فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
6

النصوص الشعرية المغناة في فن (لفجري)

العدد 6 - أدب شعبي
النصوص الشعرية المغناة في فن (لفجري)
رئيس التحرير

 

تقديم

أبَـكــتْ  تِــلـْـكـم الـحَـمَـامَــة أمْ غـَـنـّـتْ

عـلـى فـَــرْع غُـــصْـنِـهـا الـمَــــيّـــادِ ؟!

أبو الـعـلا ء المـعـري

 

 

الأغـنيـة الـشعبية  :

فصول فن (لفجري) معدودة ومحددة في قوالب وجمل إيقاعية معروفة، كما أن أشكال النص الشعري معدودة أيضا و محددة، إلا أن مضامين تلك النصوص بحر زاخر، مما لايمكن الإحاطة به في مقال بحثي موجز، لذا ستعنى هذه المقالة بملامسة نوعية الأشكال الشعرية المستخدمة والاقتراب من أفق المضمون العام وتقديم نماذج مختارة، إلى جانب  طرح بعض التساؤلات التي قد تكون الإجابة عليها مجالا ً لعدة أبحاث لدارسين يفترض بأنهم قادمون . 

لقد ظلت منطقة الخليج و الجزيرة العربية  منذ القدم  ساحة رحبة لالتقاء حضارات إنسانية وثقافية متعددة  ومن هذه اللقاءات بزغت معارف متنوعة وُطرز وأنماط من الفنون متميزة، ومتأثرة بثقافات وفنون المجتمعات التي التقت بها الثقافة العربية سواء خلال رحلات التجارة أو الحرب،  كما تأثرت ثقافتنا وفنوننا عامة بثـقـافات وفنون البلاد المجاورة. وقد تميزت البحرين بموقعها الجغرافي الفريد الذي أهلها لأن تكون همزة وصل بين الشرق والغرب وبوتقة انصهار للعديد من الحضارات والثقافات والأجناس واللغات والأقوام، فانعكس العديد من المؤثرات على ثقافة أهل البحرين وتفردت فنونهم الشعبية بتأثيرات وخصائص ذلك الموقع الاستراتيجي وميزات شعوب الجزر الانفتاحية.

إن الأغنية الشعبية نتاج بارز في التراث الشعبي البحريني، تؤدّى كضرورة من ضروريات الحياة اليومية للمجتمع، وهي تعكس دون شك المستوى الفكري لهذا المجتمع من خلال تركيباتها اللغوية والأدبية وتآلفها اللحني وتداخل إيقاعاتها الصوتية والموسيقية، وفي بيئة بحرية تشتغل غالبية السكان فيها يوما ً ما بمهنة الغوص على اللؤلؤ الذي كان عماد الحياة الاقتصادية و الاجتماعية احتلت أغاني العمل مكانا ًً رفيعا ً في وجدان الجماعة فكيفية الحركة أثناء العمل تساعد على أن يـكون الأداء الغنائي عاملا ً تضامنيا ً هاما ً لإعطاء الجهد المبذول استجابة نفسية لدى العاملين، فيخفف الإحساس النغمي عناء العمل و مشقته، وتعطي كلمات الأغنية بما تحمل من دلالات ومعان شـعوراً بالبهجة لدى الإنسان تبدد عنه الإحساس بالتعب وإن حملت تلك الكلمات معاني الحزن والألم ففيها تنفيس عما يجيش بالنفس من مشاعر مكبوتة.

وُيرجع كثير من الباحثين أغاني الحرب والحب والمهد والتراتيل الجنائزية وأغاني الزفاف وبعض الأناشيد المرتبطة بالصيد أوبالحصاد إلى أصول ذات قيم دينية وسحرية وأنها كانت تشارك التعاويذ في طبيعتها، كما نلاحظ بأن العمل، وبخاصة ذلك الذي يتم في اتساق، غالبا ما تصاحبه الأغنية بصفة عامة، وذلك للفائدة العملية للموسيقى في بعث النشاط، وتمكين العمال من العمل في اتساق زمني، وشبيه بذلك ضربات المجاديف المنتظمة الإيقاع، ودق الحب، ووقع المطرقة، ووقع أقدام المحاربين، فإنها جميعها تميل بالطبع  إلى تقوية تطور الإيقاع والوزن في الأغاني.

إن الوحـدتين الشعرية والموسيقية متوافقتان ومرتبطتان تمام الارتباط منذ الأزمنة القديمة، حتى ليستحيل علينا أن نقرر بدقة أيهما جاءت قبل الآخــرى، ويبدو أن نقطة البداية بالنسبة للأغنية كانت حركة موقعة مصحوبة بالصوت البشري أو الرقص في بعض أشكالها أحيانا ً، ومن الممكن أن نفترض وجود آلة موسيقية بسيطة بُـدىء بها وصاحبت الصوت البشري أو أن الصوت البشري كان وحده مصحوبا ً بإيقاع بدائي دون حاجة إلى آلة موسيقية بعينها مما لا نزال نجد له أمثلة كثيرة في مجتمعاتنا البشرية. وتـتـفـق كل الأغاني الشعبية في أن لها بناءً لحنيا ً بسيطا ً يستخدم عددا ً من الوحدات الموسيقية البسيطة التركيب تتناسب مع خبرة المجتمع ومعرفته الموسيقية عامة، إلا أن الدكتور توفيق كرباج وهو باحث لبناني متخصص في علم موسيقى الأجناس، في لقاء خاص بالدوحة بدولة قطر في مايو 1979 أفاد بأن الجملة الإيقاعية في أغاني البحر بمنطقة الخليج العربي من أطول الجمل الموسيقية وأكثرها تعقيداً في الأغاني الشعبية التي مرت عليه.

وبما أن الأغنية عبارة عن مقطوعتين، شعرية وموسيقية، فإن معايير بنائية واحدة تربطهما على الرغم من اختلاف تأثيرهما، ولكن هذا التأثير لا يحتم بالتبعية أن يكونا متوازيين، فالتفعيلة الوزنية في الوحدة الشعرية أو البيت لها مرادف في الوحدة الموسيقية، وبالرغم من أن الإثنين يمكن أن يتعادلا، فليس من الضروري أن يكونا على مستوى واحد في الأغنية، ولكن النقاط الأساسية بينهما غالباً ما تتفق، فالبيت الشعري هو الوحدة الصغرى التي تميز الموضوع، والنغمة هي الأخرى الوحدة الصغرى التي تميز اللحن، وهاتان الوحدتان هما الشائعتان في الأغنية الشعبية، وعندما تتجمع عدة أبيات فإنها تكون مقطوعة شعرية لها مايقابلها من الناحية الموسيقية أوهذه المقطوعة الموسيقية هي النغم نفسه مكرراً دون أية تغييرات رئيسية .

إن الحس الشعبي المحلي لم يقبل الموسيقى الوافدة إليه كما هي، بل عمل من دون شك على التعديل فيها والإضافة اليها والحذف منها لتناسب مزاجه وما يريد التعبير عنه، ولتتفق مع روحه العامة وخصائصه المميزة، فالأغنية الشعبية ذات طبيعة غنائية، بمعنى أنها ذاتية للغاية وأنها تعالج موضوعها بقدر كبير من الجدية، كما أن مزاجها ليس مرحا ً أو على الأقل ليس ذلك النوع السعيد من المرح، وفي بعض الأغاني تظهر لنا المبالغة الميلودرامية  بينما يخيم على بعضها الآخر جو فاجع يشي بما يعانيه الفرد من متاعب الحياة، حتى في أغاني السمر التي يفترض أن تكون ألطف وأرق، كما في أغاني ( لفجري ) على سبيل المثال نجد أثراًً واضحاً لذلك الجو. وعلى الرغم من أن الأغنية الشعبية عاطفية بدرجة كبيرة بل مشرقة أحيانا في العاطفة إلا أننا نجد أن هذه العواطف تتميز ببساطتها فليس فيها قضية ما نسميه (مشكلة) أو قضية ( صراع ).

إنه لمن الضروري حينما ندرس الأغاني الشعبية أن نلتفت إلى مناسبة أداء كل أغنية، من الذي يؤديها؟ وما هي الآلات المصاحبة لها؟ سواء أكانت أدوات عمل أو آلات إيقاع أو آلات موسيقية، وأن نتعرف على وظيفة الأغنية من الناحية الاجتماعية، ثم نحلل مقولاتها الاجتماعية بما تحمل من قيم وأفكار وندرك بالدراسة الشكل الفني الذي يستخدمه الشعب للتعبير عن أحاسيسه وخلجات وجدانه ورؤى مخيلته وواقع منطقه، مما يحفز على المضي في الاعـتـناء بـتـقـديم دراسات تأسيسية معمقة .

 

أغاني ( لفجري) :

تميز فن (لفجري) بين فنون السمر الجماعية في البيئة البحرية لمنطقة الخليج والجزيرة العربية بارتباطه بفئة عمال البحر، يجيدون أداءه ويمارسون فنونه في أوقات الراحة على اليابسة خارج موسم الغوص على اللؤلؤ أوفي أوقات الراحة خلال الموسم في مكان مناسب متى تهيأ ذلك وحسب مقتضيات الحال وظروف العمل .

ويُشكل على غير المختص التفريق بين أغاني العمل البحري - في المنطقة- المصاحبة لمختلف حركات رفع الشراع وجر المرساة والتجديف وبين أغاني سمر البحارة المسماة (فجري)، حيث الجو العام للكلمات والألحان وفنون الأداء تكاد تكون واحدة، إضافة إلى تماثل دوري النهام والحادي وكذلك العازفين والمنشدين والآلات الإيقاعية في كلا الفنين،  وقد ازداد تداخل هذين الفنين البحريين بعد توقف سفن الغوص وانتهاء مواسمه، واضطرار البحارة إلى ممارسة أغاني العمل- التي كانت تؤدى على ظهر السفينة- في ليالي السمر على اليابسة وفي الاحتفالات الوطنية والمناسبات الرسمية العامة بما يشبه التمثيل بوجود حبل لمرساة ووجود شراع لصارية واصطفاف مجاذيف تضرب اللج لسفينة في إبحار جديد، مما دعا إلى تسمية هذه الفنون بصفة عامة (الفنون البحرية) نسبة إلى بيئة العمل في البحر التي أنتجتها وارتبطت بها .

وإذا كانت هذه الفنون الآن تنزوي ذاهبة إلى النسيان، لاضمحلال وظيفتها الأساس وعدم قدرتها على الصمود أمام طغيان المتغيرات العديدة، وانصراف الناس عنها، وانتكاس كافة المشاريع الوطنية والإقليمية والقومية الخاصة بالجانب التوثيقي والبحثي الجاد إلا فيما ندر، فلابد هنا من الاعتراف بأن ما يمارس من هذه الفنون الآن من قبل الفرق والدور الشعبية في عموم المنطقة ما هو إلا صورة تقريبية لأصول تلك الفنون التي لم يعد بالإمكان تقديمها بالصورة الحقيقية المتقنة حسبما كانت عليه في الأصل يوماً ما، ولقد شكلت وفاة النهام الحدّاء (الحدّاي) سالم بن راشد العلان عند منتصف الثمانينيات انحداراً خطيراً في تقنية ومستوى أداء هذه الفنون في البحرين، بوصف العلان آخر النهامين الحدائين الـُمـجيدين والعارفين بدواخل هـذه الفنون، ومجرد وجوده عند أداء تلك الفنون كان في حد ذاته هيبة لأصولها الإيقاعية والإنشادية، وهو مايؤكد الدور القيادي والمحوري للنهام والحّداي في هذه الفنون .

