أن الدوبيت نوع من الرجز كما ذكرنا، ونلخص للقول أن بعض أبيات الدوبيت قد تأتي على وزن فعول مستفعلن مستفعلاتن.
على كل من الواضح أن ثمة اختلاف في أوزان كل من الموال البحري والمسدار وهذا أمر متوقع فإن أسلوب أداء أي منهما مختلف، فالموال يؤدى غنائياً بمصاحبة الجماعة أو الكورس، ومع استعمال العديد من الآلات الموسيقية الإيقاعية خاصة الطبول. أما المسدار فالشاعر يؤديه بمفرده على جمهوره دون مصاحبة أية آلة موسيقية، ولهذا كان من الطبيعي أن يأتي أي من الجنسين على الوزن الذي يلائم أسلوب الأداء.
نلخص للقول أن المسدار والغناء البحري يختلفان اختلافاً واضحاً من حيث الوزن والعروض، ويمكن تفسير هذا الاختلاف بالرجوع إلى أمر هام ألا وهو أسلوب أداء أي من الجنسين، فمن المعروف أن المسدار يؤديه الشاعر منفرداً أما الغناء البحري فإنه يؤدى جماعياً وغنائياً أي بمصاحبة عدد من الآلات الموسيقية أي الإيقاعية.
وقد انتبه حريز لتأكيد أسلوب الأداء على وزن الشعر وذلك في قوله «والنزوع لتكرار نفس الصوت لإحداث الوقع الفني والموسيقي المعروف Alliteration من خصائص الشعر الشعبي عامة. ولتفهم مثل هذه الخاصية لابد من أن نضع نصب أعيننا حقيقة هامة عن الشعر الشعبي عامةً، وهي أن الشعر الشعبي يلقى وينشد على المستمعين فطبيعة الإلقاء والإنشاد والاستماع بدلاً عن الكتابة والقراءة أملت مقاييس فنية محددة على هذا من الشعر.” (حريز:48)  وعادة مايبدع شاعر المسدار شعره وهو يترنم به على ظهر راحلته التي تأخذه إلى ديار المحبوبة، وفي جانب آخر أشار الطيب محمد الطيب الى تأثير حركة الناقة على وزن الشعر، وذلك في حديثه عن الجراري، يقول الطيب أن شعر الجراري “لا يلذ إنشاده إلا من فوق ظهر الهجن، فالحركة شي متمم لهذا الفن حساً ومعنى، وموسيقاه مواكبة لخطو البعير.” (الطيب:48) وعلى الرغم من أن الطيب يتحدث عن جنس شعري غير المسدار وهو الجراري إلا أن قوله ينسحب على المسدار، فكلاهما المسدار والجراري ينتميان للدوباي وكلاهما يبدعان في سياق يتميز بالحركة والتنقل من مكان لآخر، ولاحظ الطيب محمد الطيب كذلك أن الدوباي يحمل أصداء طبيعة الحياة التي تعيشها الجماعات التي تبدعه، يقول الطيب” وهناك جماعات تنظم هذا الشعر (الدوباي) لا تعرف الاستقرار فهم في حركة دائمة، كذلك جاءت أشعارهم أصداء لهذه الحركة (الطيب:47)
وفي جانب آخر انتبه إبراهيم الفراش الذي جمع وقدم لديوان ود الفراش، انتبه لتأثير حركة الجمل على إيقاع ووزن الشعر (الفراش:د:ت) وقد ذهب إبراهيم الفراش إلى تأثير حركة الجمل على شعر ود الفراش وذلك في قوله “واذا تأملت هذا الشعر تأملاً تاماً تحس باهتزاز الجمل ومسرعه وهويناه ووقفاته.”(نفسه:5).
 ومن المعروف أن الشاعر ودالفراش من رواد شعراء المسادير، الأمر الذي أشار إليه حريز قائلاً” ويمكن القول بأن عبد الله أبوسن وإبراهيم الفراش يمثلان المسدار إبان الحكم التركي، وبذلك أمكننا أن نرجع بالمسدار الى حقبة زمنية أبعد من المهدية التي يمثلها الحاردلو.” (حريز:33).
