فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
32

حكاية عشبة

العدد 32 - عادات وتقاليد
حكاية عشبة
كاتبة من الكويت

قال كريسيبوس Chrysippus الفيلسوف الإغريقي 206عام قبل الميلاد: إنما خلقت تلك العشبة لتدفع بالرجال إلى الجنون ورغم ذلك سمى الفراعنة والبابليون والفرس والرومان والإغريق المشموم (عشبة الملوك) و(عطر الملوك) و(دواء الملوك) فما كانت تزرع إلا في حدائق القصور حيث الكاهن أو الملك وحده يقطف براعمها بيده أو يقطع أغصانها بمنجل من ذهب وحيث الملك وحده يتعطر بزيوتها ويتداوى بخلاصتها. لكن حين أراد الإغريق تجسيد الفقر...صوروه على هيئة إمرأة ترتدي الأسمال وبقربها شجرة مشموم!

 

في القرن السابع عشر الميلادي وصفها عالم النباتات الإنجليزي كولببر Nicholas Culpeper بالعشبة التي بسببها يمسك الكُتاب بخناق بعضهم بعضا ويتجادلون بشراسة كالمحامين . كولببر قال أيضا بأنها عشبة مميتة أما معاصره باركنسون Parkinson فقد وجد أنها عشبة تسر الخاطر وتسعد القلب. قال علماء وباحثون آخرون أنها عشبة تضعف البصر وتعمي البصيرة وقال غيرهم إن فيها الشفاء. أسماها بعضهم النبتة الشيطانية و حملها آخرون لتحميهم من الشرور. قال بعضهم أنها خلقت من دموع مريم العذراء وآخرون ربطوها بأرزولي  Arzulie إلهة الحب والترف والعربدة. أطلق عليها بعضهم عشبة الساحرات وقال آخرون إن الأنبياء بخروا محاريبهم بها وشبهوا ريحها بأعز الناس عندهم. تجنبها الناس في مكان خوفا من الحظ العاثر ودسها آخرون في جيوبهم ومحافظ نقودهم لتجلب الثروات. كرهها بعضهم خوفا من اللعنة وزرعها آخرون في بيوتهم طمعا في البركة.

عشبة حين يتبادلها الناس في إيطاليا تعني (أحبك) وحين يتبادلونها في اليونان تعني (إحذر، هناك عدو يكيد لك). عشبة حين تزرع في الحديقة تعني الطهارة وحين توضع في النافذة تعني الفجور. عشبة نثرها بعضهم على سرر العرائس وغرسها آخرون على القبور.

فهل المشموم عشبة الملوك أم الفقراء؟ هل هي عشبة المجانين أم العقلاء؟ هل هي عشبة المحظوظين أم التعساء؟ هل هي عشبة المشعوذين أم الأنبياء؟ هل هي عشبة المهمومين أم السعداء؟ هل هي سم قاتل أم دواء؟ هل هي رمز للمحبة أم للعداء ؟ هل هي رمز للخيانة أم للوفاء؟ وهل هي رمز للحياة.... أم للفناء؟  

أسماء المشموم:

المشموم هو الريحان في اللهجات المحلية لدول الخليج العربية ومفرده مشمومة (للنبتة أو للشجرة الواحدة). عشبة عطرية من فصيلة Lamiaceae أو  Labiatae التي تضم 35 نوعا من الأعشاب العطرية منها: الريحان ( الذي يدخل في الطبخ) المشموم، النعناع، الزعتر، اللافندر أو الخزامى، المرقدوش، الروزماري وغيرها وأنواع أخرى تم تهجينها على مر الزمن وحتى يومنا هذا يصل عددها إلى أكثر من 150 نوعا.

المشموم في تونس هو باقة (الفل والياسمين) وعشبتنا المقصودة في هذا البحث هي:

Basil/Ocimum basillicum -

 Ocimum  sanctum -

 Ocimum تعني (رائحة) sanctum تعني (مقدس) basillicum تعني ( ملكي) أي الرائحة الملكية.

من أسماء المشموم في الوطن العربي:

الريحان الملكي، الحوك، صعتر هندي، الريحان القرنفلي، حبق صعتري، حبق نبطي، حماحم،  حبق كرماني، ريحان كبير، حبق بستاني، ريحان سليماني أو السليماني - جومر (يمانية).

ومن أسمائه الإنجليزية: Sweet Basil الريحان الحلو، Common Basil الريحان الشعبي، ريحان الحديقة Garden Basil وكثير غير هذه الأسماء سنتعرف عليها من خلال هذا البحث.

موطن المشموم الأصلي:

من الصعب أن نحدد موطن المشموم الأصلي لكن هناك شبه إجماع على أنه نشأ في الشرق إما في بلاد فارس أو في الهند ثم إنتشر في جميع أنحاء العالم عن طريق الفتوحات والتجارة.

يُروى أن المشموم، ويطلق عليه šāhsparhmشاه سفارم، لم يوجد قبل عهد الملك أنورسيرافان Anōširavān في بلاد فارس. يحكى أن ثعبان كبير ظهر فجأة في طريق الملك أثناء إحدى رحلاته فهمّ الجنود بقتله دفاعا عن ملكهم لكن الملك نهاهم عن ذلك وأمرهم بتركه يمضي. بعد عام ظهر هذا الثعبان مرة ثانية للملك ليشكره على إبقائه على حياته ثم لفظ من فمه بذورا صغيرة سوداء أمر الملك بأن تزرع فورا. حين نبتت البذور ظهرت عشبة لها عطر خلاب وطعم طيب ومنافع جمة لصحة الجسم والعقل، تشفي من نزلات البرد إلى الأبد. أطلق على هذه العشبة (عشبة الملك أو عشبة الملك العطرية). هذه القصة تدل على إمكانية أن تكون بلاد فارس هي الموطن الأصلي لنوع واحد على الأقل من أنواع المشموم حيث ورد ذكرها في الأدب الزرادشتي. مثال على ذلك أنها ذكرت في  كتاب Bundahišn من كتب الزراديشتية المقدسة وتعني الخلق الأول أو بداية الخلق. يتكون الكتاب من 34 فصلا يشرح كل منها بداية الخلق أو نشأة الكون والحياة والمخلوقات والنباتات والماء والأديان والصراع بين الخير والشر وغيرها. يذكر في هذا الكتاب أن المشموم يعود أو ينتمي إلى الملك Amešāspand Šahrivar والملك Husrav وإبنه وكما جاء في الكتاب عن وصف المشموم: «أن رائحته مثل رائحة علية أو خيار القوم».

Arjaka أرجاكا هو إسم المشموم بالسنسكريتية. بُجِّلت هذه العشبة منذ أكثر من خمسة آلاف سنة في الهند وتعرف هناك أيضا بإسم تولاسي أو تولسي Tulasi- Tulsi أو الريحان الهندي أو الريحان المقدس Ocimum sanctum. أغصان المشموم المقدس طويلة وزهوره بيضاء بينما أغصان المشموم البنفسجي أقصر وزهوره كثيفة متكتلة وهو مقدس بصفة خاصة ويسمى Tulsi Shyama أي المشموم الغامق أو الداكن حيث أن لونه يشبه لون بشرة الإله كريشنا.

يعتقد الهندوس أن المشموم المقدس يجسد الإلهة تولاسي. وتحكي الأسطورة أن الإله فيشنو Vishnu عاشر تولاسي بعد أن تمثل لها بهيئة زوجها وحين أدركت الحقيقة هالها أن تكون قد ارتكبت خطيئة الخيانة وإن كانت قد خدعت، فقتلت نفسها.

رواية أخرى تقول إن تولاسي كانت امرأة إنسية إسمها Vrinda أو بريندا Brinda جزعت لموت زوجها فرمت بنفسها على رفاته وهو يُحرق فاحترقت معه وتحول شعرها إلى عشبة المشموم فطلب الإله Vishnu من الكهــنة أن يبجــــــلوا تــــــــلك العشـــــــبة لتصبح مقـــدســة ورمـزا للعفة والوفاء والخلود والحماية ثم حض النساء خاصة علـــى الصــــلاة لهـــا لتحميــــهن مـــن التـــرمــــل والأحــزان  وآلام المخــاض، كـما بجــــلت لتعدد منــافعــها للجســد والعــــقــل والروح.

رواية أكثر حداثة تقول إن تولاسي كانت إحدى عشيقات الإله فيشنو Vishnu غارت منها زوجته لآكشمي Lakshmi فحولتها إلى عشبة. يعقتد البعض أن تولاسي ولاكشمي هما امرأة واحدة ورغم ذلك فإن تولاسي تعبد كإلهة وتعد تجسدا أو خلقا ثانيا لسري ماهالاكشمي Sri Mahalakshmi التي ولدت باسم فريندا Sri Vrinda. عُرفت تولاسي بأنها عابدة سامية للإله كريشنا والمخطوطات الدينية تؤكد على أهمية الصلاة لها للتقدم في درجات الإيمان ومكرماتها مذكورة في كتاب سكاندا بورانا Skanda purana وغيره من أدبيات وكتب الهندوس.

الأسطورة بمزيد من التفاصيل تروي أن تولاسي كانت متزوجة من شيطان إسمه جالاندار Jalandhar. كان جالاندار ملك البحار وكانت له قوى عظيمة وحين تمتلك الشياطين القوى تبطش بباقى الخلق والمخلوقات وهذا ما فعله جالاندار ولم يقدر أحد على التصدى له ومواجهته لأنه متزوج من تولاسي المؤمنة العظيمة ويستمد قوته من قدسيتها وطهارتها. أخيرا تدخل الإله فيشنو Vishnuرأفة ومحبة لتابعيه ورعيته وبأمر من الإله شيفا Shiva ليضع حدا لفجور جالاندار فتجسد على هيئة جالاندار أثناء غيابه وعاشر تولاسي. حين إكتشفت تولاسي الخدعة قررت أن تتخلى عن جسدها وأن تتحول إلى عشبة. حين فقدت تولاسي طهرها ومعه قدسيتها فقد جالاندار قواه وسهل على الإله شيفا Shiva القضـــــاء علـــيه لكــــن الإلــــه فيشنو ندم بعد ذلك لما اضطر إليه من خديعة تولاسي فحول نفسه إلى صخرة سوداء تسمى Shaligram شاليجرام وأعلن أن من يعقد قرانه على تولاسي ليكفر عن خطيئته فسيحظى بالمكرمات(1).

