فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
60

فن الوشم .. رؤية أنثروبولوجية نفسية

العدد 3 - عادات وتقاليد
فن الوشم .. رؤية أنثروبولوجية نفسية
كاتب من مصر

 

الوشم من الموروثات الشعبية القديمة  التى تداولت فى مختلف المجتمعات الإنسانية على مر العصور، ويعد جزءا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية آنذاك، لأنه يدخل فى مجالات مختلفة من العلاج والتفاخر والتزيين ، كما يمكن عده أحد الطرق الخاصة فى تزيين وتجميل الرجال والنساء قديما وفى العصر الحديث.

وتقول النساء إنه يشكل بديلا للحلي كالعقود والأساور والخلخال، لأنه يتخذ أشكالا مختلفة وكثيرة منها ما يكون على أشكال هندسية فائقة للتصوير وأشكال الزهور والأشجار والرياحين، ومنها أيضا ما يأخذ اشكال البروج والكواكب والهلال والقوس، وكثيرا ما تغنى الوشوم الكاحلين بأنماط زخرفية متنوعة، وتتميز بما يتميز به الفن الإسلامي من حيث تحاشيه للتكرار الآلي للأشكال، فجمالية الوشم كشكل فني يكمن فى تنسيق الخطوط والأشكال، فالتصاميم تقوم على التناسق والتكامل الهندسي، وعلى الدقة والبساطة فى التعبير.

ويستخدم الوشم أيضا للوقاية من الحسد والعين الحاسدة، ومن الأمراض العصبية والنفسية وكثيرا ما تلجأ الأمهات لوشم أطفالهن فى مناطق بارزة من الجسم كالوجه مثلا، أما بالنسبة للرجل، فالوشم يمثل رمزا للقوة والشجاعة والتفاخر، إذ تمثل بعض الوشوم المواقف البطولية للرجل، وتدل على ذلك الرسوم والرموز والكتابات .

 

التاريخ الأنثربولوجي والنفسي

 يعود الوشم إلى تاريخ موغل فى القدم، فيرى الأنثربولوجيون  أن الوشم الذي يزين به الريفيون أيديهم وصدورهم وشفاههم ووجوهم لم يكن فى يوم من الأيام من عبث هؤلاء المعلمين، وإنما يعود إلى التاريخ القديم عندما كان الناس يعيشون فى حياة بدائية يقدسون فيها بعض الحيوانات، ويخشون فيها من بعض مظاهر الطبيعة كالموج والرياح والمطر والرعد. ويقودنا هذا كله إلى أن الوشم ظهر فى المجتمعات الطوطمية التى تتألف من قبائل وعشائر صغيرة لكل منها طوطمه الخاص، وهو عبارة عن نوع حيواني أو نباتي أو أحد مظاهر الطبيعة التى ترتبط بها هذه العشيرة وتتخذها رمزا لها .

وأحيانا يكون الرمز عبارة عن أشكال هندسية أو مجموعة خطوط ليس فيها شيء من صورة الطوطم وإنما يصطلح على اتخاذها رمزا لها، ويكثر هذا النوع من الرموز فى العشائر المتأخرة في ميادين الرسم والتصوير كعشائر السكان الأصليين لاستراليا. وقد تستخدم بعض أجزاء الحيوان أو النبات نفسه كرمز إلى الطوطم. ففي بعض العشائر يرمز إلى طوطم العشيرة نفسها. كما ترمز فى عصرنا الحاضر صورة الدب إلى روسيا، وصورة الديك إلى فرنسا ... وبذلك تتميز كل عشيرة طوطمية برمز خاص, كذلك يتميز بنفس الرمز ما تملكه وما يتصل بها من جميع ما يخرج عن نطاقها. ومن ثم نرى الرمز الطوطمي للعشيرة مثبتا على أجسام أفرادها وملابسهم وأغطية رؤوسهم وأسلحتهم وخيامهم وتوابيت موتاهم وقبورهم وما تملكه من حيوان ومتاع .

ولما كان أفراد العشيرة مشتركين مع طوطمهم فى طبيعته، فهم كذلك يشتركون معه فى قدسيته، فكل واحد منهم كان ينظر إليه على أنه متمثل فى صورة ما. وهذه القدسية منتشرة فى جميع أجزاء الجسم وعناصره، ولكنها أظهر ما تكون فى نظر هذه العشائر فى دم الإنسان وشعره. ومن ثم كانت الدماء والشعور من أكثر عناصر الإنسان استخداما فى هذه الطقوس والشعائر الدينية البدائية عند هذه العشائر.

وعلى هذا الأساس أنه حينما كانت تطبع صورة الطوطم على جسم الإنسان المراد امتزاجه بطوطمه، كان لابد من خروج الدم لكي يمتزج به امتزاجا ماديا ومعنويا، بتلك الصفات والأشياء التى ذكرناها، ومن هنا نشأت عادة الرسم أول ما نشأت.

