فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
53

تحولاّت ملامح الثقافة الموسيقية في العالم العربي: قراءة نقدية في البوادر التاريخية وتداعايتها في واقع وآفاق

العدد 53 - موسيقى وأداء حركي
تحولاّت ملامح الثقافة الموسيقية في العالم العربي:  قراءة نقدية في البوادر التاريخية وتداعايتها في واقع وآفاق
كاتب من تونس

إنّ أغلب ما أوردته المصادر العربية والغربية في تاريخ العلاقات بين العرب والغرب تُؤكّد على تأصّل هذه العلاقة منذ تاريخ بعيد، غير أنّ بدايات التأثر الفعلي للعرب بالنموذج الغربي وبالموسيقى الغربية على وجه الخصوص والانصهار فيها تدريجياً كان منذ الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798، والتي تعرف بحملة نابوليون بونابرت، حيث يُعتبر هذا الحدث التاريخي من أهم وأبرز الأحداث التاريخية، التي من خلالها انبثقت عدة تحولات عميقة، على المستوى الاجتماعي والثقافي والسياسي. ويعتبر هذا الحدث من المنطلقات التي ساهمت في بروز مفهوم التثاقف بين العرب والغرب وذلك من خلال ما يؤكده بعض الباحثين على « أنّ الحملة الفرنسية ساهمت في انطلاق عملية التثاقف، كما أنها ظاهرة شكّلت الصدمة بين الثقافتين: الغربية والشرقية»1. بالإضافة إلى أنّ هذا الحدث التاريخي مثّل نقطة التقاء فعلية للعرب مع التيّار الحداثي الغربي المعاصر وذلك باكتشاف ما وصلت إليه الحضارة الأوروبية من تقدّم على جميع المستويات2.

مثّل إذن هذا الحدث للمصريين حافزاً لاكتشاف حضارة حديثة مختلف عن ما هو سائد في المجتمعات العربية الإسلامية في تلك الفترة، ويعود هذا الانبهار من خلال ما اصطحبه نابوليون معه من فئة مثقفة بلغ عددها مائة وستة وأربعين من علماء ومهندسين وفنانين3، الذين ساهموا في إرساء مختلف أسس المؤسسة الثقافية الغربية، «فمنذ اصطدامنا بالنموذج الأوروربي وبالتحديد عقب الحملة على مصر والنظريات الفكرية والسياسية والفلسفية الغربية تكتسح الساحة الثقافية لدينا، بالترجمة والاقتباس حيناً وبالاستلهام حيناً اخر»4، لذا فإنّ التاريخ الفني لمصر يمكن تحديده في حقبة تاريخية كانت منطلقاتها وأسسها الأولية على إثر الحملة الفرنسية، ويمكن تحديد هذه الفترة من القرن التاسع عشر إلى حدود سنة 1932، والتي تعرف بفترة عصر النهضة- حيث عرفت مصر خلال هذه الفترة بين حكم محمد على باشا والخديوي إسماعيل عدّة أحداث فنية، تأسست خلالها خمس مدارس موسيقية تُعنى بتلقين الأداء الآلي والغنائي وهي الأولى في تاريخ مصر، وتأسست من ذلك أوّل فرقة للموسيقى النحاسية في الوطن العربي في حدود سنة 1829 5.

إلا أن بداية الاندماج الفعلي مع الموسيقى الأوروبية في الفترة المعاصرة كان في فترة الخديوي إسماعيل وذلك انطلاقًا من تأسيس دار الأوبرا المصرية في سنة 1869 6، حينها أصبحت الحركة الموسيقية تتسم بكثرة وجود الأعمال الغربية، والتي يمكن نعتها بالبدايات الغربية المبنية على الذوق العربي، «ومن هنا أصبحت مصر تلعب دوراً هاماً في تطوير الموسيقى الشرقية وأصبحت تمثّل مركز الالتقاء بين الشرق والغرب وساهم هذا في دفع جديد للموسيقى المصرية»7. لذا فإنّ الحملة الفرنسية مثّلت العنصر التاريخي الذي ساهم لاحقاً في المزيد من الاهتمام بالموسيقى العربية من خلال تأسيس أوّل معهد للموسيقى العربية بمصر سنة 1929، وقد تبعت هذا الحدث فكرة البارون ديرلانجي لانعقاد أول مؤتمر للموسيقى العربية في سنة 1932 والذي تم فيه الاحتكاك المباشر مع العديد من الموسيقيين الباحثين والمنظرين الغربيين، وعلى إثر هذا المؤتمر أصبحت الثقافة الغربية مهيمنة على الممارسة الموسيقية بصفة أشمل، فوقع تأسيس أول أركسترا سمفوني في القاهرة في حدود سنة 1959 والذي تبعته سياسة تعليمية غربية في مختلف المعاهد الموسيقية في مصر من خلال إدراج المواد النظرية الغربية (الهرمنة والتناقط ومناهج تعليم الآلات الغربية)، وفي المقابل فإن الحرب العالمية الأولى أسهمت هي كذلك وبصفة جزئية في استقرار الثقافة الغربية في طبيعة الحياة الاجتماعية، إلى حدّ تأثر العديد من المؤلفين المصريين من خلال إدراج الآلات الغربية والقوالب الآلية على الممارسة الموسيقية في مصر.

لكن وفي خضم هذه التحولات تشكلت وراءها نظرة سائدة في المجتمع المصري حول الموسيقى العربية، والتي يتزعمها بعض المفكرين العرب أمثال الأديب توفيق الحكيم الذي يرى بأنّ : «هذه الموسيقى القديمة، هذه الموسيقى التي نسميها بالمشرقية، لا تمثّل إلاّ موسيقى السهرات الليلية العبثية التي كانت متصلة عمومًا بأُطر ممارسة غير جدية، في حين أنّ الموسيقى الغربية ظهرت في أوساط جدية ومأساوية»8،كما يشاطره الرأي الكاتب طه حسين الذي في اعتباره أن مصر تنتمي للحضارة الغربية وليس للحضارة الشرقية، فقد كانت دائما جزءا من أوروبا في كل ما يتصل بالحياة العقلية والثقافية على اختلاف فروعها وألوانها. إلاّ أن هذا الموقف يمثّل رأي الثلة العربية المثقفة لتلك الفترة والتي تبنت كل ما هو آتٍ من الغرب بتعلّة أنّه منبع الحداثة والرقي على جميع المستويات، دون مراعاة الخصوصيات الشرقية. حيث تولّد عن هذا الموقف أنماط وتيّارات موسيقية جديدة تُدمِجُ مختلف العناصر الغربية تأليفاً وأداء وتصوّرًا9.

إلاّ أنّ حملة نابوليون لم تكن الحركة التثاقفية الأولى في تاريخ الموسيقى العربية10، بل سبقتها كذلك حركات تثاقف أخرى كانت جرّاء تأثيرات سياسية، لعلّ من أهمها الاتصال بين الموسيقى العربية والموسيقى التركية، حيث يقول محمود قطاط في مسألة التثاقف الموسيقي بين العرب والأتراك : «لقد جاء الأتراك بعناصر ثقافية جديدة أضافوها إلى التراث الموسيقي العربي، تمكنوا باعتمادهم على هذا الأخير من إنشاء فن هو بمثابة خلاصة لتأثيرات عدّة : بيزنطية وفارسية وتركية... وصل إلى أوج ازدهاره في العصر العباسي»11، كما تفعّل وتواصل هذا التمازج في فترة تاريخية لاحقة بفضل ما اقتبسه عبده الحامولي عند سفره إلى تركيا من خلال إدماجه للمقامات التركية وأوزانها، غير أن هذا التواصل كان متبادلاً، حيث أن هذا التمازج أدّى كذلك إلى تأثر الأتراك بالموشحات والأدوار الشرقية، وانطلاقاً من هذا التأثر ساهمت الحرب العالمية الأولى في فسح المجال للموسيقيين الأتراك من اقتباس وتهذيب هذه الأنماط الغنائية وتحويلها إلى اللغة التركية.

تحوّلات المشهد الموسيقى العربي

في التاريخ المعاصر12:

«منذ أواخر القرن التاسع عشر تاريخ انطلاق النهضة العربية الحديثة، شهد فن الموسيقى من التحديث والتغيير ما عرفه الأدب والمسرح والفنون التشكيلية، وانفعل بنفس الموضوعات والتطلعات، فتنوّعت المحاولات والاتجاهات وتعددت المواقف، فبالإضافة إلى القطيعة المؤسفة التي علقت بهذا الفن منذ قرون بين العلم والعمل، جاء التصادم المفاجئ بالنموذج الغربي وتأثير التكنولوجيا الصناعية... تغيّرات حصلت بكيفية سريعة ومتتالية على المشهد الموسيقي العربي كان من نتائجها التخلّي تدريجياً عن الثوابت والتشبثّ بالمتغيّرات الوافدة13. «إنّ في وطننا العربي موسيقات عربية أي لهجة موسيقية تخصّ كل بلد ولا حاجة لنا بموسيقى عربية واحدة مهيمنة ومسيطرة وطامسة لكلّ الخصائص المحلية»14.

إنّ بوادر التطور والتحوّلات التي شملت الموسيقى العربية مع مرحلة النهضة الموسيقية في أوائل القرن العشرين تمثّلت في ثلاث محطات هامة يمكن تجميعها فيما يلي: «العمل على توسيع أفاق الألوان التعبيرية والدرامية والرومانسية، الاعتماد على المادة الموسيقية الشعبية في الموسيقى العربية الكلاسيكية ومعالجتها وفقا لقواعد الموسيقى الغربية، إلى جانب بدايات الاعتماد على الأوركسترا الغربية التي يعتبرها البعض تتجاوز قُدرات التخت العربي»15، كما أنّ يقظة الموسيقى العربية في عصر النهضة لم تكن تنفصل قطعاً عن يقظة الفكر والأدب، وعن مقالات مفكري الإصلاح التي عملت على مواجهة التخلّف بالتقدّم، والجمود الفكري والثقافي بالتنوير، والركود الاجتماعي بالإصلاح والتجديد، فكانت لذلك أعمال الموسيقيين ورواد المسرح الغنائي صدى حياً لتطلعات النخبة الإصلاحية العربية في مجال التقدم الحضاري والتحديث الثقافي والاجتماعي، لكن يبقى هذا الطرح محل جدل ونقاش لأنّ الأهم يبقى دائما تدعيم الانتماء العربي والمحافظة على الهوية العربية والأصالة بنظرة استشرافية بنّاءة.

«إنّ عملية الجمع بين التقليدي والمستحدث في العملية الإبداعية يمكن وصفها بشكل عام بأنّها التجديد والتكيف مع الموقف المتغيرّ»16، ومن خلالها يتجرأ المبدع على استلهام عدد أكبر من الأفكار والطروحات الجديدة وتطويعها وفقاً لمتطلبات العصر والموقف الحداثي الذي يواجهه المبدع في خضم بحثه عن مصادر جديدة تتسم بمميزات فنية حديثة متلائمة مع العصر، وتكون موازية للتطور العلمي الواضح في مختلف العلوم، وتطابقه مع مظاهر الحياة الاجتماعية الحديثة والتحوّلات التي جدت وساعدت على تطوير التأليف الموسيقي وتنوّع الإمكانيات التعبيرية من خلال «الانفتاح والتطرق إلى مجالات علمية تطبيقية مساندة كعلم الصوت وعلم الهارموني وغيرها من العلوم التي تثري التعبيرات الموسيقية وتجعلها ملائمة للمفاهيم والمقاييس الجمالية لهذا العصر»17، ويأتي هذا من خلال ما يمتلكه الإنسان من غريزة فطرية متمثّلة من حب الاستطلاع، وهو ما يجعله دائماً يبحث عن الجديد الذي يناسبه شريطة أن يكون هو بحاجة لذلك الذي يساهم في الانتقال من بيئة إلى أخرى وذلك حسب ما يقتضيه الظرف، وحينها تكون تلك الظروف مهيأة لاستقبال الحضارة المقابلة وتتفاعل معها بشكل ايجابي، فإنّ عكس هذا التفاعل الإيجابي تحدث ردّة فعل تؤدي إلى ركود وقتي للمجتمع18، وبذلك يصل المجتمع إلى حلقة من الصراعات الداخلية من خلال محاولة كل عنصر إلى إقناع الجهة المقابلة بهذه التحوّلات لتسهيل عملية الاستيعاب «لكن ما يجب تبنيه في هذا الإطار هو أنّ مختلف الصراعات والتفاعلات التي فرضتها الطبيعة تمثل ظاهرة صحية لأنّ التجديد لا يأتي بشكل مفاجئ بل يكون بشكل متدرّج ليعطي الفرصة الكافية لاستيعاب ذلك الجديد»19، إنّ تبني هذه التيارات الحداثية يفرض مبدأ الاستقلالية في الفكرة والخوض في مغامرة للخروج عن المألوف، وهو ما نلاحظه في الملامح الخاصة بالمشهد الموسيقي العام في الأقطار العربية خلال الفترة المعاصرة والحديثة، لذا فإنّ هذه الملامح العامّة يمكن أن تحدّد في أربع نقاط الآتي ذكرها20:

1. أخذ معيار التقدّم في كل المجالات الحياتية العربية (سياسياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً)، لأنّ الارتقاء بهذه المجالات تكون نتيجته مباشرة على المستوى الثقافي،كما أنّ أبرز أهداف هذه الفترة هي تحقيق المعادلة بين الأصالة والمعاصرة، حيث نجد أنّ جيل الموسيقيين والمغنين العرب في النصف الأوّل من القرن العشرين توصلوا إلى تحقيق نجاح وفقًا لمعايير التقدّم؛

2. كما أنّ الجهود التي كانت من قِبل الموسيقيين العرب كان أساسها تحقيق المعاصرة مع انقسام في المواقف بين مؤيدٍ لاعتماد المنهج الأوروبي من منطلق المنهج الأكاديمي وبين مفندٍ لهذا الموقف وتأكيده على ضرورة المعاصرة الفردية دون اللجوء إلى المؤسسات التعليمية والإطلاع على الموسيقى الأوروبية؛

3. اعتماد المعاهد الموسيقية العربية في النصف الأوّل من القرن العشرين على الطريقة الأوروبية كان له تأثير مباشر على التراث الموسيقي العربي القديم من خلال غياب الوسائل المشجّعة والتي تخوّل للمبدع الاعتماد على المادّة التراثية وذلك لما تعتمده هذه المؤسسات التعليمية من مناهج غربية؛

4. الاعتماد على الأداء الأركسترالي من خلال ترسيخ مبدأ الفصل بين المهام وبذلك أصبح العمل يرتكز على الملحّن كمبدع والمغني كمؤدّي لهذا الابداع مع العازفين وهو ما تميّزت به مدرسة القرن العشرين مع سيّد درويش ومحمد القصبجي ومحمد عبد الوهاب وزكريا أحمد ورياض السنباطي، وإنّ أبرز ما اعتمدوه هو تطوير الأشكال الموسيقية الغنائية الموروثة عن القرن الماضي من خلال توظيف الآلات والإيقاعات الغربية كذلك التطرّق إلى أشكال غنائية غير مألوفة21، وقد تمّ هذا بتفاعل كبير مع الموسيقى الأوروبية لكن مع عدد محدود من الموسيقيين المنتمين لهذه المدرسة.

