فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
60

الألعاب الشعبية في مصر والدول العربية

العدد 19 - عادات وتقاليد
الألعاب الشعبية في مصر والدول العربية
كاتب من مصر

اللعب الشعبي تقليد اجتماعي يتناقله الأجيال جيلا بعد جيل، وهو أداء يمارسه الأطفال في الهواء الطلق وفي الشوارع والحارات والساحات العامة والحقول وأمام المنازل1.

ولم يكن العرب قديمًا يحبون حياة البادية الموحشة بلا ترويح، ولم يكونوا بمعزل عن حضارات العالم، بل كان لهم السبق في كل الميادين، فقد مارسوا أنواعاً مختلفة من الألعاب والرياضات على مر السنين وهناك ألعاب خاصة بالصبيان والأطفال وتختلف من جيل إلى جيل باختلاف العصور والبيئات وكثير من هذه الألعاب مازالت تُمارس حتى يومنا هذا.

ما هو اللعب الشعبي ؟

اللعب هو استعداد فطري وطبيعي عند الطفل وهو وظيفة الطفل في مرحلة الطفولة وضرورة من ضروريات الحياة كالأكل والنوم والطفل ليس في حاجة إلى تعلم اللعب بقدر ما هو في حاجة إلى توجيه هذا الميل والرغبة والاستعداد الفطري إلى ما يعود عليه بالنفع حتى يشب في حالة صحية جيدة. واللعب الشعبي متنوع في أشكاله وأنماطه في مختلف الأعمار وهو لعب منظم بصورة ذاتية ويخضع لشروط وقواعد يلتزم بها اللاعبون بعقد أخلاقي غير مكتوب بل متفق عليه ضمنياًُ وبصورة تلقائية من الأطفال، ويتعلم الأطفال هذه الألعاب الشعبية عن طريق المشاهدة والمشاركة في اللعب.

واللعب هو أساس النمو العقلي والنفسي للطفل وقال البعض ( إن الطفل الذى لا يلعب فاقد للحياة ) وقد لازمت اللعبة الإنسان منذ العصور الأولى للتاريخ، ووجد علماء الأنثروبولوجيا في مصر القديمة (الدمية) (العروسة) وقد وجدت في العصر الفرعوني وما زالت توجد حتى الآن في العصر الحديث2والقليل من الألعاب الشعبية مصُنع وقد بدأت أوربا  في تصنيع  ألعاب الأطفال منذ عام 1805م وازدهرت تلك الصناعات حتى وصل متوسط اللعب التي يستمتع بها الطفل الواحد في الدانمارك حوالى 500 لعبة. ولكن الألعاب الشعبية سبقت الشعوب الأوربية بآلاف السنوات بالاهتمام بالطفل وتوفير الفرصة له بلعب آمن وبعيد عن مخاطر تلك الألعاب المصنعة المعتمدة على الخناجر والسيوف والمسدسات الليزر والبنادق والسكاكين وقد تحولت اللعبة على أيديهم من وسيلة تربوية إلى وسيلة خطيرة لبث العنف وهذه الألعاب تعمق نزعة الغضب والعنف عند الطفل لذلك على الأم عند اختيار لعبة الطفل أن تختارها (...) بطريقة إيجابية3.

 

خصائص اللعب الشعبي:

يتسم اللعب الشعبي بعدة خصائص منها :

متنوع في أشكاله وأنماطه في مختلف الأعمار ويمارس بصورة جماعية في الغالب وله أبعاده المختلفة بخلاف المتعة والتسلية، فهو يمنح الأطفال القدرة على النمو الاجتماعي وبناء الشخصية.

يتميز اللعب الشعبي بالحرية أثناء الممارسة، وتوجد له قوانين وحدود في كل لعبة، ويتأثر بالبيئة التي يمارس فيها.

يتميز بقدرته على تنمية الابتكار لدى الأطفال، فيقوم الطفل بصنع الأدوات اللازمة للعبة من مواد البيئة المتاحة له.

تتميز الألعاب الشعبية بأنها قابلة للانتشار في المناطق التي تتشابه في القيم والعادات والتقاليد فكثير من الألعاب الشعبية المصرية توجد مثيلاتها في سوريا ولبنان والأردن والسعودية والكويت والبحرين وهذا ما سنلاحظه عندما نسرد تلك الألعاب فنجد لعبة تمارس في مصر ويمارسها الأطفال في المجتمع الخليجى وبلاد أخرى.