هذا ولا يزال للطوطم الفردي رواسب كثيرة فى العصر الحاضر، ففى الأمم المسيحية  يتخذ الفرد حاميا له من بين الحواريين أو القديسيين. وقد جرت العادة فى بعض الأمم الأوربية  أن تغرس الأسرة شجرة يوم أن يولد لها وليد، وتحيط هذه الشجرة بعناية كبيرة، وتعتقد أن مصير الطفل معلق بمصيرها. كذلك كان العرب أيام الجاهلية، آمنوا بأن لكل إنسان طيرا يعيش ما عاش ويموت بموته، فإذا قتل الإنسان دون أجله، ظل الطير شريدا باكيا معولا حتى يؤخذ بثأر صاحبه ويطل دمه.

وهذا الطير يسمى  “بالهامة ” وتذهب الأساطير إلى أن الهامة لا تستريح حتى تسقى من دم قاتل صاحبها، ولهذا قال شاعرهم (حتى تقول الهامة أسقوني ..) فهذه الأسطورة تمثل الخيال البدوي الساذج، وهذا كله يقرر لنا أن الأساطير ليست مجرد ترهات لا قيمة لها، بل هي آثار ذهنية ومعتقدات فكرية لها قيمتها وأهميتها فى التحليل النفسي والتاريخي لمختلف الشعوب.

ويبدو أن ذلك  هو الأساس الذي ارتكز عليه قيام الوشم منذ القدم، وقد بقيت له رواسب فى النفس البشرية بعد أن تطور المجتمع الإنساني إلى أطواره الحديثة. فبعد ان ذابت الديانات البدائية، وتفتحت عيون الناس وعقولهم على الإله الواحد الأحد، وبعد أن اتخذ الإنسان خطوات عريضة فى طريق الحضارة والرقي، فمارس الزراعة واتقن الحرف والصناعات، وأقام البناء المعماري وعرف المسكن والاستقرار، وآمن إلى حد كبير غوائل الطبيعة، ظل مع ذلك متشبثا بالوشم، ولم يكن تشبثه بهذا القديم، إلا لأنه رغم ما بلغه من تطور، لم يستطع ان يتحرر تماما من انفعاله وتأثره بما يحيط به من أسرار الطبيعة وأخطارها، وما ورثه من معتقدات وعادات موغلة فى القدم.

ويؤكد بعض علماء المصريات(الباحثين فى تاريخ مصر القديمة) أن المصريين القدماء عرفوا الوشم ومارسوه فى دياناتهم القديمة، وربطوه بها ربطا كبيرا، بالإضافة إلى أنهم قد اتخذوا من رسومه أيضا وسائل للزخرفة والتجمل، ويشير الدكتور “كيمير  keimer” إلى أنه درس آثارا للوشم فى (موميات )  راقصات فرعونيات، ولاحظ الأجزاء التى بها وشم تطابق مكان وضع الحلي والأحجبة، وهذا يحملنا على الاعتقاد بأن الحلي التى نرى الراقصات فى العصور الحديثة يحرصن على وضعها فوق أجزاء معينة من أجسامهن، يمكن ردها إلى أزمنة سحيقة، كان الرقـــص  كما يخبرنا الأنثربولوجيون خلالها مرتبطاً بالمعتقدات الدينية .

وفى العقود الأخيرة عثر علماء الآثار على مجموعة من الوشومات مرسومة فوق أجساد مومياوات الفراعنة، فيما اكتشف آثاريون كانوا ينقبون داخل الأهرامات علامات الوشم فى قبر توت عنخ آمون، كان يغلب عليها  النقوش باللونين الأسود والأزرق. وأيضا تم اكتشاف مومياوات مغطاة بنقوشات الوشم تم اكتشافها في بيرو، وعلماء الآثار يقولون إنها أفضل نموذج لموميات تنتمي إلى حضارة بادت قبل 1300 عام. والمومياء التى يبلغ عمرها 1500 عام كانت أيضا لأمرأة فى العشرينيات، ويعتقد انها كانت تنتمي لقبيلة “موشة” ذات النفوذ. وعثر أيضا على جمجمة لفتاة موشومة،  يُعتقد أنه قد ضحي بها حيث ما يزال حبل يلف رقبتها .

وما زالت بعض “الوشامات” فى مصر وأغلبهن من ضاربات الودع وقارئات الفنجان ممن ينتسبن إلى قبائل الغجر، يجبن مدن مصر وقراها، وخاصة فى الصعيد حيث بسطاء الناس بحثا عن زبائن، وما زال أغلب المصريين يعتقدون ان أفضل وقت لإجراء الوشم هو شهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) وتغلب صورة السمكة (وتعني المرأة) على ظاهرة الوشم فى مصر كرمز للخصوبة والحماية.

 

الوشم زينة وعلاج

داخل الحياة اليومية لبعض القبائل التى ما زالت تعيش فى غابات وأحراش امريكا اللاتينية وأفريقيا مع امتداد نهري زامييزي والنيل، كان ساحر القبيلة هو طبيبها، فهو الذي يقوم بطقوس الوشم فى أماكن المرض على جسم الإنسان، والتى يعاني منها الألم وما إلي ذلك، حيث يعتقد أفراد تلك القبائل أن الوشم هو درع واق ضد الأمراض وطارد للشياطين التى تدخل جسم الإنسان وتسبب له الألم، لهذا فالوشم هو القوة المضادة لذلك، فهو يحقق التوازن الجسدي بين الخير والشر.