وليس ذلك بأمر مستغرب في ظل الانقلابات الاجتماعية العنيفة التي تعرضت لها البيئة البحرية، مما غيّـر في نمط المعيشة وفي وظيفة تلك الفنون التي كانت يوماً ما وظيفة أساس لا غنى عنها إن كان في مجال العمل أو مجال السمر، وتحولت إلى مجرد وظيفة ترفيهية تكميلية على جانب متواضع من الطرافة قد لا يُـلتفت إليه في الحفلات العامة، مقارنة بما يعرض تحت كاشفات النور الملونة وفاعليات أضواء الليزر الرقمية، ناهيك عن التناقص المستمر في أعداد الفنانين الـُمجيدين من كبار السن،  ولقد مسخ الإعلام الخليجي - في غالبية أعماله - هذه الفنون بأسلوبه الفج في التعامل غير الكريم مع الرواة والفنانين والمادة المسجلة، ولولا فضيلته الوحيدة في حفظ بعض التسجيلات العشوائية لهذه الفنون وإعادة بثها لكان إعلام المنطقة كله وبالاً على موروث بيئة تعيش تحولاتها .

وُتشكل فنون (لفجري) الشق الثاني للفنون البحرية، إذا اعتبرنا أغاني العمل هي الشق الأساس الأول، وهي فنون ارتبطت بصفة عامة بالرجولة وبنقاء الوسط الاجتماعي في الممارسة وبالدقة في حفظ وتوارث الأصول الفنية، ولا يكاد يقترن فـن آخـر للسمـر بهـذا الوسـط الاجـتـمـاعـي سـوى فـن «الصوت» الذي يعتبره البحارة فن طبقة اجتماعية وثقافية أخرى تداخلت بطبقتهم لضرورة أدائية يتطلبها ذلك الفن في تعضيد دور الجوقة اللازمة المصاحبة للمؤدي والتي يفترض أن تكون ذات حيوية بقوة أداء بحارة السفن وإجادتهم وانضباطهم عند الوقفات الإيقاعية ودورهم المفترض والمهم في زخارف التصفيق التي يتطلبها فن الصوت.

لا شك أن فنون (لفجري) فنون عريقة متوارثة عن أقدم الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، نشأت وتطورت مع بداية أعمال الغوص على اللؤلؤ منذ آلاف السنين، ومن بداهة القول أنها بدأت عـفوية، فلم يكن يعرف الإنسان البدائي شيئاً عن الشعر سوى الأغنية وكانت تؤدي عادة وظيفة سحرية لارتباطها بالحركات الإيقاعية للجسم، بسيطة.. بساطة الإنسان في سلوكه وفي تعايشه مع محيطه، ثم تطورت شيئاً فشيئاً إلى أن تجسدت في الصورة التي وصلت بها إلينا اليوم، لتكون جزءاً من التكوين الفكري والعاطفي للشعب .

ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذا التطور الفني التراكمي للنص الشعري وللحن الموسيقي جاء نتيجة طبيعية لجهود إبداعية فردية وجماعية لفنانين وشعراء وعازفين ومنشدين معروفين أو مجهولين، كل منهم في مرحلته الزمنية حذف وأضاف وعـدّل في نص إبداعي أو جملة مموسقة بما يتلاءم والحس الجمعي ويناسب بصورة مُـثـلى الوظيفة الأساس للأداء في بيئة كان كل ما لديها مسخراً للعمل في البحر أو للإعداد للالتحاق به، وعلينا أن نتصور مجتمعاً تقليدياً بمنطق ومواصفات ذلك الزمان تكاد تكون لديه وسيلة وحيدة لكسب الرزق مرتبطة بمخاطر جـمّة أبسطها الغياب الطويل عن الأهل مع احتمال تحقق شتى ألوان المخاوف ذلك في البحر، أما على اليابسة، فيقابله انتظار المرأة المشبع بالخوف والقلق على ذلك الحبيب الغائب، وهي حالة شعورية إنسانية ممضة، قد لا يدرك أذاها إلا من اكتوى بنارها.

لقد ما ثلت رحلة الغوص على اللؤلؤ لكسب العيش في بحار الظلمات رحلة البدوي في الصحراء طلباً للماء والكلأ، وماثل الغواص في اقتحامه الأعماق اقتحام الفارس البدوي معارك الصحراء عند الغزوات، لذلك احتل الغواص من بين زملائه البحارة منزلة الفارس المقاتل وتميز عنهم عند توزيع المغانم الممكنة، ففارس الصحراء وفارس البحر كلاهما في مواجهة مباشرة مع الموت.. كلاهما يراهن على روحه في الانتصار ونيل الغنيمة، مع فارق مهم هو أن فارس الصحراء يـقـتحم العـراك فـي الهواء الطلق وهو على صهوة جواده حاملا ً سلاحه، وفارس البحر يقـتحم الأعماق أعزل مكتوم الأنفاس في حيز ضيق من الوقت لا مجال فيه للمناورة والمحاورة يواجه وحوشا ً مجهولة و أخطارا ليست في الحسبان،  وعليه أن يعاود الكـّر في معركة مستمرة طيلة النهار وعلى مدى أكثر من أربعة أشهر متتالية، وعلينا أن ندرك بأن مايحصل عليه من غـنيمة هي بعد ذلك ليست له ولا لرفاقه، وإذا واصلنا المقارنة بين طبيعة مهمة الفارسين والمفارقات بينهما سندخل إلى ساحة أخرى لا مجال لدخولها الآن. إذ أننا بصدد ذلك التماثل العام ، فارس على الخيل أو على سفينة الصحراء وفارس على «عدة ألواح ودسر»، ولابد في كلتي الرحلتين إلى من ُيسّري ويلطف ويعين على الاحتمال. يقول الشاعر العظيم فرجيل «لنمشي ونحن نغـني.. يخف تـعبنا من جراء السفر». وإذا كان الحادي بأراجيزه الرتيبة يعين العيس والقافلة كلها على اجتياز النفود والمهامه فالنـّهام يعين على تسيار السفينة وإنجاز مهام الرجال العملية على ظهرها.

 وليست فنون (لفجري) إلا صورة من صور الدور الذي يقوم به مغني البحر (النهام) الذي يتحول بنفس أدائه وبنفس نصوصه المغناة إلى (حدّاي) أي حدّاء من الحداء الذي اقترنت به التسرية عن نفوس البحارة، وليس كل (نهام) على ظهر السفينة بإمكانه أن يكون (حدّاي)، فالحداء صفة تطريبية بها نفس صفة المطرب أو المغني خارج دائرة العمل، فيما (النهام) له صفة أقوى، صفة زاجرة اشـتـقـت من المعنى الفصيح لكلمة نـَ هَـ مَ بمعنى زجَـرَ وصاحَ بالإبل لتجدّ في سيرها وهي أيضاً صفة للزئير اشتقت من صوت النـَّهام وهي لـغـة ً صفة مبالغة تـعـني الأسـد، وتسمّى النهمة في عـمـان “تـصويت” قياساً على ذات المعنى، وقد يجمع (النهام) في مهمته الغنائية دور النهام ودور (الحدّاي) إذا تمكن من الجمع بين الصفتين في طبقة صوته وفي أسلوب أدائه ومخزونه من الخبرة، ودور (الحداي) في فن (لفجري) دور محوري تماماً كدور (النهام) في أغاني العمل البحرية حيث يتولى بصورة أو بأخرى قيادة الأداء وضبط توقيعات اللحن وتحديد أوقات الدخول والخروج منه بإعطاء جوقة المنشدين التي هي في ذات الوقت جوقة العازفين دورهم المفترض في الأداء.

إن الإيقاع المنظم في إحداث الأصوات أثناء العمل الفردي أو الجماعي يساعد على انتظام وتنسيق حركة العمل، ويبدو جلياً تأثير هذه الإيقاعات في الأغاني المصاحبة لحركات العمل على السفينة، فهي تساعد على الإنتاج وإتقان العمل في جو احتفالي إيقاعي يسهم في زيادة قدرة العامل على بذل أقصى الجهد إلى جانب دورها الإيحائي الديني الناتج عن الإحساس الشعبي القائم على أن هذه الأغاني وهي تُـكثر من ذكر الله والصلاة على النبي وطلب العون والمغفرة والشفاعة تساعد دون شك على تقبل الشدائد ومكابدة الأنواء بروح شفافة راضية يصل عندها الموت في تلك اللحظة حد الشهادة، ومن هنا تأتي أهمية النص الشعري المقترن بهذه الأهازيج.

وعلى الرغم من أن (لفجري) فن سمر للبحارة، إلا أن الروح العامة المسيطرة على جو الأداء هي نفس روح أغاني العمل على السفينة وإن كانت الوحدات الإيقاعية المتتالية ألطف منها في أغاني العمل، وربما يعزز الإحساس بطبيعة هذا الجو المصاحب  الطريقة المماثلة للنهام التي يؤدي بها (الحداي) مواويله، والتي هي بدورها نفس المواويل شكلاً ومضموناً، ومن غير الممكن مقارنة (لفجري) بأي فن آخر من فنون السمر في هذه البيئة فقد تفرد بخصوصية أدائية ووظيفية لا يدانيها أويماثلها أو يقاربها أي فن آخر، ومن هنا تأتي فداحة فقده.

وتـتـوزع (لفجري) في البحرين خمسة فصول كما تسمى في عرف البحارة1، هي: (بحري)،(عدساني)، (حدادي)،(مخولفي) و(حساوي). وعلى الرغم من كون فنون الغناء البحري بصفة عامة متشابهة إن لم تكن متطابقة في البحرين والكويت وقطر إلا أن الباحث الكويتي الراحل الدكتور يوسف فرحان دوخي يضع مصطلح (لفجري) كنوع من أنواع (الحدادي) في تقسيمه لأغاني البحر إلى (يا مال) و(خطفة) كأغاني عمل، و(حدادي) بمختلف الضروب، ويفرز منه نوعاً يتم بعد انتهاء العمل مباشرة لمواصلة عمل آخر مثل لف الشراع ولم الشراع الأصغر المسمى (جيب)، ونوعاً منه للترويح عن النفــس بعــد انتهاء العمل مثل: (لفجري) و(السنكني) و(الشبيثي) وبقية أنواع (الحدادي) مما ليس له أي ارتباط بالعمل ذاته2. وهذا اجتهاد في تقسيم وفرز الفنون الغنائية البحرية من خبير نحترم ما ذهب إليه، إلا أننا نرجح التقسيم الأول الذي ذهب إليه كذلك الباحث البحريني جاسم محمد الحربان بصفته ممارس لصيق بتأدية (لفجــري) وغيره من الفنون البحرية .

يتصدر فن (لفجري) كافة فنون السمر الأخرى لدى مجتمع البحارة إن لم يكن هو الفن الطاغي الوحيد  بضروبه المختلفة  على جلسات السمر في الدور الشعبية حيث تحتل هذه الفنون مكانة أثيرة لدى البحارة، ربما لكونها ربطاً وتواصلاً مع أجواء بقية الفنون البحرية المتصلة بالعمل على السفينة، والذي هو بلا شك كل حياة الرجال تلك الأيام .