إنّ الملامح العامّة للمشهد الموسيقي العربي أدّت إلى ما يمكن نعته بالازدواجية على مستوى الخطاب الموسيقي العربي المعاصر وذلك في مختلف أنماطه، جرّاء تبني عناصر أخرى متمثّلة في تطوّر تركيبة التخت الموسيقي العربي مع توظيف المصطلحات الغربية في الممارسة الموسيقية العربية وبالتالي تطوّر أساليب الأداء والتي مثّلت النتيجة لظهور عقلية إبداعية حديثة تجمع بين العقلية العربية والغربية في التعامل مع المؤلفات الموسيقية ومحاولة وضعها بين التراث المشرقي والحداثة الغربية، وربّما هذا يمثل نتيجة لظهور تيار القومية الموسيقية في الأقطار العربية عملت على خلق خصوصيات فنية مشتركة تجمع بين التراثي والمستحدث. كل هذه العناصر المساهمة في تطوّر اللغة الموسيقية العربية سنتناولها بالدرس والتحليل في هذا الجزء من المبحث.

1) التأثير الغربي على مكانة آلة العود

في التخت الموسيقي العربي:

إنّ جلّ العناصر الموسيقية العربية في الفترة المعاصرة أصبحت أمام ثنائية التأثر والتأثير22 من خلال وضعها بين النموذج الغربي والتقاليد العربية، فلقد شكّل موضوع الآلات الموسيقية واستعمالاتها في المؤلفات العربية إشكالاً من حيث الانتماء والأصول الاثنية للآلات والمدوّنة الموسيقية المتصلة بها، ويأتي هذا جرّاء التمازج بين آلات التخت العربي التقليدي (العود والناي والقانون) والآلات الغربية23، حيث يقول «أمنون شيلواه» في هذا الإطار24:

« إنّ نموذج الأركستر الغربي الضخم، ساهم في إرساء مجموعة موسيقية مثيرة أخذت مكان المجموعة الموسيقية الصغيرة المتكوّنة من أربعة أو خمسة عازفين يساندون صوت المؤدي. حيث أنّ هذه المجموعات الجديدة أُدمجت مع الآلات التقليدية ولكن باقتباسات غربية، من خلال إقحام القيتار والأكورديون والبانجو والكمنجة الجهيرة والبونغوس والكمنجات الذين أصبحوا يمثلون قلب المجموعة».

ويضيف فريديريك لاغرانع على أنّ الأركسترا التي أدمجت كانت كذلك تحتوي على آلة الهارمونيوم25، ويعود هذا التمازج في الأصل إلى أحداث تاريخية مرتبطة بسياقات مختلفة، رّبما إلى أنّها ظاهرة استهوت العديد من الموسيقيين في الأقطار العربية، فلا يستقيم الحديث عن استخدام الآلات الأوروبية في الموسيقى العربية المعاصرة بغير العودة إلى نقطة الانطلاق الحقيقية الأولى التي يعود تاريخها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما انطلق فرسان النهضة الموسيقية26 (عبد الرحيم المسلوب وعبده الحامولي ومحمد عثمان وسيّد درويش وسلامة حجازي الذي ساهم في نشر الوعي المسرحي لدى الجماهير وبالتالي انتشار المسرح الغنائي العربي27 الذي ظهرت معه كذلك بوادر الاندماج بين التركيبة الموسيقية العربية والغربية)28 في تحريك الموسيقى العربية من الركود الذي أصابها في قرون (الانحطاط) بفرقة موسيقية تقليدية، قوامها التخت المؤلف من عود الذي يتوسّط غالبًا المجموعة مع كلّ من القانون والناي والكمان والرّق. والملاحظ أنه «منذ تلك البداية المبكرة كان موضوع الآلات الأصيلة والآلات المستوردة مطروحاً»29. وانقسمت حينها الآراء بين مؤيّدٍ ومفنّدٍ30، إذ يرى المؤيدون لهذا التمازج بأنّه فرصة لفرض تعبيرات موسيقية جديدة لم تتناول بعد والخروج عن المعتاد، وإنّ إدخال الآلات الموسيقية الغربية لا يُؤثّر على الخصوصيات التعبيرية للموسيقى العربية، حيث أنّ أسلوب التأليف هو العنصر الرئيسي المحدد لهوية الخطاب الموسيقي وهذا ما يعكس رأي كورت زاكس31، الذي يُقرُّ بأنّ الآلات هي وليدة الأسلوب الموسيقي وليس الأسلوب هو وليد الآلات. كما أنّ هذه الثلّة المؤّيدة ترى أنّ تفنيد إدماج الآلات الغربية هو إحباط لمسار النهضة الموسيقية العربية، أماّ في الجهة المقابلة فيرى البعض بأنّ هذا الطرح له تأثيرات سلبية على المشهد العام للتخت العربي التقليدي الذي يتسم بأسلوب أداء خاصّ، إلى جانب أنّ البعض من الآلات الغربية لا يمكن لها أداء السلالم الموسيقية العربية.

فبالرجوع إلى تاريخ الموسيقى العربية المعاصرة فإنّ بعض المصادر المتعلّقة بهذه المسألة تُرجِّح سبب تعميم الآلات الغربية في التخت التقليدي العربي على أنّه نتيجة منبثقة عن مؤتمر القاهرة لسنة 1932، حيث يقول «سيمون جارجي» الباحث في المسائل المتعلقة بالموسيقى العربية:

«وقد ظهر هذا خاصةً في فترة عبد الوهاب وأم كلثوم حيث عرف العالم العربي موجةً جديدةً إثر دخول الموسيقى الأوروبية، وتظهر هذه الموجة خاصةً من خلال دخول بعض الآلات الغربية في التخوت التقليدية وهي نتيجة انطلقت من المؤتمر الأوّل للموسيقى حيث ظهر تمازج في الآراء يدعو إلى هذه المبادرات الجديدة»32.

إضافةً إلى أنّ تسرّب الآلات الغربية يمكن له في حدٍّ ما المساس باللهجة الموسيقية العربية وبالتالي تغيّر على مستوى الهوية الموسيقية، وذلك حسب ما تفرضه النظم الموسيقية العربية التي ستكون مؤدية بالآلات الغربية، كما أنّ العديد من الكتابات والمصادر الأخرى التي تطرّقت إلى هذا الجانب من الموضوع ترجّح إلى أنّ أوّل محاولات لاستخدام الآلات الموسيقية الغربية كانت وراء قيام العديد من الأنظمة السياسية العربية منذ فترة تاريخية متقدّمة على إنشاء مدارس عسكرية حديثة تُدرّس الآلات الموسيقية النحاسية33، إذ أنّ جميع المعزوفات الخاصة بالمدوّنة العسكرية تؤدّى بآلات النفخ الغربية من Trombone و Trompette وغيرها من آلات. وفي قولةٍ تعرّض لها عبد العزيز بن عبد الجليل في إشارة لاعتماد الآلات الموسيقية الغربية في الأقطار العربية على أنّ الجوق الملكي في المغرب التابع لدولة منصور السعدي (1578-1603) كان يحتوي على عازفين لآلة الطرنبات «يتولى النفخ فيها قوم من العجم، تنبعث منها أصوات وتلاحين لا تحرّك الطبع ولا تبعث على شيء سوى الحرب»34. وعليه فإنّ القيادات السياسية والفئة النخبوية العربية رأت في أنّه من الأمثل اتباع النموذج الغربي، حيث يضيف أمنون شيلواه في السياق نفسه:

«إنّ هذا حصل مع الفئة الحاكمة والنخبوية، وكان هذا في كل من تركيا وايران ومصر ولبنان والعراق وفي أسيا الوسطى، السلطان سليم الثاني وابن عمه محمد الثاني في تركيا والشاه نصر الدين في إيران ومحمد علي في مصر، كلٌ في عصره وفي مملكته كان مقتنعاً بضرورة القيام بتحويرات، وعلى أنّ النموذج المثالي الذي يجب الاقتداء به هو في تأسيس مؤسسات أوروبية التي تمثّل ركائز التفوّق الأوروبي، وعلى العموم فإنّ هذه التحويرات شملت بالأساس المؤسسة العسكرية، حيث كانوا مقتنعين تمام الاقتناع بأنّ تواصل الأمّة يكمن في تبني سريع لهذا الفن»35.

وعلى هذا فيؤكد كذلك سيمون جارجي على أنّ مصر كانت لها أوّل مدرسة عسكرية في سنة 1824 إذ يقول : «إنّ الاهتمام بالموسيقى العسكرية كان أبرز اهتمام، فمنذ سنة 1824 تأسست أوّل مدرسة للموسيقى العسكرية، وكان ذلك أوّل ظهور لفرقة عسكرية في الأراضي العربية»36.

كما أخذ هذا الموضوع صبغة جديّة في مداولات المؤتمر الأوّل للموسيقى العربية لسنة 1932 المنعقد في القاهرة، وذلك في اللجان الخاصّة بالآلات الموسيقية، حيث طُرح هذا الإشكال من خلال مدى أهمية إدراج الآلات الموسيقية الغربية في الممارسة الموسيقية العربية، ولقد تناولت اللجنة الرابعة الخاصة بالآلات37 طرح مختلف الإشكاليات المتعلقة بهذه المسألة، حيث بينت اللجنة في تقريرها منذ البداية على جواز استعمال الآلات الغربية في الموسيقى العربية، ووصفتها بكونها مسألة في غاية من الأهمية وحافلة بالمصاعب، حيث أكدت اللجنة على ضرورة الدرس والتعمّق أكثر في التمازج بين الآلات الغربية والعربية وذلك تفادياً من تشويه التعبير الموسيقي العربي، ويعود هذا التخوّف إلى الحذر من اقتباس الآلات الغربية ذات الدرجات الثابتة التي تحوي على اثني عشرة نصف بعد، التي لا تخدم الخصوصيات المقامية العربية في ظلّ النهضة التي كانت تمرّ بها. كما تطرّقت لجنة المؤتمر إلى محاولة لحصر الآلات الموسيقية المستعملة والبحث عن خصوصياتها الأورغنولوجية، وذلك من حيث وفائها لكل الأغراض الموسيقية إلى جانب طرح لمحاولة تطويرها أو تحسينها، إضافةً إلى التطرّق لإمكانية تعديل هذه الآلات وفقاً للخصوصيات النغمية العربية. وانطلاقاً من التقرير العام للجنة الآلات يمكن استخلاص البعض من ردود الأفعال38 التي تدعونا إلى تطويع الآلات الغربية طبقاً لمقتضيات التعبير الموسيقي العربي وتسويتها حسب خصوصيات السلّم العربي لملائمة المناخ العام للنغمات العربية وخاصةً النغمات ذات أرباع البعد وهذا ما يسميه البعض استعراب الآلات الموسيقية39.

لكن هذا المقترح قد واجه عدّة انتقادات، وكان هذا خاصّةً في المحاولات التي تقدّم بها كلّ من وديع صبرى وجورج سمان ونجيب النحاس وإميل العريان في اختراع بيانو عربي ذي تسوية متطابق نسبياً مع درجات السلم العربي باعتماد الأبعاد الجزئية40، والتي كانت مماثلة من حيث الفكرة والمبدأ لتجارب الموسيقيين الغربيين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين41، وكان لهذه التجربة العربية الترحاب الكبير من قبل الفئة الموسيقية المتغرّبة والمتحمّسة لاستخدام الآلات الأوروبية، لكن في الأخير توصلت هذه المحاولة إلى نتائج سلبية حيث كان رأي الأغلبية في عدم تطابق هذه الآلات مع تقنيات الأداء العربي وخصوصياته النغمية42، فوراء هذا الاختراع كان التأكيد على التخلّي عن هذه التجربة، واعتُبر هذا الرأي تعصّباً ومصادرة لحرية الإبداع في الإنتاج الفني المقبل جرّاء تجاهل هذه الأطراف التجربة العلمية العملية، وفي السياق ذاته أجمع المؤتمرون العرب على اعتماد البيانو العربي، وذلك انطلاقاً من الفكرة التي ترى بأنّه من التقاليد الموسيقية العربية وانطلاقاً من شخصيتها التاريخية هي مساحة تعبيرية منفتحة، وأنّ كل آلة موسيقية بإمكانها أن تؤدي المقامات العربية بلا أي تشويه، وهذا يمثل عنصر إثراء للعزف وللتخوت الموسيقية العربية عموماً ويعد هذا انجازًا هامًا في تاريخ الممارسة الموسيقية العربية في تلك الفترة من خلال ما تمرّ به من تجاذبات ثقافية والتقاء ومواجهة مع الثقافات الموسيقية الدخيلة، إلاّ أنّ هذا إثراء كانت له إنعاكاسات على مكانة الآلات الموسيقية العربية وخاصّة آلة العود، التي أصبحت في فترة لاحقة آلة غير محورية في المجموعة الموسيقية تقتصر وظيفتها على أداء بعض المداخلات الآلية أو التقاسيم في صلب آلات موسيقية تطغى عليها عناصر الأداء الجماعي الحديث.

فبالعودة إلى ما يطلق عليه استعراب الآلات الموسيقية الغربية، فإنّ عكس هذا الطرح موجود وهو يندرج ضمن المحاولات التي تهتم بتغريب الآلات الموسيقية العربية بهدف توسيع المجال التعبيري وتطويرها وتدعيم وظيفتها ومكانتها في المساحة التعبيرية العربية، حتى تصبح مؤهلة لأداء الأعمال الموسيقية الغربية، فإنّ الخوض في إطار ما يسمى بالتأليف الأركسترالي للآلات العربية هو مفهوم حديث مقارنةً باستعمالاتها التقليدية، فهذه المحاولات في التأليف الغربي تصُبُ مباشرةً في تزويد المناهج التعليمية للآلات الشرقية بالتقنيات الغربية التي لم تكن مطروحة سابقاً، لكن بقيت هذه المسألة مهمّشة في البداية حتى أخذ هذا التيار صبغة جدّية من خلال اتساع محاولات الموسيقيين العرب في العقود الأخيرة وذلك انطلاقاً من النصف الثاني من القرن العشرين إلى حدود هذه الفترة الحديثة، حيث شملت هذه التجارب إدراج آلات مثل الناي والعود والقانون داخل تركيبات موسيقية مغايرة تماماً للتخت التقليدي من حيث العدد والهيكل العام والبناء الصوتي، ولعلّ أهمها كان في إطار الأوركسترا السمفونية والتركيبات الموسيقية الحديثة المرتبطة بأنماط أخرى مغايرة للنمط الكلاسيكي الغربي.

لكن يبقى الأهم في هذا الطرح هو اعتماد هذه المحاولات بصفةٍ جدية وإدراجها ضمن المناهج التعليمية العربية كي لا تبقى منحصرة في إطار تجريبي أو نظري، وذلك قصد الخروج عن الرتابة في الممارسة الموسيقية العربية في الأنماط الآلية التي تعتمد على قوالب ذات بنية لحنية بسيطة والتي غالباً ما تكون في إطار تركيبة موسيقية ضيّقة، مع العلم أنّ تطوّر التخت الموسيقي العربي كان الحافز الأساسي في تطوّر النمط الموسيقي الآلي.

