فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
53

الحكوز في المغرب: عيد شتوي بانشغالات معيشية

العدد 53 - عادات وتقاليد
الحكوز في المغرب:  عيد شتوي بانشغالات معيشية
المغرب

يحتفل سكان قبيلة بني زروال، شمال المغرب الأقصى، إلى اليوم، بمناسبات لها ارتباط وثيق بالتغيرات المناخية، يعيشون خلالها أجواء مختلفة عن الأيام العادية، ويمارسون فيها طقوسا وشعائر ذات حمولات ثقافية لافتة للانتباه؛ لعل أشهرها: الاحتفال المسمى«الحكوز» في فصل الشتاء، و«العنصرة» في الصيف. وهنا، نتوقف للحديث عن الاحتفال الشتوي، في محاولة لرصد طقوسه وشعائره، وفهم الأسباب والدلالات الكامنة خلفه.

الحكوز: مظاهر الاحتفال

جرت العادة، في قبيلة بني زروال، على غرار سكان البوادي المغربية، شمالها وجنوبها، حينما تتساقط أمطار الخريف يجتهد الفلاحون في أعمال الحرث، بدءا من منتصف أكتوبر1، وطيلة شهري نونبر ودجنبر؛ قلوبهم ظمآى، والتوجس حاضر من أن تتقلب الأجواء، وتهب الرياح الشرقية الجافة.

وسواء سقط المطر بانتظام أم بغير انتظام، تبدأ درجات الحرارة في الهبوط تدريجيا، لتبلغ مداها مع حدوث الانقلاب الشتوي، قبل أن يتحول البرد إلى زمهرير معلنا انطلاق أربعينية الليالي الشتوية يوم 12دجنبر/ 25دجنبر العجمي2، ومن ثمة انتهاء أشغال الحرث تماما.

يُعَبر عن أربعينية الليالي باستعمال الليل لأنه يكون أشد بردا من النهار3، علما أن النهار نفسه يكون باردا جدا، سيما صباحا، إلى حد أن الماء، في البرك، يبلغ درجة التجمد، في وقت يكتسي الفضاء غطاء من الضباب الكثيف، الصاعد إلى مدارج السمو، حيث ترصعه السماء بالغمام، فيظلم الجو نهارا؛ ولا تجد الشمس مخرجاً من بين السحب؛ تود هي نفسها لو جرّت النار إلى قرصها، من هول الزمهرير. وخلال هذه الليالي «يموت كل ما ليس له عظم من الحيوانات»4، بل إن ألوان البشر أنفسهم تتغير، كما تنشف الأبدان، ويجمد الريق في الأشداق، والدمع في الآماق، ويتسرب البرد ليستقر في العظام والأكباد؛ لذلك يحضن الفلاحون مواشيهم، كما يحضنون أنفسهم وأبناءهم، فلا تبيت في العراء.

زد على الزمهرير، يعيش الناس، في هذه الليالي الأربعينية، مرحلة عصيبة جدا؛ لأنهم دفنوا في الأرض جل ما اِدَّخَرُوا من حبات الزرع، ولم تعد لهم مشاغل تدر عليهم مداخيل عاجلة. لذلك لا نعجب إذا وصفها الناس بكلام معبر جدا عن واقع الحال، هو: «عنق العام»؛ تستطيع خلاله أن ترى الفقر باديا، دون استحياء، على وجوه الناس، مصحوبا بالخوف والتوجس، والعيون تراها ملتصقة بالأرض، بينما القلوب تنبض مع نبض البراعم والبتلات، تحصي حبات المطر، تخشى أن تقل رحمة السماء فيأتي الجفاف على الأخضر واليابس.

لكن الرجاء لا ينقطع أبدا من النفوس، أملا في تباشير خير تعفيهم من اِضطِراب البال في ليالي الشتاء الطويلة والباردة، سيما في الليالي الأربعينية، كما تقدم. والحالة هذه، حين يحل يوم العشرين منها، يتذكر الناس مناسبة، تقوم مقام العيد في حياتهم، تعرف باسم: الحجوز5 أو الحاجوز6، أو الحكوز7، أو حاكوزة8، أو لحاكَوز9، بنطق حرفي الجيم والكاف جيما مصريا، أو الحَوّْز، هكذا بلا جيم ولا كاف، وهذا الاستعمال الأخير هو السائد لدى قبائل جبالة إلى اليوم.

تحل هذه المناسبة ليلة الفاتح من يناير10 حسب التقويم الفلاحي، الموافق ل 13من الشهر نفسه حسب التاريخ العجمي11؛ علما أن كلمة يناير ذات أصل أمازيغي، ومعناها: أول العام.. لذلك يسمونه أيضا إنّاير12، وكذلك ينّير13. لذا، فاستحضار هذا اليوم له ما يبرره؛ إذ هو إعلان عن بداية عام جديد.

كان الناس وما زالوا ينتظرون هذه المناسبة السنوية، ويستعدون لها استعدادا استثنائيا، يليق باستقبال العام الفلاحي الجديد، سيما بتوفير المواد الضرورية لتحضير الأطعمة14، ثم يحتفلون بها، رغم تبدل الأحوال، ويمارسون فيها، إلى اليوم، شعائر وطقوسا خاصة جدا لا تمارس إلا في «نهار الحكوز»15.

يبدؤون هذه الشعائر وتلك الطقوس، بعد غروب شمس النهار المذكور، حيث يحرصون على تحضير«عشاء إناير»، أو «عشاء الحكوز»، المتمثل في أكلة تسمى: الدشيشة؛ المصنوعة من الشعير المدقوق في المدار الشتائي، أي ثمانية أيام قبل حلول إنّاير16. تطبخ الأكلة بالماء والملح، وبعد أن تصب في صحن كبير، يضاف إليها زيت الزيتون، لتكون عشاء لأفراد الأسرة جميعا؛ يأكلون حتى يشبعون جيدا، ويتركون منه للحكوز نصيبها.

مما لا ريب فيه أن الأمر، هنا، لافت، لأن الناس، في هذه الجبال، حينما يحتفلون في مناسبة كهذه يحضرون طعام الكسكس؛ لكنهم يتخلون عنه نهار الحكوز، كما أن تفسيرهم معبر وعجيب، دوّنته باحثة معاصرة، في سياق كلامها عن الموضوع نفسه، في مدينة جبلية شمال المغرب، جاء فيه: «من خصائص هذا الاحتفال في تطوان أن لا يقع تبخير الكسكس مثلا، تشاؤما من عملية التقفيل التي تخضع لها طنجرة التبخير، عسى أن لا تقفل على الناس أبواب الرزق خلال السنة الجديدة»17. ومن المفيد أن نستحضر، في هذا الصدد، ما رواه إدمون دوتي(Edmond DOUTTE) أن يوم إناير يتفرد بخاصية، وهي أن الناس فيه لا يطبخون شيئاً يلزم فيه استعمال الكسكاس والبُرمة18. ومما لاشك فيه، أننا سنتذكر بالمناسبة، أيضا، المثل الشائع الذي يقول: (والله ما قَــــــفَّلت لا فوّرت).