 

الأشــكال الشعرية المغناة في فن (لفجري):

نحاول هنا بصفة مبد ئية ملامسة القول الشفوي الـُمـغـَـنى بمصاحبة الألحان الموسيقية في فن (لفجري)، وهي مجموع ما يصدر عن الإنسان أثناء الأداء متصلاً بالقول الشفوي، حيث هناك إلى جانب الإيقاع أصوات التصفيق بالكفين والحركات الإيمائية التي يصدرها المؤدون ويكون لها دور مصاحب أو ضابط أو لازم للوحدات الإيقاعية أو هو من ضمن طقوس الأداء الحركي لهذه الفنون كـَمَـيْـل المؤدين جلوسا ً إلى الأمام وضرب الأرض بكف اليدين ضربات معدودة متعارف عليها إلى جانب الحركات العفوية الصادرة عن أفراد الجوقة لتطرية الجو العام للأداء، وإلى جانب النص الشعري أو خلاله  ُتـصدر الجوقة أصواتاً خاصة، عبارة عن نـَحْـب ٍ وأنين ٍ وهمهمات ٍ جماعية مبهمة يخالطها نوع من الحشرجة في صوت الإنسان تكون مرافقة لأداء (الحـّداي) وهو ما يشبه تردد الزئير في الصدر من الألم أو الهم أو الحزن أوما يشبه تردد اختلاط الأنين المكتوم بالبوح الحبيس غير البين.«ولقد عــّرف المتأخرون من أهل الموسيقى هذا النوع من تعدد التصويت في أغاني البحر فأطلقوا عليه ما يعرف الآن بالاصطلاح العلمي كلمة (هترفون) وهو لفظ يوناني معناه الانحراف عن التصويت الواحد. ذلك أن الأداء المختلط في الأداء الجماعي لا يمكن أن يخلو من هذا التصويت (الهترفوني) والذي هو عبارة عن نوع من التصويت العارض الذي يحدث عن غير قصد في أداء لحن واحد، خاصة إذا حدث مضاعفة الأصوات بأداء مصاحب فإن المغنين والمصاحبين الذين يجيدون الأداء يضيفون في كثير من الحالات تنويعات وتزايدات في الألحان الصوتية3» المصاحبة للحداي دون قصد وإنما استمرار لمواصلة تعدد التصويت في طريقة أداء النحب والهمهمة بصورة متتالية أومتقطعة على درجة نغمية واحدة أوغير ذلك من النغمات المناسبة التي تصاحب نوعية قرار المقام الذي يبدأ منه الغناء بطريقة (بلوفونية) مبسطة، وهو نوع من الهمهمة المقصودة يواصل فيها (الحداي) أداء الأغنية بينما تكرر الجماعة الهمهمة ترديداً ثابتاً على نوعين من الشعر المعروف بـ(الموال) و(المويلي).

والمجموعة لها دور آخر إلى جانب العزف على الطار والطبل والمرواس والطوس النحاسية والجرار الفخارية، هو إنشاد جماعي يرافقه التصفيق المشترك المتناغم من اللحن الإيقاعي، ويسمى هذا الإنشاد مع لحنه الإيقاعي بـ ( الـتـّنـْـزيـلـة) ويأتي غالباً على هيئة هبوط نغمي لتصعيد (الحداي) الذي يكون قد بلغ ذروة المعنى بآخر شطر من الموال المقترن بذروة التصعيد النغمي، وفي حالات نادرة تأتي (التنزيلة) في البداية تمهيداً لبدء التصعيد بالغناء الفردي من قِـبَـل (الحـّداي). وعادة ما تكون نصوص (التـنـزيلات) مجـتـزآت شعرية تامة المعنى يتم اختيارها بعناية مما هو رائج من الشعر الشعبي المحلي أو الوافد من وسط الجزيرة العربية أو من العراق وبلدان الخليج المجاورة.

يتبـيـن مما تـقدم أن القول الإنشادي المصاحب لفنون (لفجري) نوعان، الأول يأتي على لسان (الحداي) ونادراً ما يخرج عن فنين من فنون الشعر الشعبي هما (الموال) في الأساس وهو الغالب و(المويلي) وهو شكل مبسط للموال، ويـسمى هذا الإنشاد (إجْرَحان) ويختص بأدائه (الحداي) دون غـيـره، والثاني تؤديه المجموعة أو الكورس ويأتي إما على شكل همهمات ونحب وآهات مكبوتة، مما لا يمكن تحديد معناه سوى بالدلالة على الجو النفسي العام للمنشديـن، وهو جو مشبع بالأنيـن والحـزن المعبر عن الشكوى، إلى جانب عبارات وكلمات إنشادية تردد لمجاوبة (الحداي) عند بعض الوقفات مثل: آه، ويلاه، وا ويل، هيلي يا الله، هي والـله. أما النصوص الشعرية لـ (التنزيلة) فهي منتخبات من (المويلي) أو مما هو على شكله ووزنه إلى جانب مجتزآت من القصائد النبطية بصفة غالبة ومن بعض نصوص الشعر الشعبي عـامـة.

وتأتي صعوبة التعرف على صحة ودقة النص المنطوق في أغاني البحر بصفة عامة من طبيعة الإنشاد الجماعي الذي يعتمد في بعض الأحيان على مط الكلمة لتوافق جملة إيقاعية ما، أو نطق جزء من الكلمة وإلحاق الجزء الثاني منها بكلمة تالية لتتوافق مع الضرورات اللحنية، إضافة إلى ضياع بعض حروف الكلمة الواحدة وتآكل كلمات كاملة من أواخر بعض النصوص، إما لعدم وضوح نطقها أو لرداءة تسجيلها ميدانيا.

ومما تقدم يمكننا  القول بأن النصوص الشعرية في فن (لفجري) يؤديها طرفان (الحداي) والمجموعة أو الكورس الذي يقوم عدد منه بالعزف على الآلات الإيقاعية وعدد آخر يتولى مهمة التصفيق الجماعـي المرافـق للإيقـاع، وكــلا العازفين والمصفقين يشاركون في الإنشاد رداً على (الحداي)، إلى جانب مهماتهم الإيقاعية والإيمائية بصفة عامة.

 

نصوص (الحداي) :

أولا: يرتكز غناء (الحداي) في فن (لفجري) و(النهام) في كافة الفنون البحرية الأخرى على شكل فني واحد له المكانة المحورية وله السلطان الطاغي على كافة الأشكال الشعرية المصاحبة مهما بلغت أهميتها، إن جاءت قبله فهي تمهيد له وإن جاءت بعده فهي تلطيف لأثر معناه البليغ الجارح المؤثر. ويبدو لي أن تسمية غناء (الحداي) بـ (اجرحان) قد تكون اشتقت من فعل الجروح التي يحدثها معنى النص في نفس المغني أولاً والذي يؤديه بمنتهى اللوعة، وفي نفس السامع الذي يكون وقع المعنى عليه في تلك الظروف المعيشية الصعبة أشبه بنبش الجرح أو ذر الملح عليه. هذا الشكل الفني هو(الـمُــّوال ) بضم الميم وتشديد الواو، أحد صنوف الشعر الشعبي الشهيرة والمعروفة في كافة الأوساط الشعبية العربية، يصاغ على هيئة لحنية يختص بها مذهب منفرد في الغناء، وُأكثر استعماله في استهلالات الألحان تمهيدا ً للدخول في جنس نغم الدور. وتتضارب روايات مؤرخي الأدب حول نشأة الموال، ويشار إلى أن أول من نطق بالموال هم موالي البرامكة بعد أن نكبهم الرشيد عام802م وصادر أموالهم ومنع الشعراء من رثائهم. إلا أن الثابت تاريخيا أن المواليا أو الموال قائم في الأوساط الشعبية قبل ذلك. وقد شاع استخدام الموال لدى الموالي في مزارع نخيل البصرة ومنها ارتحل إلى بعض البلاد العربية ومنها منطقة الخليج العربي القريبة، وقد يكون تكرار (النهام) و(الحداي) لنداء (يا مال) حُـــّرف عن لفظة (يا مواليا) التي كانت تردد  بعد قول كل موال عند بداية نشأته.4   

و يأتي الموال كنص شعري على وزن البحر البسيط (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن) ويقسم إلى ثلاثة أنواع حسب عدد أشطره التي تعتمد الجناس اللفظي قافية بنظام معين لكل نوع، فمنه الرباعي والخماسي والسباعي الذي عرف في منطقة الخليج بالموال الزهيري، وشاع استخدامه في أغاني البحر كنص أساس. ويتألف الزهيري من سبعة أشطر تتحد منها في القافية الأشطر الثلاثة الأولى، وتتحد أيضاً في قافية أخرى الأشطر الثلاثة التـي تليها، ثم يُختم الموال بشطر أخير يسمى (الربّاط) من جنس قافية الأشطر الثلاثة الأولى، ومثاله قول الشاعـر البحريني فرج بومتيوح5 :

 

أنموذج (1) :

الوقت يا ما سقى بكاس الضمير أمرار6

وادعى جميع الخلايق تستغيث أمرار7

لي عــــلّةٍ بالحشا تطري علي أمرار

والداد يا بوعلي مـــن ذا السنه مرّه8

كـم واحـدٍ داســته مـره بعــد مرّه

يمشي بلا راي ما عــنده عقل مـرّه9

من ضيم دنياه يصفق بالكفوف أمرار10

 

ولقد استهوى الجناس اللفظي أواخر الأشطر الوجدان الشعبي ولقي فيه متعة البحث عن المعنى، وساعد شكل الموال المتعارف على عدد أشطره السبعة، وترتيب قوافيها بنظام شائع على سرعة اختزانه في الذاكرة والقدرة على استكمال نصه بمجرد البدء بأوله، كما وافقت معانيه المأساوية ظروف معيشة الإنسان في صراعه القدري مع البحر من أجل لقمة العيش، فاحتل مكانة عالية في القلوب، وأصبح حفظه وترديده  ليس في الأغاني فحسب بل في المجالس والبيوت  جزءا من ثقافة البيئة البحرية، وعدّت محفوظات (النهام) و(الحداي) من هذه المواويل وإضافة الجديد إليها وربما إبداعها في بعض الحالات أحد مقاييس تقييم القدرات الفنية للمؤدي، التي كلما ارتفعت وتأكدت ارتفعت المكانة وزاد الأجر المادي المقابل وزادت بالطبع شهرة المؤدي بين أقرانه .

وقد تراكمت في الذاكرة الشعبيـة لعمـوم المنطقـة أعـداد لا تحصــى من المواويل مجهولة القائل، أو التي ينسب بعضها إلى شعراء الموال المشهورين المتداولة أسماؤهم بين الرواة والحفاظ ومغني البحر، ومن أبرز هذه الأسماء: فرج بومتيوح وحسين بورقبه وبن مرهون من البحرين، وعبدالله الفرج وعبدالعزيز الدويش وأحمد الرشود من الكويت وراشد بن فاضل البنعلي من المملكة العربية السعودية ومحمد الفيحاني من قطر، وللشاعر الراحل سمو الشيخ محمد بن عيسى بن علي آل خليفة موال طبقت شهرته الآفاق يقول في مطلعه:

 

ساهر مع النجم أبني في الخيال قصور

 

وبفعل التجربة والمران اكتسب (النـّهام) و(الحدّاي) خبرة عالية في اختيار نصوص الموال المناسبة وتميزا بذائقة خاصة تفرز ما هو عالي الجودة وتعمل على حفظه وترديده وإشاعته بين البحارة، وقد تنافس هؤلاء المغنون فيما بينهم لاقتناص الجديد من هذه النصوص والاستحواذ عليه بالحفظ السريع والتمرين على الأداء إلى أن تحين لحظة إطلاقه لأول مرة. وإلى جانب النصوص المحلية كانت نصوص موال عراقي تفد إلى البحرين يطلقها شعراء الموال الكثر هناك لتصل إلى حناجر المغنين على السفن وفي الدور الشعبية،  وكان البحارة يطلقون على نص الموال المجلوب من العراق (موال شمالي) أي وافد من العراق الواقع عند شمال منطقة الخليج. ونتيجة لرواج هذا الشكل الفني وطبيعة محتواه احتل الموال فاصل المقام في استهلال فن الـ (صوت) الشائع في البحرين والكويت. ونظراً لتقارب اللهجة العراقية واللهجة الخليجية اختلطت النصوص ببعضها ودخلت مفردات وتعابير اللهجة العراقية إلى الموال البحريني والكويتي. ومـن شعــراء الموال العراقيين الذين راجت نصوصهم واحتلوا مكانة رفيعة لدى الرواة والحفاظ الشاعر  محمد بن إسماعيل البغدادي الحلي صاحب الروضة الشهيرة في الموال المتوفي عام 1274هـ حوالي 1831م والمعروف بـ (ابن الخلفه)11، ومن المواويل الشمالية الشهيرة التي يرددها الرواة في البحرين12:

 

أنموذج (2) :

كم دوب أنا اقرا بعلم العارفة وادراك13

انتـو بعد ما بلغـتـوا لـلحلم وادراك

طبيـت فـي بحركم لي أسفله وادراك

ما لقيت بقلوبكم خــي ٍ فقــد حـالي

أنــا الــمتــيم ورابي بينكــم حالي

جنبت عنكم سريع وقـلـت: يا حالـي

ومخالطتكم على العارف خطر وادراك

 