- توظيف المصطلحات الغربية في المؤلفات الموسيقية العربية:

لعلّ ذلك من أهم التحوّلات التي شهدتها الموسيقى العربية خلال فترات طويلة في تاريخها وصولاً إلى بدايات القرن العشرين، هي حركات التمازج بين الثقافة العربية والغربية والمرتكز أساساً على التثاقف بين الضفتين، حتى أنّ هذا المفهوم أصبح يمثل جدلية قائمة الذات تطرّقت لها العديد من الكتابات في محاولة للتعمّق أكثر في ماهية هذا الاتصال ومدى ايجابيته، وكما بينا في بداية هذا العمل على أنّ مصطلح الموسيقى تشترك فيه جميع الشعوب، لكنّ عند التعمّق في مدلول الخطاب الموسيقي الخاص بكل موسيقى من موسيقات العالم سوف ندرك مدى تواجد عناصر اختلاف تتحدد من خلالها الخصوصيات الموسيقية التي تتفرّد بها كل مجموعة إنسانية، فعلى مدى عدّة قرون شمل التثاقف الموسيقي جميع الجوانب المتعلّقة بالممارسة الموسيقية، مما جعل الخطاب الموسيقي العربي أمام وضعية تجمع بين التأثر والتأثير الغربي، الشيء الذي جعل الموسيقيين العرب يعتبرون أنّ الموسيقى الغربية تمثّل النموذج المثالي المتبع عند نشأة العمل الموسيقي في مختلف أنماطه، حتى أصبح المشهد الموسيقي العام في الأقطار العربية ينضوي في مناخ غربي متكامل يحتوي على جميع مقوّمات الأداء الغربي، بما في ذلك المصطلحات الغربية التي يعتمدها أغلب المؤلفين والعازفين العرب في مختلف مراحل العمل الموسيقي، ورّبما هذا ما يفسّر عدم القدرة على ضبط وتحديد قواعد ونظم ونظريات الموسيقى العربية، مما جعل اللغة الموسيقية تواجه تيارين متداخلين، «تيار نظري وآخر عملي»43.

إنّ هذا الإشكال يعود إلى تبنّي قواعد ونظريات تختلف عما هو معتمد في الموسيقى العربية، فإنّ عدم توحيد ووضع مصطلحات خاصة بالممارسة الموسيقية العربية وتحديد مواضع استعمالها سوف يضع الجانب التطبيقي تحت التأثير الغربي المباشر، الذي يعتمد على الممارسة المنظّمة والمتقنة. كما أنّ هذا الإشكال يعود إلى ثراء المخزون الموسيقي العربي وإشكالية ضبطه وبالتالي لا يمكن الحديث عن موسيقى عربية تجتمع فيها جميع الأقطار العربية لأنّ هذا المصطلح أيضاً يمثل مفهوماً شاملاً، وإذا اقترن الأمر بتوظيف المصطلحات الغربية في الموسيقى العربية يصبح الإشكال أعمق، كما أنّ النظريات الموسيقية العربية «لم تجد بعد مصطلحات موحّدة لمختلف عناصرها وأقسامها وتقنياتها»44، لذا فإنّ أغلب المدرسين في المعاهد الموسيقية في الأقطار العربية يعتمدون بصفة عفوية على المصطلحات الغربية، كما أنّ محاولات الترجمة التي وردت في عدّة معاجم عربية وكتب النظريات الموسيقية نجدها تحتوي على ترجمة لمصطلحات موسيقية غربية لا تعطي المدلول الحقيقي للكلمة من ناحية المعنى أو الموضع الخاص بالأداء، بل هي محاولات لتبسيط المصطلح وجعله أقرب ما يمكن للمفهوم الأصلي في اللغة الأصلية. وهذا يعود إلى أنّ جلّ المصطلحات المعتمدة في التدريس أو الممارسة التطبيقية هي من أصول غربية وذلك نتيجةً تبنّ كامل للنظام الموسيقي الغربي، بالإضافة إلى أنّ العديد من الأطراف اعتبرت أنّ هذه المصطلحات لا تتطابق مع مستلزمات الموسيقيين والدارسين وهي «مصطلحات ذات أصول أدبية تخلو من الجرس الموسيقي»45.

وهذا يمكن له أن يمثل نتيجة لأعمال الباحثين والموسيقيين العرب الذين استعانوا بتحقيق وشرح العديد من الدراسات النظرية العربية القديمة التي تحتوي على عدّة مصطلحات موسيقية أدبية صعبة الفهم وربّما قليلة التداول في وقتنا الحاضر دون المحاولة لتبسيطها أو للبحث عن مرادفات لغوية معاصرة، يمكن لها أن تتقارب في المعنى والمدلول الموسيقي وجعلها في متناول الدارس والمتعلّم. كما أنّ العديد من المصطلحات القديمة التي اعتمدها الفلاسفة والمنظرون العرب تعود بالأصل إلى أصول فارسية وتركية وتنتمي إلى عصر التراث الشفوي46، لذا فإنّ اعتماد النموذج الغربي كمرجع في اقتباس المصطلحات الموسيقية لا يمثل إشكالا، لكن ما يجب القيام به هو العمل على وضع مصطلحات عربية تتماثل وتتشابه مع ما هو موظّف لدى الغرب مع ضرورة اقترانها بالممارسة الموسيقية والإطار التطبيقي الحديث.

- آلة العود في سياق تطوّر الأداء الموسيقي للتخت العربي:

عند الحديث عن تطوّر وسائل الأداء الموسيقي العربي، لا بد من الإشارة إلى مناهج التأليف التي سادت في فترة أوائل العشرينات، والتي من أهمها إدخال الهرمنة في المؤلفات الموسيقية، وإنّ هذا التطوّر يمثل نتيجة لتبني العناصر الموسيقية الدخيلة لتصبح لاحقًا عناصر مستحدثة يصعب تحديدها، ولعلّ أهمها يكمن في إدراج الآلات الغربية لتزاحم آلات التخت وفي مقدّمتها العود محور التخت العربي، و ذلك بهدف توسيع اللآفاق التعبيرية. حتى أنّ أراء الفئة الموسيقية المستحدثة تَعتَبِر أنّ المادّة الموسيقية العربية التي لا تخضع إلى معايير غربية تكون منطوية في فكر موسيقي متخلّف مناف لما هو سائد في الممارسة الموسيقية المعاصرة، حيث يرى محمد عبد الوهاب في هذا السياق أنّ: «الموسيقى العربية لا تستطيع لوحدها تغذية روح المستمع وجلب انتباهه، فالموسيقى العربية التي وضع أسسها محمد عثمان وعبده الحامولي بعيدة عن عناصر الفكر والتأمّل، فالغناء يمثّل سوى عنصر مكمّل للاحتفالات. الموسيقى العربية تتجاهل الهرمنة والتنوّع الذي توفّره الأوركسترا، ولتطويرها يجب إدماج عناصر الموسيقى الغربية»47. إلاّ أنّ التعامل مع الهارموني كوسيلة لتطوير اللغة الموسيقية العربية دون التعمّق فيها وأخذ ما يمكن له أن يتماشى مع الخصوصيات النغمية العربية، يمكن له أن يمس من خصوصيات الخطاب الموسيقي ويساهم في تغيير طرق أداء الآلة ووظيفتها، وعلى هذا الرأي فإنّ هذا الطرح يمثل «مغالطة علمية وذلك في عدم التعمّق الكافي في التعرُّف العلمي والتطبيقي لكل أعماق النظرية الهارمونية الأوروبية ولمقومات النظرية الموسيقية العربية»48. ليصبح الخطاب الموسيقي المعاصر يتطابق مع مفهوم الموسيقى العالمية الخاضعة بالأساس إلى نظامٍ مستقل (لا يتطابق مع المقومات النغمية العربية) والمتمثل في السلالم الغربية التونالية، التي وضعت كي تكون ذات وظيفة هارمونية، لذا فإنّ النتيجة تكمن في وجود نظام موسيقي عربي يعتمد على اللحن والمصاحبة التوافقية، حيث أصبح هذا النظام ضروري خاصةً في الأنماط الآلية التي تكون مقتبسة من القوالب الغربية، ذلك وأنّ وظيفة الآلة في المدوّنة الموسيقية العربية أصبحت تتجاوز حدود الجملة الموسيقية البسيطة من حيث التركيب والتي تعتمد أساساً على التطريب إلى اعتماد نظام لحني هارموني تحكمه القواعد النظرية الغربية في تقابل الأصوات، ليشكّل النظام الهارموني العنصر الأساسي المصاحب للنظام المقامي ويقول محمود قطاط في هذا الصدد : «وإنّ انتقال موسيقانا العربية من موسيقى الطرب والإيقاع والتقاسيم المنفردة إلى الموسيقى السمفونية بأصواتها الهارمونية والبوليفونية أو الكنتربوانتية، لا شكّ سيبقى لصيقاً بتراث الأمّة ذاتها بعد استلهام واستنجاد ذلك التراث القومي. لتنطلق موسيقانا عالمية بأصالتها العربية»49، وفي تأكيد لهذا فإنّ الجانب التعبيري التقني أصبح العنصر الطاغي على الخطاب الموسيقي العربي، ممّا أدّى إلى نقص استعمال الآلة في القوالب التقليدية ذات الطابع اللحني من خلال سيطرة التفكير الهارموني50، وقد نلتمس ذلك خاصّة في مجمل المؤلّفات التي توظّف فيها آلة العود، والتي تتبنى عناصر التأليف الغربي كمحاولة لإخضاع الآلة إلى أساليب أداء مغايرة لأساليب الأداء التقليدية في صلب مجموعات موسيقية كبيرة التركيبة51.

2) تموقع موسيقات العالم العربي بين الثقافتين:

إنّ المتأمّل في المشهد العام للموسيقى العربية خلال فترة القرن العشرين، يلاحظ تجاذبات عدّة جرّاء بعض المسائل التي تعيق المسيرة نحو العالمية والتطوّر، وذلك عند مقارنتها بالتحوّلات التي مرّت بها الموسيقى الأوروبية. ولعلّ أهم العراقيل تتمثل في الركود الذي شمل مختلف الآلات الموسيقية والمتمثلة أساساً في آلات التخت الموسيقي العربي، والتي لم تطرأ عليها أية تغيرات إما من الناحية الأورغنولوجية أو من ناحية تطوير التأليف الموسيقي لكل آلة (المدوّنة الموسيقية)، وهذا ما يتنافى مع بعض الآراء والمواقف التي ترى أنّ آلات الموسيقى العربية لا تستوجب تدوينًا موسيقيًا خاصة بها، وذلك نظراً لارتباطها بتراث موسيقي شفوي يتسم بالخصوصية النغمية المقامية، بالإضافة إلى أنّ التقاليد الموسيقية العربية لم تُسجل عناية بالمناهج التعليمية الخاصة بالآلات رغم تعدد التجارب في هذا الإطار وخاصّة بما يتعلّق بآلة العود52، وهذا يعود إلى أنّ وظيفة الآلة الموسيقية تقتصر على التلحين في الأنماط الغنائية التقليدية أو في المصاحبة الغنائية عند الأداء، أو في مداخلات فردية في صلب مؤلّفة موسيقية إن إقتضى الأمر.

ومن جهةٍ أخرى فإنّ أسباب هذا الركود يعود إلى عدم تطوّر النظم التعليمية الخاصة بتدريس الموسيقى العربية واعتماد الطريقة الشفاهية في فترة طويلة من الزمن، وعليه فإنّ التنظير الموسيقي بقي محفوظاً في المصادر النظرية العربية القديمة دون أية محاولة لتطبيقه أو اعتماده ما عدا بعض الأبحاث والدراسات الأكاديمية التي تقتصر على التحليل والشرح والتحقيق دون الحث على تطبيق نتائج هذه الأبحاث. إنّ ما يجعل الموسيقى العربية في حالة من التبعية يرجع بالأساس حين وضعها في مواجهة مباشرة مع الموسيقى الغربية، ويعود الأصل في هذا إلى العوامل السياسية والمتمثّلة في الحركات الاستعمارية التي توالت في العصور الماضية، مع انتشار الآلات الموسيقية الغربية وبالتالي انتشار تركيبة موسيقية مماثلة لتركيبة الأركستر السمفوني الغربي الذي يعتمد على التوزيع الأوركسترالي ومبدأ التطابق بين الخطوط اللحنية واعتماد البعد الموسيقي الثالث والمتمثل في الهارموني، الشيء الذي جعل الخطاب الموسيقي العربي الحديث في إطار ابداعي ثنائي يجمع بين العقليتين التقاليد الموسيقية العربية والمناهج الموسيقية الغربية في التأليف والأداء53.

فعند الحديث عن الموسيقى الغربية لا بدَّ من الإشارة إلى أنّها تُمثل مجموعة من القواعد والعلوم تتسم بالدقّة والصرامة، مقارنةً بالموسيقى العربية عمومًا التي يطرأ عليها دائماً الطابع الارتجالي والتطريبي، حيث أنّها تخوّل للموسيقي اعتماد هامش تعبيري في عمله. إنّ تاريخ الموسيقى العربية لا يخلو من عناصر التواصل والالتقاء مع الموسيقى الغربية حيث أنّها تلتقي وتشترك في العديد من العناصر الموسيقية المتواجدة في الثقافة الموسيقية الغربية، لكن في فترة لاحقةٍ أصبح الخطاب الموسيقي العربي أمام تحدي ومواجهة مباشرة مع الغرب من خلال المحاولة لإيجاد التوازن مع هذا التيار، حيث يقول فتحي الخميسي في هذا الإطار:

« إنّ هذه المهمة الصعبة التي كشفت وتكشف باستمرار الضعف الموسيقي، والضعف يظهر جليّاً وقت الصدام وأثناء تلك المواجهة الفنية المعقّدة العناصر ينكشف باستمرار ذلك التراجع العلمي الكبير الذي سار على امتداد القرون 16 و17 و18 و19 و20 ومازال في تفاقم بموسيقات الشرق والعرب خاصةً»54. 

وتأكيداً على هذه الشهادة فإنّ التراجع لا يزال متفاقماً جرّاء الحملة الاستعمارية الحديثة والتي تعتمد على وسائل الغزو الثقافي من خلال فرض أساليب ومناهج غربية في التعامل مع التراث وذلك حسب ما تفرضه التحولات الثقافية المهيمنة.

فلقد واجهت الممارسة الفنية العربية عموماً من مسرح وسينما وأدب وغيرها تأثيرات غربية كانت فيها مراعاة لقواعد التبادل الثقافي وتكريس لمبدأ التوازن، إلاّ أنّ الموسيقى العربية على وجه الخصوص واجهت هذه التأثيرات دون مراعاة موازين التبادل الثقافي، حيث طغت على الخطاب الموسيقي العربي المعاصر عدّة عناصر دخيلة منها ما هو ساهم بصفة إيجابية ومنها ما هو يفرض إعادة النظر في اعتماده، غير أنّ الانبهار بالموسيقى الغربية جعل التكوين الموسيقي في الأقطار العربية يعتمد على التنظير الغربي، ويتجلى هذا في النموذج الذي اعتمدته مصر من خلال تأسيس مدرستين للتعليم الموسيقي تعتمد كل واحدة منها على منهج تعليمي مغاير، حيث نجد أنّ معهد الموسيقى العربية يقدم دروسًا نظرية وتطبيقية أساسها الموسيقى العربية، بينما يعتمد معهد الموسيقى (الكونسرفتوار) على نظام تعليمي غربي وفقاً لمناهج التعليم الأوروبية وذلك بالنسبة للدروس النظرية والتطبيقية مع إدراج عدد هام من الآلات غربية، وانطلاقاً من هذه التجربة تبلور هذا المشروع خاصةً خلال المنتصف الثاني من القرن العشرين حيث أصبح عدد الدارسين في معهد الموسيقى في زيادة مقارنةً بمعهد الموسيقى العربية وهو نتيجة لتأثر المجتمعات العربية بالتيارات الغربية وجعلها تنصهر في فكر يجمع بين العقلية العربية والغربية.