وكان قدماء العرب فى شبه الجزيرة العربية والشام يضعون وشما على وجه المريض وجانبي رأسه حين يشعر الإنسان بالصداع، كذلك على الظهر واليدين والقدمين حين يعاني المريض من آلام فى العمود الفقري أو فى مفاصل الأطراف، حتى أن هذه الظاهرة ما زالت متبعة حتى يومنا هذا فى أرياف وبوادي العراق، حيث يقوم أحد العارفين بشؤون (الطب الشعبي) بوضع الوشم على أماكن الألم فى جسد المريض، وتسمى (الدكة) باللهجة المحلية، وترى نفس الظاهرة فى صعيد مصر وبعض مناطق الصحراء فى شمال إفريقيا.

ومن الجدير بالذكر أن الوشم فى صعيد مصر ظل محتفظا بطابعه القديم، فالوشم فى الصعيد يتميز بأن الشفة السفلى تكون كلها باللون الأخضر، والذقن يكون عليها رسم يصل من الشفة إلى أسفل الذقن، تضعه الفتاة المصرية كنوع من التجمل والزينة، كما وجد فى بعض الموميات المصرية القديمة. وبهذا ظلت الفتاة المصرية الصعيدية الحديثة تدق تلك العلامة على الذقن دون أن تعرف انها عادة مصرية قديمة مضى عليها آلاف السنين.

ولم يقتصر أمر الوشم. فى ذلك الحين. على التجميل فحسب، إلا أنه كان أيضا وسيلة علاجية لشفاء بعض الأمراض، كم ظن فى هذه الأيام أنه يمنع الحسد، والوحدة المثلثة الشكل التى لا تزال تستعمل فى أيامنا هذه فى شكل حجاب، وكذلك التعويذة المسماة(خمسة وخميسة) ما هي إلا بقية من المعتقدات الشعبية فى الماضي السحيق. كما أن النخلة والتى هي رمز مصري قديم تدل على الإخصاب والإنتاج والوفرة، والسمكة ترمز إلى وفرة النسل وكثرته، والعصفور الأخضر اتخذه المصريون رمزا للخير والخصب والحياة .

وللوشم إلى جانب وظيفته التزيينية ورموزه الاجتماعية، مميزاته الطبية، على الرغم من أنه يجمع بين أنواع من العلاج الشعبي الطبيعي، والذي كان مستخدما عند مختلف الشعوب فى العصور القديمة، وخرافات وأساطير تلبثت به وسادت لأزمان مضت، خلت من المعنى أحيانا واشتملت على اللامعقول فى كثير من الأحايين. من ذلك كما يقال فائدته ضد الأمراض العصبية، خاصة عندما يوشم على القدمين أو الكاحلين أو حول الركبتين أو على الكتف والظهر، أو فوق الجبهة أو بجانب أعلى الصدغ، ويقوم بعملية الوشم شخص متخصص فى تزيين الجسم، خاصة فى ما يتعلق بالأشكال المزخرفة، أما بالنسبة للشكل البسيط جدا كوشم الدوائر  فأي شخص يده خفيفة يقوم بالعملية.

ومن خبرة إحدى الواشمات القديمات، كانت تعمل بالأبر التى تتخذ شكل الثلاثة إلى سبع أبر تربطها  بخرزة أو عجينة وتشدهن بواسطة خيط وتعمد بعد ذلك إلى طمس الأبر بالسخام أو الفحم، وتراعي فى عملية الوشم الابتعاد عن الشرايين، وعلى الموشوم أن يتحاشى الماء حتى يجف الدم، وتبدأ العملية بالدق السريع مولدة فى ذلك ألما  كبيرا لا يطاق، ووسط صرخات الموشوم تردد كلاما للتخفيف عن آلامه، ويعتمد على اخضرار الزرقة أن يطمس أطراف الأبر  بمرارة الديك، ويفضل الطيور الوديعة فى ذلك، أو بحليب  المرأة  ليضفي على جلد المرأة رونقا وجمالا. ويتخذ الوشم فى ذلك صورة المرض وتصويره بشكل متناه بالدق على العضو المصاب.

أحد الأشخاص الموشومين كشف عن وشم كبير فى منطقة الرأس على شكل خريطة دائرية مطرزة بالنقاط، وعندما سُئل عن سبب ذلك أجاب :“ تعرضت منذ صغري إلى داء الشقيقة الذي ولد فّى آلاما شديدة فى الرأس ، فوشمتني والدتي فى حينها هذا الوشم على منطقة الألم فى الرأس ، بعدها شفيت منه تماما”.

كما أكد أحد الأشخاص أن الوشم يستعمل فى الأمور الطبية المستعصية، مثل حالته إذ كان يعاني من تضخم فى الكليتين وعجزهما، فأجرى عملية الوشم على جانبي منطقة البطن فوق الكليتين فشفيتا تماما. كما ان أحد الأشخاص لوحظ على طرف جفنه وأنفه علامات تكاد تكون مضمحلة المنظر، وحين سُئل عنه قال:“ كنت جميل الطلعة حسن الوجه فى الصغر ولخوف والدتي من الحسد والعين الحاسدة، أخذتني إلى الوشامة لعمل رموز ونقاط على هذه المناطق من وجهي”.