وفيما يختص باللاعبين فنجد أنهم يتماثلون في المرحلة العمرية، ونجد أن بعض الألعاب تخص الفتيات، وأخرى تخص الأولاد، وفي بعض الألعاب يشترك كل من الجنسين كما توجد ألعاب خاصة بالكبار مثل لعبة التحطيب التي تمارس في الأفراح في القرى والنجوع المصرية.

 

لماذا نهتم بالألعاب الشعبية؟

اهتمت مصر بعمل أرشيف قومي للألعاب الشعبية المصرية وكانت البداية فى عام 1957م بإنشاء مركز الفنون الشعبية ولجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية واعتنى هذا القسم من الفنون بدراسة الألعاب الشعبية من الميدان وجمع كل ما هو متعلق بها من أسماء محلية وأغانٍ وأدوات مصاحبة للعبة بهدف حفظها وتصنيفها بشكل علمي سليم مثل ألعاب المناسبات وألعاب القرعة والتخمين وألعاب الصيد والألعاب الورقية وألعاب المحاكاة.

والغرض الأساس في الاهتمام بالألعاب الشعبية هو الحد من انتشار الألعاب الأجنبية والإلكترونية التي سلبت اهتمام الأطفال ورسخت لقيم وعادات غريبة عن مجتمعاتنا العربية .

الحفاظ على تراث الأمة لأن الألعاب جزء مهم من هذا التراث .

إعطاء صورة حية عن الألعاب التي كان يمارسها الآباء والأجداد في طفولتهم .

تساهم الألعاب الشعبية في نمو الطفل الاجتماعي والانفعالي والجسمي والعقلي وهذا ما لا تفعله الألعاب الحديثة المصنعة .

الألعاب الشعبية متنوعة وعديدة وتحتاج إلى جمع وتوثيق للحفاظ عليها  أو ما تبقى منها لأنها تعبر عن روح الأمة وقيمها وعاداتها وأسلوب حياتها .

انطلاقاً من التراث فإن الألعاب الشعبية جزء من تاريخ الأمة وهو الذي يميز شخصيتها ويحافظ على أصالتها واللعب الشعبي جزء مهم من هذا التراث ينبغي جمعه وتسجيله والحفاظ عليه لأن ذلك واجب وطني قومي .

ألعابنا الشعبية ذات المهارات الأصيلة تعبر عن عاداتنا وقيمنا وطموحاتنا منذ القدم حتى الآن فهي أكثر الفنون التصاقاً بالبيئة والعادات والتقاليد ولا شك أنها تنمو وتتطور بالحفاظ عليها .

اهتم علماء الفولكور في بلاد العالم بدارسة ألعاب الأطفال حيث إن هذه الألعاب حفظت كثيراً من عناصر التراث التي كان يمكن أن تختفي دون أثر لولا ارتباطها بألعاب الأطفال وقد اهتم الغربيون بألعابهم فعملوا على تنظيمها وتنسيقها وشجعوا على ممارستها والتدريب عليها بينما أهملنا نحن ألعابنا الشعبية وتم تجاهلها حتى كادت تختفي .

وغالباً ما تتناول الألعاب الشعبية كثيرا من عادات المجتمع وقيمه وأحواله المادية .

أهمية الألعاب الشعبية للأطفال فى مراحل نموهم المختلفة:

ترجع أهمية الألعاب الشعبية إلى أنها تساعد في تنمية وتطوير شخصية الطفل وتقول ( باربرا بيبر ) يشعر المرء بالرضا والسرور لكل عمل ينجزه وحين يعُيد الطفل تشكيل ما في العالم من حوله من خلال اللعب إنما يصنع حجر الزاوية لشعوره عن نفسه في علاقته بالعالم فاللعب وسط يتعلم فيه الطفل الكثير عن نفسه وعن الآخرين بل وعن العالم من حوله.

 

دور اللعب في مرحلة  الحضانة:

يسود اللعب في حياة أطفال الحضانة وعن طريق اللعب يمكن أن يتقدم نمو الطفل في جوانبه الجسمية والعقلية والانفعالية حيث يحفل اللعب بالعديد من المواقف التي يمكن أن يتعود فيها الطفل على العلاقات ثنائية الاتجاه ، تلك التي تقوم على الأخذ والعطاء ويحكمها نظم وقواعد4.