في كل عام مع بزوغ هلال الشهر القمري الثامن للهندوس month Kartika يقابله شهر نوفمبر الميلادي يقام طقس زواج تولاسي وفيشنو Tulsi vivah فتزين شجرة المشموم زينة العروس وبجانبها مجسم فيشنو الذي تحول إلى صخرة سوداء.

يصلي الهندوس للمشموم في الصباح والمساء ويعد البيت غير مكتمل إن لم يضم العشبة المقدسة في مكان ما في أرجائه. الإختيار الأفضل لكثيرين هو إناء مربع تزين أضلاعه الأربعة تصاوير للآلهة. وتنتشر أواني الزرع لهذه العشبة في كل مكان وتعد الأغصان والأوراق والزهور والبذور وحتى التربة في هذا الإناء كلها مقدسة. تسمد تربة شجرة المشموم بسماد من روث البقر ويترك بجانبها مصباح مضيئ في الليل حيث يُعتقد أن الإلهة تولاسي تتجسد فيها ليلا. كما يعمد كثير من الهندوس على زرع غابات صغيرة من المشموم المقدس في بيوتهم وتسمى هذه الغابات «Vrindavan»or«Tulsivan» والإسمان مشتقان من فريندا وتولسي ويعتقد أن البيت الذي تنمو فيه هذه النبتة لا يقربه شر حتى أن الموت يخشى دخوله.

يتجنب الهندوس إيذاء المشموم أو قطعه إلا إن كانت هناك ضرورة لذلك وفي هذه الحالة يبتهلون بأدعية الإعتذار والإستغفار ولهذا السبب لا يستخدم في الطبخ في شبه القارة الهندية.

في أوريسا Orissa وفي أول يوم من الشهر الهندوسي فيشاكا Vaishakha ما بين شهر أبريل ومايو الميلاديين تملأ جرة في قاعها ثقب بالماء وتعلق فوق نبتة المشموم ليتدفق منها الماء لمدة شهر. الماء المتدفق يعرب عن دعوات طيبة بموسم رياح موسمية جيد. حين تشتد حرارة الجو في الصيف فإن من يسقي النبتة ماء باردا أو يظللها بشمسية يتطهر من كل ذنوبه.

الآريون هم أصل الهندوس وكانوا من عبدة الطبيعة، أشعارهم وتصاويرهم ثرية بتجسيد وتمجيد الطبيعة. ربما سحرهم عطر هذه العشبة ورقتها فحاكوا حولها الحكايات وربما تواصلت إليهم أساطيرها من شعوب أقدم على هذه الأرض فتبناها الهندوس. ورد ذكر المشموم في الريج فيدا the Rig Veda التي كتبت 1500 عام قبل الميلاد وقدسيته يُحتفى بها في البورينا the Puranas الكتاب المقــدس للهنـــدوس ولــــه شــــأن كبيــــر في الطــب الشعبي القديم للهندوس Ayurvedic system of medicine كما ورد في المدونات الطبية مثل Charaka Samhita بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثاني بعد الميلاد.

المشموم مقدس أيضا في الديانة البراهمية ويتم التزين بأوراقه كتميمة للتحصن من الشرور جسديا وروحـــيا ويذكـــر في أدبيــاتـــهم  أن الإلــه بــراهمـا (الإله الخالق) يسكن في سيقانها وأن نهر الجانج Gangesيجري في جذورها وأن كل الآلهة توجد على أغصانها والكتاب المقدس في زهورها.

أما Vaishnavas أصحاب مذهب فيشنافا الذي يزيد إنتشاره كل يوم بين الغربيين فيعتقدون أن المشموم ما هو إلا تجسد للإله الأعظم في مملكة النبات. من القرابين التي تقدم إلى الإله فيشنو أو كريشنا، باقات تتكون من 10000 ورقة من المشموم و ماء مخلوط بالمشموم وأنواع من الطعام مزينة بأوراق المشموم.  إلا أن المشموم لا يقدم للإلهة الأم  Devi حيث أن عبقه اللاذع يغضبها. يرتدي كهنة الفيشنافا قلائد أو يحملون سبحات تسمى Tulsi Mala بعضها يتكون من 108 حبة مصنوعة من أغصان أو جذور المشموم كرمز للتدين وأداة للتسبيح. هذه القلائد أو السبحات تعتبر قلائد ميمونة تقرب وتصل العابد بالإله فيشنو أو كريشنا أملا في الحفظ والحماية ويعرف أصحاب هذا المذهب باسم ( الذين يرتدون المشموم حول أعناقهم). يعتقد أن هذه السبحات تشفي من الأمراض الذهنية أو النفسية والعصبية وتساعد على الإسترخاء. وإذا تم إرتداؤها حول العنق فإنها تشفي من بعض الأمراض كالسعال وإحتقان اللوز كما أنها تجلب الحظ السعيد والرخاء. كما يعتقد أن المكان الذي توجد فيه هذه النبتة لا يصله التلوث حيث أن الزيت الذي تحمله الأوراق قادرة على القضاء على كل أنواع البكتيريا كما أنها تحمل بعض الزئبق الذي يستخدم في أدوية Ayurveda أي الطب أو النظام الصحي الشمولي التقليدي القديم في الهند لعلاج السرطان ، حيث يطلق على المشموم (العشبة التي لا تضاهى) و ( أم دواء الطبيعة) و (ملكة الأعشاب) و(إكسير الحياة) لإعتقادهم بقدراتها على إطالة الحياة.

يقسم المسلمون على القرآن ويقسم المسيحيون على الإنجيل واليهود على التوراة أما الهندوس فيقسمون على حزمة مشموم في المحاكم  فهذه العشبة عندهم هي أقدس النباتات  وهي العتبة أو الدرجة الأولى بين السماء والأرض.

أما في الصين فيطلق على المشموم إسم Nine level Pagoda (Jiu Cheng Ta)九层塔 وتعني البرج ذي الطوابق التسعة وسبب هذه التسمية هو أن أحد أباطرة الصين خرج يوما لنزهة في مملكته ففاجأه سيل وطوفان عنيف فلجأ إلى أحد الأبراج ليحتمي منه وهناك عثر على عشبة المشموم على سطح البرج فعاش على أكله  حتى إنحسر الماء واستطاع النزول. عاد إلى قصره حاملا تــــلــك العشــبة التي أطلق عليها البرج ذو الطوابق التسعة وربمـــا أيضــا لشكــل زهــرة المشمـــوم الــــتي تشبـــه أبـــراج المعـــابد الصينية.  

المشموم في الأساطير الأوروبية:

إسمه العلمي Ocimum أتى من الإغريقية القديمة okimon وتعني (رائحة) والتي تدل على طبيعة عبيره الفواح وإسمه المحدد basilicum هي لاتينية من basilikon وتعني ملكي ومعا تكونان basilicum Ocimum أي الرائحة الملكية. في كتابه أعشاب الأرض، يعتقد Henry Beston هنري بستون أن المشموم منح هذا الإسم للون زهوره البنفسجي Tyrian purple وهو لون كان خاصا بالملوك. يقال أيضا أن نسبه للملوك the basilisk or basilicus فيعود للأفعى الأسطورية ذات النظرة القاتلة.  Basiliskos عند الإغريق تعني (ملك صغير) ربما لأن السحلية لها عرف ديك يشبه التاج، ويعتقدون أن له قدرة على تجميد الكائنات الحية بنظرته وإذابة كل النباتات القريبة منه بسمه ولا يستبعد أن هذه الأسطورة إنتقلت إلى الإغريق من الهند حيث الكوبرا القاتلة بنظرتها.

في روما القديمة كان المشموم يسمى Basilescu وتعني Basilisk وهي سحلية عملاقة نصفها سحلية ونصفها الآخر تنين لها رأس كرأس الديك ولها جناح وطواط وجسد ثعبان تنفث النار ولها نظرة حادة مميتة ويعتقد أن أوراق المشموم هي العلاج الوحيد من عضتها ومن لهبها أو نظرتها التي يمكن أن تقضي على البشر والحيوانات. يعتقد الرومان أن زارع المشموم يجب أن يزرعه وهو يسب ويلعن ويشتم كنوع من الوقاية من الشرور بصفة عامة ومن ظهور الثعابين والعقارب بصفة خاصة وأيضا لضمان الحصول على محصول جيد. من هذه الممارسة ظهر التعبير الفرنسي (semer le baslic)  أي زرع المشموم ويقال (فلان يزرع المشموم) ويقصد بذلك أنه يهذي أو يخرف ويتفوه بكلام غير مفهموم وغير مقبول. ورغم أن هذه مجرد أسطورة إلا أن المشموم ما زال يستخدم كدواء للعضات أو القرصات المسمومة.

ارتبط المشموم ارتباطا مباشرا بكوكبة العقرب constellation Scorpio وهي كوكبة مقدسة لآلهة الصيد أو الصيادة العذراء أرتميس Artemis إلى جانب كوكب المريخ Mars ويقابلها الآلهة ديانا Diana عند الرومان. Artemis إبنة زيوس وليتو Zeus and Leto وأخت أبوللو Apollo التوأم. أرتميس هي إلهة الصيد، الحيوانات البرية، البراري والقفار، المخاض، العذرية، حامية البنات و شافية أمراض النساء. تجسد أرتميس غالبا على هيئة امرأة قوية تحمل القوس والنبال. الغزلان وأشجار السرو مقدسة عندها وفي نهاية العصر الهيليني تقمصت دور أيليتيا Eileithyia التي تساعد النساء وقت المخاض أو الوضع.