كما يبرز دور الوشم كعامل لإخفاء العيوب والتشويهات التى تظهر فى الجسد والوجه بشكل خاص العيوب الطبيعية أو حدثت نتيجة حادث، إذ تعمد الوشامة المحترفة فى عمل أشكال متناسقة على ظهر الجلد المشوه لإخفاء العيوب. كما كان يستخدم الوشم أيضا عند الشباب والشابات الذين فاتهم قطار الزواج، إذ يسبب لهم هذا الأمر أزمات نفسية فيلجئ الشاب أو الفتاة للتنفيس عن هذا الأمر إلى إحدى الواشمات أو الوشامين، فيؤخذ اسم الشخص الثلاثي لمعرفة دورات كوكبه، إذ يرسم لذلك دوائر الأفلاك وبروجا ممتزجة مع بعضها، ويوشم الشخص فى وقت معين وَشْماً من نوع خاص.

وفيما يتصل بوشم بعض الشعوب، فإننا نجد أنه إذ كان المسيحيون من المصريين مثلاـ قد رسموا القديس ماري جرجس وهو يمتطي صهوة جواده ويقتل الشيطان فى صورة التنين أو الثعبان العظيم، فإن المصريين المسلمين قد رسموا “الزير سالم” و“الزناتي خليفة” كرموز وصور لأبطال يحبون أن ينتسبوا إليهم، وهؤلاء قد مثلوا فى الذاكرة الشعبية أبطالا ومنقذين لابد من تخليد ذكراهم، أو انتظار عودتهم.

وعلى الرغم مما يسببه الوشم.خاصة بطرقه القديمةـ من الألم الشديد لمن يقوم به، لكننا نجد الكثيرات من فتيات القرى كن يذهبن قبل الزواج إلى الأسواق الشعبية لدق السمكة كفأل حسن تجنبا لحالات العقم، خاصة المقبلات على الزواج  وكذلك رسم الثعبان بأشكال متعددة والأبريق، ولعل فيما رآه “سيجموند فرويد” بعض الجواب، إذ يرى فى كتابه Totem and Taboo  أن هذه الرموز ذات علاقة وثيقة بالجنس، فمثلا بعض صور الوشم تضم فتاة تحيط بها سمكتان وثعبان، وإن رجلا يدق على صدره مثل هذه الصور إنما يشير بذلك إلي رغبة كامنة فيه إلى امتلاك فتاة معينة كعروس مشتهاة. كما أن وضع السمكة إلى جانبها إنما يشير إلي اشتهاء حياة الرغد والنسل. ووضع الثعبان الذي يرمز أصلا إلى الشيطان إنما يفصح عن خوف يعتمل فى نفسه من الشيطان، ويأمل ويتمنى أن  يجنبه الله ما يجلبه إليه من شرور تسبب له الأحزان، ونرى أن تفسير فرويد يضع تعليلا معقولا لعمل عمليات الوشم التى يرغبه فى الأغلب ـ شبان يطأون الدرجات الأولى نحو الرجولة وتكوين الأسرة.

 

الحناء والوشم

وعامة إذا كانت ظاهرة الوشم لدى الشباب والرجال هي لإظهار القوة وإبراز الهيبة والسيطرة أو لإدخال الرعب فى قلوب الخصوم والأعداء، فالظاهرة عند الفتاة العربية هي واحدة من أساليب الجمال والأنوثة، حيث ما زالت الفتيات والنساء العربيات يطبعن أياديهن وأقدامهن ومناطق أخرى فى الجسم برسوم الوشم، وخاصة بالحناء، فالوشم بالحناء بمثابة حلى للفقيرات، ورموزه تحمل الكثير من الدلالات الاجتماعية والدينية، وما زالت ظاهرة الوشم بالحناء متداولة فى أغلب البلاد العربية فى طقوس الزواج، حيث توشم العروس وقريباتها وصديقاتها ليلة العرس، وتحاول من تضع الوشم إتقان الرسم على الكفين والبطن وأسفل القدم، وبعض أجزاء الوجه لتغدو العروس أكثر تزويقا وجمالا.

ففى المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب وأجزاء من الصحراء الليبية) ينتشر الوشم كعملية جمالية إضافة إلى اعتقاد الناس هناك بأنه عمل يطرد الشرور والأمراض، والملاحظ  أن أغلب رسوم الوشم هناك مستوحاة من أشكال النباتات والزهور.. يقول أحد الباحثين الاجتماعيين إن ظاهرة الوشم فى شمال أفريقيا العربية تعود إلى عهد(هينيبل) الروماني، حتى أن الرجال والنساء كانوا يضعون الوشم على وجوههن فى (قرطاجنة).