وليس أسلوب الأداء وحده هو الذي يؤثر في وزن أو شكل وبالتالي موسيقى الشعر ولكن السياق أي مجمل الظروف المكانية والزمانية التي يؤدى فيها النص يؤثر كذلك، فالمسدار يؤدى أمام حشد من الجمهور عادة في مكان عام - المقهى مثلاً - وليس بمستبعد أن يترنم شاعر المسدار بشعره وهو على ظهر ناقته التي تنطلق به إلى ديار المحبوبة، أما الغناء البحري فهو عادة ما يؤدى على سطح السفينة أثناء العمل وربما يؤدى على اليابسة لكن حتى في هذه الحالة يكون البحر حاضراً  بروحه وصوته، وقد لاحظ هذا الأمر صالح الحربي الذي يقول « عبر الإنسان في الخليج عن حياته وصورها غنائياً واستفاد كثيراً من أصوات الموج في تعبيراته الموسيقية (...) فنجد البحار يستخدم كثيراً أصوات البحر في غنائه سواء على شكل همهمات أو نحبة.”(الحربي:55).
وبحدوث تطورات اقتصادية في الخليج خاصة بعد الطفرة البترولية كان حتماً أن ينتهي الغوص على اللؤلؤ وهذا مما يعني تلاشي السياق الطبيعي بأداء أغاني الغوص، والأمر نفسه حدث في السودان بظهور السكة حديد والعربات السفرية مما قرب المسافات وهكذا انتهى السياق الذي يؤدى فيه المسدار. ومن الشيق جداً التأمل في مصير أي من الغناء البحري والمسدار في ظل هذه المتغيرات، وهذا ما سنحاوله في الجزء التالي من الدراسة. وقد سبقنا علي عبد الله خليفة الذي انتبه إلى المصير الفاجع لفنون (لفجري) في ظل التطور المتسارع الذي يشهده الخليج، يقول خليفة «وإذا كانت هذه الفنون الآن تنزوي ذاهبة إلى النسيان لاضمحلال وظيفتها الأساس وعدم قدرتها على الصمود أمام طغيان المتغيرات العديدة، وانصراف الناس عنها.” (خليفة: 26). ويضيف خليفة إلى ذلك التغيير تحول وظيفة الغناء البحري «التي كانت يوماً ما وظيفة أساس لا غنى عنها إن كان في مجال العمل أو مجال السمر، وتحولت إلى مجرد وظيفة ترفيهية تكميلية على جانب متواضع من الطرافة قد لا يلتفت إليه في الحفلات العامة.” (نفسه: 26).
أما بالنسبة للمسدار فكان حتماً أن يتغير في الشكل والمضمون تبعاً لما حدث في الواقع من تغير، فالعربة والقاطرة التي تستخدم الآن بدلاً عن الجمال اقتصرت المسافات، فالمسافة التي كان يقطعها شاعر المسدار في أيام لا تأخذ الآن سوى ساعات، وقد توفر الباحث الطيب عبد الله لدراسة المسدار على خلفية المتغيرات التي حدثت في السياق الذي يبدع فيه المسدار (عبد الله: 2010) وقد اعتمد الباحث على شاعر معروف من شعراء المسادير وهو الكردوسي (1986 -      ) وهو مايزال في ريعان شبابه.