 

الدور النفسي للعب في مرحلة الطفولة المبكرة:

يمثل اللعب دوراً مهماً من الناحية النفسية للطفل فهو بجانب أنه مهنة الطفل يستخدمه علماء النفس والأخصائيون النفسيون في تشخيص وعلاج الحالات النفسية عند الأطفال ويرى علماء النفس أن اللعب قد يكون مخرجاً ومتنفساً وعلاجاً لمواقف إحباطية في حياة الطفل ، حيث تنطلق الطاقة العصبية للطفل أثناء لعبه فتبعده عن التوتر والتهيج5.

 

الدور التربوي للعب في مرحلة الطفولة المتوسطة:

يتسنى للمربي أثناء اللعب أن تكون لديه الفرصة لتوجيه اهتمام الأطفال إلى الظواهر التي لها قيمة تربوية ، وعن طريق اللعب يستطيع المربي أن يؤثر على كل جوانب شخصية الطفل فيشغل اللعب كوسيلة للتربية العقلية وتطوير الكلام لدى الطفل وبذلك تصبح اللعبة مدرسة يكتسب فيها قواعد وعادات  وسلوك الأفراد واللعب يساعد الأطفال في التعرف على الأشياء واكتشاف خصائصها الطبيعية .

 وعن الدور الاجتماعي للعب في مراحل الطفولة ( المبكرة والمتوسطة والمتأخرة )

تقول المربية السوفيتية ( ن . ك . كروبسكيا) أن الطفل يُكون أصدقاء من خلال اللعب ويبدأ في تعلم بعض العادات والقيم الاجتماعية في لعبه معهم وتظهر روح التعاون بين أفراد اللعبة الواحدة ويكتسب الطفل معارف جديدة تنمي ذكاءه الاجتماعي.

 

تصنيف الألعاب الشعبية:

يقول الدكتور حسام محسب إن هذا التصنيف اعتمد على نوع اللعبة ولم يعتمد على وظيفتها مما أدى إلى تجنب التداخل الذي ظهر في التصنيفات الأخرى وجاء التصنيف على النحو التالي:

1) ألعاب المناسبات .

2) ألعاب تنافسية .

3 ) ألعاب القرعة والتخمين

4) ألعاب الصيد .

5) ألعاب ورقية .

6) ألعاب القمار .

7) ألعاب مهارية جسدية .

8) ألعاب مائية .

9) ألعاب المهد

10) ألعاب المحاكاة .

11) ألعاب غنائية .

وفيما يلي موجز لأهم الموضوعات الرئيسية التي تتكون منها شجرة الألعاب الشعبية:

1) ألعاب المناسبات:

هي ألعاب تمارس في مناسبات سواء دينية أو اجتماعية ويمارسها الجميع على اختلاف أعمارهم وأجناسهم مثل ألعاب الموالد ، وألعاب الأعياد والمواسم .

ومن الألعاب المشهورة في الموالد الشعبية لعبة التحطيب وقد عرف العرب لعبة التحطيب التي كانت تسمى بــ ( اللبج ) وكذا ( النقاف) وهي المبارزة بالسيف واللعب بالسلاح حيث يقوم أحد اللاعبين بالهجوم ، ويقوم الآخر بالدفاع وهكذا يتناوب الاثنان الضربات ويتقي كل منهما ضربات الآخر بعصاه الغليظة المستخدمة في لعبة التحطيب وكانت تقام  حلبات النزال والمبارزة في صدر الإسلام إما للتدريب على القتال أثناء الحرب أو للترويح في عيد أو سمر ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب  فلما سألت النبي Ð صلى الله عليه وسلم Ð قال تشتهين تنظرين ؟ فقلت نعم،فأقامنى وراءه خدي على خده وهو يقول: (دونكم يابني ارفده)6.

ومازالت لعبة التحطيب من أكثر الرياضات والألعاب الشعبية العربية انتشارا في صعيد مصر حيث يجتمع الأصدقاء والجيران والأقارب لمشاهدة هذه اللعبة التي يوسم من يفوز فيها بالشجاعة والقوة والمهارة ويردد المشاهدون عبارة ( اسم الله عليه Ð اسم الله عليه ) عند تغلب أحد المتحاطبين على الآخر وتنتشر هذه اللعبة أيضا في الريف المصري خاصة في حفلات العرس والزواج كتعبير عن الفرحة ، ومبعثاً للبهجة والتسلية7.

2) الألعاب التنافسية:

هي ألعاب تمارس بهدف التنافس والتسابق من أجل الفوز إلى جانب الترفيه مثل الجري (العدو) Ð المرماح Ðألعاب الكرة- ألعاب البلى Ð الاوله )وغيرها من الألعاب الشعبية .