ولعلّ هذا يُؤكِد ما دعا إليه المؤلف الموسيقي اللبناني توفيق السكر في حدود سنة 1954 الذي تحصل على تكوين موسيقي وفقاً للمناهج الغربية من خلال حثّه على ضرورة اتباع المنهج الغربي في التكوين الموسيقي في الأقطار العربية وفقاً لأربعة نقاط أساسية والتي تتلخص في ضرورة اتباع منهج متمثل في :

«حث المؤلفين على اعتماد القواعد الغربية الخاصة بالهرمنة في التأليف الموسيقي العربي إلى جانب الحث على اعتماد القوالب الآلية الغربية مثل المتتالية والسونات وغيرها من المؤلفات بالإضافة إلى اعتماد الآلات الشرقية وفقاً لقواعد وتقنيات الأداء الغربي، أما بالنسبة إلى العازفين يؤكد منهج السكر على ضرورة اكتساب تقنية مماثلة لتقنيات الأداء الغربي،كما يوجه هذا المنهج الدعوة إلى المنظرين لتبني فكرة تقنين النظريات الموسيقية العربية ووضعها ضمن مقاييس ثابتة غبر خاضعة للتغيير، أما ما توجه به السكر إلى الأنظمة العربية هو ضرورة تقوية المسالك التعليمية في المعاهد الموسيقية وجعلها تعتمد على ثنائية التكوين بين ما هو غربي وشرقي إضافةً إلى تأكيد العناية بصناعة آلة بيانو عربية»55.

فهذا اذن يمثل خير دليل على الانبهار الذي ساد المجتمعات العربية في فترة النصف الأوّل من القرن الماضي والذي دعاها إلى تبني ثقافة موسيقية غربية ودمجها كلّياً مع الممارسة الموسيقية الغربية (حيث أنّ هذا جعل المناهج التعليمية الخاصة بالآلات الموسيقية العربية تعتمد بالأساس على منهج غربي فنجده يعتمد المقام الكبير والصغير والقوالب الآلية التي تندرج ضمن مؤلفات خاصة بالتدريس) إلى جانب فرض تدريس الترقيم الموسيقي الغربي والنظريات الموسيقية الغربية في جميع المستويات وهذا ما أسس ثنائية في الخطاب الموسيقي العربي المعاصر تجمع بين العقلية الابداعية العربية والغربية والذي تبلور بحكم الاتصال المستمر بالموسيقى الأوروبية، الأمر الذي أحدث تداخلا بين الثقافتين الموسيقيتين وهو تداخل لا يمكن تجنبه على الرغم من تفاوت درجات عمقه في البلاد العربية وهذا بحكم اختلاف تموقعها الجغرافي بالنسبة إلى البلاد الأوروبية56.

واقع الخطاب الموسيقي العربي

وتحديات الثقافة الحداثية

إنّ وظيفة الموسيقى في إطارها الاجتماعي تتمثّلُ أولاً في التعبير عن المجتمع في تعاقبه التاريخي، باعتبارها أداةً لا يتحدد تعريفها من زاوية الأصوات فقط بل هي أشمل من ذلك، فهي جزء لا يتجزء من المجتمع تحدّد الهويات والأذواق الموسيقية كما تمثّل (الموسيقى) خطابًا من الخطابات الاجتماعية التي تنقل لنا معتقدات وقيم وأعراف مجتمع ما57، ذلك مع مراعاتها لمختلف التحوّلات الناجمة عن الاتصال والتبادل الثقافي الذي ينجر عليه تلاقح مباشر على مستويات مختلفة في الممارسات الموسيقية، وبالتالي تحوّل على مستوى خصوصيات الثقافة الموسيقية المحلية58، فبالنظر إلى المفهوم الشامل للموسيقى العربية يُطرح التساؤل عن تموقع الخطاب الموسيقي العربي في الفترة المعاصرة في خضم التحوّلات الشاملة، وذلك انطلاقاً من قيمته ومكانته على الصعيد العالمي إذا اعتبرنا أنّ الخطاب الموسيقي العربي يمثّل مرآة الثقافة العربية. لذا فإنّ الحديث عن الآفاق المستقبلية لهذه الممارسة الإبداعية يقتضي منّا أوّلاً تشخيصاً للواقع الموسيقي العربي وذلك بالنظر إلى العناصر الموسيقية المتمثلة أساساً في خصوصيات اللهجة والهويّة والتي تعكس الذائقة الفنية المعاصرة، ومقارنتها مع ما سبق من هذه الخصوصيات الموسيقية وربطها بالتحديات المعاصرة التي تتمحور حول العلاقة بين عنصر الأصالة وبالتالي الهوية واللهجة من جهة، ومن جهةٍ أخرى عنصر الحداثة ومقتضياتها المرتبطة في هذا الإطار بالمنظومة الاجتماعية والفكرية، كما ترجع بالنظر إلى عوامل أخرى تعلّقت بدرجة أولى بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تساهم جميعها في التأثير المباشر على المجال الثقافي، « فجميع الانقلابات السياسية والاجتماعية جلبت للحياة الموسيقية العربية تغيرا عميقا...وهكذا نرى أن الاتصال بالثقافة الغربية أثر إلى حد بعيد في مؤلفي الموسيقى والملحنين العرب وخاصة منهم الشبان والمؤلفات الحديثة تشهد بذلك»59.

لكن الملاحظ هنا أنّ الموسيقى العربية في علاقتها بالمتلقي تكوّنت لها أزمة ذوقية، والتي من خلالها أصبح الذوق الموسيقي يعتمد على ازدواجية ذوقية تجمع بين التيار الحداثي والتيار التقليدي المحافظ على مقوّمات اللغة الفنية الأصيلة، لذا فإنّ المبدع الموسيقي المعاصر في الأقطار العربية انساق وراء تبني النموذج الغربي في أغلب خصوصياته ومقوّماته وأشكاله والذي يعتبره وسيلة للارتقاء بمستوى التأليف من خلال تطوير أساليب ووسائل الأداء وترجمتها حسب المعايير الجمالية المرتبطة بالاستهلاك السمعي، وبالتالي يكون المشروع الموسيقي يرتكز على تنمية المعارف الموسيقية بمختلف جوانبها النظرية والعلمية والتطبيقية وبالتالي تكون النتيجة تغير نظرة المجتمعات العربية إلى الموسيق60.

1) قراءة في واقع وأفاق الخطاب

الموسيقي العربي:

إنّ الموسيقى كنشاط اجتماعي تمثّل عنصرا أساسيا في الوسط الحضاري للإنسان، وهي عنصر حيوي يتواصل معه الانسان مباشرةً انطلاقاً من انتمائه لبيئة ثقافية معيّنة، حيث أنّها تكون حاضرة في مختلف مجالات الحياة وهي مرآة تعكس خصوصيات المجموعة الإثنية، ويمثل كل اهمال لهذه العناصر الخاصّة بالمجموعة تَعَثّرًا في مسيرة التنمية، وتظهر حينئذٍ حالة من التخلّف الحضاري.

إذ أنّ كل تطوّر في مجال الاقتصاد أو التكنولوجيا يُؤثر بصفة مباشرةً على المجال الثقافي وبالتالي على المادة الموسيقية، ويتشكل من خلاله ثراء هاما في الأشكال التعبيرية الموسيقية، وفي بعدٍ آخر فإنّ للتطوّر الاجتماعي مساهمة في تنظيم الممارسة الموسيقية من خلال إقامة مؤسسات خاصة بالتعليم الموسيقي وفي تكوين منهج إبداعي واضح الأهداف، وعليه فإنّ هذا التنظيم العملي ساهم في خلق حركية في الإنتاج الموسيقي وبالتالي التشجيع على الإبداع في مختلف الأنماط التعبيرية، لذا فعند وضع الموسيقى أمام الواقع والتحديات يكون هذا الفن بمثابة معيار لقياس مظاهر التطوّر الحضاري للشعوب.

وبصفةٍ أشمل فإنّ الوضع الموسيقي الحالي في الأقطار العربية يطرح العديد من الإشكاليات حيث يؤكد محمود قطاط في هذا السياق:

« إنّ المسألة لا تختلف من حيث المبدأ، إذ يبدو القطاع الموسيقي أشبه بلوحة عريضة تُرصَدُ من خلال مكوّناتها وضعاً حضارياً. يوّضح بما لا يقبل الشكّ مواطن إخلال وظواهر سلبية تُشير إلى أنّ النهوض بالموسيقى يستلزم جهوداً طويلة ومضنية للوصول إلى تحقيق حدّ أدنى من المتطلبات»61.

وهذا ما يحيلنا إلى التفكير في المكانة الحالية للموسيقى في المجتمعات العربية في سياق تحوّلات الحياة العصرية، وذلك من خلال تحررّ العملية الإبداعية من الأطر التقليدية والانسلاخ من الممارسة البدائية، وهي إشارة أيضاً إلى تَطَوُّر وظيفة جلّ العناصر المتصلة بالموسيقى داخل المنظومة الاجتماعية العربية الحديثة62، لكنّ يبقى الإشكال حسب التحوّلات العميقة التي تشهدها المجتمعات العربية في إمكانية سيطرة الظواهر الموسيقية الدخيلة والتي تظهر غالباً بصفّة عشوائية على حساب الممارسة التقليدية التي تمثل قيمة حقيقية ثابتة، مع اعتماد الظواهر الحديثة لتحقيق التوازن في الخطاب الإبداعي بين الأصيل والحديث.

إنّ ما شهدته الموسيقى العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين من تحوّلات في المشهد العام يمثّل السبب للوضع الموسيقي الحالي في الأقطار العربية، حيث أنّ هذا التحوّل أعطى لمحة عما يمكن تسميته بالتشبّث في إدماج المكوّنات الفنية الدخيلة دون مراعاة الخصوصيات التراثية للموسيقى العربية أو في محاولة لخلق موسيقى تراثية63، وذلك في غياب التوازن بين متطلبات الإبداع والمحافظة على التراث.

لكن وكما بيّنا سابقاً بأنّ الحداثة في الموسيقى العربية لا تمثل تجديدا في سياق داخلي موسيقي بحت، بل نجد أيضاً تحوّلات في سياق خارجي شمل المؤسسات التي لها علاقة مباشرة بالقطاع الموسيقي من قنوات توزيع وإنتاج وشركات دعم ونشر وإشهار وتسويق، حيث أنّ هذه المؤسسات التنظيمية الخاصة بالقطاع الموسيقي أصبحت تتحّكم بصفّة مباشرة في اختيار الأنماط الموسيقية المطلوبة، وربّما في خلق أنماط أخرى جديدة تتماشى مع متطلبات المتقبّل باعتماد المادّة الموسيقية لأغراض لا تقترن بالضرورة مع الأهداف موسيقية أو اجتماعية، بل تكون لها وظيفة اقتصادية تجارية غرضها إرساء نمط تقبّلي حديث يطغى على المحيط السمعي البصري دون مراعاة مقاييس الإبداع الفني والخصوصيات الموسيقية التراثية والمحافظة على الإرث الفني في ظلّ التيار الحداثي، كلّ هذا التنظيم العملي المعاصر للقطاع الموسيقي يأتي جرّاء ربط النشاط الفني بالنشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى أنّ العامل التكنولوجي أصبح يمثّل العنصر الأساسي في مختلف الممارسات داخل المجتمع، كما لا يمكن التغافل عن مساهمة المناهج العلمية في تطوير المشهد الموسيقي العربي عموماً والذي تبعته العديد من الإنجازات والاختراعات التي تصبُّ لصالح المجال الموسيقي، وذلك إلى حدّ أنّه يصعب القيام بعمل موسيقي دون اللجوء إلى العنصر التكنولوجي، إلاّ أنّ الجانب التكنولوجي (الاصطناعي) يمثل سوى وسيلة لإخراج العمل في صبغته النهائية. كما أنّ للعنصر التقني إسهاما كبيرا في ظهور اختصاصات علمية موازية تعنى بالبحث في العناصر المرتبطة بالممارسة الموسيقية64.

- التوجّهات الثقافة الموسيقية العربية الحديثة:

إنّ قراءتنا لواقع وآفاق المشهد الموسيقي العربي عموماً تأتي كحوصلة لواقع الإنتاج الموسيقي في مرحلة أولى واستشراف لآفاق هذه الممارسة في مرحلة ثانية، وهذا بالاعتماد على بعض الكتابات والبحوث العلمية المختصة في مجال الموسيقى والتي كانت تقدم قراءات عامّة ونختلف للوضع الموسيقي في الأقطار العربية من خلال رصد لمختلف التيارات والمواقف التي تحوم حول ماهية الخطاب الموسيقي العربي في ظلّ هذه الوقائع والتحدّيات المعاصرة، فتعددت فيها القراءات من منظور مختلف، فنجد مَن اعتمد في دراساته إلى تقسيم التيارات والمناهج الفنية حسب المنظور الايديولوجي والثقافي أو في اعتماد تقسيم حسب المدارس الفنية، كما نجد دراسات مماثلة اعتمدت على تقديم قراءة للمشهد الموسيقي انطلاقاً من أعمال موسيقية عربية تحوصل فترة ما تعرف بالنهضة الموسيقية العربية وصولاً إلى الفترة الحديثة.

إنّ ما يمكن رصده من مواقف وتيارات فنية يمكن حوصلتها فيما يلي انطلاقاً من بعض الدراسات العلمية التي كانت منطلقات لعدّة فرضيات وإشكاليات.

-تيار موسيقي عربي يجمع مختلف الخصوصيات الموسيقية التقليدية والذي تنبثق منه كذلك أعمال فنية تقليدية حديثة وهي مؤلفات موسيقية جديدة تنصهر كليّا داخل إطار الموسيقى الموروثة من الناحية الفنية البحتة إلى درجة أنّه يصير من الصعب تفرقتها أو في أن تكون مؤلفات موسيقية جديدة يمكن أن يبرز فيها مزج لعناصر موسيقية مألوفة تميّز عادّة أنماط موروثة مختلفة65.

-تيار موسيقي يجمع مختلف العناصر التي تعنى بالثقافة الموسيقية الغربية والتي تنبثق منها أعمال لمؤلفين عرب تكون الغاية منها تأسيس خطاب موسيقي عربي معاصر يعتمد بالأساس على النموذج الغربي وغالباً ما يكون هذا التيار له قراءة للتراث في وجهتين : الأولى كمادّة تمثّل المرجع الأساسي في الإنتاج الموسيقي أو في قراءة أخرى تَعتبرُ المادة التراثية جامدة لا سبيل إليها في الوقت الحاضر، وفي هذا التيار يمكن فصل واستخراج فئة أخرى تعتمد مبدأ التوافق بين الموسيقى التقليدية والثقافة الموسيقية الغربية وتكون لها محاولة في خلق لغة موسيقية مزدوجة66.

