فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
5

حرفة صناعة الحناطير وعربات الكارو / دراسة انثروبولوجية في محافظة الدقهلية

العدد 5 - حرف وصناعات
حرفة صناعة الحناطير وعربات الكارو / دراسة انثروبولوجية في محافظة الدقهلية
كاتب من مصر

في الواقع إن الحنطور وجد في الحضارات القديمة ولكن ليس بالضرورة بنفس الشكل الذي نراه الآن أو بالتسمية الشائعة عنه. وكانت بداياته منذ آلاف السنين في آسيا عندما اخترعت العجله التي أدت إلى ثورة في وسائل المواصلات حولت الزحافة من مركبة يلزم سحبها على الأرض بقوة إلى وسيلة تجري نسبياً برفق وسهولة .

ومن المحتمل أن العجلة قد تطورت أصلاً عن استعمال جذع الشجرة كدرافيل لنقل الأحمال الثقيلة، فإذا كان الجزء الأوسط من الجذع يجذ ليترك محوراً (دنجل) ينتهى بعجلة صلدة عند كل من طرفيه، ويمكن تثبيته تحت زحافة تصبح مركبة بعجل.

ولا يعرف متى حدث هذا لأول مرة، وإذا كان هذا هو ما حدث فعلاً، فالعربات الأولى نظراً لكونها من الخشب القابل للفناء، قد تلاشت ولم يمكن التأكد من وجود مركبات بعجل إلا بعد ظهور النماذج والرسومات ومن المؤكد أنها كانت معروفة عند السومريين في عصر مبكر حوالى 3500ق.م. ثم شاع استعمالها حوالي 3000 ق.م. في جميع أنحاء النصف الشرقي من الهلال الخصيب، وفي 2000ق.م. ظهرت في آسيا الصغرى، والأمر الشائع أن المصريين لم يعرفوا العجلة حتى أدخلها الهكسوس.

والواقع أن العجلة كانت معروفة في مصر قبل عصر الهكسوس وربما كان استعمالها على نطاق ضيق لأن المصريّ كان يعتمد على النيل في تنقلاته وخاصة أن هذه العربات لا تصلح لنقل الأحجام الضخمة أو الثقيلة، إنما ينسب إلى الهكسوس إدخال العجلة الحربية السريعة .

وفي عهد الدولة الحديثة (1580-1100ق.م) كانت هناك العجلة وتجرها الثيران وكانت تستخدم غالباً لنقل الزاد إلى عمال المناجم وعلى ذلك فقد كانت نوعاً من عربات النقل، أما المركبة فإننا نعرف عنها الكثير فكانت تستعمل للسفر والصيد في الصحراء وفي القتال وقد كانت عبارة عن عربة صغيرة خفيفة للغاية لاتسع أكثر من ثلاثة أشخاص واقفين وكانت المركبة دائماً ذات عجلتين فقط مثل الحنطور الشائع الآن تصنعان بعناية من مختلف الأخشاب وكان لها أربعة أنصاف محاور ومنذ النصف الثاني من الأسرة الثانية عشرة صار لها ستة محاور وفي النادر ثمانية أما المركبة الأسيوية فكان لها أربعة ) وكان قطبها(الدنجل) تحيط بها من الأمام ومن الجانبين جدران رفيعة من الجلد المشدود أو سياج(درابزين) خفيف من الخشب المقوس أما (العريش) فكان مثبتاً من طرفه الخلفي في هذه القاعدة وكان يربط مع السياج بالسيور زيادة في الاحتياط وفي قمته خشبة متعارضة عقف طرفاها ليثبت فيهما جهاز فرس المركبة، وقد كان هذا الجهاز بسيطاً للغاية، فلم يكن المصريّ يعرف استخدام (العدة) الخاصة بالخيول في العربات وإنما كان يحيط صدر كل من الفرسين بسير عريض بالخشبة المتعارضة للسلب، وبهذا فقط كان الفرسان يشدان العربة، ولكي لا يحتك هذا السير برقبة الفرس كانت توضع تحته من الخلف قطعة عريضة من الجلد (الكفل) يمر منها سير أقل عرضاً يتصل بالسلب من تحت البطن ليمنع السير العريض من أن ينتقل من مكانه ولقيادة الخيل كانت تستعمل الأعنّة وكانت تمضي فوق (عقافة) في الكفل إلى الشكيمة وكانت طريقة لجام هي نفس الطريقة الحالية الشائعة في كل مكان، ومنذ الأسرة التاسعة عشرة كانت تستعمل أيضاً الأغطية لعيون الخيل1 .