سباقات الخيل:

اشتهر العرب بالفروسية وسباقات الخيل ، وقد كان الآباء يحرصون على امتطائها واعتبارها أحد مصادر القوة بحكم قول الله تعالى في كتابه العزيز ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) صدق الله العظيم8.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سابق بين الخيل، وكان يعطي الفائزين فيها جوائز وعطايا مختلفة، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: أجرى النبي صلى الله عليه وسلم Ð ماضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق قال ابن عمر وكنت فيمن أجرى )9.

وفي فضل اقتناء الخيل ورعايتها لما فيها من خير يقول الرسول الكريم ( الخيل معقود  في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) صدق رسول الله صلى  عليه وسلم10.

وقد ظل اهتمام العرب بالخيل موصولا إلى يومنا هذا لما لها من أهمية وبخاصة في منطقة الخليج العربي متمثلة في اقتناء الخيل وتربيتها وتنتشر بها نوادي الفروسية وكذا تنظم فيها سباقات الخيل وسباقات الهجن التي تنفرد بها دول الخليج وعلى رأسها أرض الحرمين الشريفين وفي مصر يجد الخيل العربي عناية خاصة وتنتشر رياضة السباق بالخيل في محافظة الشرقية بمصر وفي دبي بالإمارات العربية المتحدة .

سباقات العدو:

العدو والجري والمشي من الرياضات التي كان للعرب قصب السبق في تنظيم سباقاتها والحرص عليها فلها من الفوائد الصحية  والنفسية ما يشجع على ممارستها فهي تنشط الدورة الدموية وتعالج الاكتئاب وقد مارسها النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يسابق السيدة عائشة رضى الله عنها مباسطة لها وتطيباً لنفسها فقالت ( فسابقني رسول الله Ð صلى الله عليه وسلم Ð فسبقته، فلبثت إذا أرهقنى اللحم Ð أى سمنت Ð سابقني فسبقني فقال: هذه بتلك11.

وقد اشتهر كثير من الصحابة رضوان الله عليهم Ð في سرعة العدو والقدرة على السباق كعمر بن الخطاب والزبير بن العوام، وأبي عبيدة بن الجراح، وعلي بن ابى طالب، وسلمة بن الاكوع، كما اشتهر حذيفة بن بدر بأن كان أكثر العرب سرعة في العدو على الإطلاق.

وقد أصبحت رياضة العدو ذات شأن كبير في العصر الحديث وإحدى أبرز الألعاب في الأولمبياد المختلفة، إلا أن اللاعبين والعدائين العرب هم من أمهر العدائين الدوليين وبخاصة من دول المغرب العربى ويُعد تمرين العدو من أهم التمارين الرياضية التي تمارس في حصص التربية الرياضية في مراحل التعليم العربي ويقوم الصبيان في الأزقة والأحياء الشعبية بتنظيم سباقات عفوية للجري والعدو وسط جو من البهجة والانطلاق.

لعبة القلة والمقلاة:

هما عودان يلعب الصبيان بهما، فالقلة عود صغير والمقلاة خشبة قدر ذراع  يرمي الصبيان هذه القلة في الهواء ويتلقاها الآخرون بدقة شديدة ويضربونها بالمقلاة، وهكذا إلى أن تقع على الأرض فتحسب خطأ على من لم يتمكن من ضربها بمقلاته وتعرف في صعيد مصر هذه اللعبة ( التيك تراك).

3) ألعاب القرعة والتخمين:

وهي الألعاب التي تمارس بهدف اختيار اللاعبين أو للتفضيل بينهم من حيث سوق يبدأ اللعب مثل لعبة كيلو بامية Ð ملك ولا كتابة Ð حادى بادى Ð الخذروف وغيرها .

لعبة الخذروف:

وتعترف في مصر بــ النحلة وهي خشبة تشبه ثمرة الكمثرى في الشكل وأقل قليلاً في الحجم ويلف حولها الصبيان خيطاً ويدورونها بطريقة يتدربون عليها فيسمع لها دوي وأزيز تختلف سرعتها في الدوران باختلاف طول الخيط ودقة سنها الذي يصنع عادة من الحديد الصلب ويقول امرؤ القيس:

درير كخذ روف الوليد اثاره

                        تتابع كفيه بخـيـط موصــل

4) العتاب الصيد:

وهي الألعاب التي تمارس بهدف إظهار المهارات الفردية في نصب الأفخاخ أو النشان على الأهداف المتحركة مثل صيد الأسماك وصيد الطيور وصيد الحشرات .