سيرا على هذا النمط، «لعل أشهر أكلة ترتبط بمناسبة حلول السنة الجديدة أو السنة الأمازيغية بقبيلة إِبَقّويَن [في جبال الريف، شمال البلاد]، هي أكلة «ثِموياز»، و«حرطيطا» كما تسمى محليا، والمعروفتان، على التوالي، ب«ثيغواوين» و «البغرير» لدى القبائل الأخرى. تصنع الأُكلة الثانية من دقيق القمح الصلب المهيّأ على شكل عصيدة سائلة يفرغ مقدار منها في «أَنْخْذام» أو «أَمْسْخار» [يعني بهما إناء من فخار] ساخن موضوع فوق نار هادئة، فبمجرد ما يصب الخليط السائل فوق الإناء تعلوه فقاعات سرعان ما تتحول إلى ثقب تميز الفطيرة عن باقي الفطائر، هذا بالنسبة ل«حرطيطا»»19. أما أكلة «ثِموياز» فتصنع من حبوب القمح، تنقى بالغربال ثم ترطب في الماء، ثم تجرش بالمدق، ثم تذرى بالطبق وأخيرا تقلى في إناء من فخار فوق نار هادئة مع عدم التوقف عن التحريك، حرصا على جودة الأكلة20.

للمقارنة نورد، هنا، نصا لإدمون دوتي، تكلم فيه عن عادات القبائل المغربية جنوب نهر أم الربيع، بهذه المناسبة، جاء فيه: «يعدّ الرحامنة في إنَّاير...، أكلة الدشيشة بالزيت، ... ومن عادتهم كذلك أن يطعَموا العصيدة، وهي أكلة ثقيلة يعدونها من دقيق الشعير... وأما أهل حاحا فالعادة عندهم أن يطعموا «تاكلة»، الاسم الأمازيغي للعصيدة، بالزبدة والعسل، وأما فقراؤهم فيجعلون معها زيت أركان، وكذلك يتناولون عسلاً قوياً ويشربون اللبن»21. بينما جرت العادة في دكالة، حسب مصدر آخر، أن يتناول الناس بالمناسبة طعاما مصنوعا من القمح المغربل يسمى: «حَرْبَر»22.

ثمة أمر آخر له علاقة بهذه الأكلة هو أن المرأة الزروالية، قبل أن تغادر المطبخ لتقديم الدشيشة عشاءً لأسرتها، لا تنسى أن تخص الحكوز بحصتها منها، لذا تضع فوق أحجار الكانون، الذي طبخت فيه الأكلة، ثلاث لقيمات، بعدد الأحجار التي يتكون منها .

زد على الدشيشة، تُحضر ربة كل بيت، بعد العشاء، في قبيلة بني زروال وغيرها من القبائل الجبلية شمال المغرب، قفة، يسمونها: طبق الحكوز، وقد ازدانت بشتى أنواع الفواكه الجافة، من زبيب وتين، ولوز، ورمان جاف، وجوز. «ويشترط أن يكون [الطبق] ممتلئا إلى حد الفيضان»23، تضع المرأة الطبق بنفسها أو يضعه من يقوم مقامها من الإناث، وسط أفراد الأسرة، ثم تُوزع المحتوى بنفسها بالتساوي بين الكبار والصغار، ذكورا وإناثا، ثم تأخذ من كل فرد بعضا من حصته بدعوى أنه حق الحاكوز24.

قبل خلودها للنوم، تنصرف ربة البيت إلى المطبخ مرة أخرى، فتعجن ما تراه كافيا من طحين للفطور، وتضع ما يناسب من الحمص في إناء من الماء بقصد ترطيبه، كما تترك العجين يتخمر، في انتظار الصبح. في الوقت نفسه، يأخذ رب الأسرة مقدار ثلاث لُقيمات من الدشيشة، ويلصقها على عارضة الباب الكبير، اعتقادا منه أنها الدليل على أحوال الطقس خلال الشهور الثلاثة الموالية؛ فكل لقمة، في رأيه، ترمز إلى شهر من تلك الشهور: يناير، فبراير، مارس. وكله أمل، حينما يتفقدها صباحا، أن تكون قد جادت ببلل وفير، لأنه علامة على المطر الوافر، وسنة فلاحية إيجابية.

للمقارنة، هنا، كذلك، يخبرنا السابقون أن «الناس ليلة فاتح يناير [الفلاحي، من دون شك، في أزمور وضواحيها الممتدة على ضفتي أم الربيع في سهول دكالة والشاوية، يتناولون أكلة] الدشيشة بالزيت ويأخذون قليلا منها ثم يضعونه فوق الخيمة، فإذا وجدوا في الغد أن رطوبة الجو قد أفسدت ما وضعوه على الخيمة، استبشروا بذلك واعتبروه علامة على أن «الصابة» ستكون جيدة، وإذا كان الأمر بالعكس، تطيروا منه وانتظروا سنة تُنْدر بالجفاف»25. كذلك، يفعلون في الرحامنة، حيث «يصطنعون كرة من تلك الدشيشة يضعونها فوق الخيمة في ذلك اليوم؛ إناير نفسه، ثم يعودون ليروها في اليوم الذي بعد، فإذا وجودها قد تبللت وترطبت كانت علامة على أن السنة الفلاحية ستكون جيدة، وإلا كانت علامة على أن سنتهم ستكون عجفاء ماحلة»26. كما «... يجعل الشياظمة كرات من تلك العصيدة في العراء خلال الليل، ليتعرفوا كيف تكون سنتهم الفلاحية»27.

ثمة أمر آخر لافت للانتباه، يعتبر ثالث الطقوس المميزة في ليلة الحكوز من الليالي الشتوية في جبال بني زروال وما والاها من البوادي، يتعلق بالأطفال الصغار؛ فأثناء العشاء لا يكف الآباء عن حث أبنائهم على الأكل جيدا من الدشيشة، ويرددون على مسامعهم أن الحكوز ستأتي ليلا لتتفقدهم، وقد تشق بطن الذي لم يملأ معدته جيدا، وتضع فيه التبن ثم تخيطه. لذلك يذهب الأطفال إلى الفراش، وهم يترقبون حضور الحكوز، وفي أذهانهم أنها مخلوقة ليست من بني البشر ولا من الجن، وأنها تشبه: الغولة، لكنهم يستسلمون للنوم، خصوصا وأن الأجواء باردة والليل طويل جدا. وكلما استيقظ أحدهم صباحا سارع إلى الكشف عن بطنه، وكم تتملكه الرهبة حينما يجد سرته ملطخة بسواد الفحم، كدليل على أن الحكوز مرت من هنا، وأنها راضية عنه، دون أن يدري أن الأم هي التي فعلت ذلك به. والقصد كل القصد هو اعتقاد الآباء أنفسهم أن الأطفال إذا شبعوا ليلة الحكوز لن يجوعوا طيلة ليالي السنة28.

بينما ينام الصبية، يكون للشبان، أي الأطفال اُلْقُصَّرِ، دون غيرهم من الذكور الشباب البالغين أو الشيوخ المسنِّين المُوقَّرين، يكون لهم موعد مع ليلة صاخبة؛ تبدأ بعيد غروب الشمس، بإشعال الشعل، نسميها هنا (الشعّالات)، والجري بها في فرح وسرور، دون اتجاه محدد، كل واحد يحاول أن تدوم شعيلته أو لنقل (شعّالته) ملتهبة مضيئة أكثر من أقرانه، ثم بعد العشاء يبدأ الاحتفال بالغناء، المسمى هنا (باينو)، وهو طقس يكتسي أهمية كبيرة حتى أنه في بعض المناطق يطلق على الحكوز اسم (باينو) من باب تسمية الكل بالجزء29. توضيح ذلك أن أولئك الشبان، يشكلون، في كل حومة، فرقا، كل فرقة تتكون من عازف ناي أو أكثر، وضاربين على الدفوف، ومرافقين لهم يساهمون في الغناء، وبعضهم يحمل أدوات الإنارة، إذا كانت الليلة مظلمة، ثم يبدأ أفراد الفرقة في الطواف على الأبواب، وهم يرددون أهازيج عنوانها: باينو. وحربتها:

باينو أ باينو باينو يا باينو

باينو د الجبل حلو ومزيون

وخوتي لاتخفوشي انا معكم قد باباكم

وقولهم: «باينو أ باينو » هو تهنئة من أفراد الفرقة لأنفسهم ولبعضهم البعض بالمناسبة. ولعل لكلمة (باينو) صلة قوية ب: (ماينو)، علما أن (أسكاس أماينو)، بالأمازيغية، معناها: عام سعيد، وقد وردت، وتكررت، في أحد المراجع هكذا: (بْيانو)30.