-تيار موسيقي يتصف بالفعل الرجعي أي أن وجوده يكون بطريقة يتغيّب فيها المنهج أي أنّها غير قادرة على الحفاظ على الأصل والاندماج مع الثقافة المقابلة وبذلك يقابلها الصدام الثقافي الذي يعود أساسه إلى غياب القدرة على التفاعل وفهم الآخر وبذلك استيعاب خاطئ للثقافة الدخيلة.

وتأكيداً على ما أوردناه نقدّم جملة من القراءات التي تعنى بمعالجة مسألة التوجّهات الموسيقية والتي وردت في صيغ مختلفة حسب المرجعيات التي يحملها المحلّلون، وفي هذا السياق يقدّم لنا سمير بشّة في هذا السياق رسما بيانيا يمثل محاولة لحوصلة وجمع هذه التيارات في أربعة اتجاهات أساسية عن طريق إمكانية اندماج بعض التيارات فيما بينها لخلق توجّه موسيقي آخر. (انظر الرسم البياني 1)

رسم بياني 1: التوجّهات الموسيقية67(A-D) :

- هو اتجاه يتبنى الأعمال الموسيقية الغربية بصفةٍ كلّية؛ ويسعى إلى فهمها والتعامل معها قصد الاعتراف به.

- (A-B) : اتجاه يعتمد مبدأ الوفاق بين المادّة التراثية والأعمال المستحدثة وبذلك تفعيل التعددية الثقافية.

- (A-E) :هو اتجاه يتبنى الثقافة المقابلة باحتشام، دون اقتناع.

- (A-C) :هو اتجاه يعتمد على التراث كمادّة ثابتة جامدة غير قابلة للتحوّل إذ يمثل اتجاه التعصّب.

إلاّ أنّ ما تقدّم به سمير بشّة في هذا الرسم البياني يثير جملة من التساؤلات والنقاشات خاصّة فيما يتعلّق بالاتجاه (A-E)، فمن خلاله يحاول الكاتب التأكيد على الصيغة التوافقية للعمل الموسيقي، والتي يدرجها ضمن التعددية الثقافية في إطار الاحترام المتبادل، غير أنّ هذا الاعتقاد لا يمكن أن يكون صائبًا نظرًا لأنّ العمل الموسيقي يأتي بصفة عفوية دون الاستناد على أي نموذج مسبق الاعتماد، وبالتالي فإنّ العمل الموسيقي هو عملية تجميع لعدّة عناصر موسيقية تقنية تعكس الفترة الزمنية والإطار الذي أنجز فيه العمل وذلك بطريقة تلقائية دون أي التزام بتبني الآخر والاعتراف به قصد تحديد التوافق، ثمّ إنّ تطوير الخطاب الموسيقي لا يخضع فقط للمرجعيات الغربية بل يكون التجديد من الداخل عن طريق تطوير التناول المقامي وكيفية إخراجه.

وفي قراءةٍ أخرى للتوجّهات الموسيقية الحديثة نجد ما اعتمده محمود قطاط في كتابه دراسات في الموسيقى العربية من خلال تقديمه لمختلف التوجهات باعتماد معيار المدارس الموسيقية العربية وعلاقتها بالصبغة الإحداثية وذلك في أربعة اتجاهات وهي:

- الموسيقى المحافظة : والتي تحترم جميع الخصوصيات التقليدية الموروثة بالاعتماد على التقاليد الأصيلة قصد إحيائها وإبرازها68.

- التجديد الإيجابي: والذي ينطلق بالأساس من المادة الموسيقية التراثية نحو ارساء خطاب موسيقي جديد وهو التوفيق في مسايرة نسق التطوّر مع مراعاة أصول اللغة الموسيقية التقليدية وبالإضافة إلى ضرورة التمتع بملكة الخلق والإبداع مع الإلمام بكلّ خصائص التراث والدراية الكاملة بكل ما يتعلّق باللغة الموسيقية الأخرى ينوي اعتمادها لإثراء تراثه المحلي69.

- التجديد المخضرم وسلبياته: وهو ما يعرف بالتمازج الموسيقي مع مختلف الأنماط الموسيقية الأخرى، وهو كلّ ما يمكن نعته بذوبان الذاتية الثقافية ونضوب موارد الخلق الأصيل70.

- التجديد الواعي والمقصود: والذي يرتكز بالأساس على التجربة والبحث لتحقيق التجديد الإيجابي وهذا الاتجاه يعتمد على منهجين نظري علمي وعملي تطبيقي71.

نجد كذلك وفي نفس السياق الخاص بالحركة الحداثية في الموسيقى العربية أن منذر العياري تطرّق إلى هذه المسألة من خلال تقديمه لقراءة في واقع الموسيقى العربية من خلال 3 أقسام تمثّل هي أيضاً محاولة في استقراء واقع وآفاق الممارسة الموسيقية بالاعتماد على معيار الأعمال الموسيقية72:

- الألحان التي تعتمد على رؤية إبداعية منبثقة من المدوّنة الوطنية الكلاسيكية والشعبية والتي ترمي إلى تدعيم التقنيات الخاصّة بالأداء الغنائي الآلي وتطابقها مع الشعر واللغة الموسيقية العربية.

- التيار الثاني ذو نزعة تحديثية ويتمثّل في الأغاني التجارية المنفصلة تماماً عن كل الخصوصيات الموسيقية الشعبية.

- بعض الألحان الأخرى التي تعتمد الصبغة التجريبية في التأليف من خلال إعادة صياغة بعض الآلات الموسيقية مثل البيانو الذي يعتمد بالأساس على درجات ثابتة وهي كمحاولة لأداء الأبعاد النغمية العربية باعتماد النسب الرياضية في قسمة الأبعاد اللحنية.

في الإطار نفسه يتحدّث «جون دورينغ» Jean DURING، عن مسألة التوجّها ت الموسيقية بكونها عنصر مرتبط أساسًا بالذائقة الموسيقية التي تتأثر مباشرة بعامل الحداثة، حيث نجد في هذا الشرح مقارنة بين مسألة الحداثة في الموسيقى الغربية والحداثة في موسيقات العالم الاسلامي، ليستخرج من هذه المقارنة المراحل الأساسية في التوجّه الموسيقي التقليدي والتوجّه الموسيقي الحداثي من خلال هذين المسلكين73:

- المسلك التقليدي :

استقرار التقاليد إعادة انتاج النماذجمستوى تقليدي

- المسلك الحداثي:

الفكر التقدّمي خلق نماذج جديدة مستوى فنّي

إنّ ما يؤكّده الباحث في هذين المسلكين هو غياب الصيغة التوفيقية في العمل الموسيقي، إذ يقتصر على تقديم المسلك التقليدي في صيغة جامدة غير قابلة للتجديد أو الانصهار في بعض العناصر المستحدثة، وفي المقابل كذلك يقدّم المسلك الحداثي على أنّه عمل مجرّد من كل عناصره المرجعية وبالتالي الانسلاخ من العناصر ذات النفس التراثي. إلاّ أنّ ذلك يتنافي مع واقع العملية الابداعية، إذ يمكن للعمل أن يندرج ضمن إنتاجات ترتكز على طرق جديدة في توظيف العناصر الفنية المجسّمة للتراث مع وجود لعناصر فنية أخرى مميّزة لمدارس أجنبية، مع ضرورة أن لا تتضارب مع العناصر ذات الخصوصية المرجعية74.

إنّ مختلف هذه التيارات والتصنيفات تُفرز عدّة تفرّعات في الهويات واللهجات الموسيقية، وبالتالي تصبح مسألة تحديد الهوية الموسيقية لأي عمل موسيقي عربي خاضعةً إلى عدّة مقاييس تقنية حسب الخصوصيات التراثية والمستحدثة الواردة في الأثر.

2) الهوية الثقافية واللهجة الموسيقية:

من خلال تحوّلات المشهد الموسيقي العربي المعاصر

في إطار ما قمنا بتقديمه في بداية هذا المبحث من جرد عام للوضع الموسيقي العربي أمام التحوّلات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تضع الخطاب الموسيقي العربي في مواجهة مستمرّة عبر مختلف الفترات التاريخية، فإنّ هذه التحوّلات شملت عدّة عناصر موسيقية تقنية بحتة لذا فإنّه من الضروري كذلك التعرّض إلى مسألة الهوية الموسيقية المساهمة في تحديد تموقع الأعمال الموسيقية بين التراث المشرقي والحداثة الغربية.

إنّ جلّ ثقافات العالم وعلى وجه الخصوص الثقافة العربية توضع في مُواجهة مُستَمِرة مع ثقافات وحضارات أخرى، فإنّ الإنتاج الموسيقي العربي المعاصر يضعنا أمام مجموعة من الهويات الثقافية الموسيقية، وعلى عكس ما يُقال أنّ الموسيقى هي لغة عالمية تشترك فيها جُلّ شعوب العالم، فإنّه في حقيقة الأمر هي مجموعة لغات تختلف من حيث الهويات واللهجات الموسيقية75، وبالتالي فإنّ هذا الاعتقاد خاطئ لأنّ الموسيقى تمثّل عاملا مشتركا فقط من ناحية الأساس والمبدأ على أنّ الموسيقى تمثّل «فن تنسيق الأصوات بصورة محبذة للأذن»76. وانطلاقا من الواقع المعاصر أصبح من الصعب تحديد مفهوم واضح للهوية الموسيقية وبالتالي إشكالية في تحديد اللهجات الموسيقية من خلال تعدد المعايير وتفرّعها.

- إشكالية تحديد الهوية في الخطاب الموسيقي العربي المعاصر:

إنّ التراث الموسيقي هو رمز للهوية ويحيل هذا الأخير إلى: «العناصر التي تجعل الشئء مطابقًا لذاته، وتميّزه عن غيره»77، وبما أنّ تراث اليوم سيكون حتماً مغايراً لتراث الغد، فإنّ الهوية هي أيضاً ستكون مُتحوّلة، لكن عن طريق تراكمات فنية لمختلف الفترات التاريخية، أما ما تعيشه الأقطار العربية في الفترة الراهنة يمثّل ازدواجية تجمع بين عنصر الهوية المتصل باللهجة الموسيقية المتأصّلة والانفتاح الثقافي.

فمن حيث الممارسة الموسيقية المعاصرة يمكن في حدّ ما للعناصر الأدائية أن تؤثّر وبشكل مباشر على الهوية الموسيقية العربية من خلال إدراج عناصر تقنية دخيلة بصفة تجعلها تتفاعل بشكل سلبي، على أنّ الهوية الموسيقية تُعطي صفة الانتماء الثقافي والحضاري انطلاقاً من العناصر المحلية للخطاب الموسيقي وهي الإحساس أو الصفة التي يطلقها الموسيقي على نفسه،

«وهي الوعي الذاتي الذي من خلاله يريد أن يكون أو يؤسس لنفسه كياناً (فردياً أو جماعياً) تكون فيه الخصوصية الموسيقية مميّزة له مع الآخرين، كما أنّ الهوية هي تخيّلات فردية تجعل من الموسيقي يُفكّر ماذا يريد أن يكون وماذا يطمح أن يكون دون أن ينسى في الظاهر والباطن ماذا كان، وهي بذلك تطرح قضية الانتماء الثقافي من منطلق موسيقي»78.

وانطلاقاً من الفعل الموسيقي وعلاقته بالهوية، فإنّ الهوية الثقافية تكرّس صفة التميّز والمحليـة :

« كما أنّها تمثل وعيا للذات والمصير الواحد من موقع الحيز المادي والروحي الذي نشغله في البنية الاجتماعية وبفعل السمات والمصالح المشتركة التي تحدد توجّهات الناس وأهدافهم لأنفسهم ولغيرهم وقد تدفعهم للعمل معاً في تثبيت وجودهم والمحافظة على منجزاتهم وتحسين وضعهم في التاريخ (...) الهوية هي وعي الإنسان وإحساسه بانتمائه إلى مجتمع أو أمّة أو جماعة أو طبقة في إطار الانتماء الإنساني العام»79.

إلاّ أنّها تمثّل مفهوما ظرفيا متحوّلا حسب الوضع الاجتماعي والسياسي وغيره من الجوانب المؤثّرة، لذا فهي تجمع بين عنصرين وهما الثابت وهو الأصل والمرجع الذي يمكن له أن يكون التراث الجماعي ومختلف المكوّنات المحلية التي تميل إلى الثبات-التي تنساق في تغيّر بطيء حسب الفهم والتأويل ولكنّها تبقى أقلّ تأثراً بالمتغيّرات- أمّا المتحوّل هو كلّ العناصر والجزئيات الفنية التي تتحوّل حسب الواقع الثقافي وعلاقته بالظرفية الزمانية80، ومهما تشابهت اللغات الموسيقية فإنّ الهوية (بعناصرها الفرعية) تمثّل دائما مقياس التمييز، لأنّ مبدأ الهوية يكمن في إبراز عنصري التميّز والاختلاف، لأنّ التعبير الفني عموماً يكون من خلال أشكال فردية محلية تتفرد بها مجموعة تكون شديدة الخصوصية عن أي هوية ثقافية أخرى81.

انطلاقًا من الرسم البياني82 المصاحب يمكن وضع مختلف العناصر (المتحوّلة والثابتة) الفاعلة في تكوين الهويّة الموسيقية وذلك حسب العلاقة الهرمية التي تجمعها ومدى قدرتها على إظهار التميّز والاختلاف، إنّ مجمل هذه العناصر غير كافية لتحديد مركّبات الهوية الموسيقية، وذلك يعود أساسًا لاختلاف الهويات حسب المرجعيات، مع إشارة إلى إمكانية ظهورها في صيغ وصور وأشكال عديدة ومختلفة :

إنّ الهوية الثقافية من زاوية الممارسة الموسيقية تعيش ازدواجية تجمع بين تيار يجرّ بالعملية الإبداعية العربية نحو ما هو حافز للارتقاء وهو المسار الحداثي، والتيار الثاني الذي يكون متشددا مع كلّ ما هو مرتبط بالهوية الثابتة والمحافظة على الموروث الثقافي، وبذلك تبني صفة الإلغاء والإقصاء، والغاية منها التأصّل والمحافظة دون مجابهة التحوّلات الثقافية التي تشهدها شعوب العالم بجميع انتماءاتهم، كما أنّ هذا التيار وفي جانبٍ منه نجده مساهماً في مناهضة التنميط الثقافي، وعليه فإنّ التشبّث بالهوية الثقافية يساعد على التعددية الثقافية بمفهوم الاختلاف في الرؤى الثقافية، وبالتالي التنوّع على مستوى الموروث الخاص بكل قطر أو جهة، كما أنّ مسألة المحافظة على الهوية يمكن لها أن تتصل بعوامل خارجية يفرضها الجانب السياسي، الذي يعطي صبغة الثقافة المهيمنة على الثقافة المتقبّلة، غير أنّ الهاجس الذي يحمله المفكّر والمبدع العربي المعاصر يتنزلّ أساسا في ضرورة تأكيد الهوية الثقافية المحلية والتفكير في الإشعاع العالمي، وبالتالي المحاولة لإعادة المميزات التراثية من خلال القراءة والتأويل من منطلق الواقع وبذلك التحيين التراثي.