على هذا النحو كانت تصنع سائر المركبات المصرية ولم يكن يختلف بعضها عن بعض إلا من حيث ازدياد أو قلة فخامة جهازها، وفي كثير من الأحيان كانت سيور جهاز الفرس وكذلك كساء الجلد لصندوق العربة يلون بلون أرجواني كما كان هذا الكساء يحلى بزخارف ومناظر مطبوعة، وكانت المركبة الملكية بطبيعة الحال تفوق غيرها وجاهة وعظمة وكان لابد من تمويه سائر الأجزاء المعدنية فيها بالذهب، وكانت الخيل تحمل ريشاً ملوناً يستقر في بعض الأحيان فى رؤوس صغيرة تمثل رؤوس السباع، وحتى مسمار العجلة كان يشكل على هيئة أسير أسيوى .

ويدل هذا الإعداد الفخم وحده على عظيم تقدير المصريين للمركبات والخيل في الدول الحديثة، وقد كان الفنان لا يجنح عن تصويرها كلما تسنى له ذلك وكان وصفها وتجميلها من الموضوعات المحببه عند أدباء هذا العصر، ولم تكن تخلو أسرة من أسر الأشراف من سائق مركبة وكانت وظيفة (السائق الأول لجلالته) من الأهمية في البلاط بحيث كان يشغلها حتى الأمراء وكانت تطلق أسماء لها رنين زوجان من الخيل لسيتى الأول (1309-1291ق.م) (آمون يمنح القوة) و(آمون وافاه النصر).

ولم تستعمل المركبات في مصر الإسلامية ويبدو أن ذلك كان راجعاً إلى ازدحام القاهرة وضيق الشوارع فكما يذكر جاستون فييت أن القاهرة كانت مزدحمة لدرجة أن ثلاثة أو أربعة أشخاص لا يمكنهم السير في شارع دون أن يصطدموا ببعض، وكان أكثر الشوارع والأزقة قصيرة وضيقة فقد بلغ طول بعضها مسافة بيتين أو أكثر قليلاً بحيث أن المدينة كانت تبدو وكأنها خليط من البيوت لدرجة أن الجمل بحمولته كان كفيلاً بعرقلة الحركة في الشوارع وبالإضافة إلى ضيق الشوارع كانت توجد المصاطب التي وضعت أمام الحوانيت وكذلك (المنظر الذي لانزال نشاهده إلى الآن) الباعة المتجولون يرصون سلعهم على هيئة أكوام على أرض الشارع ومما يدل على استحالة استخدام المركبات ما حدث عندما أمر السلطان الغوري في عام 918هـ بنقل المدافع من المسبك إلى تربـة العـادل حتى يجـربها هناك فوضعت على عجل وسحبتها الأبقار وكانت عملية شاقة جداً رجت لها الأسواق2.

لذلك كانت الخيل هي وسيلة التنقل لدى النبلاء وذوي المكانة الاجتماعية بينما كان باقي المواطنين يستعملون الحمير وكانت تقف عند تقاطع الطريق ينتظرون الزبائن الذين يرغبون في ركوبها سواء داخل المدينة أم خارجها ويقال أنه كان من أطرف المناظر رؤية هذا العدد الضخم من الحمير التي تزين ببرادع كاملة من الحرير وقد طليت آذانها وأعرافها باللون الأصفر. وذكر ابن بطوطه أنه كان يوجد بمصر ثلاثين ألف مكاري وقد قدر بعض الرحالة عدد المكارين بنفس العدد الذي ذكره ابن بطوطه وكان ذلك في أواخر القرن الثامن عشر ويذكرون أن المكارين كانوا يتقاضون أجورهم حسب طول المشوار ومدته ويتراوح من 8 إلى 10 باره للذهاب من طرف المدينة إلى طرفها الآخر ومن 30 إلى 40 باره اذا شاء العميل الاحتفاظ بالركوبة نهاراً كاملاً ويبدو أن استخدام المركبات والتي سميت في خطط علي باشا مبارك باسم «هنتور» عادت في عهد خلفاء محمد علي، فتعرف أن الخديوي إسماعيل وهذه حادثة طريفة عندما دعا ملوك أوروبا وأمرائها لحفل إفتتاح قناة السويس وحضرت معهم «أوجينى» إمبراطورة فرنسا، أمراءها بأن تعمل مطبات على الطريق التي ستسلكها أوجينى في طريقها لزيارة الأهرامات وكان الخديوي إسماعيل يرافقها في تلك الزيارة وكان الغرض من هذه المطبات هو أن تميل عليه ويميل عليها في اهتزاز الحنطور.