الأساطير الإغريقية المرتبطة بكوكبة العقرب لا تكاد تخلو من  ذكر أوريون الصياد. وفقا لإحدى هذه الأساطير كان أوريون مغرورا بقوته ومتفاخرا بمهارته في الصيد لكن تأكله الغيرة من أرتميس. في يوم أخبر أوريون الآلهة ارتميس وأمها ليتو، أنه سوف يقتل كل حيوان على وجه الأرض وعلى الرغم من أن ارتميس هي صيادة بنفسها إلا أنها سارعت لحماية جميع المخلوقات. أرسلت ارتميس وأمها ليتو عقربا للتعامل مع أوريون. تصارع إلإثنان حتى قضى العقرب على أوريون. أثار هذا الصراع إنتباه زيوس Zeus ملك الآلهة فرفع العقرب إلى السماء تقديرا لبسالته ونزولا عند طلب أرتميس رفع أوريون أيضا إلى السماء ليكون عبرة للبشر من مغاب الكبر والغرور والخيلاء.

رواية أخرى تقول أن أوريون كان صيادا أكثر مهارة من أرتميس لكنه أخبرها بأنها أفضل منه فأحبته لكن أخاها التوأم الإله أبوللو غضب من هذا التقارب فأرسل عقربا ضخما ليهاجمه. بعد أن مات أوريون طلبت أرتميس من زيوس أن يرفعه إلى السماء وهكذا يصطاد أوريون في السماء كل شتاء ويهرب ليختبئ كلما ظهرت كوكبة العقرب.

إضافة إلى إرتباط المشموم بأرتميس فقد ارتبط أيضا بآلهات أخريات هن Eileithyia إيليتيا وPersephone بيرزوفون و أيضا هيرا Hera.

Eileithyia إيـلـيتيا هــي إلهــة الـــولادة الإغــريــقــية  Greek goddess of childbirth أي القابلة وراعية النساء أثناء المخاض وتعادلها الإلهة الرومانية Lucina. وكثيــرا مــــا نـــرى في التصــاويــر الإغــريقــية الآلهــات الثـــــــلاث Eileithyia, Artemis وPersephone معــــــــا وهــــن يحملن المشاعل ليخرجن المواليد من الظلمة إلى النور.

كما ارتبطت Eileithyia إيليتيا  بهيرا Hera ربة النساء والزواج أو الحياة العائلية.

Persephone بيرزوفون هي ربة المجتمعات الزراعية التي قادت أرواح الأموات إلى باطن الأرض وامتلكت سلطة تتحكم بخصوبة تربة المكان أو الأرض التي تسود عليها. تظهر بيرزوفون في بعض التصاوير على شكل يشبة الخضراوات و فتيات يرقصن حولها بين الزهور. ذكرت حكاية بيرزوفون بكثير من التفصيل في ترنيمة هومر لديميتر Demeter أم بيرزوفون. عاشت بيرزوفون بعيدا عن الآلهة الأخرى بين الطبيعة ذاتها قبل أيام زرع البذور وتغذية النباتات. في الروايات الأوليمبية الإله هيرمس وأبوللو تقدما لخطبتها إلا أن أمها ديميتر رفضت كل هداياهم وأخفت وحفظت إبنتها من مرافقة الآلهة الأولمبية الأخرى. لكن زيوس سمح لهيدز Hades إله العالم السفلي؛ الذي يصطاد أرواح الناس كالغنائم ويحملها على أحصنته إلى مملكته والذي كان مغرما ببيرزوفون الجميلة، باختطافها حيث أن أمها ديميتر لا يمكن أن تسمح له بالزواج منها والعيش معه في باطن الأرض. كانت بيرزوفون تجمع الأزهار مع Athena أثينا و أرتميس Artemis في أحد الحقول. إبتعدت بيرزفون عنهما وفجأة ظهر هيدز من حفرة بين الزهور وإختطفها إلى باطن الأرض. عندما إكتشفت ديميتر غياب إبنتها أخذت تبحث عنها في كل أنحاء الأرض وهي تحمل عدة مشاعل. شغلها يأسها في العثور على إبنتها عن الأرض والمحاصيل وتوقفت النباتات عن النمو. هيليوس Helios، الشمس، التي ترى كل شيء أخبرت ديميتر بما حدث لإبنتها وبعد بحث طويل عرفت مكانها. أخيرا بعد أن أزعجت صرخات الناس الجياع الإله زيوس أجبر هيدز على إعادة بيرزوفون إلى أمها. إمتثل هيدز لأوامر زيوس لكنه خدع بيرزوفون التي كانت ترفض كل طعام يقدمه لها وأعطاها بعض حبات من الرمان لتأكلها قبل رحيلها فأكلت منها سبع وقيل ست حبات. أرسل زيوس هيرمس لإستلام بيرزوفون لكن لأنها ذاقت طعام العالم السفلي صار عليها أن تعيش هناك ثلث العام وهي أشهر الشتاء وتعيش بقية العام مع آلهة الأرض.

أسطورة إختطاف ربة الخصوبة عشتار وحكايتها مع الإله تموز أقدم من الأساطير الإغريقية كما تدل عليه أساطير بلاد ما بين النهرين وبالتأكيد يختلف مكان الاختطاف وفي ترنيمات هومر تذكر أسماء أماكن خيالية ربما ليزيد من عمق الأسطورة وبعد المكان الذي غابت فيه بيرزوفون.

ولعل قصة إزابيلا Isabella أو Lisabetta ولورنزو  Lorenzo هي أشهر الحكايات التي ورد فيها المشموم.كتب القصة Giovanni Boccaccio جيوفاني بــوكــاشــيــو 1313 - 21 December 1375. كــاتــب وشــاعر وباحث من عصر النهضة في إيطاليا. كتب بوكاشيو عددا من الكتب القيمة أشهرها the Decameron الـــديكــامــيــرون وOn Famous Women كتــــاب عــــن أشهر النساء. تمت تسمية أو ترجمة عنوان الكتاب إلى الإنجليزية باسم  PrinceGalehaut بالإيطالية  Prencipe Galeotto. يتكـــون الكتــــاب مــــن 100 حكايـــة جـــاءت علـــــى لســــــان مجموعة من سبع فتيات وثلاثة فتيــان احتموا مـن وبـاء الطـاعـون الذـي إنتشر في فلورنسا في ذلك الوقت بقصر مهجور وكل ليلة يحكي أحدهم حكاية إلا يوما واحدا يخصص للأعمال المنزلية. إحدى هذه الحكايات هي حكاية إزابيللا.

ازابيلا فتاة شابة تعيش مع أخويها في قصر فخم. كان الأخوان يملكان أعمالا تجارية مزدهرة وكان لديهما مدير أعمال ماهر إسمه لورنزو. تقع إزابيلا في حب لورنزو ويبادل لورنزو حبها بحب أكبر. انتبه الأخوان إلى مشاعر العاشقين وبما أن لورنزو من طبقة أدنى من طبقتهما فلا يمكنهما أن يزوجاه أختهما ولا يمكنهما أيضا السماح باستمرار تلك المحبة التي يمكن أن تعرض سمعة العائلة إلى القيل والقال،  فدبرا للورنزو مكيدة. دعا الأخوان يوما لورنزو لمصاحبتهما في رحلة عمل ثم أخذاه إلى غابة وقتلاه ودفناه هناك. حين طال غياب لورنزو انتاب القلق إزابيلا فأخذت تسأل وتلح في السؤال عنه فيخبرها أخواها بأنه غائب في رحلة عمل. لم يعد لورنزو وانفطر قلب إزابيللا على حبيبها وصارت تبكي عليه بكاء مريرا. في ليلة بعد بكاء طويل غفت إيزابيللا فرأت في المنام لورنزو يخبرها بحقيقة ما حدث له وبالمكان الذي دفن فيه. حين استيقظت إزابيللا غادرت القصر مع مربيتها إلى الغابة حيث الموقع الذي دلها عليه لورنزو في المنام وهناك نبشت التراب ووجدت رأس لورنزو الذي قطعه أخواها فأخرجته ولفته بقطعة قماش ثم وضعته في اصيص زرع وغطته بتربة غرست بها شجرة مشموم وعاشت تحمل الإناء معها في كل مكان وتروي الشجرة بدموعها. أثار ذلك ريبة أخويها فتسللا يوما إلى حجرة إزابيللا أثناء غيابها ونبشا تربة الإناء  فعثرا على قطعة القماش، شقاها فظهرت خصلات شعر لورنزو الجميلة. فزع الأخوان من إكتشاف إزابيللا لجريمتهما فحملا الإناء وهربا إلى نابل Naples. حين عادت إزابيللا إلى حجرتها ولم تجد الإناء ولا أخويها جزعت وظلت تبكي حتى ذبلت وماتت من شدة الحزن(2).

ألهمت حكاية إيزابيللا الشعراء والفنانين على مر العصور وأعاد كثير منهم كتابتها بلغته وبأسلوبه شعرا أوسردا ولعل أشهرهم  John Keats الشاعر الإنجليزي ونشرت عام 1818 كما ورد ذكر المشموم في كثير من الأعمال الأدبية الأخرى لكثير من الشعراء ومنهم Percy Bysshe Shelley’s To Emilia Viviani وEdna St. Vincent Millay’s Steepletop وSweet Basil American poet, Sally Allen McNall وغيرهم.

المشموم في الإسلام:

ذكر المشموم أو الريحان في القرآن الكريم مرتين

مرة في سورة الرحمن الآية 12 ..

 قال تعالى: ﴿والحب ذو العصف والريحان﴾

العصف : ورق الزرع . الريحان : كل مشموم طيب الريح من النبات وذكرت كلمة ريحان في أحاديث نبوية عديدة بمعنى نبات طيب الريح محبب للنفس.

كما ورد في سورة الواقعة آية 89 ..

 قال تعالى: ﴿ فَرَوْحٌ وَرَيحانٌ وجَنَّةُ نعيمْ﴾

قال قتادة إنه الجنة وذكر الضحاك : إنه الرحمة وقيل هو الريحان النبات الذي يُشَم  وقال الفيروز أبادي في كتابه بصائر ذوي التمييز في لطائف كتاب الله العزيز أن الريحان هو كل ما له رائحة من النبات وقيل الرزق وقد قيل لأعرابي : إلى أين ؟ فقال : أطلب من ريحان الله أي رزقه.

