الحضرة الصوفية تراث غنائي قديم وعريق له تاريخ وله مكانة مرموقة في جميع أقطار الوطن العربي الإسلامي في شرق وسط آسيا وفي الدول الإفريقية المجاورة للدول العربية، ومن بين الطرق الصوفية التي عرفت في ليبيا نجد القادرية والعروسية والمدنية والعيساوية، والسلامية والشاذلية والتيجانية والبرهانية. وكانت الزاويا الصوفية، المقر الرسمي لهذه الطرق بمثابة المنارات العلمية والتعليمية الوحيدة في بلادنا خلال العهد العثماني الذي استمر لمدة أربعة قرون كاملة، حيث اخدت الزاويا على عاتقها مهمة تعليم اصول اللغة العربية واصول الدين الأسلامي وتحفيظ القرآن الكريم إلى جانب أنها كانت ترشد إلى اتباع النهج الديني القويم، كما قامت الزوايا بتحفيظ ونشر الابتهالات الدينية والأوراد والأذكار وقصائد المديح النبوي ونوبات المالوف الأندلسي. وقد تطورت الحضرة الصوفية خلال القرون الماضية.
إنّ أغلب ما أوردته المصادر العربية والغربية في تاريخ العلاقات بين العرب والغرب تُؤكّد على تأصّل هذه العلاقة منذ تاريخ بعيد، غير أنّ بدايات التأثر الفعلي للعرب بالنموذج الغربي وبالموسيقى الغربية على وجه الخصوص والانصهار فيها تدريجياً كان منذ الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798، والتي تعرف بحملة نابوليون بونابرت، حيث يُعتبر هذا الحدث التاريخي من أهم وأبرز الأحداث التاريخية، التي من خلالها انبثقت عدة تحولات عميقة، على المستوى الاجتماعي والثقافي والسياسي. ويعتبر هذا الحدث من المنطلقات التي ساهمت في بروز مفهوم التثاقف بين العرب والغرب وذلك من خلال ما يؤكده بعض الباحثين على « أنّ الحملة الفرنسية ساهمت في انطلاق عملية التثاقف، كما أنها ظاهرة شكّلت الصدمة بين الثقافتين: الغربية والشرقية»1. بالإضافة إلى أنّ هذا الحدث التاريخي مثّل نقطة التقاء فعلية للعرب مع التيّار الحداثي الغربي المعاصر وذلك باكتشاف ما وصلت إليه الحضارة الأوروبية من تقدّم على جميع المستويات2.