ثانيا: قد يبدأ (الحدّاي) بمقطوعة شعرية ذات شكل فني مغاير للموال، وهي عبارة عن أراجيز تتألف في الغالب من أربعة أشطر مجزوءة، وتلتزم كل قطعة نظاماً خاصا ً في التقفية،  وتتغير هذه القافية بتغير ظروف إبداع النص، وهي في الغالب تأتي حسب نظام الموال الرباعي، فسميت لذلك (مويلي) تصغيراً لكلمة (موال)، وهو اصطلاح مناسب لكون هذه النصوص لا ترقى إلى درجة فنية الموال ومستوى تركيبه الوزني واللغوي وأبعاد معانيه العميقة، وإن كان (المويلي) مكثف المعنى .. بالغ النفاذ في الوصول المباشر إلى التعبير عن واقع الحال بحكم قصر ومحدودية الشكل المناسب للاستهلال قبل الدخول إلى الموال، وغالباً ما يكون المعنى عبارة عن أدعية وابتهالات وتوسلات إلى الـله مع صلوات على النبي محمد صلى الله عليه وسلم :

 

أنموذج (3) :

صلوا علـى خـيــر الأبـرار

الــــــلي زهت منه الأنوار

طــــــــه نـــبيٍ ومختار

عـــــــليـه أفضل صلاتي

 

أنموذج (4)

ربـي عليك اتـــكـالـــــي

كــــــريم  تـــعلم بحالي

عــــــزيت يا من له الملك

عــلمك بســــــود الليالي

 

أنموذج (5)

ألــــــوذ بـــك يا مـحمـد

يــــــوم الحشر يا سنادي

ذخــــــري وغاية مـرادي

يا غــــــايتي يا هل الدين

 

أنموذج (6) :

          حـنــا ضــــعوف ومساكين 14

          مـــــولاي نـظـرتـك بالعين

          تــــــــــــوفي ديون ٍعلينا 15

          مســـكين، قـالــوا: مسيكين 

 

أنموذج (7) :

          عطــــــشان والقــلب ظامي

          مـــن شافـــني قال: لاحـول

          أهــــــــــــــل المروات راحوا

          ظــــــــــــــــــلوا قليل المروة

 

فيما تقدم من أمثلة، تختلف مواقع القافية مـن مقطوعـة إلـى أخـرى عدا الأنموذج (6) فهو مشابه من حيث ترتيب مواقع القافية للأنموذج (4)، وقد أوردناه لكونه تكملة ترد ملازمة للأنموذج الذي سبقه في (اجرحان) الحدائين. ويتضح من معاينة واختبار النصوص المتوفرة بين أيدينا من (المويلي) بأنه فن عـريق من فنون الزجل العربي منتشر في بعض الأقطار بتسميات عديدة لكونه بنفس الشكل الرباعي وعلى نفس الوزن الشعري (مستفعلن فاعلاتن / مستفعلن فاعلاتان)، ويلاحظ بأن لغة هذا النوع الرباعي من هذه النصوص لغة متقاربة وتتقاطع مع بعضها البعض في الأسلوب والبناء العام والخطاب الحِـكـَـمي الذي يستوحي الأمثال الشعبية دون تكلف الجناس اللفظي والتركيب اللغوي كما في الموال إضافة إلى الحرية المتاحة للمبدع إما بالاكتفاء بالاشطر الأربعة الموجزة إذا تم معناه أو إضافة ما شاء له من المقطوعات المماثلة لتكملة المعنى دون قيد.

ويحفظ سائر البحارة عدداً لا يستهان به من هذه النصوص التي ينسب أغلب ما هو منتشر منها إلى الشاعر حميد بن منصور، المعروف في البحرين بـ (الحميدي بن منصور)، وهو شاعر ذائع الصيت بين البحارة بصفة عامة الذين يتناولون حكمه وأمثاله ونوادره بنوع من الفخر والاعتزاز لكونه الشاعر الأقرب المعبر بهذا النوع  (المويلي)  عــما يجـيـش في صــدورهم، «بل إنه  كثيراً ما خاطبهم  بالصبر والأناة  وتحمل المشـــاق بالدعاء والابتهالات»16.

ولا توجد ـ حسب علمنا ـ أية مصادر مطبوعة أو مخطوطة تحدد مولد ووفاة الحميدي بن منصور، ولا نجد إشارة إلى أحد من معاصريه، وكل ما هو متوفر مجرد معلومات متضاربة يوردها الرواة، مما لا يمكن الاعتداد به، فإذا ما أتى ذكره في الدراسات التأسيسية الحديثة تناول الكتاب سيرة حياته ونتاجه وموطنه وعصره بكثير من الحذر وعدم الاطمئنان إلى قرار. «ولربما كان حميدي بن منصور معاصراً لأحمد بن ماجد (900هـ - 1494م) وذلك لمقاربة الشبه بمقارنة ما نظمه كلا الرجلين من أزجال وأراجيز، أخذ كل منهما ينشد ما توحي به قريحته مخاطباً بها لغة قومه، فإبن ماجد كان يخاطب (النواخذه) بمسالك البحار وحساب مقاييس سير السفن والأنواء والجزر البحرية في تلك الأراجيز المعروفة»17. ويروي البحارة العديد من نوادر ومغامرات إبن منصور المدعمة بمحفوظاتهم من النصوص الشعرية التي تظهره بحاراً خبيراً بأصول البحر، مجرباً لمرارات التمرس في أحواله، آتياً على ذكر العديد من المسميات والمصطلحات البحرية التي لا يمكن إلا لمجرب وعارف أن يأتي على ذكرها :

 

أنموذج (8) :

          يا فـنـجــري اصـــعــد الدوم 18

          جــواعــــــد البحـــر ضاعت 19

          يا بــــــــحر ما فيك معـروف

          ضيّعت شوقي وانا اشـــــوف 20

 

وتبدو شخصية الحميدي في عدة صور ومواقف إنسانية تشي بجوانب من حياته وأسلوب عيشه وتظهره إنساناً حكيماً يواجه ظروف الحياة بمكاشفة مع الذات، فيقول إثر إحدى مغامراته :

 

أنموذج (9) :

          بــــــسّي مـــــن الخمر بسّي

          والخمـــــــــر خـبّـث بنفسي

          زنيـــــت بالناس جـــــــمله

          حــــــتى زنـيـته بـنـفـســي 21

 

ولولا إصرار الحميدي على ذكر اسمه ضمن بعض النصوص لربما لم تسعفنا المصادر في نسبة هذه النصوص إلى قائل محدد :

 

أنموذج (10) :

          قــال الحــــميدي مغـــــنـي:

          ربـــابـــــــتـي فـــوق  فني

          أنــــا اشعــــليّ مـــن الناس

          وش مـا عــلى الناس مــــنـّي 22

 

يورد الدكتور عبدالعزيز المقالح في كتابه المهم (شعر العامية في اليمن) أن الحميد بن منصور من شعراء التعاليم والأحكام الريفية المتوارثة المشهورين في اليمن (شعراء الأحكام)، وبعض من كتبوا عنه لا يذكرون إلا أنه نشأ في المنطقة الشرقية التي تمتد من عمان إلى عدن، إلا أن الدكتور المقالح يعود إلى القول بأن «الشكوك تتضاعف حول الوجود التاريخي للحميد بن منصور، ويزيد من حدة هذه الشكوك هذا التشابه بل الخلط الواضح بين أحكامه وأحكام زميله الشاعر اليمني علي بن زايد 23. كيف يمكننا تفسير وجود اسم الحميدي بن منصور ونسبة هذه النصوص إليه، وهو اسم شائع ومتداول في أوساط الرواة من المشتغلين بالبحر؟ هل هذه الأشعار من تأليف جماعي، وليس من تأليف شاعر بعينه؟ بدليل أن بعض النصوص المنسوبة إلى الحميدي تتقاطع في لغتها وشكلها ومضمونها مع شعراء معاصرين آخرين من أمثال الشاعر اليمني علي بن زايد والشاعر أحمد بن عروس المصري المتوفي عام 1780م، فحين يقول بن منصور :

 

أنموذج (11) :

مـــــــسكــــيـن يا طابـخ الفاس

تبــــــــغي مـــــــرق من حديده

إلي عــــوّرك ضــــرس الأضراس

إدواه  شـــلـــع بـحـــديـــــده24

 

يقول ابن عروس :

أنموذج (12):

مــســــــكين مـــن يطبـخ الفاس

ويــــــــريد مــــرق مــن حديده

مســـــكين مـــــن يصحب الناس

ويـــريد مــــن لا يـــــــريـــده 25

 

ويبدو التماثل واضحا ً فيما يقول الاثنان. كما أنه من الممكن أن يكون الحميدي بن منصور شخصية يمنية أو عمانية حقيقية هجرت الريف وجابت منطقة الخليج كما تروي أشعاره وعانت مع البحارة .. أنشدت ما أمكنها من المويلي، ونسبت إليها العديد من نصوصه مجهولة القائل. فعلى نفس هذا الشكل ووزنه الشعري وبنفس لغة الحميدي انبرى شعراء آخرون لوضع نصوص عديدة أخرى استعملت في أداء أغاني البحر، منها ما أنشده النهامون والحداؤن، ومنها ما استطاب الكورس أداءه في (التنزيلات)، مما هو بالطبع أقل جودة من نصوص الحميدي، وخارج نطاق مواضيعه. ومنها ما جاء ارتجالاً وعفو الخاطر ليناسب - وقتها - مقتضى الحال وضرورات الجملة الإيقاعية، مما سنأتي إليه لاحقاً .

 

نصــوص الكــورس (الرداده) :

تعارف فنانو أداء الأغاني البحرية على تسمية النص الشعري المؤدى مـن قبــل المجموعـة أو الكـورس بـ (التنزيلـة)، وهـذه التسميـة تشمــل اللحن الإيقاعي والنص الشعري في الوقت ذاته. ويـقــول الأســتاذ غــنــام الـديكان:«التنزيلة هي الغناء الجماعي والتي صاغ الفنان الشعبي لحنها على إيقاع (الفن الخماري) حيث تقوم الطارات والطبل والتصفيق بإضفاء جو التطريب اللازم»26. أما النصوص الشعرية، فهي عبارة عن مجتزآت من قصائد الشعر النبطي رفيعة المستوى، أقلها بيتان، وتتراوح بعض النصوص المختارة ما بين أربعة إلى ثمانية أبيات. وغالباً ما يتم اختيار نصوص غزلية رقيقة وعفيفة المعنى، تأتي لإراحة النفس من ثقل المعاني الطاحنة التي يبثها (الحداي) بمواويله وأدائه الفاجع. إضافة إلى هذه المجتزآت الشعرية تؤدى في (التنزيلة) نصوص شعرية من المويلي»ومقطوعات قصيرة لا تخضع لنظام ثابت في القافية والوزن.»27ومن أشكال التنزيلات المغناة على مختلف فنون (لفجري) من بحري وحدادي ومخولفي وعدساني وحساوي، النماذج التالية :

أنموذج (13) :

          تـــــفـاح مــا نـــاكــــــــله

          حـــــــلـــوٍ يســـــــــــلينا

          غـــــــــريــب مــــا نـاخـذه

          يــــــــــرحــل ويخــــــلينا 28

وزنها الشعري : مستفعلن فاعلن

 

أنموذج (14) :

          ما أقوى علـى الفرقـة وانـا المصيـوب

          غــرٍ ســلب عـقلـي.. نحـل حـالــي 29

وزنها الشعري : مستفعلن مستفعلن فاعل .