          

عودة الوشم

هذا ومن جانب آخر اجتاحت العالم فى السنوات الأخيرة موجة الوشم أو ما يسمى بـ (التاتو) حيث لا تكاد ترى شابا أو شابة إلا وشم على جزء من جسمه أو جسمها، والأمر لا يقتصر على الشباب من الأعمار الصغيرة أو المراهقين، فالأمر قد تجاوز ذلك نحو الأعمار الأخرى  التى تتجاوز الأربعين أو الخمسين، وقد انتشرت ظاهرة الوشم فى أوساط الشباب وأصبحت تتطور بصورة تتلائم مع الموضة والأزياء، كما امتدت أهمية الوشم عند البعض ليصبح رباط غليظ بين المحبين يشبه رباط الزواج، حيث يكتب المحب اسم حبيبه وأحيانا يرسم صورتها على جسده كدلالة على حبه لها وولهه بها، خاصة وان ما كتبه ورسمه يصعب إزالته إلا بماء النار أو بإجراء عملية بالغة الخطورة.

حيث يعتمد الوشم على الإبر لإدخال مادة الحبر تحت الجلد لكتابة رموز وكلمات أو رسم رسومات ذات دلالات خاصة بصاحبها. وتقول إحدى المختصات على عمل الوشم بمركز تجميل فى أحد ضواحي القاهرة أن الوشم :“ثقوب يتم تحديد مكانها فى الجسم بقلم دوار فى مقدمته إبرة تحمل الصبغة إلى الجزء المخصص فى الجلد ، والمراد الرسم عليه، وهذه العملية تتطلب دقة متناهية، وتستغرق من ساعة إلى ساعتين تقريبا حسب مهارة الواشم”. وتضيف :“هناك أنواع عديدة من الرسومات أغلبها رسومات من الطبيعة، فالبعض يختار الرسومات التى  تعبر عن القوة والصلابة، وأحيانا القوة الشخصية مثل رسومات الجماجم والأفاعي وغيرها، وبعضهم من يقلد مشاهير النجوم فى رسوماتهم المجنونة سواء كانت من فروع الشجر أو الورود فى مناطق ظاهرة من الجسد”.

وعن أعمار زبائنها وجنسهم تقول :“الشباب من الجنسين يقبلون على دق الوشم وإن كان الذكور أكثر من الفتيات، كما أن الكتف أكثر أماكن الجسد التى يوشم فيها وأحيانا البطن والصدر، وتتراوح الأعمار ما بين 14 إلى 35 سنة أغلبهم من الطبقة الغنية بالمجتمع ممن يلهثون وراء الموضة، والموضة المنتشرة الآن بين الشباب من الجنسين هي رسومات الحب الجارف، وكتابة أسماء الحبيب للتأكيد على الارتباط الأبدي، والوشم لا يمكن إزالته إلا بماء النار أو من خلال عملية جراحية يتم فيها إزلته باستخدام الليزر”.

وقد عمد  بعض شبابنا للأسف الشديد ـ فى الوقت الحاضر إلى وشم أسجادهم برموز وكتابات، فتحولت أجسادهم لصفحة من المآسي والأحزان تشرح حالة من الإحباط والفشل فى المغامرات العاطفية والعلاقات الاجتماعية التى خاضوها، وهذا الأمر نتج من حب نزعة التقليد والفراغ .. وقد رصدنا عدة رسومات وكتابات تدل على ذلك، منها رسوما لطيور جارحة كالصقر والنسر وحيوانات مفترسة كالأسد والفهد والأفعى ورسوما أخرى وطلاسم، ومن الجدير بالذكر أن الدراسات الاجتماعية الحديثة ربطت بين الوشم والاضطرابات النفسية والسلوكية، حيث وجد ان غالبية الأشخاص الذين يقدمون على الوشم مصابون باضطرابات سلوكية وانحرافات ومشكلات نفسية.

 

الوشم والدين

يرى الدكتور رأفت عثمان أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الدين يحرم الوشم لقوله، صلى الله عليه وسلم  :“ لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة المغيرات خلق الله”. مؤكدا بأن التجميل أو الزينة التى تقوم على الغش والتدليس محرمة شرعا، بينما تلك التى تقوم على صالح الإنسان كإزالة التشوهات والتداوي بهذه لا ضرر منها.

ويضيف الدكتور عثمان بأن المسلمين يتعرضون  الآن لهجمة شرسة لتعطيل قواعد السنة، ومن أخطر هذه الهجمات تلك المعتقدات الاجتماعية بالوشم، وأن رسوماته تمنع الحسد أو تزيد الشعور بالثقة وغيرها من الخرافات، ونسوا أن الله سبحانه وتعالى هو القادر على الشفاء، كما أن الحسد موجود، ولكنه غير مرتبط بهذه الرسومات التى هي أخطر على صحة المسلم فضلا عن أضرارها الأخرى. بينما يرى الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف أن الوشم تشويه لخلق الله تعالى والتصرف فى وديعة هي الجسد  بغير الحق، والواشم والمستوشم ملعونان من الله تعالى، وهو انصياع لأوامر الشيطان وانحراف فكري وسلوكي أصاب بعض الشباب.

والملاحظ ان نسبة ليست بالقليلة من النصارى والمسلمين يستوشمون، رغم تحريم الديانتين  للوشم. فإذا كان الإسلام لعن فاعليه، فإن النصرانية حرمته أيضا منذ مجمع نقية، ثم حرمه المجمع الديني السابع تحريما مطلقا باعتباره من العادات الوثنية.