وفي تفسير الطبري: «هو إما الورق وإما الزهر وإما النبات المعروف، وعلى هذا فقد قيل: إن أرواح أهل الجنة لا تخرج من الدنيا إلا ويؤتى إليهم بريحان من الجنة يشمونه، وقيل: إن المراد ههنا غير ذلك وهو الخلود، وقيل: هو رضاء الله تعالى عنهم فإذا قلنا: الروح هو الرحمة فالآية كقوله تعالى: ﴿يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم﴾(3) وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي: قول من قال: عني بالرَّوْح: الفرح والرحمة والمغفرة، وأصله من قولهم: وجدت روحا: إذا وجد نسيما يستروح إليه من كرب الحرّ. وأما الريحان، فإنه عندي الريحان الذي يتلقى به عند الموت، كما قال أبو العالية والحسن، ومن قال في ذلك نحو قولهما، لأن ذلك الأغلب والأظهر من معانيه».

وفي تفسير إبن كثير:هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم: إما أن يكون من المقربين، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين، وإما أن يكون من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى، الجاهلين بأمر الــلّــه، ولهـــذا قــال تعالــى: ﴿فــــأمـــا إن كــــان﴾ أي المحتضر ﴿من المقربين﴾ وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات، ﴿فروح وريحان وجنة نعيم﴾ أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء إن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطـــــيبة في الجـــــسد الطـــــيب، كنـــــت تعمرينـــــه اخـــــرجي إلـى روح وريحان ورب غـــيـر غضبــــــان، قـــــال ابـن عبــــاس ﴿فـــــــــــروح﴾ يقــول: راحـــــــة ﴿وريحان﴾ يقول: مستراحة، وكذا قال مجاهد: إن الروح الاستــــراحـــة، وقــــال أبـــو حرزة: الراحـــة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير: الـــــروح الفرح، وعن مجاهد: ﴿فروح وريحان﴾ جنة ورخاء، وقال قتادة: فروح فرحمة. وقال ابن عباس ومجاهد ﴿وريحان﴾: ورزق؛ وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن مات مقرباً حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن ﴿وجنة نعيم﴾، وقال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه.

وروى الطبراني في الأوسط من طريق أبي أيوب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يلعبان بين يديه، فقلت: أتحبهما يا رسول الله؟ قال: وكيف لا؟ وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما.

وورد عن الترمذي أن الرسول صلى الله عليه وسلم إحتضن أحد ابني ابنته  فاطمة رضي الله عنها وهو إما الحسن أو الحسين رضي الله عنهما وقال (إنكم لّتُبّخِلون وتُجَبِّنون وتُجَهِلون وإنكم لمن ريحان الله) الصيغ الثلاث مــن بـــاب الــتـفـعـيـل أي تحمـــلــــون علـــى البــخــل والجـــبن والجهل، فإن من ولد له جبن عن القتال لتربية الولد، وبخل له وجهل حفظا لقلبه .

قال في النهاية: الريحان يطلق على الرحمة والرزق والراحة بالرزق سمي الولد ريحانا انتهى، وقال في المجمع : ويجوز إرادة الريحان المشموم؛ لأنهم يشمون ويقبلون، وهو من باب الرجوع، ذمهم أولا ثم رجع إلى المدح أي مع كونهم مظنة أن يحملوا الآباء على البخل والجبن عن الغزو، من ريحان الله أي رزقه انتهى، وقال العيني في العمدة: وجه التشبيه أن الولد يشم ويقبل، فكأنهم من جملة الرياحين، وقال الكرماني: الريحان الرزق أو المشموم ، قال العيني: لا وجه هنا أن يكون بمعنى الرزق على ما لا يخفى، وروى الترمذي من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الحسن والحسين فيشمهما ويضمهما إليه.

المشموم في العادات والتقاليد العربية

بيع المشموم هو أحد المهن التي زاولتها المرأة في دول الخليج العربية قديما وحتى يومنا هذا وخاصة في المناطق القروية كما زاولها الرجال من القرويين ضمن بيع منتجاتهم الزراعية الأخرى حيث توضع في سلال على ظهور الحمير ويطوفون بها بين بيوت المدن. بعد شراء المشموم تتجمع نساء البيت والجارات لصنع عقود المشموم ثم اقتسامها. يتم قطف براعم المشموم قبل أن يزهر ثم يشك البرعم المتكون من أربعة أوراق بالإبرة والخيط من طرف ساق البرعم وأحيانا من وسط البرعم لتمر الإبرة والخيط عبر الساق القصير.

النون: كما يسمى في الكويت و(ينون) في البحرين هو تقليد للنساء والأطفال للإحتفال بظهور أول سن للطفل أو بعد أن يقوم بأول خطوة أو يتم عامه الأول وهو ( حوّل الحول) في سلطنة عمان أو للوفاء بنذر ما يتعلق عادة بالطفل. تضاف أوراق المشموم إلى المكسرات والحلوى والنقود في تقليد النون ثم تقوم الأم أو من ينوب عنها بقذف حفنات من الخليط من فوق سطح البيت أو مكان مرتفع على الطفل المحتفى به والأطفال والنساء المدعوات علما بأن المشموم لا يضاف إلى النون في الكويت وذلك لندرته. كان المشموم من ضمن الهدايا التي يرسلها أهل البحرين لأقاربهم وأصدقائهم في الكويت مع عقود الفل (الرازجي) والياسمين ملفوفة بعناية بورق اللوز.

كان المشموم يزرع في الكويت بشكل محدود في أواني الزرع الفخارية أو «التنك» وهي أواني الزيت الفارغة في حوش البيت أو السطح وكانت هناك بائعات المشموم اللاتي يطفن بالبيوت من حين لآخر وهن ينادين (مشموم، مشموم). هناك أهزوجة قديمة جدا للبنات يرددنها أثناء اللعب تقول:

يا زارع الشموم فوق السطوح

لا تزرعه يا شيخ عذبت الروح

عذبت الروح! عذبت الروح!

أما في أهازيج المراداة في البحرين وقطر فتردد بهذا الشكل:

امشرّق ورايح.. ياذا القمر ياللي.. امشرّق ورايح

مَرْقِدَهْ في البرايح.. سلم على اللي.. مرقده في البرايح

خنين الروايح.. سلم على اللي.. خنين الروايح

فوق السطوحي.. يا زارع المشموم.. فوق السطوحي

عذبت روحي.. لا تزرعه يا شوق.. عذبت روحي

على السطح طلّيت.. عذبتني ياللي.. على السطح طلّيت

عقبه تَعَلّيت.. أويتيني بروحك.. أو عقبة تعلّيت

(امشــــــرق) تعـنــــي متـــجــــه نحـــــو الشــــرق. (البرايح) مفــــردها بــــراحة وهـي الساحة او الباحة  (خنين) تعني طيب الرائـحة

المشموم وإستخداماته العديدة جزء لا يتجزأ من حياة المرأة في معظم دول الخليج العربية وخاصة البحرين والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية حيث البيئة القروية وأثرها على أهل المدن وكم تغنى به الشعراء واعتبر رمزا للوطن حيث يذكر برائحة الجدة والأم والزوجة والحبيبة والأفراح والأعياد.

معظم استخدامات المشموم في البحرين تتعلق بالزينة والتعطر سواء في الأيام العادية أوحفلات الحنة والعقد أو الجلوة ولا يكاد يخلو حفل من أي نوع أو مناسبة سعيدة سواء للرجال أو النساء من المشموم. ليلة عقد القران تغمس العروس قدميها في إناء يحتوى على خليط من ماء الورد وأوراق الورد المحمدي المجففة وأوراق المشموم وفي ليلة الزفاف تجدل ضفائر العـروس ببـراعم المشمــوم وتثبـــت فــي نهــايــة كـــل ضفــيرة وريقـــات من المشموم.

وفي الوقت الحاضر تعد سلة تحتوي على أوراق الورد المحمدي والياسمين والفل (الرازجي) والمشموم لتنثر على ثوب العروس. في زفة الرجال يوضع المشموم مع الشموع في الكاب (الطبق) الذي توضع فيه الشموع.

لا يسمح للبنات غير المتزوجات بتضفير شعورهن بالمشموم لكن يسمح لهن بارتداء قلائد أو أساور المشموم.بالإضافة إلى تزينها الشخصي بالمشموم كإضافته إلى الضفائر أو تحت الثياب تحرص المرأة المتزوجة في البحرين على تزيين وتعطير حجرتها وفراشها بالمشموم مرة كل أسبوع وخاصة يوم الخميس ليلة الجمعة فبالإضافة إلى نثر أوراق المشموم على السرير ودسها تحت الوسائد ترش الحجرة بنقيع المشموم حيث توضع أوراق المشموم في وعاء عميق بعد غسلها وتجفيفها وتضاف إليها بعض العطورالأخرى مثل المسك والعنبر والورد والزعفران والصندل والزباد ويوزع ما تبقى على سائر الحجرات ثم تعيد الكرة في الأسبوع التالي.

 زينة العروس من يهود اليمن:

مثلها مثل العروس المسلمة تتزين العروس من يهود اليمن بحلي رأس مثل ما نسميه (الهامة) تتدلى منها براعم المشموم وغيرها من الأعشاب العطرية للتحصن من العين الحارة.

المشموم أيضا يدخل في زينة الرجال أو الزي الشعبي للرجال في المملكة العربية السعودية. العصابة العسيرية في المملكة العربية السعودية هي نوع من أنواع الزينة توارثها أبناء المنطقة جيلا بعد جيل. تتعدد مسميات عصابة الرأس باختلاف المناطق في عسير. ففي المناطق الجبلية المرتفعة تسمى «الغراس» أو «اللوية».اللوية أو العصابة اشتقت تسميتها من طريقة وضعها على الرأس، فهناك من يعصبها على رأسه فتسمى عصابة، وهناك من يلويها فقط على الرأس وتسمى في هذه الحالة لوية. وفي تهامة تعرف باسم «المخضارة» أو «الخظور». تصنع النساء العصابة العسيرية لرجالهن، على شكل طوق مزين بالنباتات العطرية، كالكادي والبرك والريحان والورد والبعيثران والوزاب والسكب وغيرها. يضع الرجل الجنوبي هذه الغراس على رأسه لتزين شعره وتضفي عليه رائحة عطرية، ويحرص على ذلك عند حضور المناسبات الإجتماعية والذهاب إلى المسجد وخاصة يوم الجمعة. يحرص الرجل العسيري على ارتداء الغراس، كإشارة إلى محافظته على هذه العادة الأصيلة وتعبيرا عن عشقه لزهور ورياحين المنطقة، والتي يعتبرها من أشجار الجنة نسبة إلى ماجاء في الأثر بأن «الريحان عطر أهل الجنة».