- لعبة الصيد بالصقور:

تقول الروايات أول من صاد بالصقر من العرب ودربه هو الحارث بن معاوية بن ثور بن كنده حيث وقف ذات يوم عند صياد ينصب شبكه للعصافير فانقض صقر على عصفور علق في الشبكة وأخذ يأكله وما لبث أن  علق بجناحه والحار ث ينظر إليه ويعجب من فعله، فأمر به، فحُمل إليه ووضع في بيت وأوكل به من يطعمه ويعلمه الصيد، فصار يحمله على يده وذات يوم وهو سائر رأى الصقر حمامة فطار عن يده إليها وانقض عليها وهم بأكلها فأمر الحارث عند ذلك بتدريبه وتهذيبه والصيد به، وبينما هو سائر لاح له أرنب فطار الصقر إليه وأخذه ، فلما رآه الحارث يصيد الأرنب والطير ازداد إعجابه به ومن يومها عرف العرب الصيد بالصقور، وعُرف الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك منذ كان أميراً بحبه الشديد لرحلات القنص واقتناء الصقور ودلل على ذلك الأمر حينما تولى  خلافة المسلمين، فقد عين الغطريف بن قدامة الغساني في منصب سمي بصاحب صيد هشام بن عبد الملك سواء بسواء مع صاحب الشرطة والولاة وضمن هذا السياق التاريخى لتلك اللعبة أو الرياضة يعتبر الكتاب الياباني خلاصة مما كتب عن الصيد بالصقور قديماً وحديثاً من أقدم المراجع في العالم التي تحدثت عن نشأة الصيد بالصقور وفيه تسجيل لرحلة قنص عليه الشأن شارك فيها الملك الصينى ( تسوون وانج ) الذي حكم البلاد من عام 689 الى عام 675 قبل الميلاد.

وحاليا زاد الاهتمام بتربية الصقور وأقيمت المشافي لعلاجها ومن أشهر تلك المراكز مستشفى الصقور والمركز الطبى لبحوث الطيور بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة الذي تم افتتاحه في 2/2/1999 لتقديم الرعاية للطيور بشكل عام والصقور التي  تستخدم في الصيد بشكل خاص12.

5) ألعاب ورقية :

وهي من الألعاب التي تظهر المهارة في صنعتها أو في القدرة على استخدامها مثل لعبة الدبور Ð لعبة الطيارة Ð لعبة المركب Ð لعبة المسدس Ð لعبة الكوتشينة.

- لعبة الطيارة ( التطيير ):

هي لعبة مشتركة تمارس في الصحراء والأرياف والوديان ولا تقتصر على الصبيان بل يمارسها كثير من  الشباب في الأراضي الفسيحة، وتعتمد على تطيير طائرة ورقية على شكل سداسي وذيل، ويراعى فيها الاتزان ويلزم لجعلها تحلق في الهواء تدريباً وممارسة وتسمى الطائرة الكبيرة (ونش ) والصغيرة ( سوميك ) وقد نقلت اللعبة إلى دول جنوب شرق آسيا من العرب عن طريق قوافل التجارة العربية إبان العصر الوسيط.

6) ألعاب القمار:

وهي من الألعاب التي تمارس بهدف تحقيق مكسب مالي وتمارسها فئات عمرية مختلفة وجنس محدد مثل لعبة الزهر Ð لعبة الشخشيخة Ð لعبة الثلاث ورقات Ð لعبة كش ملك Ð لعبة الكتش متش وغيرها .

7) ألعاب مهارية جسدية:

هي الألعاب التي تهدف إلى إظهار القدرات والمهارات الجسدية التي يتميز بها شخص دون الآخر مثل لعبة العجلة Ð القبه Ð طجو طجو Ð الزحاليق Ð لعبة المقابلة:

هي لعبة يقوم فيها الأطفال بوضع شىء من الأشياء في رمال الصحراء ويطلبون من أحدهم البحث عنه والإتيان به فيبحث عنه فإن لم يجده وأعياه البحث عنه قالوا له في بهجه( فال رايك فال رايك ) ويكررونها ثم يستمرون في اللعبة فيخبئون شيئاً آخر وهكذا .

8) ألعاب مائية:

وهي الألعاب التي تُظهر القدرة على السباحة إلى جانب ممارسة لعب أخرى إلى جانبها مثل الكرة المائية وغيرها .