وكان الحنطور في تلك الفترة أواخر القرن التاسع عشر أحد الوسائل الهامة للتنقل داخل المدن خاصة للطبقتين العليا والمتوسطة، ويذكر علي باشا مبارك بأنه يوجد بمدينة القاهرة ألف وستمائة وخمس وسبعون عربة من العربات الكرلو والصندوق وأربعمائة عربة من عربات الركوب المملوكة لأصحابها وأربعمائة وست وثمانون عربة من عربات الركوب المعدة للأجرة وعشر عربات بقارى وكان عدد عربات الركوب الخاصة في الاسكندرية مائة وثمان وثلاثون مزدوجة، ست وثمانون مفردة وثلثمائة وستة وأربعون هنتور.

ولكن متى بدأت حرفة صناعة الحناطير؟ يذكر بعض الرواة وهو في الوقت نفسه أحد صانعي الحناطير في مصر بأن صناعة الحناطير بدأت غالباً في أوائل القرن التاسع عشر وقد ظهرت في مصر منذ أيام محمد علي باشا عندما كانوا يستوردون تلك العربات من إيطاليا وفرنسا وإنجلترا حيث كانت تأتي في صناديق ويتم تركيبها في مصر على يد الصناع الإيطاليين الذين تعلم منهم المصريون هذه الحرفة وقد استطاعوا تقليدها بمهارة بل وقاموا بصناعة عربات الركوب وأضافوا إليها بعض التعديلات ومن أهمها ابتكار طراز خاص بمصر يسمى (نصف دوران) تكون فيه الكنبة الخلفية مستديرة الجوانب وهذا الطراز أقوى إحتمالاً من المستورد.

وكان هناك أنواع كثيرة للحناطير منها نوع ايطالى «روشيل» ويستورد من فرنسا ونصف دوران وقد سبق ذكره، بيزابيه وهو مقفل ويوجد منه في المتحف الحربي وآخر يسمى «كومبيل» ومنها اشتقت كلمة « أتومبيل» أي سيارة باللغة الفرنسية لأنه يشبهها وهو أيضاً مقفل وكان يستخدم هذا النوع في زفة العرائس3.

 

صناعة عربات الحنطور

مما يلفت النظر للحنطور الزينة التي يضعها السائق أو الصانع عليه وهي غالباً من النحاس وهي عبارة عن وحدات زخرفية مختلفة تمثل أشكالاً متنوعة ومن تلك الأشكال السمكة وهي تدل على الرزق الوفير والنسل في الموروث الشعبي وتوجد وحدات أخرى للزينة مثل خمسة وخميسة والدائرة المخرمة وتسمى كفة وأيضاً نصف دائرة وكلها كما يعتقد واضعوها انها تقي العربة من الحسد، وعلى كل من جانبي الحنطور يوجد فانوس وهو مصنوع من النحاس. ومن مسميات أشكال الفوانيس الفانوس البيضاوي والفانوس قرن غزال، وللفانوس عمر افتراضى أيضاً حيث يستمر صالحاً عشرة سنوات أو أكثر قليلاً والفانوس على شكل علبة مربعة الشكل ولها أربع واجهات واجهتان من النحاس، والأخريات من الزجاج البنور، وله من أسفل ذراع يفك بقلاوظ لإدخال اللمبة داخل الفانوس وتثبت في المسمار وقبل ذلك قديما كانت توضع شمعة بفتيل وتسمى سوكريجة ولها خزان صغير يملأ بالجاز، أما الآن فتستعمل لمبة ببطارية، وللفانوس حلية من أعلى تسمى برنيطة وهي تشبه البرنيطة إلى حد كبير ومفتوحة من أعلى لكي تقوم بوظيفة المدخنة وترجع أهميتها أيضاً إلى أنها تقوم بتجميع الواجهات الأربع للفانوس، ورغم إستعمال اللمبة إلا أنه ما زالت توضع البرنيطة والسوكريجة بخزان الجاز للحفاظ على الشكل القديم، ويوجد فانوس ثالث يتم تركيبه في العربة أسفل الصندوق ويكون لونه أحمر ويسمى فانوس خطر، وتوضع على ذلك الفانوس إشارة حمراء تعكس ضوءاً أحمر إذا ما سلط عليه ضوء من الخلف.