المشموم في سائر الدول العربية يسمى الحبق:

 لا يكاد يخلو بيت في سوريا وفلسطين ولبنان والأردن من المشموم وخاصة البيوت القديمة. تراه على عتبات البيوت والسلالم والشرفات والنوافذ وداخل البيت. كانت الجدات يحملن براعم المشموم في أيديهن أو في المناديل عند مغادرتهن البيت لتبقى معطرة. هناك مثل سوري يقول (من سبق شم الحبق) أي من وصل أولا نال الأفضل مثل آخر من سوريا يقول: «عم هز الورد لشمو» مثل التي تنطبق تماماً على نبات الحبق الذي كلما تم هزه كلما فاحت رائحته. كما ذكر المشموم في أحد المواويل السورية:

زرعت الحبق عل بلكون وما صار

وسقيتو من دمع عيني وما صار

والله متلك بالدنيا كلا ما صار

والطيب والكرم واصل للبواب

وفي هذا العام 2014 تم في سوريا إبتكار «عيد الحبق» 15 فبراير ليتبادل فيه المعجبون والعشاق زهور المشموم بدلا من الورود المستوردة. (لتصحيح المعتقد أو العادة العالمية التي تبنيناها أيضا خطأ هو أن الورود أو الزهور التي يتبادلها العشاق في هذا اليوم يجب أن تكون صناعية لتدوم أويستعاض عنها بالحلوى ولا يجدر أن يذكر إسم المعجب أو المحب على البطاقة). كما أصدرت مملكة الأردن والجمهورية التونسية طوابع بريدية تحمل صورة المشموم.

المشموم اليمني تميل أوراقه إلى الحمرة القانية وله ذات الأهمية في والاستخدامات في الزينة والتعطر ويرتديه الرجال حول وجوههم من الجانبين تحت الكوفية.

المشموم في عادات وتقاليد بعض الشعوب:

كان المشموم رمزا للكراهية وللحظ العاثرعند قدماء الإغريق والسبب هو أن الإسكندر الأكبر عرفه أثناء فتوحاته في آسيا فأرسل أشجارا منه إلى اليونان ويقال أنه أحضر بعضا منه عند عودته وقبل موته بوقت قصير. حين مات الإسكندر الأكبر وثارت القلاقل واشتعلت الحروب ربط الإغريق بين الشؤم الذي حل بإمبراطوريتهم وبين المشموم وأصبح يعرف بعشبة الشيطان أو العشبة الشيطانية.

حين يقدم أحد المشموم في اليونان فذلك يعني (إحذر، هناك عدو يكيد لك). يمكنني أن أفسر هذا المعتقد أو العادة وهو أن في شبه جزيرة  Vassilikos من Basilikos (مشموم أو ملكي) التي تضم ثاني أعلى جبل في اليونان جبل Skopos. إسم الجبل يعني (مراقبة أو مرقاب للجنود) وكان موقعا هاما أثناء الحروب حيث كانت هناك مملكة مزدهرة في هذا المكان من Zante.

تقليد الأدونيا The Adonia أو (حدائق أدونيس) التقليد من إسمه حدائق أدونيس هو حفل رثاء أو تأبين أدونيس Adonis. يمارس هذا التقليد في مناطق من اليونان ومنها أثينا وهو إحتفال للنساء فقط حيث تعد حدائق صغيرة في آنية الزرع تسمى «حدائق أدونيس» تزرع فيها بذور لنباتات سريعة النمو مثل المشموم والقمح والشعير والخس والشمر. تزرع النساء البذور في آنية فخارية أو سلة أو حتى في قطع من الطين تعتني بها النساء ويقمن على ريها لمدة ثمانية أيام ثم تحمل في إحتفال إلى شاطئ البحر أو إلى أي مجرى مائي حيث تلقى في الماء وسط الموسيقى وغناء المرثيات. هذا التقليد هو ذاته تقليد (الحِيّة) كما نسميه في الكويت أو (الحية بية) كما يسمى في البحرين ويمارس قبل عيد الأضحى وتلقى سلال الزرع في البحر ليلة العيد.

صور على عدد من المزهريات الإغريقية تظهر النساء ومعهن فينوس وهن يحملن آنية الزرع على السلالم ليضعنها على أسطح المنازل حول تمثال أدونيس ثم يداومن على العناية بها. كان سطح المنزل يعتبر موقعا فريدا من نوعه أو مميزا. ويقال أن تلك هي بداية الحدائق المنزلية والزراعة في أصص أو آنية الزرع في الأسطح والشرفات والنوافذ. ربما يفسر لنا هذا أصل أواني الزرع التي تنتشر في بيوت وأزقة اليونان وسوريا وقبرص ولبنان. حيث شاعت عبادة عشتار ومثيلتها فينوس أو أفروديت.

موت أدونيس: كانت فينوس مع أدونيس في الغابة تحكي له الحكايات وتعلمه فنون الحب والصيد. نصحته بأن يصطاد الحيوانات الصغيرة وغير الخطرة كالأرانب والوعول وأن يبتعد عن صيد الحيوانات التي وهبتها الطبيعة أسلحة كالأنياب الطويلة أو القرون المسننة. ثم تركته وركبت عربتها التي تجرها البجعات وطارت في الهواء بإتجاه قبرص. ما أن إبتعدت عاد أدونيس للصيد. رآه غريمه على حب فينوس أريس أو مارس فحول نفسه إلى خنزير بري شرس ليقتله وتكون فينوس له وحده. نبهت كلاب أدونيس إلى الخطر المحدق فحمل رمحه ورماه نحو الخنزير فأصابه ثم ركض مبتعدا. ركض وراءه الخنزير ثم غرز أنيابه في خاصرته وفر وبقي أدونيس مرميا في العراء غارقا في دمائه.

قبل أن تصل فينوس إلى قبرص وصل إلى مسامعها أنين حبيبها أدونيس فأدارت إتجاه عربتها مسرعة وعادت إليه، إقتربت منه وحضنته ومات بين يديها. رشت دمه برحيق الملوك فتحول إلى أزهار صغيرة حمراء تشبه شقائق النعمان. تفتحت الأزهار مع نسمة ريح لكن سرعان ما طارت براعمها مع النسمة الثانية فسميت (زهرة الريح أو النسيم) زهور جميلة لكن عمرها قصير. صارت هذه الزهور مثلا للمتع الآنية، قصيرة العمر. بعد موت أدونيس، أقنعت الحزينة المنكوبة  فينوس الإلهة بيرزوفان ملكة العالم السفلي التي فرحت بنزول أدونيس إلى عالمها و صار لها، أن تسمح له بقضاء ثلث العام معها على الأرض. ظهور أدونيس على سطح الأرض يحتفى به في الربيع ثم تنعى النساء موته في أواخر الصيف بإحتفال حدائق أدونيس حيث يلقين بآنية الزرع في الماء.

ذكرت حكاية موت أدونيس لسبب وهو أن هذه الأسطورة ربما تكون، وذلك في  تصوري الشخصي، أصل الأهزوجة الخليجية التي أوردتها سابقا:

امشرّق ورايح.. ياذا القمر ياللي.. امشرّق ورايح

 (فينوس تطير في عربتها نحو قبرص)

مَرْقِدَه في البرايح.. سلم على اللي.. مَرْقِدَه في البرايح (أدونيس ملقى في السهل)

خنين الروايح.. سلم على اللي.. خنين الروايح

 (الرحيق الذي رشت به فينوس دماء أدونيس)

فوق السطوحي.. يا زارع المشموم.. فوق السطوحي

(حمل فينوس لآنية الزرع للسطح و إستدعاءها أدونيس لسطح الأرض بزرع المشموم)

عذبت روحي.. لا تزرعه يا شوق.. عذبت روحي

(شعور أدونيس بإنتظار فينوس لعودته)

على السطح طلّيت.. عذبتني ياللي.. على السطح طلّيت (فينوس في إنتظار صعود أدونيس من العالم السفلي)

عقبه تعلّيت.. أويتيني بروحك.. أو عقبة تعلّيت

(عودة أدونيس للأرض)

أستخدم المشموم في القرون الوسطى لتخفيف آلام المخاض. في بعض الدول يعتبر المشموم أو الريحان (عشبة لا يأكلها الرجال) حيث أن مغلي العشبة أو الشاي المصنوع منها يسقى للنساء اللاتي تعانين من آلام الدورة الشهرية. المشموم هو أحد الأعشاب التي يطلق عليها Emmenagogues التي تسهل جريان الـــدم في الــرحـــم لــتــســاعد في الــــدورة الشهـــرية المتــــأخــــرة والوضع المتأخر. حديثا صارت القابلات المتخصصات في مستشفيات الولادة يقدمن شاي المشموم أو الOregano للنزيلات. ربمــــا هــــذا أحـــد أسبـــاب ارتبـــاطـــه بــكـــل آلـهــــات المخــــــاض والـــولادة والخصــوبــة إلــــى جانب كون كل هذه الآلهات رموزا للربيع.

كما شاع في القرون تقليد لإمتحان عفة النساء وهوأن يوضع برعم مشموم خفية تحت طبق المرأة أو الفتاة وقت الأكل. إن أكلت طعامها فهذا دليل على عفتها أما إن إمتنعت فستواجه الحكم القاسي عليها بالفساد.

المشموم يدخل في تركيبة الماء المقدس في الكنائس وفي أكبر الأعياد المسيحية في السادس من يناير كل عام وهو عيد «الإله المتجسد أو ظهور الرب» حيث تطهر الروح القدس الماء وتبارك الماء العظيم الذي يستخدم في التطهر وطرد الأرواح الشريرة والمباركة.