ومن ثمة فقولهم: «باينو دالجبل حلو ومزيون» هو وصف، وفي الوقت نفسه، رجاء أن يكون احتفالهم هذا حلوا وجميلا. أما القِسم الأخير ففيه حث على إكمال الطواف دون خوف.

وهكذا، يستهلون جولتهم، وهم يرددون تلك الأشعار، وأشعارا أخرى، لمجرد الاستئناس من قبيل قولهم:

جوج حجيلات شريق شريق

هما للطريــق وحنا للطريق

باينو أ باينو باينو يا باينو

حتى إذا بلغ الموكب بابا من الأبواب ارتفعت الأصوات بالأهازيج، وأبدع المنشدون من الكلام جميله. فعلى سبيل المثال إذا صادف أن كان اسم ربة البيت هو الضاوية، يقولون، باللهجة الجبلية :

عمتي الضاوية ضوي علينا

من الجبل احنا جينا

عمتي الضاوية مرا مزيانا

مترضاشي تردنا بلاشي

إنه مدح لربة البيت، وهم يفعلون معها مثل غيرها، مهما كان اسمها، لتكون كريمة معطاء. وكلما فعلت مدحوا صنيعها بأهازيج إضافية، كما في قولهم:

باينو أ باينو با ينو يا باينو

باش تَعّيد هاد الدار بالحولي لشقر

والزبيب والكوار

إنهم، هنا، يتمنون لأهل الدار كلهم عيدا سعيدا، وأن يكون احتفالهم بشاة وزبيب وتين... تعبيرا عن الخير والرفاه.

أما في حال عدم الاستجابة، تنصرف الفرقة، لكنها تنسحب على إيقاع السخرية من أهل البيت. واللافت، هنا، أن الفرقة تخاطب، في هذه الحال، رب البيت وليس الزوجة؛ فمثلا إذا كان صاحب البيت الذي لم يقدم للفرقة شيئا اسمه عبد السلام، يصدحون بهجوه، مرددين:

عمي عبد السلام لابس سلهام

سيفة دلهام

فالجملة الأخيرة هنا: ( السيفة دلهام)، هي المعبرة، وتعني أن وجهه لا يليق به الفرح.

وإذا كان اسمه الخمار على سبيل المثال، يقولون :

عمي (الخمار) أها طاح فالبير أها

شكون جبدو أها أنا جبدتو أها

بالصبيع استيتو أها

وأما إذا كان المحصول الذي جمعوه، في ليلتهم كلها قليلا، فهم لا يتردّدون في التعبير عن خيبة أملهم بكلام مناسب، كقولهم :

النجوم طحطح الحال اصبح

وذني طوالو عيني احوالوا

وعلى والوا

والقصد، كل القصد، من مواكب «باينو» الغنائية وإنشادياتها هو إضفاء مسحة من المرح والاحتفالية على ليلة (الحاكوز)، أملا في أن تكون سائر الأيام والليالي، على منوالها، سعيدة، وأن يمتلئ طبق ( باينو) كما امتلأت مائدة ليلة الحاكوز31، حتى يعم الخير العام كله.

يتواصل الاحتفال في اليوم الموالي، بل يكون هو محور أيام أسبوع الحكوز كلها. ففي صباحه يستيقظ الكبار باكرا، وتحرص ربات البيوت على تحضير أطعمة متميزة جدا، وأن تكون بكميات وافرة.

تتثمل هذه الأطعمة فيما يلي:

1. الحمص على أن يكون مُحمصا، بحيث يطبخ في مقلاة من فخار فوق نار الكانون ثم يخلط بزيت الزيتون ويرش بالثوم والكَمُّون، قبل أكله32.

2. الخبز المطبوخ في مقلاة من فخار فوق نار الكانون، وليس في الفرن. وما يميزه ، أيضا، أنه يكون مرصعا بحبات الزبيب واللوز والجوز.

3. السفنج محشو بالسردين33، وهي أكلة مستعملة كثيرا في هذه القبيلة دون غيرها من القبائل المغربية، حيث يصير السمك حشوة داخلية مستترة بالمرة في بطن ذلك الكعك المحلي المقلي بزيت الزيتون، وهي أيضا الأكلة الأكثر تميزا في مائدة الحكوز في هذه الجبال والفجاج الزروالية. ولاشك أن هذا الطعام له دلالته، كما الدشيشة، والفواكه الجافة.

أسباب ودلالات الاحتفال :

بم نفسر هذه الشعائر والطقوس؟

نستهل محاولة الإجابة بالإشارة إلى أن نهار الحكوز، يصنف في مصادر مغربية قديمة، ضمن أعياد النصارى، على اعتبار أن «اليوم الأول من يناير... [هو] سابع المسيح عليه السلام»34. من ثمة، وقف الفقهاء، منذ وقت مبكر، موقفا مناهضا لما كان يجري من طقوس بالمناسبة باعتبارها بدعة لا يقبلها الشرع، على نحو قول أبي بكر الطرطوشي (ت. 520هـ/1126م): «ومن البدع اجتماع الناس بأرض الأندلس... على إقامة (يَنَير) بابتياع الفواكه كالعجم ، وإقامة العنصرة، وخميس أبريل، بشراء المعجنات والإسفنج المبتدعة وخروج الرجال جميعا أو أشتاتا مع النساء مختلطين للتفرج»35. وسار الأمر على هذا النحو حتى في الفترة المعاصرة. نقول هذا الكلام استنادا إلى تفسير محمد البشير الفاسي، المتوفى عام 1930م، جاء فيه: «توجد بها [ يعني، قبيلة بني زروال، حيث قضى فترة مهمة قاضيا] بعض عوائد لا مستند لها في الإسلام، لكنها قليلة، ولعلها من آثار المسيحية التي كانت منتشرة في جبال غمارة زمان الفتح الإسلامي، من ذلك الاحتفال برأس السنة الشمسية (الحكوز)، وهو المعروف عند الفرس بالنيروز36، فإنهم يحتفلون به احتفالا خاصا، يعدون فيه المآكل ويعقدون الاجتماعات للتزاور بينهم ومبادلة التهاني، ومن المأكولات المخصصة عندهم، لذلك اليوم، السفنج محشو بحوت السردين»37. أما إدمون دوتي فقد وجد في طقوس الاحتفال بالحكوز ما يشبه العادة الجارية في القرى الفرنسية أثناء أعياد الميلاد، واحتفال الشرقيين أيضا بميلاد المسيح، وأضاف قائلا: «وهنالك، بطبيعة الحال علاقة وثيقة بين إناير ومولد عيسى عند المسلمين»38.