وكما هو واضح فإن معدن النحاس يمثل عنصر الزينة الأساسي في الحنطور فيدخل في كسوة السلم وزينة الكبود وفي الفوانيس وأيضا نجده يكسى به مسند كرسي السائق واسمه المعروف به الدرابزين وهو من الحديد المكسو بالنحاس الورق مثل الذهب الذي تذهب به الكراسي فهو عبارة عن شريط نحاسي أصفر يلف على الدرابزين ومن الأجزاء النحاسية أيضاً في الحنطور الجرس الذي نسـمعه مصاحباً  لوقع الخيل حينما يعترض الحنطور عارض والجرس عبارة عن علبة مستديرة داخلها ماكينة نحاس مركب بها سوستة تضغط على الشاكوش الموضوع يمين طاستين من النحاس ويركب الجرس في أرضية الحنطور تحت رجل السائق ويبرز منه مسمار عندما يدوس عليه السائق يضغط على الشاكوش ويضرب في الطاستين.

ويبقى بعد هذا من الحنطور آلته الحية وهو الحصان ولحصان الحنطور عدة يلبسها وهي عبارة عن الصرع والرقبية ويقوم السروجي بتصنيع تلك العدة ويثبت الصرع في العربة بواسطة عريشان، عريش على كل جانب، وهو عبارة عن قائم خشبى ويطلى هذا القائم بالبوية أو يكسى بالجلد4 .

ويعمل الحصان يومياً لمدة اثنتي عشرة ساعة تقريباً وقيمة غذائه يومياً تكلف صاحبه حوالي ثلاثة جنيهات أسعار عام 1989، وذلك في محافظة  المنيا أما في محافظة الاسكندرية فيتكلف طعام الحصان، وهو عبارة عن ذرة وفول وبرسيم أو الموجود منهما ولكن الشعير يعتبر أساسياً بالنسبة له ويمكن أن يبدأ الحصان عملية جر الحنطور وهو في سن الثانية والنصف وذلك بعد أن يكون قد جاز تدريبات شاقة على عملية الجر هذه ويستمر في العمل إلى سن العاشرة أو بعدها بقليل. قد اختلفت وظيفة الحنطور من عصر إلى آخر وكذلك من مدينة لأخرى ففي أواخر القرن التاسع عشر كان يعتبر وسيلة الانتقال الرئيسية لأبناء الطبقة العليا أما عامة الشعب فكانوا يستخدمون الركائب في التنقل وزاد الإقبال عليه من قبل طبقات الشعب المختلفة في أوائل القرن العشرين إلى أن انتشرت وسائل المواصلات العامة من عربات سوارس والترام ثم الأتوبيس بعد ذلك، وإن ظل استعماله موجودا خاصة في المناطق التي لاتصلها تلك المواصلات أو لمن يرغب في أن يكون بمفرده، ويذكر بعض المعمرين أن أعداد الحناطير كانت كثيرة جداً أمام محطات السكك الحديدية في مختلف المدن وخاصة باب الحديد وأنه في أربعينات القرن العشرين كان يأخذ الحنطور من باب الحديد إلى حي المنيل بخمسة قروش والآن يقوم بنفس الوظيفة ولكن في عواصم المحافظات والمدن خاصة تلك التي لم تنتشر بها عربات التاكسي الداخلية فهي محدودة الحجم لا تحتمل التاكسيات مثل مدن المحافظة وإن كان استخدامه يتزايد بكثرة داخل مدن الأقليم خاصة في الشتاء مثل مدينة بلقاس وشربين والسنبلاوين ودكرنس والمنزلة والمطرية .