إناء زرع من الخشب به أوراق مشموم هو رمز أعياد الميلاد في اليونان. في كل بيت تقريبا هو يقوم أحد أفراد العائلة وعادة تكون الأم بغمس الصليب وأوراق المشموم بالماء المقدس وترش به كل حجرة في البيت. ويعتقد أن ذلك يبعد عفاريت Kalikantzaroi كاليكانتزوروا. كاليكانتزاروس (اليونانية:Καλλικάντζαρος؛ كاليكانتزاروي أرجو) هي العفاريت الحاقدة كما تعرف في «جنوب شرق أوروبا» (اليونان، بلغاريا، وصربيا) وفي الفولكلــــور الأناضـــولـــي (تـــركـــيا). تسكـــن هـــذه العفاريت  تحــت الأرض ولكنها تأتي إلى السطح خلال اثني عشر يوما من عيد الميلاد، من 25 كانون الأول/ديسمبر إلى 6 كانون الثاني/يناير.

في ليلة عيد الغطاس Epiphany تفتح أبواب السماء وتستجاب دعوات المصلين. في سميرنا Smyrna مثلا تستعد الفتيات الراغبات في الزواج بزرع عشبة مشموم في شهر مايو حتى إذا جاء عيد الغطاس حملن آنياتهن إلى الكنيسة ليباركها الكاهن فتتزوج سعيدة الحظ منهن في ذلك العام.

في اليونان وإيطاليا يعتقد أن للمشموم قوى سحرية ويعتبر رمزا للخصوبة فتضع الفتيات باقات منه حول أحزمتهن أو حول الرسغ أو يصنعن من أوراقه قلائدا تزين صدورهن أما النساء المتزوجات فيزين به رؤوسهن أو يضفرنه بشعرهن. ويعتقد أن عبير المشموم يجلب المعجبين ولهذا يسمى في إيطاليا عشبة(Kiss me, Nicholas) أي ( قبلني يا نقولا). يمارس هذا التقليد في أنحاء من تركيا أيضا حيث تزين الفتيات الراغبات بالزواج رؤوسهن ببراعم المشموم.

في إيطاليا تضع العائلة أو الفتاة الراغبة في الزواج إناء به شجرة مشموم على نافذة البيت كدليل على أن في هذا البيت صبية في سن الزواج أما في إسبانيا فإن هذا التقليد ذاته يدل على أن ذلك البيت بيت سيئ السمعة أو بيت للبغاء.

في إيطاليا يعتبر المشموم رمزا للحب. حين يضع الرجل غصنا من المشموم على شعره عندما يلتقي بفتاته فهذا دليل على تفانيه في حبها أما في رومانيا فحين يقبل شاب غصن مشموم تقدمه إليه فتاة فهذا يعني أنهما أصبحا مخطوبين للزواج وفي جزر المالديف حين يقبل شاب غضن مشموم من فتاة يقع في حبها.

يقدم المشموم كتعويذة تجلب الحظ السعيد لمن يسكن أو يمتلك منزلا جديدا وحديثا صار يوضع غصن مشموم قرب آلة صرف النقود في المحلات الجديدة لجذب العملاء.

أمـــــا فــي بريطانيــا فــي القـــرن الســـادس عـشـــر Tudor England فكـــانـــت النســـاء القـــرويات يهــديـــن إنــاء بـــه شجــيرة مشمـــوم للزائرين عند مغادرتهم كأمنية بسلامة الطريق ورحلة عودة ميسرة. يفرق الإنجليز بين المشموم أو الريحــــان الحلــــو والمشمــــوم أو الريحــــان الشعبـــي في معتقــــداتهم. الريحــان الحلو يعـــبر عن المحبة والأماني الطيبة أما الريحان الشعبي فيعبر عن الكراهية.

يسمى المشموم في المكسيك Albahacar وقد أدخله الإسبان إلى هذه المنطقة في أوائل القرن السادس عشر ثم انتشر بعدها في العالم الجديد لصلابته وسهولة زراعته. كما في كثير من المفردات الإسبانية فالكلمة تبدأ ب( ال al) مما يدل على إنتقالها إليهم عن طريق العرب المغاربة الأندلسيين الذين حكموا إسبانيا لمدة 800 عام ونقلوا كما إستحدثوا ثقافة إكتسحت أوروبا بكاملها ومــــن ضمنهـــا اللغـــة وخاصـــة الأطعمـــــة. فـي المكسيـــك يستخدم المشموم (كنشوق) لتصفية الذهن والتخلص من الصداع العصبي واحتقان الأنف.

في ريف المكسيك يعتقد أن حمل حفنة من المشموم في جيبك يجذب المال كما أن المشموم في المكسيك يستخـــدم لجلـــب الحــظ، ولـــطرد الأعــين الشريـــــرة وأن المرأة التي ترغب بإيجاد حل لعيون زوجها التي تتبع كل إمرأة عليها أن تنثر مسحوق المشموم على أجزاء من جسدها وخاصة الأجزاء العلوية وفوق منطقة القلب بعدها يصبح زوجها وفيا مخلصا محبا أو تنثر مسحوق الشموم على صدره ، ناحية القلب، أثناء نومه لتضمن وفاءه أو بالعكس.

في جزر الهند الغربية  تنقع أوراق المشموم في الماء ثم ترش به واجهات المحلات لجذب المشترين وفي الوقت ذاته يعتقد الناس هناك أن المشموم يجذب العقارب وغيرها من الحيوانات والحشرات السامة.

في الهند في وقت كسوف الشمس تغمس النساء أوراق المشموم ببعض من ماء نهر الجانج Ganges ثم يضعنها في أوعية ويحفظنها نظيفة حتى تعبر ظاهرة الشر علـــى حـــد تصــــورهم.

المشموم في تقاليد الوفاة:

تم العثور على غصن مشموم أثناء التنقيب في مقلب للنفايات الفرعونية في مدينة ممفيس يعود إلى عهد البلاطمة أو عصر متأخر. كانت براعم الريحان تنثر على قبور المتوفين من الفراعنة فى مصر القديمة، وكان يعتقـــــد مــــــن وراء ذلك أنهــــا سوف تفتح لهم أبواب الجنان الأبدية. كما كان المشموم يستخدم في غسل وتحنيط الموتى.

حين يتوفى كبير للهندوس يغسلون جثمانه بماء المشموم ويضعون غصنا منه على صدره ناحية القلب عند دفنه وذلك لضمان وصوله إلى جنة الفردوس كما يوضع غصن مشموم قرب الإنسان المحتضر ليصعد بروحه إلى الجنة.

تقليد وعادة زراعة المشموم في المقابر ووضعه على القبور عادة منتشرة في كثير من أنحاء العالم مثل إيران وماليزيا واليونان يوضع غصن مشموم على صدر الإنسان المحتضر ليسهل صعوده إلى الجنة كما يزرع المشموم على القبور.

يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بفرع من الريحان على قبر للترحم. قال الشافعية: لا بأس بتطييب القبر، وقالوا أيضاً مع الحنابلة والحنفية: ويندب أن يرش القبر بماء، ويسن وضع الجريد الأخضر والريحان ونحوه من الشيء الرطب على القبر حفظاً لترابه من الاندراس، ولا يجوز للغير أخذه من على القبر قبل يبسه؛ لأن صاحبه لم يعرض عنه إلا عند يبسه، لزوال نفعه الذي كان فيه وقت رطوبته، وهو الاستغفار.

ودليلهم على رش الماء أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء.

وكذلك قال الحنفية: يكره قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة، دون اليابس؛ لأنه مادام رطباً يسبح الله تعالى، فيؤنس الميت، وتنزل بذكره الرحمة. ويندب وضع الجريد والآس ونحوهما على القبور. والدليل: ما ورد في الحديث الصحيح من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء، بعد شقها نصفين على القبرين اللذين يعذبان، وتعليله بالتخفيف عنهما ما لم ييبسا أي يخفف عنهما ببركة تسبيحهما؛ إذ هو أكمل من تسبيح اليابس، لما في الأخضر من نوع حياة فكراهة قطع ذلك وإن نبت بنفسه، لما فيه من تفويت حق الميت.

بالقرب من مقبرة المنامة، والتي يطلق عليها اسم «الجبانة» يقف العديد من الصبية الصغار والشباب على جانبي الشارع الضيق المحاذي لمستشفى الإرسالية الأمريكية تحديداً عصر يوم الخميس؛ لبيع المشموم حيث إعتاد الناس على وضع باقات من المشموم على القبور في البحرين.

معتقدات:

- يعتقد أن سيدنا سليمان استخدم أوراق المشموم ضمن أعشاب عطرية أخرى في المرشات لتعطير المعبد وربما لهذا السبب يسمى المشموم (ريحان سليماني). وعطر الريحان كان يعتبر عطر الملوك القدماء في حضارتي بابل ومصر الفرعونية، فقد عمد البابليون وكذلك المصريون القدماء على تهوية معابدهم بعطر الريحان واستخدموه ايضا في تبخير بيوتهم و قصورهم، فضلا عن استخدامه في تعطير ملابسهم خاصة اثناء خروجهم للاحتفالات وحضورهم للمناسبات المختلفة. كما استخدم أيضا في تركيبة الماء المقدس للكنائس.

- رائحة المشموم تعرف بأنها تثير التعاطف والمحبة بين شخصين. ولذا فهي تضاف إلى البخور وأكياس الحب كما تفرك أوراق المشموم على الجسد كنوع من عطور الحب الطبيعية رغم أن الرومان القدماء اعتبروا المشموم رمزا للكراهية.

- يعتقد اليهود أن المشموم يساعد على تحمل الصيام حتى وإن بمسكه باليد.

- إذا مضغت وريقات من المشموم ثم وضعتها في الشمس فإنها تتحول إلى ديدان.

- في جزيرة كريت Crete المشموم رمز للموت حيث أن قدراته على إطالة الحياة يشير إلى إستمرار وجود الإنسان حتى بعد أن يفارق الحياة.

- يعرف المشموم بأنه مهيج للشهوة الجسدية. في هايتي ينسب إلى إله الحب إرزولي.

- في هايتي أيضا يرش التجار ماء المشموم أمام متاجرهم لتبعد الشر وتجذب المشترين والخير.