إلى ذلك، أخبرنا الحسن الوزان أن أهل فاس كان من عادتهم أن يأكلوا الخضار السبع لا للاحتفال بالأول من يناير العجمي، بل يطعمونها في أعياد الميلاد (25جنبر)39. ومما كتبه في هذا الصدد، قوله: «لا تزال بقايا من بعض الأعياد التي خلفها المسيحيون، ينطق فيها الناس بكلام لا يعرفون له معنى. ففي ليلة ميلاد المسيح يأكلون نوعا من ثريد مصنوع من خضر متنوعة كالكرمب واللفت والجزر وغيرها. ويطبخون عدة أنواع من الخضر مجتمعة على حالها دون تقطيع، كالفول والحمص وحبوب القمح، ويأكلون هذا الطعام، في تلك الليلة، كما لو كان حلوى لذيذة، ويضع الأطفال في اليوم الأول من السنة أقنعة على وجوههم ويتوجهون إلى الأعيان يطلبون منهم الفواكه، وهم ينشدون أغانيهم الصبيانية»40.

كما ارتكز إدمون دوتي في التأكيد على أن عادة الحكوز ترجع إلى ما قبل انتشار الإسلام على طبيعة الأطعمة التي تسود في البيوت يومئذ، كما في قوله: « ولما كانت عصيدة الحبوب أكلة ضاربة في القدم بطبيعة الحال، فإن في هذا الأمر ما يشهد على أن هذه العادة تعود بأصولها إلى العصور القديمة»41. كما أكد البشير الفاسي على أن أهم ما في تلك العادة هو إعداد المآكل، وركز بدوره على مآكل لا تطبخ كثيرا في الأيام العادية، ولا تجتمع كلها إلا على مأدبة الحكوز. زد على هذا وذاك، إن الهدف الأساسي من الاحتفال، اليوم وقبل اليوم، هو أن تكون الأطعمة وفيرة، حتى في البيوت الفقيرة، وأن يأكل أفراد الأسرة، وخاصة الأطفال، حد الشبع، لذلك شاع قول وجرى مجرى الحكمة، مفاده: إنّ من لم يشبع نهار الحكوز لن يشبع طول العام42.

يعني هذا أن الاحتفال له علاقة وطيدة جدا بالمآكل، التي يحاط تحضيرها بهالة من الطقوس؛ أصولها متوارثة، دون شك، وضاربة في أعماق التراث القديم، لعلها تعود إلى زمن سحيق. وهذا ما نبه إليه بعض الباحثين في قوله: «هناك، أيضا، احتفال فلاحي يسمى النايرة [حاكوزة]، وهو من أصل روماني عتيق»43. بل ذهب بعض الباحثين إلى القول بأن أصلها أقدم من العهد الروماني بكثير، علما بأنها كانت سائدة عندما وطأ الفنيقيون أرض شمال أفريقيا، كما أنها، مثل غيرها من الشعائر الزراعية الأمازيغية، منبثقة من أفكار محلية، نشأت مع نشوء المجتمع الزراعي في بلاد الأمازيغ44.

وقد ظلت تلك الطقوس محفورة في الذاكرة الجمعية للمزارعين أو الفلاحين بشكل عام، طالما أن العمل الفلاحي هو عصب عيشهم، لأن الغاية الكبرى من ذلك الاحتفال بتلك الطريقة هو أن يتيسر المحصول الوافر، ويتحقق الشبع طول العام، كما في نهار الحاكوز.

معناه، أن الخوف من مردود ضعيف ظل الهاجس الأكبر في حياة الفلاحين. من ثمة، ظلت الجهود المبذولة، مهما بلغت، تحتاج للمباركة. ومن هنا جاء الاحتفال بالحكوز، مثل كل الاحتفالات الرمزية، ذات الطابع العتيق جدا، والتي تحدث إلى يومنا هذا في عدد من الأماكن التي استوطنها الأمازيغ، حتى التي رحلوا عنها.

إذن، الهدف من الاحتفال بالحكوز هو الـتأثير على المحصول، من خلال تقديم القرابين للسماء عسى أن يتجدد اللقاء بين مصدري الإنتاج: الأرض والمطر، فتحيا الأرض من جديد بعد موتها وتعطي الإنتاج المأمول؛ من باب الاعتقاد أن المحصول هو نتاج زواج بين عنصر أنثوي هو الأرض وعنصر ذكري هو المطر، وعندما يعطي هذا الزواج نتائجه، فإن الأرض تموت مع الحصاد، لذا وجب انتظار زواج جديد، في حالة القيام بالطقوس والممارسات التي تؤمّن إحياءها، على رأس كل سنة، تبعا للعادات والتقاليد الأمازيغية القديمة45.

في هذا الصدد بالذات، نشير إلى أن فترة «الليالي» الشتوية تنقضي بعد نهار الحاكوز بقليل، وذلك في 20 من شهر يناير الفلاحي الموافق ل2 من شهر فبراير العجمي، مُبشّرة باقتراب فصل الربيع الذي يبدأ يوم15 فبراير الفلاحي/ 28 فبراير العجمي.

في أواخر الربيع، يحتفل الناس، في قبيلة بني زروال بمناسبة أخرى، ينطقون حروفها مُدْغمة، هكذا: «مَوْتلارض»؟ هل تدري معناها ؟

لك أن تخمن. لكن لا تسرح بعيدا، فالمسألة لها صلة وثيقة بالحياة والأرض. إنهم يقصدون، بكل بساطة: موت الأرض46. وتاريخ موتها هنا يوافق حلول يوم 16 ماي فلاحيا. دليلهم على ذلك أن القشرة الأرضية تجف، وتصل حدا يصير من العبث زراعتها بعد هذا التاريخ، إلى حين. وهي، في الوقت نفسه، إشارة إلى استهلال فصل الصيف الذي يحل بشكل رسمي في اليوم الموالي، الموافق ل 17 ماي الفلاحي أي متمه العجمي47، معلنا إمكانية الشروع في حصاد الزرع، ولو كانت أعواده لا تبدو عليها علامات اليبس، كما في قول مأثور محليا: «في مايو حصد الزرع ولو يكون فليو»، تشبيها له بالنبتة العطرية الشهيرة في تلك الفترة من السنة حيث تكون يانعة. وبالمناسبة يحتفل الناس، يوم17 ماي، احتفالا خاصا، يحضرون فيه طعاما متميزا، يودّعون به الربيع ويستقبلون الصيف، وهو: البيض المسلوق مع السمن والحليب.

واضح، إذن، أن احتفال الحكوز بطقوسه المتميزة، يستمد جذوره من التراث الديني القديم. ويتمحور كله حول فكرة إحياء خصوبة الأرض على رأس كل سنة. علما أن التصور القائم لخصب الأرض، في الضمير الزراعي، شبيه بإخصاب المرأة ؛ وهذا ما يفسر، أيضا، الاعتقاد الشائع، إلى الآن، أن الأرض التي تباركها المرأة من خلال زراعتها تعطي منتوجا أفضل48. وهذا ما يجد علته، كذلك، في كون المجتمع الزراعي القديم مجتمعا أميسيا، يعني أن السيادة فيه كانت للربة الأنثى، خلاف المجتمع الرعوي أو المعتمد على القنص والصيد الموصوف بأنه مجتمع أبيسي؛ أي تكون فيه السيطرة للرجل، ويكون الرب الأول مذكرا49. منطوق هذا الكلام هو أن الاحتفال المسمى الحكوز ما هو إلا بقايا لطقوس سادت في المجتمع الزراعي قديما50؛ طقوس يستحضرها الناس اليوم، في القرى المغربية كما بالمدن، تقليدا للسلف، دون أن يدركوا مدلولها الأصلي بوضوح، والذي هو إخصاب الأرض بالمطر أو حدوث التزواج المقدس بينهما أملا في رزق جيد ووفير، في وقت كانت زراعة الأرض مصدرا أساسيا للعيش.