وصناعة الحناطير من الحرف الشعبية التي تتميز بها بلقاس وشربين عن سائر مدن وقرى الدقهلية وهي مهنة متوارثة وتقع الورشة في طريق فرعي داخل البلد وتصل مساحتها إلى100م تقريباً بينما يبعد عنها المخزن بحوالي500م ويقع في مبنى آخر ومساحته حوالي300م ويستخدم في تخزين الحناطير بعد الإنتهاء من صناعتها، والمبنى الذي يضم الورشة عبارة عن عمارة من أربعة طوابق تقع الورشة في الدور الأول وتحتوي على:-

- منشار كهربائى : يستخدم لشق الخشب.

- ساروخ: عبارة عن قرص يدور بالكهرباء ويستخدم في تقطيع وتنظيف الحديد.

- المثقاب : آلة كهربائية تستعمل في خرم الحديد والخشب.

- المخرطة : تستخدم في تشكيل الأخشاب.

- شاكوش : لدق المسامير.

- قدوم : وهو آله تشبه الشاكوش إلا أن لها من الأمام سلاحاً مسنوناً وتستخدم في تنجير الأخشاب.

- الكور الكهربائي : يستخدم في تسخين الحديد.

 

أما مراحل الانتاج فإنها تتم في الورشة وخارجها وذلك على النحو التالى :-

- تتم جميع مراحل تصنيع الهيكل في الورشة بواسطة الحرفيين.

- يتم التنجيد داخل الورشة ولكن بواسطة سروجى يأتي من المنصورة.

- يتم دهان الحنطور داخل الورشة بواسطة بهيجي يأتي من المنصورة أيضاً.

- أما الفضيات المستخدمة في تزيين الحنطور من الخارج فيتم طلاؤها في ورشة لطلاء النيكل والفضيات بالمنصورة.

- وأخيراً يتم تخزين الحنطور بالمخزن الذي يقع في نفس الشارع الذي يضم الورشة .

- وتقوم الورشة بالوظائف التجارية والإنتاجية معاً وتلعب هذه الورشة دوراً اجتماعياً هاماً في المجتمع المحلي الذي توجد به خاصة اذا علمنا ان وسيلة المواصلات في بلقاس هي الحناطير فلا يوجد سيارات أجره «تاكسي» في بلقاس هذا فضلاً عن ان الطلاب في الإجازة الصيفية يلجؤون للعمل على هذه الحناطير كوسيلة لشغل الفراغ وإيجاد مصدر مؤقت للربح في الإجازة.

- ولا يوجد مصادر للتهوية داخل الورشة سوى الباب الرئيسي إلا أنها مضاءه باللمبات الكهربائية ونظراً لطبيعة العمل فإن هناك ضوضاء عالية تصدر عن تقطيع وتشكيل الخشب والحديد وتركيبهما في الهيكل النهائيّ للحنطور إلا أن هذه الضوضاء لا تؤثر على التفاعل الاجتماعي والعلاقات بين العاملين بالورشة نظراً لأنهم جميعاً أخوة ولا يوجد إعتماد كبير على المجتمع المحلي في توفير المواد الخام حيث إن الخشب والحديد يأتي الجانب الأكبر منهما من المنصورة.

أما الجـلود فتأتي من طـنطا كما لا يوجد إعتماد على المجتمع المحلي في تدبير العمالة حيث لا يعمل في هذه الحرفة أحد من خارج العائلة بل يورثها الأب لأبنائه كما أن الورشة ملكية جماعية للأب والأبناء.

 

وتختلف أنواع الحناطير كالآتي :-

1 - حسب الخامات المستخدمة يوجب :

- بويه كحلي أو عنابي «حنطور من الجلد ».

- شلستين جلد « من الشلستين والجلد ».

- مشمع خفيف « يكون من المشمع».

 

2 - حسب الشكل يوجد :

- حنطور طلياني: يكون جسم الحنطور مربعاً وهو أفضل في شكله وأصغر في حجمه وهناك إقبال شديد عليه.

- حنطور مصري: يكون جسم الحنطور دوران وحجمه أكبر ويكون الإقبال عليه أقل.

- حنطور نمساوى: يكون كبير الحجم وجسمه على شكل دورات ولكن لا يوجد إقبال عليه لأن شكله غير جيد.