 

أنموذج (15) :

          بــرق ٍ تـلالا، قـــلـت: عــز الجـلالا

          واثره جبين صويحبـي واحسبه برق ‍‍‍

          لـه ريـق أحلـى مـن حلـيـب الجـزالا

          وأحلى مــن السكر إلى جا من الشرق

          قالوا: تتوب مـن الهـوى؟ قلــت: لا لا

          إلا أن تتوب الشمس عن طلعة الشرق 30

وزنها الشعري : مستفعلن مستفعلن فاعلاتن .    

أنموذج (16) :

          صــــبّح الـقـــــــــــمــري  ورد

          مــــــاي زلال ومـــــــــــاي ورد

          قــــلـت: يا المحبـــــوب واصـــل

          قــــال: أزور اهـــــــــــلــي وارد

 

          حي مــن جـانـي  ســـــــــلامـــه

          والمــــلا عــــني رقــــــــــــود

          يـــــا دخــلــتــه وافــت تـــمامه

          يــاطلعـــتـه وافــــت ســـعـــود 31

نصان متداخلان، وزنهما الشعري :

      -  فاعلن مستفعلن

      -  فاعلن مستفعلاتن

      -  مستفعلن مستفعلاتن

 

أنموذج (17) :

          آهٍ علــــــــــــــــى آهٍ وآه

          آهٍ على مـن قربته هــمّلت ماه

          آهٍ علــــــــــــــــى آهٍ وآه

          آهٍ على من طز عينه بــــيمنـاه

          آهٍ علــــــــــــــــــى آهٍ وآه

          آهٍ على من علتــه مــن صديجه

          آهٍ علــــــــــــــــــى آهٍ وآه

          مركب غرامي اصفقه موج الأبحار

          ســـمّر ولا له بنـدرٍ يلتجـي به 32

وزنها الشعري : مستفعلن مستفعلن فاعلاتن .

 

أنموذج (18) :

          يا عين هلي صافي الدمــع هليه

          وإذا انتهى صافيه هاتـي سريبه

          يا عين شوفي زرع خلك وراعيه

          شـوفي معاويده وشوفي جليبه

          إن مرني بالدرب ما اقدر أحاكيه

          مصيــبةٍ يا خيْ والله مصــيبه

          اللي يـبـيـنا عيّت النفس تبغيه

          واللي نـبي عيّا البخت لا يجيبه33

على نفس الوزن السابق .

 

أنموذج (19) :

          يا دار حــــلويــن الأســـلافِ

          فــيها عريب ٍ تجـــر فــنــون

          قـالت فريجه وهـي مــن يــوم

          يــطري لهـا الفــن وتـــشيلـه

          حــمام يـا اللـي يديــر الحـوم

          مــن فـــوق نبــنـوب ظلـّيلـه

          يا الورق وشلـك بطــرق اللـوم

          وفــنون ذا الغـي وش هــي له

          إن كان قصــدك تـــريـد النوم

          ما فــيــه يا الـورق مـن حيلـه

          ما شـفـته أمس ٍ تــشوفه اليوم

          والله يعــيــنـك على اللــيلــه34

نصان متداخلان وزنهما الشعري :

-  مستفعلن فاعلن فاعل

-  مستفعلن فاعلن فعلان

 

أنموذج (20) :

          عذلت عيني بالهوى واعسرتـني

          مـفــتـونة في حب حي ٍمحنـها

          نفسي لها هوجاس ماطاوعـتني

          ليـن أنحلت بالحال سمت بدنها

          تخـفي لي الكلمة إلي هارجتنـي

          خـوفٍ من اللي كلمته ما وزنها 35

وزنها الشعري : مستفعلن مستفعلن فاعلاتن .

 

أنموذج (21) :

          يا حسيـن بلدان الجماعة مريفة

          واللي مع الأجناب كـنه على نار

          يــمنا بلا يسرى تراها ضعـيفه

          ورجل ٍبلا ربع على الغبن صبار

          والطير بالجنحان ما احلى رفيفه

          ولي انكسر حدا الجناحين ماطار 36

على الوزن السابق نفسه.

 

الخصائص الفنية والموضوعية :

يتضح مما تقدم أن فن (لفجري) اعتمد ثلاثة أشكال فنية أصيلة وعريقة من نصوص الأغنية الشعبية في البحرين والخليج العربي، التي تشكل أغاني البحر معلماً بارزاً من معالمها. فأغلب الخصائص الفنية والموضوعية التي تميزت بها هي خصائص الأغنية الشعبية في البيئة البحرية بصفة عامة. وحيث أنها تتناول موضوعاتها من الأمور الحياتية المعاشة ومن عمق الشعور الإنساني في تفاعله مع الأحداث وردود أفعاله حيالها من منطلقاته المعرفية والدينية والطبقية وتطلعاته الحلمية، فهي بصفة عامة تمثله في اليأس والأمل، في اللقاء والهجر، في الصبر وقوة الاحتمال وفي نفاد القدرةعلى الاحتمال والاستسلام إلى الأقدار ومنطق الزمن، في الذكرى والتمني والتشوق والتوجد، وفي مناجاة الحبيب، وغير ذلك من خليط المشاعر البشرية المتناقضة.

فإذا كانت وظيفة أغاني العمل على السفينة في البحر هي تنسيق حركة العمل ورفع الروح المعنوية للعاملين لزيادة المقدرة على بذل الجهد بتوقيع حركتهم في انتظام يوحد هذه الحركة، فإن وظيفة أغنية السمرعلى اليابسة هي إعادة الوحدة بين الفرد والجماعة عن طريق خلق الأجواء ذاتها بصورة أطــرى وأنعم في الشكل والمحتوى .. في النص الشعري وفي اللحن الموسيقي.

لقد خلصت الدراسات الحديثة في مجال الأغنية الشعبية إلى أن دور الجماعة ليس إبداع الأغنية بقدر ما هو إعادة لهذا الإبداع، فالشعب ككل لا يمكن له عملياً أن يبدأ بخلق عمل فني وإنما تأتي مبادرة الخلق الفني من شخص فرد يشيع إبداعه فيتبناه الشعب وقد يعدل فيه بالإضافة أو الحذف أو التغيــير ومن ثم ينسب هذا الإبداع إلى الشعب كله، وقد ينسى المبدع الأصلي تماماً، فنحن لا نعرف، على سبيل المثال، من وضع موسيقى (لفجري)، لكنه دون شك عمل إبداعي تراكمي بدأ من نقطة ما وتحور وتطور حتى وصلنا بالصيغة التي بين أيدينا اليوم، حيث يؤلف الأغنية الشعبية أفراد ممتازون من المجتمع ويضيف اليها المغنون باستمرار إضافاتهم الشخصية الصغيرة التي قد تحدث منهم دون وعي، هذه الاضافات والتعديلات تـؤدي بمرور الزمن إلى ظهور الاختلافات في الأداء أو في رواية النصوص باختلاف المناطق.

وتنفرد النصوص الشعرية في أغاني البحر بإمكان نسبة بعضها إلى قائل محدد، وإن كان فنانو الأداء الذين يرددون النص يجهلونه، وإن توصلوا إلى معرفته فلا يعنيهم أمره، فلقد أبدع نصه وتم تحويره وتغييره بما يتلاءم ومزاج الجماعة فامتلكته وأصبح جزءاً من اللحن ينسب إليه أكثر مما ينسب إلى قائله .

لقد بدا لنا أن النص الموسيقي ثبت على قوالب إيقاعية محددة استمرت لسنوات طويلة إن لم تكن سحيقة بخلاف النص الشعري الذي استقر على أشكال شعرية ووزنية محددة لكن معناه وقائله اختلفا من زمن إلى آخر. وحين نراجع غالبية نصوص المويلي المؤداة من قبل (الحداي) والمجتزآت الشعرية المؤداة من قبل الكورس لا نجد نصاً منها يعود إلى أكثر من مائتي سنة، ولقد حاولنا التعرف إلى مبدع النص الأصلي وإرجاعه إلى الفترة الزمنيــة لتواجده، وحدها بعض نصوص الموال هـي الأقـدم، ونقـول (بعض) ونقصـد بها المواويل مجهولة القائل التي يرجح انتماؤها إلى فترة ما قبل عبدالله الفرج (1835-1902) . فإذا كانت مهنة الغوص على اللؤلؤ في البحرين قد نشأت منذ آلاف السنين وافترضنا أن تطور الموال في الخليج واستقراره على الشكل السباعي الزهيري المستخدم في أغنية البحر كان عند الألف الأول الميلادي، ترى فما النص الشعري المستخدم قبل ذلك والذي استبدله (النهام) في أغاني العمل و(الحداي) في أغاني السمر وكان يلبي كافة المتطلبات؟؟ فالموال على الرغم من جوّه العام المنسجم مع ظروف الحياة في تلك البيئة وتصوير مضامينه لآلام ومشاعر البحارة وملاءمته كشكل فني لمتطلبات الأداء النغمي إلا أنه بقي في الغالب عبارة عن نصوص جاهزة مستقلة عن الغناء استخدمها المنشدون لمرافقة ألحانهم.

وإذا اختلف المويلي عن الموال كونه يصاغ في الغالب ميدانياً وربما بصفة ارتجالية ليعبر عن الواقع اليومي حسبما تدل على ذلك معانيه وتسمياته للموجودات والمشاهد وما يعرض له من أسماء لأشخاص وأماكن وأدوات ومعدات بحرية وإيراده لبعض المواقف كما حدثت بالفعل خلال الرحلة فلقد تفرد كنص في مضمونه المعبر والمرتبط بالحياة الفعلية لمؤدي هذه الفنون. ونخلص مما تقدم إلى التأكيد على أن النص الشعري الواحد المؤدى في أحد فنون (لفجري) يمكن أن يؤدى بألحان (لفجري) المختلفة الأخرى ، وليس هذا الأمر بجديد فأداء النص الشعري الواحد بألحان مختلفة يعد من الظواهر الشائعة في الغناء الفولكلوري، كما أن صياغة عدد من النصوص على لحن واحد أمر معروف أيضاً. لذا يجوز الخطـأ فـي الكلمـات لكـن لا يجـوز الخطأ مطلقا ً في اللحن. ويحدث أحيانا ً أن ينسى النهام شطراً من موال ولا يتجاسر على وقف الأداء ليتذكر فتسعفه الذاكرة بشطر موافق من موال آخر فيلحقه بما تقدم وتـتـقبل الجماعة الأمر بصورة طبيعية، وقد يتم ذلك دون انتباه منها، أو لربما دون إدراك منها لما حدث، لذلك نشأ الخلط في النصوص بين الرواة، فعلى سبيل المثال هذان النصان المتداخلان:

 

أنموذج (22) :

كثر التناهيد وهجرانك نحـل خاطـري

لي نامت العين، عنكم ما سلا خاطـري

إن كان يا زين خاطركم مثـل خاطـري

إيش السبب ما تداوي علة المجــروح

قبلاً يبيد الجسم ويمتـــلي بجــروح

مرٍ تقول لي تعال ومرٍ تقول لـي روح

ما هو بالإنصاف منكم تبشعوا خاطري37

 

أنموذج (23) :

طير الفلا ردت أصيده لب قلبي صـاد

صابور قلبي عليهـم بالتجافي  صـاد

وراك يا زيـن عــنـّي بالمحبـة صـاد

أفرح إلي طارش ٍمن صوبكم خاطـري

لي نامت العين عـنكم ما سلا خاطري

إن كان يا زيـن خاطركم مثل خاطري

ما مقصدي من خديدك غير ميم صاد38

 

لقد عبرت نصوص ( لفجري ) في مضامينها العامة عن ثلاثة محاور رئيسة يكاد يكمل بعضها البعض الآخر. فالموال صال وجال في كافة المجالات التعبيرية ليصور الموقف من الوجود في التعامل الشعبي العام وكأنه بذلك يختزل مأساة الإنسان القدري المستسلم والمتأمل المنتظر للفرج من عند الله سبحانه وتعالى، وليبرز ذلك الإنسان في صورة أيوب الثاني في محنته وتحمله متاعب الزمن، وتبدو صور التمرد وخوض مغامرات ومواجهة الواقع ضئيلة جداً إن لم تكـن نادرة. في ذات الوقت كان المويلي أجندة الأحداث اليومية، واختصت المجتزآت الشعرية في(التنزيلة) بالغزل الرقيق العفيف فيما يشبه التحدي للظروف الاجتماعية وما تفرضه من عنف التقاليد والأعراف في رسم صورة الحب على أنه خروج على القيم الأخلاقية للمجتمع وأن ليست ثمة علاقة حميمة بين الرجل والمرأة خارج مؤسسة الزواج، فكان خطاب الغزل شفافاً تشوبه تلك المسحة النبيلة من الأسى والحزن الناتجين عن الحرمان .

