مذكرات حول توثيق رقصة العرضة البحرينية
العدد 13 - أصداء
بدأت في البحرين أواخر شهر ديسمبر 2010 أولى خطوات العمل الميداني لتوثيق فن الـ(عرضة) بالتعاون بين أرشيف الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر والدكتور علي إبراهيم الضو أستاذ علم موسيقى الشعوب بجامعة الخرطوم، وذلك من خلال عقد يقوم بموجبه خبير موسيقى الشعوب بالإشراف على مجمل مراحل المشروع الثمان التي تم تحديدها كالتالي:
1- الاطلاع على المادة المحضرة سلفاً من أرشيفات البحرين، وهي تسجيلات نادرة لعرضات قديمة وحديثة ومقابلات مع رواة وإخباريين يقدمون إفادات مهمة حول هذا الفن وتاريخه في البحرين، بهدف التعرف على طبيعة الفن المراد توثيقه.
2- ترتيب زيارة استطلاعية للخبير للتعرف الأولي على الميدان والتشاور والتباحث حول الأمور الإدارية والمالية والاجرائية الخاصة بالتنفيذ.
3- الاتفاق على تشكـيل فريق العمل الميداني وتولي تدريبه نظرياً لأداء المهام الميدانية.
4- تولي مهام جمع وتدوين إفادات إضافية جديدة للرواة والإخباريين من خلال عمل ميداني والقيام باستخلاص مواد المدونات والمراجع والمصادر المكتوبة لإعداد المادة النصية.
5- إدارة العمل الميداني الخاص بكل مظاهر ما يجري في ميدان الحفل وبيئة الفرجة من حوله.
6- استخلاص النصوص الشعرية المغناة من التسجيلات المرشحة وتدوينها والتعريف بفنونها وأنواعها وشعرائها وطبيعتها ومكانتها من الشعر الشعبي.
7- إعداد مادة توثيق نصية تستعرض ظروف البحث ومنهجه العلمي وتعرف بفن العرضة تاريخياً وفنياً ويورد كشفاً بأسماء الفرق المؤدية وأشهر الخبراء والعارفين لهذا الفن، مع نماذج دقيقة من النوتة الموسيقية للألحان المؤداة وأنواعها، ويعرض صوراً عالية الجودة للآلات الموسيقية والأسلحة الحربية والمواد العينية الأخرى المستعملة في هذا الفن.
8- إعداد سيناريو التسجيل النهائي لفلم توثيقي يدعم المادة النصية ويصدر بقرص مدمج يعرض نماذج من فنون العرضة البحرينية القديمة والحديثة مع نماذج لعرضات من السعودية والكويت وقطر.
خلال الفترة من 19 يونية وحتي 28 ديسمبر2010م تم إنجاز البنود الأربعة الأولى. ففي الفترة من 12 وحتى 19 يونيه 2010م تمت الزيارة الاستطلاعية للخبير والتي تمت خلالها المذاكرة مع المسؤولين بالثقافة الشعبية حول أنجع الطرق والأساليب لتوثيق “رقصة العرضة” والتي يؤديها رجال القبائل العربية والملوك والشيوخ في كافة دول الخليج العربي، وهي رقصة حربية قديمة ابتدعت في الجزيرة العربية وانتشرت في أنحاء الخليج العربي. عقد الخبير عدة اجتماعات مع كافة الأفراد المعنيين بالأمر وتوصل لتصور واضح حول إنجاز المهمة والتي تتطلب عودة الخبيرمرة أخرى إلى البحرين في نهاية هذا العام للقيام بالعمل الميداني وتسجيل المادة في سياقها الطبيعي. على أن تكلل المجهودات في نهاية المطاف بإنتاج أسطوانة مرئية مرفق بها كتيب بثلاث لغات (عربية، انجليزية وفرنسية) يحوي معلومات مكتوبة عن هذه الظاهرة الثقافية. ومن المؤمل أن تنتهي المهمة، حسب ما هو مخطط لها، في الربع الأول من العام القادم.
وعلى هامش هذه المهمة قام الخبير إبان الزيارة الاسنطلاعية بتقديم محاضرة عامة بمركز عبد الرحمن كانو الثقافي تحت عنوان “المعتقد حول الموسيقى والاضطراب النفسي”، عمها جمهور الثقافة بالملتقى، بما في ذلك سفير السودان بالبحرين وبعض أفراد الجالية السودانية، وقد كان الانطباع والحوار جيدين. وبناءً عليه طلب منه رئيس الجالية السودانية أن يعيد تقديم المحاضرة بالنادي السوداني لمصلحة الذين لم يتمكنوا من الحضور، فأعيدت المحاضرة في اليوم التالي بالنادي السوداني.