وقد اهتمت المرأة خاصة بهذه التقنية حتى صارت لصيقة بها، وقد اعتمدتها لأغراض تجميلية، لكن الرجل بدوره لم يقف متفرجا على زينة المرأة فقط، ولكنه بدوره جرب استعمالها، ومن بين الفئات الذكورية التى عرفت بذلك، الجنود، والسجناء، والبحارة. وقد اتضحت فى السنوات الأخيرة مخاطر الوشم الطبية والصحية التى سنتحدث عنها، ومن هنا لم يكن غريبا أن يحرم النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل أكثر من 1400 سنة الوشم، ولعن فاعليه وفاعلاته، واللعن هو الإخراج من رحمة الله، وذلك يدل على أن الشريعة هي من صنع لطيف خبير، فعن أبي جحيفة قال :“نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور” (صحيح البخاري، كتاب البيوع، رقم الحديث 1980). وعن عائشة انها قالت :“ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة”(سنن النسائي 5099).

أما فيما يتصل بالتجميل المباح فإن الإسلام قد دعا  إلي الجمال والحرص عليه، فإن الله تعالى جميل يحب الجمال، وقد أمر الإسلام المرأة أن تتجمل بالكحل والذهب والفضة وكل أنواع الجمال من شيء يلبس أو يدهن به الجسم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:“طيب النساء لون لا ريح له وطيب الرجال ريح لا لون له”، وبذلك سن التجمل للنساء حتى قالت أم المؤمنين عائشة، ذات مرة لامرأة :“ لو استطعت ان تقلعي عينيك فتجمليهما وتعيديهما لزوجك أجمل مما كانتا عليك فافعلي”، ولذلك أباح الإسلام التطريف وهو “نقش الحناء” وجعله للزوج خاصة، وجعل الكحل جمالا مستمرا لا يتوقف إلا بالحداد، ولها أن تقشر الوجه “إزالة الشعر” خصوصا إذا نبتت لها لحية أو شارب، أما الرجال فجمالهم فى تهذيب اللحية ونقاء الثياب ووضع الطيب وتعدد الملابس والسواك وخضاب الشيب بغير سواد. 

 

من الابرة الحديدية .. إلى الليزر

وتختلف رسوم وأساليب (الوشم) وأماكن وضعه على جسم الإنسان من بلد لآخر حسب الطبيعة الاجتماعية والمناخية والعادات والتقاليد التى تسود البلد، لكن القاسم المشترك فى طريقة الرسم واحدة، حيث تتم بواسطة أبر حديدية مدببة أو قطع نحاسية ذات رؤوس حادة محروقة تغمس بمواد الوشم التى تكون غالبتها من الرماد أو مواد تكحيل العيون. ويدق بها مكان الوشم المطلوب على الجسم بطريقة سريعة لا تخلو من الألم .. لكن الأمر تطور مع انتشار الظاهرة وشيوعها فى أنحاء عديدة من العالم ، فقد قامت مجموعة من الشركات اليابانية بإنتاج أدوات دقيقة لاستعمالها فى هذا (الفن) .. حتى وصل الأمر إلى التكنولوجيا الحديثة حيث أدخلت أشعة الليزر التى بإمكانها أن تضع أكثر من ثلاثة آلاف نقطة وشم على الجسم فى الدقيقة الواحدة ، بعد أن كان الأمر لا يتعدى خمس إلى عشر نقاط فى العمل اليدوي، ولم يتطور الأمر فى طريقة العمل والآلات المستعملة فحسب، بل إلى رسوم الوشم نفسه، حيث بدأت الأشكال تتنوع والألوان تزيد، حتى باتت الرسوم تشكل ما بين لوحات الفنانين بيكاسو وسلفادور دالي والإيطالي بوتجللي بعد أن كانت مقتصرة على رسومات بسيطة كالأسد والتنين والأفاعي.

       يقول “زانك زي” الرسام الصيني الشهير وصاحب غاليري(جين بادي ين) المشهور بالوشم:“إن طريقة الوشم بالنار غير مؤلمة، ولكننا بدأنا بوضع الرسوم على الكمبيوتر ثم نقلها إلى الجسم بعد اختيارها من قبل الموشوم  نفسه. والملاحظ  أن الفتيات يخترن الرسومات الدقيقة الصغيرة، بينما يختار الشباب الرسوم والحروف الكبيرة.

ولم تقتصر ظاهرة وضع الوشم على أجزاء الجسم عند عامة الناس من الشباب والفتيات، بل امتدت لتشمل عددا كبيرا من الملوك والرؤساء والفنانين والأدباء وغيرهم، حيث حمل أغلبهم الوشم على أجسادهم، بينهم الرئيس الأمريكي جون كندي ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ونابليون وبطرس الأكبر .

ويذكر أن الكاتب الفرنسي “ميشيل ساردو” كان يضع وشم النسر على كتفه، أما الملك إدوارد السابع فكان يضع وشم تنين على أحد ساعديه، فيما وضع صورة مرساة سفينة على الساعد الآخر، أما الرئيس الأمريكي ترومان فقد كانت صورة تنين تزين كتفيه، فيما يقول بعض المقربين من الكرملين أن الزعيم الروسي جوزيف ستالين كان يضع وشما ملونا على جسده، كذلك كان الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو.