 

الخصائــص الفنية :

تتميز الأغنية الشعبية بصفة عامة بخصائص أسلوبية وشكلية بنائية، هي في واقع الأمر انعكاس حي لذات الشعب ومعارفه وإبداعاته المختلفة، كما هي انعكاس لوضعه الاجتماعي والاقتصادي. ومثلما ينفرد كل نمط من أنماط الغناء الشعبي في المنطقة بعدة ظواهر فنية كذلك تنفرد أغاني (لفجري) ضمن أغاني البحر بمجموعة خصائص فنية في الأسلوب والشكل ينسحب قسم منها على بقية الإبداعات الأدبية الشعبية في هذه البيئة.

إن أولى سمات النص الشعري هنا هي بساطة الأسلوب، إن الموال بلغته الملحونة وشكله الفني كمقطوعة محدودة الطول ذات مواصفات فنية محببة وقريبة من روح الجماعة شكل أداة توصيل ممتازة للمعاني بلغة خالية من التعقيد والتراكيب الغريبة والرموز الصعبة. وعلى الرغم من جنوح بعض نصوص الموال إلى الغريب من الجناس والمعاضلات اللغوية إلا أن مغني البحر لم يلتفتوا إلى مثل تلك المنظومات الفجة، التي أشـاعها شعراء الفصحى ممن كتبوا الموال لإظهار مقدرتهم اللغوية، و كان المغنون أداة الفرز الفعالة لاختيار نصوص الموال الحميمة ذات اللغة القريبة من الوجدان الشعبي العام دون أي نوع من أنواع التكلف .

لقد أظهر الموال فــي نصه العام لغــة خاصة ذات تعابــير و تراكــيب معينة، ميزته كنص شعري، و لم يرد لتلك التراكيب والتعابير مثيل أو شبيه في فنون الأدب الشعبي عامة. وبذلك جعلت لغة الموال من العامية أداة غير عاجزة عن تحقيق أية وظيفة فنية، فاللهجة “اذا ما توافر لها الشاعر الذي ينتزعها من اعتياديتها ويدخل معها من خلال تراكيب جديدة في علاقة جدلية  سيجدها قادرة على التعبير البليغ، وليست فقيرة الى المجاز أو الإيحاء أو الرمز، وهي كأداة يومية تنطوي على شحنة وجدانية هائلة، و حين ترتبط هذه اللهجة بالتراث الثقافي ويعاد اكتشافها تكون وسيلة مدهشة للكتابة حين يبدأ الشاعر في خلق عالمه الفني من خلالها”39 ولقد تحقق للموال في شكله الفريد ومضامينه الغنية ما يعد مزجا ًبين التأثـر بالثقافة الرسمية والثقافة الشعبية فتحقق لنماذجه الجيدة الجمع ما بين الصنعة والعفوية، وذلك بفضل بعض شعراء الفصحى الموهوبـيـن في مجال الإبداع بالعامية .

و لقد لجأ شاعر أغاني (لفجري) إلى التشبيه بمختلف أبعاده لانسجامه مع فلسفة الجمال لدى العامة القائمة على مبدأ البساطة، لذا اعتمد المعنى البسيط غير المركب وانتحى في الغزل بالتعبير عن عاطفة حقيقية صادقـة ووجدان راق متأثر بالغزل التقليدي وبخاصة ما يتعلق منه بمقاييس الجمال البشري والوصف الحسي للمحبوب، مع ذلك وفي مواضع عديدة لا تكون المرأة مجرد جسد بل هي عطر يكتفى بشمه لتشفى الجروح ويلاذ بذكره لترتوي مراشف الروح. إنه شعر تجربة ذاتية محضة همه توصيل المعنى بأسلوب مباشر ولا يعنيه في شيء تعميق الفكرة أو تحليل الموقف، لذلك جاءت لغته في الغالب خالية من الإيحاء ومن مبدأ تنوع الدلالات اللفظية.

لقد كانت نصوص المويلي أكثر بساطة وأكثر قرباً لطرافتها ولكونها نتاج البحارة أنفسهم وبلغة عملهم اليومية، إلى جانب رقة النصوص الغزلية التي اجتزأها حس مرهف من قصائد تعد من أجمل ما قيل من الشعر النبطي  فمحسن الهزاني وبن لعبون على سبيل المثال يشكل كل منهما مدرسة فنية أسهمت في تطوير القصيدة الهلالية ونقلها من طور إلى طور. ولقد بدا لنا حس اختيار هذه النصوص، حسا لاقطا، متابعا، يقظا وفارزا، يجيد اقـتناص الشوارد والتقاط الأبيات رفيعة المعنى رقيقة التعبير، ولقد أسهم هذا الحس الجمعي في تهذيب العديد من النصوص باستبدال المفردات غير المناسبة أو غير المتداولة وإعادة خلق النص، حتى تكون الدلالة التي تحملها الكلمة والمعنى الذي تتضمنه متجانسة مع ظروف الأداء.

وتبدو تلقائية التعبير سمة أسلوبية لنصوص هذه الأغاني، حيث يـبني النص منذ مطلعه علاقة واثـقـة وحميمة بينه وبين المتلقي فلا يحس بصنعة أو فذلكة أو تعال ٍ عليه، يحدثه النص بلغة عادية بسيطة، لكنها ليست لغة الكلام العادي المتداول، فهناك فاصل واضح ما بين لغة الاستعمال اليومي ولغة الشعر العامي،  فالشعر هو التناول الفني للمضمون الذي يحتويه النص عن طريق الارتقاء بالمفردة وإعادة تركيب صلتها ببقية المفردات وإيجاد صيغ فنية وتراكيب وجمل ومعاني قد تبهر مستخدم اللهجة نفسه الذي يحس بأن ما يسمع هو شيء أرقى من لغة تخاطبه الاعتيادية. إن هذه التلقائية التي تشد المتلقي ويتفاعل معها المؤدي لسهولة حفظها واستذكارها عند الحاجة تتسرب إلى الوجدان الجمعي بهدوء لتتمكن من القلب والروح، فليست في هذه النصوص حوارات ذاتية معقدة أو تأملات محضة لحقيقة مطلقة، إنها خطاب مباشر من مجرب حكيم إلى متلق يحتاجه، وهو لا يخرج في الأغلب الأعم عن نداء إلى الآخر .. إلى الـله، الحبيب، الصديق، الجماعة - العزوة. هذا النداء الوجداني مفعم بالرجاء والتوسل والشـــــكوى والعتاب والتحذير معتمداً على البوح والمناجاة التلقائية المباشرة للإحاطة بمضمون النص .. لا تحس في تعاملك مع هذه النصوص الشعرية أن (فبركة) ما قد طالت التعبير .. لا تشعر بفتور حيال المعنى .. تحس بروح متوهجة وقلب ساخن النبض وتجربة متفجرة تتصاعد مع أشطر الموال إلى لحظة حسمها، ليعطيك الشطر الأخير خلاصة هذه التجربة حكمة أو مثلا ً شعبيا ً أو حقيقة فاجعة، ويأتي الشطر الأخير في المويلي صادما على الرغم من التكثيف الحاصل في التجربة المختزلة في عدد شحيح من الكلمات الموجهة بدرجة عالية من الصدق الفني إلى هدفها. وليس من قبيل المبالغة القول بأن نصوص (التنزيلة) التي اختارها الحس الجمعي هي من أرق وأعذب ما قيل في الشعر النبطي، إن لم تكن هي ذاتها خلاصته المتوهجة الغنية، وهي كما لاحظنا نتاج شعراء طحنتهم تجاربهم العاطفية في ظل ظروف اجتماعية قاسية فاستقرت صورهم بإعجاب وتقدير في وجدان أجيال من أبناء هذه المنطقة.

 

الخصائص الموضوعية  :         

نصوص أغاني (لفجري) الـشعرية، نصوص موضوعية أو بعبارة أوضح شعر موضوعات ومعان يجعل الايصال أقصى غاياته فهو لذلك قادر على استيعاب أغراض الشعر الفصيح بكل خصائصه التعبيرية. ولقد  شكلت وحدة الموضوع خصيصة بارزة في مضمون نصوص (لفجري) واشتهرت الأشكال الفنية المستخدمة، وبالذات الموال والمويلي، كونها مقطوعات محدودة الطول، بأنها خادمة أمينة لوحدة النص الموضوعية، تمسك بالفكرة من أول كلمة ولا تخرج عن المعنى، فالخروج عن المعنى فقدان النص لوحدته الموضوعية وإخلال بشكله الفني. ولقد تواشجت أبيات النصوص المجتزأة في (التنزيلة) لتعبر في ائتلافها عن وحدة موضوعية متنامية، تبدأ لتتصاعد حتى تصل ذروة المعنى، بحيث أصبحت مقطوعات قائمة بذاتها خارج نصها الأصلي، ساعدت في ذلك طبيعة البيت الشعري التقليـدي مستقل المعنى إلى جانب غنى القصيـدة الشعبيـة بالمعانـي، بحيـث أمكـن ضم بيت الشاعر الى مجموعة أبيات لشاعر آخر لتشكيل مقطوعة مترابطة المعنى تامة الغرض.

ويستحوذ الموال على أغلب الخصائص التي تضمنها المعنى العام لأغاني (لفجري) وربما كافة أغاني البحر، كونه  النص الرئيس ذا الصدارة ولتعدد مصادر إبداعه داخل وخارج البحرين ولاتساع أفق استيعابه لتناول ما يمكن أن يخطر ببال المبدع من تجارب، مما حقق َوفـْـرا ً في النصوص الجيدة المتاحة لاختيارات (الحداي). وحيث أن هذا الأمر قد يقودنا بشكل أو بآخر إلى ملامسة خصائص مضامين فن الموال بصفة عامة، إلا أننا سننظر فقط إلى النصوص التي وردت فعلاً، حسب تقديرنا، في مجال البحث، حيث يلعب اختيار (الحداي) لنص الموال دوراً مهماً في تحديد المعاني المراد بثها وأبعاد تلك المعاني وتأثيرها عليه شخصياً ومن ثم على الجماعة، والتي تكشف بصورة أو بأخرى عن ذهنية الإنسان الشعبي ونفسيته ونظرته إلى الحياة وموقفه إزاء تناقضاتها.

يعتبر تأكيد ثبات المعتقد الديني واحدا من أهم خصائص الموال والمويلي اللذين يعجان بذكر الله الواحد الأحد وتأكيد وحدانيته وبالصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع الإتيان على ذكر الصحابة وآل البيت وأن الله العلي القدير هو الرازق الواهب وهو الملجأ الأمين من شدائد الحياة وأذى الدنيا، هذا التأثر في مجال الرؤية الموضوعية نابع من قوة تمكن الوازع  والموروث الديني.

إن مجمل النصوص تجارب ذاتية محضة تبدأ من نقطة انطلاق لافتة، لايمكن لمن يبدأها إلا وأن يسير في ركابها، وهي تتصاعد بقوة خالقة عقدة، ما تلبث أن تصل بها إلى ذروة ساخنة لتـتـفجر التجربة الذاتية عن حكمة وعظية تصل في أغلب الحالات إلى تقمص دور المثل الشعبي أو تأكيده أو حتى خلقه وبثه، حكمة أو قولا ًمأثورا ًفي البداية إلى أن يكمل دورته ويكتسب شعبيته بالترديد والتمثل، وكثير من أواخر أشطر الموال المسمى واحدها (ربّـاط) أو ( ُقـفـْـل) - كما أسلفنا - سارت في الناس أمثالا شعبية متداولة(ما تحرق النار الا رجل واطيها) ، وكذلك خواتم المويلي (مسْـكين يا طابخ الفاس ...) وبعض أواخر (التنزيلات) كذلك (اللي يـَبـيْـنا عَـيّـت الـنـفـس تبغيه ...) والسؤال هنا: من الذي استبق الآخر؟ هل وظف شاعر الموال المثل الشعبي؟ أم ساهم في خلقه؟ أو لربما قام بالدورين في آن.