إلى ذلك، لعل الغائب الأكبر عن مائدة الحكوز التقليدية، بكل طقوسيتها، كما هو الحال في القبيلة الجبلية الزروالية، إلى اليوم، هو لحوم الحيوانات جملة وتفصيلا، علما أن نحر الأضحيات غالبا ما يكون هو القربان المناسب، والأكثر حضورا، في الاحتفالات بشتى أنواعها51، لكن في الحكوز لا نجد سوى لحم السمك، وما يرافقه من صنوف أخرى معينة من الطعام ذات الأصل أو المنشأ النباتي تحديدا، بل إن اختيار السمك وطبخه محشوا في العجين لمثير حقا. لكن العجب يختفي إذا ما علمنا أن الأمازيغ في تاريخهم القديم قدسوا، إلى جانب قوى الطبيعة من جبال وصخور ومياه، السماء والكواكب والنجوم52، كما قدسوا الحيوانات مثل النعام والكبش والثور والأسد والفيل53، وقدسوا الأسماك أيضا54. ولعل الخصوصية التي يتميز بها السمك عن غيره هو أنه حيوان يعيش في الماء، وحاجة الأرض، كل الحاجة، إبان الليالي الشتوية، وما يعقبها من ليال، هو للماء أكثر من أي شيء آخر، وليس ثمة أقوى قربان يمكن تقديمه للسماء لتجود بالمطر من مخلوق يكون مائيا، وليس ثمة أروع من قربان يقدم محفوظا في لفيف نباتي. كما يمكن أن نستغل هذا المعطى لنرى فيه بقايا طقس من طقوس مغربية عريقة، ساد كذلك في مصر وبلاد الرافدين، حين كانت تقدم عروس رمزية لإله المطر حتى يتكرم بإرواء الأرض وتخصيبها لإنبات النبات، على أساس أن رب الخصوبة والتكاثر وتجديد الحياة، لا يقوم بعمله إلا إذا التجأ إليه عباده بالصلوات والهدايا وتقديم العروسة التي تمثل هنا السمكة، واللافت أن هذه العملية كانت تحدث، في مناسبات محددة، منها الانقلاب الشتوي نفسه55.

الخلاصة، نجملها في عنصرين اثنين:

- إن الحاكوز أو أنّاير، في الأصل، عيد، كغيره من الأعياد الفلاحية، التي يحكمها التقويم الشمسي، بل تعد من الأعياد الشمسية الضاربة في القدم؛ مارس خلالها الفلاحون طقوسا تثير من التساؤلات أكثر مما تجيب عنها، لكنها ليست فرجوية ولا للتسلية قطعا، بقدر ما هي شعائر قربانية استعدادا لموسم زراعي جديد يحتاج للمباركة، وفرصة يتقرب فيها الفلاح بقوة من السماء، ويجدد الموعد مع الأمل.

- إن الحاكوز، اليوم، صارت عادة من العادات، التي بقيت بعض طقوسها مرعية عند الفلاحين في المغرب، رغم تبدل الأحوال والعقليات، وتغير سبل الحياة وتعدد موارد العيش، لتقيم البرهان على مدى تجذر الأعراف في المجتمع الفلاحي، ولتؤكد على أن الثقافة تظل مصاحبة للإنسان، لا تنمحي، ولكنها تتكيف مع تبدل الأحوال.

الهوامش

1. راجع: محمد بن سعيد المرغيثي، الممتع في شرح المقنع، تصحيح المنذر عبد الرحمن، نشر المكتبة العصرية، بيروت، 2009هـ/1430م، ص40. علما أن محقق الكتاب استبدل حرف الراء في اسم المؤلف بالزاي، هكذا: المزغيثي، وهذا سبق قلم.

2. السنة العجمية، ويقال لها الشمسية حسب ما ورد في المصادر القديمة. راجع: المصدر نفسه، ص25. وهو الذي يوافق التقويم المعروف بالميلادي.

3. عنوَنَ محمد غازي الحجاجي، كتابه بهذا المثل: خروج السمايم نقايم وخروج الليالي نعايم، الأمثال الشعبية بمنطقة الدار البيضاء والشاوية حسب مواسم السنة الفلاحية، دار اقرأ للطباعة والنشر، يونيو 2015م. وراجع المرجع نفسه: ص24.

4. محمد بن سعيد المرغيثي، الممتع في شرح المقنع... مصدر سابق، ص36.

5. المصدر نفسه، ص30، 38.

6. حسناء محمد داود، تطوان، سمات وملامح من الحياة الاجتماعية، مطبعة الخليج العربي، منشورات كتب مكتبة سلمى الثقافية/ منشورات مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، تطوان، 2019م، ص255.

7. محمد البشير الفاسي، قبيلة بني زروال: مظاهر حياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مطبوعات إفريقيا الشمالية التقنية، الرباط، 1962م، ص13 .

8. [ إدوارد ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها، من سلسلة مدن وقبائل المغرب، ترجمة وتعليق محمد الشياظمي الحاجي السباعي، مطابع سلا، 1989م، 125، هامش(*). حسناء محمد داود، تطوان... مرجع سابق، ص255.

9. عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ: نبش في الذاكرة: دراسة إثنوغرافية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2016م، ص94.

10. محمد بن سعيد المرغيثي، الممتع في شرح المقنع... مصدر سابق، ص30.

11. جاء في كتاب مدينة أزمور وضواحيها [لإدوارد ميشو بيلير]: «كان نفس الاحتفال يقام عند قبائل الشاوية في فاتح يناير الفلاحي، أي في 13 يناير من السنة الشمسية، ويسمى هذا اليوم عندهم (نهار الحكوز)». مصدر سابق، 125، هامش المترجم للكتاب(*). وراجع: عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ... مرجع سابق، ص94.

12. [إدوارد ميشو بيلير] ، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص126.

13. أبو يحيى عبيد الله بن أحمد الزجالي القرطبي، أمثال عوام الأندلس، مستخرجة من كتابه: ري الأوام ومرعى السوام في نكت الخواص والعوام، حققها وشرحها وقارنها بغيرها: محمد بن شريفة، مطبعة محمد الخامس، فاس، منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصلي، 1971م، رقم 914، ص213، هامش914.

14. مما ذكره باحث معاصر عن هذه الاستعدادات في قبيلة بقوية بجبال الريف، غير بعيد عن جبال بني زروال، أنهم: «يخصون هذا اليوم باحتفال بهيج؛ إذ يتم الإعداد والاستعداد له بأيام وربما بشهور، كاختيار الذبيحة المخصصة للمناسبة «وتسميتها» الذي يجري مبكرا عن موعد الحلول، وقد تستبدل في آخر لحظة إن لم تكن تفي بالغرض وتليق بالمقام، وتحضير الدقيق سواء من الشعير أو من القمح، وما يرافق ذلك من عمليات؛ بدءا بتنقية الحبوب إلى الغربلة، دون إهمال الاعتناء بالمسكن». عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ... مرجع سابق، ص94.