أيضاً على هامش هذه المهمة الاستطلاعية حاور الخبير المسؤولين بالثقافة الشعبية وشجعهم على إمكانية إرسال بعض العاملين في المجال الثقافي إلى معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم لنيل درجة الدبلوم في الفولكلور، فتم ترشيح اثنين من الراغبين في مواصلة الدراسة في هذا المجال. هذا وقد قام الخبير عقب عودته للسودان بمدهم بالمعلومات الخاصة بشروط القبول وقيمة المصروفات الدراسية وتكلفة السكن والإعاشة، وقسائم الالتحاق بالدراسات العليا. هذا وقد تم ترشيح طالب وطالبة من البحرين للالتحاق بجامعة الخرطوم للعام الأكاديمي 2011م. كذلك طلبت إدارة مجلة الثقافة الشعبية من الخبير أن يرشح لها جهة تقوم بتوزيع المجلة بالسودان، فرشح دار جامعة الخرطوم للنشر، والتي عند التقائه بإدارتها رحبت بالأمر فأبلغ الخبير إدارة المجلة بذلك.
في الزيارة الثانية للبحرين الممتدة من 18 وحتى 28 ديسمبر 2010م تمكن الخبير من تدريب فريق العمل المكون من الباحثين:
1 - صلاح السويدي 2 - خميس زايد 3 - نواف النعار
4 - دانة حميدان 5 - سوسن إسماعيل
هذا وقد تم ذلك التدريب بمشاركة كل من المخرج المقترح عبد الله يوسف وبحضور عبد الله المحرقي. وقد اشتمل التدريب على أساليب العمل الميداني في مجال توثيق الثقافة الموسيقية وتعريف المتدربين بماهية التوثيق ومتطلباته. وفي هذا السياق ناقش الحضور تفاصيل سيناريو توثيق رقصة العرضة باستفاضة، حيث تم تبادل الآراء عقب مشاهدة أنموذج مرئي لفن العرضة بالبحرين تم إعداده من التسجيلات القديمة والتي وفرتها إدارة الثقافة الشعبية للخبير وقامت بإرسالها له في الخرطوم.
خلال الفترة التالية، تم التركيز على جمع المادة النظرية عبر المقابلات مع بعض الرواة والإخباريين. وكذلك تم الرجوع إلى بعض المصادر المكتوبة عن العرضة وهي شحيحة ونادرة. وقد وفر الاستاذ علي خليفة، في هذا السياق بعض أسماء الرواة المهمين أمثال: زايد عتيق، جاسم الحربان، خالد عبد الله خليفة، محمد جمال، مبارك نجم، كما قام بالاتصالات اللازمة والتنسيق معهم مما مكن الفريق من إجراء المقابلات مع جلهم. وكانت تلك المقابلات، بجانب أهميتها التدريبية للفريق، مهمة للحصول على المعلومات الأساسية من أناس لهم دراية وعلم بهذا النمط من الفنون الأدائية. فقد تمت مقابلات مع كل من: زايد عتيق، رئيس جمعية العرضة بالرفاع؛ إبراهيم مسعد بدار بن مسعد بالمحرق، حيث قام الأستاذ علي خليفة بإجراء الحوار الرئيس، ومن ثم شارك الحضور في أمسية أداء غنائي بمصاحبة الطبول والجرار؛ ومجموعة مؤدي العرضة البورشيد بالحد؛ وأخيراً لقاء مع الاستاذ خميس الرميحي، عميد أسرة الرميحي.
عند مغادرة الخبير البحرين إلى الخرطوم في 28 ديسمبر، حمل معه بعض المواد المكتوبة التي حصل عليها من بعض المراجع الخاصة بتاريخ وثقافة البحرين بوجه عام وعن فن العرضة على وجه التخصيص والتي وفرتها إدارة الثقافة الشعبية. وقد تم الاتفاق بين الخبير والباحث خميس زايد على مواصلة إجراء أكبر قدر ممكن من المقابلات لاحقاً، ذلك لأن الباحث خميس قد استوعب تقنية إجراء المقابلات بصورة جيدة. كما تم الاتفاق معه على تفريغ كامل المادة التي تم تسجيلها صوتياً مع الرواة وإرسال نسخة منها إلى الخبير في الخرطوم عبر البريد الالكتروني لاحقاً. عندها سوف يقوم الخبير بإعداد تصور أولي لمحتوى الكتيب المرفق وإرساله لإدارة أرشيف الثقافة الشعبية بالبحرين بغرض التفاكر وإبداء الملاحظات، في انتظار تكملة بقية مراحل التوثيق.