- في جزيرة كريت يعتبر المشموم رمزا للحب المغسول بالدموع. وهو الحب الذي عبرت عنه قصة إزابيللا ولورنزو.

- إرتداء أوراق المشموم حول الحزام أو كقلادة أو كسوار لا يختلف في معناه عن إرتداء باقي الأحراز المختلفة وممارسته منتشرة في كل مكان. إرتداؤه حول الحزام يدل على العفاف وينشط الخصوبة أما إذا تم إرتداؤه في مكان آخر فهو لجلب الحظ السعيد.

- المشموم عشبة مقدسة ولا يسمح للنساء بقطف أوراقها في اليونان.

- في التراث الأفريقي يعتقد أن المشموم يحمي من العقارب وفي اليونان يعتقدون أنه يولد العقارب.

- يعتقد الهندوس أن فرك ورقة مشموم على جبهتك قبل مغادرتك البيت يمكن أن يحميك من الشرور.

- في الهند أيضا عندما يحفر بئر جديد أو يبنى خزان ماء فيعتقد أن الماء لا يحمل أيا من قوى الخصوبة ولن ينفع الزروع إلا بعد أن تزوج شجرة المشموم إلى الصخرة التي تمثل الإله فيشنو Vishnu ويعتقد أن منقوع المشموم  هو دواء لكل داء.

 - وضع غصن مشموم على الصدر قبل النوم يضمن دخول الجنة إن مات أحدهم أثناء النوم.

- الإنسان الذي يعتني بشجرة مشموم على إعتبار أنها مقدسة يفوز بالسعادة والصحة ونظرة إلى الرب وبركة وشباب أبديين.

المشموم والسحر:

الأعشاب وأسماؤها كان لها منزلة خاصة في ثقافة الطهي، فهي تقع بين عالم الغذاء وعالم السحر كونها مليئة بالنكهة والروائح والألوان التي لا توفرها باقي النباتات في عالم النباتات الصالحة للأكل. وإن سهل تتبع تاريخ بعض الأعشاب الأسطوري والعلمي إلا أنه من العسير أن نحدد قوى المشموم السحرية واستخداماته لتعدد الأساطير والمعتقدات المتضاربة المتعلقة به رغم أنه أطلق عليه مسمى عشبة الساحرات Witches Herb  وما ذلك إلا لأنه يدخل في تركيب كثير من الخلطات السحرية والممارسات السحرية قديما وحتى يومنا هذا كما يقال أن الساحرات يشربن نصف كوب من خلاصة المشموم قبل أن يطرن ويحلقن في الهواء.

في هاييتي يستخدم المشموم في وصفات الحب السحرية المتعلقة بأرزولي Erzulie الروح أو الإلهة الأفريقية، وهي روح الحب والجمال والحلي والرقص والترف والزهور. يؤمنون بها في هايتي حيث تنتشر عقيدة الفودو Voodoo. تتعدد أوجه وقدرات أرزولي وتتشابك فهي ترعى النساء وتغار منهن وتحاول جذب الرجال بكل قواها. هي أحيانا عذراء وأحيانا أم لطفل دون أب ومع الزمن تحولت إلى السيدة مريم الأفريقية Black Madonna. ظهرت عقيدة الفودو مع الرقيق الأفارقة في مستعمرة هايتي الفرنسية في القرن الثامن عشر حيث كان محضورا عليهم ممارسة طقوسهم وعقائدهم الأفريقية وأجبروا على إعتناق المسيحية التي بثوا فيها بعضا من عقائدهم الأصلية.

في إيرلنــدة يدخـــل المشمـــوم في أعيـــاد النــور أو عيد المشاعل أو الشموع Sabbat of Candlemas ويستخدم في طقوس التطهر أو التطهير. إسم هذا العيد الأقدم Imbolc وهو احتفال من العصر الحجري المتأخر أي في بداية عصر المجتمعات الزراعية. عاش هذا التقليد و عبر العصور ودخل في الأساطير الإغريقية حتى تسلل إلى المسيحية ليعرف بعيد القديسة بريجيد St Brigid’s Day وهو أحد أربعة أعياد تقام في الأول من نوفمبر، الأول من فبراير، الأول من مايو، الأول من أغسطس. Imbolc باللغة الإيرلندية القديمة يعني (بطن) وتعود إلى حمل الخراف، در الحليب، أو وقت رضاعة الخراف. ولارتباط هذا العيد بالإلهة برجيد Goddess Brighid تحول هذا العيد لعيد للنساء فقط وله طقوسه الخاصة.

هذا العيد مرتبط بالموقد وبالبيت، وهو احتفال ببداية النهار الطويل وأول مظاهر الربيع، كشف الطالع، ترقب العلامات، الشموع والمشاعل. إشعال النار والتطهر أو التطهير جزء هام من الطقوس والشموع والمشاعل ترمز إلى الدفء وتزايد قوة الشمس. من بين طقوس كشف الطالع هو البحث عن أو الكشف عن جحور الثعابين والظربان لمعرفة إن كانت قد هجرت جحورها حيث أن ذلك دليل على قدوم الربيع حتى وإن كانت الأرض مغطاة بالثلوج. وبما أن هذا التقليد هو الأقدم فلربما يكون هو أصل الاعتقاد في الثعابين والعقارب التي تولد من المشموم.

يعتقد أن للمشموم قدرات على خلق المودة بين الناس كما أن له قدرات على تهدئة الغضب وتسكين حدة الجدل والخلافات ولذا فهو يستخدم في طلاسم حفظ السلام وينصح بترك الموقع حيث يحتدم النقاش ثم شرب شاي مع الريحان قبل العودة لمواصلة الجدل.

يستخدم المشموم في الكشف عن طالع العلاقات الانسانية. مثلا، إذا وضعت ورقتي مشموم على فحم مشتعل فاحترقتا بسرعة وهما متصلتان فالعلاقة ستكون سعيدة أما إذا إحترقتا متباعدتين فإن العلاقة ستسودها الخلافات وربما لن تدوم لكن إن إحترقتا ببطئ وبخشخشة فإن العلاقة ستستمر لكن مسارها سيكون صعبا.

يستخــدم المشمـــوم أيضـــا في الكشـــف عــن الخـــــيانة الزوجيــة أو الوفــــاء. إن ســـاورتــك الشكــــوك في إنســـــان ضع وريقات من المشموم الطازج في يده إن ذبلت في الحال فقد صدقت الظنون.

للمحافظة على وفاء إنسان إنثر مسحوق وريقات المشموم الجافة على سريره أثناء نومه.

لتحظى بالمال والنجاح ولتبعد الشر وتحافظ على سعادة العائلة إنقع المشموم في وعاء به ماء لمدة ثلاثة أيام ثم رش هذا الماء على عتبة باب البيت.

لتزيد المحبة في البيت استخدم المشموم في الطبخ أو احفظه في إناء دون غطاء في المطبخ وغيره كل أسبوع.

لطرد الشرور من البيت انثر حفنة من المشموم المجفف ثم إكنسه الى خارج البيت أو الحجرة حيث يقال أن الشر لا يمكنه البقاء في مكان عبره المشموم.

ضع غصن مشموم في كيس ومعه قطعة مغناطيس وخمس قطع نقدية معدنية وعلقه على باب منزلك أو حجرتك ليجذب الثروة والإزدهار.

الإلهة داراني Dharani ربة الحظ السعيد، الغزارة، الثراء والبدء. ورمزها سلة تفيض بالمشموم والرز والشتلات. يحتفل الهندوس بعامهم الجديد بعيد الدوالي وهو عيد الأضواء أو الأنوار تبجل فيه الآلهة داراني على أمل أن تكون بداية طيبة للعام الجديد. لاستدعاء حسن الحظ يغسلون عرباتهم، وأحذيتهم وحيوانتهم وملابسهم بماء المشموم وهو عشبة داراني المقدسة حيث يعتقد أنه يطرد كل السلبيات التي لا تقبلها داراني. وأيضا تشعل شمعة محفور عليها رمز لما يتفاءل به الشخص ويضاف إليها زيت المشموم. حين تحترق الشمعة ويذوب ما حفر عليها تنطلق طاقة داراني في جلب الحظ السعيد.

ربما يتساءل كثيرون لم لا يستخدم المشموم للحصول على كل شيء بدلا من كل الأشياء الأخرى التي تستخدم في الأعمال السحرية. السبب هو طبيعة هذا النبات. الوصفات السحرية لهذه العشبة تحتاج إلى نظام. بعض السحرة يسعون إلى نتائج فورية إلا أن الحصول على نتيجة مع المشموم تحتاج إلى صبر طالما كانت من أجل عمل طيب.

الخاتمة

كما هي الحال في أي عمل بحثي كل كلمة تقود إلى كلمات وكل معلومة تقود إلى معلومات أكثر حتى تتشابك الأمور. ربما هذه المرحلة هي الأكثر متعة. مرحلة فك التشابك وحل اللغز والتوصل إلى إجابات للأسئلة التي أوردتها في المقدمة.

بعد كل هذه الرحلة الممتعة التي قضيتها في البحث عن حكاية هذه العشبة وأيام التفكير الطويلة لتفسير الأساطير والطقوس والمعتقدات والعادات المتعلقة بها والتي لا يكفي هذا البحث المختصر لذكرها وأيضا الدراسات والتجارب العلمية المستمرة عنها وعليها توصلت إلى أنها كلها تتلخص في كلمة واحدة: التحول. التحول في الكون والظواهر الطبيعية والمواسم والزرع والحيوان والإنسان والأشياء. التحول الذي يأتي بعد العبور من مكان أو من مكانة أومن مرحلة أو من حالة إلى أخرى.