إنّ كلّ هذه التجاذبات في الآراء حول مسألة الهوية الثقافية في الممارسة الموسيقية العربية المعاصرة ساهمت في بروز تنوّع واختلاف على مستوى الخطاب الموسيقي، حيث تعدّدت العناصر التقنية المدمجة في الجانبين النظري والتطبيقي، فمن خلال هذا الرسم البياني يمكن تحديد الأنماط الثقافية الموسيقية العربية المعاصرة حسب التوجّهات وعلاقتها بالهوية الموسيقية العربية: انظر (رسم بياني 3)

فمن خلال هذا الرسم البياني يمكن تحديد الهوية الموسيقية العربية في ثلاثة تفرّعات أساسية وهي:

الهوية الموسيقية العربية الموروثة والهوية الموسيقية العربية المستحدثة والهوية الموسيقية العربية التراثية، وانطلاقاً من هذه الأقسام يمكن وضع تصنيف للأعمال الموسيقية من خلال بالاستناد على الرسم البياني السابق.

يبرز لنا هذا الرسم مدى صعوبة تصنيف الأعمال الموسيقية وإخضاعها إلى تفرّعات الهوية، كما يظهر لنا هذا الرسم سهولة التمازج بين مختلف العناصر ذات المرجعية المحلية والعناصر ذات المرجعية الأجنبية والتي تنصهر بصفة تلقائية في الأثر الموسيقي.

إنّ المقاييس المعتمدة في تحديد الهويّة الموسيقية العربية تعود بالأساس إلى العناصر الداخلية التقنية (موسيقية بحتة) التي يمكن استخراجها عن طريق التحليل والتعمّق في مختلف الأجزاء المكوّنة للأثر بالاعتماد على النظام المقامي والبنية الإيقاعية وطريقة الأداء والأجراس المعتمدة.

إنّ الخطاب الموسيقي العربي يفرض على المبدع اعتماد صفة التوازن بين هذه الأقسام الثلاثة، أي الجمع بين العناصر التراثية (من خلال توظيف عناصر موسيقية متأصّلة تكرّس مبدأ الانتماء وبالتالي المحافظة على الهوية واللهجة الموسيقية المحلية) والعناصر الموسيقية الجديدة تكون هي أيضاً مساهمة في الحفاظ على مبدإ الهوية الموسيقية، كما أنّ هذا الرسم البياني بأبعاده الثلاث يضع العمل الموسيقي في طور متحوّل غير ثابت قابل للتقبّل السريع والاندماج مع مختلف التأثيرات والإضافات.

 

الهوامش

1. BEN ABDELRAZZEK (Seif Allah), Les orchestres arabes modernes influences de l’organologie occidentale et problème d’acculturation, thèse de doctorat, Université Sorbonne Paris 4, 1999, p. 215.

- "L’expédition française fut également à l’origine du déclenchement d’un lent processus d’acculturation, ce Phénomène conséquent au choc des deux cultures : occidentale et l’orientale ".

2. Voir : L’idée modernistes : le cas d’Egypte

- QASSIM HASSAN (Shahrazade), Tradition et modernisme : le cas de la musique arabe au proche-orient, in : L’Homme, N°.171/172, musique et anthropologie, 2004, pp. 353-369. URL :www.jstor.org/stable/27976191.

3. راجع : أبو رزيق (محمّد)، من التأسيس إلى الحداثة "في الفن التشكيلي العربي المعاصر"، الط.1، عمّان، دار فارس للنشر والتوزيع، 2000، ص. 16.

- التيمومي (الهادي)، في أصول الحركة القومية العربية 1839-1920، الط.1، دار محمد علي للنشر، 2002، ص. 50 - 51.

4. يقدّر بعض المؤرّخين أنّ الحملة البونابارتية على مصر ضمّت 4 مهندسين عمرانيّين و4 علماء فلك و3 علماء صيدلة و12 طبيباً وجرّاحاً و15 أديباً وعالم اقتصاد وعالم آثار و9 فنّانين وموسيقيّين و8 كيميائيّين و10 مستشرقين و15 مهندساً جغرافياً و15 مهندساً في قيس الأراضي و21 ميكانيكياً و5 مهندسين في صناعة السفن و18 مهندساً في الجسور والطرقات و4 علماء في المعادن و5 علماء في النّبات و8 غير معروفي الاختصاص و6 خبراء في الطباعة.

5. بوقربة (عبد المجيد)، التراث والحداثة "الحداثة بوصفها أعادة تأسيس جديد للتراث"، الط.1، دار الطليعة للطباعة والنشر، 1993، ص. 21.

- راجع كذلك :

- LECLERC (Gérard), la mondialisation culturelle civilisation à l’épreuve, presse universitaire de France, Paris, 1ere édition, 2000, P500. (l’expédition de l’Egypte et la naissance de l’islamologie)

6. BEN ABDELRAZZEK (Seif Allah), Op.Cit., p. 216

- QASSIM HASSAN (Shahrazade), Op.Cit., p. 360.

- الجميعي (عبد المنعم ابراهيم)، تطوّر الموسيقى والطرب في مصر الحديثة، الط.1، الجيزة، مطبوعات بريزم الثقافية، وزارة الثقافة المصرية، 2005، ص. 30-31. (الفصل الثاني: تطوّر الموسيقى والطرب من عصر محمد على إلى عصر اسماعيل.)

- BEN ABDELRAZZEK (Seif Allah), Op.Cit, p. 221.

- إضافةً إلى أنّ فترة الخديوي إسماعيل باشا اتسمت باكتساح الأنماط الموسيقية المتقنة والتي يسميها البعض المدرسة الخديوية. انظر:

- LAGRANGE (Frédéric), musiciens et poètes en Egypte au temps de la nahda, Université de paris 8 Saint- Denis, thèse de doctorat, 1994 p. 63.

- (L’apparition de l’école khédiviale)

7. HICKMANN (H), Abrégé de l’histoire de la musique en Egypte, in : Revue de musicologie, T.32., N° 93-94, 1950, p. 18. URL : www.jstor.org/stable/925076 consulté le 28/06/2013.

- " Le pays d’Egypte recommence à jouer un rôle dans le développement de la musique orientale, c’est ici, à l’entrecroisement entre l’est et l’ouest que les divers mouvements culturels (…) donnent de nouvelles impulsion à la musique en Egypte"

- راجع كذلك:

- _VIGREUX (Philippe), " Centralité de la musique égyptienne ", in : Égypte/Monde arabe,Première série, Perceptions de la centralité de l’Égypte 1, [En ligne], mis en ligne le 08 juillet 2008.

- URL : http://ema.revues.org/1157. Consulté le 22/11/2013.

8. BERQUE (Jacques), Langages Arabes du Présent, Coll. Bibliothèque des Sciences Humaines, Ed.Gallimard, 1974, p. 237.

- " aux yeux de Tawfîq al-H´akîm, " cette musique ancienne, cette musique que l’on appelle orientale, n’est qu’une musique de soirées, née dans les réunions, les beuveries et les veillées nocturnes, alors que la musique occidentale est née au contraire dans un milieu de sérieux, de tragique "

9. لمزيد التعمّق في هذا المسألة انظر:

- BERQUE (Jacques), Langages Arabes du Présent, pp. 237-240.

10. انظر :

- FARMER (Henry-George), Historical Facts for the Arabian Musical Influence, pp. 2-38.

- (Chp 1 : The arabian influence – 1.The political Contact – 2. The literary and intellectual contact)

11. قطاط (محمود)، التثاقف بين الموسيقى العربية والموسيقى التركية، الحياة الثقافية، ع. 30، تونس، وزارة الثقافة، 1984، ص. 148 - 149.

- تحدث أيضاً فريديريك لاغرانج عن التبادل الذي حصل بين مصر وتركيا في الفترة التي سبقت محمد على باشا، والتي يقول فيها لاغرانج : "على مدى قرن (أي القرن التاسع عشر) جاءت ثلّة من الموسيقيين العثمانيين لإثارة النخبة (أي الموسيقيين المحليين) وكذلك للتبادل بعلومهم مع العازفين المحليين، ويتجلّى هذا من خلال الفرق الموسيقية التركية التي عرفها المصريون قبل محمد علي، مثل فرق المحتار للموسيقى العسكرية. "انظر :

- LAGRANGE (Frédéric), Musiciens et Poètes en Egypte au temps de la nahda, pp. 55.

- "Tout au long du siècle, des musiciens Ottomans prestigieux affluent à la cour du Caire pour divertir l’élite, mais aussi peut partager leur science avec les âlâtiyya locaux. Au mois un aspect de la musique turque était connu des égyptiens avant muhammad Alî : les orchestres des janissaires. "

12. مفهوم الموسيقى العربية يشمل مختلف موسيقات العالم العربي والإسلامي التي تتفرع حسب انتماءاتها الجغرافية وخصوصياتها الموسيقية من لهجات وايقاعات ونغمات وغيرها، كما تشترك في عدّة خصوصيات موسيقية تقنية لعلّ من أهمها مفهوم المقام والخصوصيات التعبيرية الأخرى، ونحن نقصد هنا بمصطلح الموسيقى العربية جلّ موسيقات العالم العربي التي واكبت مختلف أشكال الاتصال مع الموسيقى الغربية (الأوروبية) في التاريخ المعاصر، لمزيد من التفاصيل راجع العناوين التالية:

- قطاط (محمود)، التراث الموسيقي العالمي: ثراء وتحوّل، ص. 5 - 26. تصدير كتاب:

- الزواري (الأسعد)، المقامات الشرقية في الموسيقى التونسية المعاصرة، تونس، مركز النشر الجامعي، 2008، ص 342.

- سحّاب (فيكتور)، أثر البيئة الجغرافية والبشرية والتاريخية في الموسيقى العربية، مجلّة البحث الموسيقي، المج. 5، ع.1، الأردن، المجمع العربي للموسيقى، 2006، ص.71 - 93.

- الخولي (سمحة)، حصاد القرن العشرين في الموسيقى، حصاد القرن: المنجزات العلمية والانسانية في القرن العشرين، المج.2، عمّان - الأردن، مؤسسة عبد الرحمان شومان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008، ص.196 - 205.

- _SAKLI (Mourad), Musique néo-traditionnelle arabe et contexte identitaire, le concept d’intonation musical,in : Congrès des musiques arabes dans le monde de l'islam, 2007, pp.1-4. (le concept de la musique arabe)

- SAKLI (Mourad), Musiques du Monde arabe, caractéristiques techniques communes, communication scientifique, Sidi Bousaid, Tunis, Centre des Musiques Arabe et Méditérranéennes, 1998,15 p. (version numérique)

- TOUMA (Habib Hassan), La musique arabe, Trad. Christine Hétier, Paris, Buchet/Chastel, 1977, p. 9-11.

13. قطاط (محمود)، الموسيقى أحد أهم مظاهر الهوية وتأكيد الذات، ، القاموس النقدي للهويات الثقافية واستراتجيات التنمية بتونس، المخبر الوطني للبحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية، وزارة التعليم العلي والبحث العلمي، 2007، ص. 3.

14. الصقلي (مراد)، الموسيقى التونسية وتحديات القرن الجديد، تونس، بيت الحكمة، 2008، ص.40.

15. سحاب (الياس)، الموسيقى العربية في القرن العشرين "مشاهد ومحطات ووجوه" ، الط. 1، لبنان، دار الفارابي، 2009، ص. 111.

- راجع كذلك: إيجابيات وسلبيات طرأت على الموسيقى العربية في: قطاط (محمود)، راهن الموسيقى العربية وتحدّيات العصر، الحياة الموسيقية،ع. 33، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب،2004، ص. 31. (الملحق الثالث للمقال)

16. محمد عابد (أمل جمال الدين)، تقاسيم آلة القانون بين التقليدي والمستحدث، الحياة الموسيقية، ع. 35، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2005، ص. 84.

17. الدعوة إلى الموسيقى، عالم المعرفة، عدد 46، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أكتوبر 1981، ص. 173.

18. راجع في هذا الصدد :

- الرشيد عبد القادر (يوسف)، الموسيقى العربية ومتطلبات العصر، عالم الفكر، المج.27، ع. 2، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1998، ص. 201.

19. الرشيد عبد القادر (يوسف)، العنوان السابق، ص. 202.

20. السحاب (الياس)، العنوان السابق، ص. 87 - 90؛ 92 - 93.

21. لمزييد التوسّع في هذا الموضوع، راجع:

- الشريف (صميم)، الدور الكبير لمحمد القصبجي في تجديد الموسيقى العربية، الحياة الموسيقية، ع.1، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1992، ص.57 - 71.

- السحاب (سليم)، سيّد درويش وبعض تجديداته، تراث الموسيقى، ع.1 (عدد خاص)، القاهرة، المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2002، ص. 26 - 27.

- عبد السمع (ماجد)، سيّد درويش المدرسة التعبيرية والغناء العربي، تراث الموسيقى، ع.1 (عدد خاص)، القاهرة، المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2002، ص.34 - 37.

22. انظر : الماجري (محمد)، التأليف الموسيقي العربي المعاصر"جدلية التأثر والتأثير"، ص. 38-54.

23. QASSIM HASSAN (Shahrazade), Op.Cit., pp. 363-364. (Le prototype de l’orchestre arabe moderne)

- ترجّح بعض المصادر حول مسألة التمازج بين الآلات العربية والغربية إلى أنّ أوّل ظهور لآلة الكمنجة في التخت العربي كان انطلاقاً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر. راجع :

- BELLEFACE (jean-François), TURAT, classicisme et variété : les avatars de l’orchestre oriental au caire au début du XXeme siècle, in : bulletin d’étude orientale, T.39/40, (1987-1988), p. 42. URL :www.jstor.org/stable/41604720. Consulté le 28/06/2013.

- TOUMA (Habib Hassan), La musique arabe, Trad. Christine Hétier, Paris, Buchet/Chastel, 1977, pp. 112-113.

- SAKLI (Mourad), La chanson tunisienne analyse technique et approche sociologique, T.1, thèse de doctorat, université Sorbonne Paris4, 1994, pp.196-198; 202;204-208.

- القرفي (محمد)، دور الكمان في تطوير الموسيقى العربية، الحياة الموسيقية، ع. 39، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامّة للكتب، 2006، ص.15 - 21.

24. SHILOAH (Amnon), la musique dans le monde de l’islam " etude socio-culturelle ", Paris, Fayard, les chemins de la musique, 2002 , p. 237.

- "Le modèle du grand orchestre de l’Ouest, (…) suscita la mise en place d’un corps musical impressionnant qui prit la place de l’ensemble d’autre fois, petit et intime, composé de quatre ou cinq instrumentistes qui, traditionnellement, soutenaient la voix du chanteur. Il arriva que ces nouveaux ensembles reprennent des combinaisons instrumentales traditionnelles, mais ils empruntaient essentiellement à l’occident : s’y greffèrent ainsi guitare, accordéon, banjo, contrebasse, bongos et un pupitre de violons qui devint le cœur de l’ensemble."

25. يتحدث لاغرانج عن وجود فرق تمزج بين الآلات العربية وعدد كبير من الآلات الغربية مع تأكيده على وجود آلة الهارمونيوم، حيث كانت هذه الفرق الموسيقية تؤدي خاصّةً الأعمال المسرحية لشيخ سلامة حجازي والتي كان معظمها يرد في مقامات يمكن لها أن تؤدّى بآلات غربية المعدّلة، لمزيد التعمّق أكثر في هذا المبحث انظر :

- LAGRANGE (Frédéric), Musiciens et Poètes en Egypte au temps de la nahda, p. 86.