 وعن التطورات التي لحقت بهذه الحرفة فهناك العديد منها فمن ناحية الشكل أو الحجم فقد صغر حجم الحنطور لكي يكون أجمل كما تم تزيينه بقطع الفضيات هذا فضلاً عن إضافة الإضاءة الكهربائية للحنطور من الداخل إضافة إلى « الكلاكسات» التي اضيفت جديداً للحناطير.

ولكن يلاحظ ان الحرفيين لا يرضون عن هذه المهنة ويرون ألا مستقبل لها وأنهم يعملون بها فقط لأنها مهنة الوالد الذي يرفض تركها أو تغييرها لذلك فإن الأبناء يمكن أن يعملوا في أيّ مهنة أخرى أو يقبلوا على السفر للخارج.

 

مراحل صنع الحنطور هي :

1 - جسم الحنطور: صندوق خشب « خشب شجر» وهو عبارة عن قطع منفصلة تركب مع بعضها ويركب معها أبلاكاش وهو «جسم الحنطور» وداخل هذا الجسم الخشبي إطار حديدي يبطن به الصندوق.

2 - ومن الأمام يوجد آلة حديد تلف «اسطواناتين متحركتان» وتساعد الأسطوانتان على حركة الحصان ولف جسم الحنطور.

3 - على جانب الاسطوانتين يوجد 4 سست 2 أمام و2 خلف وتعمل هذه السست على تلافي المطبات « كمساعدين للسيارات العادية ».

4 - العجل: وهو عبارة عن اسطوانة خشب تنقر من الدورات ويركب بداخلها قطع من الخشب على شكل دوران العجلة ليعطي الشكل النهائي للعجلة ويركب فوق هذا الشكل داير من الخشب ثم دائر حديد فوق الخشب ليحكم العجلة ثم إطار كاوتش فوق الحديد وهو عبارة عن كاوتش عربات نقل يشق الجزء الأمامي منها ثم يركب في العجلة .

5 - حاملان للصندوق: بالعصب وهما من الحديد أما العصب فهو من الخشب.

 

وهذه هي المراحل النهائية لاكتمال جسم الحنطور.

- بالنسبة لزينة الحنطور فهي كالتالي :-

1 - الدهان: حيث يبطن الخشب ويغطى بقشرة معجون ثم يسنفر الخشب ويزهر بلون فاتح ويبطن بلون أفتح حتى يصل إلى اللون الأزرق الزاهي . ويتم الحصول على هذا اللون من «زهرة الغسيل وورنيش ونفط وتنر» .

وهناك ألوان مختلفة لتزيين الحنطور منها: كحلي، عنابي، زيتي .

ويزخرف بألوان أخرى أحمر، لبني، ثم يغطى بوش ورنيش للتلميع.

2 - السلالم: وهي تسهل عملية الصعود إلى الحنطور مع ملاحظة وجـود دنجـل: وهو حامل العجل من الخلف .

3 - فرش الكابوت من الداخل: وله 3 جرايد أو 3 حوامل من الخشب.

ويبطن ببطانه صوف من الداخل والغلاف الخارجى للكابوت من الجلد ويشد الكابوت من الجانبين عن طريق صوالب وهذه الصوالب متحركه وذلك لكشف الكابوت أو تغطيته.

 

- وبالنسبة للتنجيد داخل الحنطور :

يوجد في الكابوت كنبتان: الكنبة الداخلية تكون أعرض من الكنبة المواجهة لها والكنب يكون بداخلها سست لتكون مريحة وهي مزخرفة وتبطن بمشمع وهذه الكنبات بعضها ثابت « الداخلية » والبعض الآخر متحرك « 3 كنبات ».

- ويوجد 4 زخارف وهم حماية من الأتربة وساتر للحنطور.

- المرايا الأمامية وتتكون من حديد مكسُوّ بالجلد وتزخرف بإشارات وفوانيس وتركب في حامل للإضاءة ليلاً والجرس يركب اسفل الصندوق.

 

بالنسبة للتخصص وتقسيم العمل فى هذه الحرفة فيوجـد في هذه الحرفة تخصصات وتتمثل في :-

1 - الحاج الكبير يقوم بصنع الجسم الخشبي للحنطور.