15. [إدوارد ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص125، هامش المترجم(*).

16. المصدر نفسه، ص126.

17. حسناء محمد داود، تطوان، سمات وملامح... مرجع سابق، ص255. هذا هو عشاء أهل القبيلة وغيرها من القبائل المجاورة وربما البعيدة، أما عشاء سكان تطوان مثلا، وغيرهم من المدن «فيكون، في الغالب، أرزا مطبوخا بالحليب الذي يُتَفاءل ببياضه وصفائه وفائدته» (المرجع نفسه).

- نشير، هنا كذلك، إلى أن بعض الكتابات تذكر « أن جميع العائلات [ في بلاد الشاوية، وسط المغرب، كانت]، تهيئ في مساء ذلك اليوم الكسكس بسبع خضاري التي غالبا ما تكون هي: الفول والحمص واللفت والبطاطا والكرمب والجزر والعدس... وهم يرمون وراء هذا العمل إلى الحصول على سنة فلاحية جيدة» (إدوارد [ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص125، هامش المترجم (*). وهذا الكلام شبيه بما ورد عند إدمون دوتي، إن لم يكن منقولا منه، وجاء فيه: «إن العادة عند سكان المدن المغربية، كما في جهات أخرى كثيرة من شمال إفريقيا، على أن يكون طعامهم في يوم إناير الكسكس بسبع خضاري. [مضيفا إلى ذلك]: وفي مراكش يداومون على أكله أياماً ثلاثة، ويدخل في تلك الخضار السبعة اللفت والجزر والفول والحمص والقمح والزبيب والتمر، يطبخونها مع الكسكس. وتكون عشية إناير؛ أي يوم 31 [أ] و32 دجنبر، في جميع الأماكن، كأنها يوم للحداد» (مراكش، ترجمة عبد الرحيم حزل، مطبعة أبي رقراق، منشورات مرسم، الرباط، 2001م، ص377. علما أن المؤلف يشرح رقم كتابته31 و 32 بالزيادة التي تفرضها السنة الكبيسة عند العرب. زد على ذلك، يلاحظ أننا أضفنا الألف قبل الواو التي تسبق 32 دجنبر فوضعناه بين معقوفتين، لأن الجملة وردت في الأصل عند المؤلف هكذا:

- «Partout la veille d’Innàir, c’est -à -dire le 31 ou 32 ,décembre a le caractère d’un jour de deuil . »

- Edmond DOUTTE’, Merrâkech, ouvrage publié sous le patronage du gouvernement de l’Algérie et du comité du Maroc, comité du Maroc, Paris, 1905, p.375..

- وإذا علمنا أن هذا الأخير، يعني دوتي، حدثنا عن تلازم الدشيشة مع الحكوز، كما تقدم، وإذا انتبهنا إلى التاريخ المذكور في النص، يبدو أن المؤلف اختلط عليه الأمر بين إناير حسب التقويم العجمي أي الشمسي وإناير وفق التقويم الفلاحي الذي يوافق 13يناير العجمي كما تقدم، خصوصا وأنه أتى، بعد الكلام السابق مباشرة، بكلام آخر ينفي فيه طهي الكسكس فأحرى تناوله ليلة الحكوز، كما في قوله: «يتفرد هذا اليوم [ يعني إناير] بخاصية، وهي أن الناس فيه لا يطبخون شيئاً يلزم فيه استعمال الكسكاس. [ثم أضاف موضحا]: ومن عادتهم، في الجزائر، أن يقولوا في هذا اليوم: «ما يقفلوشي»، أي أنهم لا يحكمون وضع الكسكاس فوق الطنجرة. [على غرار ما رأيناه في تطوان]، بل إنهم في كثير من المناطق لا يطعمون في هذا اليوم غير الأشياء الجافة، من قمح وفول وحمص يطبخونها في الماء وشيء من العسل. لكنهم يجعلون اليوم الذي بعدُ، أي الأول من يناير، يوماً للأفراح والمباهج؛ فهم فيه يطعمون الكسكس ذا السبع خضاري والزبدة والعسل والشفنج وغيرها». إدمون دوتي، مراكش... مصدر سابق، ص377.

- مع التنبيه إلى أننا وضعنا كلمة [ إناير]، بين معقوفتين لأن المترجم لكتاب دوتي وضع «العنصرة» بدلا منها، وهذا سبق قلم، ودونك النص بالفرنسية كما ورد عند صاحبه:

- «En tout cas, dans les villes marocaines, comme en maint autre endroit de l’Afrique du Nord, il est d’usage de manger le jour d’Innàir les ((seba’a khdàri)), c’est à dire les sept légumes …»

- راجع: Edmond DOUTTE’, Merrâkech …op.cit.,p.375

18. إدمون دوتي، مراكش... مصدر سابق، ص377.

19. عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ: نبش في الذاكرة...مرجع سابق، ص 94 - 95.

20. المرجع نفسه، ص95.

21. إدمون دوتي، مراكش... مصدر سابق، ص376.

22. [ إدوارد ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص126. كما جرت العادة عندهم، بمناسبة إناير، أن ينظفوا بيوتهم تنظيفا تاما (المصدر نفسه).

23. هذا حسب وصف باحث معاصر لطبق الحكوز في قبيلة بقوية بجبال الريف (راجع: عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ : نبش في الذاكرة... مرجع سابق، ص94). مضيفا أن هذه المناسبة تسمى محليا، أيضا، ب (تْشريثْ إِنْدوان) أي: امتلاء الأطباق، وقد يملؤون قفافا، تلك المصنوعة من الدوم، أملا في موسم فلاحي ملؤه الخير العميم والرزق الوفير(المرجع نفسه، ص94، 96).

24. راجع: المرجع نفسه.

- وحدثنا باحث معاصر عن عشاء هذه الليلة في قبيلة بقوية بجبال الريف فقال: «ليلة الحاكوز تجتمع الأسرة، وربما العائلة، للسمر والاستمتاع بما حضرته من مقليات( ثيموياز- حمص- فول...)، ورغائف ( حرطيطا، لمسمنات...)، وما أحضرته من فواكه جافة ( زبيب، تين، خروب...)، يليها طبق عشاء من لحم ديك بلدي تم تخصيصه لهذه المناسبة منذ وقت، أعد له خبز طري من الشعير أو القمح أو منهما معا حسب الطبقة الاجتماعية، ومن وسع عليه في رزقه ينوّع في الأطباق؛ فيضيف طبقا من (التريذ) المعد من رغائف تختلف عن الرغائف العادية في الحجم، تُهيأ من دقيق القمح الصلب في طبق من الدوم (أندو)، تطبخ في (أَمْسْخّار) على شكل رغيف كبير يُطهى على مهل حتى يكسبه يبوسة تمنحه مذاقا متميزا؛ تُفتت هذه الرغائف في صحن، يصب عليها المرق ولحم الدجاج البلدي لتصبح وجبة (تريذ) المتميزة جاهزة ، تنضاف إلى المهيئات السالفة...» (المرجع نفسه، ص99).

25. [ إدوارد ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص126.

26. إدمون دوتي، مراكش... مصدر سابق، ص376. والملاحظ أن الأسلوب، هنا أيضا، متشابه إلى حد المطابقة الحرفية بين ما كتبه إدوارد ميشو بيلير عن عادة أهل أزمور، وما كتبه أدموند دوتي بشأن القبائل الأخرى.

27. إدمون دوتي، مراكش... مصدر سابق، ص376.