وتعد الشكوى أوسع أغراض الموال وأرحب خصائصه الموضوعية، وتنسحب على كل ما هو سلبي في الحياة من دورات ونائبات الزمان وعدم وفاء الأحبة وغدر الخلان أو خيانة العهد وهجران الصاحب والتحسر على ما فات الى العسر المقيم وضعف الحال، حتى عُـدّ الموال بمثابة صندوق الآلام الذي اختزنت فيه الشكوى من كل ما في الحياة من منغصات.

و تعكس كافة النصوص التعبير عن تجربة فعلية تمثل الواقع كما هو على ذات الشاعر في حالتي السلب والإيجاب. وقد بلغت عفة الغزل في عدد لا يستهان به من النصوص حد الحب من خلال رؤية صوفية ترخص الروح للمحبوب مقابل نظرة يستعاض بها عن العيش في الحياة الدنيا، وتبدو هذه الخصيصة في مواجهة كم متواز ٍ من الغزل الحسي الذي يصل في أقصى درجات تصريحه إلى ( ما مقصدي من خديدك غيـر ميم صاد ).

كما تبرز خصيصة الاعتداد بالنفس و النخوة والشجاعة والوفاء والبقاء على العهد في مقابل الجحود ونكران الجميل .

وقد أبدت نصوص المويلي بالتحديد روح الحكمة في قالب تهكمي وبظرف لاذع عبر عن مدى مرارة الشعور بالظلم وإمكان الجهر به مغلفا بالفكاهة، وبالذات في النصوص المنسوبة للحميدي بن منصور(هذا جبل زنجفوره / ويجيك خير بلا شر / كل العرب بشروهم / وبشارتي مج الأنير )

والمقصود هنا بزنجفوره : سنغفورة ، ومـج الأنير: الطرف المسنن من حديد

المرساة على هيئة رأس رمح .

ويمكن تلخيص أهم خصائص النصوص الشعرية لفن (لفجري) في نقـاط، نوردها هنا مع نماذج من الموال لكل نقطة، دون الدخول في تفاصيـل تاركيـن لكـل أنموذج أن يقدم نفسه .

 

1 -  ثبات وتأكيد المعتقد الديني :

 

أنموذج (24) :

أجلي ورزقي على اللي ما أشارك به أحد

       أنزل «تبارك» وسورة «قل هو الله أحد»

       اســواك يا خالق الأمــة فلا لي من أحد

       مــا هـــمني دين دنــيا أو عـســر مالِ

       مــالي ســـوى رحمتـك يا خالقي مالي

       يا رازق الــدود في صم الصخـــر مالي

       خسران من عاف ضفه والتجا بغيره أحد 40

 

2 -  الشعور بالوحدة والانكسار والضيق بالعذال و اللوام :

 

أنموذج (25) :

  وحــدي أقاسي هضايم ها الوقت وحدي

  وارابـع الفاخـته حيـن اسجعت واحدي

  يـا عاذلي كــف لومــك خـلني وحـدي

  آشوف هاذي هــموم الدار ها ضن علـي

  والبين لملـم جـيـوشه واسـتغارن علي

   يلومني مـن ولـّم شـراعه وتــرس علي

    وانا شــراعي صفـيق بالدقل وحـــدي41

 

3 -  الصبر وتحمل أذى الأيام :

 

أنموذج (26) :

  مـر سقانـي و أكوانـي الــدهر وشعـاد

  وهمـوم سلمى تسطرنـي واقـول اشعاد

  حمــلٍ نقلتـه علـى هذي المتون اشعـاد

  ما هي مــروات يا دنــيا تخـــونيــني

  خنتـي العهد و انـتقض غدرا  تخونيني

  عـــظم الجــبر لي برا  كسره تخونيني

    دوبي أسوق الزمان أصبر واقول اشعاد42

 

4 -  الشعور بالظلم الجماعي :

 

أنموذج (27) :

  نـيران غــــدر الدهر توقــد بقلبي بحر

  وعلي سلـّـنْ السـيوف الماضيات وبحر

  الناس في ظلهم وربعي ف شمس وبحر

  من حيث أهـــل الوفا ما عاد فيهم وصل

  وانقص حبـل الــرجا منهم فلا له وصل

  لوكان بالسيف قطعـت الأعـادي وصـل

     لــكنني ف جــزرةٍ حايــط علي البحـر 43

5 -  الشكوى من غدر الأصدقاء والخلان :

 

أنموذج (28) :

  آه مـــن الــــدهر حيـن ينقضـي وعداي

من حيث ما جند لن خصمي واشوف اعداي

  همّ  أصحابــي بلا شك القلــوب اعـــداي

  يمشـون فـي غيهـم يخطـون درب العـدل

 إن سـاعد اللـه لراويهــم طـريـق العـدل

 قوموا  العبوا ياعزوتي ما دام راسـي عدل

     وإن مـت يا عزوتــي خلوا اللعب لعــداي 44

 

6 -  التحسر على ما فات :

 

أنموذج (29) :

 طير الطــرب طار واشهر بالجناح واطـار

 وابعد بــه الحوم .. منه ما قضيت اوطـار

  أول أنــا بالهـــوى ألعــب بفــن وطــار

 واليـوم شفنا هواهــم مختلــف طـــوره

  رحنـا وراحوا وكــــل راح فــي طــوره

 أول أنا ارعى حيـــا فــي أرض ممطـوره

 واليوم صـار المحـل وتقاصرت الأمطار45

 

7 -  الشكوى من الفقر وثقل الديون :

 

أنموذج (30) :

  كليت ما أحارب الأيــام واسعــى واجــد

  ما فادني فـي الضمايـــر غيــر نارك تجد

  يا أبا الحسن يا علي ما ظـل بـيّه وجـــد

  هــذا محلي تـراني ســرت ثاني حــــال

  والعـسر الأقشر علينا بكـل جيـشه حــال

  محّـد سـواتك يا حيدر للمشاكــل حـــال

  الغانـمـة هــي لكـم مـــن دور أب وجد46

 

8 -  تقديم الحكمة والنصيحة :

 

أنموذج (31) :

يا قلــب ود اليودك و اتـرك الخلوك

دافوا بريجك صبر بعد الصبر خلوك

من لذة العيش واطياب الوسن خلوك

دوك التجاريب شوف أهل الوفا منهم

إترك هــواهم ولا تحمل بــعد منهـم

جازوا يا مسكين منك ، ما جزت منهم

  مـا صدقت حيـن بديار السقـم خلوك47

 

9 -  الاعتداد بالعزوة  وعدم القبول بالضيم :

 

أنموذج (32) :

هبشــت عـــود الجنا وظل يومي بي

قلبي كما بيــرقٍ فـي الريح يومي بي

يا ناقتي عن بـلاد الـذل شومــي بي

تنحري بوحمد والشيخ بــو طــامي

لي عزوة جودهم جــود البحـر طامي

أنخى بها عزوتي وانـخـى بهـا طامي

    وسيوف وارماح يـوم العـز تومي بي 48

 

10 -  الاعتداد بالنفس وبالجماعة :

 

أنموذج (33) :

حنـّـا ذوات الـعــرف ما نقبــل الفتنه

يا فاتــن الشوق في درب الهـوى فتنه

يخسى النذل لو على جمر الغضى فتنا

كم شمرن فوق شمشال الشجاعة نحب

ياما دعينا الخصم باكي وطرفـه نحب

حنـّــا عــزاز النفس للـي يحبنا نحب

   مـــن فات عن حالنا عــن حالتـه فتنا 49

 

11-  الحب من خلال رؤية صوفية :

 

أنموذج (34) :

أهلاً هلا بيك يـا غايــة لذيــذ منـاي

يا هادمٍ طود صبري وانت بـس مناي

محبتك في ضمير احشاي وانـت مناي

لارخص لك الـروح وافعل ما تريد بها

وانظر لحالي بســور اجفـاك وانتبها

منك أنا اريد نظـــره استعيــش بـها

  مالي على اسباب وقتى قصرت يمناي50

 

12 -  فراق الأحبة :

 

أنموذج (35) :

دمعي تحدر على وجناة خـــدي وهـل

مـن عــقـبهم ما يسلوني رفاقه واهــل

سلم على الخل يفدونه الجماعه واهــل

قل له سلبت العقل حتى الحشا والروح

بــالله يا طــارشي جد بالمسير وروح

صوب الذي ذكرهم يحيي العضا والروح

  شهر فرقـتـه عســى ما عاد مثلــه وهل51

 

13 -  الوفاء والبقاء على العهد :

 

أنموذج (36) :

حار النظر فيك من حسنك جميل وطبع

يا شـربة الشـط ما هي من مياه الطبع

مركب غـرامي توســط ثـم حل وطبع

كيف الحول يوم سافــر في هواك ودم

وادعــيــتــني ناحلٍ ذاوي ولا بي دم

مــالي عـزا عنك لو دونك خصيم ودم

  روحي انا افداك ولو عمري لشفك طبع52

 

14 -  تضمين المثل الشعبي :

 

أنموذج (37) :

نـوق الرجا سيـرن بحــماك عاجــلها

ومــن الأل عــن طريق السيل عاق لها

تـيـهـت رشـــدي عقب ما ني بعاقلها

خـــليتني يا ولف لا عبر لصوبك وعد

عــلى بلوغ المنى لا حسب ليالي وعـد

عــادات أهل الوفا ما يخلفــون الوعـد

   الناس قـالــوا : حلاة الـبر عاجـــلها53

الموال إذن أداة الشكوى المريرة وصندوق الآلام الذي ادخر فيه الحس الجمعي ما لا يمكن أن يحصى من المعاني ونقيضها، أراد من تبنيه شكلاً ومضموناً أن يعبر عن صرخته الحبيسة النافرة، الواقفة عند البرزخ الفاصل ما بين البوح والكتمان، فكلما انسرب الموال بصوت المغني وامتزج بوحدات النغم الإيقاعية كلما ازداد الظمأ إلى المزيد والمزيد، وكأن كل المعاني بشموليتها وخصوصيتها وعمق نفاذها ليست باتساع وقوة تلك الصرخة الحبيسة النافرة.

 

خـاتـمـــــة :

لا شك أن ما تقدم لا يعدو كونه ملامسة أولية تمت على عجالة لمادة غنية وثمينة، وأن هذا الفن وغيره من الفنون الشعبية الذاهبة دون رجعة، ما يزال منذ أمد بعيد بحاجة إلى عناية خبرة بحثية تخصصية .. دؤوبة ومنتجة تستفيد من الإفادات التي صادف تسجيلها وتدوينها لبعض من ممارسي هذه الفنون، إلى جانب خلاصة الاجتهادات التطوعية لغير المختصين من الهواة والجامعين الميدانيين لوضع تصورات توثيقية لهذه المواد ومقاربتها إلى صورتها الأصلية التي كانت، ودعوة هيئة عالمية تعنى بالتراث الإنساني لرعاية هذا الجهد ومتابعة إنجازه، فلقد أثبتت التجارب العديدة، الأهلية والرسمية، بأننا جميعـا لسنا بمستوى هذا التحدي الحضاري، وأن مثل هذا الأمر، عندما نهب إليه ونصل فيه إلى حد، لا يلبث هذا الجهد أن يكون مجرد فقاعة إعلامية تزول بسكون الموجة التي صنعتها، ليعود الحال إلى ما كان عليه.