2 - أولاده يقومون بعمل الغلاف الحديدي لجسم الحنطور.

3 - المنجد الذي يقوم بتنجيد كنب الحنطور.

4 - هناك من يقوم بصنع عجل الحنطور.

5 - هناك من يقوم بدهان جسم الحنطور«عمه» .

- وهناك بعض المراحل تقوم بها ورش فنية أخرى مثل :-

1 - الحديد والهياكل: تصنع فى ورش الحدادة.

2 - البوهيجي: يقوم بدهان الحنطور« يقوم بعمله داخل الورشة» .

3 - السروجي: يقوم بتنجيد الكنب « بالمشمع والبلاستيك والجلد».

 

- وبالنسبة للأدوات التي تستخدمها هذه الحرفة فهي :-

1- الفارة والإزميل: تقوم بقطع الخشب بالمنشار ثم تلميعه بالفارة وإزالة الزوائد.

2- كورنار: يسخن عليه الحديد ويثبت بسندان في الأرض للدق عليه.

3- الشنيور الكهربائى: ويستخدم في اللحام .

 وبالنسبة للعملية الإنتاجية فهو يقوم بصنع الحناطير حسب الطلب وهو يعمل من الصباح إلى المغرب ويتخلل ذلك فترات من الراحة.

وبالنسبة للمواد الخام فهي متوفرة حيث إنه يحصل على الخشب من بلقاس أما السست فهي عبارة عن حديد يحصل عليه من المنصورة.

أما بالنسبة للضوضاء المصاحبة لهذه العملية فهي متوسطة وبالنسبة لاستخدام الأدوات الكهربائية فهو يستخدم أدوات كهربائية مثل الشنيور.

ويعمل بحرفة الوالد 4 أبناء وليس لديه أي أبناء تعمل في مجال آخر غير الحناطير والمستوى التعليمي للأبناء هو حصولهم على مؤهلات متوسطة (دبلومات زراعية، صناعية، تجارية ).

 ويعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 25 عاماً وكانت لديه رغبة في توريث هذه الحرفة لأبنائه ولكن بعد التعليم.

 وقد تدرب على يد الجد الأكبر واستغرق فترة طويلة في تعلم هذه الحرفة.

 أما بالنسبة للصناع الحرفيين فلا يوجد في هذه الورشة أي حرفيين لأن لديه 4 أبناء يعملون في ورشته.ويمارس الحرفة منذ أن كان في المرحلة الإعدادية.

وقام والده بتدريبه على قطع وتركيب الخشب وهذه الحرفة في مجتمع البحث «بلقاس» منذ أكثر من 20 عاماً ولا يوجد ألقاب بينهم لأنهم اخوات.

ولايوجد عمالة أطفال ولكن قد يأتي في بعض الإجازات الصيفية بعض الأطفال في سن 12 سنة .

 وهؤلاء الأبناء لا يعتزون بهذه الحرفة ولكنهم مهتمون بها لأنها مهنة الوالد. وأساليب التنشئة المهنية داخل هذه الحرفة هي الزعيق حيث أنه على حد تعبيرهم يقولون « كان بيزعق لنا لما نغلط من غير ضرب علشان نتعلم » .

 وهذه المهنة متوارثة في العائلة منذ الجد الأكبر وهذه الورشة مستقلة بذاتها في عملها حتى إن المنجد والبوهيجي يقومون بعملها داخل الورشة نفسها.

 

العربات الكارو

 توجد هذه الحرفة في شربين منذ زمن طويل لأنها وراثية ويوجد 8 ورش في البلد متخصصة في صناعة العربات الكارو.

تقع ورشة العمل في أحد الشوارع الجانبية داخل البلد وهو محـل صغير 3 X 6م يقع في الدور الأرضى من عمارة  3 أدوار.

- والأدوات المستخدمة في هذه الصناعة :

- شنيور كهربائي: لخرم الخشب         

- قدوم نجارة: لتنجير الخشب

- مطرقة: لدق المسامير.

- رُبع: فاره صغيرة الحجم «وتستخدم في مسح الخشب » .

- شاكوش ثقيل: لدق الخشب في بعضه «تعشيق الخشب » .

- كماشة : لتخليع المسامير.