26. راجع في هذا السياق :

- LAGRANGE (Frédéric), Musique d’Egypte, Paris, Actes sud, 1996, p. 76. (L’école de la nahdha).

- POCHE (Christian), " De l’homme parfait à l’expressivité musicale. Courants esthétiques arabes au XXe siècle ", in: Cahiers d’ethnomusicologie, N°7, 1994, pp.4-6. (Le comcept d'art-fann)

27. إلاّ أنّه وقد ورد في بعض المصادر التي تعنى بتاريخ نشأة المسرح الموسيقي على أنّه اقترن في البداية مع أحمد أبو خليل القباني 1840 - 1902 الذي سبق له أن تطرّق إلى العروض المسرحية الموسيقية من خلال دمجه لمختلف التواشيح العربية في الأعمال المسرحية : " لقد سعى القباني إلى تقوية البناء المسرحي عنده بالموسيقى والإنشاد والرقص، فكانت النتيجة العملية لكل هذا نشأة البراعم الأولى لفن الأوبريت في البلاد العربية بشكله الفني المتقن (...) لقد جمع القباني لأوّل مرّة بين الغناء والموروث والأدب العربي والتمثيل في وحدة متكاملة يلتقي فيها الرقص مع الانشاد الفردي والمجماعي مع الشعر مع التراث القصصي واستحق بذلك لقب مؤسس المسرح الموسيقي العربي". انظر :

- عبد الله (علي)، المسرح الموسيقي العربي، الط.1، الأردن، دار آلية للنشر والتوزيع، 2011، ص. 96.

- الحفني (محمود أحمد)، الشيخ سلامة حجازي "رائد المسلرح العربي"، الط.1.، القاهرة، دار الكتاب العربي للنشر والطباعة، 1968، ص. 241.

28. انظر العنوان التالي:

- LAGRANGE (Frédéric), Musiciens et Poètes en Egypte au temps de la nahda, p. 177.

29. سحاب (الياس)، العنوان السابق، ص. 124.

30. انظر : فتحي (محمد)، إدماج الآلات الغربية في الموسيقى العربية "بين أنصار الفكرة ومعارضيها"، مجلّة الموسيقى، ع. 2، القاهرة، المعهد الملكي للموسيقى العربية، 1935، ص. 11-14.

31. رئيس لجنة الآلات الموسيقية في مؤتمر الموسيقى العربية المنعقد في القاهرة لسنة 1932.

32. JARGY (Simon), La musique Arabe, 2éme éd, coll. Que sais-je ?, n°436, Paris, presses universitaires de France, 1977, p. 85.

- " L’époque d‘Abd al-wahhāb et d’um kulsūm a vu déferler sur le monde arabe une nouvelle vague de pénétration musicale européenne (…) cette offensive se manifeste surtout par l’entrée de certain instruments occidentaux dans les orchestres traditionnels, il en résulta, à partir du Iér congrès de musique, une confusion dans les esprits qui devait appeler de nouvelles initiatives."

33. راجع :

- بن عبد الجليل (عبد العزيز)، الآلات الموسيقية بين الإستغراب والإستعراب، الحياة الموسيقية، ع .45، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2008، ص. 48.

34. المصدر نفسه، ص. 48.

35. SHILOAH (Amnon), Op.Cit., pp. 231-232.(Chapitre III. L’avènement de courants nouveaux)

- " Cela se produisit surtout pour la classe dirigeante et les élites, tout en Turquie qu’on Iran, en Egypte, au Liban, e, Irak, et e, Asie centrale, le sultan selim II, et son cousin Mohamud II de Turquie, le Shah Nasred-Din en Iran, et Mohammad ‘Alī en Egypte, chacun à son époque et dans son royaume respectif, étaient convaincus de la nécessité d’entreprendre des réformes, ces monarques estimaient que l’unique modèle digne d’être adopté était celui des institutions occidentales, piliers de la supériorité européenne (…) en régle générale, ces réformes touchaient en premier lieu le monde militaire : onétait profondément convaincu que le survie de la nation dépendait de l’adoption rapide de l’art."

- راجع كذلك:

- _LAGRANGE (Frédéric), musiciens et poètes en Egypte au temps de la nahda, pp. 57-59.

- (la place de la musique occidenatale).

- _SHILOAH (Amnon), Op.Cit., p. 233. (modernisation et occidentalisation de la musique)

36. JARGY (Simon), Op. Cit., pp. 72-73.

- "C’est d’ailleurs la musique militaire qui l’intéresse en premier chef : dés 1824, il crée la 1ére école de musique militaire pour la 1ére fois, la fanfare faisait son apparition en terre arabe."

- انظر في نفس السياق:

- _LAGRANGE (Frédéric), Musique d’Egypte, pp. 70-74. (L’apport musical étranger)

- راجع كذلك:

- _قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية،ص. 54. (حول التغرّب في الموسيقى العربية والأخذ بأسباب العصر)

- _ سحاب(الياس)، الموسيقى العربية في القرن العشرين "مشاهد ومحطات ووجوه"، الط.1، لبنان، دار الفارابي، 2009، ص. 109-110. (المرحلة المعاصرة في مصر انطلاقاً من حكم محمد علي الكبير والخديوي اسماعيل وفؤاد الأوّل)

- _الخولي (سمحة)، القومية في موسيقى القرن العشرين، عالم المعرفة، ع. 162، كويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1990، ص.227. (أصداء القومية في الشرق: مصر)

- _BEN ABDELRAZEK (Seif Allah), Op. Cit., p. 84. (Les écoles de musique militaire en Egypte)

37. لمزيد التعمّق في هذه المسألة انظر:

- _كتاب مؤتمر الموسيقى العربية (القاهرة 1932)، القاهرة، المطبعة الأميرية، 1933 (تقرير الجنة الرابعة الخاصة بالآلات الموسيقية، ص. 293.)

38. انظر:

- _السحاب (إلياس)، العنوان السابق، ص. 125-126. (قصّة الآلات الأوروبية في الموسيقى العربية)

- _BEYHOM (Amine), op.cit., pp. 7-9. (Rappel sur les instruments et sur certaines particularités techniques de la musique arabe)

39. بن عبد الجليل (عبد العزيز)، العنوان السابق، ص. 49.

40. راجع كذلك:

- صميم (الشريف)، البيانو الشرقي، الحياة الموسيقية، ع. 4.3، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1993، ص. 218-226.

41. انظر :

- LAGRANGE (Frédéric), Musiciens et Poètes en Egypte au temps de la nahda, p. 184.

42. نذكر هنا تجربة Alois Haba الذي قام بتجزئة السلّم الموسيقي إلى أبعاد جزئية تصل إلى حدّ الستّة أعشار: انظر،

- ALOIS (Haba), Fantasie N°2 " For quater-Tone PianoForte Op.19 Pour piano à quart de ton ", London, Universel-Edition, 1925, p. 3.

- راجع كذلك مختلف الرموز التي اعتمدها جلّ الموسيقيين الغربيين بدايةً من سنة 1893 الذي عمل على وضع طريقة تدوين جديدة لآلة البيانو ذات ربع البعد:

43. GOUBAULT (Christian), vocabulaire de la musique à l’aube du XXéme siècle, Coll. Musique ouverte, Paris, Minerve, 2000, pp. -9899.

- _السحاب (فكتور)، السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة، الط.1، بيروت، دار العلم للملايين، 1987، ص. 46.

- تطرّق هنا الكاتب إلى تجربة إميل العريان في اختراع بيانو عربي وذلك بالتعرّض إلى مختلف الاشكاليات التي واجهها العريان لادماج هذه الآلات حيث أنّ هذه الآلة لم تكن قادرة على أداء اللحن العربي إلاّ في حدود ضيّقة، بالإضافة إلى ذكر تجارب أخرى تعود إلى عبد الله شاهين في مصر ووجيهة عبد الحق في دمشق حيث تضمّنت تجربنها صناعة بيانو شرقي يحتوي ديوانه على جميع الأرباع الاثني عشر المعدّلة.

44. كتاب مؤتمر الموسيقى العربية (القاهرة 1932)، ص. 397.

45. طنوس (يوسف)، المصطلحات في الموسيقى العربية "مشروع الحداثة"، الحياة الموسيقية، ع. 46، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2008، ص. 9.

46. طنوس (يوسف)، العنوان السابق، ص. 10.

47. طنوس (يوسف)، العنوان السابق، ص. 12.

- راجع كذلك في نفس السياق:

- الورتاني (عزيز)، منهج التحليل الموسيقي العربي واشكالية ترجمة المصطلحات التقنية، مداخلة علمية في ندوة الترجمة في المعارف الموسيقية والموسيقولوجية، الجمعية التونسية للبحث في الموسيقى والعلوم الموسيقية، مركز الموسيقى العربية والمتوسّطية، 6 و 7 ماي 2014.

- تطرقنا من خلال هذه الدراسة إلى اشكالية تعدد ترجمة المصطلح العلمي المختص في مجال العلوم الموسيقية وبالتحديد في منهج التحليل الموسيقي الخاص بمؤلّفات موسيقى عربية، كما أوردنا في نفس السياق مشكلة توحيد المصطلحات العلمية المترجمة واختلافها من حيث السياق والمعنى والصورة الذهنية.

48. طنوس (يوسف)، العنوان السابق، ص. 14.

49. SAADÉ (Gabriel), l’histoire de la musique arabe, in : Bulletin d’études orientales, T.45, 1993, p. 213.

- URL: www.jstor.org/stable/40591371.

- " la musique arabe ne peut plus, à elle seule, nourrir l’âme de l’auditeur et capter son attention. Toute la musique arabe, dont les bases ont, été jetées par Mohammad Osmân et abdo al-hamouli, est éloignée des éléments de pensées, de la médiation et du cerveau, le chant n’est plus qu’un accessoire (…) des réjouissances. La musique arabe ignore l’harmonie et la diversité que procure l’orchestration. Pour le faire progresser, il faut lui inoculer les éléments de la musique occidentale. "

50. السحاب (سليم)، الموسيقى العربية والهارموني، الحياة الموسيقية، ع. 9، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1995، ص. 25.

51. قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية، ص.57.

52. انظر:

- JARGY (Simon), Op.Cit., p.72. (Chapitre 3.1. Formes traditionnel et impact européen au XIX siècles)

53. انظر :

- AYARI (Mondher), l’écoute des musiques arabes improvisée " essai de psychologie cognitive de l’audition ", Paris, Harmattan, 2003, pp. 241-251. / (Chapitre IV: Penser la musique arabe moderne)

54. الخميسي (فتحي)، ثنائية العقل الموسيقي العربي، الحياة الموسيقية، ع. 39، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب،2004، ص. 9.

55. BEYHOM )Amine), " Des critères d'authenticité dans les musiques métissées et de leur validation: ", in : Filigrane [En ligne], N°5, Musique et globalisation, p. 10.URL: http://revues.mshparisnord.org/filigrane/index.php?id=168

- " Pour les compositeurs :

- 1. Employer largement les règles de l'harmonie occidentale adaptées à notre musique.

- 2. Utiliser au besoin les formes occidentales : suite, sonate, etc.

- 3. Employer les instruments orientaux.

- Pour les Instrumentistes :

- Acquérir une technique analogue à la technique occidentale.

- Pour les théoriciens :

- Codifier les règles de notre musique et fixer ses gammes.

- Pour les gouvernements arabes :

- 1. Fortifier les branches orientales dans nos conservatoires où les études doivent être rationnelles, et neplus séparer par une cloison étanche l'enseignement des deux branches occidentale et orientale.

- 2. S'occuper de la fabrication d'un piano arabe indispensable à des expériences futures "

56. راجع :

- القدسي (محمد كامل)، علم النفس الموسيقي ومبادئ علم الاجتماع الموسيقي في خدمة الموسيقى العربية وتطورها، الحياة الموسيقية، ع. 12، سوريا، وزارة الثقافة، 1996، ص. 20.

57. التريكي (منير)، الخطاب الموسيقي مؤشّرًا على الهويّة، كتاب أعمال المؤتمر الثاني حول الخطاب الموسيقي وسؤال الهويّة، صفاقس/تونس، المعهد العالي للموسيقى، وحدة البحث في تحليل الخطاب الموسيقي، 2014، ص. 60. / انظر العنصر 1.المقاربات الاجتماعية للخطاب الموسيقي (بتصرّف في النصّ الأصلي)

58. لمزيد التعمّق أكثر في هذه المسألة انظر:

- DURING (Jean), L’oreille et la voix de l’orient, in : Congrès des musiques dans le monde de l’islam, Assilah, 2007, 8 p. (version numérique)

- http://ligne13.maisondesculturesdumonde.org/sites/default/files/fichiers_attaches/during-2007.pdf

59. عاشور (أحمد)، التقنيات الحديثة في الموسيقى، الحياة الثقافية ع. 5، تونس، وزارة الشؤون الثقافية، 1978، ص. 109.

60. انظر :

- عيدون (أحمد)، الشروط الموضوعية لنجاعة النشاط الموسيقي على مشارف القرن الواحد والعشرين، الحياة الموسيقية، ع. 9، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1995، ص. 36 - 41.

61. قطاط (محمود)، راهن الموسيقى العربية وتحدّيات العصر، ص. 11.

62. قوجة (محمد)، تداخل المقوّمات الابداعية والعوامل الاجتماعية في تكييف ملامح وآليات الظاهرة الموسيقية، مجلّة البحث الموسيقي، المج. 5، ع.1، الأردن، المجمع العربي للموسيقى، 2006، ص.51 - 52.

63. راجع :

- الصقلي (مراد)، الموسيقى التونسية وتحديات القرن الجديد، ص. 22.

- الباب الأوّل: 2.في وضع التراث الموسيقي ومفهوم الموسيقى التراثية.

64. راجع العدد الأوّل من المجلّد الثالث لمجلة البحث الموسيقي الخاص بالصوتيات والإعلامية في الموسيقى العربية للمجمع العربي للموسيقى لسنة 2004.

65. الصقلي (مراد)، الموسيقى التونسية وتحديات القرن الجديد، ص. 24.

66. راجع : الورتاني (عزيز)، الكتابة الأركسترالية لآلة العود من خلال كونشرتو الأندلس لمارسال خليفة، بحث لنيل شهادة الماجستير في الموسيقى والعلوم الموسيقية، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2012، 341 ص.

67. بشّة (سمير)، الهوية والأصالة في الموسيقى العربية، ص. 113.

68. قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية، ص. 71.

69. قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية، ص. 72.

- في السياق ذاته يؤكّد الأسعد الزواري في معرض سياق حديثه عن ماهية الخطاب الموسيقي في خضم التحوّلات والتأثّر والتأثير على أهمية استغلال اللسان المقامي المتواتر من دون التعلّق بالنماذج الموسيقية الوافدة وأو لا يتقوقع حول نماذج مقامية مستهلكة والتي تمثّل قوالب أو صيغ جاهزة. وبالتالي غياب التجديد الايجابي الانسياق في كلّ ما هو ثابت. لمزيد التعمّق في هذا الموضوع، راجع:

- الزواري (الأسعد)، العنوان السابق، ص. 28-29.

70. قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية، ص. 80.

71. المصدر نفسه، ص. 87.