28. شاعت مثل هذه الطقوس خارج القبيلة الزروالية أيضا. وفي هذا الصدد كتبت باحثة عن الموضوع في مدينة تطوان: «لا يفوتنا أن نشير إلى أن الاعتقاد السائد بين الناس هو أن الحاجوز أو حاكوزة هي عبارة عن امرأة عجوز شمطاء، مهمتها في هذه الليلة هي أن تمر على المنازل التي يوجد فيها أطفال، فإما أن تكافئهم على حسن تصرفهم وعلى كونهم قد ملأوا بطونهم بالعشاء الذي يتركون لها منه حظا يناسبها، وتكون هذه المكافأة بترك مقدار مالي أو هدية أو لعبة مناسبة لهم تحت وسادتهم، وإما أن تعاقبهم على عدم استماعهم لكلام والديهم وعدم تناولهم لعشائهم في تلك الليلة ، فتحرمهم من الهدية ، كما أنها تكون على استعداد لملء بطونهم بالتبن. والغاية التربوية التي تقصد من كل هذه الطقوس بالطبع هي تعويد الأطفال على أن يلتزموا بطاعة والديهم وأن لا يخرجوا عن حدود الواجب لأنهم إن لم يلتزموا بذلك، فسيتعرضون للحرمان من المتعة التي يحسون بها وهم يعيشون لحظات الفرحة بقدوم حاكوزة التي تملأ البيت سرورا بما تحضره من الهدايا والنقود وغيرها مما يفرح به الأطفال». حسناء محمد داود، تطوان، سمات وملامح... مرجع سابق، ص255.

29. عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ: نبش في الذاكرة... مرجع سابق،ص94.

30. المرجع نفسه، ص94، 98.

- علما أن هذا التقليد ظل سائدا في جبال الريف، بشكل لا يختلف عن (باينو) في قبائل بني زروال وجبالة المحيطة بها، كما يفهم من حديث عبد العزيز طليح بخصوص قبيلة إبقّويَنْ، الذي التقط بعض المرددات بالمناسبة فسجلها في كتابه، مستهلا إياها بقوله: «... ما يميز الاحتفال بالحاكوز بقبيلة إِبقّويَنْ [بجبال الريف]، ويطبعها بطابع خاص، احتفال الصغار على طريقتهم بالمناسبة، حيث يلتئمون يومه في مجموعات تطوف على بيوت مداشرهم مرددة عبارات ذات ارتباط بالمناسبة، مطالبة بتقديم قليل مما تم تهييؤه لاستقبال القادم الجديد، تبتدئ بنبرة هادئة، [والإنشاد هنا في هذا المجال يكون باللغة الأمازيغية- الريفية]، من قبيل:

زْبيب دْ تازارث

أيا يْثباب نْ تدارث.

فهم يطالبون ب:

الزبيب والتين ** يا أهل البيت

بْيانو ** بْيانو ...

[ قد يقولون] أيضا:

بْيانو ** بْيانو

زازاح ** زازاح [ يعني التين]

نينيف ** ننيف[ يعني الرغيف الغليظ]

ثَسريثْ نا نْ جْذيذ

اُش أنا شواي ن تْريد

هي مردَّدة يخص بها الصبيان زوجين حديثي [العهد ب] الزواج، فينادون على الزوجة بما معناه:

بْيانو ** بْيانو

زازاح ** زازاح [ يعني التين]

نينيف ** ننيف[ يعني الرغيف الغليظ]

عروسنا الجديد

امنحينا شيئا من التْريد

وإذا تباطأ أهل البيت في الاستجابة لطلب الصغار، فإن الطلب يتحول إلى الدعاء عليهم وعلى مسكنهم من قبيل:

بْيانو ** بْيانو

زبيب د تازارث

وْنْ أُنَ يوشين

أَسْ ثْحُف ثادارث

... معناه:

بْيانو ** بْيانو

الزبيب والتين

من لم يمنحنا

ليسقط بيته

ورويدا رويدا تتغير النبرة ، وتتشدد اللهجة ، فيتحول الطلب إلى التهديد، من قبيل :...

بْيانو ** بْيانو

اُشْمْ أنا لْبغرير

نِغ أنْ هْذْمْ أَيْنّورْ

بمعنى :

بْيانو ** بْيانو

أعطونا لْبغرير

أو نهدم التنور ...

[وقولهم]

بْيانو ** بْيانو

ثسْريث نّا نْ جذيذ

أوشانا شواي نْ تريذ

نِغْ أَخْمْ نْ قظَعْ أَبْريذ

[ بمعنى]

بْيانو ** بْيانو

عروسنا الجديد

امنحينا شيئا من الثريد

أو نعترض طريقك

- بالانتهاء من الطواف عبر أرجاء المدشر، يجتمع الصغار في مسجد المدشر أو بيت من البيوت، للاحتفال بالحاكوز على طريقتهم مع الأقران، للسمر المتغاضى عنه بالمناسبة، ولتناول، جماعيا، ما جدات به عليهم الأسر خلال جولتهم عبر البيوت» (المرجع نفسه، ص96- 99).

31. راجع: عن( أباينو) والاشعار المتداولة بالمناسبة لدى قبائل اجبالة عند: شفيق العبودي، «الحكُوز أو الاحتفالْ بالسّنة الأمازيغيّة والفلاحيّة»، في: أخبار المدينة، ضمن: العرائش نيوز، بالشبكة العنكبوتية، على الرابط: https://larachenews.com/news9623.html، منشور بتاريخ 14 يناير2015م. اطلعنا عليه يوم 14 أكتوبر 2020م.

- وعن الاحتفال نفسه، والقصد من ورائه، عند: عبد العزيز طليح، إِبقّويَنْ: نبش في الذاكرة... مرجع سابق، ص96 - 99.

32. تسمى هذه الأكلة في القبيلة الزروالية: (بشق عينو)، بينما يؤكل الحمص أو الفول، بالمناسبة، في تطوان، بعد ترقيده في الماء حتى يتكاثر وينتفخ، ثم يطبخ في الماء ويرش عليه الملح والكمّون، وتسمى هذه الأكلة (شِيّوخة).

- راجع: حسناء محمد داود، تطوان، سمات وملامح... مرجع سابق، ص255.

33. محمد البشير الفاسي، قبيلة بني زروال... مصدر سابق، ص13.

34. محمد بن سعيد المرغيثي، الممتع في شرح المقنع... مصدر سابق، ص38.

35. أبو بكر [محمد بن الوليد] الطرطوشي، كتاب الحوادث والبدع، حققه وقدم له ووضع فهارسه عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي، 1410هـ/ 1990م، ص150-151.

36. راجع: أبو يحيى عبيد الله بن أحمد الزجالي القرطبي، أمثال عوام الأندلس... مصدر سابق، ص213، هامش 914.

37. محمد البشير الفاسي، قبيلة بني زروال... مصدر سابق، ص13.

38. إدمون دوتي، مراكش...مصدر سابق، ص376-377.

39. المرجع نفسه، ص 423، هامش209.

40. الحسن الوزان، وصف إفريقيا، تحقيق محمد حجي، ومحمد الأخضر، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1983م، ج.1، ص258.