وتُعد السباحة من الرياضات العربية الأصيلة وتعتمد على الحركات البدنية والمجهود العضلي الكبير لذلك فإنها تساعد في بناء الأجسام ولياقتها وهي من أكثر الألعاب الشعبية انتشاراً أو شيوعاً في العالم العربي خاصة أن المولى عز وجل قد حبا معظم البلاد العربية بسواحل بحرية وشواطى تمارس في مياها رياضة السباحة والمنافسات المائية وقد ثبت أن العرب اهتموا بهذه الرياضة ولهم فيها مواقف ومآثر عدة تؤكد حرصهم على تعلم السباحة وقد ذكر أبو القاسم البغوي  وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم   (سبح هو وأصحابه في غدير فقال: ليسبح كل رجل إلى صاحبه فسبح Ð صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر حتى عانقه13. صدق رسول الله

9) ألعاب المحاكاة:

وهي الألعاب التي تمارس لمحاكاة أشياء في الواقع ولكن  ليست هنالك قدرة على فعلها مثل لعبة المقص والحجر، لعبة الطعمية والخبز والطهي وغيرها

10) ألعاب غنائية:

وهي الألعاب التي يؤديها الأولاد بمصاحبة الغناء مثل سى سى سى، سندريلا ومالك يا سوسو بتبكي ليه Ð عروستى ضاعت أسماه إيه  وغيرها

11) ألعاب الملاهي:

وهي ألعاب تمارس داخل ملاهي الأطفال ومنها السيارات الكهربائية Ð الساحر Ð المراجيح بأنواعها .

من ألعاب الملاهي: لعبة الاستغمايه:

وهي لعبة شعبية تندرج تحت تصنيف الألعاب التنافسية وهي لعبة حركية شعبية يمارسها الأطفال من الجنسين من سن 6 Ð 12 سنة ويلعبها على أقل عدد 4 أطفال وما فوق وتبدأ اللعبة بتحديد مكان تبدأ من عنده اللعبة ويسمى الأمة وتبدأ اللعبة باختيار اللاعبين طفلاً من بينهم من خلال القرعة التي تتم من خلالها لعبة أخرى إسمها كيلو بامية ثم يقوم الطفل بتنفيذ الغميضة ( أي يغمض عينيه ويترك باقي الأطفال يجرون للاستخباء في أى مكان ) ثم يفتح عينيه ويبحث عنهم ومن يجده أولاً يكون مكانه في الغميضه أو الاستغماية.

ومما سبق يتأكد لنا أن العرب عرفوا اللعب الشعبي ومارسوا الرياضيات المختلفة بل نقلوا للآخرين ألعاباً جديدة لم تكن موجودة عندهم فرغم براعتهم في العلوم العقلية والمادية برعوا كذلك في الترويح عن أنفسهم فالأرواح تمل كما الأبدان لذا يجب إعطاء الجسم حقه في اللهو المباح والمرح.

 

الهوامش

1: د / حسام محسب - الألعاب الشعبية المصرية - مجلة الهلال - ص28 - العام الثامن عشر بعد المائة - عدد فبراير القاهرة 2010 م .

2: أشرف سعد نخله - أطفالنا هل نفهمهم ؟ - مركز الإسكندرية للكتاب - ص 47 - الإسكندرية - القاهرة 2008 م

3: أشرف سعد نخله - إحذري ألعاب العنف - مجلة الوعى الإسلامى - عدد 424 - ص 94 - الكويت 2001 م

4: د / مصطفى رجب - لعب الأطفال أهميته وفوائده - مجلة الكويت - ص 68 - عدد ( 249 ) - الكويت 2004 م

5:  أشرف سعد نخله - المشكلات السلوكية والنفسية للأطفال وكيفية علاجها - ص 49 - دار الفكر الجامعي - الإسكندرية - مصر 2011 م

6: رواه صحيح البخاري ومسلم في صحيحيهما.

7: ممدوح إبراهيم الطنطاوي - الرياضيات والألعاب الشعبية - مجلة الخفجى - ص 31 - العدد الثامن - مجلد ( 39) - السعودية 2009 م

8: سورة الأنفال الآية ( 60 )

9: ابن حجر العسقلاني - فتح الباري- شرح صحيح البخاري- ج 6 - ص 4

10: صحيح الجامع الألباني - 1964

11: رواه أحمد

12: إبراهيم المليفي- الصقور والحبارى - استطلاع بمجلة العربي الكويتية- ص 38 - عدد ( 528 ) - الكويت 2002 م

13: الزرقاني- المواهب البدنية - ج1  ص 164

أعداد المجلة