وتحدث سعد العاقب عما لحق من تحديث على المسدار وأشار هنا خاصة إلى قصيدة مطولة للشاعر محمد طه القدال وهو شاعر معاصر وحداثي وله قصيدة ذائعة الصيت بعنوان «مسدار أبو السرة لليانكي»، يقول سعد العاقب إن ألفاظ القصيدة وبناءها «جاءا بما يألفه الناس في الدوبيت السائر بينهم، ولكن المعاني الظاهرة في هذا المسدار تحمل مدرسة شعرية أخرى تقوم على الترميز وعدم المباشرة في طرق المعاني.» (العاقب: 121) والكاتب يخلص إلى التجديد الذي أنجزه الشاعر في القالب الشعري أي الدوبيت، يقول العاقب «فكرة القدال التجديدية في الدوبيت كانت فكرة عميقة، فلم ينكرها أحد من فحول الدوبيت المعاصرين بل استحسنوها استحساناً كبيراً، في البادية والمدينة، لأن القدال لم يهدم أسس هذا الفن لكنه جمع بين البداوة التي هي موطن الدوبيت وبين التطور الأدبي الذي ينتشر في المدينة أكثر انتشاره في البوادي.” (نفسه: 121).
ولاحظ سعد العاقب أن القدال أحدث تطوراً في وزن الدوبيت، نلمس هذا في قول الكاتب «ثم أضاف القدال إلى بناء الدوبيت أمراً آخر، وهو إطالة الشطر من هذا اللون من الشعر في بعض المواضع، وتقصيره في مواضع أخرى، وهو الأمر الذي لم يفكر فيه شاعر من شعراء الدوبيت، في البادية أو في المدينة، هذه الإطالة كأنها أدخلت في الدوبيت فناً شبيهاً بشعر التفعيلة.” (نفسه: 121).
نخلص للقول أن ثمة قواسم مشتركة بين المسدار والغناء البحري وذلك راجع لأسباب كثيرة على رأسها وحدة الأصل إذ يرجع أي من الجنسين الفولكلورين إلى الشعر العربي القديم، والأمر هنا لا يقتصر على هذين الجنسين اللذين يبدعان في قطرين عربيين لكن ينسحب على الكثير من الأجناس الفولكلورية الأخرى من مختلف الأقطار العربية. وقد قدم الباحثون والفولكلوريون الكثير من المساهمات التي عالجت الموضوع، فمثلاً كرس المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بوزارة التعليم في جمهورية سوريا ندوة عالجت الموضوع بعنوان «التراث الشعبي العربي ... وحدة الأصل والهدف» وقد صدرت دراسات الندوة في مجلدين عام 2005، ومن الموضوعات التي تجدر الإشارة لها دراسة أحمد  زياد محبك بعنوان «وحدة الحكايات الشعبية» ودراسة مصطفى يعلي «القصص الشعبي العربي وحدة في التنوع وتنوع في الوحدة.”
ولعلنا بالإشارة إلى وحدة أصل الشعر الشعبي على امتداد العالم العربي مما يخلق التماثل والتشابه، نخلص إلى حقيقة سبقنا إليها يحي جبر سنوات خلت في دراسة عن علاقة الشعر الشعبي العربي بالقصيدة الجاهلية (جبر: 1996م) وذلك في قوله «ونستخلص من هذه الدراسة حقيقة بالغة تتمثل في أن التراث الواحد والبيئات المتشابهة وإن تباعدت تنتج (هكذا) أدباً متشابهاً، على نحو ما ألفيناه في الشعر الشعبي العربي في الجزيرة العربية وبادية الشام من ناحية ومن ليبيا من ناحية أخرى، على الرغم من تباعد الشقة بينهما وندرة التواصل.» (نفسه: 45).
وما أشرنا له من تشابه بين أجناس الشعر الشعبي في السودان والبحرين أي بين قطرين عربيين ليس بالغريب، فالأمر برمته يرجع لوحدة الأصل، كما ذكرنا، وبذات القدر يمكن دراسة أجناس فولكلورية إلى جانب الشعر لتأكيد هذا التشابه، فالحكاية الشعبية تبدو مجالاً خصباً لمثل هذه الدراسة.