 

انتشار الوشم

ومن أشهر فئات المجتمع التى ترتفع لديها ظاهرة استعمال الوشم على أجزاء الجسم البحارة والسجناء وبعض الشقاة من أولاد الشوارع المشردين الذين لا مأوى لهم، وكذلك قبائل الغجر الذين يشتغلون عادة بهذا الفن ويحترفونه وأيضا يتزينون به، ومن الجدير بالذكر أن هذا ينطبق على قبائل الغجر فى مختلف بقاع العالم وأصقاعه. وتثير الكتابات الوشمية التى توضع على الجسم خاصة على الذراعين الاستغراب لعشوقها وغرابتها، فنجد مثلا عبارات مثل(ولدت لكي أموت) أو ( لا تقترب مني) أو (القبر بيتي) وما شابه ذلك، وفى بلادنا العربية تكثر كتابة “الدعاء” وآيات القرآن الكريم على السواعد.

ولا تكترث أغلب الحكومات والأنظمة السياسية بهذه الظاهرة الفنية، لأنها لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على حركة الدولة السياسية أو تعيق مسيرة النظام الاجتماعي والأخلاقي وما إلي ذلك، لهذا فإن الظاهرة وجدت مساحة واسعة من حرية الانتشار والتطور فى أغلب دول العالم، فيما عدا البعض منها، حيث كانت اليابان قد أصدرت عام 1870م قرارا رسميا يحد من ظاهرة الوشم، خاصة بعد حركة (ميجي) الاصلاحية المعروفة والتى قضت على كل ما يتعلق بعادات ومفاهيم الإمبراطوريات السابقة.

كذلك أصدرت بريطانيا عام 1969م قانونا يمنع الوشم بعد انتشار حركة (الهبيز) التى انتشرت بين الشباب واجتاحت أوربا بداية الستينيات من القرن الماضي، لكن يبدو أن تنفيذ القانون بقي ضعيفا لما نراه فى عناصر(الهوليغانز) التى يضع أفرادها أنواعا وأشكالا عديدة من الوشومات على العكس من ذلك فإن الظاهرة منتشرة بصورة غير طبيعية فى الولايات المتحدة الأمريكية التى لا تعارض حكوماتها أن يمارس الناس أية عادة أو ظاهرة حتى وإن كانت سيئة السمعة، وتعتبر ولاية كاليفورنيا عاصمة الوشم فى العالم، حيث تم منح إجازات ممارسة الوشم لمئات المتاجر ومحلات الرسم على الجسم حتى أن مجموعة من فناني الوشم أسسوا تجمعا خاصا (نقابة أو جمعية) يلتقون فيها سنويا فى اجتماع علني لمناقشة عملية تطور وتطوير الوشم، ووضع السياسية الخاصة بهذا الفن  !!

 

إزالة الوشم بالليزر

  ليست الصعوبة فى وضع الوشم على الجسم فقط، بل المسألة الأصعب هي فى إزلته، فعملية كشط الجلد واستعمال الحوامض، حسب صحيفة الزمان، قد تخلف “ندوبا” أو حروقا، لهذا فقد بدأت محلات الوشم بإستعمال الليزر فى الوقت الحاضر، حيث يتم تبخير الألوان وتحويل جزيئات الماء فورا إلى بخار، لكن وفى كل الأحوال فإن الندبة لابد وأن تبقى فترة من الزمن، حيث أن صرعة الوشم على جميع أجزاء الجسم التى كانت بمثابة موجة أجتاحت العالم فى التناقص الآن، بل إن البعض يشعر بالندم ويحاول إزالة آثاره أيضا.

يقول الأطباء إن هناك عدة طرق للتخلص من الوشم حيث يقوم بعض الأشخاص باستخدام مواد كيميائية تؤدي إلى بهتان الوشم. كذلك بعض الأطباء يلجأ إلى طريقة كشط الجلد الموشوم. ولكن الطريقة الأكثر رواجا هي باستخدام الليزر، هذه الطريقة تستغرق عدة جلسات، قد تمتد لعدة أسابيع، وبالنهاية فإنها تترك أثرا للوشم لا يمكن إزالته بالنهاية. ومن وجهة نظر الأشخاص الذين يرسمون الوشم فإنهم ينصحون الأشخاص بالتفكير قبل الإقدام على وشم أجسادهم، حيث يقولون فكر بعد عشرة أعوام من الآن هل تريد هذا الوشم؟!

وتعتمد معالجة الوشم بالليزر على إرسال حزمة ضوئية قوية عبر الجلد ذات طول موجة يمتصها الوشم بشكل انتقائي دون بقية الجلد مما يحطم جزيئات الوشم الملونة. وبالتالي يحتاج كل لون من الوشم إلى ليزر خاص به. وتقتني الآن مراكز التجميل للمعالجة بالليزر أجهزة جديدة ومتطورة مصممة خصيصا لإزالة الوشم الأزرق والأحمر.         