- مما يستحق إضافته، هنا، ولو في الهامش، ما كتبه عبد الكبير بن هاشم الكتاني، المتوفى عام 1350هـ/ 1932م، عن عادة فقراء الطائفة الصوفية الكرزازية، نسبة إلى الشيخ أحمد بن موسى الكرزازي، وهو من أهل القرن الحادي عشر للهجرة/17م، في فاس في أيامه، نصه: إنهم كانوا «يراعون منازل الشتاء، فإذا حلت الشتوى [ يقصد حلول فصل الشتاء] يخرج من فاس من الـأتباع بالذكر جهارا، والعلامات، إلى الولي الصالح سيدي علي ابن حرزهم الأموي خارج باب الفتوح. وعند حلول الربيع يخرجون... والكل بالذكر جهارا والعلامات إلى الولي الصالح سيدي علي ابن حرزهم المذكور أيضا. وهذه سيرتهم على الدوام ومرور السنين، بحيث إن سمعتهم تقول: هذا فصل الشتاء، أو فصل الربيع، دخل. لأنهم خصوا بذلك دون غيرهم من الزوايا في أقطار المغرب». راجع: روض الأنفاس العالية في بعض الزوايا الفاسية، دراسة و تحقيق محمد العمراني، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، 1435هـ/2014م، ص357 - 358.

41. إدمون دوتي، مراكش...مصدر سابق، ص376 - 377.

42. يمتد الأمر في بعض المناطق من الأكل إلى اللباس، كما يحدث في مدينة تطوان مثلا، حيث أن سكانها «يجتهدون في توفير (الجمار)- صغار نبْتات النخيل- لأطفالهم، تفاؤلا بهذه النبتة التي تتميز بكثرة طبقات جلدتها، سعيا في أن يكون سعدهم في السنة الجديدة كسعد (الجمّارة) المكسوة بالعديد من الطبقات. وقد تعمد بعض النساء إلى وضع (جمّارة) في خزانة ثيابها، تفاؤلا أيضا بما ترجوه من وفرة الملابس». حسناء محمد داود، تطوان، سمات وملامح... مرجع سابق، ص255.

43. راجع: [إدوارد ميشو بيلير]، مدينة أزمور وضواحيها... مصدر سابق، ص125، هامش المترجم (*).

44. مصطفى أعشي، العقائد والمعبودات في المغرب القديم، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز- فاس، مرقونة، 1997 - 1998م، ص46.

45. راجع مناقشة مفيدة في الموضوع عند: مصطفى أعشي، العقائد والمعبودات في المغرب القديم... مرجع سابق، ص45-46.

46. قدم محمد بن سعيد المرغيثي تفسيرا مفيدا لموت الأرض، جاء فيه: «إن الله عز وجل جعل الشمس نافعة في الظاهر والباطن، أما في الظاهر فالإبصار بها؛ لأنها تنير أجرام الهواء ليمكن تصرف البصر منها وتمكنه من تمييز الأشياء بعضها من بعض. وأما في الباطن فمن ذلك أنها تربي النبات في الشتاء من أسفل بالحرارة فتقوى فيها الرطوبة التي تفسد بالبرودة المفرطة وتعتدل بالحرارة حتى يمكن انتفاع النبات بها، ثم إذا أخرج ثمره بعدت الحرارة منه لأنه لا يصل إليه من الأرض إلا الرطوبة، فقربها الله تعالى وجعل حرها يتضاعف وأنضجت الثمار من فوق، وانقطع حرها من أسفل، فمات النبات من أسفل، فلذلك يقال في الصيف: ماتت الأرض». الممتع في شرح المقنع... مصدر سابق، ص25.

47. «أيام السنة العجمية، ويقال لها الشمسية، لأنها مقدرة بسير الشمس في فلك البروج. وسببها أن العجم اضطروا إلى حفظ أزمان الزراعة والفلاحة فطلبوا ضابطا لذلك، فرصدوا الشمس حين حلت في موضع معلوم من الفلك إلى أن عادت إليه، فوجدوا تلك المدة تشتمل على الأزمنة الأربعة التي يشتد حر الهواء فيها ثم يعتدل بعد، ثم يشتد برد الهواء أيضا، ثم يعتدل بعد، فجعلوا تلك المدة سنة، لاستيفائها الأزمنة المختلفة الأهوية لتمكنهم فيها من حفظ أزمنة الانتفاع بالأرض وما ينبت فيها...». محمد بن سعيد المرغيثي، الممتع في شرح المقنع... مصدر سابق، ص25.

48. المرجع نفسه، ص46.

49. نفسه، ص46.

50. نفسه، ص47.

51. نفسه، ص47.

52. نفسه، ص126.

53. نفسه، ص147 - 150 .

54. نفسه، ص150.

55. راجع: نفسه، ص186 - 187.

• المصادر والمراجع:

- أعشي مصطفى، العقائد والمعبودات في المغرب القديم، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، مرقونة، خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز- فاس، 1997-1998م.

- الحجاجي محمد غازي، خروج السمايم نقايم وخروج الليالي نعايم، الأمثال الشعبية بمنطقة الدار البيضاء والشاوية حسب مواسم السنة الفلاحية، دار اقرأ للطباعة والنشر، يونيو 2015م.

- - دوتي ادمون، مراكش، ترجمة عبد الرحيم حزل، مطبعة أبي رقراق، منشورات مرسم، الرباط، 2001م.

- الزجالي القرطبي أبو يحيى عبيد الله بن أحمد، أمثال عوام الأندلس، مستخرجة من كتابه: ري الأوام ومرعى السوام في نكت الخواص والعوام، حققها وشرحها وقارنها بغيرها: محمد بن شريفة، مطبعة محمد الخامس، فاس، منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصلي، 1971م.

- الطرطوشي أبو بكر [محمد بن الوليد]، كتاب الحوادث والبدع، حققه وقدم له ووضع فهارسه عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي، 1410هـ/1990م.

- طليح عبد العزيز، إِبقّويَنْ: نبش في الذاكرة: دراسة إثنوغرافية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2016م.

- الفاسي محمد البشير، قبيلة بني زروال: مظاهر حياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مطبوعات إفريقيا الشمالية التقنية، الرباط، 1962م.

- العبودي شفيق، «الحكُوز أو الاحتفالْ بالسّنة الأمازيغيّة والفلاحيّة»، في: أخبار المدينة، ضمن: العرائش نيوز، بالشبكة العنكبوتية، على الرابط : https://larachenews.com/news9623.html، منشور بتاريخ 14 يناير2015م. اطلعنا عليه يوم 14 أكتوبر 2020م.

- الكتاني عبد الكبير بن هاشم، روض الأنفاس العالية في بعض الزوايا الفاسي، دراسة و تحقيق محمد العمراني، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، 1435هـ/2014م.

- محمد داود، حسناء، تطوان: سمات وملامح من الحياة الاجتماعية، مطبعة الخليج العربي، منشورات: مكتبة سلمى الثقافية/ مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، تطوان، 2019م.

- المرغيثي محمد بن سعيد، الممتع في شرح المقنع، تصحيح المنذر عبد الرحمن، نشر المكتبة العصرية، بيروت، 2009هـ /1430م.

- [ميشوبيلير إدوارد]، مدينة أزمور وضواحيها، من سلسلة مدن وقبائل المغرب، ترجمة وتعليق محمد الشياظمي الحاجي السباعي، مطابع سلا، 1989م.

- الوزان الحسن، وصف إفريقيا، تحقيق محمد حجي، ومحمد الأخضر، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1983م.

- Edmond DOUTTE’, Merrâkech ,ouvrage publié sous le patronage du gouvernement de l’Algérie et du comité du Maroc, comité du Maroc,Paris,1905,p.375..

• الصور

- الصور من الكاتب

أعداد المجلة