 

المراجع :

1 - إبراهيم زكريا - مشكلة البنية - د.ت : القاهرة: مكتبة مصر.

2 - أبو سن، الطيب علي - الشعر الشعبي عند الرباطاب من التراث الشعبي السوداني - بيروت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع 2006م.

3 - أبو سن، حسان أبو عاقلة - من عيون الشعر القومي في البطانة - القاهرة: الشركة العالمية للطباعة والنشر 2002م.

4 - أبو عاقلة، محمد الفاتح يوسف - من خصائص الشعر الشعبي السوداني - الخرطوم: جامعة السودان المفتوحة2008م.

5 - أحمد، عبد الحميد محمد - خنساوات السودان - الخرطوم: دار عزة للنشر والتوزيع 2002م.

6 - بكر (آل) محمود مفلح - من أغاني العمل في البيئة البدوية (عمل المرأة) - مجلة المأثورات الشعبية، العدد 32 أكتوبر 1993م  صفحات (77 - 90).

7 - جبر، يحي - القصيدة الجاهلية تتناسخ في الشعر الشعبي: دراسة لغوية - مجلة المأثورات الشعبية، عدد 43، يوليو، 1996م - صفحات (21 - 47).

8 - حريز، سيد حامد - فن المسدار: دراسة في الشعر الشعبي السوداني - الخرطوم: دار التأليف والترجمة والنشر، جامعة الخرطوم 1976م.

9 - خليفة، علي عبد الله - النصوص الشعرية المغناة في فن (لفجري)- الثقافة الشعبية، العدد السادس، 2009م -  صفحات (24 - 49).

10 - خليفة، علي عبد الله - النهام: مغني البحر - الثقافة الشعبية، العدد 13، 2011م -  صفحات 8 - 9 .

11 - ديشاب ميرغني  - النوبة في شعر بوادي السودان - الخرطوم: منتدى دال الثقافي -  2012م.

12 - رحمة، رحمة محمد - ديوان عكير الدامر(تقديم)الجزء الأول - د.ت : الخرطوم: الخندق للطباعة والنشر.

13 - سعيد، خير الله - «الموال العراقي» - الثقافة الشعبية، العدد 17، 2012م -  صفحات (25 - 45).

14 - شيبي، كامل مصطفى - «الأدب الشعبي: مفهومه وخصائصه» - أحمد علي مرسي وآخرون: ندوة التخطيط لجمع وتصنيف ودراسة الأدب الشعبي، صفحات (93 - 115)- 1984م.

15 -طيب (آل) الطيب محمد - دوباي - سلسلة كتاب الخرطوم الجديدة رقم (24) الأعمال الكاملة (4)- الخرطوم: هيئة الخرطوم للصحافة والنشر 2010م.

16 - عابدين، عبد المجيد - في الشعر السوداني - بيروت: دار الثقافة 1972م.

17 - عابدين، عبد المجيد والمبارك إبراهيم - الحاردلو شاعر البطانة - الخرطوم: مطبعة التمدن 1957م.

18 - عاقب (آل) سعد عبد القادر - مع الدوبيت: دراسة فنية أكاديمية ومسادير مختارة - الخرطوم: دار عزة للنشر والتوزيع 2009م.

19 - عبد السلام، شرف الدين - الهمبتة في السودان: أصولها، دوافعها وشعرها - الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للنشر 1983م.

20 - فراش (آل) إبراهيم - ديوان الفراش: شاعر بربر - د.ت: الخرطوم: الدار السودانية للكتب.

21 - محبك، أحمد زياد - «وحدة الحكايات الشعبية» - منشورة في مجلد ندوة التراث الشعبي العربي .. وحدة الأصل والهدف - دمشق: المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، صفحات (303 - 358)- 2005م.

22 - مسامح، عبد الرحمن سعود - التراث البحري 2012م.

23 - ود دوقة، حسن سليمان - الشاعر عبد الله حمد ودشوراني - الخرطوم: مطبعة الجزيرة 2006م.

24 - ود دوقة، حسن سليمان - ودشوراني - سلسلة أدب البطانة -  الخرطوم: مطبعة أرو 2006م.

25 - يعلي، مصطفى - «القصص الشعبي العربي: وحدة في التنوع وتنوع في الوحدة» - منشورة في مجلد ندوة، مرجع سابق، صفحات (131 - 158) - 2005م.

 

أعداد المجلة