ويرتبط عدد الجلسات بعوامل عديدة مثل نوع اللون المستعمل للوشم، وعدد الأبر التى استخدمت أثناء الوشم والمنطقة الموشومة، حيث أن الجلد يمكن أن يكون أقل أو أكثر سماكة. ويجب أن يمضي ستة أسابيع بين جلسة المعالجة والجلسة التى تليها. هذا الزمن يتيح للكريات البيضاء البالغة أن تتخلص من أجزاء المادة الصباغية التى حطمها الليزر، مما يسمح لليزر بمعالجة الطبقة التى تليها فى الجلسة التالية. علما بأن الوشم  البدوي فى الوجه يستجيب بشكل أفضل من غيره ويحتاج إلى عدد جلسات أقل للتخلص منه. إن هذا الليزر يستطيع أيضا إزالة التصبغات الجلدية مثل بقع الشيخوخة والتصبغات الجلدية البنية التى تظهر عند التعرض الطويل للشمس.

 

الطب والوشم

يقول الدكتور عصام شلبي أستاذ الأمراض الجلدية بمستشفى الحوض المرصود بالقاهرة:“الوشم من أخطر التقليعات التى يؤذي بها الإنسان نفسه، حيث ان أغلب المواد الكميائية المستخدمة فى الحبر هي صبغات صناعية صنعت فى الأصل لأغراض أخرى مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة فضلا على تلوث دم الإنسان عند ثقب الجلد واختلاط الدم بالتراب والملوثات خلال تعرض الجلد لجرح، فيترك ندبة أو أثرا فيكون  الإنسان عرضة للإصابة بفيروسات خطيرة مثل فيروس“H. I. f ” المسبب للإيدز أو الإصابة بفيروسات الإلتهاب الكبدي والإصابات البكتيرية الناجمة عن تلوث الأبر المستخدمة فى الوشم والتى قد تسبب هي الأخرى سرطان الجلد والصدفية والحساسية بالإضافة إلى انتقال عدوى بعض الأمراض خاصة عند الكتابة بالوشم”.

       ويضيف الدكتور عصام شلبي :“ هناك حالات مرضية يستخدم فيها الوشم كأسلوب للزينة بغرض إخفاء آثار الجروح والحروق فى أماكن معينة، او كالذي يستخدم لإخفاء بعض المناطق البيضاء المصابة بالبقع، أو لإخفاء بعض العيوب عند بعض النساء كتلك المستخدمة فى رسم الحواجب وغيرها، ويستخدم فيها الوشم بتقنية معينة يندر فيها احتمالات التلوث كما يكون الطبيب على معرفة تامة بالألوان المستخدمة”.

ويحذر الدكتور عمر أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية الطب جامعة القاهرة من خطورة الأمراض التى تنتج عن دق الوشم وإزالته، حيث يصيب الجلد ببقع أو ما يعرف بتأكسد الخلايا فضلا  على احتمالية الإصابة بأمراض عديدة نبهت الكثير من الدول لخطورة الوشم. ولقد حذرت اللجنة الأوربية أخيرا من أن هواة رسم الوشوم على أجسامهم يحقنون جلودهم بمواد كيماوية سامة بسبب الجهل السائد بالمواد المستخدمة فى صبغات الوشم . وقال إن غالبية الكيمياويات المستخدمة فى الوشم هي صبغات صناعية صنعت فى الأصل لأغراض أخرى مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة، وليس هناك على الإطلاق بيانات تدعم استخدامها بأمان فى الوشم، أو أن مثل هذه البيانات تكون شحيحة وسألت اللجنة في بيان مصاحب للتقرير عن المخاطر الصحية للوشم وثقب الجسم : “هل ترضى بحقن جلدك بطلاء السيارات ؟ ”.

إضافة إلى هذا فإن القوانين التى تتطلب من فناني الوشم استخدام القفازات والأبر المعقمة لم تتضمن قواعد للصبغات بمعنى أنها يمكن أن تكون ملوثة أو قذرة دون أي مخالفة فى ذلك للقانون . وقال التقرير إنه إضافة إلى مخاطر العدوى بأمراض فيروس“إتش .أي .أف” المسبب للإيدز والتهاب الكبد الوبائي أو الإصابات البكتيرية الناجمة عن تلوث الأبر، فإن الوشم يمكن أن يتسبب فى الإصابة بسرطان الجلد والصدفية الناتج عن الالتهاب الحاد بسبب التسمم. وقد ذكرت نشرة طبية المانية تحمل اسم“إيه . زد” إن الوشم يمكن أن يسبب الألم للمرضى خلال إجرائهم للفحوص الطبية باستخدام الرنين المغناطيسي، والذي يمكن من خلاله فحص وتصوير الأجهزة الداخلية وأنسجة الجسم . وقال الجراحون فى مدينة “ماينتس” الألمانية حسب صحيفة العرب أوتلاين، إن الوشم يسبب ألما شديدا  خلال الفحص بالرنين المغناطيسي، ويساور الأطباء الشك ان السبب فى ذلك يرجع إلى جسيمات مغناطيسية تستخدم فى صبغات الوشم السوداء والزرقاء والحمراء، والتى تبدأ فى التحرك تحت الجلد عندما يخضع المريض للفحص باستخدام هذا النوع المتطور من الأشعة.

أعداد المجلة