لم أسعد منذ زمن بإكتشاف كسعادتي بالتوصل إلى هذه الكلمة. كانت تظهر ثم تختفي أثناء جمعي للمعلومات. كانت تختفي ربما لاستعجالي في إصطيادها وفي محاولة التوصل للخلاصة قبل أن أتوغل. كنت أفكر في الخاتمة بعد خطوات قصيرة من البداية ثم ظهرت المعلومة التي دلتني. المعلومة التي ذكرت أن العجلة لا تفيد مع المشموم عند استخدامه في أعمال السحر. مع المشموم لا يفيد إلا الصبر والصبر يعني الوقت. ظهرت المعلومة متأخرة بعد معاناة في قراءة وإعادة قراءة ما جاء في هذا البحث وكل مصادره والتساؤل عن معنى كل ذلك فالمعلومات التي تتعلق بها بدت غير مترابطة رغم أنني قرأت أن تاريخ هذه العشبة مربك محير ومن الصعب أن نلم به كله أو أن نجد له تفاسير منطقية أو قريبة من المنطق أو من المعقول كما قال كريبسوس قبل أكثر من مائتي عام قبل الميلاد. توقعت أن يكون الأمر سهلا كإمتطاء فرس تنطلق بك إلى حيث ترغب فما هي إلا عشبة ثم اكتشفت أنني أركب عجلة ضخمة شيدت في خندق. تدور فترفعني عاليا حيث الضوء والسماء والحياة ثم تهبط بي إلى باطن الأرض حيث العفاريت والظلمة والموت. ظلت هذه العجلة تدور حتى توصلت إلى كلمة السر التي توقفها التحول.

المعلومة التي فسرت لي الأساطير والعادات والتقاليد الإغريقية والرومانية والمسيحية والإسلامية والعربية والأفريقية والشرقية والسحرية من العصر الحجري وحتى يومنا هذا وربطتها كلها معا في عقد فريد هي طقوس التحول rituals of initiation حيث قرأت أن المشموم  يدخل في طقوس البدء أو الدخول أو التغير أو التحول أو العبور. مثال على ذلك طقوس قبول فرد ضمن جماعة معينة أو طقوس البلوغ أو تحول الصبي إلى رجل أو الصبية إلى إمرأة والزواج أوالانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى أو التخرج من تعلم حرفة أو من كُتاب أو من كلية أوغيرها والطقوس المتعلقة بالولادة وبالأطفال وحتى بالموت ذاته والتي ما زلنا نمارسها بأسلوبها القديم المتوارث أو بأساليب حديثة متطورة. يستخدم المشموم في هذه الطقوس عند شعوب كثيرة حول العالم في ماء الاغتسال أو التطهر، أو كبخور أو كمشروب أو يدخل في الطعام المعد لهذه المناسبة حيث يعتقد أن المشموم يولد الشجاعة ويقضي على الخوف الذي يمكن أن يتلبس الإنسان المتحول أو العابر إلى مرحلة ما ويدفعه للمضي قدما بإيجابية وإقدام وخاصة من يسعون في دروب الوصول إلى الروحانية العلوية السامية أو من يمارسون السحر والشعوذة .

المشموم يرمز لأبعد وأعمق من ظاهر استخداماته المتعلقة بعبيره الجذاب وجمال أوراقه وزهوره للزينة و للأعراس ولإثارة الشهوات والرؤى الروحية والإستخدامات الطبية. الإنسان البدائي كان أكثر قربا للطبيعة وأكثر تأملا وأشد إصرارا على الفهم والتنبه لطبيعة هذه العشبة المزدوجة والمتحولة بذاتها والتي لخصها الكاتب الهزلي وباحث الفولكلور الأمريكي Charles Godfrey Leland 1824 - 1903 في عدة أبيات شعرية:

أرجو سعادتك أن تنتبه

إنتبه لهذه العشبة العجيبة

 عشبة إن لمستها بخفة يا سيدي،

وداعبتها بلطف

 فاحت بعطر حلو، نادر

لكن إن سحقتها بعنف

أعطتك رائحة خبيثة

ورغم تنوع نظرة الشعوب للمشموم على مر العصور ورغم تعدد استخداماته وما يرمز إليه إلا أن هناك إجماع على أنه البوابة أو العتبة أو الدرجة ما بين حال وحال وخاصة فيما يتعلق بالميلاد والموت. حتى في القرآن الكريم جاء في منطقة وسطى (فروح وريحان وجنة نعيم).

إرتباط المشموم بالحب وبالميلاد وبالموت ما هو إلا ارتباط الإنسان بالربيع وأشهر الصيف والدفء والتكاثر والخير والنماء وبعده الموت الذي يأتي مع الشتاء والأراضي الجرداء والملل من الليالي الطويلة الباردة والأفكار الكئيبة المحبطة والكسل الذي يهبط على الإنسان ويكبل مفاصله. الربيع يأتي بعد شهور إنتظار طويلة مريرة وهذا يفسر ما قيل عن أن مفعول المشموم حين يستخدم في أعمال السحر يحتاج إلى صبر ونظام.

خير ما قيل في ذلك هو ما قالته الراهبة كلاريسا Sister Clarissa  في كتابها (ملاحظات حول الطبيعة):

«تحب العقارب أن تتشمس في ظل شجيرة خضراء خصبة... في هالة المشموم. هناك يموتون ويولدون من جديد ليتحولوا إلى وحوش داخل العقل من شمة لعبق المشموم . هناك يتكورون بكآبة في زوايا مظلمة كظلمة الليل يلدغون ويلسعون ويمللون مضيفهم طوال أشهر الشتاء الطويلة لكن حين يأتي الربيع تهرب العقارب وتعود إلى جذور النبتة الملكية. في هذا الوقت تنبعث قدرة المشموم على شفاء وتسكين وتطهير وإزالة كل متاعب الشتاء».

أما جون ليلي John Lyly  فقال: «تولد العقارب من المشموم وبالمشموم تموت. كذلك الحب يولد في القلب مع الوقت والخيال و مع الوقت يموت».

 

الهوامش:

1 - ترجمة بزة الباطني.

2 - ترجمة بزة الباطني.

3 - سورة التوبة : 21.

 

مصادر البحث:

- Tulsi_Vivah- http://en.wikipedia.org

- fullstopindia.com/- Tulsi-holy-basil-and-queen-of-herbs

THE ORIGIN OF CLOTHING. www.sacred-texts.com-

De Gubernatis, «Mythologie des Plantes,» Vol. II, p. 35.

الريحان يوضع على الرؤوس – عمائم معطرة تتوِّج هامات الرجال 2013/09/  18الرياض - عبدالحي يوسف الخميس ، 15 مايو 2014 - العدد 14712جريدة القبس الكويتية

الخميس05/05/1430هـ)30/أبريل/2009العدد: 2874عكاظ- فهد الرياعي، عبد الرحمن القرني ـ عسير okaz.com.sa/okaz/osf/».

Words of the Day: Basil (Jiu Ceng Ta) www.nihaobooks.com/blog/cat/learnchinese

The Herb Book: The Most Complete Catalog of Herbs Ever Published-By John Lust 555Basil –

homecooking.about.com/od/foodlore/a/basillore

kew.org/plant-cultures/plants/holy_basil_history.html

sharecare.com/health/herbal-supplements/what-is-holy-basil

Friday, January 16, 1998 -www.angelfire.com/journal2/flowers

www.bonappetit.com/test-kitchen/ingredients/article/the-etymology-of-basilcentury association of arugula and spaceflight. The Etymology of Basil

eastwest-herbnerd.com/tag/hindu-mythology

preservingyourharvest.com/Basil.

An Herb Society of America Guide- The Herb Society of America.

www.herbsociety.org/factsheets/Basil

en.wikipedia.org/wiki/The_Decameron

vinnieswheeliewildgarden.wordpress.com/tag/thai-basil

herbs-info.com/basil

- تفسير البحر المحيط

library.islamweb.net/newlibrary/display_book.

quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura56-aya89.html

alro7.net/ayaq

iranicaonline.org/articles/basil

bayliss-ranch.com/historical_uses

siamwininganddining.com/index.php/archive/26-september-2012/491-hating-basil

Essential Herbal Wisdom: A Complete Exploration of 50 Remarkable Herbs

 By Nancy Arrowsmith Page 90-91

paganpages.org/content/tag/basil/

prideintheheart.com/paganclasskitchen.html

web.extension.illinois.edu/dmp/palette/110807.html

Herbs in Mythology-South Texas Unit of The Herb Society of America-Submitted by Lois Jean Howard - The Herb Society of America, South Texas Unit- herbsociety-stu.org/Mythology.htm

الموسوعة الكويتية المختصرة- حمد محمد السعيدان- الجزء الثالث- ص1516.

dampress.net- دام برس - خاص -  بلال سليطين- تاريخ النشر 2014-02-16.

qatarshares.com

en.wikipedia.org/wiki/Persephone

en.wikipedia.org/wiki/Eileithyia

الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ  المؤلف: أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق – كلّيَّة الشَّريعة الناشر: دار الفكر - سوريَّة - دمشق الطبعة الرَّابعة.

justmommies.com/pregnancy/labor-and-childbirth/basil-and-oregano-tea-to-induce-labor

www.gardenvisit.com/history_theory/library_online_ebooks/ml_gothein_history_garden_art_design/flowers_adonis_gardens

en.wikipedia.org/wiki/Imbolc

April-2006-www.planetlightworker.com-aromaticamedica.tripod.com

الصور:    من الكاتبة

www.ecoindia.com/flora/trees-  Trees in India-

 Offring Tulsai to Krisna -www.harekrsna.com/practice/sadhana/morning/tulasi-arati/

www.zennr.com/tulsi-mala-cylindrica-

الريحان يوضع على الرؤوس 2013/09/  18الرياض - عبدالحي يوسف الخميس ، 15 مايو 2014 – العدد-  14712جريدة القبس الكويتية

الخميس 05/05/1430هـ) 30/ أبريل/2009العدد: 2874عكاظwww.okaz.com.sa/okaz/osf-

peanutbutterandmussels.com/tag/statue-

www.loveindia.co.uk/portal-

-www.zennr.com/tulsi-mala-cylindrical

-www.pinterest.com/GreeceInUSA/greek-traditions-customs

www.theoi.com/Gallery-

-www.stuartwilde.com/2013/04/st-georges-day-and-the-prayer

-www.qatifoasis.comملامح من زينة المرأة التراثية بالقطيف- عقيلة آل حريز - 17 / 4 / 2010م

- http://avb.s-oman.netسبلة - سلطنة عمان -

أعداد المجلة