 ونظراً لضيق مساحة الورشة حيث إنها تضم العديد من الألواح الخشبية المقطعة بمقاسات مختلفة كما إنها لا تتسع لتجميع العربات الكارو ولذلك يتم العمل في الشارع أمام الورشة وخاصة عند تجميع العربات الكارو.

 الورشة ليست ملك للحرفيين العاملين بها بل هي مؤجرة من حرفي آخر يعمل في نفس المهنة أما العمالة فإنها تأتي من نفس المجتمع وهم راضون عن مهنتهم ويرون أن لها مستقبلاً جيداً ولا يمكن أن يتركوها.

ولا توجد مشكلات في هذه الحرفة سوى أنها مرتبطة بالفلاحين وظروفهم المادية حيث إنهم أكثر الفئات إقبالاً على شراء هذه السلعة.

 

ومن أنواع العربات الكارو :

كارو عادي : وهي المخصصة للحمار.

كارو خيالي :  وهي المخصصة للخيل وتكون أكبر في الحجم وتأخـذ وقـتاً وشغلاً أكثر.

 

مراحل صنع «العربات الكارو» في شربين هي:-

1- عبارة عن خشب شجر يشق إلى ألواح.

2- يصنع الخشب الألواح ويتنجر.

3- يوضع بها فرش أبيض وهو عبارة عن ألواح أيضاً.

4- عرشان«لوحان بطول الخشب» ويوضع الخشب بداخله ويشد بها العربية.

5- علفة بصندوق وهي توجد تحت العربة.

6- شبكة العربة يوجد بها عارضتان وهي عبارة عن شبكة يقعد عليها.

7- عمود دنجل يوضع على العلفة وداخله 4 رمان بلي وسرتين لحمل العربية بفردتين كاوتش.

8- يوجد بالعربة الكارو عوارض تقفيل، سلايب لمسك العربية وهي عبارة عن 2 في الجنب وواحدة في النصف.

ويوجد أيضاً جوز حمالات حديد على العلفة لوزن العربية .

 

يوجد بهذه الحرفة مراحل تقوم بها ورش أخرى مثل :-

- شق الخشب في المكنة .

- الحديد من ورشة الحدادة .

وبالنسبة لمواعيد العمل فهي تبدأ من 8 صباحاً إلى 6 مساءاً.

 ويوجد بهذه الحرفه صوت ولكنه بسيط وليس قوياً وتعتمد هذه الحرفة على بعض الأدوات الكهربائية مثل الشنيور الكهربائى. وتستخدم أدوات أخرى مثل أدوم، مطرقة، شاكوش، كماشة، ربع ( لشق الخشب).

ويوجد بهذه الحرفة بعض التغيير مثل التغيير من شكل العجل فبعد أن كان خشباً أصبح كاوتش برمان بلي .

ويقوم الإخباري بكافة مراحلها ولكن يوجد معه بعض المساعدين للتربيط أو دق المسامير.

وهناك مراحل أخرى لصناعة العربات الكارو أو « النقل الخفيف» وذلك في مكان آخر فهي تعتمد على بعض الأدوات مثل :

ربع، مطرقة، ازميل، قدوم.

 

أما المراحل فهي :

1 - العرشان: تكون جاهزة .

2 - العوارض: حيث يطبق اللوح«الفرش» ويوضع اللوح على العرشان.

3 - السدايب: قطعتان لمسك لوح الفرش.

4 - القبقاب: يسمر القبقاب في العرشان.

5 - العلفه: تركب في القبقاب بمسمار والعلفة عبارة عن لوحين خشب بينهم صندوق ويستخدم هذا الصندوق كمخزن لراكب العربة .

6 - الدنجل: يوجد تحت العربة .

7 - ذراع حديد: لحمل العربة .

8 - تركيب العجل.

 يوجد تحت العارضة بعض الخشب للزخرفة وداخل العجلة «صره وجنت» للدنجل لربط الدنجل بالعجلة .

ويوجد الدنجل بين العجلتين وهو يربط في السست.

 

مراجع

1-  سونيا ولى الدين وشوقى عبدالقوى حبيب : الحـنطور – الفنون الشعبية ، العدد 4 ديسمبر1991 – ص 77.

2-  المرجع السابق ص 78 ، ص 79.

3-  المرجع السابق ص 80.

4-  المرجع السابق ص 81.

أعداد المجلة