- راجع كذلك:

- GUETTAT (Mahmoud), La tradition musicale arabe, p.73. (Tradition et modernité dans la musique arabe)

72. AYARI (Mondher), Op.Cit., p. 76-78.

73. DURING (Jean), question de gout, "l’enjeu de la modernité dans les arts et les musiques de l’islam", in: cahier de musique traditionnelles, vol.7., esthétiques, 1994, p.43.

74. الصقلي (مراد)، الموسيقى التونسية وتحديات القرن الجديد، ص.59.

75. قطاط (محمود)، التراث الموسيقي العالمي: ثراء وتحوّل، تصدير كتاب:

76. الزواري (الأسعد)، المقامات الشرقية في الموسيقى التونسية المعاصرة، تونس، مركز النشر الجامعي، 2008، ص. 5.

77. قطاط (محمود)، الهويّة والإبداع في الموسيقى العربية، مجلة الوحدة، ع. 58-59، الرباط، المجلس القومي للثقافة العربية، 1989. ص. 1.(نسخة رقمية)

78. مقدّمة كتاب أشغال الندوة العلمية حول خطاب الهوية المنعقدة في إطار ربيع الرباط للثقافة الامازيغية، المغرب، الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، 2006، ص. 5.

- يمكن الإطلاع كذلك على:

- _بن نعمان (أحمد)، الهوية الوطنية : الحقائق والمغالطات، الجزائر، دار الأمّة، 1996، ص. 21.

79. بشّة (سمير)، أي معنى للهويّة في الموسيقى التونسية في خضم التحوّلات الثقافية والتكنولوجية الرقمية، القاموس النقدي للهويات الثقافية واستراتيجيات التنمية بتونس، وزارة العليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، جامعة تونس، 2007، ص. 61.

80. بركات (حليم)، الهوية "أزمة الحداثة والوعي التقليدي، الط.1، بيروت، لبنان، رياض الرايس للكتب والنشر، 2004، ص. 237.

81. انظر:

- _ الهرماسي (محمد صالح)، مقاربة في إشكالية الهويّة "المغرب العربي المعاصر"، الط.1، دمشق، دار الفكر، 2001، ص. 30. (الباب الأوّل / الفصل الأوّل: الهويّة الشاملة والخصوصية المغاربية: إلتقاء أم افتراق)

- _ DEFRANCE (Yves), " Distinction et identité musicales, une partition concertante ", in : Cahiers d’ethnomusicologie,N° 20, 2007, pp.9-27.

82. انظر:

- الهرماسي (محمد صالح)، العنوان السابق، ص. 20.

83. FERNANDO (Nathalie), " La construction paramétrique de l’identité musicale ", in: Cahiers d’ethnomusicologie, N°20, 2007, pp. 42. URL : http://ethnomusicologie.revues.org/250

 

• المصادر والمراجع

-

- أبو رزيق (محمّد)، من التأسيس إلى الحداثة "في الفن التشكيلي العربي المعاصر"، الط.1، عمّان، دار فارس للنشر والتوزيع، 2000.

- بركات (حليم)، الهوية "أزمة الحداثة والوعي التقليدي، الط.1، بيروت، لبنان، رياض الرايس للكتب والنشر، 2004.

- بشّة (سمير)، أي معنى للهويّة في الموسيقى التونسية في خضم التحوّلات الثقافية والتكنولوجية الرقمية، القاموس النقدي للهويات الثقافية واستراتيجيات التنمية بتونس، وزارة العليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، جامعة تونس، 2007.

- بن عبد الجليل (عبد العزيز)، الآلات الموسيقية بين الإستغراب والإستعراب، الحياة الموسيقية، ع .45، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2008.

- بن نعمان (أحمد)، الهوية الوطنية : الحقائق والمغالطات، الجزائر، دار الأمّة، 1996.

- بوقربة (عبد المجيد)، التراث والحداثة "الحداثة بوصفها أعادة تأسيس جديد للتراث"، الط.1، دار الطليعة للطباعة والنشر، 1993.

- التريكي (منير)، الخطاب الموسيقي مؤشّرًا على الهويّة، كتاب أعمال المؤتمر الثاني حول الخطاب الموسيقي وسؤال الهويّة، صفاقس/تونس، المعهد العالي للموسيقى، وحدة البحث في تحليل الخطاب الموسيقي، 2014.

- التيمومي (الهادي)، في أصول الحركة القومية العربية 1839-1920، الط.1، دار محمد علي للنشر، 2002.

- الجميعي (عبد المنعم ابراهيم)، تطوّر الموسيقى والطرب في مصر الحديثة، الط.1، الجيزة، مطبوعات بريزم الثقافية، وزارة الثقافة المصرية، 2005.

- الحفني (محمود أحمد)، الشيخ سلامة حجازي "رائد المسلرح العربي"، الط.1.، القاهرة، دار الكتاب العربي للنشر والطباعة، 1968.

- الخميسي (فتحي)، ثنائية العقل الموسيقي العربي، الحياة الموسيقية، ع. 39، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب،2004.

- الخولي (سمحة)، القومية في موسيقى القرن العشرين، عالم المعرفة، ع. 162، كويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1990.

- الخولي (سمحة)، حصاد القرن العشرين في الموسيقى، حصاد القرن: المنجزات العلمية والانسانية في القرن العشرين، المج.2، عمّان-الأردن، مؤسسة عبد الرحمان شومان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008..

- الرشيد عبد القادر (يوسف)، الموسيقى العربية ومتطلبات العصر، عالم الفكر، المج.27، ع. 2، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1998.

- الزواري (الأسعد)، المقامات الشرقية في الموسيقى التونسية المعاصرة، تونس، مركز النشر الجامعي، 2008.

- السحاب (سليم)، الموسيقى العربية والهارموني، الحياة الموسيقية، ع. 9، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1995.

- السحاب (سليم)، سيّد درويش وبعض تجديداته، تراث الموسيقى، ع.1 (عدد خاص)، القاهرة، المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2002..

- السحاب (فكتور)، السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة، الط.1، بيروت، دار العلم للملايين، 1987.

- سحّاب (فيكتور)، أثر البيئة الجغرافية والبشرية والتاريخية في الموسيقى العربية، مجلّة البحث الموسيقي، المج. 5، ع.1، الأردن، المجمع العربي للموسيقى، 2006.

- سحاب(الياس)، الموسيقى العربية في القرن العشرين "مشاهد ومحطات ووجوه"، الط.1، لبنان، دار الفارابي، 2009.

- السيسي (يوسف)، الدعوة إلى الموسيقى، عالم المعرفة، عدد 46، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أكتوبر 1981

- الشريف (صميم)، الدور الكبير لمحمد القصبجي في تجديد الموسيقى العربية، الحياة الموسيقية، ع.1، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1992.

- الصقلي (مراد)، الموسيقى التونسية وتحديات القرن الجديد، تونس، بيت الحكمة، 2008.

- طنوس (يوسف)، المصطلحات في الموسيقى العربية "مشروع الحداثة"، الحياة الموسيقية، ع. 46، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2008.

- عاشور (أحمد)، التقنيات الحديثة في الموسيقى، الحياة الثقافية ع. 5، تونس، وزارة الشؤون الثقافية، 1978.

- عبد السمع (ماجد)، سيّد درويش المدرسة التعبيرية والغناء العربي، تراث الموسيقى، ع.1 (عدد خاص)، القاهرة، المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2002.

- عبد الله (علي)، المسرح الموسيقي العربي، الط.1، الأردن، دار آلية للنشر والتوزيع، 2011.

- عيدون (أحمد)، الشروط الموضوعية لنجاعة النشاط الموسيقي على مشارف القرن الواحد والعشرين، الحياة الموسيقية، ع. 9، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 1995.

- فتحي (محمد)، إدماج الآلات الغربية في الموسيقى العربية "بين أنصار الفكرة ومعارضيها"، مجلّة الموسيقى، ع. 2، القاهرة، المعهد الملكي للموسيقى العربية، 1935.

- القدسي (محمد كامل)، علم النفس الموسيقي ومبادئ علم الاجتماع الموسيقي في خدمة الموسيقى العربية وتطورها، الحياة الموسيقية، ع. 12، سوريا، وزارة الثقافة، 1996.

- القرفي (محمد)، دور الكمان في تطوير الموسيقى العربية، الحياة الموسيقية، ع. 39، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامّة للكتب، 2006.

- قطاط (محمود)، التثاقف بين الموسيقى العربية والموسيقى التركية، الحياة الثقافية، ع. 30، تونس، وزارة الثقافة، 1984.

- قطاط (محمود)، الموسيقى أحد أهم مظاهر الهوية وتأكيد الذات، ، القاموس النقدي للهويات الثقافية واستراتجيات التنمية بتونس، المخبر الوطني للبحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية، وزارة التعليم العلي والبحث العلمي، 2007.

- قطاط (محمود)، الهويّة والإبداع في الموسيقى العربية، مجلة الوحدة، ع. 58-59، الرباط، المجلس القومي للثقافة العربية، 1989.

- قطاط (محمود)، دراسات في الموسيقى العربية، الط.1، سوريا، دار الحوار للنشر والتوزيع، 1978.

- قطاط (محمود)، راهن الموسيقى العربية وتحدّيات العصر، الحياة الموسيقية،ع. 33، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب،2004.

- قوجة (محمد)، تداخل المقوّمات الابداعية والعوامل الاجتماعية في تكييف ملامح وآليات الظاهرة الموسيقية، مجلّة البحث الموسيقي، المج. 5، ع.1، الأردن، المجمع العربي للموسيقى، 2006.

- كتاب مؤتمر الموسيقى العربية (القاهرة 1932)، القاهرة، المطبعة الأميرية.

- الماجري (محمد)، التأليف الموسيقي العربي المعاصر"جدلية التأثر والتأثير"، الحياة الموسيقية، ع. 33، سوريا، وزارة الثقافة، 2004.

- محمد عابد (أمل جمال الدين)، تقاسيم آلة القانون بين التقليدي والمستحدث، الحياة الموسيقية، ع. 35، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2005.

- الورتاني (عزيز)، الكتابة الأركسترالية لآلة العود من خلال كونشرتو الأندلس لمارسال خليفة، بحث لنيل شهادة الماجستير في الموسيقى والعلوم الموسيقية، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2012.

- الورتاني (عزيز)، منهج التحليل الموسيقي العربي واشكالية ترجمة المصطلحات التقنية، مداخلة علمية في ندوة الترجمة في المعارف الموسيقية والموسيقولوجية، الجمعية التونسية للبحث في الموسيقى والعلوم الموسيقية، مركز الموسيقى العربية والمتوسّطية، 6 و 7 ماي 2014.

- ALOIS (Haba), Fantasie N°2 " For quater-Tone PianoForte Op.19 Pour piano à quart de ton ", London, Universel-Edition, 1925.

- AYARI (Mondher), l’écoute des musiques arabes improvisée " essai de psychologie cognitive de l’audition ", Paris, Harmattan, 2003.

- BELLEFACE (jean-François), TURĀT, classicisme et variété : les avatars de l’orchestre oriental au caire au début du XXeme siècle, in : bulletin d’étude orientale, T.39/40, (1987-1988). URL :www.jstor.org/stable/41604720.

- BEN ABDELRAZZEK (Seif Allah), Les orchestres arabes modernes influences de l’organologie occidentale et problème d’acculturation, thèse de doctorat, Université Sorbonne Paris 4, 1999

- BERQUE (Jacques), Langages Arabes du Présent, Coll. Bibliothèque des Sciences Humaines, Ed.Gallimard, 1974.

- BEYHOM )Amine), " Des critères d’authenticité dans les musiques métissées et de leur validation : ", in : Filigrane [En ligne], N°5, Musique et globalisation.URL: http://revues.mshparisnord.org/filigrane/index.php?id=168

- DEFRANCE (Yves), " Distinction et identité musicales, une partition concertante ", in : Cahiers d’ethnomusicologie, N° 20, 2007.

- DURING (Jean), L’oreille et la voix de l’orient, in : Congrès des musiques dans le monde de l’islam, Assilah, 2007.

- DURING (Jean), question de gout, "l’enjeu de la modernité dans les arts et les musiques de l’islam", in: cahier de musique traditionnelles, vol.7., esthétiques, 1994.

- FARMER (Henry-George), Historical Facts for the Arabian Musical Influence, Coll. Studies in the music of the middle ages, London, Hinrichsen, 1930.

- FERNANDO (Nathalie), " La construction paramétrique de l’identité musicale ", in: Cahiers d’ethnomusicologie, N°20, 2007 . http://ethnomusicologie.revues.org/250.

- GEUTTAT (Mahmoud), La tradition musicale arabe, centre national de documentation pédagogique, ministère de l’éducation, Nancy, France, 1986.

- GOUBAULT (Christian), vocabulaire de la musique à l’aube du XXéme siècle, Coll. Musique ouverte, Paris, Minerve, 2000.

- HICKMANN (H), Abrégé de l’histoire de la musique en Egypte, in : Revue de musicologie, T.32., N° 93-94, 1950.

- JARGY (Simon), La musique Arabe, 2éme éd, coll. Que sais-je ?, n°436, Paris, presses universitaires de France, 1977.

- LAGRANGE (Frédéric), musiciens et poètes en Egypte au temps de la nahda, Université de paris 8 Saint- Denis, thèse de doctorat, 1994.

- LAGRANGE (Frédéric), Musique d’Egypte, Paris, Actes sud, 1996.

- LECLERC (Gérard), la mondialisation culturelle civilisation à l’épreuve, presse universitaire de France, Paris, 1ere édition, 2000

- POCHE (Christian), " De l’homme parfait à l’expressivité musicale. Courants esthétiques arabes au XXe siècle ", in: Cahiers d’ethnomusicologie, N°7, 1994.

- QASSIM HASSAN (Shahrazade), Tradition et modernisme : le cas de la musique arabe au proche-orient, in : L’Homme, N°.171/172, musique et anthropologie, 2004.

- SAADÉ (Gabriel), l’histoire de la musique arabe, in : Bulletin d’études orientales, T.45, 1993.

- SAKLI (Mourad), La chanson tunisienne analyse technique et approche sociologique, T.1, thèse de doctorat, université Sorbonne Paris4, 1994.

- SAKLI (Mourad), Musique néo-traditionnelle arabe et contexte identitaire, le concept d’intonation musical,in : Congrès des musiques arabes dans le monde de l›islam, 2007.

- SAKLI (Mourad), Musiques du Monde arabe, caractéristiques techniques communes, communication scientifique, Sidi Bousaid, Tunis, Centre des Musiques Arabe et Méditérranéennes, 1998.

- SHILOAH (Amnon), la musique dans le monde de l’islam " etude socio-culturelle ", Paris, Fayard, les chemins de la musique, 2002. 

- TOUMA (Habib Hassan), La musique arabe, Trad. Christine Hétier, Paris, Buchet/Chastel, 1977.

- URL: www.jstor.org/stable/40591371.

- VIGREUX (Philippe), " Centralité de la musique égyptienne ", in : Égypte/Monde arabe,Première série, Perceptions de la centralité de l’Égypte 1, [En ligne], mis en ligne le 08 juillet 2008.

الصور

1. https://www.freepik.com/f

2. https://www.italia.it/fileadmin/src/img/cluster_gallery/passioni_italia/orchestre/Orchestra_Haydn_Bolzano_e_Trento.jpg

أعداد المجلة