فكيف يمكن تأصيل هوية وثقافة وطنية لدى الأجيال إذا تبددت وضاعت أجزاء أصيلة ومهمة من مكونات تلكم الهوية والثقافة الوطنية ؟!

 

الهوامش

1-  إفادة  ميدانية مسجلة عام 1968 للرواة هلال بن خالد، جناع بن يوسف، عبدالرحمن الختال .

2-  لفجري، جاسم محمد بن حربان ، ص14 .

3-  دراسات، د. الحفني ، بحث لم ينشر، انظر دائرة المعارف الموسيقية:

Ed .By Esic - Blom . VIV   H.K  P  265     

4-  تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربـي، الجــزء الثاني، سيف مرزوق الشملان، ط1 ص252 .

5-  حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1968 للرواة: جاسم حسين مكحّـل (البحرين)، سلطان أمان البنعلي (السعودية)، أورده مبارك عمرو العماري في مجموعة شعراء الموال في البحرين - فرج بومتيوح، ص53،1983.

6-  أمرار: شدة المرارة.

7-  أدعى : جعل وأحال. أمرار: مرات عديدة.

8-  الداد: تقال عند الشكوى تعبيراً عن المرارة.

9-  مرة: مطلقاً.

10- الكفوف: الأكف.

11-       فنون الأدب الشعبي، علي الخاقاني، الملجد 5-8، منشورات دار البيان- بغداد، 1963.

12- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1968 للرواة: علي حسيـن بوحدود، سالم راشد العلان، مبارك الراعي. يرجع علي الخاقاني هذا النص إلى ما قبل مائتين وخمسين سنة، وقد أورده بنص مقارب في الجزء التاسع من (فنون الأدب الشعبي) ص126، منشــورات دار البيان، بغداد- 1966 واعتبره من المواويل العراقية القديمة مجهولة القائل.

13- كم دوب: كم دأبت، وتفيد تكرار الفعل .

14- ضعوف: ضعفاء.

15- ديون علينا: إشارة إلى ديون نظام الإقطاع البحري في منطقة الخليج خلال فترة الغوص على اللؤلؤ.

16-       الأغاني الكويتية، د. يوسف فرحان دوخي، ص305، مركز التراث الشعبي لدول لدول الخليج العربية، الدوحة – 1984.

17-  المصدر السابق نفسه.

18-       فنجري: في لهجة أهل الخليج:الرجل الشجاع المقدام، الكريم. الدوم: أعلى الصارية، حيث في بعض الحالات تنحشر حبال رفع الشراع ما بين البكرة وجزء من الصارية فيحتاج الأمر إلى معالجة يد أشجع البحارة لتخليصها، وهو أمر بالغ الصعوبة.

19- جواعد: قواعد وأصول .

20- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1974 للنهاب سالم راشد العلان وقد أفاد بشرح معاني المفردات خلالها.

21- المصدر السابق نفسه.

22- المصدر السابق نفسه.

23- شعر العامية في اليمن، د. عبدالعزيز المقالح، ص395-396، مركز الدراسات اليمنية ، صنعاء .

24- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1971 للرواة: سالم راشد العلان، جاسم حسين مكحل.

25- الزجل العربي، أبو بثينة، ص45، كتاب الهلال، العدد 270، القاهرة – 1973.

26- الإيقاعات الكويتية في الأغنية الشعبية، الجزء الأول، غنام الديكان، ص350، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت، 1995.

27- أغاني البحر- دراسة فولكلورية، د. حصة السيد زيد الرفاعي، ص328، ذات السلاسل - الكويت، 1985.

28- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1970 للرواة: جاسم حسيـن مكحل، محمد يوسف العبدالله، سالم راشد بن فارس، علي حسين بوحدود (البحرين) سالم البديد، حارب راشد الحارب (قطر).

29- المصدر السابق نفسه.

30- المصدر السابق نفسه. النص مجتزأ من قصيدة مشهورة للشاعر محسن الهزاني(1747-1824م)، رواها ابن عبار في (قطوف الأزهار) وأثبتها إبراهيم الخالدي في (ديوان أمير الشعر الغزلي- محسن الهزاني) ص90، سلسلة المختلف للتراث الشعبي، ط1، الكويت 2000م .

31- المصدر السابق نفسه. وتورد الراوية حصه يوسف اليعقوب من البحرين المطلع كالتالي (حي من جاني سلاني) خلافا لبقية الرواة.

32- المصدر السابق نفسه.

     طـَـز عينه: ألحق بها الأذى.  صديجة : صديقة .

     اصفقه: اصطفق به. سّمر: سار دون قياد أو على غير هدى.

33- المصدر السابق نفسه.

أورد عبدالله بن محمد بن رداس النص منسوباً إلى الشاعرة النجدية نورة الهوشان الرشيدية بكتابه (شاعرات من البادية)، ص23، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض.

     هلي صافي الدمع: أمطري الدمع صافياً.

     سريبه: حثالته. معاويده: المعاويـد: الإبـل المعـدة لسقـي الــزرع من البئر.

     جليبه: بئره. ياخي: وردت في النص المنشور يا وي . عيّت: رفضت، لم تقبل. عيا البخت: في النص المنشور عجز البخت : عجز الحظ .

34- المصدر السابقة نفسه .

     شطرا المطلع دخيلان على ما بعدهما. بقية النص مجتزأ من قصيدة الشاعر محمد بن لعبون (1790-1832م). أوردها محمد سعيد كمال في (الأزهار النادية من أشعار البادية)إصدار مكتبة المعارف بالطائف. أوردها أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في (ابن لعبون - حياته وشعره) ص428، دار ابن حزم للنشر والتوزيع - الرياض 1997 .

     فريجة:أفاد شراح ابن لعبون أن فريجة ربابة ابن لعوبن،ويقول
الظاهري: إن غناء ابن لعبون سامر على الطار، ولا يناسب السياق جعل فريجة اسم ربابة، والمشهور عند أهل الزبير أنها دفافة (ضاربة دف) مشهورة بالزبير. ونرى أن هذا القول هو الأقرب إلى الصواب.

        يطري: يخطر بالبال. يـدير الحوم: يوردها الرواة يجر فنــون. نبنوب: غصن ندي . ظليلة: وارفة الظلال. فنون ذا الغي: فنون الغواية. قصدك: في النص المنشور صيدك           

35- المصدر السابق نفسه .

     النــص مجتــزأ مــن قصيــدة مشهــورة للشاعــر عبدالله بــن سبيـــل (1860-1938) أوردها عبدالله الحاتم في الجزء الثاني من (الشعر النبطي) ص218، المطبعة العمومية، دمشق 1956.

       نفسي لها هوجاس: حرفت عن النص الأصلي: نفسي لها هو يات. الهواجس: القلق. سمت بدنها: حرفت عن النص الأصلي : أكدت بدنها بمعنى أنهكته. هارجتني : خاطبتني.

36- المصدر السابق نفسه .

     أوردها عبدالله بن محمد خميس في كتاب (الشوارد) منسوبة إلى شاعر قديم مجهول الزمان والمكان يدعى بن سجوان الرويس، لم يقل غيرها. وأوردها أحمد فهد العريفي في (معجم الشعراء الشعبيين، الجزء الأول، ص17،1985 .

     مريفة: خضراء وارفة: الغبن: الظلم. حدا الجناحين: في النص المنشود أحد الجناحين.

37- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1971، للرواة: جاسم حسين مكحل، محمد يوسف العبدالله، عبدالرحمن عبدالله الشاعر.

     كثر التناهيد: ترد في بعض إفادات الرواة التناهيت والتناهيم، والمعنى واحد. إيش السبب: ما هو السبب. قبلا ً: قبل أن. تبشعون: تكدرون وتحزنون.

38- المصدر السابق نفسه.

     ورد النص بــرواية مختلفة في كتاب (أغــاني البـحـر- دراســة فــولكلورية)، د. حصة السيد زيــد الرفاعــي، ص281 ، ذات السلاسل - الكويت، 1985.

39- شعر العامية في اليمن، ص 217 د. عبد العزيز المقالح، مركز الدراسات اليمنية، صنعاء، 1978.

40- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1971 للرواة: جاسم حسين مكحل، محمد يوسف العبداللة، عبد الرحمن عبدالله الشاعر.

     ورد النص برواية مختلفة بعض الشيء في كتاب (مواويل من الخليج) برواية لحارب راشد الحارب، ص41، مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية - الدوحة، 1984.

     تبارك: سورة الملك من القرآن الكريم. قل هو الله أحد: سورة الإخلاص من القرآن الكريم. دين دنيا: إشارة إلى ديون نظام الاقطاع البحري التي تشكل معضلة في حياة البحار. عسر مال: إشارة إلى فقر طبقة عمال البحر الدائم. ضفه: جانبه .

41- المصدر السابق نفسه.

     ورد النص برواية مختلفة منسوباً إلى الشاعر القطري عبدالله بن سعد
المهندي  في كتاب (مواويل من الخليلج)، رواية حارب راشد الحارب، جمع وتحقيق علي شبيب المناعي، ص152، مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية - الدوحة - 1984.

     هضايم: ظلامات. الفاختة: الحمامة. واحدي: من الحداء. ولم: وافق. ترس: امتلأ. صفيق: مصطفق، ويصطفق الشراع بالصارية عندما تهب الريح عكس اتجاه السفينة. الدقل: الصارية.

42- شعراء الموال في البحرين- المجموعة الثانية: حسين بورقبه، جمع وتحقيق مبارك عمرو العماري، ص92، البحرين، 1986.

     سلمى: من أسماء الدنيا. تسطرني: تصفعني. إشعاد: ماذا في ذلك، وتقال عند القبول والرضى بالشيء. عذرا: غدارة. عظم الجبر: العظم الذي تم تجبيره.  برا: شفي. أسوق الزمان: أجاريه.

43- حقـق النـص عـن روايــة ميدانية مسجلـة عــام 1972، للــرواة: عبدالرحمن عبدالله الشاعر، جاسم حسين مكحل، محمد يوسف العبدالله، سلطان الماجد.

44- المصدر السابق نفسه.

     يُـنسب النص إلى سلطان بن سلامة البنعلي.

           وعداي: الوعد الذي قطعته على نفسي. جندل: صرع. غيهم: ضلالهم. راسي عدل: ما دمت حيا مالكاً لقواي العقلية.

45- المصدر السابق نفسه.

     الحيا : العشب الراوي.

46- المصدر السابق نفسه.

     الأقشر: الشؤم. محد: لا أحد، وأصلها ما أحد.

47- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1974، للشيخ محمد علي الناصري. أورده علي الخاقاني منسوباً إلى الملا سلمان الشكرجي، فنون الأدب الشعبي، الحلقة الخامسة، ص15، منشــورات دار البيان- بغداد،1963.

48- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1971، للرواة: جاسم حسين مكحل، علي حسين بوحدود، ماجد سلطان الماجد.

     هبشت: قبضت. عود الجنا: الرمـح. شومـي: ابتعـدي بعــزة. تنحري: اقصدي .

49- المصدر السابق نفسه.

     العرف: المعرفة والمقصود هنا أصول التعامل. شمشال: يفيد النهام سالم العلان بأنه ما يركب من الدواب في الحرب (؟).

50- شعراء الموال في البحرين، المجموعة الثانية - حسين بورقبه، جمع وتحقيق مبارك عمرو العماري، ص57، البحرين1986.

51- حقق النص عن رواية ميدانية مسجلة عام 1971، للرواة: جاسم حسين مكحل، علي حسين بوحدود، ماجد سلطان الماجد.

     العضا: أعضاء الجسم.

52- المصدر السابق نفسه.

     الطبع: الخلق. مياه الطبع: المياه العكرة. طبع: غرق. الحول: الحل. دم: غرق.

53- المصدر السابق نفسه.

            ورد النص منسوباً إلــى الشاعــر عبدالله الفــرج، ديــوان عبدالله الفرج، جمع خالد محمد الفـرج، ص130، منشــورات ذات السلاسل - الكويت.

أعداد المجلة